القائمة الرئيسية

الصفحات

translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية فراشة في سك العقرب الجزء الثاني (حب أعمى)الفصل التاسع عشر 19بقلم ناهد خالد حصريه

 

رواية فراشة في سك العقرب الجزء الثاني (حب أعمى)الفصل التاسع عشر 19بقلم ناهد خالد حصريه




رواية فراشة في سك العقرب الجزء الثاني (حب أعمى)الفصل التاسع عشر 19بقلم ناهد خالد حصريه



رواية فراشة في سك العقرب الجزء الثاني (حب أعمى)الفصل التاسع عشر 19بقلم ناهد خالد حصريه


فراشة في سكُ العقرب

ناهد خالد

الفصل التاسع عشر من الجزء الثاني

أمام فيلا شاهين المنشاوي...

"الأمر كان أشبه بخمود بركان بعد ثورانه, فلحظات الغضب مخيفة, وخطيرة كثوران البركان تمامًا, لا يمكنك توقع ما ستنتهي إليهِ الأمور, شد وجذب والنهاية مجهولة, إما هدوء إما خراب"


بعدما كان الأمر على أشده هدأ بفعل حديث "نورهان" وانهيارها الوشيك الذي أقلق أخويها, فحدق "مازن" ب "شاهين" بنظرة طويلة متوعدة, فلا يعني صمته الآن أنه صمت للأبد, بل يهدأ قليلاً حتى تمر العاصفة وللقتال بقية, وانسحب بعدها من المحيط بأكمله لتدلف بعدها "نورهان" للفيلا دون أن تلقي نظرة واحدة على "شاهين" فيبدو أنها بالفعل غاضبة!


-اهدى يا شاهين, هو شكله جاي يستفزك مش أكتر.


قالها "معاذ" ليعارضه "شاهين" قائلاً:


-لأ, مش استفزاز, هو فعلاً عاوز يعمل كده, واضح إنه حس بالذنب ناحيتها بأنه ورطها في مشاكل كانت هتضيع حياتها, فقرر زي ما دخلها يبعدها.


-وانتَ هتعمل إيه؟


نظر لها وأجاب بنبرة قاطعة:


-انا لما قررت اتجوزها طلعتها من حسبتي مع مازن, فمتتوقعش مني اجي دلوقتي اقولها اتفضلي امشي وارجعي لحياتك عشان البيه ميحسش بالذنب.


صمتا لثواني حتى قال "شاهين" محدثًا "مرسي":


-فهم رجالتك إن لو اتغابوا واتصرفوا من دماغهم مرة تانية هجيب رقابتهم, ورقابتك معاهم....


اقترب منه حتى أصبح أمامه تمامًا فهمس له بفحيح:


-مش اخو شاهين المنشاوي اللي يترفع عليه سلاح.. وفي بيتي! احمد ربنا إني هعديهالك المرادي, لكن لو كان حصله حاجة.. كنت اول واحد هتحصله.


وابتعد عنه متحركًا في طريقه, ليبتلع "مرسي" ريقه وهو يشعر بالخطر, إن وضعه "شاهين" في قائمته السوداء من كثرة أخطاءه لن يحمد العاقبة أبدًا, وعليهِ ألا يجازف بحياته.


-------------

وبداخل الفيلا..


سألت "مستكة" للمرة العاشرة:


-يعني هي كويسة ولا جرالها حاجة؟


تشدقت "سوسن" بعصبية:


-في إيه يا مستكة! ده المرة الألف اللي تسألي نفس السؤال, ما قولتلك احنا منعرفش بس بيقولوا بقت كويسة, بعدين مالك كده خايفة عليها ولا إيه! ولا خايفة على مصالحك معاها؟


توجست من حديث "سوسن" ويبدو أنها وضعت نفسها في مأزق من كثرة سؤالها حول وضعها الصحي:


-قصدك إيه بمصالح؟!


أجابتها "سوسن" بذكاء فطري:


-فكراني مش ملاحظة طلوعك ودخولك عليها, وكل حاجة تعوزها متطلبش غيرك...



