رواية خطأي أنني أحببته الفصل الثاني 2 بقلم ميفو السلطان حصريه في مدونة موسوعة القصص والروايات
رواية خطأي أنني أحببته الفصل الثاني 2 بقلم ميفو السلطان حصريه في مدونة موسوعة القصص والروايات
خطأي_انني_احببته
#حكايات_mevo
البارت الثاني...قضى ياسين ليلته مع إحدى النساء، غير أنّ كل تفاصيل السهرة بدت خاوية لا طعم لها. كان قلبه مثقلًا بذكرى مرام، تلك التي اقتحمت عقله بلا استئذان، فشوّهت صفو لحظاته، وأفسدت عليه متعة أي امرأة سواها. أصبح وجوده كالغريب في جسده، لا يشبع ولا يرتوي مهما أحاط نفسه بالوجوه والأضواء.
وبينما كان الشرر يتطاير في صدره، جاء فادي، ليجد ياسين يصرخ بضيق: خلصني من الزفتة اللي معايا دي... عايز أقوم أتهبب وأروح!
ارتبك فادي، وحدّق فيه بدهشة: انت لسعت يا بني؟! مش دي البنت اللي عينك عليها بقالك أسبوع؟! جرالك إيه؟ طب أعمل إيه دلوقتي... أخلّعك إزاي؟
هتف ياسين بنفاد صبر، وعيناه تائهتان: اتصرّف! أنا مخنوق خنقة الكلاب... ماعرفش مالي.
قطّب فادي جبينه، وقرّر أن ينقذه من مأزقه، ثم قال بنبرة هادئة: طب اهدي... اهدي، أنا هتصرف. ابتعد قليلًا، وجعل أحد أصدقائه يتصل به، ثم جلس بجوار ياسين ورد على الهاتف بصوت مرتفع متعمّد: إيه يا محمد؟! انت بتقول إيه؟! مخزن إيه اللي البضاعة اتهالت على بعضها؟! إنتو اتجننتوا؟! دي بضاعة بملايين!
انتفض ياسين، وأدار رأسه بحدة: فيه إيه يا فادي؟!
رد فادي بسرعة وهو يمثل القلق: البضاعة اتهالت في المخزن... وخساير بالكوم.
قفز ياسين واقفًا، والضيق يشتعل في ملامحه، ثم التفت إلى الفتاة التي كانت تجلس بجواره وقال على عجل: معلش يا سيلين... هضطر أمشي، فيه مصيبة. ثم مد يده إلى جيبه، أخرج هدية صغيرة، وضعها أمامها وقال بصوت مرتبك: كان نفسي أكمل السهرة... بس إنتِ شايفة.
تنهدت سيلين، وقد خيّب قلبها ظنها، فـ ياسين ليس كأي رجل تلهيه امرأة عن همه. هتفت محاولة التماسك: ولا يهمك يا ياسين... أشوفك تاني.
ابتسم ابتسامة خاطفة، بلا روح، وقال: آه طبعًا... أمال إيه.
واستدار لفادي...
هتف فادي، وهو يحدّق في وجه صديقه باستغراب: ما تفطمني عالفولة... فيه إيه؟! مالك مش على بعضك؟! انت لسعت يا ابني؟!
أجابه ياسين بسرعة وهو يشيح بوجهه: لا... مفيش. أنا مروح، مخنوق.
اقترب فادي منه أكثر، وصوته يحمل خليطًا من الدهشة والقلق: انت يا بني ملبوس! مانا سايبك زي الفل... وبتستعد للخروجة، إيه اللي قلبك عفريت كده؟! مالك وارم كده فجأة؟!
رفع ياسين يده بإشارة حاسمة، وملامحه مشدودة: مفيش... مفيش. أنا هتزفت أروح.
ترك فادي واقفًا مذهولًا من حالته المتقلبة، يراقبه بعينين ممتلئتين بالدهشة، بينما مضى ياسين بخطوات سريعة، كأنما يفرّ من صراع يشتعل بداخله لا يعرف له اسمًا.ثم غادر المكان، كأنّه يهرب من نفسه، تاركًا خلفه صخب الأضواء والضحكات. وفي داخله كان شيء غريب يتململ... راحة مؤقتة، كأنّه أخيرًا تنفّس بعد غرق طويل. لكنه أدرك أنّ السبب لم يكن في تلك السهرة ولا في سيلين، بل في اسم واحد فقط... مرام.
