القائمة الرئيسية

الصفحات

translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية نوح الباشا الفصل الأول والثاني والثالث والرابع والخامس بقلم ندا الشرقاوي حصريه

 


رواية نوح الباشا الفصل الأول والثاني والثالث والرابع والخامس بقلم ندا الشرقاوي حصريه 





رواية نوح الباشا الفصل الأول والثاني والثالث والرابع والخامس بقلم ندا الشرقاوي حصريه 






في اسكندرية

كانت تقف موج في  خلفها  البحر وأمامها طاولة تعم بالاسماك وهي تهتف قائلة "اوزن يا مدام ،دا بتاع انهارده طازة تحبي تشوفي "قامت بفتح السمك بحترافيه من اخر راسها وهيا تشير إلى التي تقوم بالشراء وتهز راسها بمعنى اتري لكن قاطعها هجوم رجل يدعى على نفسه "مُعلم السوق " هتف وهو يشير لها بعصاه ويرفع احد حاجبه الغليظة 

_يالا يابت من هنا مفيش بيع سمك هنا

هبطت موج عن الحجر الكبير الذي تقف عليه هاتفه بهدوء ما قبل العاصفة 

_ليه بس يا معلم احنا زعلناك في حاجة

هتف الرجل الجشع وهو يضع يده اليمنى على مقدمه بَطْنُه ،بعد ما بصق ما في جوفه على الارض بكل قذاره  

_اه يا روح امك مبتدفعيش زيك  زي الناس ياختي وكل برغوت على قد دمه

قامت بعدل حجابها على رأسها وعبايتها التي تفوح منها رائحة السمك 

_ولية الغلط يا معلم بس أنا لحد دلوقتي مغلطش فيك اقف معوج واتكلم عدل ولا علشان وليه 

رد عليها بكل قسوة وعصبيه 

_أنا يا بت تقوليلي كده مكنوش يومين يا روح امك اللي قعدتِهم هنا والكُل بيشتكي منك امال لو قعدتي شهر هتعملي اي إن شاء الله

تمتمت وهى تحاول مجاريته وعدم الوقوع في المصائب من أول أيامها في هذا السوق 

_يا معلم استهدى بالله بس هنروحوا فين أنت عارف ملناش اللي البحر والكام السمكة اللي رزقي منها 

رد بغلاظه وجشع

_خلاص يبقا تدفعي

_ادفع يا معلم ،الفرفشه بكام؟

وضع يده في جيبه واليد الاخرى مسح على شاربه 

المعلم وحط ايده على صدره والايد التانيه بيعدل شاربه

_150 جنيه كُل يوم

وضعت يدها على صدرها كان نوع من الدهشة  والاستغراب  

_لية إن شاء الله قاعده في مطاعم اسكندرية ولا اي هو أنا ببيع كام كيلو علشان تاخد 150 جنية 

رد بقلة صبر 

_هتدفعي ولا تغوري

ودت بهدوء 

_يا معلم الكلام أخد وعطى برده أنا زي بنتك عاوزة أكلها حلال، حرام عليك

تمتم بعصبية 

_يالا ياختي من هنا بقا مش ناقصين قرف

اقترب بعصاه، تخبطها الأرض بخفة لكن بصوتٍ يحمل التهديد، وجميع رجاله التفّوا حوله كالسياج، يملؤون المكان بالعتمة رغم ضوء الشمس.

نظر إلى طاولة السمك بعينٍ ضيقة، وكأنها تحدٍ شخصي، ثم هتف بصوتٍ أجش:

-خلوها ما تقومش تاني!

تقدّم خطوة، رفع عصاه، وأشار بها إشارة حاسمة، فتحرّك الرجال كأنهم ذئاب جائعة.

كانت تقف بثبات غريب رغم الارتجاف في أطرافها، مدت يدها بسرعة نحو الطاولة، وقفت أمامها كأنها جدار، نظرت إليه بعين فيها خوف بس كمان فيها نار:

-على جثتي… الطربيزة دي رزقي، وإنت أول واحد عارف ده.

لكن المعلم ابتسم، ابتسامة لا يوجد بها  رحمة، وعدّل شاربه بطرف سبّابته، وقال:

-والحياة إلا سوق… اللي مش دافع، ملوش مكان فيها يا عنيا.

تصلّبت في مكانها، وكأنّ الأرض التصقت بأقدامها. رغم اضطراب أنفاسها، لم تتزحزح. نظرت حولها للحظة، والناس صامتون، عيونهم تنظر ولا تتدخل.

أحد الرجال تقدّم بخطى سريعة، مدّ يده نحو السمك المتناثر، فصرخت:

-ما تلمسش حاجة مش بتاعتك، دا عرقي أنا حراام عليكم 

ارتبك لحظة، لكنه نظر نحو المعلم ينتظر إشارة.

المعلم لفّ العصا في إيده، وضرب بيها الأرض من جديد، ثم قال:

-قلبك جامد أهو… بس جامد على الفاضي، السوق ليه قوانينه، وأنتِ بقيتي زيادة على اللزوم.

ردت بصوت مرتعش لكنه متحدي

-زيادة؟أنتوا جايين تستقوا على بنت لوحدها عاوزه تاكل لقمة حلال ولا اقطع من جسمي وادي كلاب السكك ! سيبوني وأنا عمري ما هاخد من حد  ولا هابص في رزق حد بس إنتو بتموتوا الضعيف فاكرين إن مفيش اقوى منكم .

لم يهتم أحد لكلامها واقترب احد الرجال جذب الطاولة من طرفها بعنف فتأرجحت اندفعت موج تمسكها بقوة ،لكن كتفيها ترتعش ،نظرت لهم نظرة طويلة وقالت 

-لو هتوقعها… توقعني أنا معاها!

هتف المعلم بغضب 

-ملناش في ضرب الحريم ،اخلصوا 

في أقل من دقيقة، أبعدوا “موج” عن الطاولة، ثم هدموها بعنف حتى تناثر السمك على الأرض.

كانت تنظر إليهم ودموعها تملأ عينيها، عاجزة عن التدخل.

نظرت إلى السمك الذي كان يسبح قبل لحظات بجانبها، وهو يرتطم الآن بالأرض، يتخبط محاولًا النجاة، لكن لا حيلة له… ولا لها.

اصطفّوا بجانب معلمهم بعد أن أنهوا عملهم

نظر المعلم إلى “موج” الجالسة على الأرض، لا تقوى على الحراك، ثم هتف بصوتٍ قاسٍ

-علشان تتعلمي المره الجاية متكابريش مع الكبير يا حليتها ….ثم  هتف للجميع..يلا يا عم أنت وهو كُل واحد على فرشته 

                          ………………..


"في ڤيڤي، على ضفاف بحيرة جنيف، غرب سويسرا"


كان يوجد مبنى ضخم، لا تعلم كم عدد الأدوار فيه أو الغرف، من شدّة ضخامته واتساعه. بدا وكأنه نُحت من قلب الزمن، يلامس الغيم من علوه، وتنعكس صورته كاملة على صفحة الماء الهادئة أمامه.

خلف نوافذه الزجاجية، كانت الحركة لا تهدأ. رجال ونساء يدخلون ويخرجون، وجوههم تحمل ملامح الجدية والانشغال، وكأن كل خطوة منهم تُغيّر شيئًا في هذا العالم.

