القائمة الرئيسية

الصفحات

translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية ما ذنب الحب الجزء الثاني لرواية (ضحايا الماضي) تكملة الفصل السادس عشر 16بقلم الكاتبة شهد الشورى

 

رواية ما ذنب الحب الجزء الثاني لرواية (ضحايا الماضي) تكملة الفصل السادس عشر 16بقلم الكاتبة شهد الشورى




رواية ما ذنب الحب الجزء الثاني لرواية (ضحايا الماضي) تكملة الفصل السادس عشر 16بقلم الكاتبة شهد الشورى



#تكملة_الفصل_السادس_عشر

#رواية_ما_ذنب_الحب

#الجزء_الثاني_لرواية_ضحايا_الماضي

#الكاتبة_شهد_الشورى

#حصري

كانت عشق تجلس إلى جوار جوان في حديقة المستشفى، وأكواب القهوة بين يديهما تبعث رائحة دافئة لا تنسجم أبدًا مع ثقل الصمت الذي يخيم عليهما، قطعت عشق الصمت بنبرة تحمل مغزى واضحًا :

عقبال اللي في بالي، لما يتعظ بقى من اللي بيحصل ده كله


التفتت إليها جوان، وقد علت وجهها ملامح ضيق وهجوم :

قصدك إيه يا عشق؟


ردت عليها عشق بصراحة لا تعرف المراوغة :

قصدي واضح أوي يا جوان، يا ريت تاخدي اللي حصل لصافي عبرة ليكي، وتبطلي تهور، لازم تعرفي إن كلنا عايزين مصلحتك، الشلة دي ما وراهاش غير المشاكل، وزي ما صافي اتأذت، بعد الشر يعني، الدور هيجي عليكي انتي كمان لو فضلتي ماشية وراهم


زفرت جوان، وقالت بغرور، وكأن النصيحة تحمل إهانة لها :

أنا مش زي صافي يا عشق، صافي سذاجتها اللي وصلتها لكده، لكن أنا؟ لا، أنا عارفة بعمل إيه كويس أوي، وحاطة حدود بيني وبين الشلة دي محدش فيهم يجرؤ يتخطاها، وبعدين أنا مغلطتش من الأول عشان أتعظ دلوقتي، واللي عملوه في صافي، عمي ادم مش هيسكت عليه، وهيرد ليهم اللي عملوه أضعاف، وده كفاية اوي عشان يخليهم يفكروا ألف مرة قبل ما يقربوا مني أو من حد يخص عيلتنا


حركت عشق رأسها بضيق، وقالت :

إنتي مستكبرة تسمعي النصيحة يا جوان، ودماغك بس هي اللي ممشياكي، تصرفاتك كلها غلط في غلط، وعلى فكرة إنتي وصافي نسخة من بعض، ولو كنتي مكانها، كنتي هتقعي في نفس الغلط، أنا لما بقولك الكلام ده مش بشمت ولا بعلم عليكي، انتي بنت خالي.....يعني اختي، ومن حقي أنصحك كنت بنصحك زمان تبعدي عن الشلة دي ومكنتيش بترضي تسمعي، ولسه لحد دلوقتي بنصحك، ومش همل إني أقولك تبعدي عنهم، وعن اللي زيهم، انا خايفة عليكي من تهورك يا جوان وعنادك اللي هيخسروكي كتير في يوم من الايام 


صمتت جوان، وقد ضاق صدرها رغم أنها تعلم في قرارة نفسها أن كلام عشق صحيح، وأن كبرياءها وحده هو الذي يمنعها أن تعترف بذلك، لكن جزءًا آخر منها كان يفعل كل هذا عنادًا في شخص ما !!!


في تلك اللحظة اتجه مالك نحوهما، فنهضت جوان بصمت مغادرة المكان، جلس بجانب عشق، التي تحاشت النظر إليه وهي ترشف من قهوتها، فسألها بصوت يفيض اهتمامًا :

انتي كويسة يا عشق


أجابته بخجل لطيف :

الحمد لله


تنهد مالك بضيق، ثم قال بنفاذ صبر :

على المشاكل اللي في العيلة دي ما تتحل، شكلي مش هتجوزك غير بعد عشرين سنة، بقى يارب يوم ما الواحد ياخد خطوة المشاكل تنزل ترف عليه من كل ناحية 


ضحكت عشق بخفوت وقالت مداعبة :

فقري


ابتسم لها مالك بعينين مليئتين بالهيام وقال :

فقري إزاي وانتي في حياتي، ضحكتك بس قادرة تحلي يومي كله مهما كان المر اللؤ فيه يا عشق


احمرت وجنتاها، فقالت بخجل مصحوب باستغراب :

أنا مستغرباك


رفع حاجبيه بدهشة، وسألها :

