رواية خطأي أنني أحببته الفصل الخامس 5 بقلم ميفو السلطان حصريه في مدونة موسوعة القصص والروايات
رواية خطأي أنني أحببته الفصل الخامس 5 بقلم ميفو السلطان حصريه في مدونة موسوعة القصص والروايات
#خطأي_انني_احببته
#حكايات_mevo
البارت الخامس....
ظلت مرام قابعة في مكانها فترة طويلة، تحاول أن تلملم شتات وجعها. مسحت دموعها بظهر كفها ونهضت ببطء، جلست في الركن الآخر تفكر فيما ستفعله، بينما الألم ينهش قلبها.
(هنعمل إيه بس؟ ابننا حلوف.. هنعالجه).
أما في الداخل، فكان فادي يحاول بكل الطرق تهدئة ياسين الذي ظل جنونه متأججا.
هتف فادي بصوت ممزوج بالضيق:
ـ اسمع يا ياسين، اهدا بقى ونشوف شغلنا.. إنت كده مزودها حبتين. يعني لو اتخطبت هتعمل إيه؟ مش بنت زي باقي البنات يا بني!
زمجر ياسين من بين أسنانه، صوته أشبه بالفحيح:
ـ يمين بالله لأكون قاتله وقاتلها!
تنهد فادي وهو يحاول يهدئه.. :
ـ ها وبعدين يا ياسين؟ بعد ما تقتلهم، هتمشي تقتل في رجالة البلد؟ قول كلام يتعقل.
جلس ياسين مقهورًا، رأسه بين يديه، وصوته يتكسر وهو يقول:
ـ طب أعمل إيه دلوقتي؟ أنا عايزها.. ومستحيل أسيبها. أنا مش هعيش حياتي مقهور كده.. شوفلي حل يا فادي.
.(اتحل وسطك يا حزين 🙄🙄)
ليهتف فادي، وصوته يملؤه جدّيةً ممزوجة بالدهشة:
ـ الحل إنك تعقل وتبطل غرور يا ياسين! انت بجد فاجأتني.. آه، كنت عارف إنك شايف نفسك عالستات ومغرور حبتين، إنما تستكتر نفسك على خلق الله؟! لا يا صاحبي، مايمشيش معايا أطبلك في دي. يا تتعدل يا تنسى وتروح تشوفلك واحدة من مقامك.. اللي بصراحة مش فاهم مقامك هيبقى لحد فين! مرام جوهرة.. والله لولا إنك محوّط عليها كنت حبيتها من زمان واتجوزتها!
ليهيج ياسين، وجهه احمر ونبرته تعلو كالنار:
ـ ماتحترم نفسك بقه أنا قاعد! تحب مين؟ دي بتاعتي وماحدش هيقرب منها! أنا ناقصك انت كمان؟
ليقول فادي بسخرية، حاجباه مرفوعان وعيناه تضيقان:
ـ ودي هتعملها إزاي يا خفيف؟
ليفكر ياسين بقهر، ويهتف، وصوته يرتعش غضبًا:
ـ ماهو ده اللي قاهرني!
..(دانت عيل مخك جزمه 😠😠)
ليهتف فادي:
يا عم انت خلاص الهبل وصل عندك لفين.. بت قمر ومزه وبنت ناس عايزها ترقد جنبك دي تتخطف خطف هو فيه ايه ماتعقل الكلام كده وتشوفها كويس مرام تحط رجل علي رجل وتتشرط انت اللي غبي وهتضيعها منك يا ياسين.. وساعتها انسي مرام لا بتاعه فلوس ولا مشاغله ولو حبت واتجوزت تبقي انت مت خلاص.. الحقها قبل ماقلبها يدق لحد ساعتها ماهتلاقي لها مخرج وتقعد تتحسر.. انا قايم وعندك المناقصه اهيه شوفها وهجيلك اما تخلصها وابعد عن مرام شكلك ومنظرك لو كلمتها هتطفش بلا رجعه وساعتها لو عملت ايه اخر مره رجعناها بالعافيه.. هتقوم تعض فيها مش هنكسب حاجه وهيا لا فاهمه حاجه ولا حاسه بحاجه.