ذلك المبنى كان مقرًّا لأكبر شركة أزياء في العالم"Valmira".

لكن خلف هذا الضخامة والثراء الفاحش 

كان هناك طابق لا يصل إليه أحد بسهولة،وغرفة لا تُفتح إلا بمفتاحٍ واحد، لا يحمله إلا شخص واحد من يثق به رئيس هذه المجموعة 

في داخل هذه الغرفة نجد شاب في أواخر العشرينيات يجلس على مقعده في يده قلم كُل من بنظر إليه يقوم "قلم" لكن عندما يقع القلم في يده يصبح سحر مثلا عصاه الساحر ،أمامه ورقه بيضاء في داخلها فستانًا من كثر جمالة ينطق ويخرج من الورقه ،كان من غير أكمام ذو فتحة صدر واسعه يصل إلى بعد الركبة بقليل يتميز بفتحة من الجنب الايمن تصل إلى أعلى الركبة كان باللون الأحمر الناري يتوسطه عند الخصر حزام رقيق جدا مرصع بقطع من الألماس 

وضع القلم على المكتب وامسك الورقة ورفعها لاعلى وهو ينظر إليها بعمق ثم قهقة بقوة وهو يتذكر ليلة أمس 

"عودة للماضي"

كانت غرفة الاجتماعات مكتظة بأهم الشخصيات في البلاد، فالكل اجتمع لتوقيع واحدة من أكبر الصفقات، والأنظار كانت تتجه نحو من سيظفر بها. في صدر القاعة جلست لجنة التحكيم، وعلى رأسها الشخص المخوَّل باتخاذ القرار النهائي.

رفعت اللجنة رؤوسها عن الأوراق وقد بدت عليها الحيرة؛ فالتنافس بين الشركتين كان شديدًا والدقة في التفاصيل تكاد لا تُصدَّق.

هتف رئيس اللجنة بلهجته:

— شو معقول! التنافس بينكم عالي جدًا، بس التصميم الأخير هو اللي راح يحدد المالك.

تم فتح التصميم الأخير… وفي لحظة صمت مهيبة، بدت علامات الدهشة على الوجوه. التصميم أبهر الجميع بسعته، تنسيقه، وقوة ألوانه الجريئة التي عكست رؤية مبتكرة وشجاعة.

ابتسم رئيس اللجنة وأعلن:

— صفقة اليوم، وكما في كل مرة… تذهب لشركة “Valmira”، المملوكة لرجل الأعمال والمصمم العالمي نوح الباشا.

"عودة للحاضر"

كان يستعيد الذكريات وهو يهتف لنفسه "لا أحد يقدر على نوح الباشا"

أضاء ضوء خافت شاشة اللابتوب أمامه، وهو يتابع بثبات رسائل مشفرة وصلت لتوه.

صوت رسالة جديدة دخل، فتحها بتركيز، وكانت تحذيرًا مبطّنًا:

-إياك تستهين، في عيون تراقبك أكثر مما تتخيل.

قفل اللابتوب بقوة، ونهض واقفًا، يمشي بخطوات طويلة في الغرفة الفسيحة، وعيناه تحملان عاصفة من الأفكار.

ثم أخرج هاتفه، واتصل بصوت حازم:

-أريد تقريرًا كاملاً عن كل تحركات المنافسين خلال 24 ساعة القادمة… ولا تترك شيء للصدفة.”

نظر إلى المرآة الكبيرة، وتحدث لنفسه بصوت منخفض لكنه قوي:

-نوح، ده مش بس تصميم، دي لعبة… واللعبة دي لازم ألعبها بذكاء أو أموت في المحاولة……

#ندا_الشرقاوي

#نـوح_الباشا



 

صوت رسالة جديدة دخل، فتحها بتركيز، وكانت تحذيرًا مبطّنًا:

-إياك تستهين، في عيون تراقبك أكثر مما تتخيل.

قفل اللابتوب بقوة، ونهض واقفًا، يمشي بخطوات طويلة في الغرفة الفسيحة، وعيناه تحملان عاصفة من الأفكار.

ثم أخرج هاتفه، واتصل بصوت حازم:

-أريد تقريرًا كاملاً عن كل تحركات المنافسين خلال 24 ساعة القادمة… ولا تترك شيء للصدفة.

نظر إلى المرآة الكبيرة، وتحدث لنفسه بصوت منخفض لكنه قوي:

-نوح، ده مش بس تصميم، دي لعبة… واللعبة دي لازم ألعبها بذكاء أو أموت في المحاولة……لازم أنزل مصر أشوف الحياة هناك بس أنا بره من زمان أوي ..معرفش هما نقلوا ولا لسه في مكانهم أنا حتى مكلفتش خاطر إني اعرف احوالهم بس هما اللي عملوا فيا كده 

عودة إلى الماضي

منذ اثني عشر عامًا…

في ذلك اليوم، ظهرت نتيجة الثانوية العامة لنوح، الفتى الذي عُرف بين الجميع بذكائه وقوّته ومهارته العالية في دراسته.

كان أفراد العائلة يجلسون على أعصابهم، يترقبون لحظة ظهور الشهادة، بينما ظل نوح صامتًا، مشغول الفكر، لا يشغل باله بالنتيجة نفسها، بل بالكارثة التي تنتظره عقب إعلانها.

مضت عشر دقائق… ثم خمس أخرى…

حتى علت الأصوات في الشارع، ضجّة من الفرح، صياح وزغاريد، وكأن الحي بأكمله يحتفل.

صرخ والده من الخارج بصوتٍ حماسيّ متسارع

-افتح يا نوح بسرعه يلا بسرعه 

ابتلع نوح ريقه بصعوبة، وكأن شيئًا ثقيلًا يعيق حلقه.

أخرج هاتفه، فتح التطبيق المختص بالنتائج، وأدخل الكود الخاص به.

ثوانٍ معدودة مرّت، لكنها بدت كأنها دهرٌ كامل…

ثم ظهرت النتيجة:

“نوح عبدالعظيم الباشا – ٩٦٪ علمي رياضة”

في لحظة، تعالت الزغاريد في المنزل، وارتفعت أصوات التهاني، وتحوّل الترقب إلى بهجة عارمة.

أسرع والده إليه، واحتضنه بفخر، فيما انفجرت والدته بالبكاء من شدة الفرح

هتف والده بصوتٍ يملؤه الزهو والاعتزاز

-مبروك مبروك يا بشمهندس كده رسمي بقا 

ثم تابع بصوتٍ أعلى، وكأنّه يعلن الخبر للعالم بأسره

- …المهندس نوح عبدالعظيم الباشا 

رد نوح بهدوء ما قبل العاصفة 

-احم الله يبارك في حضرتك 

هتفت شقيقته الأصغر 

-مالك يا نوح أنت مش مبسوط 

رد نوح بحيره وهو ينظر لوالده الذي يطالعه بدقه 

-هااا لا فرحان 

رتب والده على كتفيه وهو يقول

-كده بقا نقدم في اجدعها كلية هندسة في اسكندرية 

تشجع نوح وهو يتمتم ويجاهد على خروج صوته لكن دق الباب وبدات المباركات ولم يستطيع الحديث مع والده 


حتى جاء المساء ،هدأ ضجيج التهاني، وسكنت الزغاريد، وبقي في الجو صدى فرحة لم تكتمل داخل صدر نوح.

