رواية ماض لا يغتفر الفصل العاشر 10 بقلم ريتاج أبو زيد
رواية ماض لا يغتفر الفصل العاشر 10 بقلم ريتاج أبو زيد
ماضِ لا يٌغتفر
الفصل العاشر
غمزت له بطرف عينيها ثم قالت كأنها تأمره:
-عايزة أيس كريم و شكولاتة، أدخل البس بسرعة يلا أنس مش في الأوضة.
هز رأسه كأنه ولد مُطيع يتلقى أوامر من والده، ثم دخل وهو يلتفت حوله كي لا يراه أحد.
بعد خمس دقائق خرج لهم بزي رياضي بسيط حيث ارتدى "سويت شيرت" باللون الرمادي و بنطلون باللون الأسود.
نزل هو و (نادر) لها فقال الثاني بسخرية:
-والله كنتي استنيتي الأوبر يا بنتي كان زمانك وصلتي بيتك، بس رحيم غير أي حد.
لكمه بخفة في كوعه لكي يتوقف عن حديثه الساذج، ثم حمحم و قال:
-يلا يا حلو من هنا هنرش ماية.
ثم أشار لها أن تتحرك معه للسيارة، فتح لها الباب وركبت هي بخجل ثم قالت:
-أستاذ رحيم انا تعبتك معايا أوي.
قال بنبرة مرحة وهو يستعد للقيادة:
-بلاش أستاذ دي خالص، أنا رحيم بس.
ردت بهدوء وهي تلتفت تنظر إليه حيث أنها جالسة على الكرسي الذي بجانب كرسي القيادة:
-بجد أشكرك على كل حاجة، واستأذنك تاخد أجرة المشوار.
ضحك (رحيم) بهستيرية فقالت وهي تضحك بلا وعي:
-إنت مالك فيك حاجة، بتضحك كده ليه؟.
قال لها وقد أدمعت عيناه من فرط الضحك:
-أصل إنت غريبه عايزة دلوقتي تديني الأجرة.
قالت وهي تنظر إليه بعدم فهم:
-أنا مش فاهمة حاجة.
-إنت مش فاكراني صح.
هزت رأسها بالنفي، فكتم هو ضحكته وقال بهدوء مراعيًا لحساسية الموقف الذي سيحكيه:
-إنت يا ست طلبتي أوبر عشان يوصلك المستشفى لمامتك، و اللي هو أنا، وساعتها إنت من القلق و التوتر على والدتك الله يرحمها نزلتي من غير ما تدفعي الأجرة.
أدمعت عيناها على سيرة والدتها و صمتت برهة ثم نظرت إليه بعمق وشهقت، فأوقف السيارة بسرعة و نظر إليها بفزع فقالت هي بصدمة:
-إنت إللي خدتني عربيتك ساعة لما وقعت.
نظر لها بضيق ثم قال بسخرية:
-هو إنت لسه بتستوعبي، وبعدين كل ده شهقة.
قالت بضيق وهي تضم يديها إلى صدرها:
-إنت بتستظرف.
رد بهدوء:
-يا ست لأ بس اتخضيت لما عملتي كده.
-على العموم شكرًا.
-العفو.
أطبق الصمت على السيارة لخمس دقائق، قطعه هو عندما قال:
-طب الطريق من المعادي للزمالك أكتر من نص ساعة، هنفضل ساكتين.
ردت عليه وهي تفك يدها التي كانت ضماها وتلتفت له:
-اتكلم، عايز تتعرف؟.
رد عليها دون النظر إليها و هو معطي تركيزه للطريق:
-مش بالظبط بس يعني بما إننا اتقابلنا كذا مرة و بدل ما نفضل ساكتين نتكلم.
ردت هي بمرح:
-هعرفك بنفسي أنا نور ضياء سراج، بابي صاحب شركة للفاشون و الأزياء، ومامي كانت صاحبة اتيليه، وأنا في اخر سنة كلية السن إيطالي،وبابي بيخليني أشتغل معاه في الشركة، بس دلوقتي همسك أتيليه مامي وبجد نفسي اشتغل في حاجات كتير اوي، ومعنديش أخوات، ها وإنت.
