رواية بين الحب والانتقام الفصل التاسع 9 بقلم نور الهدى حصريه
رواية بين الحب والانتقام الفصل التاسع 9 بقلم نور الهدى حصريه
قال علي – اسمها إيه؟
ردت ميرفت بعد تردد:
– اسمها… سهير.
بصّ لها علي، ملامحه اتبدلت للحظة لما سمع الاسم، وبعدين سكت، كأنه بيربط خيوط في دماغه.
قالت ميرفت وهي تلاحظ نظرته:
– ده كان اسمها، وهي الأولى إنك تسألها بنفسك مش أنا… لأن حسن عمره ما كان بيطلع سر لحد، خصوصًا عن شغله، لا قبل ما يسيبه ولا بعد.
قال علي وهو يثبت نظره عليها:
– بتشتغل فين؟
هزّت ميرفت راسها وقالت:
– معرفش عنها كتير… بس على ما أظن شغالة في كباريه. حسن اتعرف عليها من هناك.
سكت علي، عيناه غارقتان في تفكير ثقيل، كأنه سمع حاجة كانت ناقصاه.
وفجأة دخلت بنت صغيرة وهي تقول بصوت طفولي:
– ماما!
قالت ميرفت وهي تحاول تخفي توترها:
– ادخلي نامي يا حبيبتي، كفاية لعب النهارده.
البنت نظرت لعلي وقالت بفضول:
– مين ده يا ماما؟
بصّ علي للبنت نظرة سريعة، وبصّ بعدها لميرفت اللي قالت
– أنا قلتلك كل حاجة، مفيش حاجة ممكن تفيدك أكتر من كده.
قال علي وهو يقوم:
– شكراً.
استغربت هي شكره، لكن ارتاحت إنه قرر يمشي.
وقفت مكانها تتابعه بعينيها وهو بيخرج، والبنت شدّت طرف فستانها وقالت:
– مين ده يا ماما؟
حضنتها ميرفت وقالت بنبرة هادئة فيها غصة:
– مش حد مهم يا حبيبتي.
ركب علي عربيته بسرعة، قلبه بيخبط في صدره من التفكير، فتح تليفونه وضغط على رقم معين، لكن مفيش رد. كرّر الاتصال مرة واثنين، وبرضه مفيش إجابة.
شدّ على الدركسيون وساق بأقصى سرعة، عينيه مركزة في الطريق بس ذهنه بعيد تمامًا، تايه ما بين غضب وقلق وأسئلة مش لاقي ليها إجابة.
على الجانب الآخر، كان رضوان في عربيته الفخمة، ماسك ظرف فيه صور بيبص عليها ببرود، وبعدين حطها جوه الظرف وقفله كويس.
وصل شاب راكب موتوسيكل، قرب من شباك العربية، فتح رضوان الإزاز ومد له الظرف وقال بصوت واطي فيه نبرة أمر:
– عارف هتعمل إيه؟
أومأ الشاب برأسه وقال:
– تمام يا بيه.
خد الظرف ومشي، والموتوسيكل صوته بيغيب في الزحمة.
بعد شوية، وصل الشاب قدام شركة بدران، نزل ودخل من البوابة.
أمين الأمن وقفه وقال:
– رايح لمين؟
رد الشاب بثقة:
– معايا طرد لبدران بيه.
قال الأمن وهو بيبص للظرف:
– وريني كده.
رد الشاب بسرعة:
– لا، ده طرد شخصي، مقفول ومينفعش يتفتح.
بصله الراجل شوية، وبعد تفكير قال:
– تمام، هاته، أنا هسلمه للبيه لما يوصل.
سلّمه الظرف ولف راجع ناحية الموتوسيكل، وقبل ما يركب، بص وراه ناحية عربية رضوان اللي كانت لسه واقفة في ظل الرصيف، بيتابع بعينيه كل خطوة.
انطلق الشاب بالموتوسيكل، وبعدها بلحظات وصلت عربية بدران قدام الشركة.
الأمن جري ناحيته باحترام وقال:
– بدران بيه، في طرد لحضرتك جه من شوية.
رفع بدران حاجبه باستغراب وبص للظرف اللي كان لسه في إيد الراجل، والهدوء اللي في وشه كان يخفي وراه عاصفة جايه.
قال بدران باستغراب:
– طرد إيه؟
أداله الأمن الظرف، أخده بدران وهو بيبص عليه باستفهام، ملاحظ ختم غريب على طرفه. ما اتكلمش، دخل الشركة بخطوات هادية ووصل لمكتبه، قفل الباب ووقف لحظة يتأمل الظرف، نظرة شك وترقب في عينيه.
في نفس الوقت، كان رضوان لسه في عربيته، ابتسم وهو بيشوف من بعيد الظرف داخل مع بدران وقال برضا:
– تمام... كده اللعبة ابتدت.
مد إيده للسواق وقال – امشي.
لكن فجأة، لمحت عينه عربية جاية من بعيد بسرعة كبيرة، قربت لدرجة إنه عرف صاحبها فورًا.
شدّ على السواق – اقف!
وقف السواق بالعربية، وعيون رضوان تابعت علي وهو بينزل من عربيته بسرعة، ملامحه مشدودة كأن في نار جواه.
رضوان همس بدهشة:
– علي؟ إيه اللي جايبه هنا دلوقتي؟
فضل يبص عليه وهو داخل الشركة بخطوات سريعة جدًا كأنه بيجري ورا حاجة مصيرية.
دخل علي المبنى، شافته السكرتيرة ووقفت بسرعة:
– أهلاً مستر علي.
قال بنبرة مستعجلة من غير حتى ما يبصلها:
– بدران فين؟
قالت باستغراب:
– بدران بيه لسه داخل مكتبه من دقايق.
ما استناش، اتحرك بخطوات سريعة ناحية مكتب بدران، فتح الباب على طول من غير ما يخبط.
كان بدران ماسك التليفون بيتكلم، ورفع عينه فجأة وهو شايف علي داخل كده بعصبية.
قال بدران بنبرة فيها استغراب:
– في إيه يا علي؟
رد علي، صوته منخفض لكنه مشحون:
– لا، كمل مكالمتك.
كمّل بدران مكالمته اللي كانت عن الشغل، بينما علي كان بيبص حوالين المكتب، عينه وقعت على ظرف واضح على الترابيزة. قرب منه وشاف إنه لسه مقفول، يعني بدران ما فتحهوش. مدّ إيده ناحية الظرف، بس في اللحظة دي بدران خلص المكالمة ولف ناحيته.
قال بدران وهو بيقلب في ورق:
– بعدين بقى في أم العقودات دي.
سأله علي – في حاجة؟
رد بدران وهو بيرفع نظره:
– شحنة كبيرة أوي اتأخرت في تسليمها لحد دلوقتي.