جلس الأب في صدر الصالون، يرتشف قهوته بطريقته المعتادة، يضع ساقًا على ساق، وعيناه تلمعان بفخرٍ لا يُخفى.

ثم نادى بصوته العميق:

-تعال يا نوح ،نبدأ نفكر في التنسيق 

دلف نوح الغرفة بخطى ثابتة، لكن قلبه يتقلب كصفحات كتاب تحت عاصفة. جلس أمام والده بصمتٍ مريب.

قال الأب بثقة لا تقبل نقاشًا:

-طبعًا هندسة القاهرة تروح تقعد هناك مستقبلها مضمون ،قسم كهرباء أو عمارة ،هاا ايه رايك ؟

نظر إليه نوح طويلًا، ثم نطق بصوت هادئ، لكنّه يحمل صلابة غير مألوفة

-أنا مش ناوي أقدم هندسة يا بابا 

تجمّدت يد الأب في الهواء، وكأن الزمن توقف وضع قهوته امامه حتى يستوعب ما قاله ولده ، ثم قال ببطء:

-ايه؟؟؟

رفع نوح رأسه، وقال بوضوح:

-أنا عاوز أدرس تصميم أزياء يعني أدخل فنون التطبيقية

ساد الصمت للحظات، ثم ضحك الأب بسخرية قصيرة:

-أنت بتتكلم بجد ؟؟ تصميم ايه ؟ أنت جايب ٩٦٪؜ علشان تروح ترسم فساتين

-مش فساتين ،دا فن حقيقي ،أنا مش هقدر اعيش غير وأنا بعمل الحاجة اللي بحبها 

ارتفع صوت الأب فجأة، وانقلب وجهه:

-ده كلام فاضي ،شغل عيال هو ،هو انا صرفت عليك وكبرتك وعلمتك علشان بحلم باليوم اللي اشوفك فيه مهندس مش تضيع مستقبلك بايدك 

نهض نوح واقفًا، عينه لا تهرب من عيني والده، وقال بصوت منخفض لكن حاسم:

-أنا مقدر كل دا بس دي حياتي أنا ،أنا اللي هعيش وأدرس وأشتغل مش اعيش حياة غيري مقدرش يحققها فا احققها أنا 

اتسعت عينا الأب من الغضب، وصاح:

-تحقق حاجة غيرك معرفش يحققها ؟؟

رد نوح بتردد 

-أنا اسف بس دي الحقيقة حضرتك عملت كل دا علشان أنا احقق اللي حضرتك كنت عاوز تبقى فيه ،لان حضرتك مجموعك مجابش هندسة ودخلت حاسبات عاوزني اعيش حلمك ليه ؟؟واعيش حياتك اللي حضرتك مقدرتش تعملها ،مع احترامي لحضرتك أنت اه عملت علشاني كتير وصبرت كتير وصرفت عليا المفروض علشان تشوفي مبسوط مش علشان اعيش حياة مش حياتي ،أنا مش أنت


في لحظةٍ خاطفة، رفع الأب يده، وسقطت صفعة قوية على وجه نوح، دوّى صداها في قلبه قبل أن تدوّي في أذنه.

تجمّد مكانه، مذهولًا، وعيناه اتسعتا من الصدمة… لم تكن الصفعة هي الألم الحقيقي، بل الخذلان.

امتزج وجهه بين الاحمرار والذهول، وشعر بوخز الخزي ينهش داخله، كأن كل كرامته انهارت فجأة أمام أعزّ الناس إليه.

نظر إلى والده نظرة طويلة… لم تكن نظرة كره، بل وداعٍ صامت.

ثم قال بصوت منخفض، مكسور… لكنه ثابت:

– كنت أتمنى تسمعني… مش تضربني.

استدار ومشى بهدوء… خطواته كانت بطيئة، لكنها ثابتة، وكأن كل خطوة تُحفر في الأرض طريقًا لا رجعة منه.

لم ينظر خلفه، لم يرد أن يرى وجه من كسر شيئًا داخله للأبد.

كانت تلك اللحظة… لحظة ميلاد رجل جديد. رجل قرر أن يصنع مجده بيده، ولو كلّفه ذلك الغربة عن الوطن… وعن الأهل.

"عودة للحاضر"

تذكر تلك الصفعة التي يتذكرها كل دقيقة وكل ثانية لا يعلم كيف ينسى ؟؟كيف يتخطى؟اهو المخطئ؟أم والده الذي لم يحتويه ؟

وقف واخذه معطفه وخرج من الشركة باكملها يحاول البحث عن الراحة لكنه لم يجدها مر اثنا عشر عامًا 


        …………….

الإسكندرية


كانت موج تجلس في غرفتها الضيقة التي استأجرتها مؤخرًا في أحد الأحياء الشعبية القريبة من البحر، ظهرها مستند إلى الحائط المتقشّر، ويديها متشابكتان في حضنها.

لم تكن تعرف ما تفعل، وإلى أين ستقودها خطواتها القادمة.

لا مأوى حقيقي، لا عائلة تحتضنها، لا حبيب يطمئنها، ولا صديق يشدّ على يدها… كانت وحيدة، تمامًا كصخرة نُسيت على الشاطئ.

كل ما تعرفه عن الحياة هو البحر… والسمك.

مدّت يدها إلى جيبها وأخرجت ما جمعته من عملها اليومي، قطعًا معدنية وأوراقًا قليلة.

بدأت تعدّها ببطء كمن يحصي أنفاسه:

-٣٢٠ جنية 

ثم تمتمت بسخرية مريرة:

-وبعدين يا موج ؟ هتفضلي البحر يمرجح فيكِ لحد امته ؟هتفضلي تجري من هنا لهنا ،شكلك مكتوب عليكِ الشقى يا بنت صبحية 

نهضت واتجهت نحو الفراش المهترئ، رفعت المرتبة وأخرجت كيسًا أسود اللون، وضعت فيه مال اليوم بعد أن احتضنته لحظة بابتسامة صغيرة، وكأنها تربّت على قلبها.

عدّت ما فيه: 

-١٥٠٠ جنية 

رقم لا يعني شيئًا للكثيرين، لكنه بالنسبة لها أملٌ في الاستمرار.

أخذت عشرين جنيهًا فقط، ووضعت البقية، ثم ارتدت عباءتها الباهتة، وخرجت إلى الشارع.

هبطت الدرجات بخفّة المعتادة على الرحيل، وتوجّهت إلى السوق القريب.

