القائمة الرئيسية

الصفحات

translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية خطأي أنني أحببته الفصل الثانى عشر 12 بقلم ميفو السلطان حصريه في مدونة موسوعة القصص والروايات


رواية خطأي أنني أحببته الفصل الثانى عشر 12 بقلم ميفو السلطان حصريه في مدونة موسوعة القصص والروايات 






رواية خطأي أنني أحببته الفصل الثانى عشر 12 بقلم ميفو السلطان حصريه في مدونة موسوعة القصص والروايات 

#خطأي_انني_احببته

#حكايات_mevo

البارت الثانى عشر...مرت الأيام وياسين غارق في نعيم حبيبته، حتى أفقدته عقله من فرط العشق.. فمرام تفانت في عطائها، وأفرطت في حبها، فتلقاها ياسين بسعادة ألهبت فؤاده، واشتعل القلب عشقا لا يهدأ.

انتهى شهر العسل، لتستيقظ مرام في صباح تغمره الحلاوة والدفء، تداعبه بحبها المعتاد:


ــ ياسو يا قلبي، قوم بقه.. عندنا شغل، هنتأخر.


ليفوق ياسين على نغمة صوتها، فيسحبها بين ذراعيه، يحتضنها بشوق متلهف ويهمس:

ــ شششش... بس، بس... نامي، مش عايز أقوم.

تملصت من بين يديه وهي تضحك بنعومة:

ــ قوم بلاش دلع، هحضرك هدومك وبعدين البس.


جلس على السرير،يحك راسه بتذمر. يقطب جبينه بنصف جدّ ونصف غيرة محببة، قائلا:

ــ هتلبسي تروحي فين يا مزتي؟ حضريلي لبسي ماشي، إنما إنت هتلبسي ليه؟


لتجيبه مرام بدهشة خفيفة وابتسامة جانبية:

ــ إيه اللي هلبس ليه؟! مش هنروح الشغل؟


ابتسم ياسين بخبث دافئ، ينظر إليها بعينين نصف مغمضتين من الكسل والعشق، وكأنه يهمس في سره:"لو كان الشغل في الدنيا دي كلها، يقدر ينافسك في الجمال... كنت قمت من زمان.


ليقول ياسين وهو بيضحك بخفة فيها حسم:

ــ هروح الشغل... نروح.. دي خلصت خلاص.


قطبت جبينها بارتباك، ملامحها امتزج فيها العتاب بالدهشة:

ــ هتروح؟! وتسيبني ليه يا ياسو؟


قام نحوها، م ديده سحبها في حضنه كأنه بيحميها من الدنيا كلها، يقبّلها بحب صادق ويهمس قرب أذنها:

ــ عشان قلبي ماعتش فيه شغل، قلبي هيقعد كده... هانم قمر في البيت، ويسيبلي أنا أتصرف في الشغل


لتتراجع خطوه للخلف، تهتف بدهشة صافية:

ــ إيه ده! هو أنا مش هاشتغل؟


ابتسم ياسين بمكر رقيق، وهز سبابته كأنه بيهزر معاها بحنية:

ــ تؤ تؤ تؤ... قلبي خلاص، بيته وجوزه ويطلب كده، والحاجه تجيله لحد رجليه.


لتقول معترضة، بصوتها اللي اختلط فيه الغضب بالعشم:ــ لا يا ياسين  إيه اللي بتقوله ده؟ دا شغلي يا قلبي، إزاي تقول كده؟


هتف بنبرة فيها غيرة رجولية صريحة، وعشق بيحرق كلامه:

ــ مرام... خلاص! ماعتش شغل سكرتيرة تاني. سكرتيرة... لا.

ومن النهارده، أنا اللي هجيب حد تاني.


وكأن القرار مش أمر، لكنه غيرة من نوع نادر... غيرة فيها حب بيغلي، ووجع من فكرة إنها تشتغل لحد غيره.


