القائمة الرئيسية

الصفحات

translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية ما ذنب الحب الجزء الثاني لرواية (ضحايا الماضي) الفصل الثالث عشر 13بقلم الكاتبة شهد الشورى



رواية ما ذنب الحب الجزء الثاني لرواية (ضحايا الماضي) الفصل الثالث عشر 13بقلم الكاتبة شهد الشورى






رواية ما ذنب الحب الجزء الثاني لرواية (ضحايا الماضي) الفصل الثالث عشر 13بقلم الكاتبة شهد الشورى



#الفصل_الثالث_عشر

#رواية_ما_ذنب_الحب

#الجزء_الثاني_لرواية_ضحايا_الماضي

#الكاتبة_شهد_الشورى

كانت صافي تجلس في غرفتها، موصدة الباب عليها، تحمد الله في سرها على انشغال الجميع بالكوارث التي تعصف بالعائلة هذه الأيام، وإلا كان أمرها قد افتُضح، وصلتها رسالة على هاتفها، فتحتها لتجدها من إياد، كتب فيها :

انزلي بسرعة أنا واقف جنب سور الفيلا


اضطربت وحكّت جلد عنقها باشمئزاز من ذاتها، لم تكن ترغب برؤية أحد، لا تريد رؤية إياد، بل لا تريد أن تعيش من الأساس، ولكن ما ذنب أهلها....؟!

أي ذنب اقترفوه ليتحسروا عليها.....؟!

 يجب أن ترى إياد، ويجب أن يصلا إلى حل

يجب أن ينتهي هذا الأمر، ويجب أن يتزوجها إياد

يجب، لئلا ينكسر ظهر أبيها وعائلتها، يجب، ليس لأجلها هي، بل لأجلهم.....


يا ليتها استمعت لنصيحتهم، يا ليتها ظلت تعيش على طريقتهم، بين جدران ذلك البيت، الآن فقط أيقنت أن أباها كان على حق، العالم خارج هذه الجدران غابة، ولا أمان لأحد فيه، كان محقًا في إغلاق الأبواب عليها وحمايتها بحرص زائد، ويا ليتها أدركت قيمة خوفه هذا منذ زمن.....

حريتها، ماذا فعلت بها، حريتها أفقَدتها أثمن ما تملكه أي فتاة.....شرفها !!


نزلت صافي وهي ترتدي ملابس رياضية، وخرجت بحذر لتجد سيارة إياد، ركبت بسرعة وطلبت منه أن ينطلق بالسيارة قبل أن يلمحهما أحد


بعد دقائق، أوقف السيارة على جانب الطريق، ظل الاثنان في صمت تام، ولم يكن يُسمع سوى صوت أنفاسهما، خاصة صوت أنفاس صافي التي كانت تشعر بالاشمئزاز من نفسها


تحدث إياد أخيرًا وسألها بحزن :

انتي كويسة؟


ابتسمت بسخرية، وكذلك فعل هو، بالطبع، الإجابة معروفة، كيف ستكون بخير بعد كل ما حدث؟

سألته صافي بصوت مختنق :

هنعمل إيه؟


رد عليها إياد بحيرة وكان رده في غير محله :

مش عارف


نظرت إليه صافي بحدة وسألته :

يعني إيه مش عارف؟


نظر إليها إياد وقال بعقلٍ مشوش :

يعني مش عارف، مش عارف أتصرف إزاي، مش عارف إيه الحل يا صافي


ردت عليه صافي بهجوم :

الحل هو الجواز


رد عليها بغضب مماثل :

وأبوكي هيوافق عليا؟ طلبت إيدك منه ورفضني، إزاي هخليه يوافق، إزاي أقوله تعالى جوز بنتك لواحد زبالة أنت رفضته في أسرع وقت، أبوكي لو قلبتله قرد عمره ما هيقبل بيا


سألته صافي بحدة وغضب :

وكلامك ليا بإنك هتتغير كان كدب ومجرد كلام؟


رد عليها بغضب مماثل، فهو يشعر بضغط شديد :

مش بتزفت أكدب، أنا فعلًا ناوي، بس هتغير في قد إيه، مدة طويلة لحد ما أقدر أقنعه، لكن إحنا دلوقتي بنتكلم في الكارثة دي، دلوقتي المطلوب إن إحنا نتجوز في أسرع وقت


صمتت صافي بألم، مسح إياد على وجهه محاولًا تهدئة نفسه، التفت إليها وقال بهدوء، وهو يُقدر ما تمر به :

صافي، بصيلي


لم تكترث له ودموعها انهمرت بألم، فتابع إياد بحب :

أنا معنديش أي نية إني أغدر بيكي ولا بهرب من الموقف اللي أنا وإنتي اتحطينا فيه، بس أنا كمان مصدوم ومش مستوعب اللي حصل ومقدر اللي إنتي فيه، بس إحنا لازم نهدى عشان نعرف نتصرف كويس من غير ما حد يحس بحاجة


نظرت إليه صافي وقالت بصوتٍ نابع من قلبها، لامس قلبه : أنا هثق فيك يا إياد، بلاش تخليني أندم على ثقتي دي، اوعدني عمرك ما تتخلى عني خصوصًا في الموقف اللي إحنا فيه ده


ابتسم لها إياد وقال بحب :

أوعدك


أومأت له صافي بصمت وهي تشعر بالذنب ينخر قلبها، فتابع إياد حديثه بجدية :

بعد الدنيا ما تهدى في بيتكم شوية، وكمان المشروع اللي أبويا وأبوكي داخلينه سوا يخلص، هقعد مع أبوكي وهقنعه، كل اللي طالبه منك أسبوع واحد بس يا صافي


أومأت له صافي بصمت، وشعرت بارتياح قليل بعد كل ما قاله لها، نظراته كانت تقول إنه لن يتخلى أبدًا، كانت تقول إنه سيصون الوعد، وهذا أراحها إلى حد ما، لكنه لم يُرِحها من الذنب الذي يملأ قلبها ويعذبها ليل نهار !!!!

..............

