القائمة الرئيسية

الصفحات

translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية القرية من الفصل الأول إلى الفصل العاشر بقلم اسماعيل موسى حصريه

 


رواية القرية من الفصل الأول إلى الفصل العاشر بقلم اسماعيل موسى حصريه 





رواية القرية من الفصل الأول إلى الفصل العاشر بقلم اسماعيل موسى حصريه 




بعد أن انهيتي دراستي الجامعيه تم تعيني في مكتب بريد باحدا القري النائيه والتي يمنع علي ذكر اسمها لأسباب ستظهر لاحقآ، كان ذلك عام ١٩٨١ حينها كانت اغلب القرى ريفيه بسيطه لكن تلك القريه منذ اول يوم حطت فيها قدمي شعرت بالغرابه، فهي ليست منعزله عن العمران ويلزمك السير اكثر من ساعتين بعد النزول من اقرب محطة قطار فقط لكن أيضآ عادات اهلها غريبه، بعد أذان المغرب وحين يهبط الليل يغلف الاهالي بيوتهم المتفرقه ولا تري اي أسر للحركه في طرقاتها البدائيه الهم الا من قهوه في أخر القريه تظل ساهره لوقت متأخر

تلك القهوه التى كانت تشبه ألحانه وكأننا لازلنا في أيام الملك حيث يحتسي الموظفين المغتربين فيها البيره والجعه ولا يقصدها من الاهالي اي شخص غير العاملين فيها


ولأنني لم أشعر بالراحه للاقامه في استراحة البريد مع بقية زملائي حيث لدي طقوسي الخاصه بحثت عن سكن خارجي، لكن القريه بسيطه واهاليها لا يقومون بتأجير المنازل التي يعيشون فيها لأي غريب عنها، حتي دلني احد أبناء الحلال لمنزل يشبه القصر كان يقطنه باشا من ايام الملك حيث كانت تلك القريه ضيعته

قال لي الرجل بالحرف الواحد، المنزل خالي لا احد يعيش فيه ولم يطالب احد من الورثه بملكيته حتي ان الحكومه نفسها نسيته وانه لن تقابلني اي مشكله في الاقامه فيه

وأهل القريه يرحبون بذلك وليس لديهم اي اعتراض فقد قام بالسكن فيه احد الموظفين من مده طويله سنوات عديده قبل اختفائه


وقت الظهر قادني الرجل للمنزل الذي تحيط به حديقه كبيره متهدمة السياج تعفو فيها أشجار عجوزه غير مشذبه واحتلتها الحشائش حتي كادت تبتلع المنزل، نمت على جدرانه والتصقت أفرع الأشجار بشرفاته الجميله القديمه


كان المنزل غارق في الفوضى والوساخه ويحتاج لوقت طويل من أجل النظافه وتركيب مصابيح نيون عوضآ عن المحطمه

عندما دخلنا المنزل لم يكن يعمل فيه اي مصباح، كانت كلها مهشمه ومحطمه حتي اننا اضطررنا للسير علي ضوء أشعة الشمس المتسلل من الشرفات وسقف المنزل.


اليوم التالي اخذت نفسي نحو المنزل ولأنني كنت أعلم انه يحتاجني وقت طويل لم اذهب للعمل وقمت بحملة نظافه للطابق الأرضي

وادهشني السجاد القيم، الفخم المفروش علي الأرضيات والأثاث الأوروبي الموزع في ارجائه، اللوحات المعلقه والتي تحطم بعضها بفعل الزمن


قمت بتغيير بعض المصابيح وانتظرت سباك القريه الذي حضر وقت الظهر تحديدا لتصليح مواسير الحمام والمطبخ والذي سرعان ما انصرف فورا مع حلول وقت العصر، قال انه سيحضر في الغد لانهاء عمله



#القرية


                  ٢


ودعت السباك المرتبك علي باب المنزل وانا أحاول ان أوضح له بعد أن لاحظت اضطرابه، أنه ليس لدي مشكله بالانتظار حتى الغد.

رمقني السباك بنظره مطوله وتمني لي ليله سعيده

حدقت في ساعتي الكاسيو، كانت تشير للرابعه عصرآ مما آثار دهشتي، لازال هناك وقت طويل حتي يهبط الليل من فوق قمة الجبل لكن لأهل هذه القريه عاداتهم التي علي ان احترمها


رتبت بعض الأغراض وصنعت فنجان قهوه وضعته على طاوله تتوسط الرواق وشرعت في إخراج ملابسي من حقيبه قديمه وضعتها علي الاريكه وسمحت لنفسي بجلسه لألتقاط الأنفاس وانا ادخن سيجاره.


كانت جلستي أمام الباب المفتوح باطلاله علي الحديقه الكبيره، هنا لاحظته مندفعا نحوي من بين الحشائش الطويله التي نمت في الحديقه، رجل خمسيني نمت لحيه شعثاء من ذقنه غير المشذبه

شفته السفليه متورمه أثر ندبه ناتجه عن أصابه قديمه وكان حاجباه كثين، بدت عيناه الغائمتان وهو يقترب كأنهما تدمعان بشكل دائم من المؤكد انه لم يكن وسيمآ، بوجه غزته التجاعيد بشكل غير اعتيادي،وذقن بارزه عريضه، وانف كبير بدا انه كان يتمتع بحضور في مضي

مرتديآ قميص مطوي الكمين وقد تدلي الغليون من فمه وكان يعرج علي قدمه التي من المحتمل انها تعرضت لأصابه كبيره في الماضي.


نهضت من مكاني للقياه، لكنه توقف على باب المنزل، قال هل يمكنني مساعدتك ايه السيد؟

ولما لاحظ ترددي قال لن اكلفك مبلغ كبير!

رفعت يدي بقلة حيله وانا امسح رواق المنزل الذي رغم جهدي ظل غارق في الفوضى، قلت تفضل


قال إذآ انت تسمح لي بدخول بمنزلك؟


قلت ليس منزلي علي وجه الدقه، لكن تفضل، تمتم الرجل بكلمات من تحت شفته المتورمه وطوي ذراعيه ليحتضن صدره كأنه يدخل مكان مقدس او معبد بوذي ثم قفز على ساق واحده نحو الداخل


من أين ترغب ان ابداء؟ سألني وهو يرمق الرواق

من اي مكان تحب المهم ان نتخلص من تلك الفوضى التي تزعجني.


رغم كبر سنه بدا الرجل نشيط وكان يعمل بقوة شابين فتين، يرفع الأثاث وينظف اسفله ثم يعيده لمكانه، كان يعمل ضعفي في نفس الوقت حتي انني فكرت ان هذا الرجل يستحق الأجره التي يطلبها، بل وأكثر، كان يعامل المقاعد، الطاولات، المزهريات بحذر وانتباه بطريقه تشعرك انه يقدر قيمتها ويرغب ان لا يصيبها اي خدش.


كان يتحرك بسرعه وينفخ التراب بفمه من علي افاريز الشرفات والنوافذ، إذآ لم يفتني شيء فهذا الرجل متمرس في تلك الأعمال ويعرف عمله جيدآ

اشفقت عليه حتي انني دعوته لفنجان قهوه، تصلب الرجل في مكانه لحظه بآمتنان قبل أن يقول سأصنعه بنفسي اذا لم يكن لديك مانع


   _لا مشكله قلت


_قبل أن أشير على اتجاه المطبخ مشي الرجل من تلقاء نفسه تجاهه كأنه يعرف مكانه من قبل

تأملت المكان لحظة اختفائه والذي بدا منظما، نظيفآ ومرتبا حتي انني لم الحظ انه فعل كل ذلك في وجودي 


كانت الشمس قد مالت جهت الغرب تلك اللحظه وظهر شفق قرمزي خلف التله رحت اتأمله وانا مستلقي علي الأريكه

يجب أن أغادر الان، قال الرجل فجأه وهو يضع فنجان القهوه امامي على الطاوله

اشرب قهوتك علي الأقل؟

يجب أن أرحل الأن ردد الرجل بملامح ثابته


قلت لحظه واحده ومشيت تجاه حقيبتي لاحضر النقود، عندما التففت كان قد رحل

هرعت تجاه باب المنزل المفتوح لألحق به في الحديقه لكنه كان اختفي

ناديت بأسمه، فكرت انه ربما اختفي بين الأشجار ولم افلح في رؤيته لكني لم اتلقي اي رد


شبكت كفي بضيق كان يمكنك الانتظار حتي تتلقى اجرتك قلت وانا اهم بالدخول للمنزل. 