خد الظرف من على المكتب وقال:
– إيه ده؟ هو عندك؟
بدران :– تقصد الظرف ده؟
قال علي:
– أيوه، ده مبعوتلي.
رفع بدران حاجبه:
– إزاي؟ الرجالة قالولي إنه بتاعي بالاسم.
قال علي وهو بيحاول يوضح:
– أنا قولت للمندوب يوصله على شركة بدران، فهو افتكر إنه ليك.
أومأ بدران بتفهم وهو بيبص للظرف:
– فيه إيه الظرف ده؟
قال علي ببساطة:
– صور شخصية.
ابتسم بدران وقال – صور قديمة ولا إيه؟ خليني أشوف أخويا وهو صغير.
قال علي بسرعة وهو بيمنعه:
– مش صوري، دي صور واحدة كنت على علاقة بيها في أمريكا.
سكت بدران لحظة، وبصله على بنظرة قوية، ممدّ إيده وقال بنبرة جدية:
– اديني الظرف.
سلمه علي الظرف، فابتسم بدران وقال
- كنت عارف إنك مش سهل… ولا يمكن كل ده تعقد كده من غير جواز.
كان ناوي يلمسه وهو بيهزر، بس علي شد جسمه الورى بسرعة.
بدران قال– حوار اللمس عندك ده معقد يا علي… المتلازمة دي بتمنعني أقرب منك، نفسي والله أحضنك يا أخي.
قال علي بهدوء:
– قريب يا بدران.
رفع بدران نظره باستغراب:
– قريب إيه؟ هتتعالج؟
هزّ علي راسه وقال بنبرة ثابتة:
– ملهوش علاج… لكن ليه زوال.
اتعقدت ملامح بدران وهو مش فاهم قصده بالضبط، فابتسم علي ابتسامة خفيفة وقال:
– أسيبك تكمل شغلك.
خرج علي وسابه، وبدران بيتابعه بنظرة فيها صمت وتساؤل.
نزل علي من الشركة رايح لعربيته، ولسه بيفتح الباب، عربية كانت بتركن قريب منه. نزلت منها نادين بابتسامة:
– علي!
التفت وشافها، وقال بهدوء:
– إزيك يا نادين؟
ردت بلهجة كلها فرحة:
– بخير… لما شوفتك.
ابتسم، وهي سألته:
– رايح فين؟
قال علي:
– كنت جاي آخد حاجة وماشي، عندي شغل.
قالت نادين وهي بتقرب منه شوية:
– شغلك كتير أوي يا علي… لدرجة إني مش بلحق أشوفك.
سكت علي لحظة، وبص لها بابتسامة صغيرة من غير ما يرد. بعدها بص في ساعته وقال:
– أنا لازم أمشي.
قالت بسرعة:
– انت وراك حاجة؟
رد وهو بيركب العربية:
– قولتلك عندي شغل.
أومأت له نادين وقالت بابتسامة خفيفة:
– ماشي.
بص لها وقال قبل ما يقفل الباب:
– موريكيش حاجة بكرة؟ نتغدى سوا.
اتسعت ابتسامتها برقه وقالت بثقه
– موريش… اتفقنا.
ركب عربيته ومشي، ونادين فضلت واقفة مكانها، عينيها متعلقة بيه وهو بيبعد.
على الطريق، كان علي سايق بسرعة وهو شارد التفكير، وفجأة عربية قطعت عليه الطريق بعنف. ضغط على الفرامل بكل قوته قبل ما تحصل حادثة في آخر لحظة، واترج جسمه من الصدمة. رفع عينه ناحية العربية اللي وقفت قدامه وشاف رضوان نازل منها، ملامحه مليانة غضب.
نزل علي بسرعة وقال بعصبية:
– إيه اللي انت عاملته ده يا رضوان؟!
رد رضوان بصوت عالي:
– أنا اللي أسألك! إيه اللي انت هببته ده يا علي؟
تجمد علي مكانه وقال بنبرة حادة:
– عرفت منين؟
اقترب رضوان خطوة وقال وهو بيكتم غضبه:
– رد عليّ يا علي… الظرف فين؟! ليه خدته من بدران قبل ما يشوفه؟!
قال علي بهدوء متماسك:
– ده كان الحل.
صرخ رضوان:
– الحل لإيه؟! إنك تمنعه يشوف الصور اللي انت بنفسك حاطط ناس يراقبوها عشان يوصلوهالك، وفي الآخر تخفيها من إيده؟! خدته ليه يا علي؟ إزاي تعمل كده؟
نظر له علي بثبات وقال:
– أنا اللي خططت، وأنا اللي نفذت، وبإيدي سلمتك الظرف… ورجعته. خلاص، الموضوع انتهى.
قال رضوان بعصبية متزايدة:
– لأ، مخلصناش! ده مش اللي اتفقنا عليه!
قال علي ببرود:
– كل حاجة بعملها ليها سبب، ومنعت بدران يشوف الصور… لأن الوقت لسه مجاش.
قال رضوان بحدة:
– أمال إمتى؟
قال علي وهو بيولع سيجارة بهدوء غريب:
– لما آخد منها اللي أنا عايزه.
ضيق رضوان عينه وقال باستغراب:
– تاخد من مين؟
قال علي وهو بينفث دخان السيجارة:
– سهير.
تجمد رضوان مكانه، وقال بنبرة فيها صدمة:
– إيه علاقتك بسهير؟
بص له علي بنظرة غامضة وقال:
– طلعت طرف مهم… في قضيتي.
قال رضوان وهو بيحاول يفهم:
– مش فاهمني يا علي، إيه علاقة سهير بقضيتك أنت؟
قال علي بهدوء غامض:
– مش مهم تعرف دلوقتي، المهم إنها تفضل بخير… لحد ما آخد كل اللي يهمني.
بصله رضوان بصمت طويل، ملامحه متوترة، قبض إيده بقوة وهو بيحاول يسيطر على غضبه، بينما علي ركب عربيته ولف سريعا بالعربية وسابه واقف في نص الطريق، بيحاول يهدى نفسه.
في الناحية التانية، كانت وعد خارجه من المركز لعد اكا خلصت، شافتها ياسمين من بعيد وصرخت بحماس:
– وعااااد!
جريت عليها بسرعة، وحضنتها وهي بتضحك وقالت:
– كنتي فين كل ده؟ قلقتيني يا بنتي!
بصتلها وعد باستغراب وقالت:
– مغبتش كل ده، في إيه؟
قالت ياسمين بنبرة عتاب لطيفة:
– كنت قلقانة عليكي بسبب غيابك وسفرك كده فجأة من غير ما تقوليلي.
اتعجبت وعد وقالت:
– سفري؟!