استيقظ في الصباح على صوتها الجميل وهي تفتح الستائر، فهتفت بخفة: قوم يا نموسيتك كحلي، باينها كانت سهرة صباحي.
نهض ببطء، ينظر إليها بعينين مثقلتين بالغلب، دون أن ينطق حرفًا. لكن ما إن تذكّر "محمود" حتى تصاعد غضبه فجأة، فقام وصفق باب الحمام بعنف.
توقفت مذهولة، تهمس في نفسها: ماله ده عالصبح؟! حد زعّله؟!
نزلت لتحضر له القهوة، لكنه دخل المطبخ وهتف بحدّة: يلا! وتركها مندهشة أكثر من تصرفاته.
مرّ الوقت، وظل طوال الطريق صامتًا، كأن الغيظ قد عقد لسانه. دخل المكتب على نفس حالته، تاركًا إيّاها في دوامة من الحيرة والتخبط.
وقفت مذهولة تراقبه من بعيد، ثم تنهدت وجلست لتبدأ يومها، لكنها لم تتحمل طويلاً. دخلت عليه بعد مدة، وبدأت تكلمه في شؤون العمل، ليفاجئها بانفجارٍ مباغت:
هو محمود ما بيروحش من عندكو؟! كل ما باجي ألاقيه راشق! فيه إيه إن شاء الله؟!
ارتبكت من كلماته، وقالت باستغراب: محمود... ابن خالتي قصدك؟
هتف ساخرًا: لا، ابن خالتي أنا!
قطّبت جبينها وقالت ببرود: عادي... ابن خالتي وبيجي يقعد معانا.
اشتعل وجهه غضبًا، وهتف بحنق: ابن خالتك... ونازل ماسك في إيدك عادي كده؟! ونهنه كمان؟! وعايزك تفكري! هتفكري في إيه إن شاء الله؟!
انبهرت من كلامه، وارتعش صوتها وهي تردّ بغيظٍ محاولًا أن تخفي ارتباكها: نحنحه ايه يا مستر ياسين. انت بتتكلم كده ليه؟! هو فيه حاجة؟! ودي حاجة خاصة بيني وبينه، حضرتك ليه متنرفز كده؟!
اشتعلت النار في صدره، فوقف أمامها كالسدّ المائل، صوته يخرج محمومًا: حاجة خاصة؟ حاجة خاصة إزاي؟! انت بينكو حاجة عشان كده راشق عندكو، مش كده؟!
غضبت هي من قوله، وقالت بحدة محاولـة الحزم معه: مستر ياسين من فضلك كلامك... أنا مش حابة طريقتك. أنا هسيبك شويه، انت من الصبح مضايق. حضرتك روق أعصابك وهبقى أجيلك تاني.
همّت بالانصراف، لكنّه وقف أمامها غاضبًا، وصرخ : اروق أعصابي ليه؟! بعض في الأرض قدامك. ولا عيل صغير تكلميني كده وتجيلي وقت تاني ليه بتاخديني على أد عقلي؟! أهبل أنا قدامك ما تخلي بالك من كلامك يا هانم!
انصعقت من غضبه غير المبرر، وأحسّت بوخزٍ في صدرها تمالكت نفسها، وتنهدت وهي تكتم ألمها ثم قالت بحزن: عيل صغير ايه، وأهبل ايه؟! فيه ايه يا مستر ياسين انت متعصب كده ليه؟! أنا ما عملتش حاجة لعصبيتك دي... بجد فيه ايه من الصبح وانت متعصب؟
هتف حانقًا: واحد عقله خف يا ستي من غير سبب عشان تنبسطي وتاخديني على أد عقلي؟! ما هو أنا عيل بتسكتيني بكلمتين...
تنهدت وقالت بنبرة غلب وحزن مختلطين: أنا آسفة يا مستر ياسين لو كلامي ضايقك عن إذنك، وهخلي بالي من كلامي حاضر. اللي مش فاهمه مزعلك ليه أصلاً عن إذنك؟
خرجت و الدموع في عينيها، تحمل وجعاً لم تفهم له سبباً، تتساءل في صمتٍ : ماذا فعلت؟
جلس هو وحيداً، يأكل نفسه من الندم والغضب معاً. أحزنه أنّه أبكاها ، وأزعجه أن دموعها كانت بلا مبرر في نظر فأمسك قلمًا من على المكتب وكسره بعنف.