لكني تذكرت انني لا أمتلك طعام، الشمس علي وشك الغروب وستغلق كل أبواب الدكاكين في وجهي

نفضت الاتربه التى علقت في ملابسي، اغلقت باب المنزل وأخذت الطريق تجاه القريه

للقريه شارع واحد يتوسط المنازل، بدا انني تأخرت فقد كانت الأبواب تصك علي الجانبين حتي انني فكرت في الركض

تمكنت اخيرا من الوصول لبقال القريه وانا الهث كان يعد نفسه للرحيل

طلبت منه تبغ وجبن وسكر، حدق بي الرجل بتركيز قبل أن يقول شطبنا يا استاذ، قبل أن افتح فمي لاتوسله صك باب الدكان واولاني ظهره بلا أهتمام مواصلا طريقه نحو منزله.


بخطي متكاسله عدت ادراجي خالي الوفاق بمعده تكركر واحدا عشر سيجاره لن تصل بي حتي منتصف الليل

بطريقي راودتني فكرة ان اقصد استراحة العاملين بالبريد لأستعير بعض الاطعمه لكني شعرت بالحرج.


حل صمت محدق عندما وصلت المنزل ورغم ان الشمس للتو غربت الا ان ظلام حالك استوطن المنزل

شغلت مصابيح النور وسمحت لنفسي بجوله في الطابق الأرض، حتي تلك اللحظه لم اصعد للطابق العلوي

كان هناك حمام، مطبخ، غرفة ضيافه، ينتهي الرواق بباب قبو مظلم ببممر طويل تكدست فيه أكوام من الخرده، الأثاث والملابس القديمه


تركت القبو خلفي، بطريقي نحو المطبخ اخذ ضوء المصباح يزداد خفوتآ وظلام الليل يزداد حلكه حوله، ومضت دائرة الضوء على الرفوف الخاويه، كانت هناك طاوله أسفل نافذه تطل على ما بدي حظائر مهجوره، لمع ما يشبه ظل متوجه ناحية المطبخ سرعان ما انمحي في العدم

همست هل من احد هناك؟

ولاني أدرك عبثية الافتراض تابعت سيري مجتازآ الممر القصير الي غرفة الضيافه الوحيده لاري إمكانية نومي داخلها

ما ان فتحت باب الغرفه حتي قابلتني روائح عطنه جعلتني انحي الفكره جانبآ، بل وأغلق الباب أيضا.


عاود المصباح وميضة المتقطع ولانه ليس المصباح الوحيد الذي قمت باستبداله اقتنعت ان مصباح المطبخ به عطب وعلي استبداله في الصباح.


اقتنعت بفكرة نومي في الرواق علي أحدا الارائك الواسعه الي جانب طاوله استقرت فوقها مزهريه تركيه بديعه

افترشت بطانيه علي الاريكه، كان الجو معتدل ولن احتاج لغطاء، اخرجت سيجاره، اشعلتها وانا احملق بالجدار كانت هناك صورة مجعده بالأبيض والأسود بخلفيه صفراء تلطخت بشيء ما ربما يكون قهوه  لأربع فتيات شابات يقفن في مرعي يحملن بأيديهن مذاري جمع القش


التقطت الصوره في يوم صيفي جميل وقفن مبتسمات أمام الكاميرا وقد ارتدين جميعهن اثوابآ ووضعت اثنتان منهن غطاء علي رأسيهما

كن مصطفات أمام المصور بالرغم من ان ذلك كان منذ زمن طويل


نهضت من مكاني لاتبين ملامحهن غير الواضحه، راحت المصابيح تومض بضوء متقطع كأنها لا تسمح لي برؤيتهن

ليس مصباح المطبخ وحده بل كل المصابيح

كان وجوهن تظهر وتختفي علي ضوء المصابيح المتقطع فتزداد ابهام

للحظه بدت لي عيونهن تنز دموع سالت علي الصفره التي في خلفية الصوره

تراجعت للخلف بأرتياب، ما ان ابتعدت حتي عادت المصابيح تعمل بطريقه عاديه وتوقف الوميض المتقطع.


#القرية


                 ٣

كان وميض المصابيح المتقطع ازعجني للحد الذي دفعني لتنحية فكرة التحديق في الصوره مره اخري وتركها حتي الصباح، هؤلاء الفتيات الجميلات في الصوره  لن يتركن الجدار ،لن يرحلن.


استلقيت علي الاريكه  اريح ظهري الشاكي اكثر من ربع ساعه حتي شعرت بالملل والخنقه، في هذه القريه لا وجود للتلفاز وعلي ان افكر في شيء يضيع الوقت...


لا أعلم من أين واتتني تلك الفكره لكن كان علي تنفيذها، فتشت حقيبتي حتي عثرت على كشاف، تأكدت ان البطاريات تعمل، اعدت وميض الكشاف اكثر من مره حتي اطمأننت من كفأته

انهيت لفافة التبغ، سحقتها في المنفضه وعبرت الرواق تجاه القبو.


ليس مستبعد ان اجد هناك تلفاز قديم او حتي مذياع تم تخزينه مع الخرده.

فتحت باب القبو الذي أصدر صرير باكي، كان القبو ممتد امامي الي ما لا نهايه، تكدست داخله اكوام من الملابس والأثاث والتحف المهشمه حتى ظننت أننى داخل قصر اثرى

ولاحظت ملابس مختلفه مهمله مكدسه 


كان القبو ممتليء حتي أخره، الشخص الذي قام بتخزين كل تلك الأشياء اعتقد انه كان حريص ان لا يتخلص من اي غرض حتي لو كان تافه.


كانت هناك طبقات من التراب حين وضعت قدمي علي أرضية القبو

أضاء الكشاف الممر امامي، كتل من الملابس القديمه المطويه بعنايه كأنها معده للبس قيمة الخامه

فساتين كامله لازالت بحالتها حتي انني اشتممت بقايا العطور فيها ،عطر عتيق صمد كل تلك السنين لابد انه فاخر

كانت الفساتين في معظمها تعود لقوام فتيات شابات، ربطت ذلك بالصوره التي كانت معلقه على الجدار

قصات ملابس كانت سائدة في بلاد غرب أوروبا في بداية القرن الماضي!

اوشحة عنق وقبعات بحيرة البجع، مشابك ومشدات كانت تستخدم لارتداء الفساتين.

من بين تلك الملابس كان هناك رداء طفله صغيره ملطخ بنقط من الدم وأخرى لا تليق الا بكونت او أمير او زعيم عصابه. 


عبرت بين مزهريات، سجاجيد، ثريات، فناجين ملونه واباريق، اطباق بنقوش أشجار

كنت حريص الا ادهس اي شيء، لذا كان خطواتي بطيئه علي ضوء الكشاف.

مجموعه من اللوحات تزيد على المائه مرتبه فوق بعضها حتي السقف، قبل نهاية الرواق كان هناك جهاز جرامافون  يجلس وحيدآ يتوسط مجموعه من الاسطوانات مغلفه باكياس بلاستيكية وبدت حالتها جيده


قفز فأر من بين الأغراض جعلني اجفل واتراجع خطوات للخلف لالتصق بالجدار

ومض مصباح نيون مهشم الطرف فوق رأسي تمامآ، كان ظهري ضغط على القابس حين ارتطمت بالجدار

ظهرت كتل الأغراض المكومه، مجموعه من الأشباح الحلزونيه بظلال قاتمه

إرتفعت غيمه من التراب جعلتني أسعل، احتضنت الجرامانوف والاسطوانات وسرت قاطعآ القبو نحو الباب، من خلفي راح ضوء المصباح يومض بتقطع، التففت للخلف بسرعه، في أحدا الومضات لمحت جسد فتاه شابه بقميص زيتوني مبتل  منزوع الكمين،محتضنه صدرها بيديها يتساقط منها الماء واحده من فتيات الرسام الفرنسي بول غوغان ثم انطفيء المصباح

صوبت ضوء الكشاف تجاها، بدا المكان خالي ولا أثر لأي بشر غيري داخله، مشيت بحذر نحو مؤخرة الرواق حيث كانت الفتاه تقف، وجدت قطرات من الماء لطخت الارضيه،كأن شخض مر من هنا للتو !! 