صدمة عارمة سادت المكان بعد طلب ليلى، لكن والدها، رغم مرارة الحزن التي اعترته، كان الفخر يغمر قلبه بابنته وهي تقف الآن شامخة أمام يوسف !!!


نعم فقد استدعوا يوسف للحضور دون أن يعلم السبب، وكذلك بدر وحياة، فُوجئ الجميع بوجود المأذون الذي، بمجرد أن وقعت عيناه على بدر، نظر إليهم وتحدث ببرود قارس، متجاهلاً ابنه تمامًا :

عين العقل يا ليلى


تجمد يوسف في مكانه، عاجزًا عن اتخاذ أي رد فعل، نظر إلى ليلى وقال بتلعثم والعرق يتصبب منه :

ليلى، أنا عارف إني غلطت بس......بس اديني فرصة


قاطعته ليلى قائلة بقوة وشموخ، وهي تقف أمامه كالجبل :

لأ


ثم حولت نظرها إلى المأذون وقالت بلهجة حاسمة :

الأوراق كلها جاهزة يا حضرة الشيخ


أومأ المأذون بصمت، بينما كانت نظرات أوس تفيض فخرًا بابنته، رغم حزنه على ابن أخيه، لكن فخره بابنته كان أكبر


ظل المأذون واقفًا بينهما والكل يشهد على هذا الموقف، ليلى تحدثت ونفذت، وها هو يوسف يقف نادمًا، عاجزًا عن رفع عينيه إليهم


شرع المأذون في إخراج الأوراق، وجلس الجميع، بعد خطبة مختصرة، قاطعتها ليلى قائلة بلهجة مستعجلة :

يا شيخنا الطلاق هيتم يعني هيتم، مفيش داعي للكلام ده كله


رد عليها الشيخ بأسف :

يا بنتي راجعي نفسك، ده أبغض الحلال عند الله الطلاق


كان يوسف في موقف لا يحسد عليه، يتمنى لو يهرب من هذا المكان، خاصة مع رد ليلى الذي حمل احتقارًا واضحًا :

اراجع نفسي لو ده واحد يستاهل ومنه فايدة يا شيخنا، إنما ده خسارة فيه، غلطة ولازم تتصلح، فيلا الله يخليك انهي كل الإجراءات بسرعة


أنهى المأذون كل شيء وطلب من يوسف إلقاء يمين الطلاق قبل التوقيع، لكن يوسف ظل صامتًا والكل يترقب، حتى وقف قائلاً بصرامة مفاجئة :

مش هطلق


بعدها، خرج مسرعًا إلى الخارج، متجاهلاً نداءات الجميع له، ابتسم بدر ابتسامة جانبية خفيفة، أما ليلى، فرغم حزنها وغضبها، شعرت بغير إرادتها أن جزءًا في داخلها قد فرح لرفضه الطلاق !!!!!!

.............

كان هشام جالسًا واضعًا ساقًا فوق الأخرى وهو ينظر باستخفاف إلى والده الذي كان يشاهد مقطع الفيديو المصور لإياد وصافي معًا !!!


شاهد فاروق لحظات منه ثم أغلقه ونظر لابنه قائلًا بحماس :

برافو عليك، انهاردة أو بكره بالكتير الفيديو ده يكون عند آدم العمري


هز هشام رأسه بالنفي ونظر لوالده بتهكم قائلاً:

مش بقولك يا بابا انك دايمًا مستعجل، أنا مش عارف دماغي الألماظ دي أنا جايبها منين بصراحة


صك فاروق على أسنانه وقال بغضب :

اتلم، وما تنساش إن أبوك اللي واقف قدامك، مش هفضل أقولك كده كتير


أشعل هشام سيجارة ونفث دخانها ببرود، وهو يقول بمكر :

الفيديو ده لو وصل لآدم العمري بدري عن ميعاد الاجتماع، هيقدر يتصرف وهيغطي على الموضوع، ويمكن يجوزهم عشان يداري ع الفضيحة، وأنت عارف إياد ابن عمي هيتجوزها ومش هيقول لأ، الفيديو ده لازم يوصل لآدم العمري قبل دخوله الاجتماع بساعة ع الأقل، عشان ما يبقاش قدامه حل غير إنه يرفض، ساعتها اللي هيكون متهم في الموضوع ده يا عمي جلال يا عمران، وعمران مستحيل يكون جوه الموضوع، لكن جلال هيكون له مصلحة لأنه إياد ابنه، وهو اللي زقه على صافي ده غير المواقف اللي جمعت صافي وإياد مع بعض، قدام اياد، حتى وجودها في الشركة دليل قوي ان فعلاً فيه بينهم حاجة !!


صرخ عليه فاروق بغضب :

ليه خليت الموضوع يتم برضا الاتنين، كان ممكن تخلي إياد اللي يتهجم عليها، وكان سهل يتسجن، أو آدم كان هيقتله من غير أي تفكير


رد عليه هشام بغل وهو يتذكر مواقفًا قديمة جمعته بصافي :

حساب قديم بيني وبين بنت آدم العمري


سأله فاروق بغضب :

بس إحنا كده ماخلصناش من إياد، إحنا عايزين نخلص منه هو وجلال في ضربة واحدة، مش عايزين يفضلوا قاعدين لنا حتى بعد ما الاجتماع يخلص والمشروع يرسي على عمران


رد عليه هشام بمكر وقال :

دي بقى هتبقى لعبتك أنت يا بوص


سأله فاروق بعدم فهم :

قصدك إيه؟


ابتسم هشام بمكر وبدأ يشرح له بالتفصيل ما سيحدث بالضبط وكيف سيتخلصون من جلال وإياد دون أن تلوث أيديهم.......!!!!!!!

...........

دَلَفَت هنا إلى غرفة ابنتها التي أصبحت منعزلة منذ فترة ليست بالقصيرة، وقد باتت لا تجيب على سؤال، ولا تتبادل حديثًا مع أحد !!