رد بسخرية على اسمها:
-اسمك نور ضياء سراج ايه الاسم ده؟.
-ماله الاسم؟
-كله نور و إضاءة.
أومال لو عرفت إن مامي اسمها شمس.
سخر من اسمها ثم قال بالمرح نفسه التي تكلمت به:
-اتشرفت يا انسه نور، أنا رحيم أدهم القماش متخرج من تجارة إنجلش، عندي أخت واحدة اصغر مني بسبع سنين، بشتغل أوبر.
عقدت حاجبيها ثم قالت:
-تجارة إنجلش و شغال أوبر؟
قال موضحًا لها بهدوء لكنه أحس بخفقان قلبه:
-الموضوع كبير شوية، بس كل الحكاية إن ربنا موفقنيش في شغل بشهادتي.
أحست أن هناك شيء ما يُخفيه لكنها آثرت الصمت وعدم التدخل في ما لا يعنيها، فقالت مستفسرة أكتر عن حياته السطحية دون التدخل في تفاصيل خاصة، لكنها أخطأت الهدف حيث إنها سألت سؤال بالنسبة له من أشد الأسئلة:
-و باباك شغال إيه؟.
قال بصوت مكتومة:
-كان عنده شركة أدوية.
قالت هي باستغراب:
-حرفيا أنا مش فاهمة حاجة، يعني إيه كان عنده.
-كان صاحب شركة أدوية بس اتقفلت.
-هتضايق لو سألت ليه؟.
رد بهودء:
-مش بحب اتكلم مع حد معرفوش عن حياتي الخاصة.
أحست باحراج فقررت الصمت حتى نهاية الطريق، و قُطع الصمت مرة اخرى عندما رنّ هاتفها فردت هي قائلة:
-أيوه يا مونيكا انا في الطريق خلاص.
سألتها (مونيكا) سؤال كانت إجابته:
-طيب خلاص أستنيني في الكنيسة، وانا هجيب حاجات من البيت و أجي.
ظهرت على ملامحه علامات الدهشة، حيث جحظت عيناه وفرغ فاه ويعقد حاجبيه، ثم نظر إليها بعد أن أنهت المكالمه و قال:
-ممكن سؤال؟
-أتفضل.
-إنت مسيحية؟.
قالت بضيق من سؤاله:
-هتفرق معاك في حاجة.
قال موضحًا بهدوء:
-لأ هتفرق في إيه، مسيحيه أو مسلمة مش هتفرق كلنا أخوات، وأنا أصلا بيضايقني موضوع التفرقة بين الاديان لأن كل واحد حر يختار ديانته، وكل واحد هيتحاسب لوحده محدش مسؤول عن حد، عشان كده من الأحسن كل واحد يركز في حياته.
ابتسمت من حكمته في الكلام ثم قالت بهدوء:
-أنا مسلمة، بس صحابي مسيحيين و الناس بتفتكرني مسيحية زيهم.
رد عليها بعدما نظر إليها:
-يمكن عشان مش لابسة حجاب.
قالت بضيق مرة أخرى:
-والله حسيتك راجل عاقل من شوية، ليه كده؟.
-يا آنسة نور، الموضوع بجد مهم إحنا كمسلمين لازم نتبع تعاليم دينا، بصي مفيش حاجة اسمها أنا مش مقتنعة، في حاجة اسمها أنا غبية براس كبش، مفيش حاجة اسمها الحجاب بيخنقني و الجو حر، في حاجة اسمها أنا معنديش دم و بستهبل، مفيش حاجة أسمها شكلي وحش بالحجاب، الحجاب أصلا إنت بتلبسيه عشان تخفي جمالك.
نظرت له بغضب ثم صاحت بحدة:
-طب ما إنتو كرجالة مأمورين بغض البصر بتبصوا على البنات ليه.
قال بغضب هو الأخر:
-مين قالك إن أنا مش بغض بصري، أنا عمري ما تعاملت مع بنات أصلا غير أختي و جارتي إللي متربية معايا وكمان لما كبرنا مفيش بينا لمس و لا حتى بتقعد قدامي بشعرها، وأنا مقولتش حاجة عليكي أنا بقول في العموم، و زي ما قلت كل واحد هيتحاسب لوحده، وأنا قلت الكلام ده لأنك زعلتي أن الناس بتفتكرك مسيحية.