حملقت بسقف القبو كان من الأسمنت المسلح ولا أثر لشقوق او تسريب خارجي ولا مطر بالخارج.


شعرت برعشه جعلتني اهتز، علي ضوء الكشاف واصلت طريقي بسرعه نحو باب القبو الذي ما ان عبرته حتي انغلق بقوه محدثا صوت صارخ.


اجلست جهاز الجرامانوف علي طاوله الي جانب الجدار وتركت الاسطوانات الي جواره

أشعلت لفافة تبغ وانا احملق بباب القبو لدقيقه قبل أن استعيد تركيزي


في الخارج كانت ريح متوسطه تعصف بأشجار الحديقه واستطعت ان اسمع صوت صريرها، أعددت فنجان قهوه في المطبخ وكانت هناك نافذه مزججه تطل على الحديقه الخاليه، وضعت فنجان القهوه بيد والسيجاره بيد واضعا المطبخ خلفي في تلك اللحظه خارج النافذه

رأيت فتي صغير يمر بسرعه خارج المنزل، كانت لقطه ولم يظهر مره اخري

هرعت تجاه الرواق، تركت فنجان القهوه وانطلقت نحو باب المنزل

نزلت درجات رخاميه اوصلتني بدرب توسط الحديقه

مسحت المكان بعيني، كان المكان خالي، التففت حول المنزل من كل الجهات، استغرقني ذلك بعض الوقت وانا افرك عيني حتي وصلت باب المنزل مره اخرى وانا أكاد افقد ثباتى 

دلفت للداخل، اخذت رشفه من فنجان القهوه الذي كان ينتظرني

وضعت اسطوانه في جهاز الموسيقي علي امل ان تعمل

انطلقت موسيقي هادئه اراحت اعصابي، حينها ألقيت بجسدي علي الاريكه في مقابلة اللوحه على الجدار


ارتعشت مصابيح السقف وراحت تومض بتقطع، عيني مثبته علي اللوحه، جسدي يرتعش بوتيره متصاعده، الموسيقي تصدح، واللوحه المصوره بالأبيض والأسود نقصت شخص

أحدا الفتيات الاربع انمحت من الصوره ولم يتبقى منها الا مذرات  القش مثبته في الهواء.... ؟


حاولت أن أتذكر وجه تلك الفتاه في اللوحه، ان اقنع نفسي انها لا تمتلك ملامح فتاة القبو

لكن وجه التشابه أصابني بالأحباط وجعل دقات قلبي تضربني بشده



#القرية


   ٤


مسدت وجهي بكفة يدي متمنيآ ان تنمحي مخاوفي ويعود كل شيء لنقطة البدايه.


، انهضت جسدي المرهق  غير المتزن، قصدت باب المنزل تحت أنظار وميض مصابيح متقطع، صككت الباب خلفي، في الحديقه تنشقت جرعة هواء بارد منعشه، ودعت المنزل على أنغام سيمفونية بيتهوفن التاسعه وانا أسير علي أوراق أشجار جافه لها حفيف محزن.


المكان الوحيد الذي اعرف انه لازال ينبض بالحياه حانة القريه على حافة المدينه الميته.


مشيت بين البيوت المغلقه، منازل عامره بالبشر تخضع لسكون دامي، لا صوت، لا همسات، لا صريخ رضيع، ولا احتجاج إمرأه ،وكان هناك شيء لامع على أبواب المنازل رأيته كلما انعكست الأضأه على جدران المنازل ،شيء يشبه تمثال صغير او قطعة معدن فى كل مره تدهشنى هذه القريه حتى اننى اعتدت غرابتها وتذكرت عندما سألنى السباك حينما كان فى منزلى باندهاش الم يمنحك عبد المتعال اوشابتى او  لتعلقها على باب المنزل؟ الان فهمت ما تعنى اوشابتى ، قطعة نحاسيه لعينه من ايام الفراعنه.


انوار ألحانه تسطع من بعيد منعكسه على بقايا شجره صفصاف  كانت الحانه ممتلئه بحفنه من البشر، جلسو علي مقاعد قديمه أمامهم طاولات قذره

قابلني نادل غزت وجهه الدمادم بنظره باهته مصدومه


كيف حضرت هنا في ذلك الوقت قال اندهاش، كيف خرجت من منزلك ؟

تفحصت ساعتي كانت تشير للحادية عشر ليلا


قلت عادى الساعه لازالت الحاديه عشر

قال النادل بصدمه ،يعنى لم يقابلوك ؟

قلت لا لم يقابلنى احد  ،ثم من قد يمنعنى من السير فى الطرقات ؟

قال النادل انت محظوظ، ثم صرخ احد الناس على النادل فتركنى ورحل.


رمقني رواد القهوه بصدمه المحليين منهم، بينما بدا امر عاديآ للموظفين من خارج القريه


بينما سرت نحو النادل مره اخرى ،ماذا تعني بقولك ؟ للقهوه مواعيد محدده؟


لا تشغل بالك، قال النادل وهو يرمق الطريق خلفي، تفضل بالدخول

شاي، أم قهوه؟

قهوه من فضلك


جلست على احد المقاعد الي جوار موظف رايته مره الي جوار مكان عملي، رحب بي الرجل بابتسامه كبيره

مرحبا بك في القريه الصامته

قلت اهلا وسهلا

أردف الرجل بتذمر، لا أعلم لما ترسل بنا الحكومه الي تلك القري البعيده المنعزله

تصور منذ حضرت هنا للوحده الصحيه لم يحضر لنا مريض واحد

اهل هذه القريه لا يمرضون!

قال زميل لي بالعمل لم أكن لاحظته بعد، وانا لم ارسل ولا برقيه حتي الأن

مكتب بريد حديث، صرف عليه آلاف الجنهيات من أموال ضرائب الشعب لا يطرق بابه ولا نفر

اللهم الا من رساله شهريه ترد ألينا من خارج القريه لاحد الفلاحين يدعي مسعد عبد الرؤوف

تصل كل شهر في موعدها ونقوم بتوصيلها للشخص المعني الذي يفضها أمام الموظف، يبحلق فيها ويقوم بتمزيقها فورآ


همس عامل الوحده الصحيه، هناك شيء آخر، ابتاع كل يوم من البقال شاي وسكر وكافة احتياجاتي، لا شيء ينقص في دكانه ولا أعلم من أين تأتى بضاعته ؟


رد عليه زميلي في العمل، اهل هذه القريه منقطعين عن العالم، اشك ان لا أحد منهم أقرباء خارج القريه

رحت استمع لحديثهم الغامض، الباهت وفي عقلي ومضات للمواقف التى حدثت معي في المنزل، وشعرت بالألفة بينهم

واحببت جلستهم 


شطبنا، قال النادل وهو يشير لساعه عتيقه علقت على الحائط، نهض كل الحاضرين، بدا انهم معتادين على ذلك

نهضت انا الاخر وانا اعاين الساعه، منتصف الليل تمامآ.


بداء عددنا يتناقص مع كل الخطوات التي نبتعد فيها عن القهوه، منزلي علي مشارف القريه لذا كنت انا الشخص الذي يمشي بمفرده في النهايه

لطالما كنت وحيد في حياتي رغم الزحمه التي تحيط بي، لا احتاج لتذكير بذلك

لكن السكون والظلمه صور مؤطره لتاريخي الحافل مع العزله

المنازل مغلقه على جانبي الطريق،أسير وانا ادندن، في فمي لفافة تبغ


حتي كلاب تلك القريه لا تنبح ليلآ، لم اري ولا قطه في الطريق او تعبر بين المنازل، قلت حتى السباك لم يظهر اليوم


استقلبتني الحديقه الكئيبه بأشجارها الضخمه مجموعه من الحراس بظلال طويله تشيعني نحو المنزل

باب المنزل مغلق كما تركته، الموسيقي تصدح أيضآ، مع اقترابي من الباب شعرت بحركه، خطوات اكثر من شخص تتحرك في الرواق، وضعت يدي على مقبض الباب المذهب، كان المعدن بارد الملمس.