شحب لونها قليلاً وهي تسمع حديثها وتتوقع أن القادم لن يعجبها, لكنها تنفست براحة حين أكملت الحمقاء:


-اكيد بتتدحلبي ليها عشان تشوفك بقرشين, وخايفة يجرالها حاجة ل الحنفية تقفل.


ابتسمت لها ببلاهة وهي تقول:


-اه... زي ما كانت الست شدوى بتشوفك أيام ما كانت لسه هنا عشان تكوني عصفورتها, لكن أنا فيروز هانم اخرها معايا تطلب انضف حاجه او ارتبلها الأوضة, شغل شريف يعني.


قالتها ساخرة وهي تنصرف من أمامها وقلبها يأكلها قلقًا على فيروز.


وقفت في مكان نائي في الحديقة بعيد عن الأعين وأخرجت هاتفها تطلب رقم "مازن", لم يجيبها من أول مرة, ورجحت أنه الآن لا يطيق أحد بعد ما حدث بينه وبين أخيه, فالجميع استمع لصوت العيار الناري, وحينها سمعت همس البعض بما حدث في الخارج, وفهمت الوضع, لكن على أي حال لابد من أن تحدثه, لابد أن يجد لها طريقة لتطمئن بنفسها على "فيروز", وبعد عدة محاولات فتح المكالمة وسمعت صوته يقول بعصبية:


-في إيه لكل الزن ده!؟


تجاهلت نبرته الغاضبة وقالت بجدية:


-مازن باشا انا عاوزه اطمن على فيروز, عاوزه اروح اشوفها.


-وانتِ هتروحي تشوفيها بصفتك إيه؟ بنت اختها! بطلي جنان انا مش ناقصك.


كان من الواضح أنه يقود سيارته, وأصوات الزمور ترتفع حوله, لكنها لم تأبه وهي تتجاهل سخريته:


-لا مش بنت اختها, بنت حتتها وصاحبتها, مينفعش ما اطمنش عليها في الوضع ده.


-وهتروحيلها ازاي يا ام عريف؟ يا ترى عندك خطة أو حجة لروحتك.


ردت بحيرة:


-معنديش, بس هفكر, انا قولت أقول لسعادتك يمكن تساعدني ادخلها من غير ما حد يعرف.


صمت لثواني كأنه يفكر ثم قال:


-ماشي, هظبطها عشان انا كمان محتاجك تشوفيها وتطمنيني عليها, بس اسمعي, عاوزك لما تروحي من الشغل تعدي على أم فيروز تعرفيها إنك مع فيروز في المكان اللي هي فيه, عاوزها تطمن عشان الست قلقانة جامد, ولو قالتلك تقوليلها تكلمك فهميها إنه صعب وإنها مش هتعرف تعمل ده اليومين دول.


-ماشي, مانا كنت عاوزه اطمنها من الأول واعرفها اني معاها بس انتَ اللي رفضت.


وضح موقفه:


-عشان لو كانت عرفت من بدري كانت هتدوشك وتوترنا بسؤالها عن فيروز وانها عاوزه تكلمها, ومش بعيد كانت تطلب منك تاخديها للمكان اللي هي فيه, لكن دلوقتي لازم تعرف عشان تهدى لأنها مش مطمنة, وكمان فيروز خلاص.. اول ما هتخرج من المستشفى انا هطلعها من كل ده, هرجعها لأمها وانهي كل العك ده.


عاتبته وهي تقول:


-دلوقتي عرفت إنه عك يا باشا! عرفت إن من الأول مكانش ينفع تدخل البت الغلبانة دي في حاجة, وإنها مهما عملت لا قدك ولا قده.


أتاها صوته يقول بنبرة شعرت بها نادمة:


-لما حسيت بالخطر وإنها كان ممكن تخسر حياتها فعلاً وانا ملحقتش اعمل لها حاجة لقيت نفسي مقدرش اتحمل ذنب موتها, ولا دعوة من أمها.


همهمت تقول وهي تتلفت حولها لتتأكد أن لا أحد يسمعها:


-سمعتهم بيقولوا انها مكانتش المقصودة من الطلقة, ده حد كان قاصد شاهين بس جت فيها.


استمعت لصوته المصدوم يسألها:


-انتِ متأكده من كلامك ده؟


-هم قالوا قدامي كده, واكيد يعني مش بيقولوا أي كلام, لأن واحد من الحرس هو اللي وصل الكلام لبت شغاله هنا.