زفرت بضيق ثم قالت:
-خلاص، حصل خير، إنت كلامك أصلا صح بس بجد شكلي مش حلو بالحجاب.
ضحك هو ثم قال لنفسه بصوت مسموع:
-استيعابها بطيء أوي أو هي ربنا خلقها برأس كبش بجد.
قالت بضجر:
-سمعتك على فكرة.
-خلاص أنا أسف، تعالي نكمل بهدوء، إحنا خلاص أصلا كلها خمس دقايق و نوصل، قوليلي مثلا بتحبي إيه.
-يعني إيه بحب إيه.
-هواية، شخص، أكل كده يعني.
قالت وقد رجع مرحها مرة أخرى:
-بحب الموسيقى والعزف والغنا والرقص والتيك توك و..
بتر حديثها عندما قال بدهشة:
-غنا و رقص.
قالت بغيظ منه مرة أخرى:
-مش معنى إني بحب الغنا و الرقص إني شغالة في كباريه، بعدين إنت ماشي تعترض على كل حاجة ليه كده يا عم؟.
قال هو يضحك:
-والله مش بعترض أنا بستغرب بس، ويا ست مقولتش عليكي حاجة، كملي كلام مش هقاطعك.
-قول إنت علاقتك إزاي مع إللي حواليك عندك صحاب؟
-عندي أغلى واحد في حياتي وهو صاحبي نادر، و ابن خالتي إللي دايما بعتبره اخويا و ابويا، وأحلى تلاتة في حياتي امي واختي جميلة الصغيرة و خالتي.
-احكيلي عن اختك بجد كان نفسي يكون عندي أخ.
-أختي أغلى حاجة في حياتي بجد، بحبها أوي، و زعلان على الحال إللي وصلتله،جميلة إنسانة قوية و شجاعة، و نفسي تفضل كده طول العمر، وتخف وترجع زي الأول.
-هي عندها إيه؟
-عندها متلازمة جوسكا، مرض نفسي بيجي بسبب الضغوطات النفسية والمشاكل الحياتية بشكل عام، هو مرض عبارة عن فرط تفكير، و التحدث مع الذات بشكل سلبي، و ممكن لو في مرحلة متأخرة يؤدي إلى الفصام و الانتحار.
ردت بأسف:
-ربنا يشفيها يا رب، خليك دايمًا معها.
-حاضر يا آنسة نور.
-بلاش آنسة بقى، ممكن تقولي سنيوره.
ضحك عليها ثم قال:
-بدل ما تقولي بلاش ألقاب، طيب حاضر يا سنيورة.
صمتت لبرهة ثم قالت بهدوء:
-رحيم هو إنت ممكن تعلمني السواقة، عشان…
قبل أن تكمل كلامها رنّ هاتفه برقم (نادر) فرد عليه بمرح، لكن تحول المرح إلى خوف و قلق.
قال بصوت مرتعش مختنق و قد بُرزت قطرات العرق على جبينه تناقض الجو البارد:
-أنا جاي يا نادر بالله عليك خلي بالك عليهم.
انهى المكالمة ثم وقف السيارة جانبًا وقال:
-أنزلي معلش مش فاضل كتير على بيتك، أنا لازم أمشي.
ردت بقلق لأجله:
-أنا ممكن أجي معاك، هو إيه إللي حصل حد من عيلتك حص.....
قطع حديثها بصراخ حاد:
-إنت مالك، أنزلي بقى خليني أمشي.
نزلت هي وقد أدمعت عيناها، و رحل هو لكي يرى مصيبة اليوم.
وصل (رحيم) إلى بيت خالته، وكان هناك سيارتين تحت البيت،و واقف بجانب كل سيارة رجل، استطاع هو اتعرف عليهم إنهم رجال أمن (مظهر).
صعد (رحيم) السلالم بسرعة بدل ركوب المصعد لأنه به عطل و بطيء، حتى وصل إلى الشقة وكان بابها مفتوح على أخره و الحرس الخاص له يقفون أمام أفراد عائلته و موجهين أفواه سلاحهم على رأسهم و (مظهر) يجلس ويضع رجل فوق الأخرى يدخن سيجارة.
