رواية ماض لا يغتفر الفصل السادس عشر 16 بقلم ريتاج أبو زيد ماضِ لا يٌغتفر
رواية ماض لا يغتفر الفصل السادس عشر 16 بقلم ريتاج أبو زيد ماضِ لا يٌغتفر
ماضِ لا يٌغتفر
الفصل السادس عشر
كانت (جميلة) ما زالت جالسة وسط ذكرياتها،بين ماضيها و حاضرها،وسط الفوضى التي أحدثتها في الغرفة بسبب الماضي، أو الماضي هو الذي أحدث فوضى داخلها.تتمنى تقص بكل ما تعرفه لأمها و لعائلتها لكنها خائفة من تهور (أنس)، و غضب (رحيم)، و صدمة (وفاء) و قهر (عبير).
لو كان بيديها دليل لأعطته للشرطة و تحاكمهم على ما فعلوه، لكن هل مذاكرات الخادمة تكفي لتكون دليل ضدهما و تأخذ بثأرها منهم؟
نامت من فرط التفكير و البكاء، و تركت سرها بجانبها على السرير و الباب مقفول من الداخل.
في صباح اليوم التالي.
أشرقت الشمس بصباح يومٍ جديد وهناك الكثير من الأسئلة في رأس (رحيم) حتى أنه جلب الأوراق و الأقلام لكي يتوصل إلى أي شيء لكنه فشل في النهاية.
كان جالسًا في غرفة (أنس) على مكتبه و يفكر، و قطع تفكيره (أنس):
-رحيم الموضوع واضح خلاص، مظهر قتل نبيل عشان عرف كل حاجة، و الدليل على كده إنه قبل ما يموت بكام يوم أعترف لفوزية بكل حاجة، يعني خلاص كده الموضوع اتحل، محتاجين بس دليل.
-أنا حاسس إن الموضوع أكبر من كده، تفتكر خالد ممكن يساعدنا.
-أكيد لأ، و بعدين خالد هيساعدنا إزاي أصلا؟.
قبل أن يُجيب عليه رنّ هاتفه برقم غريب فأشار إلى (أنس) بأنه سيجيب، و خرج من الغرفة متجهه إلى الشرفة.
-ألو، سلام عليكم.
جاء الرد من صوت رفيع رقيق لفتاة:
-ازيك رحيم.
ابتسم حتى وصلت ابتسامته لعينيه عندما تعرف على الصوت:
-انسة نور، عرفتي رقمي إزاي؟.
-من نفس الطريقة إللي عرفت بيها عنوان بيتك، من المستشفى.
-ده مش بيتي، بيت خالتي، المهم إيه سبب المكالمة.
صمتت لبرهة ثم تنهدت و قالت بخجل:
-أتصلت عشان اطمن عليك، امبارح سيبتني و مشيت بسرعة، فاتصلت اطمن بس.
لمعت عيناه وتهللت أساريره وقال بتلعثم من فرط الحماس:
-فرحان إنك اتصلتي، و إحنا كويسين متقلقيش، شكرًا لسؤالك يا انسة نور.
سنيورة بقى، و العفو أنا مضطرة أقفل سلام.
انتهت المكالمة و رفع رأسه ينظر إلى الأفق وعلى وجهه ابتسامة مريحة و قد قل التوتر عن قبل من المكالمة،التفت لكي يُغادر، لكنه تفاجأ بوجود خالته تنظر إليه وعلى وجهها مزيج من الدهشة والفضول والسعادة.
اقتربت منه و أجلسته على الكرسي و جلست هي الأخرى مقابلة له ثم قالت وهي تضيق عينيها بفضول:
-طبعا مش بنخبي حاجة عن خالتو، احكيلي بقى.
شعر بالخجل والتوتر منها لكنه قال بابتسامة مضطربة:
-كنت بكلم نور إللي عملت الحادثة معانا، اتصلت تتطمن علينا عشان أمبارح كنت بوصلها و لما نادر اتصل،روحت سيبتها نزلت من العربية، بس كده، بس هو إزاي نادر عرف وهو مكنش موجود؟
-عشان نادر كان موجود معانا، طلع تاني لما أنت مشيت معاها، و مظهر قاله يتصل بيك و يمشي و نادر طبعا رفض أنه يمشي بس مظهر أجبره.