خرج فادي، وجلس ياسين يقاوم حاله من أن يخرج لها ليعرف من ذلك الحقير الذي اقتحم حياتها ويريد أن يأخذها منه. ليصدح داخله صوتٌ ممزق:
ـ هياخدها منك إزاي؟ انت مجنون.. هيا مش بتاعتك أصلا!
(حقه والنبي.. إلا الهبل عالي 😁😁).
ـ ولا بقت انت بتمني نفسك إنها بتاعتك من بعيد لبعيد، ولا قادر تقرب، ولا عارف.. طب هعمل إيه؟ قلبي هيقف! مفيش لها سكة إلا الجواز..."
ظل صامتًا، وتتصاعد في داخله همهمة متقطعة:
ـ "ماتتجوزها يا ياسين! مالها مرام؟ قلبك هيقف عليها.. اتجوزها وافرح..
ليتدخل عقله ساخرًا بنبرة جافة:
(ماتبس بقه يا زفت.. سيبها عبوشكلك).
فيرد قلبه الممزق:
ـلا ماينفعش.. ماعرفش اتجوزها!
ليهتف قلبه مرة أخرى، صوته كجرسٍ يجلجل في أعماقه:
ـ ليه يا ياسين؟ مرام مافيهاش غلطة.. مستكتر نفسك عليها ليه؟ فيها إيه مرام غلط؟ طلعلي حاجة واحدة!
تنهال الصور في رأسه، فيهمس لنفسه وكأنه يدافع عنها أمام محكمة وهمية:
ـ "دي حِتة ألماس.. وسنين عايشة متفانية ليك.. ومن عيلة ومحترمة.. إيه سكرتيرة يعني؟ وفوق ده كله هتموت عليها!
تصدر عقله همس داخلي ملح:
بس بقه ماينفعش.. انا كان لازم اشوف حل، بس هو ايه؟ ما عرفش.
ومر الوقت ببطء خانق، حتى شعر انه ما عاد قادرا على الصمود اكثر من ذلك، فخرج متجها اليها، ملامحه متجهمة، وصوته قطع الصمت:
يلا عشان نتغدى.
نظرت اليه وقلبها كان يؤلمها، فتنهدت وقالت بفتور:
بس عندي شغل يا مستر ياسين.
فاحتد عليها فجأة، وارتفع صوته بغضب مكتوم:
سيبي الزفت وقومي، انا على آخري.
ظلت تنظر اليه فترة، تتأمل حاله البائس، ثم هزت رأسها بقلة حيلة وقامت، عرفت ما كان يفكر به، والتقطت اشيائها وذهبت معه.
طلبا الغداء، وكان كل منهما غارقا في حاله. هي تحججت بالطعام، لعبت فيه وأكلت القليل كي لا تنظر اليه؛ فجلوسها معه كان فوق طاقتها، لكنها ما تنازلت عما خططت له. اما هو، فما حاد بنظره عنها، ظل يتأملها شاحبة حزينة منذ ان جلسا، حتى اندفع صوته فجأة كالسهم:
بتحبيه؟
...(الواد لسع 😂😂)
...
فقَطبت جبينها ورفعت حاجبيها، ساخرة منه بداخلها، ثم هتفت بهدوء:
.. أحبه! هو مين ده يا مستر ياسين؟
فهتف بانفعال، وعروقه تكاد تنفجر:
الواد الملزق اللي جالك الصبح! بتحبيه؟
فتنهّدت وقالت بتعالي:
متهيألي دي حاجة شخصية و...
فقاطعها بصوت مرتجف من الغضب:
مرام، أنا على آخري ماشي! ما تطلّعيش جناني! انطقي.. بتحبي الواد ده؟
فابتسمت له بوجع وقالت:
لا.. ما بحبوش.
فشعر براحة نزلت على قلبه، لكنها في الوقت نفسه أشعلته، حين أضافت ببرود جارح:
على الأقل دلوقتي.
فهتف بحدّة، متحكمًا في نفسه بصعوبة:
هو إيه اللي على الأقل دلوقتي؟ إنت ناوية تحبيه؟ ده يتحب؟ ده فيه إيه يتحب؟
فقالت وهي تنظر إليه، عالمة أنه يتوجع، ساخرة من حالهما:
والله يا مستر ياسين ده نصيب، وأنا ما حبوش ليه؟ مانا أكيد هحب في يوم، هفضل قاعدة كده؟ وربنا يسهل.. مش عارفة لسه هعمل إيه، بس خير إن شاء الله.