كانت قمر شاردة الذهن، يسكنها حزنٌ واضحٌ حير الجميع وجدتها كما هي، جالسةً تحدق في الفراغ بصمت مطبق جلست بجوارها وسألتها بحنان :

مالك يا حبيبتي؟ فيكي إيه؟ وقبل ما تكدبي وتقولي مفيش، أنا بقولك فيه، فيه وانتي مخبية حاجة كبيرة


صمتت قمر صمتًا ثقيلاً، فتابعت هنا بحزن :

إنتي بتحبيه أوي كده يا قمر؟


انهمرت دموع قمر رغماً عنها بصمت مرير، فتابعت هنا والأسى يعتصر قلبها :

صدقيني يا بنتي، ده مايستاهلش، ولا عمره حبك


ثم أردفت بتردد :

أبوكي نبه عليا ما أقولش ليكي ولا لأخوكي حاجة، عشان خاف تتأثر نفسيتكم، خاف ليشوف في عيونكم نظرة شك فيه، باختصار، الشاب ده واخدك كوبري، صدقيني يا بنتي، أبوكي لو شاف إنه شاريكي كان هو أول واحد سلمك ليه


نظرت إليها قمر ودموعها تنهمر بغزارة أكبر، فتابعت هنا بحزن وقد رأت أن لا حل إلا في كشف الحقيقة، مخالفةً وعدها لـ أدهم من أجل مصلحة ابنتها :

أبوكي كان خاطب قبلي بنت واحدة اسمها سمر كانت سبب في مشاكل كتير بيني وبين أبوكي، واتسجنت في جريمة، بس بعد ما خرجت من السجن، اتجوزت أسامة أبو نوح  وفجأة، بعد كام يوم من عيد ميلادك اللي غرقتي فيه ونوح أنقذك، الكل اتفاجئ بموت أسامة،  وكانت جريمة قتل، والقضية اتقيدت ضد مجهول، وفجأة، بعد كام سنة، لقينا نوح جاي يتخانق مع أبوكي ويتهمه بقتل أبوه من غير أي سبب ولا دليل، وبيتهمه تهم أول مرة يسمع عنها، لدرجة إنه حاول يقتل أبوكي وضرب عليه نار فعلاً، الحادثة اللي حصلت لأبوكي من كام سنة كان نوح سببها، وأخوكي عرف، واضطر أبوكي يحكي ليه، ماكناش نعرف إنه لف عليكي وخلاكي تحبيه، أبوكي فكره قصر الشر وفهم غلطه وبعد، لكن إنتي فاجأتينا بحبك ليه وطلبه للجواز منك، ده شاب مجنون طلعيه من قلبك يا بنتي وانسيه، ده ما يستاهلش والله


ابتسمت قمر ابتسامة ساخرة مريرة، ولم تجيب، فها هي والدتها تأتي لتقول وتحكي لكن بعد ماذا.....؟!

بعد أن وقعت في الخطأ، بعد أن انتقم وانتهى الأمر، بعد أن خسرت أغلى ما تملك، وبعد أن أوشكت على الافتضاح


أومأت لوالدتها وقالت بحزن :

أنا نسيته خلاص، وطلعته من قلبي، اكتشفت إنه فعلاً ما يستاهلش، كل الموضوع إن صاحبتي اللي قولتلكم عليها اتوفت يا ماما في حادثة وحشة أوي


شهقت هنا فزعاً وجذبت ابنتها إلى حضنها، ومهما قالت قمر، فإن قلبها لم يهدأ، تشعر بالقلق، وعدم الارتياح، ابنتها تتألم، ابنتها موجوعة، وتُخفي شيئاً كبيرًا.....ومؤلم !!!

............

وقفت قمر في غرفتها بعد قليل، تتطلع إلى الفراغ بشرود عميق، تسترجع في ذهنها مكالمة يونس التي حاول فيها إقناعها بالزواج منه، لكنها رفضت بشدة، إذ كانت ترى أنها لم تَعُد تصلح لأحد، حتى ليونس.....

يونس يستحق الأفضل منها، يستحق امرأةً يكون هو أول من يسكن قلبها، وأول من يلمسها

تذكرت إلحاحه الشديد ورفضها الأشد، أفاقت من شرودها على صوت هاتفها يُعلن وصول رسالة، كانت من يونس، يخبرها فيها أنه سيقابلها في مكان محدد، ويجب أن تأتي بخصوص أمر هام جداً يخص نوح !!


بدلت قمر ملابسها وتوجهت إليه، وصلت إلى المقهى الواقع على النيل، حيث كان ينتظرها، ما إن رآها حتى قام وسحب لها كرسياً لتجلس، بعد أن جلست، سألها برقة وحنان :

عاملة إيه دلوقتي؟


ردت عليه قمر بتعب ووَهَن، وقد بَدَا الألم والحزن على ملامح وجهها بوضوح :

بعد اللي حصل عمري ما هكون كويسة يا يونس


ثم تابعت بحزن، وهي تضغط على جبينها من شدة الصداع الذي يعصف برأسها :

قولتلي إنك عاوز تشوفني بخصوص موضوع نوح


تنهد يونس وقال بجدية :

بصي يا قمر، اسمعيني للآخر من غير ما تقاطعيني، نوح هيرجع بعد شهر، والشهر قرب يخلص، نوح ناوي لما يرجع يفضحك عند أبوكي وأخوكي، في كل الأحوال، الموضوع لازم يخلص، سواء نوح هيفضحك أو لأ، الموضوع لازم ينتهي يا قمر، وإنتي عارفة ليه، فيه مشاكل كتيرة هتحصل إحنا في غنى عنها، والمشاكل دي حلها الوحيد إنك تتجوزي


ثم تابع بغضب :

ابن ال......ضحك عليكي، الورق اللي إنتي مضيتي عليه ده كان أي كلام، لا ورق جواز عند مأذون ولا محامي ولا أي حاجة، ده ورق أي حد ممكن يكتبه عادي، ورسم عليكي الرسمة دي كلها، يعني إنتي في نظر القانون، في نظر أي حد، إنتي مش مراته، والجوازة دي باطلة من كل النواحي


ردت عليه قمر بحدة :

مش هوافق يا يونس، أنا عمري ما هرضى ليك بالأذى، إنت وقفت جنبي وساعدتني كتير أوي في الموضوع ده، وأنا مش هدبسك أكتر من كده تاني، أنا غلطت ومستعدة أتحمل غلطي، بس مش مستعدة أشيل ذنبك لما أخليك تتجوز واحدة زيي