لتنفعل مرام، ملامحها تبدلت فجأة، صوتها اتكسر بنبره غضب وهي تقول:

ــ إيه يا ياسين! مالها السكرتيرة بالضبط؟ ولا هو إحنا رجعنا لقديـمه؟

ودمعت عيناها بشدة، كأن الكلام وجعها أكتر من اللازم.


اقترب منها ياسين بخطوات سريعة، يشدها لحضنه بحب عنيف، فتقاومه بغضب وهي تقول بصوت مرتجف:

ــ أوعى كده! انت مش حاسس بكلامك!


فهمس قرب أذنها بنبرة كلها وجع وحنية:

ــ والله يا قلبي ماقصدش... إزاي تقولي كده؟ أخص عليكي أنا برضه!


لتقول بعناد حنون:

ــ أمال إيه؟ سكرتيرة لأ ومتأزم أوي كده ليه؟


تنهد ياسين، يلمس خدها بحنية ويقول بصوت داف مليان غيرة صافية:

ــ عشان مراتي ما تتبهدلش، ولما أرجع ألاقيها قمر كده، ولا إنت عايزة تزهقي مني في البيت والشغل؟

ده أنا مش هعرف أشتغل وأنا قدامي القمر ده...

يا حبيبتي، والله يا قلبي، أنا عايزك ترتاحي وتبطلي تتعبي نفسك... إنت بتتعبي يا مرام.


لتنظر إليه بعدم رضا، والعتاب مالي عينيها،فيشدها ياسين من جديد، يهمس بخوف محب:

ــ لا لا، والنبي ما تبصيلي كده... ماقدرش يا قلبي.


ثم يغرقها بقبلاته، كأنه بيعتذر من غير كلام، وهو يهمس بين نفس ونفس:

ــ والله ما هسيبك... وانت كده.


تنهدت من أفعاله كان يشاكسها.. همست مرام وهي تضحك في وسط دوامة حبه:

ــ بس بقه! انت ما بتصدق، تاخدني في دوكة وتضحك عليا... بس لأ، أنا مش هبلة! أوعى كده يا ياسو.


فابتسم، يضمها أكتر كأنه بيرد عليها بالعشق بدل الكلام... وكأن الدنيا وقتها خلاص وقفت عليهم هما بس.


ليقول ياسين وهو بيقرب منها بعناد دلع:

ــ أوعى كده... طب أوعى إنتِ بقه في اللي جاي.


قبل ما تلحق ترد، كان هو بالفعل شايلها بين إيديه، متجه بيها ناحية السرير، وملامحه كلها حب مجنون وعشق ملوش حدود.


لتصرخ مرام وهي بتحاول تبعده بخجل وضحكة مرتبكة:

ــ انت اتجننت؟ الشغل يا ياسين!


هتف باندفاع طفولي كله غيرة ووجع:

ــ يولع الشغل وصاحب الشغل والع كده !

كله إلا حبيبي هو أنا حبيبي زعلان واسيبه؟ لا والله... أبداً!واقترب منها أكتر، يغرقها بكلمات الحب اللي مالهاش آخر، يضحكها، ويدغدغها، لحد ما صوتها اختفى وسط الضحك، والهوى سبق الكلام.

"لم يمهلها، ابتلع حضورها كله في حضنٍ ضاع فيه الصمت والأنفاس.وتاها في دنيا الغرام. 


كانت بتحاول تعانده، بس كل مرة عينيه كانت بتكسبها، كل مرة حنيته كانت بتكسر دفاعها.

فهو حبها لدرجة إنها ما تقدرش ترفض له طلب، مهما كان.


وفي النهاية، رضخت له... مش خضوع، لكن حب.

وافقت تجلس في المنزل، تتفرغ له هو بس، كأنها بتختار راحة قلبها على أي شيء تاني في الدنيا.

مرت الأيام جميلة على العاشقين، ياسين ومرام، أيام كلها حب ودفء وضحك وسكون.

لكن في يوم، شعرت مرام بتعب شديد ودوران مفاجئ، فهبّ ياسين في لحظة، قلبه وقع من الخوف، واستدعى الطبيب على الفور.