تكرّرت الأسئلة في رأسه لا تهدأ: حاجة خاصّة إزاي؟ هو بينهم إيه؟! لا، لازم أعرف... ليه يمسك إيديها؟ ليه يدخل يخرج من الأوضة معاها؟! زمجر بحرقه : بتفكري في إيه يا هانم؟ هتفكري في إيه؟ وحنّن قلبه عليها ، ثم انتفض فجأة وكأن نهاراً أسودَ عليه ليكون عايزها لروحه ، . مسك قلبه بعنف، وقال له بجنون : لا لا مفيش حاجة كده... لا مرام مش هتحب حد، ولا هتتجوز، لا مش ممكن.
هز رأسه بجنون، . ثم انفجر داخله بغيظ والغيرة: أمال هتفكري في إيه؟! آه يا ابن الكلب! ولعت فيّا نار لما لقيتها بتمسك إيديها! الله يحرقك! طب يكون إيه بينهم؟ إيه الحاجه الخاصة؟! مفيش حاجة خاصة إلا الحب والسحسحة... يا مصيبتك يا ياسين! الواد راشق في البت بيمسك في إيدها وإنت في الآخر تبص عليها!
ظل يهيج ويهذي يحاول أن يهدأ لكنه يفشل؛ لأن عيناه رأتا دموعها، ولم يجد لنفسه مبرراً لهذا الانفعال، فتنهد طويلاً وهو عاجز عن معرفة ما يفعل. بقي في تلك الغرفة، محمولاً بصراعٍ داخلي لا يهدأ، بينما في الخارج توجد هي، لا تدري سبب غضبه،
ظلت جالسة مهمومة، لا تعرف مبرر ما يفعله؛ نوبات غضبه تشتد بلا سبب، وهي تصبر، فقد تغيّر كثيرًا مؤخرًا وليس لها حيلة لتعرف ما به. خرج أخيرًا محاولًا تلطيف الأجواء، وهتف بطفوليّة: يلا عشان نتغدى... نظرت إليه بدهشة لتحس أنه ملبوس. تنهدت وقالت: لا معلش حضرتك روح أنا مش هقدر.
اقترب منها وقال: حضرتك.. انت زعلانة أوي كده؟! خلاص بقه انا اللي لاسع يا ستي، معلش خلاص حقك عليا ماكنش قصدي أزعق.
هزت رأسها بتعجب: معلش يا مستر ياسين بجد مش قادرة، هخلص شغلي واروح.
اقترب منها وبجدية مزعجة: والله يا مرام ما طافح حاجة من غيرك وادي قاعدة... لتصمت هي ولا ترد. اكمل بمراضية: طب اهون عليكي ماتغديش... دانا واقع من الجوع وماكلتش من امبارح خلاص بقه ما تبقِش قفوشه انا اللي متنيل من الصبح ماتزعليش عشان خاطري... والله دانت الدنيا ومافيها خلاص بقه... وحياة ياسين يا شيخة.
حنّت هي عليه وقلبها يؤلمها، فليس لها حيلة أمامه؛ تنهدت، تلملم أغراضها وقالت: بس مش هاكل انا ماليش نفس.
هتف بسعادة: يلا بس ونبقي نشوف الموضوع ده.
خرجا معًا وهو يحاول يشاكسها حتى تنسى نوبة غضبه. ظل يتحدث معها فترة حتى عادت لطبيعتها، فاحس بالراحة لأنّها تتعامل بارتياح؛ فعندما تنكمش على نفسها يصاب بالهم ولا يقدر أن يتركها هكذا حتى تعود إلى طبيعتها المعطاءة معه. وما أن تعود هكذا، يرجف قلبه بشدّة؛ فهو معتاد على سماحتها وبشاشتها ولا يقبل بشيء آخر. ظل ينظر إليها ليهتف أخيرًا: خلاص مش زعلانة مش كده؟
لتبتسم بخجل: اعمل ايه بس انت بتتحول من غير سبب.
هتف: معلش استحمليني، هو انا ليا غيرك والله ماليا غيرك تستحملني.