انفتح الباب بسهوله ويسر، علي ضوء المصابيح مسحت الرواق الذي كان خالي، وضعت قدمي بتردد داخل المنزل، المقاعد، الطاولات، كل شيء في مكانه.


كان الوضع اقل مأساويه الان، الصوره الملتقطه علي الجدار كامله، اربع فتيات جميلات مبتسمات للكاميرا

اقتربت من الصوره، حدقت بوجه الفتاه التي اعتقد انني رأيت طيفها في القبو

شابه نحيله بملامح وجه حاده، تمتلك ضفيرة شعر طويله سابحه على ظهرها ، هالني وجه التطابق بين الصورتين لدرجه لا يمكن تجاهلها.


هناك مكتبه ،للذهاب بعيدآ، سحبت اول كتاب وقع في يدي، مجلد يؤرخ للغرب الأوروبي العادات وطرق المعيشه، وجدت بعض القصص اللطيفه، دخنت سجارتين مع فنجان قهوه

لكن قلقي لم يرحل، أشعر أن جدران المنزل تطبق على، كل شيء قابلته في هذه القريه منذ اول لحظه وحتي الأن غريب جدا

استلقيت علي الاريكه تحت ضوء المصابيح المتقطع وحاولت النوم

قاومني ملك الأحلام اكثر من ساعه قبل أن أغلق عيني ويتدحرج نحوي كابوس مرعب، انا خلف المنزل، أقف أمام شجره تحتها شاهد قبر، من فوقي ينعق غراب بعين واحده

الظلام يتسع، يبتلع الحقول، يطغى علي ضوء القمر، امامي قطعة رخام عليها اسم وتاريخ

أنحني لادقق في الأسم، تخرج يد من القبر وتمسك بعنقي، تسحبني نحو الأرض


فتحت عينى بصعوبه وانا متعرق، اكره الأحلام والكوابيس

ثم لاحظت شييء غريب انا لن انام سوى خمسة دقائق فقط.



القرية


     ٥


في مكتب البريد صباح اليوم التالي كان بداية الشهر، الأول من كانون عام ٥١ قضيت ليله مرعبه في المنزل، هاجمتني احلام مزعجه ولم تتوقف المصابيح عن ازعاجي، لا يدخل مكتب البريد اي فرد من القريه لذا يقوم الموظفين، من حضر منهم بتسلية نفسه بالأكل والقصص ،الساعه العاشره حضرت عربة البريد، عربه خشبيه يجرها حصانين كانت تحمل رساله واحده بأسم مسعد عبد الرؤف، وقع عامل البريد علي إستلامها، قال انه سيرسلها لاحقآ، لكني اقنعته بأنني سأقوم بتوصيلها بنفسي

كان على الانصراف واخبرتهم انني لا أعود مره اخري، وضعت الرساله في جيبي وانطلقت لمنزل مسعد عبد الرؤف، بمساعدة الاهالي توصلت لمنزله، بيت قديم من طابق واحد قريب من النهر، امامه حديقه صغيره من العشب، طرقت الباب الذي اصدرت مفصلاته صرير مزعج، باب متهالك على وشك السقوط، لم اتلقي اي رد، درت حول المنزل محاولآ النظر من أحدا نوافذه

ماذا تفعل هنا؟ سألني رجل يحمل في بيده عتله حديديه

من سمح لك بالتعدي علي ملكيتي الخاصه؟

اندهشت ان الرجل لم يعرفني، لقد عرض علي خدماته منذ يوم واحد فقط، كان غليونه يتدلي من فمه، في قدمه عرج بسيط


الا تعرفني قلت؟


كيف اعرفك بحق الجحيم؟ تحضر هنا، تتلصص علي وتدور حول المنزل، ماذا يعني ذلك؟

كان الرجل واعيآ لكماته مما أصابني بالارتباك، عينيه مختفيه داخل محجريهما!


قلت انت عرضت على المساعده امس في منزلي؟

انا؟. ورفع الرجل كتفيه باستنكار؟ لم أغادر منزلي منذ عام الا للذهاب للنهر، كيف تزعم وصوب العتله تجاه وجهي انني كنت في منزلك؟

ثم اين منزلك بحق الشيطان؟

انت من اهل القريه؟


انا موظف البريد الجديد


وماذا يعني ذلك؟  كيف تتطفل على، انت غير مرحب بك هنا ارحل


شعرت انني بحاجه للماطله، أخرجت الرساله من جيبي، وصلت اليك رساله!

حملق في الرجل بارتياب، أين عبد الدايم علي كال حال، ذلك العجوز المتهالك مات؟

لا ، قلت، لكن طلب مني أن اوصل لك الرساله


مشي الرجل خطوات تجاهي وانا اتفرسه، كان هو لا شك لدي

تناول الرساله ووضعها في جيب معطفه

يمكنك الرحيل ولا تعود هنا مره اخري، انا لا استلطفك ثم حدق لبعيد بعيني تائه

اين تسكن قلت؟


في المنزل الكبير علي أطراف القريه

امممم، ارحل، يمكنك الرحيل


دلف الرجل لمنزله وصك الباب خلفه، وضعت يدي في جيب بنطالي واخرجت لفافة تبغ بطريقي نحو منزلي

لماذا يدعي انه لم يحضر لمنزلي؟ قال انه لم يغادر بيته منذ أعوام ماذا يعني ذلك؟


كان السباك ينتظرني أمام المنزل، اعتذرت له كنت نسيت الموعد، انهي عمله بسرعه ورفض تلقي أجرته، قال اعتبر ذلك واجب ضيافه

اصريت ان يأخذ ماله، لكنه رفض، ستلاحقني لعنات الشياطين ان فعلت

اسمع ونظر تجاهي من الأفضل لك ان تبحث عن منزل اخر

هذا البيت لا يرحب بضيوفه وكل من يسكنه محكوم عليه الفناء، اقول ذلك ذلك لانك تعجبنى رغم انه محرم على

ربما تكون الياشب رحيمة بى ولا يلحق بأى اى ذى

بدا حزينآ وخائفا ومرتابا لأنه تعدى حدوده كأنه القى نصيحه ما كان عليه ان يقولها.


اختفي السباك بين أشجار الحديقه، غاب عن نظري


كل شيء يدعو للارتياب، حضرت منذ يومين واكاد اشك في صحة قواي العقليه

أعددت وجبه خفيفه وانا افكر في كلام مسعد عبد الرؤف، هذا الرجل يخفي سر

القريه كلها تخفي سر


مضت ساعات قبل أن تغرب الشمس، صكت كل منازل القريه أبوابها وخلت الطرقات من الماره

أحتسيت فنجان قهوه واشعلت سيجارتين، وضعت كشاف في جيبي وانطلقت نحو منزل مسعد عبد الرؤف، كان الفضول ينهشني ولم يسمح لي بالتوقف ولا بالتفكير العقلاني

عندما اقتربت من المنزل، رأيت مسعد يخرج من منزله، اختفيت خلف جذع شجره، واصل الرجل سيره وهو يترنح حتي وصل حدود النهر هناك ارتقي فلوكه صغيره وراح يجدف بعيد

تابعته حتي اختفي ثم قصدت منزله، انفتح الباب بسهوله

هذا الرجل يخرج ليلا علي عكس عادات اهل القريه، قابلتني رائحة سمك مملح ازكمت انفي

منزل بسيط من الداخل عباره عن غرفه واسعه بها موقد وبعض الأواني

طاوله مهشمه ومقعد، علي الأرض حصيره من القش

تأملت المنزل قبل أن تقع عيني على الرساله

 كانت موضوعه في صندوق خشبي مفتوح، تحتها كومه من الرسائل لازلت لم تفض بعد

تناولت الرساله، فضضت المظروف وقرأتها


لازلت حي ، لم تمت بعد 

صمت لدقيقه قبل أن افض رساله اخري، نفس الكلمات، لم يتغير ولا حرف

رساله اخري، كانت الكلمات تتكرر كما هي ولا رساله فتحت من قبل مسعد عبد الرؤف..