-يعني شاهين مش هو اللي عمل فيها كده؟


رددها بصوت هامس, وكأنه يعيد ترتيبات عقله, وبعدها رفع صوته يخبرها:


-اقفلي دلوقتي, وبعد شغلك هكلمك تقابليني عشان تروحي تطمني عليها.


وأغلق معها المكالمة, ليتوقف بسيارته جانبًا, وعقله لا ينفك عن التفكير, وأكثر ما يخشاه أن يكون قد رفع سلاحه على أخيه باطلاً, فإن كان "شاهين" لا دخل له فما كان من حقه أن يفعل ما فعله ويذهب له ليهدده في عقر داره, يهدده! وهل كان من الممكن أن ينفذ تهديده ويقتله!

بالطبع لا, والسبب أنه ضابط شرطة لا يمكن أن يورط نفسه في جريمة منكرة كهذه, فقط؟ .... يبدو أن هذا فقط ما اقتنع بهِ عقله ولا يريد مواجهة نفسه بشيء آخر.

--------------------------

في المستشفى...


تهادت في خطواتها, ترتدي ثياب مُنكِرة, لا تناسب أبدًا قدومها لمستشفى ورؤية مريضة, فكانت ترتدي تنورة بنية جلدية تصل لقبل ركبتيها, وتلتصق بها حد التصاق الجلد باللحم, وكنزة بيضاء بدون أكمام فقط حمالات رفيعة تصل لحافة التنورة, وحذاء بكعب عالي أبيض, وحقيبة بنية, تسير بخيلاء حتى وصلت لغايتها, فاقتربت تحت ذهول الجالس على بُعد منها فوق أحد كراسي المكان.


-شاهين!


وصلت أمامه تبتسم في هدوء متقن وهي تسأله بسعادة تنضح بها مقلتيها:


-اخبار فيروز إيه؟ قولت اجي اطمن عليها... واجب بردو, مش عشنا تحت سقف واحد فترة.


حدق ثيابها من أسفل لأعلى باستنكار وتهكم واضحين, وعاد بنظره لها يجيب:


-كويسه... هتكون كويسه, اختفيتي وظهرتي لوحدك!


نفضت شعرها للخلف بدلال وأجابت في ثبات:


-انا مختفتش, انا بس بعدت, بعدت عشان جدي ما يرجعنيش معاه, لأني ست ناضجة وكبيرة كفاية عشان اختار المنطقة اللي اسكن فيها, ولما حسيت إن جدالي معاه مش هييجي بفايدة, خدت ابني وروحت سكنت في منطقة تناسبنا, وبدأت شغل اونلاين هيوفرلي دخل كويس جدًا... قولت استقل بنفسي واعتمد عليها, غِلط؟




هز رأسه بهزة بسيطة وقال بلامبالاة:


-لأ, بس كان المفروض تعرفيهم.


-اعرفهم, ولا اعرفك؟


سألته بنبرة خبيثة وكأنها اوقعته في فخ الحديث, لكنها ما حذرت إنه لا يقع ابدًا, فأجابها بما جعل داخلها يغلي كالمرجل:


-تعرفيهم, انا مبقاش يهمني اخبارك, وملكيش تعرفيني حاجة, وإن كان على تيم فانا كنت عارف مكانكوا, بس لأن الموضوع ميهمنيش مقولتش لحد ولا فكرت اقربلك.


اتسعت عيناها ذهولاً تردد بعدم تصديق وهي تجلس جواره:


-كنت عارف مكانا؟؟!


-اكيد مش بالغباء اللي صورلك إني مش عارف اوصلكم!


ظهر الحزن على ملامحها تجيبه بخفوت عكس عنفوانها السابق في الحديث:


-لا, بس كنت بقول مستحيل تكون عارف مكانا ومتجيش تشوفن... تشوف تيم.


-لا كنت عارف, وتيم وقت ما كنت هحب أجيبه لعندي أشوفه كنت هعمل كده.