تنهدت وقالت: ربنا يهديك ساعات مابعرفش فيه ايه بحس انك بتتلبس.
ضحك: اه حقيقي بتلبس والله من غلبي واللي بيجرالي وبيطحن جوايا.
قطبت جبينها: هو ايه اللي بيجرالك مش فاهمة.
هتف بغلب: والله يا مرام اللي بيجرالي ماحد يتحمله، انا شويه وهرشق في السقف.
هتف هي باستغراب: حيلك حيلك فيه ايه...
قال: مفيش الصبر يا رب الا انا، والله هلسع والكتمة هتخلص عليا... هقلب أهبل كمان شويه.
ضحكت عليه: انا مش فاهمة حاجة، فهمني طيب وانا أريحك مانا مش بسيبك وانت عارف.
تنهد وسرح متنهدا: تريحيني... نفسي ارتاح والله يا مرام بس مالهاش حل... ومقفولة ضُبَّة ومفتاح، لا طايل راحة ولا طايل اتلم علي روحي وهفضل كده أهري لحد ما نُقهر واموت.
قالت متاندبة: بعد الشر عليك... انت نازل كلام وانا مش فاهمة حاجة ماتفهمني طيب... هو انا كنت قصرت معاك لما بتحكيلي؟
هتف بقهر: لا انت مابتقصريش بس انا اللي عايزِه ما تعرفيش تعمليه يا مرام...
ضحكت ومصاحبة اندهاش: ماعرفش اعمله ليه، كاتعة ولا عورة... ما انا شيلاك في كل حاجة.
هتف متنهدا بحسرة: انت شيلاني آه مش هنكر وكاتعه ايه، بس اسكتي والنبي... اللي نفسي فيه عمري ما هطوله، انا عارف بعيد وصعب وبيوجع أوي.
تبهت: انت عمرك ماكنت مهموم كده ولا عمرك حطيت حاجة في دماغك ولا خدتهاش... يبقى خلاص حط في دماغك اللي انت عايزه وخده انت مش قليل.
نظر إليها وسرح قليلاً: احطه في دماغي... مانا حاطه وطابق على نفسي، هيطلع روحي. لا ليا فيه حيلة... ياسين مش عارف ياخد الحاجة اللي نفسه فيها... عارف هفضل كده مقهور لحد ما أموت من حسرتي.
قلقت عليه: انت النهارده بيك حاجة، بالنبي فهمني طيب.
ليقوم فجأة: يلا يا مرام بلا افهمك بلا بتاع يلا سيبيني باللي فيا، خليكي مش فاهمة أحسن... انا مشكلتي مالهاش الا حل واحد ومش عارف أطوله ولا هطوله... اقفلي عالموضوع خلي الجلطة هتيجي في يوم وتخلص عليا.
لتتنهد، وقاموا معًا وهيا متعجبة من كلامه.
قبل أن يرحلا أخبرها أنّ هناك مناسبة في إحدى الشركات، وأرادها أن تكون معه، فاتفقا أن يأتي ويأخذها ليذهبا إلى الحفل معًا. انصّرفت هي مبكراً، وأعدّت نفسها، حتى جاء الموعد فوجدها أمامه جميلةً خلّابةً تسلب العقل. ابتسم لها ياسين، وشعر بالبهجة تتراقص في صدره، وعيناه تجوبان على جسدها بحرّية كما لو أنّ كلّ شيءٍ حوله قد اختفي. شعر بفورانٍ في بدنه واقترب منها بصوتٍ نصفٍ للمداعبة ونصفٍ للتحكّم:
مرام: الفستان ضيق أوي، احنا هنخرج كده؟
ما تجيبي شال عليه طيب..
شعرت بالحرج وهي تقول بخجل: لا مش أوي يا مستر ياسين.. انت مش واخد بالك دا كويس اهوه؟
تنهد بغلب وتركها ومشى نحو السيارة وهو يغلي من داخله: مش واخد بالي ازاي؟ أمال مين إلا اللي ياخد باله غيري؟ ومش أوي!.. لا ضيق يا مرام ولازم يتجابله حاجة، ما هتروحيش كده وحد يشوفك وجسمك باين كده أنا مش ناقص ولعة. طب ايه اعمل ايه دلوقتي البتاع مفسر عليها وانا نفسي أخنقها.. ايه العيشه الزفت اللي مرشوقه فيه دي.. لا والله ما هقدر اسيبها كده أخبيكي فين يا شيخة؟ انت اتحدفتِ عليّا عشان تموتيني كل يوم.