القرية

٦


أشعلت سيجاره على باب منزل مسعد عبد الرؤف المتهالك محدقآ بالنهر، البقعه التي التهم فيها الليل الفلوكة، أنه الشخص الوحيد الذي يتجول ليلا وتصله رسائل من خارج البلده، انتابنى الفضول، لم أصدق ابدآ فكرة انه ذاهب لصيد أسماك البلطى وتسمرت فى مكانى

كل ما يحدث لى هنا عجيب، هذه القريه اللعينه ستفقدنى صوابى

السباك، البقال، وكل اولائك الحثاله المقيمين هنا

لماذا يخشون الليل ويحتمون بمنازلهم، وما سر تلك التمائم التى يحمون بها منازلهم فى الليل ؟

راح فضول ينهشنى وجلست على الأرض فى شرود وهواء بارد يلسعنى، انهيت ثلاثة لفافات تبغ ولم افلح فى إيجاد مبرر يقنعنى


كان لدى طريق طويل لأقطعه لذلك نفضت ملابسي واستدرت خلف منزل مسعد عبد الدايم وسط الظلام وانا أشعل لفافة تبغ أخرى

كنت فى الجهه الشماليه من القريه حيث مزارع العنب والبرتقال والرمان وحقول الذره التى لا آخر لها، أسير بين منازل ميته

لا حركه فيها ولاروح وشعرت فى عمقى بلذة التبغ وسط كل ذلك التيه المرعب، ويبدو أننى شردت اكثر من الازم، تلك اللحظات التى تقطع فيها اقدامنا مسافه كبيره بلا وعى ووجدتنى أمام منزل نائي لا جار له

وكان هناك ضوء منبثق من شرفه عتيقه، لم أرى هذا المنزل من قبل، لكننى لم أرى العديد من الأشياء ولم اجربها فأنا جديد فى هذه القريه

الغامضه، وقفت لحظه غير مصدق

اول شعلة ضوء تقابلنى منذ حضرت ورغم أننى لم امكث  سوى يومين او ثلاثه الا أننى أشعر انى قضيت عمر كامل هنا

حاولت أن اسمع اى صوت ولم تصل لاذنى أدنى حركه


كان الوقت متأخر وكنت لازلت أشعر بالخوف الا أننى بكل حماقه نقرت باب المنزل عدت نقرات، كان لدى شغف ان اعرف من يقيم هنا

ولماذا هو مختلف عن أهل القريه وهل من الممكن أن يساعدنى فى فهم تلك الأوضاع الغريبه؟


لم يصلنى رد، الا انه بعد نصف دقيقه وقبل رحيلى سمعت خطوات وراء الباب جعلتنى اتسمر فى مكانى ابذل محاولاتى لخلق مبرر مقنع

لنقر أبواب الخلف فى انصاف الليالي


سرعان ما رحل كل ذلك عندما انفتح الباب واطلت منه أجمل فتاه رأتها عيني، أقسم انها كانت تمتلك جمال جنيه مسحوره

وقفت مبلم لا أعرف ما اصابنى ووجدتتى اهمس انت من اهل القريه؟

همست بلا خوف لو كنت انت من اهل القريه لعرفت الحقيقه

لكنك غريب والغريب أعمى

قلت بارتباك هل يمكننى ان ادخل ؟

همست فى أرضك يدخلون بيوت النساء فى نصاص الليالى ؟

اعتذرت قلت انا اسف، لكن اتعرفين كل ما فى هذه القريه يصيب بالجنون ،ثم انك المنزل الوحيد الذى أرى فيه ضوء مصباح خلال الليل خلاف الحانه

وضعت يدها على الباب واغلقت جزء منه، اذا كنت تبحث عن اجوبه فهذا ليس المكان المناسب

قلت انتظرى من فضك

كيف يكون بيتك الوحيد الذى أشعل مصباحه ؟

قالو لأنهم لا يصلون اليه، يبدو أنك قادم من عند منزل

مسعد عبد الرؤوف حيث انك قطعت كل تلك المسافه وسط الخراب والتيه، اسمعنى جيدا لا تسير خلف فضولك

ثم أغلقت الباب وهى تقول لا تسير تجاه الشمال أكثر من ذلك

الحمايه التى تتمتع بها وتجعلهم لا يقتربون منك ستفقدها


وقفت دقيقه غير مصدق ان هذا الحديث دار من أصله

كنت كالذى فى حلم جميل ولا يرغب الافاقه منه

ولما لسعنى البرد  رحلت. 


قطعت ما تبقى من المسافه فى مايشبه الجنون ، عقلى لا يصدق كل ماحدث،

ان ما حدث لم يحدث لى، كنت شخص أخر أرى نفسي أتحرك، امشى، اتكلم.


ضغطت باب منزلى انفتح بسرعه، تهاويت على الاريكه بكل جمود العالم وهزيانه

لقد شربت جرعة مخدر مركزه افقدتنى صوابى


أخرجت لفاقة تبغ واشعلتها، روحت احرك الدخان بيدي، السعنى لأتأكد أننى حى أشعر


اللوحه اللعينه على الجدار تراقبنى، أشعر انها حيه تتحرك وتتنفس وتري


لكنهم ثلاثة فتيات فقد، كانو اربعه، سأجن، اقتربت من اللوحه كانو أربعة فتيات

احداهن رأيتها منذ قليل...

اللعنه، كيف لم أدرك ذلك ؟

نعم تلك الجميله كانت واحده من فتيات اللوحه، يالى غبائى 

ثم سرعان ما شعرت بالخوف والرعب وارتعش جسدى

كيف تكون هى؟

كيف تترك اللوحه ثم تعود ؟

ما هذا المكان؟ بيت الشيطان ؟


بعد أن هدأت بعض الشيء 

اخذت نفسي على الحمام، اغرقتنى بالماء البارد حتى ارتعش جسدي

ومض نور المصباح، ارتعش كعادته

وسمعت ضحكه مجلجله قادمه من قبو المنزل


التصقت بالجدار، خائف، مرتعب، مرتجف، وضائع، ثم فتحت باب الحمام، واربته

كان الطريق خالى، ارتديت ملابسي بسرعه، إذآ كنت سأموت فلا أرغب ان يجدو جثتى عاريه، انا لا أرحب بذلك ولا افضله

لن اذهب الى القبو، رميت نفسى على الأريكه وانا ادعو الله ان تمر تلك الليله بلا مفاجأت أخرى.


شقشقت العصافير التعيسه وأطل نور الصباح من كوة المنزل مما زاد من طمأنينتى

كانت الساعه السابعه صباحآ 

تجرأت وفتحت باب القبو، كان خالى، تهيأت عقل مريض


عدت للنوم مره اخرى وقبل أن أنام أشعلت لفافة تبغ أخرى واسلمت عينى لملك الأحلام


سمعت طرقات عنيفه علي باب المنزل، كان النهار قد انتصف، وأشعر بحرقه فى عيونى


جسدي عارى

اخر ما اتذكره أننى ارتديت ملابسي


ارتديت ملابسي المبعثره على الأرض وفتحت باب المنزل،،وجدت السباك بسحنته التى اعرفها


قال لقد حضرت لإصلاح سباكة الحمام، هناك تسريب هناك


قلت اعتقد انك مخطاء؟


تقافز السباك مثل قرد وقفز ثم دخل المنزل وقصد الحمام، تبعته بصمت


هناك كانت المياه تغرق كل الأرضيه


لم اتجادل معه، شربت كوب شاي وانا ادخن لفافة تبغ والقيت برأسي للوراء فى شرود لعين


القريه        ٧


القيت رأسى للوراء ولا اعرف كيف نمت رغم تسلل أشعة نحو الرواق ووصولها تحت قدمى، رغم انى كائن ليلى ولا يمكننى النوم ذا لمحت ذرة ضوء.