قالت ياسمين:
– أيوه، بس المفروض كنتي تعرفينا حتى بدل ما عيلتك تقلق عليكي.
قالت وعد:
– جبتي الكلام ده منين؟
قالت ياسمين وهي تبتسم:
– من يوسف.
اتسعت عيون وعد وقالت بسرعة:
– يوسف؟ أخويا؟
قالت ياسمين:
– أيوه، هو اللي كلّمني.
قالت وعد بنبرة حذرة:
– كلمك ليه؟
ابتسمت ياسمين بخفة وقالت:
– عشان باين إن باباكي كان قلقان، فهو قاللي أقول إنك عندي عشان ميحصلش مشاكل. ولما سألته عليكي قال إنك مسافرة، فاطمنت. بس بعد كده بقى لازم تبلغي باباكي يا وعد، مش معقولة تغيبي كده فجأة. أنا نفسي اتفاجئت!
سكتت وعد لحظة وقالت وهي بتفكر:
– يعني يوسف هو اللي كلمك؟
ضحكت ياسمين وقالت وهي بتغمزها:
– شوفتِ؟ وانتي اللي كنتي مانعاه يكلمني!
قالت وعد وهي مبرقة شوية:
– لا، أنا مش مانعاه… بس منعًا للمشاكل.
قالت ياسمين بخفة دم:
– مشاكل إيه بس؟ ده لو ارتبطت بيه تبقي معقدة أوي! ده أنا وهو اتقابلنا وكان جنتل جدًا، وشكرني كمان.
بصتلها وعد وتنهدت وقالت بهدوء:
– يلا يا ياسمين عشان منتأخرش.
قالت ياسمين بثقة وهي بتعدل شعرها:
– على فكرة يا وعد، يوسف مش هيتجوز غيري.
ابتسمت وعد بخفة وقالت:
– مفهوم… ده لو فكر يتجوز أصلًا.
ضحكت ياسمين وقالت:
– لا، أنا هخليه هو اللي عايزني.
ردت وعد وهي بضحكة بسيطة:
– هتفرّحي ماما أوي كده.
رن تليفونها بصّت على المتصل، اتفاجئت إن اللي بيتصل هو علي.
ردّت بسرعة وقالت:
– ألو؟
جالها صوته الهادئ الواضح:
– تعالى الفيلا.
اتربكت وقالت:
– دلوقتي؟
قال علي بجدية:
– أيوه، انتي مش خلصتي كليتك؟
قالت وعد:
– آه، بس السواق بره، هيلاحظ.
قال علي بنبرة أمر خفيفة:
– قوليله أي حاجة يا وعد… هتلاقي عربية مستنياكي ورا سور المستشفى.
سكتت لحظة، فسمع صوته تاني وهو بيقول بهدوء:
– متتأخريش.
وقبل ما تلحق ترد، كان قافل المكالمة.
خدت نفسها بعمق، ودعت صحابها بابتسامة مصطنعة، وخرجت من الكلية. أول ما شافت عربية والدها والسواق، راحت ناحيته وقالت له:
– امشي، أنا خارجة مع صحابي شوية.
قال السواق بتردد:
– أوصّل حضرتك فين يا آنسة وعد؟
قالت بسرعة:
– لا، أنا مش عايزة حد يلف معايا. هطلب أوبر وأنا راجعة… أو أرجع معاهم.
أومأ السواق باحترام، وركب العربية ومشي. استنت شوية لحد ما تأكدت إن العربية اختفت من قدام المركز كله.
مشيت ناحية السور اللي قالها عليه علي، تبص حواليها، لقت عربيات كتير واقفة، مش عارفة أنهي واحدة يقصدها.
لكن شافت راجل واقف بعيد، أول ما شافها اتحرك ناحيتها، فتح باب عربية سودة فخمة، واقف مستنيها بهدوء.
قربت منه وعد بحذر وقالت بصوت واطي:
– علي بعتك؟
قال بهدوء وهو بيمد إيده ناحية العربية:
– اتفضّلي.
عرفت وعد إنه تبعه، فركبت من غير كلام. سكّر الباب وراها، وراح قعد مكان السواق، وبدأ يتحرك بالعربية بهدوء.
الطريق كله كان صامت، مافيش صوت غير صوت العربية، وعد ساكتة، والراجل سايق من غير ما يلف ولا كلمة.
لحد ما وصلوا عند الفيلا.
نزلت وعد، ودخلت على طول من غير ما تستنى.
البيت كان ساكن، مفيهوش ولا صوت، وكأن مفيش حد فيه.
راحت على المكتب… مفيش حد.
طلعت فوق ناحية الأوضة، فتحت الباب، لكن علي ماكانش هناك.
قالت وهي بتبص حوالينها بقلق:
– قالّي أجي له وهو اصلا مش موجود…
عيونها وقعت على شنط كتير متكومة جنب السرير.
قربت منها، بصت باستغراب، وبعد تردد فتحت واحدة منهم.
اتفاجئت إنها مليانة هدوم نسائية جديدة، ألوانها متنوعة وأنيقة.
رجّعت الغطا بسرعة بخجل، لكن فضولها خلاها تفتح شنطة تانية،
لقيت فساتين وملابس منزل من ماركات عالمية، شكلها غالي جدًا.
قبل ما تستوعب الموقف، سمعت صوت وراها بيقول بنبرة هادية:
– اتأخرت عليكي؟
لفّت بسرعة، لقت علي واقف وراها، ماسك الموبايل في إيده وبيبتسم ابتسامة خفيفة.
قالت بتوتر وهي بتشير على الشنط:
– إيه كل اللبس ده؟
قال علي ببساطة:
– قولتي إنك عايزة لبس لقعادك هنا.
قالت بدهشة:
– بس ده كتير جدًا! وبعدين… جبت كل الحاجات دي إزاي؟
قال علي وهو بيقرب منها بخطوات واثقة:
– واحدة من المحل اختارت الحاجات وبعتها هنا.
سكتت وعد لحظة، وبصت له بعيون فيها ارتباك،
قال علي وهو بيقرب أكتر وبيمسك إيدها برفق:
– مالِك؟
قالت بخجل:
– كنت متخيّلة إنك إنت اللي اخترت الحاجات بنفسك.
قالها بابتسامة جانبية:
– ما هو أنا اللي جايبها.
قالت بسرعة وهي بتحاول تخفي ارتباكها:
– الحاجات دي فيها تفاصيل زيادة… دي تدل على إن اللي اختارها عنده خبرة… كتير أوي.
ضحك علي بخفة، وعيونه بتلمع وهو بيقول:
– غيرانة؟
رفعت عينيها ليه، قلبها دق غصب عنها…
وسكتت.
لكنه كان شايف الإجابة في نظرتها من غير ما تنطق.