"أجيبه لعندي أشوفه" لم تغفل أبدًا عن هذه الجملة والتي عاكست جملتها, إذًا يخبرها بكل وضوح أنه كان سيبتعد عن أي صدفة قد تجمعهما, حاولت الابتسام وهي تغير الموضوع بعدما لم تجد فائدة من الحديث فيه, بل بالعكس يقهرها أكثر:


-سيف وبابي كانوا عارفين مكاني, انتَ طلقتني وده حقك, وانا من حقي أعيش حياتي مكان ما حب وزي ما حب.


يبدو أنه ضجر من الحديث, فقال بهدوء وهي ينظر لباب غرفة العناية:


-اكيد.


ضغطت على أسنانها غاضبة, وقد بدأ غيظها يتصاعد وبالكاد تكبته, لاحظت أنظاره المعلقة بباب الغرفة, فقالت بحدة اتضحت في نبرتها:


-ما دام هي في العناية وجودك هنا ملوش لزوم.


نظر لها بجمود, فأكملت مبررة:


-يعني قعدتك وتذنيبك هنا وكمان شغلك اللي سايبه, ملوش داعي وجودك هنا, اكيد الدكاترة هيبلغوك لو في جديد.


سألها بنبرة جامدة أربكتها:


-ودي نصيحة منك ولا تدخل ملوش داعي.


تلجلجت في ردها وهي تقول:


-لا.. اكيد... اكيد يعني نصيحة.


-تمام, بس انا اكيد مش مستني نصيحتك, مش جيتي تطمني عشان الواجب! شكرًا على واجبك ونورتي.


اتسعت عيناها من فظاظته, هل يطردها؟ ولم تستطع التحكم في غضبها المشتعل وهي تقول:


-انا مش مصدقة بقى انتَ شاهين اللي اعرفه, للدرجادي مبقتش عاوز تكلمني ولا تقعد معايا!


نهض واقفًا يردد بنفاذ صبر:


-اعتقد ده لا وقته ولا مكانه, انا عندي مليون حاجة تانية اهم افكر فيها واشغل وقتي بيها.




-غيري..


قالتها وهي تنهض لتتحرك حتى وقفت قباله واكملت:


-عندك حاجات اهم من إنك تضيع وقتك معايا, تمام, انا غلطانه إني جيت اصلاً... انا مجتش عشانها, انا جيت عشانك, عشان اشوف حالتك, متأثر باللي حصلها ولا عادي.. بس اهو عينك منزلتش من على باب اوضتها وكأنك مستنيها تفتحه وتطلع, هي ازاي قدرتك توصلك كده؟ عملت إيه زياده عني عشان....


-شدوى! انزلي من على وداني, انا مش ناقص, متخليش غضبي كله يطلع فيكي.


وقد بدى فعلاً وكأنه على وشك أن تُتلف اعصابه ويُفلت زمام غضبه, وظهر هذا جليًا في نبرته التي ارتفعت وعروقه التي شُدت فظهرت في رقبته.


ابتلعت ريقها بتوجس, وهي تراه على هذه الحالة, يبدو أن جملة أخرى منها سيحدث ما لن تحمد عقباه, لذا فضلت الانسحاب وهي تلتقط حقيبتها من فوق الكرسي وتطرق الأرضية بكعب حذائها العالي مغادرة المكان في غضب واضح.


------------------------

"مش مسامحاك يا مازن على كل اللي بتعمله فينا, كل اللي وصلناله دلوقتي بسببك, كان زمانا زي أي اخوات طبيعيين كتفنا في كتف بعض بعد موت أهالينا, كان زمانا عايشين في بيت واحد وجنب بعض, لكن عِندك وراسك الناشفة بالأفكار اللي فيها هي اللي وصلتنا لكده, حتى لو اخوك مجرم, لحد ما تلاقي أدلة تسلمه فيها للمحكمة مكانش المفروض تبعد عنه ولا تعامله كأنه عدو, حتى أنا... عشان بس ما اخترت شاهين في مرة رغم إني كنت بختارك كل مرة, بعدت عني, وكأنك قطعت علاقتك بيا, ونسيت إني اختك,  وكل ده ليه؟ مش لاقيالك سبب مقنع, وكأنك كنت بتتلكك عشان تعادي اخواتك, لو وصفتلك احساسي النهاردة وانتَ واقف في وش اخوك ورافع سلاحك عليه مش هتستوعبه, إحساس مميت, زي إحساس الابن لما يشوف ابوه وامه بيتخانقوا وبيبقى خايف لحد منهم يموت التاني, احساسه بيكون بشع وهو واقف مستني يشوف مين فيهم هيخلص على التاني, مشهد عمره ما بينساه, ومشهدكوا النهارده عمري ما هنساه, راجع نفسك... راجع نفسك يا مازن قبل ما تخسرنا بجد"