استاذ عونى انا خلصت !


فتحت عينى ،كان السباك يقف بجسده النحيل آمامى وكان الوقت عصرا طبعا كما اعرف

لحظه قلت سأحضر لك اجرتك!


لقد تم دفع الأجره استاذ عونى....... وأشار نحو الرواق 


وقبل ان اسأله من قام بالدفع واين هو؟ كان السباك قد تسلل ناحية الحديقه

تبعته بكل غل وحقد وكرهه وانا اركض وقبضت علي عنقه


من قام بالدفع سألته؟


هذه ليست مشكلتي يا عونى يمكنك أن تسألها وأشار مره أخرى بيده اللعينه تجاه الشرفه

خلف الشرفه ومض طيف خيال لم أراه، ظللت محدق بالشرفه، وتسحب السباك كاللص واختفى

كان لدى شيء من الغضب عندما دلفت للداخل، بلا تردد صعدت الطابق العلوي

فتشت كل الغرف الكئيبه المحشوه بالكراكيب وتماثيل الجص والحجاره  حتى وصلت الشرفه

لم أجد اى كائن غريب سوى فأر قذر قفز على الاريكه

راقبت الجرز المحشور بلا طريق للهرب، وعندما حركت يدى لأقتله اختفى الجرز بين الكراكيب. 


على الأرض كانت هناك آثار وحل لقدم دقيقه ورقيقه، تبعت آثار الوحل على أرضية الخشب الابنوسيه حتى وصلت القبو


صرخت بكل غضب على باب القبو، كنت فى حالة هذيان ولم اتمالك نفسى، أظهر وجهك القبيح! ؟

لن اترك مكانى حتى لو اضطررت لنقل كل الاثاث خارج المنزل ! 


شككت أننى سمعت صوت قال انت لا ترغب فى ذلك

وبعد أن فتشت القبو كله لم اعثر على اجابه


فى الرواق صنعت ثلاثة فناجين قهوه ودخنت مائة لفافة تبغ قاتله،وانا الف وادور كالمجنون، أكاد افقد عقلى

تلفحت بستره صوفيه وغادرت المنزل قاصدآ الحقول حيث المنزل الذى قابلني الليله الماضيه

اتبعت نفس الإشارات والمعالم حتى وصلت البقعه التى ظننت أننى رأيت المنزل فيها

كانت مساحه شاسعه وخاليه من اي عمران، لا آثار لجدران او اى حياه،جلست على الأرض، هنا كان يقبع منزل يا عقل يا أحمق ،هنا كنت اتحدث مع  أنثى جميله


انحرفت الشمس خلف التلال الرماديه  القاتمه ولسعنى البرد وشعرت بالوحده، منزلي كان خلفى والبراح امامي

سرت على غير هدى وسط الحقول أمل أن أرى اى شيء

وقادتنى قدمى نحو بقعه خاليه يتوسطها بئر، أحاط بي الظلام وسمعت همسات من حولى وحركه غير واضحه جعلت جسدى ينتفض

كان مظهر البئر مرعب، لاتخلص من خوفى أشعلت لفافة تبغ وقررت ان أعود للمنزل بسرعه

اوليت البئر ظهرى وسرت بخطوات بطيئه نحو الضوء البعيد لمنزلي


معك قداحه؟


نظرت كان يسير إلى جوارى

رجل قصير بدين مشعر بفمه سيجاره كليوباترا، ألقيت يدي فى جيبي واشعلت لفافة تبغه

رغم فجائية ظهوره، سعدت انه سيرافقنى خلال طريقى نحو المنزل

ما اسمك قلت؟ 

حاولت أن لا انظر نحوه، كنا سائرين الى جوار بعضنا نمشي ببطيء


اسمي مسعد عبد الدايم قال الرجل بهمس


سرت رجفه فى مؤخرة ظهرى، لسعة برد لعينه وقبيحه تخللت عظمى


مسعد عبد الدايم؟


أجل


لقد قابلت مسعد عبد الدايم من قبل، قلت بصوت مرتعش


ولم يكن يشبهنى أتم الرجل جملتي


قلت  اجل


انه ليس مسعد عبد الدايم الحقيقي خاطبني الرجل بثبات


ماذا تعنى قلت وانا التفت نحوه 

لكنى لم أجد الرجل، كان قد تبخر بعد أن قال كلمته

كنت اسمع عن الأشباح التى تظهر ليلآ فى القرى والنجوع والحقول المهجوره ،كنت اعرف انها مرعبه ولم أكن اتخيل

انها من الممكن أن تظهر على هيئة رجل.

ورغم اختفائه ورحيله الان أننى كنت أشعر بحضورة حولى

كان يفصلنى عن المنزل قرابة ميل وكنت اعرف أننى لو لم اتمالك نفسى ستؤول أمورى إلى شيئ سيء جدا

الاشباح لا ترحم، بداء جسدى يرتعش بشده والسيجاره تهتز بين اصابعى ،أغمضت عينى وتنهدت ،لقد رأيت أكثر من ذلك

اصمد يا عونى ،كيف تسخر من أهل القريه وانت ترتعش من مجرد مقابلة شخص مجهول ؟

ولأول مره أدرك أن أهل القريه على حق، وما كان ينبغى على السخريه من مخاوفهم

ثم سمعت صرخه قادمه من البئر البعيد الذى كنت عنده

كأن شيء كان محبوس داخله وتحرر ،لم استدر تجاه الصوت

لم اتجراء إلى جوارى رأيت قطه بيضاء تركض بسرعه

للقطط قدره كبيره على استشعار حضور الأشباح والمخلوقات المورائيه وكاد قلبى ان ينقلع، اسمع الصوت من خلفى يقترب

وكبريائى يمنعنى من الركض

ثم رأيت ضوء مصباح من على باب منزلى يصوب تجاهى

كان الضوء خافت لكنه وصلنى وشعرت ببعض الآمان وكلما اقتربت من المنزل زادت قوة الضوء، اى ان كان ذلك الشخص فأنا مدين له بحياتى وكبريائى عندما وضعت قدمى فى حديقة المنزل اختفى ضوء المصباح ولمحت باب البيت موارب ولا أثر لأى شخص...


على باب البيت اشعلت سيجاره ودلفت للداخل متوقع رؤيت ذلك الشخص، كان الرواق خالى والمصابيح فى طريق القبو ترتعش ثم انصك باب القبو.


قلت لعقلى هذا يكفى ،لقد رأيت ضوء المصباح مثلى وسمعت صوت انغلاق باب القبو

هناك شخص يعيش معى داخل المنزل، فتحت باب القبو وقابلتنى آثار قدم من الوحل على الارضيه

وقفت للحظه استعيد ثباتى ،فيه حد هنا؟

من فضلك أظهر!؟

مش معقول كده، مهما كانت ماهيتك انا مش زعلان من تعديك على ممتلكاتى لكن عايز اشكرك

ثم خطوت ببطيء متفحص كل ركن فى القبو حتى قاربت الوصول إلى النهايه ثم ظهرت قطه بيضاء غريبه أطلقت مواء دافيء ،تسألت هل انت نفس الهره؟

ثم استغربت سؤالى من ابحث عنه شخص قادر على استخدام مصباح وليس هره

تركت الهره ومشيت نحو باب القبو افرك رأسى وعندما خرجت من القبو كانت الهره تتحرك بين قدمى تسبقنى وتعود وتحتك بقدمى..

كده مش هينفع، انا لازم اقابل الراجل إلى أجرلى البيت واسأله حكاية البيت دا ايه وان كان ولابد هسيب البيت واسكن فى الاستراحه بتاعة البريد.