ليه؟


ترددت قليلًا، ثم قالت بصراحة :

يعني قبل كده كنت ساكت خالص، ودلوقتي بتتكلم اكتر، بتعبر أكتر.....وبجراءة كمان


صمت للحظة، ثم تنهد بعمق، قائلاً بحزن :

خوفت لاخسرك بسكوتي ده يا عشق، أنا ليا واحد صاحبي كان بيحب واحدة وفضل ساكت ومتردد يكلمها او يفاتحها في حاجة رغم انه بيحبها اوي لكن سكوته ده خلاها تضيع من بين ايديه وتتجوز غيره، يومها قالي كلام عمري ما قدرت انساه، قالي الحب ما ينفعش يتخبى ولا يتسكت عليه، والخطوة اللي تخاف تاخدها دلوقتي غيرك هيجي وياخدها ساعتها محدش هيندم غيرك والكلام اللي خوفت تقوله هيجي عليك يوم وتتمنى تقوله


اقترب منها قليلًا وقال بصوت يفيض صدقًا وحبًا :

انا خوفت اخسرك، خوفت يجي يوم اندم على سكوتي، سكوتي اللي من الأول كان بسبب خجلي،

بس لقيت ان خجلي ده ممكن يضيعك مني يا عشق، فاتكلمت، اتكلمت ومش ناوي اسكت بعد انهاردة،

اتكلمت وناوي أقول مش بس ليكي لا لكل الدنيا اني بحبك اوي، وبعشق بجنون،

انا عمري ما شوفت ولا اتمنيت غيرك تكون ليا،

انا بحس انك بتكمليني يا عشق


نظرت عشق إلى مالك للحظات بصمت، ذلك الصمت الذي كان أبلغ من أي عبارة، وكأن عينيها تحملان كل ما لم تستطع قوله هي الأخرى طوال السنوات، كان مالك......مالك قلبها، وكل دقة في صدرها لم تعرف غير اسمه، لم ترى سواه، ولم تتمنى يومًا غيره


كانت ملامحها ترتجف بشيء يشبه الجرأة الممزوجة بالخجل، ثم نطق لسانها أخيرًا بما ظل حبيس روحها طويلًا، كلمات خرجت صادقة دافئة :

وانا حبيت فيك كل حاجة يا مالك، حبيت خجلك وطيبة قلبك، حبيت شخصيتك، حبيت كل صفة فيك، انا عمري ما اتمنيت غيرك ولا شوفت غيرك ولا عايزة غيرك، وسواء كنت اتكلمت أو سكت، عمري ما كنت هبقى لغيرك، عشان عمري ما تخيلت نفسي غير معاك، ولا شوفت حد يستاهلني زيك يا مالك، انت أماني من بعد أهلي، والوحيد اللي بطمن معاه،

انت الوحيد اللي من كل قلبي حبيتك.....بحبك يا مالك قلبي


لمعت عينا مالك كمن وُهب الحياة من جديد، امتلأ نظره بها حبًا وفرحًا، مد يده يمسك يديها، مقبلاً اياها برقة، وحب فابتسمت عشق، بخجل شديد


من بعيد، كانت عينا حمزة تطلقان شررًا حارقًا وهو يراهم بهذا الانسجام، حبٌ صافٍ يتبادلانه أمامه دون أن يشعر أحد بوجوده، الحقد اشتعل في قلبه كجمرٍ لا ينطفئ، فهو يرى عشق تقبل أخاه، بينما هو.....لا تنظر إليه إلا بالرفض والصد


لطالما كان مالك مقبولًا من الجميع، محبوبًا بلا مجهود، على عكسه تمامًا، انه حمزة المنبوذ، المختلف، الذي لا يختاره أحد مالك دائمًا هو الأفضل، في كل شيء، حتى حين يتعلق الأمر بالقلب، ما زال هو المفضل عند والده، بينما هو.....لا !!

تذكر ذلك الشعور القديم بالظلم، تذكر كل تلك اللحظات التي كان فيها الظل بينما أخوه يقف في الضوء


النار ازدادت في صدره وهو يستعيد كل الذكريات، حتى حسم أمره، قرر أن ينفذ ما قالت له والدته اليوم، ولن ينتظر يومًا آخر حتى !!