قالت وعد ووشها محمر، صوتها واطي ومتلخبط:
– مش بعد ما عرفت إن بنت من المحل هي اللي جابتهم خلاص… فأنت كده أمان.
بيقرب منها:– أمان أنا؟
أومات له وعد بخجل وقالت وهي بتبص في عينه:
– مش بشوف غيرك أمان… من زمان وانت كده.
سكتت لحظة، ثم همست:
– يمكن كنت بعيد… بس دايمًا قريب.
علي كان ساكت، بيبصلها بنظرة فيها حنان غريب.
مد إيده برفق، ولمس رقبتها ثم خده على وشها، وقال بهدوء:
– عايزك دايمًا تشوفيني كده.
ابتسمت بخجل، وبعدت خطوة بسيطة عنه،
قام هو ومد إيده ناحية السرير، مسك حقيبة صغيرة وادهالها.
بصت له باستغراب وقالت:
– إيه ده؟
قال علي وهو بيبصلها بنظرة عميقة:
– عايزك تلبسي ده النهارده.
فتحت الحقيبة ببطء، ولما شافت اللي جواها، وشها احمر أكتر،
لسانها عقد، وماقدرتش ترفع عينيها ناحيته.
ابتسم علي وهو شايف ارتباكها، قرب من ودنها وهمس بصوت دافي:
– ده اللي اخترته ليكي مخصوص.
لمس خدها بلطف، وباس رقبتها بخفة وقال:
– طاعة الزوج مهمة… متتأخريش.
ومشي بهدوء ناحية الحمّام،
ولما الباب اتقفل وراه، قدرت وعد تاخد نفسها أخيرًا.
بصّت على الحقيبة مرة تانية،
وبعينين مرتبكة تابعت القميص اللي كان جوّاه…
قميص اختاره هو ليها بنفسه.
خرج علي من الحمّام بعد شويه، وقف مكانه يتأملها.
كانت وعد واقفة في نص الأوضة، لابسة القميص الأسود اللي بيظهر أكتر ما بيخفي، بتحاول تقفل الروب وتشده لتحت عشان تغطي جمال ساقيها وبشرتها الناعمة.
قال علي – ده مش ترينج، هيتقطع في إيدك.
اتصدمت، ولفت بسرعة لما شافته واقف وراها، قالت بتوتر:
– أنا كنت...
قاطعها علي وهو بيقرب منها وبيبص لها من فوق لتحت:
– شكلك جميل قوي.
اتكسفت، وابتسامة صغيرة طلعت غصب عنها، فكل كلمة بيقولها كانت بتخلي قلبها يدق أسرع.
قال علي وهو بيلاحظ توترها:
– مالك متوترة ليه؟
قالت وعد بخجل:– مفيش.
رد علي بابتسامة جانبية:– التوتر ده مني؟
نفت بسرعة وقالت:– هيتصلوا عليّا، وأنا ما قولتش لحد غير السواق.
قرب منها وقال بهدوء:– وإنتِ هنا، مش عايزك تفكّري في حد غيري... اتفقنا؟
سكتت، لكن هزّت راسها بالموافقة.
سحبها علي ناحيته، فاتفاجئت.
مدّ إيده على ضهرها، وفي لحظة سحب التوكة من شعرها، فاتفرد شعرها الحرير حوالين وشها.
ارتبكت وعد وقالت بصوت واطي:
– علي...
قال بابتسامة وهو قريب منها جدًا:
– بحب اسمي لما بسمعه منك.
قرب أكتر، ومسك خصلة من شعرها يشمّها، صوته بقى أهدى وهو عند رقبتها:
– كل حاجة فيكي قادرة تخليني شخص تاني يا وعد.
قالت وعد بتردد:
– دي حاجة حلوة ولا وحشة؟
ضحك علي بخفة وقال:
– معرفش لحد دلوقتي... بس اللي متأكد منه إنك مأثرة فيّا أكتر من أي واحدة.
قالت وعد بخجل:
– عشان بتحبني؟
بصلها علي بهدوء، ولما قالت كده، أومأ إيجابًا وقال بابتسامة خفيفة:
– عشان بحبك.
ابتسمت وعد وهي تهمس:
– وأنا كمان.
قال علي بصوت منخفض:– اسمعها منك.
قربت منه، همست عند ودنه – بحبك قوي... بحبك أكتر من أي حد.
ابتسم علي، وعيونه ما سابتش عيونها، النظرة دي كانت كفيلة تخليه يغرق فيها أكتر.
ضمّها لصدره بقوة وقال وهو بيهمس قرب ودنها:
– إنتِ ملكي.
سحب حبل الروب بهدوء، وكتفيها ارتجفوا مع أنفاسه القريبة، قلبها كان بيدق بسرعة، حضنته أكتر، فضمها بين دراعيه ورفعها بخفة، وقال وهو بصوت دافئ مليان شغف:
– ملكي أنا يا وعد.
---
مالك بيوصل على فيلة بدران وبيركن عربيته دخل مكتب على وفتح الدرج قال
-حاطط الملف فين
فتح الدرج يدور الباب اتفتح عليه بص مالك لقاها بنت باين من لبسها إنها الخدامه بصيتله وقالت
-ا..انت مين
قال مالك- مساعد على
قالت - وبتعمل اى هنا
قال مالك-طلب منى ملف بجيبهوله يا.....
قالت- رنا اسمى رنا
اومأ لها بتفهم ورجع يدور لقاها لسا واقفه فقال - عايزه حاجه من هنا
قالت رنا- كنت بحسبك على بيه
قال مالك- ف حاجه
قالت رنا- مش عارفه اقول ولا لا بس الهانم كانت هنا بردة وبتدور ع حاجه
استغرب مالك قال- الهانم قصدك رانيا
اومات له ومشيت لحقها فورا قال-استنى
مسك ايدها منعها جه صوت وكان يوسف الى سمع صوت وراح يبص بس وقف لما ملقاش حد، كان مالك ماسك رنا وحاطط إيده على بقها وهى ساكته
مشي يوسف باستغراب بصيت رنا لمالك قالت
-ف اى
قال مالك- شوفتى رانيا خدت حاجه وهى خارجه
قالت رنا- لا معتقدش كانت خارجه ايدها فاضيه
اومأ لها وبعد عنها قال -بس لى قولتيلى
قالت رنا- معرفش بس وعد بتحب عمها وبتقول إنه طيب وبدل ما اقولها قولت اقول لأي حد تبعه لانى مش بحب المشاكل ولو طنط فاطمه عرفت بالكلام الى قولتهولك وانى حتى شوفت الهانم هتزعقلى جامد مش بعيد تمشينى
سكت مالك وهو باصصلها قال - انتى بتحبى وعد
قالت رنا- جدا يمكن هى أكتر حد هنا طيب وعاملنى كويس ولما تحب حد الحد ده هحبه انا كمان
قال مالك- اسمك رنا مش كده
اومات له ربت عليها قال - محدش هيعرف بنقاشنا متقلقيش بس احتمال اعوزك
قالت رنا- انا ليه؟!