وقفت أمام عربة طماطم متواضعة، وقالت بصوت خافت:

-عاوزة حبيتين طماطم ،ياخالتي 

نظرت إليها المرأة الجالسة خلف العربة ، وهي تعوّج فمها:

-حبيتين ياختي ،أنتِ كل يوم على كدة 

تنهدت موج، وردّت بهدوء بارد:

-يا خالة ،هو أنا باخد ببلاش ؟ما بتاخدي فلوسك ،مالك بقا ؟ولا شايفة نفسك قاعده في كارفور ؟أنتِ فارشة في السوق أوزني واخلصي 

رمقتها المرأة بنظرة جانبية، ثم وضعت الطماطم في كيس صغير:

-اتنين جنية ونص ياختي 

أخرجت موج ثلاث جنيهات، وقالت بابتسامة سمجة قاصدة :

-ايدك على النص جنية .. اصل هجيب نص كيس ملح 

أعطتها المرأة النصف جنيه، وهي تتمتم بسخرية:

-خدي ياختي … ولا كأنك بتقطعي من لحمك 

تحركت موج وهي تتمتم في نفسها، نظراتها تائهة بين وجوه الناس، وصوت قلبها يتردّد داخله عجبًا عليهم لا يعلمون كيف يدخل الجنية إلى جيبي ..ربنا الرزاق 

قطعت الطريق إلى أقرب بقالة صغيرة، ثم عادت تسير بخطى بطيئة نحو البيت، تحمل كيسها كأنه كنز.

لكن قبل أن تصل إلى باب البناية…

توقفت فجأة عندما رايك وجه تعرفه جيدًا هتفت بصدمة كان يخرج بؤبؤ عينها من مكانة 

-عمتي ؟؟؟؟؟؟؟ 

#نوح_الباشا

#ندا_الشرقاوي

ايه اللي هيحصل ؟وازاي موج هتقابل نوح ؟وايه الحكاية ؟هنعرف في اللي جاي ؟ 

حابة اعرف رايكم 🤍🤍

البارت الجاي اكيد اكبر وأحسن 🤍


#الفصل_التالت 

#نوح_الباشا 

توقفت فجأة عندما رايك وجه تعرفه جيدًا هتفت بصدمة كان يخرج بؤبؤ عينها من مكانة 

-عمتي ؟؟؟؟؟؟؟ 

اختبأت جيدًا خلف أحد الجدران حتى تحجب الرؤية عنها ،ظلت تراقب من بعيد حتى ترجلت عمتها واختفت ،اخذت نفس عميق وتحركت بإتجاه المبنى الذي تسكن فيه ،كانت تصعد درجتين سويًا حتى وصلت إلى غرفتها ،دلفت واغلقت الباب خلفها سريعًا جلست خلف الباب بعد ما وضعت الاغراض أرضًا ،التقطت انفاسها سريعًا .

إلى متى سوف اظل بهذا الخوف !؟اختبئ مثل الفئران التي تخرج من حجرها تبحث عن الطعام وتهرول إلى حجرها مره ثانية خوفًا أن يراها أحد .

قلبي الحيران ،ذالك الذي لم يعرف السكينة والاطمئنان،سيظل وحيدا في هذه الحياه القاسية وإن جاء قصاء الله ،سترقد جثتي بصمت في الزاويه ،لا يحن إليها أحد ولا يسال أحد ،سيتعفن جسدي مثل ما تعفنت روحي من قبل ،وكأنني لم أكن يومًا هنا.

وقفت عن الارض وهى تستعيد قوتها ،أمسكت الأكياس وقامت بأفضيتها

بدات بتقطيع الخضار وتحضير الأرز ،بعد قليل كانت انتهت من التحضير .

جلست أرضًا وهى تقول ساخرة 

-شوربة من غير لحمه ولا فراخ ،كأني زي البط حبت رز على شوربة  وخلاص 

ثم صمتت قليل وقالت 

-الحمد لله نعمه 


…………………

في منزل عبدالعظيم الباشا 

كانت جالسة الأم وهى تنظر إلى صورة نوح من بداية حياته حتى انتهاء الثانويه العامة 

كانت طوال السنين لا تعرف الفرحة البكاء فقط هو من يسيطر عليها ،كُل يوم وكُل سنة وهى تنتظر دقة الباب يكون قدوم نوح لكن لا يأتي نوح ،قلبها ينفطر عليه ،كيف ؟وكيف حياته ؟ماذا فعلت به الحياة ؟

اخرجت الورقة التي تركها نوح قبل المغادرة 

(أمي 

أنا أسف بس مش هقدر اعيش في ظلم حياتي هتضيع وانا معاكم ،علمتيني إني اكون طير حُر مخدش يقص ليا جناحي ،لكن بابا كان عاوز ينهي حياتي مش جناحي بس ،أمي أنا اسف إني خدت دهب من عندك أنا اسف يا امي بس أنا مكنش معايا حاجة ولازم امشي ،عارف إني نزلت من نظرك بس هرجع هرجع وأنا نوح الباشا اللي اسمه يتعمل ليه مليون حساب 

سامحيني يا امي )

اغلقت الجواب وقامت بتقبيله ثم وضعته مره اخرا في الصندوق 

فتح الباب ودلف طفل صغير يركض ويتصلق الفراش بصعوبه حتى وصل إلى جدته وهو يقول 

-نوح جه ،وحشتيني يا تيتا 

ضمته إليها بحب وهي تستنشق رائحته التي تشبه رائحة نوح 

-وحشتني يا نوح كل دا 

عبث نوح وهتف

-أنا قولتلك قولي لماما بلاش حضانة علشان أنا بوحش تيتا وهيا مصممه قوليلها بلاش حضانه بقا 

قهقة الجده على حديثه وهتفت 

-لا ازاي لازم تروح الحضانة علشان تبقى شاطر زي نوح 

جلس امامها وعقد زراعيه امام صدره وهو يقول 

-هو هييجي امته بقا كده كتير ،كل شويه تقولوا نوح جاي نوج جاي و مبيجيش

شردت قليلا وهتفت بهمس

-هييجي يا نوح ،بيرتاح  في حضن امه بس هيفضل يلف ويدور ويرجع لحضني .


……………..

كان يتحسّس كأسه بأنامل مرتجفة، فيما شريط ذكرياته يمرّ أمام عينيه كأنه شريط فيديو بلا توقف. كل لحظة قديمة كانت تطعنه بصمت، وكان يشعر باختناقٍ غريب، وكأن أحدهم يلف حبلًا خفيّا حول عنقه ببطء. لم يكن يدري، أهو المخطئ أم أن الخطأ لا يعنيه وحده؟

دق صوت دقّات على الباب، لكنها لم تُحرّكه ظل الصوت يتكرّر، يزداد إلحاحًا، حتى تسلّلت العصبية إلى جميع انحاء جسده ارتعشت يده ورمى الكأس بغضبٍ فارتطم بالجدار وتحطّم، ثم نهض بتثاقل واتجه نحو الباب وقام بالفتح 

-ايه ياعم نوح مالك 

رد بكل برود 

-في اي يا معتصم زن زن دماغي 

دلف معتصم وهو يقطب حاجبيه بغرابه 

-مالك يا نوح؟برن عليك من بدري 

جلس نوح وهو يفق ازرار قميصه ببطئ وجلس على الاريكه بثقل وشرد قائلًا 

-مفيش حابب اقعد لوحدي 

جلس معتصم قائلًا 

-ليه حصل ايه ؟لو هو هو نفس الموضوع ؟ليه مش عاوز تجيب معلومات عنهم ؟ليه مش حابب تنزل أنت خلاص عملت كل حاجة علشان تثبت ليهم إنك وصلت اللي أنت عاوزه 