اندفع ياسين وقال، وصوته يرتجف بين الغضب والغيرة:
مش هتعملي يا مرام! وهيروح لحاله.. انتِ ما ينفعش تتجوزيه! أقصد.. ما ينفعش تسيبي الشركة.
فقَطبت جبينها متصنعة الاندهاش، وردت بنبرة حادة:
وأسيب الشركة ليه يا مستر ياسين؟ هو عيب إني أحب حد وأتجوز؟ مانا بنت زي بقية البنات، هييجيلي يوم وأتجوز.. مش هترهبن يعني.
فقال محاولًا إخفاء اضطرابه:
لا يا مرام، الواد ده ما ينفعكيش. شكله مش قد كده، وانتِ تستحقي حد أحسن. يا مرام، انتِ لسه صغيرة.. مستعجلة على إيه؟! ثم إن الشركة محتجاكي، وأنا ما كنتش هقدر على كده.
كانت تعلم أنه يلف ويدور لنفسه، فهتفت بهدوءٍ يلسع أعصابه:
أنا مش فاهمة إيه العلاقة.. أولا، أنا حد جد ومش هقصّر في شغلي، وهفضل زي مانا. أما بالنسبة لحد أحسن.. أنا مش في مسابقة أنقي! ما هواش فستان. والحب لما بييجي ما بيفرقش أحسن من أوحش.. الحب يا مستر ياسين بيلم قلوب مش مستويات.
ثم تابعت بنبرة حاسمة، كأنها تغرز خنجرًا في كبريائه:
وبعدين كريم حد محترم وما يتعيبش.. مهندس، ومحترم، وشكله وسيم وجذاب. يعني هشوف.. المهم إني أحس إنه ينفعلي.
فقاطعها ياسين مقهورا، والغلب يعلو وجهه، وصوته يخرج كأنه يتوسل:
وسيم وجذاب؟! انتِ ما كنتيش بتشوفي يا مرام؟ ده واد شكله زي السحلية! وتحسي إنه ينفعلك؟ لا، ما ينفعلكيش.. والله ما ينفع! انتِ مش حاسة إنك تستحقي إيه يا مرام...
فهتفت بداخلها، صراعها ينهشها: استحق إيه يا ياسين؟ أستحقك؟ ولا ما استحقكش؟ وحد أحسن يعني إيه؟
كانت تنظر إليه بأسى، ثم قالت بصوت مبحوح من ثقل الوجع:
حد أحسن بالنسبة لمين؟ كريم مهندس، ومن عيلة، وشغال في شركة كبيرة.. حد أحسن إزاي؟
ثم تابعت بسخرية مرة:
أنا لا بتاعة فلوس ولا مناصب.. المهم يكون حد مقدرني وعايزني. وكريم محسسني إنه عايزني ومقدرني.. أنا عنده حاجة كبيرة يا مستر ياسين. أنا مش شايفة فيه حد أحسن منه، ولا عيب فيه، غير إني لسه ما حبيتهوش. كريم قعد معايا وعايزني زوجة وشريكة، ولما اتأخرت عليه جه لحدي، ومقدرني عشان عايزني. وطلب يشوف اللي يرضيني عشان أبقى له. الإنسان بيحس باللي بيقدره يا مستر ياسين.. وكريم حاططني نجمة في السما. دا كفاية لوحدها.
فقال ياسين، صوته يرتعش بين حبٍ مكبوت وغيرة جارحة:
والله يا مرام، انتِ تتقدري بالدهب. انتِ فعلا نجمة.. والله. بس.. بس هو انتِ ما بتحبهوش. وانتِ لسه قدامك فرص أحسن.. صدقيني.
شعرت أنها كانت على وشك البكاء وظهر الألم على وجهها، فهي لا تعلم ما نهاية أفعاله، فقد كان يتصرف عكس كلامه، وكان ألمها منه كبيرا. فهتف ياسين: مالك يا مرام؟ حاسس إن فيكي حاجة.