استدار ليغادر، لكن خطوته توقفت فجأة حين وجد من تقف خلفه، انها ليان ابنة عدوة والدته الأولى، سارة، وقفت امامه بنفس الهيئة التي طالما سخر منها سرًا......وربما جهرًا


ليان بثيابها الصبيانية الواسعة، شعرها المخفي تمامًا تحت تلك القبعة، والنظارة الطبية الدائرية التي تغطي نصف وجهها تلك الحمقاء كما يسميها تحاول باستمرار أن تستميله، بينما هو يصدها مرارًا لأنها ببساطة ليست النوع الذي يفضله


قالت ليان بتوتر، وبصوتٍ رقيق لا يناسب مظهرها إطلاقًا :

ازيك يا حمزة


رفع حمزة حاجبه بسخرية باردة وهو يرمقها من أعلى لأسفل :

نازلة من فوق لهنا، عشان تقوليلي ازيك يا حمزة


كانت ليان تقف أمامه بتوترٍ واضح، يديها ترتجفان، ونظراتها تهرب منه كلما حاولت جمع شجاعتها، ردت عليه بصوتٍ متقطع، مليء بالحرج والارتباك الذي لم تستطع إخفاءه، مما جعله يسخر منها داخليًا أكثر :

لا مفيش....بس....بس خاله اوس قالي أقولك تطلعه، عشان بيكلمك وفونك مقفول


تحرك حمزة مبتعدًا ببرودٍ اعتادته منه، لكن قبل أن يخطو خطوته الثانية، أوقفته ليان بنبرةٍ واهنة، تحمل حزنًا حاولت طويلًا أن تدفنه ولم تعد قادرة على كتمانه :

انت ليه بتعاملني كده يا حمزة، ليه تكرهني كده وأنا......


قطع حديثها قائلاً بقسوة وبرود :

وانتي بتحبيني مش كده، شوفي يا ليان ببساطة انا بعاملك كده عشان مش بحبك، اجابة بسيطة خالص، باينة، وواضحة زي الشمس، انا لا بحبك ولا هحبك لأن ببساطة كمان انتي مش من النوع البنات اللي افكر ارتبط بيها واحبها، بصي لنفسك في المراية يا ليو يا حبيبتي، مش معقول يعني هتجوز واحد صاحبي، بذمتك يفرقوا هما بينا ازاي !!


اتسعت عيناها بصدمةٍ حادة، كلماته انغرست في قلبها دون رحمة، لطالما صدها حمزة، لكنها لم تتوقع ان يوجه لها كلمات جارحة بهذا العمق ولا إهانةً بهذا الشكل، شعرت بالدموع تتكدس خلف جفنيها، لكنها قاومتها كي لا تهين نفسها أكثر 

رفعت رأسها، واستعادت ما تبقّى من قوتها، وردت عليه بقسوة مماثلة لقسوته عليها :

مين قال إني كنت هقول بحبك، والكلام الفارغ ده، شكلك انت اللي بتتمنى تسمعها مني، ع العموم، أنا كنت هقولك اني معملتش حاجة تضايقك عشان تتعامل معايا كده


عدلت نظارتها ببطء، وكأنها تحمي آخر ما تبقى من كرامتها، ثم قالت بسخرية لاذعة :

وبعدين أصلاً مين العاقلة اللي تربط اسمها بواحد زيك، ده انت مفيش فيك حاجة تتحب، مين دي اللي تحب فيك لسانك طويل، وقلة ذوقك، يا اخي ده انت حتى لا بتحترم حد ولا بتراعي مشاعر حد، ومغرور، وشايف نفسك على الكل، وانت في الأساس ولا حاجة، بذمتك واحد بصفاتك دي مين الغبية اللي تقبل بيك، ده احنا في العيلة مستحملينك بالعافية، مابالك بقى اللي هتتجوزك وتعيش معاك


قالت ذلك، ثم نظرت إليه نظرة احتقارٍ أخيرة، ومضت،

مشت وهي تكتم شهقتها، مقهورة من نفسها قبل أن تكون مقهورة منه، لأنها برغم كل عيوبه أحبته، أحبت شخصًا لا يستحق، وقلبها الأحمق انتظر منه نظرة، كلمة.....

أي شيء، حتى لو كان كذبة !!


أما حمزة، فاشتعل غضبًا، كلماتها اطاحت بكبريائه، وزادت من حقده، رغم أنه لم يفهم على من يغضب، عليها، أم على نفسه


في تلك اللحظة، ظهرت والدته مهرة، بابتسامة ماكرة تعلو شفتيها، وصوتها يقطر سمًا ؛

انت إزاي تسمح ليها تقولك كده، وتسكتلها، خد حقك، ماتقفش كده زي خيبتها، عرفها مقامها بنت سارة شكلها نسيت امها اللي عملت عمايل تخليها تعيش موطية راسها طول عمرها، قال اي والغبية مستنية منك تعبرها، قرب منها يا حمزة وبعد ما تديها الريق الحلو وقعها على جدور رقبتها خليها تعرف مقامها كويس اوي، وتحرم ترفع عينها فيك


التفت إليها حمزة، وقال بسخرية مُرة :