قاد السيارة بسرعةٍ ، ثم توقف أمام أحد المحلات، وهتف: استني دقيقة! وغاب لحظاتٍ ليعود ومعه علبةٍ صغيرة. دخل وخرج وهو يحملها ، ووضعها على ركبتيها قائلاً بهدوءٍ قاهر للحيرة: خدي دي كده نعرف نروح الحفلة...
فتحت العلبة بدهشة لتجد وشاحًا رائعًا يناسب لون الفستان . نظرت إليه مستغربةً، فهتف... بلا كلامٍ كثير: حطيه عليكي عشان نخبي المصيبة اللي عليكي دي...
نظرت إليه بقليلٍ من الغضب: أنا عليا مصيبة يا مستر ياسين مالي أنا؟! مش شايفة مصايب. الفستان يجنّن، مصيبة إيه؟!
هتف بغلبٍ مكبوتٍ: انت مش شايفة حاجة وأنا المصيبة خرمت عيني! والفستان يجنن عارف بس ماينفعش حد يشوفك كده. اعقلي كده وحطي البتاع عليِّكي ولمّيها كويس، خلّي الليلة تعدّي.. أنا على آخريِ
فتحت فمها لتعترض، فمَسَك يدها بقوةٍ تحفظية وضاغطا، محذّراً بحدةٍ : يلا من سكات اتأخرنا...
تنهدت بغلب، واستجابت له، فوضع الوشاح على كتفيها وكأنّه يُخفي وراء قماشه نارًا من احتياج وخوف وغيرة مختبئة. خرجا معًا، وهي تحت الوشاح تلمح في عينيه شيءً بين الحماية والاشتعال،
انتفخ ياسين بسعادة من استكانتها له، وسرّته أكثر أنها لا تعارضه إطلاقًا؛ ابتسم لها كأنها مملوكة لديه، وكأن العالم كله صار ملكًا له وحده في تلك اللحظة. كان في صدره شيء من الجنون: اتجننت دي؟! عايزة تروح والناس ترشق عينها، وهي قمر كده؟ دانا هولع جنبها، لا والله مايحصل إن حد يبصلها كده. ايه جايبة سوسن جنبها مالهاش حد يقفلها... أما أشوف آخره غلبي ده إيه؟ دانا بتذل ذل محترم... اقطم بقه اهي اتغطت، اهدي على حالك.
تنهد، واستمر في المشي إلى أن وصلا الحفل؛ مرر الوقت سريعا حتى جاء صاحب الحفل ليلقي التحية ويقف معهما دقائق، ثم انشغل بضيوفه. استأذنت مرام للخروج إلى الحمام فتقدمت بخطوات رقيقة، دخلت لتصلح زينتها وتعدل ما تلبسه من لمسات أخيرة، ثم خرجت لتتفاجأ بعصام صاحب الشركة، الذي أعطاها البطاقة، واعترض طريقها بوجه ودود مفاجئ.
عصام مبتهجا: مرام، ازيك؟! ايه الصدفة الجميلة دي؟! انت هنا لوحدك؟
مرام بابتسامة بريئة: اهلا مستر عصام... لا انا جيت مع مستر ياسين، وهو واقف هناك. اشارت بلمحة إلى ياسين
توقف لحظة، ونبرة عصام فيها خليط من الفضول والمجاملة: مبسوطة إنك جيتي.
كان عصام مسرورًا بوقوفه معها، تنظر عيناه إليها برغبةٍ لا تخفيه؛ فقد كانت فاتنةً، تسلب العقل من يراها، وتستثير في الصدر شهوةً واهتياجًا خفيًا. اقترب منها بمجاملةٍ محسوبة وقال مُبتسمًا ومتحمِّسًا:
عصام: انا سعيد اني شفتك تاني، واتمني بجد اننا نتعرف. انت انسانة تشرف أي حد يقف معاه والله.
احمرّت مرام خجلا، فاعتبر كلامه إطراء بريئا، فأجابته بابتسامة مترددة. ثم أضاف بعفويّة أكثر:
عصام: انت جميلة اوي يا مرام. لا وانهارده كلك علي بعضك تجنني.