تجلدت وحاولت أن تظهر بخير، ثم هتفت: معلش يا مستر ياسين، أنا حاسة إني تعبانة ومش عارفة مالي، ممكن أروح، معلش.
كانت شاحبة حزينة، فحس بوجع داخله وقال: طب يا مرام قومي أوصلك. همّت أن تعترض فقطع حديثها وقال: يلا من سكات، أنا فيا اللي مكفيني. ثم تركها وذهب إلى العربة.
همست مرام لنفسها: اللي فيك من دماغك يا ياسين، إنت اللي عامل في روحك كده. ثم تنهدت بقهر وذهبت وركبت بصمت حتى وصلا، فسلمت عليه ورحلت.
أسند ياسين رأسه لبعض الوقت وهو مثقل، وحس أن هناك جبالا على قلبه، ثم أدار العربة أخيرا ورحل.
.....
صعدت مرام موجوعة ودخلت حجرتها في صمت، لتلحق بها والدتها. بدأ الخلاف اليومي بينهما، فصرخت مرام وهي على وشك الانهيار: حرام بقى، كفاية، مش قادرة يا ماما، أنا موجوعة، ارحميني.
بهتت الأم وقالت بقلق: مالك يا بنتي، فيكي إيه؟ ريحي قلبي. إنتِ تعرفي حد يا مرام؟ شكلك كده… انطقي.
هتفت مرام متوسلة: ماما، لو سمحتي، أنا مش صغيرة، كفاية، والله أعصابي مش مستحملة، حِسّوا بيا بقى، أنا تعبت.
انفعلت الأم وقالت بعصبية: أحس بإيه وزفت إيه؟ إنت ماينفعش تفضلي كده، ما هو أكيد فيه حاجة. انطقي، إنت بتحبي حد وهو بيلعب بيكي؟ ما فيش واحدة ترفض كده. ولو بتحبيه ليه ما بيجيش؟ خلّيه ييجي.
وصلت مرام لآخر درجة من التحمل وصرخت: مش جاي! مفيش حد جاي! ارحموني.
صرخت مرام آآآه ووقعت على الأرض مغشيًا عليها، فقد اكتفى قلبها وجعًا. تفجعت أمها من منظرها واستدعت ابن خالها ومعه الطبيب، فجاء محمود مسرعًا، ودخل الطبيب ليكشف عليها، ثم أخبرهم أنها أصيبت بانهيار عصبي، وأنه أعطاها مهدئًا وستكون بخير، لكن لا يجب أن يعرّضها أحد لأي ضغط.
بكت الأم وروت لمحمود ما حدث، فحاول تهدئتها قائلًا: يا خالتي، الجواز مش عافية، ومرام مش صغيرة. وحتى لو فيه حد، مرام عاقلة، إنت ما تخافيش كده. كريم مالهوش نصيب فيها، وأنا لما تصحى بالسلامة هقعد معاها. اخشي ارتاحي، وأنا هبات على الكنبة بره.
قبّل يدها وخرج، ثم جلس يفكر في ابنة خالته، يتساءل عما أفجعها هكذا وجعلها تسقط. فمرام قوية، لكن يبدو أنها تعرضت لشيء فاق طاقتها.
........
في الصباح انتظرها ياسين ليستيقظ بمفرده. شعر بالغضب قليلًا لأنها لم تأتِ ولم تتصل. قام يستعد ودخل المكتب، فلم يجدها. هوى قلبه من مكانه، واجتاحه القلق كالإعصار. مد يده بتوتر إلى هاتفه، واتصل بها.
رد عليه صوت لم يتوقعه. كان محمود. انفلق قلب ياسين وهو يهتف بارتباك:
– مين معايا؟ فين مرام؟
أجابه محمود بهدوء فيه شيء من الحذر:
– ياسين بيه، أهلا بحضرتك. أنا محمود.. مرام تعبت بس شوية. معلش، مش هتقدر تيجي الشغل.
ارتعب ياسين كأن الأرض مالت من تحته، وانفعل صوته باهتزاز:
– ليه! مالها! فيها إيه؟ طب اديني أكلمها.