وبعد دقائق مرت كدهر، زف لهم الطبيب البشرى السعيدة: مرام حامل.


غمرتها الفرحة، دموعها سبقت ضحكتها، أما ياسين فابتسم، لكن في عيونه ظلّ قلق خفيف... خوف خفي من شيء محدش يحسه غير اللي بيحب بصدق.اقتربت منه مرام، لمحت التردد في عينيه، وقالت بحنان:

ــ إيه يا قلبي؟ انت مش مبسوط؟


رد وهو بيحاول يخفي قلقه بابتسامة صغيرة:

ــ لا يا عمري، مبسوط... بس هو هيخدك مني، أنا عارف، وأنا ما بستحملش بعدك ثانية.


ضحكت مرام، تهز راسها بخفة وتقول بدلالها المعتاد:

ــ إيه يا قلبي؟ هتغير من ابنك؟


ليقول ياسين وهو بيقرب منها بعشق صادق:

ــ وأغير من نفسي عليكي كمان...انتِ العشق اللي ملكني يا قلبي، انت مش عارفة أنا بحبك قد إيه، ومابستحملش حتى تبصي جنبك.

دايما عايزك قدام عيني، معايا، حاسس بحنانك، بنفسك، بحبك اللي مالي الدنيا عليّا.


فضحكت مرام، تلمس خده بخفة وتقول:

ــ لا، انت كده بتدلع بقه...ماهو هيبقى حبي ليه برضه يا ياسو... 


هتف هو بتزمر طفولي، وهو عامل نفسه زعلان:طب وأنا في الحبة دول هيجرالي إيه؟ده أنا قلبي هيقف لو حتى انشغلتي عني دقيقة!


فاقتربت منه مرام بحب دافئ، تنظر لعينيه وتهمس:

ــ أنا بحبك أوي يا ياسين، وانت عارف كده...انت عمري وحياتي كلها، وابننا هيبقى حتة منك، يعني هيبقى برضه عمري كله.

انتو الاتنين... حياتي ودنيتي، ولا يوم هنشغل عنكو يا عمري.


ابتسم ياسين، ابتسامة فيها رضا وعشق وامتنان، يحتضنها بخفة كأنه بيطمن قلبه، فهو تعود على فرط عشقها، على دلالها، على إنّه بالنسبالها مش مجرد راجل...لكن دنيتها كلها.


مرت الأيام، وثقل الحمل على مرام يوما بعد يوم، حتى جاءت ساعة الميلاد، لحظة اختلط فيها الخوف بالفرح، والألم بالدعاء.

وفي النهاية، رزقهم الله ببنت رائعة الجمال، تشبه أمها لدرجة تخطف القلب، كأنها نسخة مصغرة من مرام، نفس الملامح، نفس البسمة، نفس الطيبة.


سعد ياسين بها سعادة لا توصف، حملها بين ذراعيه كأنه يحمل الدنيا كلها، وتعلق يها من أول لحظة...

صارت نور عينيه، وصار اسمها أول كلمة بيقولها لما يصحى، وآخر حاجة بيبصلها قبل ما ينام.


ومرت الأيام، وبدأت مرام تنشغل بالبنت شوية شوية...تسهر معاها، ترعاها، وتنسي نفسها في حبها.


وفي يوم، اقترب ياسين منها بهدوء، قبلها على جبينها، وقال بنغمة فيها حب وعتاب لطيف:

ــ مرمرتي... بكرة هجبلك واحدة تساعدك، انت بتتعبي أوي، وبعدين نسياني يا عمري.


لتلتفت له بسرعة، بعينيها اللي دايمًا فيها لمعة حنان وتقول:

ــ أنا أنساك؟! ده إنت حتة من قلبي يا ياسو... يا قلب مرام يا قمري أنا.


ابتسم، يلمس خدها بإيده ويميل عليها:

ــ طب عشان خاطري... أجبلك حد يساعدك، انت بتتعبي وأنا مش مرتاح.