هتف بخوف 

-خايف 

عبث معتصم قائلًا 

-خايف من ايه يا نوح ،أنت مش عارف أنت بقيت مين بص في الاخبار يا نوح ،مع عارف ازاي اهلك لحد دلوقتي ميعرفوش أنت فين 

رد ساخرًا 

-لا الباشمهندس ميشغلش باله بالهيافه دي ،امي انا متاكد انها بتغلي عليا ،أنا مش قاسي يا معتصم بس ابويا مادانيش حنيه علشان اديله اشتياق ،بس ابويا وبحبه برده  

هب معتصم واقفًا وهتف بحديه وصرامه

-قوم يا نوح هننزل مصر دلوقتي 

رد عليه باستغراب 

-مصر؟ودلوقتي؟أنت اتجننت 

-لا متجننتش يلا يا نوح ،لازم تنزل كفايه غربه طلع ميتينك واتمرمط من حته لحته كفايه كده بقا لازم تنزل كفايه ناوي تنزل امته ؟لما تنزل تقف في عزا امك اللي قلبها بيتوجع عليك ولا اختك اللي سبتها عيله في سن المراهقه زمنها وصلت لفين ولا ابوك اللي زمانه دلوقتي على المعاش ومش عارف ابنه عايش ولا مي*ت قوم يا نوح كفايه كده 

أنا هكلم المطار احجز اول طياره على مصر وهطلع دلوقتي اجهز شنطتك كمان خلاص 

انهى معتصم حديثه وصعد إلى اعلى ،تركه شارد في حديثه لا يعلم ماذا يفعل .


……………..

في اليوم التالي، وتحديدًا عند الساعة الخامسة فجرًا، كانت الطائرة تُقلع من مطار سويسرا متجهة إلى مصر.

جلس نوح على مقعده بجوار النافذة، يحدّق بصمت في السحاب المتراكم كأحلامٍ لم تكتمل،عادت به الذاكرة إلى أول مرة ركب فيها طائرة، كان حينها شابًا في ريعان حياته، مليئ بالطموح والدهشة.

أما الآن، فقد أثقلته السنين، وعقله لا يهدأ… ينهشه الحنين، وتنهال عليه الذكريات كالسيل، لا تترك له فسحة لالتقاط أنفاسه ،غفل قليلا حتى يُحاول أن يرتاح .

مرّ الوقت سريعًا، وكأن الساعات اختُزلت في لحظات بدأت الطائرة في الهبوط التدريجي، ومع اهتزازها الخفيف، سمع نوح صوت المضيفة يصدح عبر مكبر الصوت:

(على السادة الركاب ربط الأحزمة استعدادًا للهبوط)

أعاد جسده إلى وضعية الجلوس، وربط حزامه بهدوء، بينما عينيه لا تزال معلّقة بالسحاب، وكأن قلبه لم يهبط بعد

وقف نوح عن مقعده وخرج من الطائرة وقف وهو يستنشق الهواء الذي حُرم منه منذ الكثير من السنين 

رتب معتصم على كتفيه وهو يقول 

-يلا بينا يا صحبي 

هبط نوح ومعتصم وقاموا بانتهاء الإجراءات وخرجوا من المطار كانت توجد سيارة تقف في انتظارهم 

صعد إلى السيارة وجلس وهو إلى الان لا يعرف هل ما يفعله صحيح ام لا ؟

فاق على حديث معتصم وهو يقول 

-متاكد إنهم ما مشيوش من البيت 

رد عليه 

-لا مستحيل ابويا راجل بيحب اسكندريه مستحيل يمشي ومستحيل يسيب بيته وبيت ابوه واجداده دا تراث يابني .

كان ينظر إلى الطريق كم تغير وظهرت اشياء واختفت اشياء 

كان الوقت يسير ببطئ فتح النافذة وهو يستنشق هواء اسكندرية ،رائحة البحر الذي اشتاق إليها 

وقفت السيارة في الإشارة وكان نوح ما ذال يحدق في الطريق حتى وقعت عينه على موج التي كانت تقف على فرشتها مره اخره تواجه الكل نظر اليها وهى تركض تضع  الاسماك في الكيس ،تاخذ المال وتقبلها وتضعها في جيبها 

ظل ينظر اليها وإلى خفتها ويسمعها (السمك طازة يا مدام ،يا استاذ دا طلوع انهارده اصطادته بنفسي ،قولي اوزني وصدقني هشوفك كل يوم )

ابتسم نوح على حديثها الذي يسرق الزبون في بضع ثواني 

فتح الاشارة وتحركت السيارة ونوح ما زال ينظر إليها حتى اختفاء طيفها 

غمز معتصم له وقال

-ايه يا فنان مالك ،عجبتك البياعه ولا اي بس الصراحه مزه ،ياما تحت العباية حكايه 

رقمه نوح نظره اخرسته 

بعد مرور الوقت وقفت السياره امام منزل نوح ،هبط نوح من السيارة ووقف امام المبنى وهو ينظر إلى المنزل لم يتغير كُل شئ كما هو إلا البشر 

الناس ينظرون إليه بغرابه ملامحه ليست غريبه لكن من ؟صعد على الدرج الذي يوجد امام المنزل وقام بدق الباب 

استمع حديث من الداخل 

(يانوح افتح شوف مين على الباب ،أنا جايه )

عقد حاجبيه من في المنزل على اسمه ،فتح الباب ووجد الصغير ينظر إليه قائلا بمزح اطفال 

-جدو مش هنا ولا بابا كمان 

جاءت جدته وهى تقول مين يا……..


 



#الفصل_الرابع 

#نوح_الباشا 

-جدو مش هنا ولا بابا كمان 

جاءت جدته وهى تقول مين يا.......

لكنها توقفت فجأة، الكلمات تجمّدت على شفتيها حلت الصدمة عليهم،الصمت كان سيد المكان، صمت ثقيل لو هبط قلم على الأرض، لصدر صوته كالرعد،تجمّدت الأنفاس، وتلاقت النظرات، كلٌّ يحدّق في الآخر، وكأن الزمن توقف في تلك اللحظة.

عيونها اتسعت بدهشة وارتباك،  تنظر إلى نوح،وقد تجمّدت قدماه عند عتبة الباب، لم ينطق عيناه ممتلئتان بألف سؤال ،أما الطفل فكان يرمقهم ببساطة، لا يفهم لماذا انقلب الجو فجأة.

فاق على صوت نوح الصغير وهو يقبض على ملابس جدته ويقول 

-تيتا ...مين دا ...