رد عليها يونس بصرامة :

أول حاجة، تشيلي ذنبي لو أنا مغصوب ع اللي بعمله، لكن أنا اللي بعرض عليكي وأنا عارف كل حاجة وعارف ظروفك كويس اوي، غير كده، إنتي غلطتي يا قمر وده غلط كبير أوي، لكن في نفس الوقت إنتي ضحية، وذنبك الوحيد إنك وثقتي في شخص ما يستاهلش الثقة دي


ردت عليها قمر بألم وحزن :

إنت ما تستاهلش كده، أنا خلاص ما بقيتش أنفع لحد


رد عليها يونس بضيق :

قمر، فوقي من اللي إنتي فيه ده بقى، نوح عايش حياته ولا إنتي على باله، فوقي لنفسك وارجعي لحياتك، صلحي نفسك بنفسك، قعدتك وإنتي حاطة إيدك على خدك وتبكي ده مش حل ولا عيشة، جوازي منك هيحل الأزمة الكبيرة اللي إنتي فيها مدة صغيرة، وبعدها حياتك هترجع زي ما كانت


سألته قمر بحزن :

انت بتعمل معايا كده ليه يا يونس، انت مش مجبر على كل ده، مش مجبر تحل ليا غلطاتي


نظر إليها بصمتٍ يحمل ألفَ حكاية، وصدره يضج بنداءٍ واحدٍ لا يُسمَع أحبك، يحبها بكل ما فيه، بكل ما بقي منه،

بحبٍ لو علمت به، ما اختارت غيره،

ولو شعرت بعمقه، لذاب قلبها بين يديه

لكنه كعادته، كتم العاصفة خلف ملامحٍ ساكنة،

واكتفى بحديثٍ هادئٍ بينما قلبه ينهار بصمتٍ لا يُرى :

عشان إحنا عيلة يا قمر، أهلنا ربونا إننا نكون إيد واحدة، لو حد فينا وقع مش بس إيد واحدة تلحقه، لا إيدينا كلنا، يمكن القرابة بيني وبينك بعيدة، بس إحنا اتربينا سوا وكبرنا سوا، وواجبي ناحيتك إني أحميكي


مد يده ليمسك يدها، فشدتها قمر بسرعة وارتباك وخوف، تفهم يونس وقال بهدوءٍ ظاهري :

وافقي يا قمر، كام شهر لحد ما الكارثة دي تعدي، أهلنا دلوقتي فيهم اللي مكفيهم زي ما إنتي شايفة، موضوع يوسف وليلى والقضية اللي عاشوه اخر فترة كان صعب، خطط نوح كلها هتتدمر لو شافك اتجوزتي قبل ما يفضحك، والدك، ووالدتك ما يستاهلوش انهم يعيشوا الشعور ده


تحدثت قمر أخيراً، وهي ترى فعلاً أن هذا هو الحل الأمثل،

لكن قلبها لا يطاوعها أن تجعله يتزوج بواحدة مثلها :

موافقة.....بس ليا طلب يا يونس


حرك رأسه بنعم، فتابعت قمر بخوف :

انت قولت جواز كام شهر، يعني مش هتقرب ليا خالص بأي طريقة كانت، إخوات وبس يا يونس


أومأ يونس بصمت، يخفي خلف نظراته وجعًا لا يُحتمل،

ووعدها أن يفعل ما طلبت

أن يكون كما تريد، لا كما يريد قلبه

طلب منها أن تبتسم، أن تُظهر سعادتها أمام الجميع،

أن تتقن دور العاشقة التي نالت ما تريد،

وألا تدع الحزن يفضح الأمر

كان عليهما أن يُقنِعا العالم بأن زواجهما خُلق من الحب،

بينما الحقيقة لم تكن سوى جرحٍ يلبس وجه السعادة !!!

..........

بداخل فيلا بدر الجارحي، وتحديدًا في غرفة نوم بدر وحياة، كان القلق يسيطر على الأجواء، أنهيا للتو مكالمة هاتفية مع شريف، ابن ريان شقيق حياة، والذي قال لهم بجدية :

زي ما طلبتوا مني، التسجيلات اللي اتسلمت كلها اتحذف منها اعترافات ريما إن يوسف ليه علاقة بالشغل الشمال ده كله، ريما هيعرضوها بكره على دكتور نفسي عشان يكشفوا على قواها العقلية، وعلى حسب التقرير اللي هيطلع، هيتحكم عليها !!


نظرت حياة إلى بدر وقالت بجدية، والقلق ظاهرًا بوضوح في نبرتها :

يوسف لازم يكون شاهد ملك في القضية دي يا بدر، يوسف لازم يعترف على كل واحد فيهم، والحراس لازم تزيد على كل بيوت العيلة


أومأ بدر برأسه مؤكدًا، لكن بصرامة تحمل تصميمًا على حماية عائلته :

هتكلم مع آدم والكل انهاردة عشان ياخدوا كل احتياطاتهم، حتى يوسف هخلي وراه حراسة من غير ما يحس، ماجد قالي كل التفاصيل اللي ممكن تفيدنا، ولازم هقعد مع يوسف عشان نظبط أمورنا سوا


تنهدت حياة، وكانت آثار الكلمات الخطيرة التي سمعوها من ماجد واضحة عليها وعلى بدر، نظرت إليه بتردد وكأنها تحاول إقناع نفسها بقدر إقناعه:

يوسف لازم يفضل تحت عنينا، خليه يرجع يقعد معانا، مهما عمل هيفضل ابننا، نزعل منه بس عمرنا ما نتخلى عنه يا بدر


رد عليها بدر بحزن عميق، وملامحه تعكس الصراع الداخلي الذي يعيشه :

وانتي شايفاني اتخليت عنه يا حياة، شايفاني سيبته، أنا من ساعة ما رجع وأنا حاطه تحت عيني، ماجد لما جالنا وقالنا موقفه مع التجار الزفت دول، وحقيقة ريما اللي مشيتها مع ليلى خطوة بخطوة، كل حاجة حصلت تحت عيني، وعمري ما كنت هخلي ابني يتأذى يا حياة