دخل (رحيم) وعيناه دامعتان بقلق وخوف، قال له (مظهر) وهو ينفث دخان سيجارته بطريقة كلاسيكية:
-أهلا وسهلا برحيم ابن حبيبي أدهم القماش.
قال (رحيم) بصوتٍ واهن:
-إنت عايز إيه.
نهض ثم هندم ملابسه بالطريقة الكلاسيكية نفسها وقال:
-عايز أقولك إن مش مظهر إللي يتهدد، الموضوع وسع منك يا رحيم كل مرة بتجي تزعق و تمشي بس أخر مرتين بتمد إيدك وكده عيب، أحب أقولك أن ده تهديد، وبالمناسبة مش هتعرف تمسك عليا حاجة لأن مفيش دليل أصلا يثبت أني قتلته.
نفث دخان سيجارته في وجهه ثم قال بضحكة خبيثة:
-حضر محامي لأدهم القماش و خالد الحداد عشان واحد هياخد اعدام و التاني هيموت في السجن.
ثم نظر لـ(عبير) وقال بسخرية:
-كل إللي حصل ده عشانك، عشان واحدة ست، والله كل ما أفتكر الموضوع يضحكني.
قال (رحيم) بجمود:
-مظهر إنت مش هتعرف تعمل حاجة، الحق دايمًا بيفوز، الغدار إللي زيك نهايته معروفة، واحد قاتل و نصاب و خاين وحرامي مصيره معروف.
اقترب (مظهر) منه بثبات ثم قال باستياء:
-مين بيتكلم رحيم ابن عبير؟، يا بني العب بعيد عن الكبار.
اقترب منه (رحيم) أكثر حتى أخطلت أنفاس هذا النجس مع أنفاسه و قال بثقة وثبات:
-مش لعب يا مظهر حرب، جهز ليك محامي وحضر نفسك إنت كويس، و أيوة أنا رحيم أدهم القماش أبن عبير الحداد.
ضحك (مظهر) بسخرية ثم أشار لرجالة أن يتحركوا وكاد أن يخرج لكن (جميلة) استوقفته عندما قالت بسخرية:
-بما إن مواضيع كتير أوي ظهرت، أحب أقولك إنك خايب يا مظهر، وحاجة كمان إللي طول عمرك بتدور عليه أنا عارفة مكانه فين،عارفة مين صاحب التهديد كمان، لكن على مين بما إنك بتحب اللعب فجميلة أدهم القماش حريفة.
ثم انهت حديثها بغمزة من طرف عينيها و وقفت بجانب أخيها، وكانوا واقفين بثبات و ثقة يحسدوا عليها،على الرغم من أن رأسها لم يكتفي عن الضجيج،وهناك شيء يرعبها من الداخل لكنها قررت التغلب عليه،حتى أن (مظهر) خاف من ثقتهم و ثباتهم، و برز العرق من جبينه عند سماع كلام (جميلة).
وكاد أن يتكلم لكن (رحيم) استوقفه حين قال:
-خلاص يا مظهر خلصت، أعمل إللي عايزه، بس أستعد لنهايتك، خد رجالتك واطلع بره.
قالت (جميلة) بسخرية مرة أخرى:
-بس إنت كل دي رجالة عشان تطلع تهددنا، على أساس إننا لما تجيب كل الناس دي و تدخن السيجارة و تلبس بدلة هنقول إيه الراجل الكاريزما الجامد إللي بيخوف ده و هنترعب، أمشي يا خايب يا أوڤر.
رحل (مظهر) لكنه لم يخرج من باله كلام (جميلة) كيف تعرف ماذا يريد، ومن يطارده.
وهل هي تعرف حقيقي أم إنها تستغل الموقف وتقول كلام عبثي هي لا تعرف عنه شيء؟
قال (رحيم) لأخته مستفسرًا بعد رحيل (مظهر):
-يعني إيه إللي قلتيه لمظهر ده أنا مفهمتش حاجة.
نظرت لأمها و خالتها وقد أدمعت عينيها، ثم نظرت إلى (رحيم) ارتمت في احضانه ولم تستطيع كتم دموعها أكثر فبكت بانهيار.