قصدك تقوليلي أشفي غليلي من سارة في بنتها يا حمزة، زي ما عاوزة تعملي في عشق بنت حياة، ما تاخديش كرامتي حجة للي في دماغك، وقوليهالي صريحة يا مهرة هانم، قوليها صريحة زي ما قولتيها ساعة عشق


نظرت مهرة إليه بغيظٍ، فتابع حمزة بحدةٍ لم تعتدها منه :

ليان لأ، أنا مش هسمحلك تأذيها


رفعت حاجبها، وسألته بسخرية :

أشمعنى عشق قبلت تأذيها.....وليان لأ


رد عليها بجفاء :

عشان ليان بره الموضوع، وماتستاهلش، كفاية أذى في ناس مالهاش ذنب


سألته مهرة بسخريةٍ حادة، وقد نسيتْ أن توجه السؤال لنفسها قبل أن تُحرضه على إيذاء أخيه مالك، وإيذاء عشق أيضًا :

وهي عشق يعني اللي كانت تستاهل؟!


ابتسم حمزة بسخرية مريرة، فهو لا يريد عشقًا لشيءٍ فيها، بل ليشعر فقط بأنه انتصر على مالك في أمرٍ ما، وليثبت له وللجميع أن فتاة مثل عشق قد تقبل به بسهولة، بل وتفضله على أخيه الخلوق كما يقول عنه الجميع أيضًا، حتى لو كان ذلك عبر لعبةٍ رخيصة لا قيمة لها


ليته يدرك أن الأخلاق والمبادئ لا تُجزأ، وأن عشق، كليان وغيرها، لا تستحق ما جرى لها ولا ما حُيك لها

ثم ترك والدته وغادر، تاركًا إياها تغلي بنار حقدها وغيظها، ذلك الحقد الذي يلتهمها يومًا بعد يوم، كلما رأت سعادة الجميع، بل وكلما رأت احدًا افضل منها هي وعائلتها، تريد ان تكون هي محور كل شيء......وأي شيء !!!!!

.................

في المساء.....

كانت سيدرا تقف بسيارتها على جانب الطريق، تتلفت حولها في ارتباك واضح، لم يسبق لها أن دخلت منطقة شعبية من قبل، وكانت كثافة الناس وضوضاء الأزقة تزيدان من توترها، أمسكت بالهاتف على أذنها، قائلة بنفاذ صبر، وهي تمشي بخطوات متعجلة بين البيوت المتلاصقة :

حضرتك أنا دخلت المنطقة اللي قولتلي عليها، بس مش عارفة أوصل للبيت بالظبط، قوليلي أقف فين استناك، وقابلني باللاب بتاعي


كانت منشغلة بالمكالمة إلى الحد الذي لم تنتبه فيه لسيارة والدها التي توقفت بعيدًا، فقد رآها والدها بالصدفة وهو على الطريق فاتسعت عيناه في صدمة

ماذا تفعل ابنته في هذا المكان وحدها، حاول الاتصال بها، لكن هاتفها كان مشغولًا، تقدم بخطوات سريعة، الخوف يعصف بقلبه من أن يضايقها أحد الشباب الموجودين بتلك المناطق، لكن قبل أن ينادي عليها فوجئ بامرأة تتقدم نحوه كالإعصار !!


كانت المرأة ترتدي عباءة سوداء من الستان تتحرك مع خطواتها كأنها إعلان حرب، وحجابًا ملقى على شعرها بإهمال، الغضب مرسوم بوضوح على وجهها، حتى بدا أن الهواء نفسه يتراجع أمام غضبها


قبل دقائق فقط، كانت دينا الصغيرة تركض نحو شقيقتها حبيبة بأنفاس متقطعة، عيناها الواسعتان مليئتان بالرعب :

الحقيني يا حبيبة الراجل ده كان عايز يخطفني، بيقولي تعالي أجيبلك آيس كريم، وكان هيشدني بالعافية، انا عضيته في ايديه وجريت علطول 


التفتت حبيبة بسرعة نحو الاتجاه الذي أشارت إليه شقيقتها، فرأت رجلًا يقف بجانب أحد المحلات، لم تفكر، اندفعت إليه بخطوات غاضبة، شرسة، ولم يكن الرجل سوى.....الياس الذي صرخت عليه بصوت هادر سمعه كل من في الشارع :

مش عيب عليك يا راجل يا شايب يا عايب، تخطف بت قد حفيدتك، طب احترم الشعرتين البيض اللي عندك دول، وراعي سنك، والغريبة ان شكلك ابن ناس


تجمد وجه الياس للحظة، ثم قطب جبينه وصرخ عليها بصوت غاضب :

انتي اتجننتي، إزاي تتكلمي معايا كده، إنتي مش عارفة بتكلمي مين ولا اي يا بت انتي


لم تنتظر حبيبة لتعرف، فقد انحنت سريعًا والتقطت نعلها من قدمها، ورفعته عليه بتهديد :