اشتعل خجلها حمرًا، وهمت ترد أو تراجع الكلام، لكن صوتا حادّا قاطع اللّحظة من خلفها؛ صوت ياسين، مشتعلٌ هو الآخر:
ياسين (مشتعلًا): ايه يا عصام! مش تخلي بالك من كلامك؟! سكرتيرتي ما بتحبش تسمع الكلام ده... مش من النوع بتاعك والله.
احمر وجه عصام من الارتباك والحرج، فسارع مبررا نفسه بنبرة مدافعة ومُحرجة:
عصام: نوع ايه يا ياسين؟! انا بس بابدي اعجابي بيها، ما عملتش حاجة
ردّ ياسين بحدة فيها استخفاف متعجرف قليلًا:
ياسين: بسماجة طب خلي بالك بعد كده وخلي اعجابك لنفسك. مرام هنا سكرتيرة وماينفعش تبقي حاجة تانية، عن إذنك.
شعرت مرام بالقهر يخترق صدرها من كلامه، خصوصا حين شدّها من يدها ليقودها بعيدا كما لو أنّ له حقًّا بفرض حمايته عليها. بدا الغضب يتأجج في عينيها، لكن ما أن وصلت إلى السيارة حيث دفعها فتصطدم بجانبها، تتأوه متألمة، وهو يقترب منها هائجا، و قد أضرم نارا في صدره.
وقف ياسين بالقرب منها، يضرب كلماته بحزم قاسي، كأنما يريد أن يثبت للعالم أنها ملكه:
ياسين مشتعلة : لا ماهو انت تقوليلي يا هانم المسخرة اللي حصلت دي معناها ايه؟ واقفة الراجل يسبلك وانت مبسوطة ومحمريه ؟! هو فيه ايه؟!
بهتت مرام من شدة نبرته، ؛ لم تكن تدرك أنّ مجرد مجاملة بريئة قد تثير كلّ هذا البركان في صدر رجل لم يحتمل فكرة أن ينظر إليها آخر.
كانت دموعها تسيل، تشهق بقوة. ليصيح: بطلي عياط وانطقي! انت سيباله نفسك، يقف يحب ويسبل؟ انت اتجننتي؟! انت مش شايفة بصاته الزبالة؟! ونازل محن وجميلة وتجنني، انت عايزة تقهريني ازاي تسيبيه يقلك كده؟
صرخت أخيراً بغضب: انا ماسمحلكش تكلمني كده! هو فيه ايه وازاي تشدني كده من قدامه؟
مسكها من دراعها بعنف: انت زعلانة عليه اوي كده ليه؟ انت كمان ليكي عين تنطقي. سيبباني واقف قرطاس وراحة والبيه واقف يحب ويعلق...
لتشهق من كلامه انفعلت.. : يعلق؟! لا انت اتجاوزت حدودك! هو فيه ايه؟ انا ماعملتش حاجة وكنت هرد عليه...
هتف بعنف: ماشفتش رد؟ انا شايف واحدة محمّرة وواقفة لواحد هيتهبل عليها وعينه هتاكلك! انت ماشفتيش البيه بيبص لجسمك ازاي وواقف يقلك تجنني؟ انت باينك اتخبطي في عقلك! عايزة اقف أصقفلك؟ ما تِزبطِي كده انا على آخري ووالع والله كنت هعمل مصيبة وارقده جوه عشان بصاته الزبالة اللي خلاتك تحمري ومبسوطه اوي. يبصلك بتاع ايه ويقلك كده بتاع ايه وتسكتيله ليه؟ انت عايزة تجلطيني؟ انطقي وقفاله! يبص عليكي هيموت عليكي وساكته، اقف بعيد الاقي واحد عينيه راشقة عايزة تاكلك كنت هاجي اخلص عليه. انت مش حاسة باللي كنتي فيه؟ مش حاسة بالزبالة ده؟ انا عايز اعرف انت واقفة حمرا ليه؟ مبسوطة ولا ايه؟ في ليلتك السودا ما تنطقي ساكتة ليه؟ هتجلطيتي؟
احست بالجنون من كلامه لتنفعل بشدة وصرخت: لا كده كتير وما اقبلش يا ياسين بيه طريقتك دي نهائي! كانت غاضبة بشدة. لينصعق من رد فعلها، فكانت هذه أول مرة ترفع صوتها عليه وتحمَر هكذا من الغضب. ليجدها تكمل: اظن عيب اوي طريقتك دي، ومش انا اللي يتقال لي الكلام ده، واظن السنين اللي فاتت تعرف اني مش بتاعه الكلام ده وماكنش لازم تقَلل مني قدامه. انا اه سكرتيره بس مش قليلة في نفسي يا ياسين بيه، ودي اخر مرة اقبل منك الطريقة دي، وانا مش عشان بتساهل في شغلي تقوم تاخد عليها وتهيني كل شوية. لا انا ابيع الشغل وسنينه واي عشم وعشره، ولا اني اتهان ثانيه...