اومأ لها بحزن وقهر ثم قال متعود لصديقه الخائن:
-يعني اتفاقي معاه أن ماما متعرفش أن فين و نمثل إني معاه يروح هو يطلع،ماشي يا نادر الكلب.
فقالت هي بسخرية وهي تضحك عليه:
-طب ما الموضوع عادي يعني، انت مكسوف تقولي كده ليه.
تأفف بضيقٍ زائف ثم قال:
-أنا مش مكسوف عادي، أنا اتخضيت لما لقيتك ورايا بس كده.
ضمت يديها على صدرها و رفعت حاجبيها ثم قالت:
أنا قصدي على أنك روحت توصلها من غير ما حد يعرف،إنت معجب و لا إيه؟.
زفر بضيق زائف ثم قال بتعلثم:
-معجب إيه، هو أنا أعرفها، بس بقى يا خالتو الله يباركلك، و متجبيش سيرة الموضوع ده قدام أمي، عشان مش هخلص من التحقيق معها سلام بقى.
كان متجهِهًا إلى غرفة ابن خالته كما كان لكنه تذكر إنه لم يرى أخته اليوم، فطرق على باب غرفتها و جاء الرد من الداخل بالإذن للدخول.
كانت تجلس قرفصاء في أبعد ركن في الغرفة و العتمة تحتل المكان، فتح (رحيم) نور الغرفة، و وجد عيناها متورمة من البكاء، و وجهها شاحب، فانتفض قلبه لأجلها و اقترب يجلس بجانبها وقال:
-حصل إيه يا جميلة؟
قالت ودموعها تنزل باستمرار على وجنتيها دون توقف:
-تعبانة أوي يا رحيم، كان نفسي تيجي من شوية و تقعد معايا، فرحت لما خبط على الباب عشان مفيش غيرك بيستأذن قبل ما يدخل.
وضع يديه حول رأسها و ضمها إليه برفق ثم قال:
-أنا أسف حقك عليا، تعبانة عندك إيه، أوعي تكوني خايفة من مظهر الكلب ده، أنا أختي متخافش أبدًا، ده أنا بخاف من أمي أكتر من مظهر المعفن.
ضحكت من وسط بكائها ثم ابتعدت عنه وقالت:
-إنت مزعل ماما أصلا.
-والله مش قصدي أزعلها، كل الحكاية إن هي عايزاني اعرفها كل حاجة في حياتي و اسمع كلام أنس و انا رافض كده.
-لأ يا رحيم هي مش عايزاك تسمع كلام أنس، هي عايزة تفهمك إنك بتتصرف بهدوء و بعاطفة عشان كده بتسمع من أنس أكتر منك، وهي قالتلك كده في مرة،بلاش تعمل زي أدهم و تكون هادي و لما يحصل حاجة تنعزل،وهي عايزاك تتكلم و تخرج و تفرح و تعرف كل حاجة عنك إنت مش بتعرفها حاجة.
-عشان مفيش حاجة أقولها، أنا حياتي أنزل الشغل و اقعد مع نادر شوية و ارجع البيت أنام هحكي إيه بقى، بعدين هي ضربتني يا جميلة.
-عشان عملت حاجة هي متوقعتهاش منك، وهي إنك تتهجم على مظهر، إنت عارف ماما بتخاف علينا إزاي و ربيتنا لوحدنا وهي صغيرة، رحيم الفرق بينك و بين ماما ستاشر سنة أو سبعتاشر سنة، و اهتمت بينا في سنها الصغير لوحدها و شافت كتير أوي من الدنيا، وخايفة يحصل حاجة فينا.
-حاضر يا جميلة، هعتذرلها و هكلمها.
رنّ هاتفه مرة أخرى و كان رقم غير مألوف بالنسبة له، لكن هذا الرقم ليس رقم (نور)، هذا رقم أخر.
أجاب على الهاتف، وقد تغيرت تعابير وجهه إلى توتر و قلق و صدمة، فقال بتلعثم وهو ينهض بسرعة:
-أبعتلي العنوان بسرعة.
قالت (جميلة) باضطراب وهي تمشي خلفه:
-حصل إيه؟
-أدهم في المستشفى، فيه ناس اتهجمت عليه في الشارع وهو خارج من كباريه.