أغلقت باب المنزل جيدا والشرفات والنوافذ ،الخوف دفعنى إلى ذلك ،صنعت كوب قهوه وجلست فى الرواق افكر

لم تمضى سوى لحظات وسمعت طرق على باب المنزل

بصيت على الساعه كانت عشره باليل

انا عارف ان أهل القريه مش بيتحركو فى الشوارع بعد المغرب ،يا ترى مين ده؟

قربت من الباب وبصيت من خرم اكله السوس وجدت امرأه اربعينية بملابس مبتله واقفه على الدرج بيدها قبعة لبنيه داكنه

مين دى وايه حكايتها ؟ وايه إلى رماها على بيتى فى الوقت المتأخر ده

حطيت ايدى على الأوكره وخلاص هفتح ،سمعت صوت انثوى واضح بيقول من ورايا  متفتحش..



#القريه


       ٨


متفتحش !!!

ايدى وقفت على اوكرة الباب، كنت متأكد ان المنزل خالى من أى بشرى غيرى

لكن فى الآونه الاخيره وبعد إلى حصل معايا فى الغيطان، مقابلة الأشباح فى هذة البلدة اسهل من شرب المياه...


إستدرت بجسد مقشعر متخيل رؤية مخلوق مرعب

الصوت كان قادم من جهة اللوحة، وبالطبع لم أرى احد هناك

خارج الباب كانت المرأه لازالت تلح على طلبآ للدخول

امرأه جميلة بجسد مبتل رغم انه لا مطر هطل على القريه

كان الصوت المحذر قد دق جرس إنذار داخل عقلى

كنت مأخوذ بجمال المرأه

لطالما فتنتنى النساء الجميلات المستعدات للخضوع لرغباتى

لكنى لم افكر فى كيفية وصول هذة المرأه إلى بيتى المنعزل

ترتدى تنوره قصيره ضيقه وقميص ازرق لامع

إنها ليست واحده من أهل القريه؟

بالتأكيد لم يحملها منطاد سحرى إلى منزلى

فمن تكون ؟

مثل هذه المرأه لا تشاهدها الا فى الساحل الشمالي

او فى افلام هند رستم ،أثناء شرودى ظهرت القطه التى قابلتها فى القبو والتصقت بساقى

افتح الباب....

افتح الباب

كان صوتها ناعم، دافيء، مغرى، انثوى، غجرى

... أذا كانت عفريت او جنيه او حتى مخلوق فضائي كيف اسمح لنفسى برفض كل ذلك الجمال

فتحت الباب، ومع فتحى للباب هربت القطه ،كنت فى حضرة الجمال والأبتسامه الساخره متيبس مأخوذ تائة

لكن المرأه لم تدخل البيت وانا لم ادعوها للدخول

ممكن أدخل ؟

وانا احاول ان اختار كلماتى، مثل تفضلى يا قمر او طبعأ يا جميلة الجميلات، سقطت ثرية الرواق فوق الأرض وتهشمت،

محدثه صوت صاخب مرعب

ارتعش جسدى وتراقصت قدمى من الرعب، كان الرواق خالى

رغم ذلك سمعت لا تسمح لها بالدخول ستكون نهايتك

دوى الصوت داخل الرواق وامتعضت ملامح المرأه ولأول مره أرى انيابها الطويله

صككت الباب بسرعه بلا ارداة منى تصرف جسدى تلقائيا من الرعب

وعندما فتحت الباب مره اخرى كانت المرأه رحلت رأيتها تمشى داخل الحديقه دون أن تستدير...


وانا واقف كنت عارف انى استحاله اقدر انام داخل البيت الليله دى بعد ما الثريا المربوطه بالسلاسل ما وقعت على الأرض وتهشمت

ولم أصدق نفسى عندما رأيت الثريا معلقه فى مكانها

الزجاج المكسر المبعثر على الأرض اختفى.


مقدرتش ادخل جوه البيت فضلت واقف على الباب

كانت المره الأولى إلى اتأكد فيها ان البيت مسكون بالاشباح

مش بس أشباح لكن أشباح ربما تخاف على مصلحتى او ترغب فى مساعدتى

ظهور القطه مره تانيه طمنى وخلانى امشى ناحيت الكنبه وعنيه وسط دماغى

ولعت سيجاره وانا متوقع فى اى لحظه يظهرلى عفريت او جن وكانت جلستى قدام اللوحه

اللوحه إلى التركيز فى تفاصيلها هيدمر دماغى ويصيبنى بالجنون

نقصت اللوحه وأحده من الفتيات ،لم تكن نفس الفتاه التى اختفت فى المره الأولى بل الأصغر منها

قربت من اللوحه غير مبالى بارتعاشة المصباح فوق دماغى

اللوحه دى مش طبيعيه، اللوحه دى مسكونه ،اللوحه دى كلها عفاريت

ادرك جسدى ان البقاء فى المنزل يعد جنون، مشيت قاصد الباب اهرب

بخط عريض كتب على الباب فى الحال اذا خرجت لن تعد مره اخرى لن تكون موجود سيتم القضاء عليك


#القرية


             ٩


التحذير على الباب مكنش هزار، لقيت نفسى متحاصر، بس البيت من الداخل رجع هادى مره تانيه كأنه بيقولى ارجع اقعد متخفش ،رجعت قعدت فى الصاله لحد الصبح، اشرب شاى وادخن سجاير ،لم يغمض لى جفن ،روحت الشغل وانا مصمم اكتشف سر القرية دى ،او على الاقل إلى بيحصل معايا

فى الشغل قابلت زمايلى إلى مكنتش مهتم اعرف حاجه عنهم

اكتشفت حاجه غريبه ،كلهم مش متجوزين ،والاغرب من لحظة قدومهم إلى القريه مفيش إجازات، يعنى محدش منهم خرج من القريه

سألت طيب ازاى ؟  مفيش حد فيكم فكر يزور اهله ؟

ولما سمعت الاجابه اتصدمت ،غالبية العاملين داخل مكتب البريد مقطوعين من شجره ولما فكرت شويه صدمتى بدأت تقل ،انا كمان مقطوع من شجره..

طيب ليه محدش حاول يغادر القريه ؟ إيه السبب إلى يجبرهم يتحبسو جوه القربه

مدير مكتب البريد راجل أربعينى يتمتع ببعض الحكمه

قالى هو انت يا استاذ عونى مخدتش بالك من عقد الشغل إلى  وصلك؟

فى عقد التعيين فيه بند انك لا تغادر القريه الا لما يوصلك خطاب رسمى من الجهه الحكوميه ينهى فترة شغلك هنا

وعلى مدار السنين إلى فاتت مفيش حد وصله الخطاب ده

مقدرتش استحمل كل الهرى ده

دا مش معقول يا استاذ عبد الجواد ، مش  ممكن يكون كده

انا فعلآ مقرأتش اخطار التعيين لكن إلى بتقول عليه يشبه الجنون !! هو فيه مراسلات بتوصل هنا غير لمسعد عبد الدايم ؟

صمت عبد الجواد دقيقه، كأنه بيفكر يقول سر

بص آخر شخص فكر يسيب القريه يا استاذ عونى مقدرش

القريه رفضت خروجه

رفضت خروجه ازاى بقا يا استاذ عبد الجواد؟ وقفتله غفر ؟

ولا عساكر النوبه ضربوه بالكرابيج ؟

ابتسم عبد الجواد، من حقك تسخر يا استاذ عونى طبعا

لكن لو مش مصدقنى اسأل فى القريه شوف اخر شخص خرج منها كان مين؟ وامتا ؟

تنهدت بضيق ،وانا إلى كنت فاكر هلاقى هنا اجوبه على اسألتى ،اسمع شوية قصص خياليه وخزعبلات ؟

اخدت بعضى ومشيت كده كده مفيش شغل والبوستة اشبه ببيت العيله إلى بيجمع الموظفين....


كانت نظراتى لأهل القريه مختلفه تلك المره ،انهم يمارسون حياتهم الطبيعيه خلال النهار ،يزرعون ويحصدون ويتزاورون كأن لاشيء غريب فى حياتهم ،بينما يغلقون بيوتهم مع غروب الشمس. 