قال مالك- بنقدر الخدمه وعلى مش بيفرط ف اتباعه
قالت رنا- انا معملتش حاجه
قال مالك- اشوفك بعدين
مشي وسابها وهي مش فاهمه اي حاجه
في الفيلا، على السرير، كان علي مستلقي ووعد في حضنه.
بصلها وهو بيتأمل ملامحها الهادية، مسح شعرها اللي نازل على وشها وقال بنغمة دافئة:
– عارف إنك مش نايمة.
اتكسفت وعد، غطّت نص وشها، فتحت عينيها تبصله بنظرة ناعمة وقالت بهمس:
– مش هتقوم؟
ضحك علي بخفة:– لا
قالت وعد وهي بتعدل نفسها وبتشد القميص عليها:– خليك، أنا هقوم.
رفع حاجبه وقال:– رايحة فين؟
قالت :– ماما أكيد رنّت عليا كذا مرة، وبابا كمان... لازم أروح، اتأخرت.
قبل ما تكمل، سحبها علي بقوة خفيفة، رجّعها لصدره وقال بصوت واطي وهو بيبصلها:
– تروحي فين؟
قالت وعد وهي بتحاول تبصله وتخفي ابتسامتها:
– البيت... عند بابا.
قال علي بهدوء حاسم:
– مفيش مرواح... هتِقعدي معايا النهارده.
اتسعت عيون وعد وقالت بتوتر:
– بس بابا... هقوله إيه؟
رد عليها بثقة:
– شوفي أي حجة يا وعد، المهم إنك مش هتمشي.
قالت وهي بتتنهد:
– كدبت عليه المرة اللي فاتت...
بصت له وأضافت بصوت منخفض:
– شكلي هكدب كتير بسببك يا علي.
قال علي بابتسامة خفيفة تخفي ضيقه:
– مضايقة إنك هتقعدي معايا؟
سكتت، وده خلاه يتغير، قام ببرود وهو يقول:
– تمام... هخلي السواق يوصلك.
مسكت إيده بسرعة وقالت بلهجة حزينة:
– لا... أنا عايزة أقعد معاك.
أنا بتضايق لما ببعد عنك، وفرحت لما جبتني هنا... يا ريتني أقدر أفضَل معاك على طول يا علي.
نظر ليها وقال بنغمة جادة:
– وعد، اتكلمنا عن الموضوع ده قبل كده.
هزّت راسها إيجابًا وقالت بإصرار هادي:
– عارفة... ومعنديش مانع.
ظروفك أياً كانت، أنا قابلتها.
ولو كدبة صغيرة هتخليني أقعد معاك وقت أكتر... هكدب.
ولو الكدبة هتخليني أكون معاك، مستعدة أعيش العمر كله أعمل كده... عشان نفضل سوا.
مد علي إيده، مسكها برفق وقربها منه، وباسها من شفايفها قبلة طويلة، قلبها دق بسرعة، وبادلته بخجل، ولما بعد عنها كان صوته مبحوح وضعيف:
– مش قادر أبعد عنك.
همست وعد:
– متبعدش.
قال علي وهو بيحاول يسيطر على نفسه:
– مش لصالحك... إنتِ اللي هتتأذي، واللي ياذيك... ياذيني أنا.
الكلمة دي خلتها تسكت، وقلبها يدق من قوتها.
لمس رقبتها بخفة، وبعدها بلحظة رن تليفونه.
رد بهدوء:
– كله تمام.
قفل المكالمة، بصلها وقال:– العشا جاهز.
قالت وعد – عشا؟
– أيوه... إنتِ مش جعانة؟
قالت وعد وهي تبتسم بخفة:
– جعانة الصراحة.
رد علي بابتسامة دافئة:
– طب البسي يلا.
ابتسمت بخجل، وأومأت له. وقبل ما يخرج التفت ناحيتها وسألها بنبرة جادة:
– انتي خدتي الحبوب اللي قولتلك عليها؟
أومأت إيجابًا وقالت بهدوء:
– أيوه، خدتها… متقلقش.
قال علي وهو بيشد نظره فيها:
– متنسيش تاخديها في ميعادها كل مرة، مفهوم؟
هزّت راسها بطاعة، ومشي علي بهدوء، وهي فضلت تبصله لحد ما اختفى عن عينها.
بعد شوية، نزلت وعد وهي لابسة فستان أسود ناعم بسيط، لأنها عارفة إن اللون ده أكتر حاجة بيحبها.
بصّت حواليها في الفيلا وما لقتوش، لكن من الشباك لمحت طيفه برا. خرجت بخطوات هادية، وشافت منظر غريب وجميل في نفس الوقت.
نار صغيرة مقيدة جوه خندق حجري أنيق، والجو حواليها هادي بطريقة تخلّي القلب يرتاح.
وكان في مرجيحة خشب متعلقة قُرب النار، وعلى واقف هناك ماسك قنينة في إيده، بيشرب منها بهدوء، ووشه مضي بنور اللهب.
لما شافها، شاورلها بابتسامة خفيفة.
قربت منه وقالت وهي بتتأمل المكان:
– المكان ده غريب… تصميم فيلتك عموماً كله مميز.
قال علي وهو بيتابع النار بنظره:
– أنا اللي اخترت يتعمل كده.
قالت وعد بدهشة:
– إيه ده؟
قال علي بنبرة هادية فيها شرود:
– شُفت حاجة شبهه في مطعم بأمريكا، وحبيت أعملها هنا... نوع من الاسترخاء.
ضحكت وعد بخفة وقالت وهي تبص للنار:
– مش من المرجيحة، أكيد بتتكلم عن النار.
بص لها علي وقال بابتسامة غامضة:
– بهدا وبعرف أفكر لما ببص فيها.
قالت وعد وهي تضحك بخفة:
– أنت غريب جداً يا علي.
مدّ علي إيده ليها، مسكتها وعد من غير تردد ومشيت معاه.
قعدوا سوا على المرجيحة العريضة اللي بتتحرك بخفة وسط نسيم الليل، وضمها بذراعه ناحيته لحد ما بقت متكئة على صدره.
ابتسمت وعد وهي حاسة براحة وسعادة أول مرة تعرف معناهم، المكان كله كان ليه طابع غريب... هدوء، نار، ودفء مش شبه أي حاجة عاشتها قبل كده.