وضعت يديها على فمها بصدمة و قلق ثم نادت بصوت عالي على أمها، فاجتمع جميع من بالشقة وقالت أمها هي تأتي من المطبخ بخطوات واسعة:
-مالك يا جميلة، حصل إيه؟
-بابا في المستشفى.
حالة توتر و تساؤل ملئت المكان، وكان أول من تحرك و نزل من الشقة هو (رحيم) وقال لأخته وهو يُدير مقبض الباب:
-هبعتلك عنوان المستشفى يا جميلة.
نزل مسرعًا و أوقف سيارة أجرة و هو يتمتم بالدعاء لوالده تارة و يأمر السائق أن يسرع تارة أخرى حتى وصل إلى المستشفى و نزل بسرعة دون دفع الأجرة، فنادى عليه السائق فالتفت له وهو يركض للداخل و السائق يقول له الأجرة، فأخرج (رحيم) ورقة من فئة المئتي جنيه و أعطاها له ولم ينتظر ليأخذ الباقي.
-لو سمحت فين أدهم القماش، أنهي غرفة؟
-أستاذ أدهم في غرفة طوارق يا فندم، ومش هينفع تدخل غير لما ينقل غرفة عادية، بس شوية و هنطمن حضرتك على حالته.
سيطرت مشاعر الخوف والقلق عليه وهو يفكر في أسوأ الإحتمالات و يتخيل فقدان أبيه.
أدمعت عيناه و ارتعش جسده وهو يمسك رأسه بقوة يحاول طرد أفكاره السلبية لكن دون جدوى، حتى جاء له صديق والده الذي تعرف عليه ذات مرة من المقهى الليلي:
-متخفش يا رحيم خير، انا أول ما شفته مرمي في الشارع جيت بيه على المستشفى.
ابعد يده عن رأسه ثم قال مستفسرًا:
-هو حصله إيه؟
-أنا مش عارف هو من يومين كده وهو مش مظبوط ومش طايق حد، و النهاردة جاتله مكاملة وهو معايا وقالى أنا رايح عند مراتي و عيالي بسرعة، وخرج، بعدها بشوية لقيت الناس بتصوت و بتجري و الشارع مقلوب، خرجنا نشوف حصل إيه لقينا أدهم مرمي في الأرض و مضرب برصاص في كتفه، و ناس بتضرب فيه، وطبعا محدش فينا قدر يعمل حاجة عشان معاهم مسدسات.
احتقنت الدماء في وجهه ثم قال بحزم:
-تعرف حد منهم؟
-أنا مش عارف، بس أكيد إللي كلمه في التليفون قبل ما يخرج هو إللي عمل كده.
جاءت في تلك اللحظة عائلته، وقفت أمامه (عبير) و عيناها حمراوتان من كثرة البكاء على من كان أحن عليها من نفسها في يوم،على رجل غدرت به الحياة فأمسى شخص أخر، أمسكت (رحيم) من مرفقه ثم قالت:
-فين أبوك يا رحيم؟
-في الطوارق، و مش هينفع ندخل دلوقتي.
بعد مرور ساعة.
جاء إليهم (نادر) و أمه و معه (روان) و أمها، ليطمئنوا عليهم، خرج الطبيب من الغرفة و معه (أدهم) محمولًا على النقّالة لغرفة أخرى، وقال لهم الدكتور بأن حالته ستتحسن مع الوقت، وأن الجروح ستأخذ وقت حتى تتعافى.
دخلت أسرته له الغرفة بعد ما عاد إلى وعيه وكان جسده مليئًا بالجروح والكدمات، وعيناه متورمتين بشدة، و يده مجبسة بسبب الرصاصة التي تلقاها ويديه الأخرى يلتف حولها ضماد.
جلست بجانبه (عبير) وقالت والدموع تتسابق على وجنتها:
-ألف سلامة عليك، طمني بالله عليك و قولي إنك كويس.
ابتسم ولم يعرف أحد إذا كانت هذه الأبتسامة شوق و حنين أم سخرية، ثم قال بصوتٍ واهن بالكاد يُسمع:
-أنا كويس، جميلة و رحيم كويسين؟.
أقتربت منه (جميلة) وأمسكت يده برفق وقالت بحنان:
أنا كنت خايفة عليك أوي، ألف سلامة عليك، إحنا كويسين و إن شاء الله إنت كمان كويس.