وهو إنت لسه هتبرر وتشرح، ده أنا هفرج عليك أمة لا إله إلا الله، وهنسل الشبشب على دماغك، مبقاش حبيبة بنت الشيخ ياسر اما مسحت بيك الأرض


لكن قبل أن تهوي عليه بالنعل، كان الياس الأسرع، أمسك يدها بقوة، وجذبها إليه بعنف حتى اختل توازنها، وارتفع صوته إلى نبرة جعلت الدم يتجمّد في عروقها :

لولا إنك ست كنت دفعتك تمن الحركة دي غالي اوي


شهقت حبيبة بخوف، بينما دفعها الياس للخلف دفعة حادة،

هنا جاءت دينا الصغيرة، تشد عباءة أختها بخجل وارتباك :

مش ده يا حبيبة.....مش ده


تجمدت حبيبة مكانها، وابتلعت ريقها بصعوبة، ثم رفعت رأسها ببطء لتنظر إليه، وياليتها ما فعلت، فالنار المشتعلة في عيني الياس كانت قادرة على إحراقها في لحظة !!!!!!

...........

بعد منتصف الليل.....

جلست غنوة فوق العشب، تتأمل السماء المرصعة بالنجوم، لم يزرها النومُ رغم محاولاتها، فخرجت تبحث عن بعض السكينة، وعن لحظة تُنسيها اضطراب قلبها، حدقت طويلًا في الفضاء الواسع، وكل ذكرى تخص مروان كانت تتردد داخلها كوميض لا يخبو، ابتسامة رقيقة انسابت على شفتيها وهي تتذكر نظراته التي تُشعرها بأنها مميزة.....مهمة !!

قطع شرودها صوتٌ باتت تتمنى سماعه كل لحظة، صوتٌ يحمل شيئًا من الأمان، ومن الخطر أيضًا انه مروان الذي قال بمزيج من المرح والغزل :

يا بخت القمر


انتفضت غنوة واقفة، قلبها يخفق بعنف وهي تعدل من ثوبها الزهري الواسع، ظل مروان يتأملها بعينين يكشف سكونهما كل ما يخفيه لسانه، اقترب أكثر، ثم جلس على الأرض أمامها ونظر إليها بابتسامة تجذبها رغمًا عنها :

اقعدي يا غنوة، وقفتي ليه.....؟!


جلست بتردد، تخشى الاقتراب وتكره الابتعاد، فسألها بهدوء :

إيه اللي مصحيكي لحد دلوقتي؟


ردت عليه بتوتر :

معرفتش أنام، فطلعت أقعد هنا شوية


صمت الاثنان، وصمت الليل صار شاهدًا على شيء ينمو بينهما دون وعي، قطع مروان الصمت قائلاً بصوتٍ يحمل دفئًا ناعمًا :

مرتاحة معانا هنا يا غنوة....؟!


رفعت عينيها إليه، وقالت بصدق خالٍ من التكلف :

اكيد كفاية معاملتكم ليا، والله بحس اني في وسط أهلي


ابتسم مروان، ومد يده إلى جيبه، وأخرج قلادة فضية رقيقة، يتوسطها قلب زهري صغير لامع تحت ضوء القمر !!!


فردها على كف يده وقال بتلقائية وبدون تفكير :

وأنا مسافر أول ما شوفتها محستهاش غير عليكي


تأملتها غنوة بخجلٍ ربك ملامحها، لا تعرف أترفض أم تقبل، القلادة بسيطة لكنها خطفت قلبها بورقتها، غير ذلك يكفي انها منه لتحبها، لاحظ مروان ترددها، فاقترب ببطء، مد يده إلى خلف رقبتها، أبعد جديلتها الطويلة بلطفٍ شديد قبل أن يلبسها القلادة برقة جعلت أنفاسها تتسارع، كان قلبها يُنذرها يعاتبها، لكنه في الوقت نفسه يلتهم اللحظة دون مقاومة مستمتعًا بكل لحظة !!!


ابتعد مروان قليلًا، لينظر إليها بنظرة لم تستطع احتمالها، قائلاً بحب :

دلوقتي بس أقدر أقول......إنه بقى أجمل لما لبستيه


ارتبكت أكثر، وازداد خجلها حين رفع يده من جديد، يلمس جديلتها ليفكها ببطء، ورقة شديدة، حتى انساب شعرها على كتفيها وظهرها كستارة حريرية، ليردد بافتتان :

كده أحلى بكتير


كانت مأخوذة، عاجزة عن الحركة، لا تستطيع الهرب ولا البقاء، حضور مروان كان أكبر من قدرتها على المقاومة، وأعمق من قدرتها على الفهم، التقت نظراتهما في لحظة طويلة، هادئة، لكنها مليئة بما لا يمكن نطقه


اخذ الهواء يحرك خصلات شعرها، فمد يده برقة ليبعدها عن وجهها، قبل أن تتجرأ أنامله وتلامس وجنتها الناعمة برقة، انحنى ببطء شديد، كان على وشك أن يقترب أكثر مما يجب........