تقدمت وفاء وارتمت في حضن نوح الذي غلق عليها بقوه كانت تشدد على احضانه بقوه وتبكي بصوت عالي شهقتها تملئ المكان ،هبطت دموع نوح وهو يستنشق رائحتها ويرتب على ظهرها ،ابتعدت قليلًا لكن مازالت في حضنه رفعت اناملها تسير على وجهه حتى رفع يده وامسك يدها قبلها بكل حب ويقول 

-اه يا امي 

هتفت ببكاء 

-اخيرا شوفتك قبل ما امو*ت 

هتف سريعاً

-بعد الشر عليكِ يا امي 

كان الصغير يقف يضع يده على خصره وهو يعبث قائلًا

-ايوه وبعدين بقا نوح زهق من الوقفه 

عقد نوح حاجبيه وهتف بغرابه وهو ينظر إلى والدته 

-نوح؟؟

ابتسمت وفاء ورتبت على كتفيه قائله 

-دا نوح يا نوح ،ابن سما 

نظر اليها نوح بصدمة وفتح فاه من الدهشه وهبط لمستوى الطفل ليرفعه بين زراعيه 

-دا ابن سما ،سما اتجوزت وخلفت كمان 

ابتسمت والدته قائله 

-اه يا نوح انت غايب اتناشر سنة 

اومأ لها نوح ونظر إلى الطفل وعانقه وقبل وجنتيه وهتف

-اذيك يا نوح ،أنا نوح 

دُهش الطفل ووضع يده الصغيره على فاه 

-خالو نوح 

عانقه الصغير بحب وهتفت والدته بحنو 

-تعال يا نوح ،تعال يا حبيبي 

دلف نوح إلى الداخل وهو ينظر إلى المنظر كما هو لم يتغير شئ فوالده لا يحب التجديد يحب الذكريات ،نظر إلى باب غرفته القديمه الذي هجرها منذ اثنا عشر عامًا 

جلس على الاريكه وهو مازال يحمل الصغير 

جلست والدته بجانبه وهى تنظر إليه بحنو واشتياق 

-كنت فين يا نوح ،ايه الغيبه الطويله دي يا حبيبي ،هونت عليك 

اخذ نفس عميق من الثقل الذي ازاح عن قلبه عندنا دق الباب

-غصب عني يا امي ،كان لازم امشي ،خلاص ياامي الكلام مفيش منه فايده 

رتبت على كتفيه وهى تقول 

-خلاص اللي حصل حصل المهم انك رجعت خلاص يا حبيبي كله هيبقى كويس 

رد ساخرًا 

-هو ايه اللي هيكون كويس يا امي 

-الحياة يابني 

نظر إليها بحب فهي مازلت تتحدث بحب وحنو مهما حدث 

تذكر اساورها التي اخذها منذ زمن فهو من الاصل لم يُنسى 

نظر إلى الطفل وهتف

-لحد دلوقتي مش مصدق إنك ابن سما اللي سبتها عيله داخله اولى ثانوي 

قهقهت الام على حديثة وهى تقول

-لا صدق ولسه في وحده هتشرف كمان شهرين اصلها حامل 

رد عليها بقهقهه

-لا مش هتفاجئ كفايه مفاجات ،المهم يا امي أنا لازم امشي 

امسكت كفة على الفور وهتفت بخوف 

-ليه يا نوح عاوز تسبني تاني يا بني حرام عليك العمر فاضل فيه كام اتناشر سنه كمان علشان استنى 

تمسك نوح الصغير بملابسه قائلا

-ماتمشيش يا خالو خليك 

رتب نوح على يدها وقبلها بحنو شديد

-يا أمي هرجع تاني ،متخافيش ،أمي حضرتك متعرفيش أنا بقيت اي!؟

هزت راسها بالرفض

-مش عاوزه اعرف ،المهم انك رجعت يا نوح خليك في حضني يابني ،ابوك يا نوح ابوك هيمو*ت عليك استنى يابني يشوفك 

وقف نوح وقبل راس نوح الصغير وهو يتمتم 

-سلم على ماما يا نوح ،قولها القلم السحري بيسلم عليكِ 

والتفت إلى امه وعانقها بقوه وهو يتمتم 

-متخافيش يا امي أنا راجع تاني ،بس عندي شغل لازم امشي 

اغرورقت عينها بالدموع وهي ترفض بشده تمسكت به وترفض أن يتركها مره اخرى ،انحنى وقبل راسها بحب وهو يقول

-راجع يا امي راجع،متخافيش ،نوح الباشا راجع ،لما امشي يا امي ابقي خلي سما تعملك سيرش على نوح الباشا 

وتركها تبكي وهى لا تعمل ماذا تفعل ؟خرج من المنزل وصعد إلى السيارة يغادر مره اخر ،السيارة تخرج من الشارع لمح نوح طيف ابيه وهى يدلف الشارع ،يالله ،الان شعر انه اشتاق ليه 

هتف معتصم باستغراب 

-ليه يانوح طلعت مفضلتش ليه 

اغرورقت عين نوح لكن رفع انامله ومحى دموعه 

-مكنش ينفع اقعد مكنش ينفع استنى مش قادر اشوفه مش قادر يا معتصم 


........................

جاء الليل، وكان نوح قد غادر الفندق وبدأ يتجول في شوارع الإسكندرية، يتأمل أضواءها، ويستنشق هواءها المالح المختلط برائحة البحر والأسماك.

فجأة خطرت بباله تلك الفتاة التي كانت تقف على الرصيف تبيع السمك. تذكّر كيف أسرته بحركتها العفوية وحديثها الطازج مثل بضاعتها.

ابتسم بسخرية من نفسه وهتف داخله

-فوق يا نوح، فوق... إنت عبيط ولا إيه؟

تابع سيره بلا هدف، تائها بين الذكريات والواقع، حتى توقف أمام محل قديم كان قد زاره آخر مرة قبل اثني عشر عامًا.

تردّد لحظة، ثم دلف إلى الداخل بخطى حذرة.

فوجئ بأن الرجل العجوز ما زال حيًا، يجلس في مكانه كأن الزمن لم يمضِ.

تنفّس نوح بارتياح، وحمد ربه، ثم قال بابتسامة خفيفة:

-الحمد لله... لسه النَفَس موجود

-لو سمحت !

جاء الرجل وقال

-اتفضل يا فندم 

ابتسم نوح ابتسامه واسعه وهتف بسعاده 

-أنا نوح يا عمي ،نوح الي جه من اتناشر سنه باع غوشتين وقولتلك تسبهم وانا في يوم من الايام هرجع واشتريهم باضعاف اضعافهم وزياده 

وقف الرجل وهو بتذكر وابتسم 

-نوح اذيك يا نوح ،أنا عمري ما نسيتك من يوم ما طلعت من باب المحل ،انا فضلت طول السنين دي اطلع الغوايش ابص عليها وافتكرك واحطهم تاني ،علشان منساش 

ابتسم نوح بحب وانتماء لهذا الرجل وجاء أن يتحدث لكن قاطعهم دخول فتاه تقول 

-لوسمحت 

التفت نوح إلى مصدر الصوت كانت موج وقفت وهى تفرك يدها بتوتر وقلق 

تحدث الرجل 

-دقيقة يا بنتي 

تحدث نوح سريعًا 

-لا لا ياعمي شوف الانسه محتاجه ايه 

اومآ له الرجل ووقف وهو ينظر إلى موج 

-اتفضلي يا بنتي 

حاولت موج أن تتحدث وهى تقول 

-أنا عاوزه ابيع سلسلة ينفع 

شعر الرجل بتوترها وهتف بابتسامه هادئه 

-ينفع طبعًا، ممكن اشوفها 

سحبت طرف طرحتها بهدوء، فانزلق القماش قليلًا ليكشف عن عنقها الأبيض، ذاك الذي  اختبأ خلف  القطعه السوداء ،بيدٍ رشيقة، خلعت السلسال الذهبي وقدّمته للرجل العجوز خلف الطاولة،تناوله بصمت معتاد، وضعه فوق الميزان، ثم هتف بصوته الحنو  وهو يتابع عمله

-دا اتنين جرام يابنتي ،وكمان عيار ١٨ 

ردت بخجل شديد

-معلش يا عمو عاوزه ابيعه ضروري 

أخرج الرجل المال وأعطاها إياه،أخذته دون أن تعدّه أو تعرف حتى كم هو، ثم خرجت مسرعة كأنها تهرب من لحظة لا تريد أن تطول

كان نوح يتابع المشهد بهدوء، بعين مراقبة وقلب متسائل.