قال محمود بنبرة ثابتة:
– معلش، الدكتور مديها مهدئ، ومش هتقدر. هبلّغها اتصالك لما تفوق.
أغلق ياسين المكالمة وشكره بلسان ثقيل، ثم جلس على مقعده والقلق ينهش قلبه نهشًا. أخذ يردد لنفسه في اضطراب:
"مهدئ؟ ودكتور؟ ليه! جرالها إيه!.. مالك يا مرام؟.. طب أروحلك.. بس هقول إيه وهي أصلا نايمة؟.. استغفر الله العظيم، إنت خلاص يا ياسين ماعادش هتشوف راحة.. مرام هتخلص عليك.. وعقلك هيقضي على الباقي منك!"
رفع رأسه في ضيق، كأن أنفاسه تتحشرج في صدره، وهتف داخله بحرقة:
"طب إيه مالها طيب!.. هي أمها أنا عارف بتحارب تجوزها.. هموت يا عالم.. أروح فين دلوقتي؟!.. حبيبي تعبان.. وواحشني.. وهموت وأشوفها.. يا رب، صبّرني."
مرّ الوقت ببطء حتى استيقظت مرام. كانت ملامحها باهتة، وعيناها نصف مغمضتين من التعب. دخل عليها محمود بهدوء، وقف للحظات عند الباب ينظر إليها بصمت طويل، كأنه يقرأ ما وراء وجهها المنهك. تعجبت مرام من سكوته، رفعت رأسها ببطء وقالت بصوت مبحوح:
– هو فيه إيه؟ إيه اللي حصل؟
اقترب محمود، وصوته فيه خليط من العتاب والقلق:
– مفيش يا بنت خالي. مسكتي في أمك ووقعتي من طولك على حاجة ما تستاهلش. وأمك محصورة بره لا على حامي ولا على بارد. وأنا مش مصدق إن الهوليلة دي كلها عشان كريم. فيه إيه يا مرام؟
تنهدت مرام تنهيدة ثقيلة، أرسلتها من أعماقها وقالت في استسلام:
– مفيش يا محمود. أعصابي تعبت من الضغط بس.
نظر إليها محمود بنظرة طويلة، ثم مال بجسده للأمام وقال بنبرة ممزوجة بالسخرية والشك:
– لا والله؟ من إمتى ما العرسان مرشقة كل يومين وإنتِ جبلة عادي وبترفضي؟ (مفقوسة أوي 😅😅) مخبية إيه يا مرام؟ أنا أخوكي وعارفك كويس. لو خبيتي عالدنيا مش هتعرفي تخبي عليّا.
رفعت مرام عينيها إليه، وفيها انكسار وغلبة، ثم هتفت بصوت مخنوق:
– هخبي إيه؟ اسكت يا محمود وسيبني بحالي.
ليتأكد محمود أن بها شيئاً؛ اقترب منها أكثر وقال بصوت حنون فيه رجفة خوف:
– أنا بس عايز أطمن… إنتِ فيكي إيه؟ إنتِ بخير يا مرام؟ حد إذاكي؟ طمنيني طيب.
رفعت مرام رأسها وأجابت بهدوء متكلف وهي تحاول أن تثبت تماسكها:
– أنا كويسة يا محمود، اطمن والله ما تقلقش.
ثم قامت، وتحاملت على نفسها، وذهبت إلى والدتها، قبلت يدها وجبهتها. نظرت إليها الأم بعينين دامعتين وهتفت بوجع:
– حقك عليّا يا حبيبتي، أنا السبب… بس نفسي أشوفك عروسة. ما تزعليش مني.
ابتسمت مرام رغم وجعها، وقالت بصوت فيه دفء وحزن:
– ما تبكيش يا أمي، أنا كويسة، ودا نصيب… وبكرا نصيبي يجيلي.
احتضنتها الأم بشوق، بينما كان محمود يراقبهما من بعيد، قلقه يزداد وهو يحسّ أن هناك شيئاً أثقل على صدر مرام أكثر مما تعترف به.