لكنها نهضت فجأة، وصوتها خرج مرتعشًا بخجلٍ شديد :

الوقت اتأخر، تصبح على خير


كان مروان يدرك تمامًا حماقته في تلك اللحظة، يدرك تهور الخطوة التي كاد فيها ان يقترب منها، ومع ذلك لم يستطع إنكار ذلك الاضطراب اللذيذ الذي سرى في صدره


كان داخله صراعٌ صامت، عقلٌ يذكره بالحدود التي يجب ألا يتجاوزها، وقلبٌ يجره نحوها كلما حاول الهرب


مهما حاول أن يتماسك، كان يشعر بأن شيئًا فيه ينكسر كلما ابتعد، وأن شيئًا آخر يولد كلما اقترب، وهكذا، بين نداءٍ عاقلٍ يُطالبه بالتماس الصواب، ونداءٍ آخر لا يسمعه سواه


ما بين رغبة القلب التي لا تهدأ، وعقلٍ يرفع حاجزًا بعد آخر يظل القلب هو المنتصر، رغم كل شيء !!!!

..............

في عُمق الليل، كان ذلك الرجلُ الملثم يشق طريقه بخطواتٍ بطيئة وحذرة، يلتفت مع كل خطوة يتأكد أن لا أحد يتبعه كان الليل ساكنًا إلى درجة أن أنفاسه تكاد تُسمع !!


انه يوسف الذي كان قلبه يخفق بعنف حين وصل إلى الغرفة التي يعرفها جيدًا، أخرج من جيبه البصمة التي حصل عليها بعد جهدٍ شاق، ومررها على جهاز الفتح، لحظاتٌ ثقيلة مضت قبل أن يُفتح الباب أخيرًا.......


دخل بخطواتٍ سريعة محسوبة، وكأن الأرض تحت قدميه قد تُحدث جلبة في أي لحظة، اتجه مباشرة نحو المكتب، حيث ذلك الحاسوب تحديدًا جلس، وبدأ بنقل الملفات واحدًا تلو الآخر، لكن مع كل ملف يفتحه، كانت عيناه تتسعان بدهشة وصدمـة، أسماء لرجال كبار بالدولة، شخصيات لم يتخيل قط أن لهم يدًا في هذا العمل القذر


لكن الصدمة الحقيقية ضربته حين ظهرت صورة وجهٌ لم يتوقع رؤيته بينهم أبدًا، بدأ الآن يجمع الخيوط ببعضها ليستوعب الأمر الآن !!!


أعاد كل شيء كما كان، وحين هم بالخروج، تفاجأ بوجود شاب من الحرس يقف أمامه، كان على وشك التعامل معه، لكنه توقف حين سمعه يهمس بصوتٍ خفيض :

متخافش، انا من مصر......من طرف شريف ابن خالك


جذبه الرجل سريعًا، وغادرا المكان في صمتٍ مطبق، وما إن أصبحا وحدهما، حتى سأله يوسف بحذر :

شريف مقالش ليا إنك شغال معاه هنا


رد عليه الشاب ويدعى طاهر بجدية :

شريف باشا شاف إن كده أحسن، وأنا كنت متابعك من بعيد، عيني عليهم، وعليك في كل لحظة، خد بالك، لإنهم ناويين يصفوك بعد ما تظبط لهم الصفقة، يعني قبل التسليم هيغدروا بيك يا يوسف باشا


توجس يوسف أكثر، وعيناه تبحثان عن أي علامة للخداع بوجه الاخر، فسأله مرة أخرى بشك :

طب إيه اللي يضمنلي إنك مش منهم، وإن دي مش لعبة


نظر له طاهر بضيق وقال بصرامة :

مفيش ضمان، لكن تقدر اول ما تتواصل مع شريف باشا ابن خالك، وتسأله عني، المهم دلوقتي الملفات اللي نقلتها لازم توصل مصر النهارده قبل بكره، هما لسه شاكين فيك رجعوك بينهم تاني عشان محتاجينك تعمل لهم شغل هما مش هيعرفوا يعملوه، وبعد ما تخلص كل حاجة، ويتفضل بس خطوة التسليم، هيتخلصوا منك


ابتلع يوسف ريقه بصعوبة قبل أن يسأل :

عرفت الكلام ده كله منين؟


أجابه طاهر وهو يلتفت حوله بحذر :