بكت بحرقة وهي تتشبث بملابسه بقوة،أنهارت بعدما كانت واقفة كالجبل الشامخ.
الجميع لم يفهموا شيء ذهبت لها خالتها و أخرجتها من حضن (رحيم) إليها وهي تقول تطمئنها بأن (مظهر) لن يفعل لهم شيئًا وكلام من هذا القبيل ظنًا منها إنها خائفة، واقترب (أنس) منها و أخذ يقول لها إن جميع الظروف ستتحسن،و إنها قوية، و ذهب ليجلب لها الأدوية، لكن (رحيم) كان متيقن بأن الموضوع أكبر من خوف أو تعب من إحداث المتتالية.
خرجت (جميلة) من حضن خالتها ثم قالت:
-أنا مش هاخد علاج يا أنس،أنا محتاجة ارتاح، عايزة أفضل لوحدي شوية.
ردت أمها بقلق:
-لأ يا جميلة بلاش تقعدي لوحدك، خليكي معايا.
لم تستمع لكلام أمها و رحلت إلى غرفتها المخصصة لها في بيت خالتها.
جلست قرفصاء على الأرض وهي تمسك رأسها تحاول أن توقف الضجيج الذي برأسها، الأفكار و الذكريات و الأحداث، لكنها فشلت في ذلك، حبت على الأرض ثم فتحت درج الكومود الذي بجانب السرير و اقتلعته من مكانة حيث إنها خافية سرها خلف درج الكومود.
السر عبارة عن ورق، ورق متجمع في ما يُسمى "أجندة" لكنها أصغر قديمة و أوراقها بالية، لكن ما يوجد بداخلها له قيمة.
قفلت باب الغرفة بالمفتاح ثم جلست على السرير وفي يدها الأجندة وهو تتذكر كيف وقعت بيديها.
قبل سنتين.
مرضت المربية و مدبرة المنزل التي تُدعى (فوزية)، وجاءت من قِنا إلى المعادي بالقاهرة حتى تتلقى العلاج، فقررت أن تمكث في بيت (وفاء)أو (عبير)، فقررت في النهاية المكوث في بيت (عبير).
وفي يوم كان البيت خالي من سكانه ماعدا (فوزية) و (جميلة)، أحست الأولى بتعب شديد و أن نهايتها قد حانت فقررت أن تُفشي بالسر لأي شخص بالبيت الآن، وكان لا يوجد سوى (جميلة).
نادت عليها بصوت واهن أن تأتي، وبالفعل لبت ندائها و جاءت على الفور لها، فقالت لها أن تُعطيها الأجندة من حقيبتها و تنصت لها في كل كلمة ستقولها:
-بصي يا جميلة، أنا يا بنتي عارفة كل حاجة من أولها لأخرها، كل الحقايق معايا، وأنا حكيت لأمك قبل كده حاجات كتير بس معرفتهاش على الحاجات الأهم يا حبيبتي.
تنهدت بتعب ثم قالت:
-الأجندة دي أنا كتبت فيها كل حاجة اديها لأمك و خالتك وفاء عشان يعرفوا الحقيقة، يعرفوا أن سبب كل حاجة مش مظهر لوحده، سبب كل حاجة أبوهم، وأكتر ناس كانوا ضحية هما أدهم و خالد، عرفيها أن حب خالد ليها كان حب حقيقي أنا شاهدة عليه، و أن أدهم أكتر شخص حنين و بيخاف عليها، و قوليلها أن أدهم كان أد المسؤلية.
أخذت (جميلة) تبكي ولم تستوعب ما تقوله، قالت بصوت مرتعش و هي تمسك يدها بقلق على صحتها:
-أنا مش فاهمة حاجة، بس أهدي عشان إنت تعبانة أنا هتصل بماما و كلهم.
قالت وصدرها يعلو و يهبط من التعب و شحب وجهها كأنها من ضمن الموتى:
-لأ يا جميلة عقبال ما أمك تيجي هكون روحت لمكان تاني،أسمعيني بسرعة، مظهر كان متفق مع جدك على كل حاجة من الأول، جدك طماع، كان عنده كل حاجة بس كان طماع، اتفق مع مظهر إنهم يجوزوا عبير لأدهم عشان ياخدوا منه فلوسه، و خالد يتجنن عليها و يسجنه و يتنازل عن ورثه، بس في الأخر جدك معرفش يتهنى بالفلوس لأن سلوى عرفت كل حاجة و.......