وفجأة، صدح هاتف مرام على الطاولة. التفتت نحوه بتعب؛ كان اسم ياسين يضيء الشاشة. كانت منهكة ولا تريد أن ترد، فتركت الهاتف يرنّ. ظل محمود يراقبها بعينين مستفهمتين، ثم قال:
– إيه؟ ما تردّي على الراجل، فيه إيه؟
هزّت مرام رأسها وقالت بصوت واهن:
– تعبانة يا محمود، مش قادرة أتكلم.
على الجانب الآخر، كان ياسين على شفا الهاوية. اتصل أكثر من مرة ولم ترد، وقلبه ينفلت من مكانه:
– هي ما بتردش ليه؟ عمرها ما عملتها… يكونش ابن الكلب ده هناك؟ يا قهرك يا ياسين! آه ماهو بقى النحنوح هيخش وأنت قاعد تاكل في جتّتك! طب إيه؟ أقوم أروح طيب، بس هقول إيه؟ مش مهم، أروح… ولو لقيت الواد ده هخلّص عليه. ماهو أنا ما ينفعش أفضل أهري كده… ما تردّي بقى يا مرام.
(ياااه الدخان طالع وشامين الشياط… دخانك بيطرّي على قلوبنا يا واد 😁😁).
أخيراً، فتحت مرام الخط عليه بعد مدة طويلة، ليهتف بصوته المتوتر المشتعل:
– مالك؟ فيكي إيه؟ ما بترديش ليه؟ حاسس بإيه… انطقي!
لتشعر مرام بوجعٍ عميق من لهفته عليها، فابتعدت قليلاً عن الهاتف علّها تلتقط أنفاسها وتشعر بالراحة في الكلام، ثم قالت بصوت مبحوح:
– معلش يا مستر ياسين… غصب عني، تعبت شوية.
جاء صوته قلقاً، متوتر الحروف، كأنها تتفتت في صدره:
– مالك يا مرام؟! من ساعة الغدا وأنا حاسس إن فيكي حاجة… وتقعي كده! فيكي إيه؟ أجيلِك طيب؟ مش قادر أسمع صوتك كده، صوتك صعب أوي والنبي. طمّنيني… بتاخدي مهدّئ ليه يا مرام؟ فيكي إيه؟ طب بالله عليكي أجيلك…
نزلت دمعة حارقة من عينها على حنيّته المفرطة، قلبها اهتزّ من صدقه، لكنها تعلم ما يدور في رأسه وما يشتعل داخله. تماسكت وقالت برفق:
– أنا كويسة… ما تشغلش بالك.
انتفض صوته بالوجع، كأنه يصفع نفسه:
– ما شغلش بالي؟! أمال مين اللي ينشغل بس؟! أنا حاسس إني قاعد عالنار… إنتِ مش حاسة صوتك عامل إزاي؟! طب طمّنيني… فيه إيه؟
أخذت نفساً ثقيلاً، كمن يجرّ صخرة من صدرها، وقالت محاولة التخفيف:
– مفيش… بس شوية مشاكل في البيت.
اندفع صوته على الهاتف فجأة، حاداً وقلقاً:
– بسبب العريس مش كده؟!
انصعقت مرام من جرأته، وتلبّكت قليلاً، لكنّه أكمل كمن يفتح جرحاً بيده:
– يا مرام… أنا قلتلك ماينفعكيش، والله ما ينفعلك! مامتك صح، وانتِ مش عايزاه، أنا متأكد إنك مش عايزاه. طب إيه؟! أجيلها وأكلمها؟! هي مستعجلة على إيه يا مرام؟ والله ما ينفعلك ده… إيه الغُلب ده؟
(ولما انتَ نحنوح كده قالب حلوف ليه؟ عبوشكلك نكّدت عليها 🙄🙄 )
ارتجف صوتها بغلب من كلامه وقالت:
– ليه يا مستر ياسين… ماينفعليش؟ العيب فيّ أنا؟ ولا فيه هو؟ إيه اللي ماهيخلهوش ينفع؟
هتف باندفاعٍ حار، كأنه يصرخ بما يخفيه:
– العيب فيه هو! إنتِ ماتتعيبِيش… إنتِ أي حد يتمناكي! إنتِ مالكيش زي… ولا حد يقدر يطولِك!
(🙄🙄 لا دول احنا مبرقين عادي 😅😅)
سالَت دموعها فجأة، ووجعها طغى على ملامحها، ولم تعرف ماذا تقول.