ثم واصل بدر قائلاً بمرارة :

انا كمان فكرت نرجعه هنا، بس قلبي مش قادر يسامح يا حياة، قلبي مش قادر يغفرله اللي عمله، غصب عني مش قادر أنسى خروجه من البيت ده وكلامه ليا وليكي.....مش هقدر


ردت عليه حياة، متفهمة ألمه :

أنا كمان زيك يا بدر، بس مفيش في إيدينا حاجة، لازم نفوق لنفسنا بقى، لازم نلم عيلتنا من تاني، لازم نرجع ولادنا زي ما كانوا وأحسن، لازم يا بدر يوسف يرجع هنا تحت عيونا لحد ما نشوف هنعمل إيه


ثم تابعت بنبرة أكثر حزنًا ورجاء :

هخلي إخواته يكلموه ويقولوا له يرجع


أومأ لها بدر برأسه بألم كبير استقر في قلبه، اقترب منها واحتضنها، مستمدًا منها القوة......

حياة هي الحياة بالنسبة له، وفي هذا الحضن يجدان معًا العزيمة لمواجهة ما هو آتٍ

...............

في اليوم التالي.....

عاد يوسف إلى الفيلا بعد مكالمة من عشق، وافق على العودة عندما أدرك أن ذلك كان أمرًا من والديه، خشي أن يثير غضبهما من جديد وهو لا يريد ذلك بل يريد أن يهدئ من روعهم تجاهه، وأن يُصلح ما أفسد، وأن تعود الأمور كما كانت، إنه يود أن يسامحوه، وبداخله يَعرف أن هذا صعب، فالذي فعله يستحيل أن يُنسى بسهولة، لكنه سيحاول مرة واثنتين وعشرة......ومليون !!


أما ليلى، فذنبها سيظل يحمله حتى آخر يوم في عمره،

وصل إلى البيت، ولكن لم يكن هناك من يستقبله، صحيح أنهم طلبوا منه العودة، لكن لم يُبدي أحد اهتمامًا برجوعه أو وجوده، بل فضل كل فرد أن يلزم غرفته، واكتفوا بإصدار أمر للخدم بتجهيز غرفته


ما إن ولج الغرفة، حتى شعر بحنين جارف لكل ركن فيها، حنين لكل الذكريات، حنين لكل لحظة عاشها في هذا البيت وتمنى أن يعيشها ثانية، كان الندم ينهش قلبه، لم يعد لديه وقت كثير، ولا يدري إن كان سيلحق بفرصة ليجعل أهله يسامحونه أم لا، يتساءل يا تُرى، هل سيموت أم سيعيش؟

لم يتبقى له الكثير، وعليه أن يسافر قريبًا ليُقرر مصيره !!


في الأسفل، كانت غنوة تهتم بالحديقة مع البستاني الذي يُدعى عم شوقي، وهو رجل تجاوز الخمسين، كانت تزرع معه ورودًا جديدة وهي تشعر بسعادة غامرة، لقد أحبت الزرع دائمًا، وكانت تزرع في شرفة بيت أبيها، لكن زوجة أبيها كانت تقتل نباتاتها دائمًا لتخرب عليها متعتها !!!


ابتسمت بسعادة بعدما انتهت من زراعة أول نبتة، وكانت يداها ملوثتين بالتراب، ابتسم عليها الرجل من بعيد وهو يراها متحمسة لعملها، بعد أن أخذت إذنًا من حياة لتهتم بالحديقة في وقت فراغها


نزل مروان من غرفته، ولما رأى غنوة، ظل يتأملها.....

يتأمل حماسها، وعندما رأى ضحكتها، شعر أن قلبه قد اُختطف حرفيًا، ساقاه أخذتاه إليها، اقترب منها ووقف وراءها، وقبل أن تنتبه وتستوعب وجوده، كانت على وشك أن تسقط، فأمسكها بسرعة من خصرها، فاضطرت للاستناد بيديها الملوّثتين بالطين عليه، فلوثت ملابسه !!!


شهقت غنوة وقالت بخوف :

أنا آسفة والله ما قصدتش......


كانت لا تزال تحاول أن تُبرر، لكن مروان شعر برغبة في مشاكسة رقيقة، فمد إصبعه وغمسه في الطين، ثم على غفلة، وضعه على أنفها، ولوثه، قائلاً بضحكة مرحة :

كده خالصين


ابتسمت غنوة برقة وهي تتحسس مكان لمسته، فتابع مروان بمرح :

بتعملي إيه، عم شوقي هو اللي بيهتم بالجنينة، بتتعبي نفسك ليه بقى


ردت عليه غنوة بحماس وهي تتابع عملها من جديد :

أنا بحب الزرع أوي، كنت بزرع كتير في بلكونة بيتنا وفي الحوش بتاع البيت، بس مرات أبويا وبناتها كانوا بيموتوه عشان يضايقوني، فكنت لما أزرع حاجة، أوديها على بيت خالتي وحبيبة تهتم بيه في غيابي


رفعت رأسها وقالت بحماس وتلقائية :

أنا كنت ساعات بزرع وأبيع من ورا مرات أبويا، أصلها كانت دايمًا تسرق فلوسي، وأنا كنت بجمع أي مبلغ عشان عاوزة أدرس، لكنها كانت بتعرف وتاخدهم هي أو بناتها


ثم تابعت بحنين وهي تمسح العرق عن جبينها بظهر يدها، وقد ربطت شعرها بطرحة حتى لا يتلوث من الطين :

ماما الله يرحمها كانت بتحب الزرع أوي، وأنا طالعة ليها


نزل مروان إلى مستواها بعدما طوى أكمام قميصه الأبيض شهقت غنوة وقالت له بتفاجيء :

حضرتك بتعمل إيه، هدومك هتتوسخ كده


رد عليها مروان بابتسامة جميلة وجذابة اربكتها :