أقترب منه (رحيم) هو الأخر و مال بجسده عند موضع يديه و قبّلها برفق ثم قال:
-متخافش يا بابا أنا مش هسيبك تاني، مش هخليك تبعد بعيد عني.
وأخذت تأتي في رأسه ذكرى أليمة وهي يوم طلاق والديه.
منذ خمس سنوات.
ساءت حالة (أدهم) أكثر من ذي قبل، و في يوم رجع من الملهى الليلي في الساعة الخامسة صباحًا و كان (رحيم) يجلس مع (نادر) و (جميلة) مع (روان).
كان في ذلك اليوم شرب الكثير من الكحول، و دخل في غرفة زوجته و تهجم عليها عنوة عنها، و أخذت هي تصرخ و تكسر حتى سمعها الجيران و من بينهم (جميلة) و (رحيم) نظرًا إلى قرب المسافة بينهم.
وقد قرر (رحيم) أن يبعد والده عنهم إلى الأبد و رفع دعوة طلاق من المحكمة و انفصلوا.
رجع (رحيم) من ذكرى الماضي إلى الحاضر على صوت (أدهم) الواهن:
-نفسي أصلح كل إللي فات يا رحيم نفسي أرجع بالزمن، أنا مش وحش يا رحيم، أنا الدنيا قست قلبي وأنا عمري ما كنت قاسي، أنا غلطت كتير و استاهل إللي حصل، بس أنا والله كنت عايز أصلح علاقتي معاكم، بس كنت خايف، أنا كنت جاي ليكم عشان مظهر كلمني و قالي إنه هيقتلكم و بعتلي صورة لجميلة و على راسها المسدس.
ابتعدت عنه (عبير) و رمقته بقسوة ثم قالت:
-خوفت عليهم، والله يا أدهم إنت تستاهل إللي حصل ليك فعلا، سايب عيالك السنين دي كلها و دلوقتي خايف علينا، بعدين علاقة إيه إللي تتصلح، إنت لسه مولع في شقتنا الحاجة الوحيدة إللي كانت فاضلة، و لسه عامل توكيل إنك تتصرف في فلوس رحيم و أخدت قرض من البنك و حبسته، و جيت البيت شمتان في رحيم.
قال (رحيم) بانفعال:
-أمي مش وقت الكلام ده.
صرخت فيه قائلة:
-لأ وقته، أنا مش صغيرة هيعرف يضحك عليا، أدهم استحالة يدخل بينا تاني يا رحيم، اطمن على أبوك إنت و اختك عشان نمشي، خلي صحابه بتوع الكباريهات يراعوه في تعبه.
خرجت من الغرفة و جلس (رحيم) بجانب والده يصفف له خصلاته بهدوء ثم قال:
-متقلقش أنا معاك يا بابا مش هسيبك، إنت عارف ماما أكتر واحدة خايفة عليك في الدنيا، بتحبك أوي والله.
قال (أدهم) بتعب بالغ:
أنا عارف عبير، وفاهم إنها خايفه عليا أوي بس بتعاند، دي بنتي الكبيرة، والله يا رحيم أنا معملتش حاجة، الناس هي إللي لعبت في دماغي بالشرب و البنات و السهر و أنا كانت حالتي صعبة أوي ساعتها، أنا شفت كتير أوي، و البيت أنا مكنتش أقصد والله أنا أكتر واحد زعلت على البيت لأن هو ده الحاجة الوحيدة إللي كانت متبقية، ولما جيت البيت أنا كنت خايف عليك من مظهر بس نادر ضربني،رحيم متسبنيش أشرب تاني أنا كنت هموت على معصية أنا كنت خارج من كباريه، أنا عايز اتعالج،عايز أروح مصحة.
ظل (أدهم) يبكي ويشتكي حتى بترت كلامه (جميلة) وقالت بثبات وقد حسمت امرها:
-إنت هتروح معانا بيت خالتو يا بابا، عشان عندي كلام كتير أوي عايزة أقوله.
تكملة الرواية من هناااااااا
لمتابعة باقى الرواية زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا
بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل
متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا
الرواية كاملةمن هناااااااااا
مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا
مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هناااااا


تعليقات
إرسال تعليق