بهت هو من تهديدها الصريح، فشعر أن مرام لن تتساهل معه، وقد تصرف بتهور من شدة غيرته عليها، فهو لا يطيق أن يقترب منها أحد. حاول أن يمسك نفسه، وحاول أن يتكلم لكي يلطف الجو، فهتف بحنية: يا مرام...
لتقاطعه: من فضلك انا عايزه اروح، مش مستحمله كلمة.
صعدت إلى العربة وانتظرته ليركب في صمت، فغضب أكثر، وخبط العربة، وقادها في صمت، حتى توقف عند بيتها، فنزلت بسرعة ولم تعطه فرصة للكلام. انصرف وهو مثقل بالهم جراء انفعاله وتهوره، إذ أحس بالنار تشب بداخله، ولم يعد يستحمل أي أحد يقترب منها، ومع مرور الأيام أصبحت تتحكم به، وهذا ما أغضبه وأهان غروره.
أما تلك الجميلة، فصعدت إلى حجرتها وانفجرت في البكاء لشعورها بالإهانة منه، وهي تتذكر كلماته: مرام هنا سكرتيرة وماينفعش تبقى حاجة تانية.
بكت على حالها وهتفت: انت اللي عملتي في روحك كده! بتحبيه وسيباله نفسك لما بيمرمط فيكي ويوجعك، وهو مش حاسس بيكي. انت ولا حاجة بالنسباله! هتفضلي كده لامتى؟! انت غاويه وجع قلب؟ حب ايه اللي يعمل فيكي كده؟! عمره ما هيحس بيكي اصلا... اعقلي وابعدي! انت بتتقطعي قدامه، بتتحملي عشانه وهو مش حاسس... وما انتش عارفه هو بيقلب عليكي مرة واحدة من غير ما تعملي له حاجة... هو ماله اتغير كده؟
قالت بغلب: طب اعمل ايه؟ مانا بحبه...
وتنهّدت بغلب: طب واخرتها يا مرام؟ لازم تعملي له حدود، هو طايح فيكي ليه كده؟ اقفيله شوية... ما تبقيش متسابه كده لما ركب ودلدل...ونزلت دموعها.
سمعت رنين تليفونها فوجدته محمود، فهتفت: ايوه يا محمود...
قال بمشاكسه: مالك يا مرام صوتك عامل كده ليه؟
تنهدت: مفيش.... يا حبيبي انا كويسة ماتقلقش...
هتف بمشاكسة: حبيبك يا بت بجد؟ طب يلا نتخطب اجيب الدبل يا بت... اقفي جنب حبيبك تنستري...
ضحكت من غلبها وتقول: والله انت لسعت...
قال: طب هتلاقي واحد حليوه زيي يرضى بيكي يا بومة السنين... يا بت انت هتقلبي جذع خشب قريب من التخشيبة بتاعتك... بت يا مرام انت بتحبي حد يا بت...
ارتبكت هي: بس ياهبل احب ايه...
قال: طب يا بت ما تنخطبي ليا ثواب زكي عن صحتك هيا سنة والله بكتير اقفش الشغلانه...
قالت: روح يا محمود وعدي ليلتك انا تعبانة وعايزة أنام...
قال: ماشي بس افتكريني... مسيرك يا ملوخيه تيجي تحت المخرطة...
ضحكت عليه وتركته، دخلت عليها والدتها: ايه يا مرام ما شفتكيش يا حبيبتي؟
هتفت مرام وحاولت تبقى طبيعية: مفيش يا ماما كنت هغير واجيلك...