– آه يا ياسين… أي حد إلا انت… أنا مش عارفة إنت قادر تكمل كده إزاي! بتقول كلام وتعكسه… يا رب صبّرني…
وظلّت صامتة، متشبثة بصوتها حتى لا ينكسر.
قال لها:
– انت ساكته ليه؟ ما تسيبينيش آكل في نفسي… لو كنتِ عايزاني أجيلك ونتكلم، كنا اتكلمنا.
تنهدت قائلة:
– لا يا مستر ياسين… صدقني، أنا هبقى كويسة.
فقال بغُلب:
– طب… هتقفلي الموضوع، مش كده؟ قولي يا مرام وريّحي قلبي.
فهتفت بتساؤل:
– موضوع إيه اللي أقفله؟
فانفعل قائلًا:
– هو فيه غيره… موضوع الزفت العريس! العرسة كلته دا، واد شكله زي البرص… يا مرام، لا شكلك ولا ينفعلك عيل مش مريح من أساسه. طب سيبيني أسأل عليه… وأنا متأكد إنه هيطلع زفت.
– يا مرام… أنا راجل وبيفهم… الواد ده مش شكلك ولا إنتِ شكله، والله… بصي… سيبيهولي… هسأل عليه وأجيب قراره الطين… عيل ملزق وبارد.
.. (كل نفسك اواد والنبي ما هترتاح ولا هتهدي.. 😅😅) .
لتبتسم على كلامه من غلبها وقالت:
– لا والله، سألنا عليه وطلع مافيهوش غلطة…
(الرباعي والرعّاش دخل بقوة 😅😅)
قال لها بغضب:
– إنتِ بتغظيني صح؟ إنتِ عايزة تجلطيني وخلاص… أنا راجل وأعرف أكتر منك وأقدر أحكم كويس.
قالت:
– ربنا يعمل الخير يا مستر ياسين… ادعيلي.
هتف بتهوّر:
– ادعيلِك؟ ربنا ياخده يا ستي عشان ترتاحي ونرتاح كلنا!
(والله ما هترتاح، والوابور رشق فيكِ هيخلص عليك أحسن أحسن… طوبة على طوبة، خلي النار منصوبة 😁😁😏)
اعترضت قائلة:
– حرام عليك… ليه كده؟ ربنا يخليه لمامته.
قال بانفعال:
– إنتِ كمان خايفة عليه؟ طب يا مرام، كفاية… عشان بجيب جاز وجبت آخري، نقفل الزفت الموضوع ده!
قالت بقهر وحزن:
– هو معلش… إنت مضايق ليه؟ أنا حيالله حتة سكرتيرة… ما تشغلش بالك أوي. الحاجات دي ما تفكرش فيها… ما تستاهلش بجد. إنت خليك في الشغل، ده المهم.
فشعر فجأة بالوجع من نطقها للكلمة عن نفسها، ولم يتحمّلها… فاحرقته، رغم أنه هو نفسه قالها قبل ذاك، لكن حبه لها أحرقه. فهي له كروحه، ومن داخله لا يقبل أن تقلّل من نفسها.
هتف بعنفوان وعفوية:
– إنت إزاي تقولي كده؟ حتة سكرتيرة إيه؟! استحالة يتقال عليكي كده!
– إنت اتجننتي؟ سكرتيرة إيه؟ إنتِ ليا مش سكرتيرة، وماشغلش بالي حاجة بسيطة…
– إنت مش حاسة بنفسك يا مرام؟ إنت حاجة كبيرة عندي… إزاي تقولي كده؟
– قطع لسان اللي يقول كده… وإياكي أسمعك تقولي كده تاني!
(الواد ملبوس معلش هنعالجه 😜😜)
هو إنت الشركه بحالها يا مرام.. ويتحرق الشغل المهم.. انت كل حاجه في الشركه.. .. كان الكلام من قلبه بعنف و قوه.(.يشفيك ربنا😏)
لتنظر إلى التليفون باستغراب، وهمست لنفسها:
– هو عنده انفصام؟ هو فيه إيه؟ مش هو اللي قال… هو مجنون… ميفو ميفو…
لتتنهد وتقول:
– خلاص يا ياسين بيه… ما تشغلش بالك.