فردت بابتسامة متعبة لكنها صافية:

ــ أنا ما اشتكتش يا قلبي، ومبسوطة كده... كل حاجة تمام.


فنظر إليها ياسين بغلب، نبرة صوته ناعمة لكنها موجوعة:

ــ طب يا عمري... بس إنت والله وحشاني، وماعتش بتلمي عليكي زي الأول.


وكأن الكلام خرج من قلب بيحاول يضحك على وجعه...

قلب بيحن لحبيبته اللي لسه جنبه، بس بقت مشغولة عنه بقطعة صغيرة منها، خطفت نص حبها، وسيبت النص التاني له.

لتقول مرام وهي تحاول تخفي قلقها بابتسامة باهتة:

ــ طب أعمل إيه؟ بنتك مش عارفة مالها، على طول تعبانة، وأنا قلبي واجعني عليها وخايفة يا ياسو.


اقترب منها ياسين، يمسك يدها بحنان، ويقول بهدوء فيه طمأنينة:

ــ طب خلاص، بكرة نروح للدكتور، ونعيد الكشف ونشوف مالها يا قلبي... 


تنهدت مرام، تقول بصوت مبحوح من التعب والقلق:

ــ ربنا يشفيها يا رب... قلبي واجعني عليها.فضمها ياسين بقوة، يقبّلها بشدة كأنه بيحاول يسرق وجعها من جوّاها، ويهتف بحب:

ــ بس بقه! انتِ ما بتصدقي تزعلي، عمري كله... هتبقوا زي الفل بإذن الله.


فتتنهد بحب، وتهمس بخفة:

ــ يا رب يا قلبي.


فهمس ياسين وهو بيقرب منها بابتسامة شقية:

ــ بس انتِ وحشاني... ما تيجي أقولك كلمتين؟


فتضحك بخفة وترد عليه وهي بتبعد شعرها عن وجهها:

ــ آه كلمتين بيقلبوا بموشح يا خويا! أوعى بقه، أما أروح أشوف البنت.

هتف ياسين بنبرة طفل مدلل فيه شوق واضح:

ــ يمين بالله ما إنتِ متحركة إلا لما أقول الكلمتين... تعالي بس! ده أنا وارم من قلة الكلام، هقول يعني هقول!


لتبتسم مرام بخجلها المعتاد، وتستسلم كعادتها، ويذهبان معًا إلى عالمهم الخاص...

ذلك العالم اللي مايعرفوش فيه غير الحب، والعِند الجميل، والجنون الحنون.


فـياسين، من شدة حبه، ما كانش يقدر يتحمل بعدها دقيقة... رغم عشقه لابنته، كان يتصرف كطفل صغير متعلق بأمه.

مرام كانت عالمه، حضنها مأواه، صوتها راحته، ولأنها أغرقته بعطاءٍ بلا حدود، ترسخ جواه إن دي هي الحياة اللي يعرفها.


فلو أدارت له جانبها لحظة... يتذمر كالطفل، كأنه فقد الأمان اللي اتعود عليه من أول نظرة حبها له.

 لتمر الأيام، حاملة بين طياتها أفراح الأمس وقلق اليوم...

حتى جاء ذاك اليوم الذي شق قلب مرام نصفين، حين اكتشفت أن طفلتها الصغيرة مصابة بثقب في القلب.

كانت الصدمة موجعة، كسرت شيئًا بداخلها وبداخل ياسين أيضًا.تحولت حياتهما من سعادة مفرطة وضحكات لا تنتهي، إلى صمت ثقيل يطبق على قلبيهما معًا.


مرت الشهور، وبدأ العدّ التنازلي ليوم العملية، ومرام لم تعد هي نفسها؛ التصقت بطفلتها ليل نهار، خوفًا عليها من نسمة هواء.كانت تراها كل حياتها، كل وجعها، وكل دعائها.