فداكي


وفي غفلة، انحلت عقدة الحجاب التي كانت تشد شعرها، فانسدل شعرها البني اللامع بنعومة فائقة، وانتشر على ظهرها، حاولت أن تجمعه ثانيةً، لكن يداها كانت ملوثة بالوحل، اقترب منها مروان وهو مغيب عن وعيه بسحر اللحظة، وقال بهدوء :

تسمحيلي؟


قبل أن ترد، كان قد اقترب ولمس شعرها الذي ينساب من بين يديه من نعومته وطوله، وربطه لها بإحكام، ارتبكت غنوة وابتعدت بسرعة، قائلة بتوتر :

أنا.....أنا هشوف شغلي في المطبخ.....سسسلام

:

عقب ذلك، هرعت غنوة إلى الداخل بالفعل، بينما ظل مروان يتابعها بنظرات شاردة، يملؤها الإعجاب، وبعد أن غابت عن ناظريه، أمعن النظر في يده التي لامست خصلات شعرها، بشرودٍ عميق


كل هذا كان تحت نظرات يوسف الذي كان يقف في شرفة غرفته، لقد رآهما من البداية، وابتسم بزاوية شفتيه على شقيقه الذي نظراته كلها إعجاب بتلك الفتاة، يبدو ان شقيقه على وشك الوقوع في الحب !!


على الجانب الآخر، كان بدر يقف من بعيد وشاهد ابنه مروان، وما إن رآه حتى نظر إليه وقال بسخرية ممزوجة بمكر :

مش بقولك حنين زي أبوك


ابتسم يوسف من الأعلى، واشتاق إلى الأيام التي جمعتهم معًا وذكرياتهم، رفع بدر رأسه فجأة، والتقت عيناه بعيني ابنه الواقف ينظر إليهما بحنين، كانت نظرات بدر لابنه مليئة بالعتاب والغضب الذي لا يهدأ......

ابنه كسره وجرحه جرحًا كبيرًا ليس سهل الشفاء، على قدر غضبه، على قدر ما كان يتمنى أن يأخذه في حضنه، لكنه لا يستطع، ما حدث أقام جدارًا بينه وبين ابنه، يستحيل أن ينهار بهذه السهولة !!


صعد مروان إلى غرفته بصمت، وما إن دخل حتى خلع قميصه بشرود، ناظرًا إلى المكان الذي لوثته يد غنوة بالطين


دخل يوسف الغرفة دون أن يطرق الباب، فتمتم مروان ببرود ساخر :

قولت مية مرة خبط قبل ما تدخل، مهما غيبت، هتفضل قلة الذوق دي فيك يا يوسف


ابتسم يوسف بخفوت، وقال بمشاكسة وهو يرى مروان ينظر إلى القميص بنظرات هو يعرفها جيدًا :

القميص دلوقتي بقى حلو أكتر، أكيد


لم يفهم مروان قصده، ولم يهتم ولم يرد عليه، بل أظهر البرود وهو يخرج ملابس أخرى لنفسه من الخزانة، جلس يوسف على طرف الفراش وسأله بحزن :

ما قولتليش ليه إن أروى حاولت معاك؟


رد عليه مروان بسخرية مريرة من دون أن ينظر إليه :

لو كنت قولت، كنت هتصدقني يعني، إذا كنت ما صدقتش أبوك وأمك، هتصدقني أنا....؟!


صمت يوسف بحزن وقال بندم وغُصة مريرة في حلقه :

عندك حق


ثم تابع بابتسامة صغيرة لا روح فيها :

على العموم، شكرًا


سأله مروان ببرود :

شكرًا على إيه؟


رد عليه يوسف بامتنان :

على وقفتك معايا لما طلبت منك تساعدني، عشان ندخل بيت وليد من غير ما حد يحس، وبيت ريما كمان


رد عليه مروان ببرود مفتعل :

عملت كده عشان خاطر أبوك وأمك وليلى


تنهد يوسف بحزن، وخرج من الغرفة بندم كبير ينهش قلبه، فكر أن يدخل غرفة والدته، لكنه لم يكن يملك الشجاعة ليدخل إليها ويراها !!


ألقى يوسف نظرة متلهفة على باقي الغرف، وتمنى لو أنه يستطيع أن يلجها ليشاركهم أوقاتهم ويجلس معهم.....

لقد تمنى لو تعود عجلة الزمن إلى الوراء كي لا يعيد ارتكاب حماقاته وغبائه بالماضي


لم يتبقى له سوى أيام معدودة، ويتمنى بشدة أن يقضيها بين أحضان عائلته، لقد ظلت نفسه تواقة للرجوع بالزمن لإصلاح الكثير من الأخطاء الجسيمة، ولكنه أدرك بمرارة أن الزمن لا يعود أبدًا  !!!

.............

بداخل فيلا ادم العمري....

داخل غرفة المكتب، جلست ليلى تروي لوالدها وأعمامها تفاصيل ما جرى، وكيف تمكن يوسف من كشف حقيقة ريما نظرت ليلى إلى أبيها وتحدثت بهدوء ظاهر يخفي وراءه عاصفة من المشاعر :

لما رجعت الفيلا وشوفت يوسف مع ريما في السرير سوا، اتخانقت معاها ومعاه، بس بعد ما مشيت أنا، شغلت التسجيلات اللي كنت مركباها في كل مكان في الفيلا عند يوسف، سمعتها وهي بتتكلم وبتقول إنها خدرته، وعملت كذا حاجة وهو كان نايم بسبب المنوم اللي هي حطته ليه


تابعت ليلى وهي تروي باقي ما حدث :

ساعتها لقيت يوسف دخل عليا، وفي إيده علبة دوا منوم لقاها في اوضته، ولما سمع التسجيلات، ابتدى يشك فيها، سألني عن كل اللي حصل وحكيت ليه اللي حصل يومها، وكل اللي أعرفه، وكل ألاعيب أروى، ساعتها هو راح لعمي بدر عشان يتأكد منه، بس هو ومروان اتخانقوا......