مسجل صوتي من شقيقته "نورهان" وصل له عبر تطبيق الواتساب, تعبر فيه عن مشاعرها تجاه كل ما يحدث, مسجل استمع له وظل يعيده لثلاث مرات, وكأنه يحاول إقناع عقله بحديثها, وفي الأخير, ألقى الهاتف على المكتب ووضع رأسه بين كفه والحيرة تنهش عقله, حتى دخل "مدحت" والذي سأله مستغربًا:


-مازن انتَ كويس؟


رفع رأسه له وكأنه طوق نجاته, رُبما إن تحدث معه يخفف عنه حيرته.


وبعد أن سرد له كل ما حدث حتى رسالة نورهان, ضرب "مدحت" كفًا بآخر منفعلاً وقال:


-انا بقف قدام افعالك وأقول سبحان الله, نفسي يا خي تقولي مبرر واحد لأفعالك, وسيبك بقى من جو اصله بيبيع سلاح أصله بيبيع زفت, حتى لو هو فعلاً كده, الطبيعي انتَ كأخ له تفضل علاقتك بيه كويسه أو حتى لو مش كويسه بس تبقى علاقة مسالمة, مش كلها عداوة, وبتنبش وراه عشان تسجنه.



-واجبي كضابط..


قاطعه "مدحت" موضحًا:


-واجبك كضابط لما يقع قدامك دليل يدينه تقدمه للمحكمة متتسترش عليه عشان اخوك, لكن مش تدور وراه وتعاديه, انتَ تاعب نفسك بنفسك يا مازن.


حرك رأسه رافضًا وهو يقول بانفعال:


-هو اللي تاعبني, هو اللي كسرني يوم ما خالف الصورة اللي كنت حاطه فيها, متلومش عليا لوم عليه هو.


-لا هلوم عليك, انا عرفت إن اخويا حرامي, يأما هفضل انصحه لحد ما يبعد عن الطريق ده, يا هاخد جنب منه بس بأدب واحط حد بيني وبينه في التعامل لحد برضو ما يبعد عن الطريق ده, ولو مبعدش وقت مايجيلي دليل عليه هسلمه, هعمل واجبي زي ما نتَ بتقول, انتَ بقى ليه حاطط نفسك في خانة إنك مُلزم تلاقي عليه دليل عشان تسلمه!


سأله مستنكرًا:


-يعني لو انا عارف إن حد حرامي اسيبه لحد الدليل ما يقع تحت ايدي؟ اسيبه يسرق ويعمل اللي عاوزه, ولا واجبي بيحتم عليا الاقي دليل ضده؟


-هو انتَ المفتش كرومبو! احنا شغلنا بيجيلنا بلاغ أو أدلة عن عمل مشبوه, بنتحرى ونقبض عليه, في جهات أمنية تانية شغلها تنخور ورا اللي عليهم شكوك, فخليك جوه نطاق شغلك احسن.


-انتَ جاي ليه؟


سأله بضيق حقيقي بعد أن حاصره في الحديث, ليقول "مدحت":


-ما دام معندكش رد, يبقى انتَ غلط, حتى مش عارف تقنع اللي قدامك بأنك صح, وانا مكنتش جاي اتملى في جمالك, انا جاي انقاشك في القضية اللي ماسكينها, ده لو دماغك فاضيلها يعني.


نظر له بغيظ محتقن من طريقته الفظة معه, وحدقه باشمئزاز موجهًا نظره بعدها للملف الذي أمامه وهو يسأله:


-وإيه بقى المناقشة العظيمة في القضية؟


-----------------------


-المريضة فاقت, والحمد لله عدت مرحلة الخطر.