فشعر بشقّ في قلبه عندما نادته بالبيه… الكلمة أحرقته، وأحسّ أنها كلمة تُبعده عنها. فجن جنونه وصرخ فيها بلا سبب:
– بيه إيه وزفت إيه؟! من إمتى بتقوليلي ياسين بيه؟
فانصعقت من ردّ فعله، ونظرت للتليفون وهمست برعب، وقلبها يرجف:
– هو فيه إيه؟ هو اتبدل…
أما هو فكان لا يعرف ماذا أصابه، فلم يتحمل كلمتها وترن في أذنه بحقارة. فهتف بجمود:
– أنا مستر ياسين يا مرام، مش بيه بالنسبة لك، ولا عمري هبقى بيه… إنت فاهمة؟ ودلوقتي تصبحي على خير… هطمن عليكي بكره.
وأغلق الخط. فنظرت إلى التليفون بذهول، وتمتمت:
– مين ده؟ هو ممسوس؟ هو بيعمل كده ليه؟ مش هو اللي قال كده… قال إني حتة سكرتيرة وما نفعش… ماله اتجن كده؟ هو ملبوس؟ بيعمل فيا كده ليه؟ بيحبني وهيموت علي ويعمل كده ليه؟ يقول كلام يوجعني ويرجع، لما أقوله يقلب عفريت وعايز ياكلني… والله ما عدت فاهمة حاجة…
أما ياسين فكان يأكل نفسه من كلامها:
– أنا بيه؟ يا نهار أسود… أنا بقيت ليكي بيه يا مرام؟ يعني بتبعدي؟ ما أنا بقيت بيه… أنا مش بيه يا مرام… أنا ياسين… حبيبك اللي هيموت عليكي.
وكان صوته، رغم الغضب، يختلط بالألم، ويخفي وراءه خوفه من فقدانها، وخوفه من أنّ كل محاولاته لن تكفي لتثبيتها بجانبه.
لا… ما يحصلش وتقوليهالي تاني…
بيه يعني عمري ما هاجي في دماغها. يا قلبك يا ياسين… البِت بتبعد ومفكراك بيه…
أنا مش بيه يا قلبي… أنا اللي اتمنالك الرضا… ترضي؟
أنا اتجنيت ولا إيه؟ أنا ماعتش عارف نفسي…
البِت بتقول حتة سكرتيرة… الكلمة تقهر!
طب ما أنا قلتها… لا، ما تتقالش. وإنت مش حتة سكرتيرة… الكلمة مؤرفة ومش متحملها.
مش متحمل يا قلبي أسمعها منك… مش متحمل تبعديني وتفكريني بيه وإنتِ سكرتيرة…
لا يا مرام بالله عليكي ما تبصيلي كده… دا كده استحالة أجي في دماغك.
قلبي هيقف… آه، إنتِ بيه؟ والزفت التاني ينفع؟ أصله مش بيه…
يخرب بيتك يا ياسين ونهارك المطين…
البِت عاملاني بيه وهتروح تاخد الواد اللي عامل فيها مهندس، وهيشقوا حياتهم بقى ويكبروا… إنما أنا بيه كبير ماينفعش… يا قهرتك يا ياسين…
ليه يا مرام؟ دا إنت حياتي يا مرام… دا إنتِ قلبي اللي بينبض جوايا.
أنا مش بيه يا قلبي… دا أنا هموت على نظرة منك.
بيه إيه وزفت إيه… أنا يا مرام بيه؟ وحتة سكرتيرة؟
يا دي السواد اللي رشق في وشك يا ياسين… دا البت بعدت وخلت بينك وبينها جبال.
والله ما يحصل… دا البيه نازل على جدور رقبته… يا قلب ياسين.
طب أعمل إيه طيب دلوقتي؟
آه يا وجع قلبك يا ياسين…
.(ربنا يشفيك يابني.. تاااكس الخانكه يسطي 😁😁) . .(يلا ياض يا اهبل من هنا 😂😂)
لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا
بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل
متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا
الرواية كامله من هناااااااااا
مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا
مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا


تعليقات
إرسال تعليق