أما ياسين... فكان يبتعد رويدا رويدا، كمن يسير للخلف بلا وعي.افتقاده لمرام جعله متعطشًا لحنانها الذي كان يغمره، فبعد أن كانت تُغرقه بعطائها، قل هذا العطاء دون قصد منها، إذ أخذت منها الصغيرة كل قلبها وكل وقتها.


حاولت مرام أن تراضيه، أن تعوضه بابتسامة، بلمسة، لكن شيئًا ما بداخله كان ينقصه...

شيء لا يعرف كيف يصفه، لكنه يشعر به يحترق كلما رآها تبعد ذراعيها عنه لتضم طفلتهما.


وهنا تبدأ المأساة التي لا يتحدث عنها الكثيرون...بعض الرجال لا يقدرون ذلك، والأسوأ أنهم لا يشتكون.

يتركون الأيام تمضي، والحرمان يتراكم بداخلهم بصمت مميت، حتى تأتي لحظة ينفجر فيها كل شيء، والزوجة — للأسف — آخر من يعلم.هي تظن أنها توزّع اهتمامها بعدل بين زوجها وأطفالها، لكنها لا تعلم أنهم لا يرون الأمور هكذا...

فالرجل غالبًا يريد أن يبقى هو الأول، يريد كل الحب له وحده، دون أن يفهم أن الأم ليست كائنًا خارقا، لا تستطيع أن تكون في مكانين بنفس الحنان، بنفس القوة، بنفس النفس.


يجب على الإنسان أن يقدر شريكه، أن يفهم أن الحياة لا تسير على وتيرة واحدة...

فالأعباء، والظروف، والمسؤوليات تُجبرنا أحيانًا على الالتهاء، لكن ذلك لا يعني أن الحب نقص أو انطفأ.


والمصيبة الكبرى...

حين يتحول الزوجان من عاشقين إلى شريكي سكن، يجمعهما بيت واحد، وصمت واحد، وفراغ عاطفي قاتل فـ صمت المحب يقتل حبيبه قبل أن يقتل نفسه.

يبتعد الرجل ويشتكي لحاله، لكنه لا يملك الحق في ذلك، لأنه لم يتكلم، لم يبوح، لم يطلب، ولم يظهر ما يؤلمه.


فهل تظن أن الأنثى تعلم الغيب؟

هل تفهم ما يجول بداخلك دون أن تنطق؟


ليتكم تتكلمون...

ليتكم تبوحون قبل أن يسبقكم الفتور، قبل أن يتغلغل الصمت ويطفئ النور.

فالكلمة الطيبة تُعيد للحياة دفئها، وتجعلها تنساب برقة بين الزوجين كما كانت في البدايات...ببساطة، بكلمة حب واحدة كان يمكن أن ينجو كل هذا الحب من الضياع.

 

مرت الأيام، وأجرت الطفلة عمليتها أخيرًا، فتنفست مرام الصعداء وعادت البهجة إلى البيت، وعاد لياسين بعض من أنفاسه بعد شهورٍ من القلق والاختناق، كأنه استعاد قلبه المرهق بعد أن كاد يتيه. شعر أنه جنّ من فقدان عطاء حبيبته، فصمم أن يحضر لها سيدة تساعدها في أمور البيت لتتفرغ له من جديد.

وفعلًا، تفرغت مرام لياسين، لكنها لم تستطع أن تبتعد كثيرًا عن صغيرتها. فعندما يكون طفلك مريضا وكان على شفا الموت، يلتصق به قلبك لا إراديا، وكأنه أوشك أن يفقد نصفك الآخر.

 كانت الطفلة بالنسبة لها الحبيب الأول، حتى يطمئن قلبها إلى أن شفيت تمامًا.وهنا كانت المعضلة، فعطاء مرام المفرط لياسين في الماضي جعله أنانيًا بعض الشيء، لا يريد أن يُنتقص من اهتمامها ذرة. كان يتفنن في شدها إليه بكل وسيلة، يريد أن تعود كما كانت، متفرغة له وحده، متوهجة بالعشق فقط. لكنه نسي أن الحياة لا تقوم على فردين فقط، بل على التزامٍ، ومسؤوليةٍ، وتوزيعٍ للعطاء والاهتمام.