فضل يوسف يدور ورا ريما الأيام دي وشبه اقتنع بكلامي، وعمي إلياس بطلب من عمي بدر فضل يدور ورا ريما وكل اللي شغالة معاهم لحد ما عرف إن في أشخاص مشتركين بين ريما ويوسف والشغل الشمال ده، ساعتها شبه جمعنا الخيوط كلها، وقبل ما ناخد أي ردة فعل، كانت ريما سبقتنا وقتلت وليد ولبست ليا التهمة


صمتت ليلى، ثم تابعت بصوت أكثر حدة :

ساعتها أنا حكيت ليوسف اللي حصل لما دخلنا المكتب لما اتقبض عليا، واتفقنا هنعمل اي، دورنا في بيت وليد، دورنا كتير ولقينا فلاشة بالصدفة فيها فيديو قتل أروى وريما وهي بتقتل وليد، كل الكاميرات دي كانت مخفية بطريقة ذكية من وليد، لقاها مروان ويوسف وهما بيدوروا، ده غير إن فيه شاهد من العمارة اللي قصاد عمارة وليد، كانت ريما ظاهرة فيه بوضوح......

الأدلة كلها أنتوا كنتوا عارفينها، وكانت كل حاجة تحت عينيكم طبعًا، كان ممكن القضية تتقفل بشهادة صاحب العمارة اللي قصاد عمارة وليد، بس أنا كنت عاوزة يوسف يدور ويعمل كل حاجة بنفسه، كنت عاوزة يتأكد بالدليل إن ريما وأروى شياطين


صمتت ليلى للحظات، ثم تابعت بغل وغضب لم تستطع إخفاءه :

كنت عاوزاه يتأكد من كل تفصيلة هما عملوها عشان يندم أكتر، عشان يحس بالذنب ويعيش بالإحساس ده، عشان يعيش موجوع ومتألم زي ما أنا عيشت الوجع ده كله، طول السنتين اللي فاتوا


استمرت ليلى في سرد الأحداث بالتفصيل، وكان والدها أوس يستمع إليها بألم وفخر في الوقت نفسه، جزء كبير بداخله كان سعيدًا لأن كرامة ابنته استُردت وحقها قد عاد، وفي الوقت ذاته صمم أوس في داخله على أن يُطلقها من يوسف فابنته لا تستحق شخصًا مثله، بل تستحق الأفضل

............

بشركة أدهم الجارحي.....

قال إلياس لـ أدهم بجدية بعد حديث قليل مليء بالود :

أنا بطلب إيد بنتك قمر لابني يونس يا أدهم


كانت نظرات أدهم مبهمة وغامضة، لكنها حملت نوعًا من عدم الارتياح لما يدور حوله، تحدث أدهم مع إلياس بكل صراحة :

شوف يا إلياس، أنا ما عنديش أي اعتراض على ابنك، بالعكس، أنا عمري ما القى حد أحسن من يونس استأمنه على بنتي، لكن اللي بيحصل بالنسبة ليا مش مريح، طبعًا أنت عارف قصة نوح وحبها ليه، ولو حصل ورفضت مش عاوز يحصل زعل بينا


تنهد إلياس ورد عليه بجدية لتبديد أي قلق :

ربنا ما يجيب زعل يا أدهم، أنا طبعًا عارف نوح وعارف القصة كلها واللي بيحصل، بس حب بنتك لنوح والكلام ده كان من كام سنة، وربك مقلب القلوب، يمكن بنتك بطلت تحبه، على العموم، اسأل بنتك واللي هي هتقوله هيحصل، طالما أنت ما عندكش أي اعتراض على يونس


تنفس أدهم بعمق وسأل باستفهام :

إشمعنى بنتي اللي اختارها ابنك يا إلياس؟


رد عليه إلياس بصراحة :

يونس بيحبها من زمان يا أدهم، بصراحة، هو لو لف الدنيا كلها مش هيلاقي زي قمر زوجة ليه، ولا أنا عمري هلاقي لابني زوجة زي بنتك، صدقني بتمنى من قلبي إنها توافق، وأيًا كان قرارها وقرارك، عمر ده ما هيجيب زعل بينا، زي ما أنت عارف، كل شيء قسمة ونصيب


هز أدهم رأسه موافقًا، و بداخله، يتمنى حقًا أن توافق ابنته على يونس لتنسى نوح، إذا كانت لا تزال تفكر فيه


كان يرى في نوح لعنة حلت على ابنته، فلم يكن ليأتمنه عليها أبدًا، أما يونس، فكان يُؤمنه عليها، فالكل يُقسم بحُسن خُلُقه وأدبه، ورغم كل هذه الطمأنينة النسبية، ظل أدهم قلقًا على ابنته التي حيرت الجميع بتصرفاتها، ولم يجد سبيلًا مناسبًا لكيفية التعامل مع هذا الوضع المعقد !!!


غادر إلياس وأخبر ابنه أنه تحدث مع أدهم وينتظر الرد منه وبالفعل، تفاجأ أدهم بموافقة ابنته السريعة على يونس، فصرخ عليها غاضبًا بسبب الحيرة التي تعيشها وعيشتهم فيها، وقد نفد صبره :

أنتي مالك فيكي إيه بالظبط؟! شوية عايزة نوح، ودلوقتي بتوافقي على يونس، أنتي عاوزة إيه ولا حابة إيه، أنا كنت جاي ليكي، وأنا فاكر إنك هترفضي يونس رغم إنه ما يترفضش وأي بنت تتمناه، حصل إيه بالظبط، أنتي مخبية إيه عليا يا قمر


ردت قمر على أبيها بهدوء، كما طلب منها يونس بالضبط، وهي تحاول أن تتملك نفسها فقد كانت تشعر بأنها ستبكي في أية لحظة من شدة الضغط الذي تعيشه الفترة الأخيرة ومن حزنها وألمها، كل هذا كان تحت نظرات سليم أخيها وهنا أمها، اللذين كانا محتارين فيها هما أيضًا :