أنا معاهم أغلب الوقت، غير كده انا هنا من قبل ما ترجع ليهم بشهر وشوية، وشريف باشا رجعك ليهم لإنك لو فضلت في مصر كانوا هيقتلوك، لكن وجودك هنا وكإنك بتساعدهم ده بيدينا وقت، وكمان يوقعهم أسرع، الموضوع يطول شرحه، ده غير ان فيه حاجات كتير انت متعرفهاش، هشرحلك كل حاجة بعدين، مفيش وقت دلوقتي، أهم حاجة تبعت الملفات كلها على مصر بأسرع وقت، وقبل ما تتحرك معاهم في أي حتة حتى لو دقيقة واحدة، تعرفني


غادر يوسف كما جاء مُثقل الخطى، منهك الجسد والروح يشعر وكأن الليل يضغط على صدره، وكأن الهواء صار أثقل من أن يتنفس، تمنى، وهو يسير في الممرات المعتمة، لو أن كل هذا ينتهي بسرعة، لو أن هذا الغموض المُخيف يتبدد، لو أنه يغمض عينيه ويفيق ليجد أن كل شيء قد انتهى، وكل خطر اختفى......


تنهد بعمق، تنهيدة تشبه الانهيار أكثر من الراحة، وبمجرد أن خطرت ليلى في باله، ضحك بسخرية مريرة، منذ متى وهو نساها ليتذكرها، هي لم تغب لحظة عن باله، كانت حاضرة دائمًا في عقله، في قلبه، في كل زاوية يحاول الهرب منها


بدأ شريط الذكريات يعود بقسوة، كل ما عاشه معها، وكل الأذى الذي سببه لها، لأول مرة اعترف داخله، بلا تهرب ولا كبرياء، أنه أحبها بصدق، وأنه حتى الآن عاجز عن فهم غبائه عن تفسير لماذا جرحها، ولماذا ضيع امرأة مثلها من بين يديه


كانت تَعجبه منذ البداية.....قبل أروى حتى

لكنه بغروره الأعمى ظنها مملة، ظن أن جنون أروى سيمنحه حياة مختلفة، ولم يدرك أن السكون الذي في ليلى كان حياة، وأن ملامحها الهادئة كانت أغلى من كل صخب عرفه لاحقًا


غمره حزنٌ كبير، حزن يطبق على صدره ويخنقه

أخرج دفتر مذكراتها، الدفتر الذي سلمه له شقيقها مالك قبل سفره، ومازال عاجزًا عن فتحه......

عاجزًا عن مواجهة ما كتبته ليلى عنه

ترددت في ذهنه كلمات مالك، تلك الكلمات القصيرة لكنها جارحة بما يكفي لتمزيق قلبه :

دي مذكراتها، هي متعرفش إني شوفتها ولا قريتها، بس لو فتحتها هتلاقيها كلها عنك انت وبس يا يوسف، انت كنت محور الكون بالنسبة ليها، وياريتك قدرت ده، أنا مش بسلمه ليك دلوقتي عشان تفكر فيها ولا عشان تحبها.....لأ، أنا جبتهولك عشان تندم أكتر، عشان ضميرك يوجعك أكتر، عشان تعيش بالحسرة إنك خسرت حب زي حب ليلى ليك، وعشان تعرف إنك ضيعت من إيدك حاجة عمرها ما هتتعوض، أنا مش هتخانق معاك ولا هعاتبك، أنا هسيبك للندم ولعذاب الضمير، والحسرة اللي هتعيش بيها، وده كمان ولا حاجة قصاد اللي أختي عاشته


ظل يوسف واقفًا، ممسكًا بالدفتر، وصدره يعلو ويهبط بحدة،

كانت الكلمات تلتف حول قلبه كحبال تشده بقوة، علم في تلك اللحظة تحديدًا أن الندم الذي تحدث عنه مالك، قد بدأ بالفعل ينهش روحه بلا رحمة


دخل لمنزله وارتمى على الفراش، ممسكًا بذلك الدفتر الصغير الذي يحمل بين صفحاته عبق ذكرياتهما القديمة، كان غلافه مزينًا باسمها بطريقة تخطف الأنفاس، فقد أهداه لها يوم بلغت السابعة عشرة من عمرها، راح يقلب صفحاته ببطء، وكل صفحةٍ كانت تطعن قلبه بنصلٍ من الحنين !!!


حتى توقفت عيناه عند صفحة مؤرخة بتاريخٍ لن يُمحى من ذاكرته، يوم ذكرى زواج والديها، واليوم ذاته الذي أعلن فيه أمام الجميع رغبته في الزواج من أروى


يتذكر جيدًا كيف تدخلت عائلته آنذاك ليثنوه عن تلك الزيجة، وكيف صرخ في وجههم غاضبًا، مؤكدًا أنهم لا يفعلون ذلك إلا ليُجبروه على الزواج من ليلى !!!