إلى أن جاء يوم لم يعد فيه ياسين قادرًا على كتمان ضيقه، فجلس أمامها بوجهٍ ممتقع وقال بنبرةٍ متذمرة:

ـ مرام... أظن كفاية كده، إنتِ ماعدتيش معايا خالص.

لتقترب منه بحب وتعانقه وهي تهمس بخفة:

ـ ماعِتش معاك إزاي؟ هو الشوية اللي بقعدهم مع تاليا مضايقينك كده؟


ليقول وهو يضمها أكثر وكأنّه يخشى أن تفلت منه:

ـ إنتِ بتوحشيني يا مرام، ماعِتش زي الأول... حبك وحشني، وجودك جنبي وحشني. أنا مش قادر أستحمل دقيقة بُعد عنك، عايزك دايمًا جنبي... في حضني.


فترد وهي تضحك بخفة لكنها تخفي تعبها:

ـ طب بالله عليك، أعملها إزاي دي؟ والبنت أوديها فين؟

فيجيبها بعناد طفولي ممزوج بشوق:

ـ ما هي معاها الدادة بتاعتها، وانتِ يا قلبي تبقي معايا... يا عمري، إنتِ كنتِ حاجة فوق الوصف.


قهقهت بخفة وتقول بمزاح:

ـ يا سلام! ودلوقتي بقيت وحشة؟ طب يا أخويا، أنا الوحشة، أوعى بقى لما أروح لبنتي اللي لا بتزعلني ولا بتقولي "إنتِ وحشة يا ماما".


ليمسكها بسرعة ويشدها إليه بخفة وهو يقول:

ـ هو إيه؟ إنتِ ما بتصدقي! بتتصلّبتي يا بنتي؟ لا يا عمري، أنا ما صدقت الغزالة رايقة... هي مش رايقة برضه؟


فترد بحب ودفء وهي تضحك بين ذراعيه:ـ والله دايمًا رايقة... بس إنت اللي عقلك بقى قد تاليا.


فابتسم بخبث ويقول وهو يبتعد قليلًا:

ـ آه ماشي... أنا عقلي صغير، تمام يا مرام، أما أروح أتخمد وأسيبك يا أمّ العقل الكبير!


لتحتضنه من الخلف برقة، وتهمس بصوت يختنق بالحنين:

ـ واهون عليك تنام زعلان؟ وقلبي يوجعني كده؟ شوف قلبي بيدق ازاي، وحبيبي مش حاسس بيا... كده يا ياسو؟ تنام وتسيبني؟


ليبتسم بخفة، وصوته يخرج دافئًا وهو يستدير نحوها:

ـ والله ما أقدر حتى ألف كده ولا كده... بقي تقوليلي كده وأفضل زعلان؟ استغفر الله العظيم.


لتضع ذراعيها حول رقبته وتهمس بخجلٍ عاشق:

ـ يعني مش زعلان؟فيرد وهو يغازلها بنظرة دافئة:

ـ لا، يعني زعلان سيكا كده... وعايز حبيبي يصالحني.


لتنظر إليه بعينين تفيض بالحب وتقول بصوتٍ خافتٍ يذوب عذوبة:

ـ عيني وقلبي كلهم ليك.


ثم تقترب أكثر، تطبع قبلة حانية على خده، وتضمه بقوة، وتضع رأسها على صدره، هامسة بنبض قلبها:

ـ أنا بحبك قوي يا عمري... يا دنيتي كلها، ولا يوم أقدر على زعلك

ليهتف بوله ممزوج بالعشق والحنان:

ـ إيه ده؟ هو كده بتصالحيني؟ يا غلبك يا ياسين!


ثم ضحك ضحكته المعهودة، ويحملها فجأة بين ذراعيه وهو يقول بمشاغبة:

ـ لا يا ماما، أنا زعلي وحش، وهتصالح بطريقتي أنا... هو أنا هرضى ببوسة كده وخلاص؟ ده ابن أختك يا شيخة!