تعجب من هذه الفتاة التي تحمل في طياتها وجوهًا كثيرة؛

في الصباح، فتاة جريئة، تتنقل بخفة، تضحك مع الزبائن، وتُجيد اللعب بالكلمات لتكسب رزقها،أما الآن، فكانت خجولة، صامتة، كلماتها تخرج على استحياء، كأنها شخص آخر تمامًا.

فاق نوح من تأمله على صوت الرجل العجوز، وهو يضع أمامه علبة صغيرة، فتحها، فإذا بها ذهب والدته.

مدّ يده والتقط القطع برفق، ابتسم بحب وهو ينظر إليها، وقربها من صدره كأنه يحتضن أمه ذاتها، كأن الذكريات تسربت من المعدن لتغمره دفئًا.

رفع عينيه إلى الرجل، ونظر إليه بشكر صادق، ثم أخرج بطاقته البنكية وقدّمها بهدوء

-اتفضل شوفهم يعملوا كام وخد خمس اضعافهم 

نظر إليه الرجل قائلًا 

-كتر يا نوح ،دول يعملوا اصلا ٨٠ الف بس 

ابتسم نوح ابتسامه واسعه وهتف 

-دا جميل أنا مش هنساه طول عمري ،اسحب ٤٠٠ الف ياعمي ،اتفاق بينا ،ولو سمحت هشتري السلسله اللي الانسه لسه بيعاها 


بعد قليل انتهى نوح ،خرج وهو يلتف حوله،يتمنى أن يلقاها لكن كانت اختفت 

...............

في منزل عبدالعظيم الباشا 

كان يجلس على مقعده يستمع مع زوجته وحفيده ،لا يعلم ولا يقدر على وصف مشاعره ،مازال يُكابر وأن نوح هو من اخطاء وليس العكس 

كانت سماء تستمع وقلبها يؤلمها على شقيقها وصديقها الوحيد 

تحدث الطفل بحب 

-مامي مامي ،وكمان قالي اقولك القلم السحري بيسلم عليكِ 

ابتسمت سماء بحب وهتفت بلهفه 

-كان حلو يا نوح !؟قولي شكله عامل ايه ؟ولابس ايه ؟قول يا نوح 

تحدث نوح وهو يوصف نوح الاكبر

-كان طويل ومن هنا كبير 

كان يشير إلى منكبيه وكمل حديثه ...شعره تقيل واسود وكمان عندن دقن صغنونه ،وفرح اوي لما شافني ،وكان لابس بدله 

كان الجد يستمع بدقه ويحاول تخيل هيئته ،تحدثت وفاء قائلة 

-سما اكتبي على النت نوح الباشا 

عقدت سما حاجبيها وهتفت 

-وايه علاقه نوح بالسوشيل يا ماما 

تحدث بهدوء 

-ابحثي يا سما وخلاص 

أخرجت سما هاتفها، وبفضول لم تستطع كبحه، بدأت بالبحث عن اسم أخيها المرتبط بذلك الغريب الغامض نوح

وما إن كتبت الاسم، حتى ظهر أمامها العنوان العريض

نوح الباشا ،أشهر مصمم أزياء في سويسرا 

فتحت فمها بدهشة وهي تحدّق في الشاشة، وقلبها يخفق بوتيرة متسارعة،مرّت عيناها سريعًا على الكلمات، ولسانها نطق بها بصوت مرتفع دون وعي، وكأنها تحتاج أن تسمعها لتصدق

— نوح الباشا... أشهر مصمم أزياء في سويسرا،بدأ مسيرته منذ سبع سنوات، وأسس العديد من الشركات التي تحمل اسم Valmria... يتميز أسلوبه بالجمع بين البساطة الأوروبية واللمسة الشرقية الفريدة... عرضت تصاميمه في باريس وميلانو وجنيف.

رفعت عينيها عن الشاشة، ما زالت غير مصدقة، وكأن من كانت تراه شابًا بسيطًا يمشي على الرصيف، هو نفسه الاسم الذي تتحدث عنه الصحف العالمية،ظهرت صوت نوح على الشاشة ابتسمت ابتسامه واسعه وضعت اناملها على الشاشه كانها تحفر ملامح اخاها في ذهنها 

همست بدهشة

-بص يابابا ،شوف نوح بقا عامل ازاي؟

الاب

-.............

رايكم 🤍

#الفصل_الخامس

#نوح_الباشا

همست بدهشة

-بص يابابا ،شوف نوح بقا عامل ازاي؟

نظر الاب الهاتف ،يقارن ملامحه منذ اثناعشر عامًا والان ،ذالك الطفل الذي كان يسير معه يصل إلى كتفيه ،الان اصبح رجلا طويل القمه عريض المنكبين ،انفه الحاد ،عيناه التي تنظر نظرة قوية هتف بهمس طفيف

-نوح 

وقف عبدالعظيم عن مقعده وترك المجلس ودلف إلى غرفة نوح 

جلست الام بحسرة على ما حدث لهم ،جلس بجانبها سامح زوج سما ،صديق نوح منذ الطفولة ،إلى الان لم يعرف نوح من هو زوج اخته!!.

…………………….

دلف نوح إلى جناحه في الفندق، وخلع قميصه وهو يشعر بحرارة تتصاعد من جسده. اتجه إلى الحمام بخطوات مرهقة، خلع ملابسه وصعد إلى كابينة الاستحمام. ملأها بالماء الدافئ، وأضف بعض المنتجات العطرية التي تنبعث منها رائحة جميلة تُشعره بالاسترخاء.

غمر جسده في الماء، وغطس بوجهه للحظات، ثم رفعه وهو يتنهد بتعب واضح.

أسند ظهره إلى الجدار، مدّ يده إلى جانب المغسلة، تناول لفافته، وأشعلها. أخذ نفسًا عميقًا، ثم أطلق الدخان بقوة وكأنه يطرد شيئًا عالقًا في صدره

شرد قليله في هذه البحرية الجميله التي خطفت انظاره واعجب بها ،سرح قليلًا بتفكيره حتى شرد في افكاره الوقحه 

فاق على صوت الباب ،خرج من المرحاض وأخذ منشفته يضعها حول خصره ومنشفه اخرى صغيره يجفف بها شعره .