عرجت على منزل السباك، لم أكن احتاجه فى شيء لكنه اول من القى إلى الأسرار

لم أجد السباك، بل وجدت زوجته وكان على ان اختلق اى حديث فقلت بلا تفكير

طلب منى زوجك ان امر عليه لأخذ تميمه اعلقها على منزلى

لقد وصلت القريه حديثآ ولا امتلك تميمه

دلفت المرأه داخل البيت واحضرت قطعه نحاسيه صغيره على هيئة قزم وفراشه فعلت ذلك كأنه امر عادى لا غرابه فيه

علق هذه على باب بيتك لن يصلون إليك ،انهم يحترمون عهودهم القديمه

شكرت المرأه ومشيت تجاه منزلى ساخرا من نفسى ،وقفت دقائق على مدخل حديقة المنزل ارمق الحقول البعيده

هناك يقبع منزل مسعد عبد الدايم الشخص الوحيد الحقيقى فى هذه القريه..

لم تكن لى رغبه فى دخول منزلى، جلست على مقعد اتابع الشمس حتى الغروب

بعدها وعندما اقفلت كل بيوت القريه أبوابها انطلقت بين الحقول بلا غايه محدده تاركًا الرعب والخوف خلف ظهرى

قابلنى نقيق الضفادع فى الحقول والسكون الرهيب الذى يعم كل ارجاء القريه ،مررت على حقل ذره وبعد عشرين دقيقه من المشى لاح منزل مسعد عبد الدايم

كان غارقا فى الظلام مثل قلعة مصاصى دماء من تحته تنساب مياه النهر بين ضفتين نمت عليهم حشائش الحلفه والغاب والغبيره ،بين الحشائش تقبع فلوكة مسعد عبد الدايم

وقفت بلا حركه اراقب المنزل والدخان يتصاعد من سيجارتى

وبدا لى أننى انتظرت إلى ما لا نهايه حتى هيئ لى اننى سمعت صوت داخل منزل مسعد عبد الدايم

ما اعرفه ان مسعد عبد الدايم غير متزوج بينما الصوت الذى سمعته كان صوت انثوى.

ثم توقف الصوت فجأه وخرج مسعد عبد الدايم واحترت اذهب خلفه ان ادخل المنزل



#القرية


          العاشره


مرقت فلوكة مسعد عبد الدايم من بين حشائش الحلفه والقصبه ثم جدف تجاه عمق مجرى النيل ،كان الجو رائق

واسماك الشلبه الليليه تتلاعب قرب سطح الماء محدثه تموجات طفيفه وكل حين وحين تسمع ضربة شاموش او قرموط قرب الضفه محدثآ فقاعه مائيه ،انتظرت حتى افرد مسعد عبد الدايم شباكه البلدى داخل مياه النهر ومرت القرعايه من أمام عينى.

مش بحب الانتظار ولا إلى يخلينى انتظر، خبطت على الباب

لو كانت أنثى غانيه داعره من الأفضل أن اتعرف عليها الان

مسمعتش حاجه داخل البيت ودا خلانى ادخل من الشباك المخلع، وناديت حد هنا ؟

لم اتلقى اى رد ،تجولت فى ارجاء البيت القديم ولم اقابل انسان حتى ظهرت قطه اخيرآ قفزت من الشباك وهربت

يعنى مسعد عبد الدايم كان بيتكلم مع قطه؟

طيب والقطه دى لها صوت انثى رقيق داعر! ؟

قعدت على حصيرة مسعد عبد الدايم وولعت سيجاره

البيت دا الوحيد إلى بعيد عن بيوت القريه، تحس ان صاحبه منعزل عن البشريه وعايش مع نفسه

اثاث رخيص متهالك قديم واوانى نحاسيه صدئه كنكة ووابور جاز ولمبة جاز ،لكن على الحيطه فيه صوره متعلقه

ولما قربت منها مكنتش صوره كانت خريطه مرسومه باليد البشريه 

رسم بدائى لحدود القريه بس مركز اكتر على الجبل إلى جنب القريه، جبل مهجور مفيش فيه اى حياه

داخل الجبل المرسوم كان فيه كهوف وكل كهف ليه اسم غريب وعلى مدخل كل كهف مكتوب كلمات تشبه تعويذه بلغه غريبه.

مفيش فايده من القعاد فى بيت مسعد عبد الدايم فتحت الباب وخرجت وقفلت الباب ورايا ومشيت فى نفس الطريق إلى وصلت منه وخيل لى اننى سمعت صوت قادم من النيل فتوقفت لحظه ثم واصلت سيرى.. 


لم تمر لحظات بعد سير عونى  تجاه القريه فى ظلام الليل حتى لاحت فلوكة مسعد عبد الدايم لكنها لم تكن تحمل رزق السمك الذى منحه له الله ،بل أنثى جميله بشعر اصفر ناعم تجلس على البطنسه بقميص احمر وعينيها مثبته على البيت وعلى الطريق الذى اختفى فيه عونى..


اخذتنى قدمى تجاه البقعه التى قابلنى فيها البيت الذى كانت فية الفتاه التى رأيتها، البيت الذى اختفى من تلقاء نفسه فى اليوم التالى على آمل أن أراها

كانت البقعه خاليه لا بيت ولازرع فيها ومن بعيد لاح البئر الملعون ،الذى تسكنه الأشباح

انعطفت بعيد عنه، بعد إلى حصل المره إلى فاتت كان لازم اكون بعيد عنه

ودون ان أشعر استحضر عقلى كلام مدير مكتب البريد

محدش بيقدر يخرج من،القريه دى يا عونى

والى حاول يخرج.......... لم يذكر المدير إلى حاول يخرج حصل معاه ايه

لأنى مسحمتش ليه يكمل الخرافة إلى كان بيحكيها

رغم كده الفضول انتهشنى ليه محاولش انا اخرج من القريه بنفسى واشوف هيحصل ايه ؟

على الاقل افضل عن ما ارجع للبيت إلى مسكون الأشباح

والستات الغريبه إلى بتخبط عليه كل ليله

اعتمرت الخطه فى عقلى جيدا بكره الجمعه ومفيش شغل

وكان معى من السجائر ما يكفينى لحدود الصبح

أخذت الطريق الرئيسى للقريه ،البيوت كلها مغلقه حتى الحانه خلصت شغل ،مش سامع اى صوت، كأن القريه بتموت فى الليل أو يمكن فيه أصوات لكن مش واصلانى

اشعلت سيجاره ومشيت وانا حاكم إغلاق معطفى على جسمى

القريه صغيره مش كبيره يعنى نص ساعه واوصل نهايتها

مريت على البيوت واحد ورا التانى لحد ما البيوت خلصت

ودا كان اشعار ان طريق القريه قرب ينتهى وهخرج منها

بصيت على ساعتى لقيتها توقفت والطريق لسه مستمر قدامى، هبت ريح بارده فجأه وسمعت أصوات متداخله

بعدها وبعد أن اصغت السمع عاد آلصمت مره تانيه وكملت سيرى ،وبعد اكتر من ساعه ونص من المشى المستمر وتدخين السجاير ظهر قدامى بيت مضاء،تنهدت براحه ومشيت بسرعه أكبر وكل ما أقرب اقول فى نفسى انا عارف البيت ده، شكله مش غريب عليه لحد ما دخلت حديقته ووقفت قدام بابه

البيت كان بيتى إلى انا ساكن فيه، طيب ازاى؟

مسكت دماغى بجنون ،طريق القريه مستقيم وانا كنت ماشى فى الاتجاه المعاكس لموقع بيتى إزاى رجعت هنا ؟

ثم انا متأكد حتى لو كنت اتجننت ولفيت بلا وعى منى وانا ماشى انى مشفتش اى بيت من بيوت القريه فى طريقى

أطلقت صرخة غضب شقت سكون الليل حتى أننى سمعت صداها فى الجبل القريب.

انفتح باب منزلى كأنه يدعونى للدخول ،لم اندهش، أعرف أن البيت مسكون بالاشباح

جررت قدمى وروحى البائسه إلى باب بيتى ومن شدة

لا مبلاتى لم الحظ الفتاه التى ظهرت امامى.


تكملة الرواية من هناااااااا 


لمتابعة باقى الرواية زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل 

متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا

الرواية كاملة من هناااااااااا

مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا

 مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هناااااا







تعليقات

التنقل السريع
    close