لتضحك وهي تضربه بخفة على صدره:

ـ والله إنت مش طبيعي... بس بقى، بطل جنان.


وضعها على الفراش برفق، واقترب منها بعينين تشتعلان شوقًا وهمس:مانا هِبس أهوه... والجَنان هيولع قلبي حالًا. قلبي اللي بموت عليه، وربنا يا بنتي بموت عليكي! يخرب عقلك، إنتِ مفيش يوم إلا وتشعلليني أكتر... آه يا قلبك يا ياسين.


فتنفجر ضاحكة من كلامه، ليقول وهو يغازلها:

ـ نسكت بقى عشان أنا بحب أركز.


ثم يقترب منها ليذوبا في لحظة دفءٍ وشوقٍ صادق، كعاشقين جمعتهما نار الحب وطمأنينة الأمان.

هو يفتقدها، يفتقد زوجته المعطاءة التي لم تبخل يومًا بحنانها،

وهي تحاول جاهدة أن توازن بين حبها له وبين خوفها على طفلتهامرت أيامهم ما بين قربٍ وبعد، كحال كثيرٍ من الأزواج.

كانت مرام تحاول أن تكرّس نفسها لياسين بكل ما أوتيت من حب،

لكن لطفلتها حقّ عليها، وخوفها عليها جعلها تنتقص من عطاءها المفرط.

عطاءها ما زال كثيرًا، لكن ليس بجنون الأيام الأولى،

وياسين الذي اعتاد أن يغرق في فيض حبها شعر بالنقص،

اشتاق لتلك اللهفة القديمة، فصار يحتاجها أكثر مما قبل.

صلوا على الحبيب ❤️


وفي أحد الأيام، دخل عليه فادي ضاحكًا وقال:

ـ إيه يا عم، انت ماعدتش بتظهر خالص!


فيرد ياسين مبتسمًا:

ـ أشوفك فين يا راجل؟ ده كنا بنشوف بعض واحنا بنسهر.


فضحك فادي:

ـ أهو دي اللي اتلغت من القاموس بعد الجواز!


فابتسم ياسين ويميل برأسه قليلًا:

ـ نسهر؟ تصدق بالله، وحشني السهر


ليقول فادي وهو يضربه على كتفه ضاحكًا:

ـ سهر إيه يا واد؟ إنت عيل متجوز، اتلم بقى!


فرد ياسين بنبرة فيها حنين ودفء:

ـ لا يعني لما أروح مرة كده، عادي يعني... مش هتأثر.


فيقهقه فادي:

ـ بقلك إيه؟ اتلم بدل ما مرام تشعلقك في السقف وتعلّق تحته لافتة "هنا يرقد الراحل ياسين"!


فابتسم ياسين بهدوءٍ ممزوجٍ بالعشق ويقول:

ـ مرام دي قلبي، حتة مني، وماتخافش يا عم، مرام طيبة ومش هتضايق.

فهز فادي رأسه بسخرية محبّة ويقول ساخطًا:

ـ ياسين، بلاش عوجتك دي. أنا بسهر وبروق، لكن إنت؟ اتلم قبل ما تتورط!


لكن ياسين، بعناده الممزوج بالفضول، صمّم على الذهاب معه،رغم كل محاولات فادي لردعه.ظن أنها سهرات خفيفة، مجرّد فكة ضيق وتغيير جو،

لكن من يقترب من الغلط مرة، ويفتح له بابًا صغيرا،لن يلبث أن يجده يبتلعه شيئًا فشيئًا...

ليصبح هو والغلط وجهين لعملةٍ واحدة.


يا حزنك يا مرام... 💔

(وتنزل الأغنية في الخلفية 🎵 "وقالوا سعيدة في حياتي...")


✍️ قلم نيفو السلطان

صلوا على النبي 💖

 تكملة الرواية من هناااااااا 

لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل 

متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا

الرواية كامله من هناااااااااا

مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا

مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا






تعليقات

التنقل السريع
    close