فتح الباب وهو منشغل بتجفيف شعره ،سمع حديث معتصم يقول 

-ياشيخ طب استر نفسك افرض معايا حد غريب 

رد ببرود 

-والغريب يطلع لحد اوضة نومي ليه ،مش ناقص هوسه 

دلف معتصم وهو يغلق الباب بقدمه 

-طب ايه بقا مش هنفوق ،تروح للحج وتفتحوا صفحه جديده ،ونفتح هنا مقر جديد للشركة 

دلف نوح إلى الداخل وخرج بعد دقائق يرتدي بنطال اسود ومازال عاري الصدر 

-معتقدش إني افضل في مصر يا معتصم ،شكلي هرجع على سويسرا 

اقترب معتصم هاتفًا بغضب 

-تاني ترجع تاني كفايه ٨ سنين في سويسرا ،طب أنا يا اخي ومعنديش حد اعيش معاه ولا يخاف عليا ،بس حق اهلك عليك فين هااا ،حقهم وأنت اتناشر سنة بعيد عنهم .

نظر إليه نوح ولم يتحدث 

…………

كانت  موج تجلس على حافة البحر على الرمال،ياتي الموج تستنشق رائحته ،تنظر إلى الماء تتمنى أن تدفع نفسها إلى الماء ،لكن ماذا ؟هل تنتهي حياتها بكُفر ؟لا لا .

اقترب منها سيدة عجوزه بشرتها تحكي ما فعل بها الزمن ،كل تجاعيد تكون بسبب شئ ،مدت يدها تعطيها البطاطا المهروسة 

-شكرًا يا خالة متحرمش منك 

ابتسمت السيدة بحب 

-العفو يابنتي ،ربنا يسعدك دنيا واخرى يارب ويرزقك بابن الحلال 

ابتسمت موج ابتسامة باهتة وهي تأخذ البطاطا من يد العجوز، ثم نظرت إليها نظرة امتنانٍ صامتة، وكأن الكلمات لا تكفي.

جلست السيدة بجانبها بصمت، تنظر هي الأخرى إلى البحر، كأنهما تشتركان في حزنٍ قديم لا يُقال

قالت العجوز بنبرة هادئة، فيها دفء الأمهات

-البحر واسع يا بنتي، بس ما فيش وسع ولا حضن أحن من ربك.

نظرت إليها موج، وعيناها تلمعان بشيءٍ يشبه الدموع

-أنا تعبت يا خالة… تعبت من الانتظار، ومن الوحدة، ومن وجع ملوش صوت.

وضعت العجوز يدها على يدها، وربتت عليها برفق

-عارفة يا بنتي، كل وجع له وقت، وكل هم له آخر. ماتخليش الشيطان يضحك عليكي، ويخليكي تفكري تسيبي الدنيا وإنتي زعلانة،يمكن الفرج قريب، أقرب مما تتخيلي

صمتت موج، ونظرت للبحر مجددًا، لكن هذه المرة لم يكن نداءه قويًا كما قبل، بل صار صوته أخف، وكأنه تراجع خطوة للخلف.

أخذت لقمة من البطاطا، وابتسمت في صمت، لأول مرة منذ أيام


……………..

بعد مرور أسبوع 

كانت الأجواء مستقرة إلى حد ما ،موج تحاول تجنب الراجل الغليظ ،تحاول كسب الاموال حتى تبدا ما كانت تتمناه 

وقف امامها نوح بهيئته الجباره وهتف بصوت اجش 

-ممكن سمك يا انسه 

رفعت موج نظرها إلى مصدر الصوت ،عقدت حاجبها بغرابه من هذا الرجل الثري الذي يريد أن يقوم بالشراء منها 

يالله كم وسيم 

فاقت على صوته مره اخره وهو ينظر بخبث 

-السمك يا انسه 

ردت بتوتر 

-اه يا باشا اومر ،اوزن كام كيلو 

كاد نوح أن ينطق ويقول أنه يريده باكمله لكن ستفهم خطًا وأنه يريد اعطائها حسنه 

-عاوز خمسه كيلو 

ابتسمت موج بفرحه وبدات تضع السمك في الاناء والفرحة تغمرها 

انتهت موج من الميزان واعتطهم لنوح الذي اخرج المال واعطى لها الثمن 

هتفت بهدوء 

-دقيقة تاخد الباقي 

هتف نوح بهدوء 

-لا لا خليه وغادر نوح وهى تنادي عليه بصوت عالي …ياباشا …الباقي….

ايه الراجل الغريب دا 

……………..


وصل نوح إلى الفيلا الذي اشتراها له معتصم ويقيموا سويًا 

فتح نوح باب الفيلا بخطوات بطيئة دلف ، خلع سترته وضع المفاتيح على الطاولة، ونظر إلى كيس السمك الذي لا يزال في يده.

مرر أصابعه على البلاستيك، كأنها تمس أثر صوتها المرتبك حين نادت عليه

-الباقي يا باشا

اتجه إلى المطبخ، غسَل يديه جيدا ، وبدأ في تجهيز السمك كأنه يطهو لأول مرة بشغف نادر،قطع الليمون، نثر التوابل، وضع شرائح الفلفل والثوم، وكأن في كل خطوة يحاول نسيان شئ من حياته أو يتذكر 

وقف لحظة يتأمل السمك وهو يتحمر في الزيت، تفوح الرائحة في المكان، تعيد له ذكرى قديمة – أمي كانت تحب السمك بنفس الطريقة ،تعلمتها منها 

اخرج السمك وضعه في اناء كبير ورضع عليه شرائح من الطماطم والبصل ووضعه في الفرن لدقائق

جلس عند الطاولة، أخرج طبقًا بسيطًا، وقام بالاتصال على معتصم حتى يهبط 

هبط معتصم وهو يستنشق رائحة السمك ويقول 

-ايوه ايوه ياسيف ايه الروايح دي 

ابتسم نوح له وهتف

-ادخل هات الصنية من الفرن وجبت عيش من الفرن ايه حكايه 

ابتسم معتصم وقهقة عليه 

-الله الله نوح الباشا بنفسه ،نزل جاب سمك وعيش من الفرن 

بعد دقائق كانوا يستمتعوا بالطعام ، لكن عينه تسرح نحو النافذة، وكأن البحر بينادي عليه… أو صوت موج لم يعرف

ثم ابتسم، لأول مرة من أيام، ابتسامة حقيقية… فيها شيء من الراحة… وشيء من الفضول

………………

في منزل موج كانت تجلس على الفراش تقوم بعد المال والفرحة تغمرها 

-الله الله ٧٠٠٠ جنيه يا حبيبي يا الله اخيرا 

اخذت المال وهى تقبله وتشكر ربها عليه وتهلهل 

-الحمد لله يا رب الحمد لله 

وقفت وقامت بتغير ملابسها إلى بنطال اسود وقميص جينز يتوسط البنطال حزام لونه كحلي ،عقدت خصلاتها على هيئه زيل حصان 

تهبط الدرج مسرعة، لا تنتظر المصعد، لا تنظر خلفها،حقيبتها على كتفها، والمال بداخلها… وقلبها يركض قبل قدميها.

تخرج إلى الشارع بخطى متحمّسة، تعبر الرصيف دون أن تتوقف، لا تنظر يمينًا ولا يسارًا

لقطة من زاوية منخفضة، عجلات سيارة تندفع بسرعة 

-ااااه ……..

تكملة الرواية من هناااااااا 

لمتابعة  الرواية الجديدة زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل 

متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا

الرواية كاملةمن هناااااااااا

مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا

 مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هناااااا



تعليقات

التنقل السريع
    close