رنّ جرس الباب فنهضت (جميلة) بأقصى سرعة حتى تفتح للطارق الذي كان (رحيم) ، سحبته و هي تبكي إلى غرفة (فوزية) التي شحب لونها و ازرقت شفاها و تجاهد كي تستنشق الهواء من حولها للتنفس.
أخذت تقول دون توقف:
-أنا عرفت يا جميلة الكلام ده من جدك، جدك حكالي كل حاجة أنا و جدك كان فيه بينا علاقة، و الحمدلله إني بعرف أكتب و سجلت كل كلمة، لغاية ما...
شهقت بعنف و أخدت تبصق و تتقيأ دماء، لكنها عافرت حتى تُكمل:
-جدك اتقتل يا جميلة، مظهر وقعه و اتخبط في دماغه جامد، مظهر السبب، وبعدين......
أخذت تتقيأ أكثر و تسعل فركض (رحيم) ينادي أي شخص ليساعدهم، و اتصل بالدكتور، و اتصل بـ(نادر) وقبل أن يقول شيء له صرخت (جميلة) بقوة تنادي على (رحيم) فعرف أن وقتها في هذه الدنيا قد انتهى، جثى على ركبتيه واضع يديه على مؤخرة رأسه ثم صرخ هو الأخر من أعماق قلبه، كأنه أستغل الفرصة في إخراج كل مشاعر الكتمان.
في اليوم التالي على وفاتها، ذهبت (جميلة) لأخيها حتى يقرروا ماذا سيقولون لأمهم قال (رحيم) بصوت متعب:
-أنا مش هقول حاجة لماما و لا إنت بلاش نتكلم أحسن، هنستفاد إيه لما نقول لها مظهر السبب كده كده هي عارفة،وأنا خايف عليها لما تعرف إن أبوها اتقتل ممكن يحصل حاجة، ومفيش دليل ضد مظهر ،والموضوع بقاله سنين يا جميلة و إحنا ما صدقنا نرتاح شوية من المشاكل.
فهمت (جميلة) أنه لن يعرف ما عرفته هي ولم يعرف بالأجندة، ولا يعرف أيضًا بأن جده هو السبب في كل شيء كما قالت لها (فوزية) فقررت الصمت و لا تحمله فوق طاقته، و اتفقا على إنهم لم يخبروا أحدًا بما حدث، و (جميلة) أيضًا قررت مع نفسها إنها ستخفي الأجندة و الحقيقة بعيد عن الجميع، وهذا ما حدث بالفعل.
لكن في يوم و بعد مرور شهرين على وفاتها فكرت في إن تقرأ الأجندة التي أخبتها خلف درج الملابس الداخلية و أغراضها الخاصة،وتأخذها معها في كل مكان دون علم أحد.
فتحت أول صفحات الأجندة لتتفاجأ بأن المكتوب متناسق على شكل قصة، كأنها تسردها كرواية و بذلت فيها مجهود لكي تنول إعجاب جميع القرّاء.
لملمت أغراضها من حولها و قالت لأمها أنها ستنام و قفلت عليها الباب من الداخل لكي لا يزعجها أحد، أعترضت أمها على قفل الباب من الداخل لكنها وافقت في الأخير.
جلست على السرير و فتحت أولى صفحاتها لتغرق في سطور تلك الرواية الحقيقة التي كانت سبب قوي في إصابتها بمتلازمة (الحديث مع النفس)، التي تُروى من خادمة عشقها سيدها الخائن الطامع، وأبطالها هم أبوها و أمها و ابن عم أمها و صديقهم، لتعرف المعنى الحقيقي لمثل الغدر من أقرب الناس إليك.
تكملة الرواية من هناااااااا
لمتابعة باقى الرواية زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا
بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل
متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا
الرواية كاملةمن هناااااااااا
مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا
مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هناااااا


تعليقات
إرسال تعليق