اقتربت والدتها: مالك يا مرام انت معيطه يا قلب امك؟
ارتبكت مرام: لا يا ماما دا الواد محمود كان بيتكلم وضحكني...
هتفت امها: طب يا قلب امك ربنا يهديكي واشوفك عروسة... هتفضلي واجعة قلبي يا بنت قلبي... وما فيش حد بيحبك ولا بيخش دماغك... يا بنتي العمر بيعدي وانا مش عيشالك...
أكملت الام: انت فيه حد في دماغك يا مرام... ميفو ميفو
ارتبكت مرام : حد ايه يا ماما ولا حد ولا سبت...
تنهدت امها وهي حاسة ان ابنتها تخبّي عنها حاجة فقالت بصوت امومي: بصي يا حبيبتي انت كبيرة وعاقلة وجميلة ومين يتمناكي اوعي يا قلب امك تجري ورا سراب او تعدي فرصك في الدنيا... ما تسيبيش نفسك للزمن يطحن فيكي وتقعدي في الاخر لوحدك ما حدش بيمسح دمعة حد الا ايده... الونس يا بنتي مالوش زي... وانا امك وحاسة ان فيكي حاجة بس هعمل ايه ربنا يهديكي ويهدي بصيرتك ويروق بالك...
قبلتها وتركها داعية لها بصلاح الحال. جلست مرام مهمومة، تفكر ، منين هييجي الونس يا أمي وهو مش حاسس بيا؟ ومعاملته اللي كنت فاكرة إنها محترمة ومقدّرة كنت بحسب نفسي حاجة عنده؟ ليه بيعاملني كده ويتهمني كده؟ ايه عملتله عشان يظن فيا كده؟ أنا ماعملتله غير كل حاجة حلوة، دفنت نفسي عشانه دي آخرتها يا ياسين؟ يا رب، ايه الوجع ده؟ ما بيرحمش ، ما بيتركني في حالي ولا يقرب مني؛ ليه بيعاملني كده؟ معرفش ليه كده... فانفجرت في البكاء...
اما ياسين فقد قضى الليل يشعر بالذنب لما قاله وفعله معها، ليتذكر دموعها فاحس بالوجع: انت خرفت يا ياسين؟ ليك عندها ايه؟ انت اتجننت ازاي تعمل معاها كده؟ هتطفش منك وانت روحك في ايدها. مانا ما استحملتش اعمل ايه طيب ابن الكلب عنيه هتموت عالبت وانا قلبي وقف كنت عايز اقتله ما حدش يبصلها كده غيري. دا ايه السواد اللي انا فيه ده؟ البت هتخربلي شغلي وحياتي ولا حاسه بالنار اللي جوايا وابن الكلب جاي يبصبص والله كنت هقتله. لا وقفاله والحمار بينط من وشها منظرها مابيروحش من دماغي من قهرتي مش عارف انطق... مالك يا ياسين انت بتاكل في نفسك عشانها لا تنفعلك ولا من توبك اصلا.
سخط قليلا..
انت مالك ماعدتش بتخرج من دماغك كده ماتهدي علي نفسك يا زفت.. حبك في الستات هيوديك في داهيه البت عشان مش عارف تطولها هبلتك ومش قادر تنطق.. هموت عليكي يا بنت الايه اروح فين دلوقتي.. الكتمه هتخلص عليا انا عارف ماليش حيل ولا في ايدي حاجه.. طب ايه هكمل بحسرتي كده ومش طايلها.. الفوران اللي فيا ده مابيهداش ثانيه وانا كاتم وبقيت غلايه بتطحن في بعض جواها.. انا هطرشق من الكبت اللي كبته وربنا كده كتير عليا..
تنهد وتدخل عقله اهمد كده دي سكرتيره وانت صاحب الشركه تامر فتطاع.. اتخمد واعرف حدودك.. لينام وهو يظن انه سيتعافي من وجودها بتعاليه لياتي وقت يكره فيه ذلك التعالي ويعض على يديه من تكبره وغروره واستكتار نفسه على الاخرين...
ميفو السلطان
الشتيمه مسموحه عادي اشتمو ياسين بامه
😂😂😂😂😂😂
تكملة الرواية من هناااااا
لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا
بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل
متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا
الرواية كامله من هناااااااااا
مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا
مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا
تعليقات
إرسال تعليق