في تلك اللحظة، حين سمعت ليلى كلماته، ركضت نحو غرفتها، وقد انكسرت في داخلها كل قوةٍ تظاهرَت بها، وبكت بحرقةٍ صامتة، كأنها تودع حلمًا كان يسكن قلبها منذ أول نظرة، قرأ كلماتها المدونة التي كتبتها بكل الألم الذي يسكن قلبها :

أُحبك بصمتٍ يُنهكني، وأنتَ لا تشعر

أغرق في تفاصيلك، بينما تمضي كأنني هواء

أي ظلمٍ أشد من أن أُهدي قلبي لمن لا يراه.....؟!

إنه جرحٌ خفي، لا دماء له، لكنه ينزف العمرَ خيبةً بعد خيبة

أتعلم؟ أصعبُ أنواع الظلم أن يُصبح الحُب من طرفٍ واحد،

فأكون أنا المشتعلة......وأنتَ لا ترى سوى رماد !!


انهمرت دموعه بصمت، دموعُ قهرٍ وندمٍ لم يستطع منعها، ولم يحاول حتى أدرك أخيرًا أن الألم الذي يسكن صدره أكبر من أن يُخفى، وأن الندم الذي يخنقه لن يعيد إليه ما فقده

مسح وجنته بكفٍ مرتجف، لكن الدموع انسابت من جديد

كان واعيًا بوضوحٍ موجع أنّده مهما ندم ألف مرة، ومهما تمزق قلبه حسرةً وأسى.....فلن تتبدّدل الحقيقة

ليلى لن تعود، وهو لن يسمح لنفسه بأن تكون له امرأةٌ مثلها

ليس بعد ما اقترفه في حقها، ولا بعد الطريق الذي اختاره بيده، طريقٌ كله خطأ، كله ألم، وكل ما فيه من نتائج عليه أن يتحملها وحده


شهق شهقةً مكتومة، وانكسر صوته وهو يهمس لنفسه انه من ضيع نفسه، وهو من سيدفع الثمن


كان يعلم أن مهما حدث لن تُمحى ليلى من ذاكرته

وأن الوجع الذي يشعر به في غيابها الآن

سيظل ندبةً محفورةً في أعماقه تذكره في كل لحظةٍ أن هناك حب لا يُعوض، ولا يُكرر، ولا يُنسى !!

...............

كان مالك يقود سيارته عائدًا من المستشفى، يطبق شفتيه بضيق بينما يضغط على المقود بيد متعبة، كان الليل ثقيلاً، وأضواء الشارع تتداخل مع صداعه المزعج، لم يكن ينقصه سوى أن تظهر تلك اللجنة الأمنية أمامه فجأة، مصطفة عبر الطريق كجدارٍ لا يمكن تجاوزه 


توقف، تنفس بعمق محاولاً كبح انزعاجه، ثم راح يراقب السيارات التي تتقدم ببطء شديد، دقائق تمر كالساعات، حتى حل دوره أخيرًا، اقترب الضابط من نافذته، قائلاً بنبرة رسمية جادة :

انزل من العربية لو سمحت


قطب مالك جبينه، بضيق لكنه لم يجادل، ونزل مضطرًا، ووقف جانبًا بينما بدأ العساكر يفتشون السيارة بدقة كأنهم يبحثون عن شيءٍ ما، حاول أن يتظاهر بالهدوء، لكن نفذ صبره، وقبل ان يتحدث، خرج فجأة أحد العساكر من خلف السيارة وبيده حقيبة بلاستيكية سوداء، تقدم الضابط، وفتح الحقيبة فظهر بداخلها أكياس شفافة تحتوي مادة بيضاء معروف ماهيتها !!!


اتّسعت عينا مالك بذهول، وتجمدت ملامحه في صدمة، أغلق الضابط الحقيبة، ثم أشار بيده للعساكر ليقيدوا مالك الذي شعر بأن الأرض تميد تحت قدميه !!!!!!!

............

البارت خلص 🔥

مستنية رأيكم يا حلووووين ♥️

والله بعتذر منكم جامد بس سفر بقى والدنيا ملخبطة خالص معايا بحاول على قد ما اقدر اكتب في اي وقت متاح ليا وبضغط نفسي جامد عشانكم سامحوني 🥺

هعوضكم ان شاء الله الاسبوع ده 😍

دعواتكم ليا بالخير 🥺

دمتم سالمين يا قمرااااتي 😚♥️



 😚♥️

تكملة الرواية من هناااااااا 

لمتابعة باقى الرواية زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل 

متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا

الرواية كاملة الجزء الاول1 من هناااااااااا

الرواية كاملة الجزء الثاني2 من هناااااااااا

مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا

 مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هناااااا

تعليقات

التنقل السريع
    close