قالها الطبيب ل "شاهين" الذي اندفع فورًا للغرفة بعد حديثه, دلف ليجدها نائمه على الفراش الأبيض متصل جسدها ببعض الأجهزة, وقناع الأكسجين موضوع فوق أنفها وفمها, سحب كرسي قريب من الفراش وجلس فوقه ينظر لملامحها التي بدى عليها الإرهاق, وسؤال واحد يتردد في ذهنه, كيف كان شعوره إن حدث لها مكروه؟


فرقت بين جفنيها وهي تشعر بدخول أحد للغرفة، لتجده هو، جلس على كرسي مجاور للفراش يبدو أنه جذبه من مكان ما، ينظر لها بطريقته التي توترها، لكن في حال كالذي فيه الآن لم تتوتر، فقط.. ارتبكت قليلاً! ولكن هذا لم يمنعها من القول بصوت مجهد بعدما أزالت قناع تنفسها:


_انا لسه عايشة.


لم يتبين هوية جملتها، هل هي إقرار أم سؤال! ولكنه ابتسم لها ابتسامة لطيفة يختصها بها لأول مرة، وتراها على محياه بفعل غريب عنه، فالابتسامة واللطف لا يظهران عليهِ في العادة، وسمعته يقول بنبرة غامضة لم تتبين مرحها من عدمه:


_فكرتي هتخلصي مني بالسرعة دي؟ لسه بدري.. ميبقاش نفسك قصير.


لم تعقب على سخافة حديثه من وجهة نظرها في موقف كهذا بعد عودتها من الموت، فهي لا تتفاجئ ابدًا بأي فعل أو حديث يصدر عنه.. فهكذا هو شاهين، لا يعرف تجميل الحديث ولا قول ما يناسب الموقف، فلم تنتظر منه جملة لطيفة يخبرها فيها بخوفه من فقدها او سعادته لنجاتها مثلاً!


وقالت بشرود وكأن عقلها بمكان آخر:


_أنا حلمت بيك...


قطب ما بين حاجبيهِ يسأله باستغراب:


_حلمتي بيا ازاي؟


أجابته مبتسمة بإرهاق:


-مش مهم, المهم إني فهمت.. حلم كنت مستنياه من زمان عشان يبينلي طريقي..


لم يفهم ما تقوله لكنه سأله:


-وبينلك؟


أومأت بأهدابها وهي تجيبه:


-ايوه, وعشان كده عاوزه أتكلم معاك في حاجة مهمة.


نظر لوضعها, وتنفسها العالي وقال:


-معتقدش ده وقته.


وبداخلها كانت تجيب بأنه أنسب وقت, فأولاً بحالتها هذه لن ينزل عقابه عليها, وثانيًا ودون قصد منها حمَلته جَميل ينبغي عليه رده.


-بالعكس, ده انسب وقت, اسمعني...


وتلقائيًا قبل أن تكمل حديثها سحبت كفها من كفه وكأنها تخشى أن يكسره بعد أن تدلي بحقيقتها..


-انا مسميش فيروز عادل الحديدي، ولا أعرف الشخص اللي كنا بنكلمه على النت، انا اسمي فيروز إبراهيم يسري, أمي عايشة, وابويا هو اللي مات من سنين, عايشين في شقة صغيرة أو يعتبر اوضتين فوق السطح, حالتنا صعبة, وناس على قد قدها, أمي بتطبخ للناس في العزايم الكبيرة, وانا.. انا ببيع فل في الإشارات, قابلت مازن في إشارة وعرض عليا وقتها خدمة قصادها 50 ألف جنية, خوفت... وقولتله مش موافقة, بس كنت خدت منه الفلوس واتسرقت, ووقتها هددني يا أوافق يا ارجع الفلوس يا هيحبسني ....


وأكملت باقي قصتها.. للنهاية, حتى أمس... ورد فعله غير واضح لها الآن, مبهم, كملامحه التي بدت وكأنه لم يسمعها, ولكن حين نظرت لعينيهِ علمت أنه سمعها جيدًا, وتبشر بالقلق! القلق حد الخطر...!


يتبع

لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل 

متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا

الرواية كامله من هناااااااااا

مجمع الروايات الكامله اضغط هناااااااا

مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا



تعليقات

التنقل السريع
    close