قالت وعد بصوت خفيف وهي مغمضة عينيها:
– حبيت قبل كده؟
ابتسم علي من كتر أسئلتها، وقال بنغمة فيها هدوء وغموض:
– ليه بتسألي كده؟
قالت وعد بنبرة مرحة:
– قولّي، مش هزعل يعنى… خالتو نادين؟
علي بهدوء وقال:
– إسألي نفسك… أنا بسمح لحد يلمسني غيرك؟ نادين عندها الصلاحية اللي عندك؟
هز راسه وهو بيبص لها نظرة ثابتة:
– مستحيل.
بصّت له وعد باستغراب وقالت بفضول:
– يعني إنت عندك مشكلة مع لمس الناس؟ وسواس نظافة؟ ولا نوعه إيه بالظبط؟ واشمعنا أنا؟ ليه أنا الوحيدة اللي ينفع ألمسك؟
سكت علي لحظة، وهي افتكرت أخوها وأبوها لما كانوا دايمًا بيتكلموا عن حذره في التعامل.
قالت وعد وهي تبص لإيده:
– ليه أنا عندي الصلاحية دي؟
قال علي بجديه وهو يطالعها بعينه:
– لأن إيدك نضيفة.
بصّت له بعيون بريئة وقالت باستغراب وهي تبص على إيديها:
– نضيفة؟ قصدك بغسلها كتير؟
ابتسم علي وحاول يكتم ضحكته، فقالت وعد بنغمة متضايقة شوية:
– بتتريق عليا؟ أنا مش فاهماك بجد.
قال علي وهو يبص قدامه في النار:
– لما تكبري هتفهمي.
قالت وعد بابتسامة خفيفة وهي تبص له بطرف عينها:
– هكبر أكتر من كده يا ضرغامى؟
بصّ لها علي، واتسعت ابتسامته من نغمة دلعها،
سحبها ناحيته بهدوء، وحضنها بصمت
في الصبح بدري، وعد رجعت بيتها. كانت داخلة مبتسمة ولسه سامعة صوته فودانها. قابلت فاطمه عند باب الفيلا، اللي قالت بدهشة:
ـ انتي لسه راجعة دلوقتي؟
ردت وعد بسرعة:
ـ بس وطّي صوتك، في حد صاحي؟
ـ لا، بس سمعت يوسف بيه بيسأل عليكي.
ـ طب وبابا؟
ـ الصراحة مركزتش.
طلعت وعد أوضتها بهدوء، كأنها حرامية داخلة تخفي جريمتها. رغم إن ليلتها البارح كانت من أجمل لياليها، لكن أول ما بترجع هنا بتحس إنها في سجن كبير... سجن ذنبها اللي بيخنقها يوم بعد يوم.
كانت سهير راجعة البيت. فجأة عربية وقفت قدامها مرة واحدة، اتخضت وقالت بغضب:
ـ إنت...؟
قبل ما تكمل شتايمها، شافت راجل نازل من العربية بخطوات واثقة، شامخ وهيبته تلفت النظر.
قال بهدوء:
ـ سهير.
بصتله وقالت بتحدي:
ـ إنت تعرفني؟
ـ أعرفك... وأظن كمان إنك تعرفيني، بس الذكريات عندك يمكن مش واضحة.
ـ أنا مابنساش حد... اسمك إيه؟
ـ علي.
ضحكت بسخرية:
ـ أول مرة أسمع الاسم ده.
قرب منها خطوة، وقال ببرود:
ـ وقعتِ دي ف الكباريه.
بصت في إيده، لقت ساعة رجالي... ساعته يوسف اللي بتلبسها علشان تتواصل معاه. اتصدمت وسحبتها بسرعة من إيده:
ـ وقعتها إمتى دي؟
بصلها علي بنظرة ثابتة، فقالت بسرعة:
ـ شكراً... بس جيت ورايا بس عشان تديهالي.. معتقدش؟
ابتسم ابتسامة خفيفة، كأن عرف انها ذكيه كفايه انها تكون نفسها الى طانت عشيقة حسن، وقال بنبرة فيها غموض:
ـ هنتقابل تاني.
ـ نتقابل؟
ما ردش، بس طلع عربيته ومشي.
رجع علي الفيلا بتاعته، رجّالته واقفين صف جنب العربيات، أول ما شافوه وقفوا باستعداد.
واحد منهم سأل:
ـ النهارده يا باشا؟
قال علي ببرود:
ـ مش عايز غلطة واحدة.
سابهم ودخل الفيلا، والكل طلع بالعربيات وسابوا المكان فاضي تمامًا، كأنهم عارفين إن سيدهم مش محتاج حراسة.
دخل علي، ولع الولاعة، شعل سجارته... بس ساب الولاعة مولعة قدامه.
النور المنعكس منها لمس عينه، وكأن شرارة نار جواه فاضلة مولعة ومش راضية تطفي.
غمض عينه، وأسند ظهره بهدوء، في صمت مليان غضب مكتوم.
وعد كانت قاعدة في الفيلا، حاسة بإرهاق غريب، جسمها تقيل ومش قادرة تقوم. اتملت على السرير، وفجأة سمعت خبطة على الباب.
قالت بهدوء:ـ ادخل.
دخلت الخدامة وقالت:ـ أحضّر الفطار يا هانم؟
ـ انتو لسه ما عملتوش؟
ـ أنا طلعت أسألك، أصل محدش هيفطر.
ـ ليه؟
ـ رانيا هانم خارجة.
ـ طب فين يوسف وبابا وعل..عمى؟
ـ في الشغل يا هانم.
ـ يعني مفيش حد هنا غيري؟
ـ أيوه، أحضّرك الأكل دلوقتي؟
ـ لا، مش عايزة دلوقتي.
أشارتلها تخرج، وبعد ما الباب اتقفل، فضلت وعد ساكتة لحظات...
البيت ساكت، وهي لوحدها تمامًا.تنفست وقالت لنفسها
ـ مفيش مانع أخرجله.
لبست بسرعة، ومن غير ما تبعت له أو تستأذن، قررت تعملها مفاجأة وتستناه في الفيلا.
لبست بسرعة، ومن غير ما تبعت له أو تستأذن، قررت تعملها مفاجأة وتستناه في الفيلا.
لما وصلت هناك، استغربت إن الرجالة بتوعه مش موجودين، والجو غريب كأنه فاضي على غير العادة.دخلت بخطوات هادية، ولمحت من بعيد حد قاعد في الصالة....قربت شوية...وشافته.
علي كان نايم على الكرسي، ووشه باين عليه التعب، بس وسامته كانت أوضح من أي مرة شافته فيها.
وقفت تبصله، ابتسامة خفيفة ظهرت على شفايفها وهي تهمس لنفسها بإعجاب:
ـ قد إيه أنا محظوظة... إنه هو حبني أنا، دون عن كل البنات.