نوح أنا طلعته من تفكيري خلاص يا بابا، ماما حكتلي كل اللي هو عمله في حضرتك، وحكتلي القصة كلها، وغير كده، أنا اكتشفت إن أنا ماكنتش بحبه، اللي كنت بحس بيه ناحيته كان مجرد اعجاب، وراح لحاله ،وموافقتي على يونس دلوقتي، لإن زي ما حضرتك قولت، هو شاب أي بنت تتمناه، وبصراحة أنا كنت معجبة بيه من زمان، بس ما كنتش متخيلة إنه ممكن يتقدم ليا، لإني فكرته مش بيحبني، ولو حطيت كفة نوح ويونس وهختار أو أقارن بينهم، فكفة يونس هي اللي هتطُب


أخذ أدهم نفسًا عميقًا وجلس بجانبها وقال لها بنبرة حانية :

قمر، فكري كويس يا بنتي، الجواز ماهواش قرار سهل، جواز يعني عيلة، يعني هتخلفي أولاد وهتربيهم، لازم تطلعيهم في بيئة كويسة، وقصدي بـ بيئة كويسة هنا مش إن يونس أو أهله فيهم حاجة، بالعكس، أنا هبقى مطمن عليكي معاهم، لكن اللي أقصده إن أنتي ويونس هتأسسوا عيلة، لازم يكون في بينكم حب ومودة واحترام، كل اللي هتعيشوه هيكون انعكاسه كبير على اولادكم، الإعجاب ممكن يروح في لحظة، ساعتها الحياة مش هيبقى ليها طعم


ثم أكمل أدهم ناصحًا :

ومش معنى كده إنك تتجوزي شخص لمجرد إنك حبيتيه، لأ اتجوزي شخص قلبك وعقلك متفقين عليه، وكمان يونس بيحبك، بلاش تظلميه معاكي، لو حاسة إن أنتي مش هتقدري تسعديه، أنا آه نفسي توافقي، بس نفسي توافقي وأنتي مقتنعة بقلبك وعقلك، مش مجرد جوازة والسلام، أنتي فهماني يا بنتي، أنا عايز أسلمك لشخص بتحبيه ويحبك، ويكون حبه ليكي أضعاف حبك ليه، صدقيني لو نوح كان بيحبك بجد، كنت أنا اللي هسلمك بإيدي ليه، لكن اللي أنا شايفه إن هو مش شاريكي ولا حبك


للحظة، كادت قمر أن تتراجع عن قرارها، لكنها أدركت أنه لم يعد هناك سبيل للعودة، عليها أن تُنهي هذا الأمر بحسم، وعاهدت نفسها أن تسعى جاهدة لإسعاد يونس طوال فترة زواجهما، لترد له جزءًا من معروفه الذي سيظل دينًا في عنقها عندئذٍ، نظرت إلى والدها وقالت بثبات :

بابا، لو سمحت مش عايزين نجيب سيرة اللي اسمه نوح ده تاني،  أنا طلعته من تفكيري ومن حياتي كلها وما بقاش يهمني، وبصراحة يونس اتكلم معايا وطلب إيدي، وأنا موافقة عليه ومطمنة ليه، وبصراحة مشاعري ناحيته كبيرة أوي


كلامها لم يدخل عقل ولا قلب والديها وأخيها، الذي سألها بمنتهى الهدوء :

انتي مخبية إيه يا قمر؟


وجهت قمر نظرها نحو سليم، لم تَعُد قادرة على رؤيته بالنظرة القديمة التي كانت تكنها له، خاصة بعد سماعها لكلام نوح عنه، والذي أثبت لها أن أخاها يسلك طريقًا مليئًا بالأخطاء، لا سيما ما يتعلق بزيجاته العرفية الكثير :

أنا عمري ما خبيت حاجة يا سليم، يمكن غيري هو اللي مخبي


انتاب سليم شعور بالاستغراب والقلق من نظراتها التي يراها لأول مرة في عيني أخته، كانت تنظر إليه بهدوء، لكن في تلك النظرة كانت تكمن لمحة من الازدراء الواضح، ثم التفتت إلى والدها وقالت بمنتهى السكينة، رغم العاصفة التي كانت تعصف بداخلها :

أنا بلغت حضرتك بقراري يا بابا، ومع ذلك، اللي حضرتك شايفه أنا هعمله


تنهد أدهم بعمق وتبادل النظرات طويلاً بصمت مع هنا، فـيونس شاب جيد ولا تشوبه شائبة يمكن الاعتراض عليها، كما أن موافقة ابنته على الارتباط به ألجمته وجعلته لا يملك الحق في النقاش أو الرفض، وحتى سليم كان غارقًا في بحر من الغموض، لقد سيطرت الحيرة على الجميع، وشعروا جميعًا بأنها تكذب، رغم أنها تحدثت بمنتهى السكون والهدوء

...............

لقد جاء اليوم الذي ستنقلب فيه الأوضاع أكثر، وتتعقد فيه الأمور بصورة لم يسبق لها مثيل، لقد حان موعد الاجتماع الذي بسببه تدمرت حياة فتاة وسُلِبَ منها أغلى ما تملك


كان آدم مع إخوته وابنه وأولادهم يجهزون للاجتماع، وفجأة، بدون أي مقدمات، وصل إليه فيديو صادم، بمجرد مشاهدته، انحبست أنفاسه جميعها !!


لاحظ أوس حالة آدم فاقترب منه مسرعًا، وكذلك فعل إخوته سيطرت حالة من الذهول والصدمة الكبيرة على الجميع، وحُبِست الأنفاس في صدورهم، خاصة آدم الذي شعر بأنه يختنق حرفيًا......


اندفع ريان نحوه بسرعة محاولًا إسعافه، لكن آدم كان ينهار بالفعل وغير قادر على التقاط أنفاسه، همس لأخيه بصعوبة بالغة بكلمات متقطعة يُطالبه فيها بالانسحاب من المشروع، ثم فجأة، انهار وسقط أرضًا، وقد تحول وجهه بالكامل إلى اللون الأزرق من شدة الاختناق !!!!!!!

.............

البارت خلص ♥️


 


تكملة الرواية من هناااااااا 

لمتابعة باقى الرواية زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل 

متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا

الرواية كاملة الجزء الاول1 من هناااااااااا

الرواية كاملة الجزء الثاني2 من هناااااااااا

مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا

 مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هناااااا

تعليقات

التنقل السريع
    close