قعدت جنبه بهدوء، وهو ما حسش بيها، واضح فعلاً إنه نايم بعمق.
بصتله تاني... لقت ملامحه بدأت تتغير، حاجبه اتعقد، وعينه بتتحرك تحت جفنه كأنه بيشوف حلم مش مريح.
مدت إيدها بخوف خفيف ناحية إيده، همست:
ـ علي...
أضواء العربيات عالية جدًا، والصوت ملوش آخر...
صوت البوليس، الإسعاف، وصريخ الناس مالي المكان.
الأرض كلها دم، وبنت مرمية على الأسفلت، ملامحها مشوّهة، وعينيها مفتوحين وهي بتلفظ أنفاسها الأخيرة بين دراعين شاب ماسكها بقوة.
عينه كانت بتنطق بالذعر، مش شبهه خالص، كأنه مش الأسد اللي الكل بيخافه، كأنه طفل تايه وسط النار.
البنت بصّت له والدموع ماليه عينيها، همست بصوت مكسور:
ـ علي... اهرب.
مسكت إيده بكل ضعفها وقالت:
ـ كان نفسي أعيش معاك... اهرب يا علي... مجرمين.
سالت دمعة من عينيها، همست بعدها بهدوء:
ـ بحبك.
وبعدين سكتت للأبد.علي فضل ماسكها، وعينيه دمعتين نازلين على وشه الملطخ بالدم.
وعد بتبصله متعرفش بيشوف اى بس شافت دمعة نازلة من عينه، استغربت جدًا، مدت إيدها بخوف ولمسته:
ـ علي؟
فتح عينه فجأة، بعينين حمرا من البكاء، ومسِك إيدها بقوة.
قالت بدهشة:
ـ على ده انا... مالك؟
مردش، بس عينيه كانت بتصرخ.
قالت بخوف:
ـ انت كويس؟ شوفت كابوس؟
حط إيده على راسه وقال بصوت مخنوق:
ـ م... ماتت.
هي مفهمتش، بس قربت منه فورًا، حضنته زي أم بتطبطب على ابنها، وقالت بهدوء:
ـ كان كابوس يا علي... اهدى، خلاص.
ضمها أكتر، وشه في صدرها، وقال بصوت مبحوح:
ـ وعد...
ـ أنا معاك دايمًا.
سكت شوية، وبص في الفراغ كأنه بيكلم نفسه وقال:
ـ انتي هتكتبي نهايتي.
استغربت وعد، قلبها اتقبض من الجملة، بس ما سألتش، فضلت قريبة منه، حاسة إن حضنها هو الأمان الوحيد اللي ليه دلوقتي.
ولما هدي شوية، سابها بهدوء، قعدت جنبه وقالت بنعومة:
ـ كنت بحسبك مش هنا.
اتعدل علي ـ جيتي إزاي؟
ابتسمت وعد بخفة وقالت:
ـ مفيش كلية، ومفيش حد في البيت، قولت أجيلك... أصلي بحب أستغل الفرص.
سكت علي لحظة، بصّ لها بنظرة طويلة،
قالت هي بهدوء وهي تحاول تكسر الصمت:
ـ وانت ما رحتش الشركة ليه؟
قال علي بابتسامة صغيرة:
ـ كنت عارف إنك جايه... فقولت أستناكي.
دق قلبها، وابتسمت غصب عنها، وهي مش مصدقة قد إيه الكلمة دي بسيطة بس مؤثرة.
---
في الشركة، كان يوسف واقف مع بدران في المكتب الكبير.
قال بدران بثقة:
ـ الموسم ده هيشهد الشركة كمؤسسة كبيرة.
رد يوسف بحماس:
ـ عارف يا بابا، وأنا مهتم بالحدث بنفسي، مش هسيب تفصيلة.
قال بدران بابتسامة فخر:
ـ كنت بطمح من زمان إن الشركة دي تبقى من المؤسسات الرئيسية في البلد، والسنادي النتيجة هتظهر.
قال يوسف وهو بيبتسم:
ـ أقسم لك يا بابا، افتتاح الأسواق السنادي محدش هيكون أعلى منك فيه.
ضحك بدران بثقة وقال:
ـ هيحصل يا يوسف... هيحصل.
---
في الصباح،
كانت وعد واقفة قدام المراية، بتمشط شعرها بهدوء وابتسامة صغيرة مرسومة على وشها.
جه علي من وراها، سحبها بخفة من خصرها وضماها لصدره، وقال بصوت واطي:
ـ بتقومي من جنبي ليه؟
قالت وهي بتضحك بخجل، وقلبها بيدق بسرعة:
ـ عشان صحيت واتأكدت إنك كمان صحيت.
ضحك علي بخفّة، وقال وهو بيقربها أكتر:
ـ طب صحيتيني ليه وأنا نايم مرتاح كده؟
قالت وعد بهمس:
ـ يمكن عشان متعودش أبدأ يومي من غيرك.
دفن علي وشه في رقبتها، نفسها اتلخبط، ووشها احمر فجأة من التوتر.
قالت بخفوت:
ـ ع.. علي!
همهم علي وهو لسه قريب منها:
ـ نعم؟
قالت وهي بتحاول تسيطر على صوتها:
ـ لازم أمشي... عشان متأخرش أكتر من كده.
لفها علي ناحيته وقال بهدوء:
ـ متوتريش لما تشوفيني، ده بيخلي الناس تحس إن في حاجة.
قالت وعد بتوتر صادق:
ـ مش بعرف أكون زيك.
قال علي بابتسامة جانبية:
ـ لازم تعرفي.
أومأت وعد بتفهم وقالت بنغمة هادئة:
ـ هحاول... طب مش جاي الفيلا؟ يعنى هتكون معايا ولا لأ؟
قال علي وهو بيبصلها بعمق:
ـ أنا معاكي على طول... أنا ظلك يا وعد.
ابتسمت بخفة، وقربت منه بجرأة غير معتادة، وباسته على خده بهدوء.
قلب علي دق بسرعة، اللعنة... هي فعلاً بتقدر تضعفه كل مرة.
ابتسمت له بخجل وهي بتبعد، ودعته ومشيت، وهو لسه عينيه بتتبعها لحد ما اختفت عن نظره.
---
في أوضته، كان بدران راجع لسه من الشغل، قاعد مع رانيا وبيتكلم بنبرة فيها قلق واضح:
ـ وعد فين؟ ملقيتهاش في أوضتها.
قالت رانيا وهي بتحاول تبان هادية:
ـ معرفش، هي قالت للسواق إنها خارجة مع صحابها.
قال بدران بحدة خفيفة:
ـ تاني؟
ردت رانيا بحذر:
ـ معرفش... بقت تخرج كتير، ده غير صحبتها اللي كل شوية تبات عندها.
قال بدران وهو بيحاول يفتكر:
ـ اسمها إيه؟
قالت رانيا:
ـ مبسألهاش كتير عشان متضايقش مني ولا تحس إني مش واثقة فيها، بس أظن إنها يا عند ياسمين يا عند نيلي.
سكت بدران وهو حاسس بضيق من تصرفات بنته وغيابها المستمر في الفترة الأخيرة.
بصّت له رانيا بفضول وقالت:
ـ هو في حاجة؟
ما ردش، قام من مكانه ونزل.
ولما نزل تحت، قابل وعد وهي داخلة من باب الفيلا.
قال بنبرة هادئة لكنها فيها حدة خفيفة:
ـ كنتي فين؟
اتخضّت وعد لما سمعت صوته، خصوصًا إنها كانت مرهقة جدًا.
اتعدلت بسرعة وقالت بابتسامة متوترة:
ـ بابا...
قال بدران وهو بيلاحظ ارتباكها:
ـ مالك؟ اتخضّيتي ليه؟
قالت وعد بسرعة:
ـ لا، مفيش حاجة... بس استغربت إنك هنا.
قال بدران:
ـ أول مرة أرجع بدري عنك... ولا انتي اللي بقيتي تتأخري؟
قالت وعد وهي بتحاول تبرر:
ـ لسه الساعة 11 يا بابا، كنت مع صحابي.
قال بدران بصرامة هادية:
ـ كل يوم؟
قالت وعد وهي بتحاول تمسك أعصابها:
ـ بفضل أقعد معاهم يا بابا، لو عندك اعتراض عرفني... مش شايفة إني بغلط لما أخرج، خصوصًا وأنا مش مقصّرة في مذاكرتي.
قال بدران وهو بيبصلها بنظرة فيها معنى أعمق من الكلام:
ـ انتي عارفة الغلط من الصح يا وعد فمش هعرفك
سكتت وعد عند الجملة دي، حسّت إنها وقعت في فخ الصراحة اللي مش قادرة تقولها.
قالت بهدوء وهي بتحاول تهرب من الموقف:
ـ عن إذنك، هطلع أوضتي.
مشيت من قدّامه، مش عارفة دي الكذبة الكام في سلسلة أكاذيبها اللي بقت تقلّها كل يوم أكتر.
كذبت على الكل... حتى على نفسها.
بس الكذبة دي كانت جميلة، زيها.
كذبة بتحاول تحفظ بيها سرها، وتحمي بيها حبها...
كانت نايمة ف أوضتها، بتحاول تنام ومش قادرة. مش عارفة ليه اليومين دول حاسة بضيق وخنقة غريبة.
قامت فتحت موبايلها، كانت عايزة تكلم علي، بس أول ما بصّت على الساعة لقت الوقت متأخر. قالت في سرّها: "أكيد نايم… نومه خفيف بلاش اصحيه."
قامت خرجت من الأوضة بهدوء
وهي ماشية ف الممر قابلت يوسف أخوها.
يوسف: "لسا منمتيش يا وعد؟"
وعد بابتسامة خفيفة: " إنت لسا راجع من بره؟"
يوسف: "أه، لسه… مالك؟ شكلك تعبانة."
وعد : "قلق من النوم؟"
بعدت ونزلت تحت المطبخ خدت إزازه تشرب وهى بتقفل التلاجه شافت أخوها فى وشها اتخضت منه قالت
-يوسف خضيتنى
قال يةسف- لى انتى بتعملى حاجه غلط
استغربت وعد من نبرته قالت- بشرب انت عايز تشرب
ابتسم يوسف قال- وعدد... مش عايزه تقوليلى حاجه
قالت وعد- حاجة اى
بصلها يوسف بجديه وقال - كنتى فين وبايته عن مين لما خرجتى من هنا
قالت وعد بتوتر- منا قولتلك احنا هنعيد الكلام
لسا هتمشي مسكها يوسف قال - وووعد
بصتله وعد وهو قال - عارف انك مكنتيش عند صحبتك
قرب منها قال- تحبى اقولك انا ولا تقوليلى انتى
سكتت وهى بصاله بتوتر
سهير فى الكباريه واقفه فى البار بتشرب كاسها جه واحد من وراها زقها ولزق فيها اضايقت قالت
-يابن ال...
سكتت لما شافت سلا.ح عليها وإنها فهمت غلط بصيتله برعب قال بهدوء
-امشي
قالت سهير- انت مين
-لو فكرنى تعملى اى حركه غبيه هتكونى بتضحى بحياتك، امشي يلا
مشيت معاه وراجل كان بيخفى سلا.حه فى هدومه وهى ماشيه معاه بقلق قالت
-على فين
مردش عليها وهى فضلت ماشيه معاه بقلق لحد ما وصلت لاوضه وأول ما ،خلت الباب اتقفل عليها باحكام بصيت للاوضه كانت عارفاها كويس اوض حجر الكباريه الخاصه العائله للصوت وعازله عن الناس تماما
شافت حد قاعد بيدخن سيجارته قال- مخضوضه ليه اعقدى
قالت سهير- انت مين
- قولتلك هنتقابل تانى لحقتى تنسي
بصيتله بدهشه قالت- على
قال على- اعقدى
-لعقد اى وتطلع مين انت اصلا والراجل ده... ده معاه سلا.ح
قال على- اى خايفه؟!
بصيتله بضيق قالت- انت زعيم عصا.به ولا اى
قال على- لو خايفه على حياتك فأنا مش هأذيكى لأنى محتاجك
قالت سهير- محتاجين ف اى بقا
قال على- حسن
اتبظلت ملامحها لما سمعت الاسم ده قال على - كويس اوى إنك لسا منسيتهوش
قالت سهير- ح..حسن
قال على- مش جاى أسألك عن علاقتكم الخاصه هو ما..ت وانا كان ليا عنده حاجه سبها معاكى انتى
ارتبكت بعدين بصيتله وقالت- معرفش حد بلاسم ده انت ملغبط بينى وبين حد
لسا بتلف سمعت صوت تعمير سلا..ح وإنها بيتوجه عليها ارتجفت ولفيت بجنب عينها لقته بكل برود بيصو..ب عليها قال
- افتكرتيه ولا لسا
ارتجفت وقالت- قولتلك معرفش حد بلاسم ده صدقنى
قال على وهو يبتسم- انا هنا عشان افكرك يا سهير بحسن نفسه كنتى ع علاقه بيه سريه
رفع عينه ليها واردف - حسن إلى قت..لتيه
لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا
بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل
متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا
الرواية كامله من هناااااااااا
مجمع الروايات الكامله اضغط هناااااااا
مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا
تعليقات
إرسال تعليق