رواية العار الفصل الرابع 4 بقلم نور الشامى حصريه في مدونة موسوعة القصص والروايات
رواية العار الفصل الرابع 4 بقلم نور الشامى حصريه في مدونة موسوعة القصص والروايات
الفصل الرابع
العار
ارتسمت على شفتيه ابتسامة هادئة، ابتسامة حملت كل الغياب وكل الحنين وهو يهمس:
واحشتيني… واحشتيني جوي يا عهد.
لم تحتمل تهدمت قوتها كلها دفعة واحدة وخرج صوتها مرتجفا يختلط بالبكاء وهتفت :
سامحني… سامحني يا أمين… أنا السبب… أنا الغلطانه… أنا السبب في كل ال ح صل… انت واحشتني جزي والله
ضمها أكثر، وصوته ينساب فوق جرحها كما ينساب البلسم فوق حريقٍ قديم وهتف:
بلاش تعيطي اكده... إنتي عارفه إني عمري ما أستحمل دموعك دي نهائي
رفعت وجهها نحوه وعيناها حمراوان وهتفت بوجع خافت:
أنا ظلمتك… وخدعتك… عملت فيك حاجات كتيره جوي مش حلوه
أغلق عينيه لحظة، كأن الكلمات تخترق صدره، ثم قال بنبرة هادئة لا تشبه حجم الطوفان داخله:
حتى لو موتيني… هموت وأنا بحبك… ومسامحك.. انا موافج باي حاجه تيجي منك
شهقت عهد، وكأن قلبها انفتح على فراغ مخيف وهتفت :
إنت… لسه بتحبني؟
ابتسم ابتسامة صغيرة، لكنها كانت ابتسامة تُخفي شيئا أعمق من الحنين بكثير وردد:
عمري ما بطلت احبك ياعهد
ومع ذلك… تحركت يداه وهو يبعدها عنه قليلًا، وكأن لمحته منقوصة وكأن هناك ظلًا لا يجب أن يراه أحد قائلا'
امشي دلوجتي يا عهد… لو حد شافك هتكون مصيبة.
هزت رأسها بإصرار، وقالت بصوت باكي لكنه قوي:
هجيلك تاني… لازم نتكلم… لازم أعرف كل حاجه واحكيلك كل حاجه حوصلت
لم يجبها. فقط تابعها بعينين ثابتتين حتى خرجت من باب الشقة وأغلقته خلفها بصمت يشبه السقوط وما إن انقطع صدى خطواتها عن الممر…حتى انفتح باب الغرفة المجاورة ببطء وظهر جلال أولا… ثم رائد خلفه فـ التفت أمين إليهما، وملامحه تتبدل كقناع سقط فجأة. لم تبقي أي رقة، أي حنين، أي دفء.
اختفت الابتسامة… وظهر الرجل الحقيقي وهو يتنفس بحدة، ثم سحب زجاجة ماء من على الطاولة وبدأ يغسل يديه بعنف كأنه يزيل شيئا نجسا التصق بجلده، ثم نزع قميصه الملتصق بدموع عهد وألقاه أرضا، والتقزز يعلو صوته:
قرفان منها… بجد مش هجدر أستحملها كتير.
اقترب جلال بخطوات ثابتة، وقال بنبرة قاتلة الهدوء:
هانت يا أحمد… الحمد لله إنها معرفتكش. ولا كانت تعرف إن أمين كان ليه أخ توأم.
رمى أحمد القميص الجديد فوق كتفيه وارتدى ببطء، وهو يضحك ضحكة قصيرة جافة:
هي فاكرة… إن أمين الحقيقي كان ممكن يسامحها؟ على كل ال عملته فيه... دي طول عمرها بتستغله… وبتستغل حبه ليها.
تقدم رائد نحوهما، يضع يده على كتف أحمد كأنه يذكره بالاتفاق:
هانت… بس لازم تصبر.
رفع أحمد عينيه نحوهما بضيق والتزم الصمت وفي صباح يوم جديد عند نجكه كانت خطواتها بطيئة، متثاقلة، وكأن الليل الذي قضته في العذاب ما زال ملتصقا بعظامها فتجولت في الردهة بعينين منهكتين، تبحث عن أي وجه مألوف، أي صوت يطمئنها… لكن البيت بدا كبيوت الأشباح واسع، هادئ، ومريب.
حتي دخلت المطبخ وهي تمسك حافة الباب لتستند عليها، فوجدت فتاة صغيرة ربما في أوائل العشرينات ترتب الأكواب. ورفعت الفتاة رأسها بسرعة، وقالت باحترام:
أعملك إيه يا ست هانم؟
تجولت عينا نجمة في المكان، كأنها تتأكد أنها ليست في حلم:
هو… مفيش حد غيرك اهنيه؟
ابتسمت الشغالة ابتسامة صغيرة:
لع طبعا… فيه الشغالين، بسهما برع بيعملوا حاجات تانيه. وفيه كمان الست الكبيرة… أم جلال بيه.
تجمدت نجمة والكلمة سقطت من فم الشغالة كأنها حجر ثقيل صُدم بباب عقلها.
أم… جلال؟
الشغاله:
أيوه يا ست هانم
همست نجمة، صوتها بالكاد يسمع:
بس… ال أنا أعرفه إنها ماتت من زمان.
هزت الشغالة كتفيها وهتفت:
ما هي مش أمه الحقيقية… دي أم أمين بيه. الله يرحمه.
تراجعت نجمة خطوة للخلف. قلبها انقبض فجأة، وكأن كل ما مر عليها بالأمس لم يكن كافيا حتي .تتذكر… أم أمين وقبل أن تلتقط أنفاسها، أكملت الشغالة:
وكمان مرت جلال بيه اهنيه
تسمرت نجمة في مكانها وهتفت:
نعم... مرته… مرته مين عاد
الشغاله؛
جنات هانم.
ارتسمت الدهشه علي وجه نجمه وكأن الأرض تحركت تحت قدميها وابتلعت ريقها بصعوبة وسألت:
طيب… جلال فين دلوجتي؟
الشغاله:
راح المصنع من بدري.
نظرت نجمه بتوتر ورددت:
وجنات… فين أوضتها؟
أشارت الشغالة إلى آخر الممر:
هناك… آخر باب على الشمال.
بدأت نجمة تسير نحو الباب، كتفاها مشدودان، خطواتها متوترة، وكل خطوة تشبه اقترابها من فخ مجهول ووقفت أمام الباب، رفعت يدها، وطرقت لحظة… لحظتين…ثم فتح الباب.لكنها لم تجد امرأة…ولا فتاة في أواخر العشرينات…ولا زوجة مهذبة كما توقعت.... بل وجدت بنت صغيرة… لا يتجاوز عمرها ستة عشر عاما.... وجه طفلة… وعينان واسعتان تنظران إليها باستغراب فـ تلعثمت نجمة ورددت :
لو… لو سمحتي… فين جنات؟
رفعت الفتاة حاجبا وقالت ببساطة:
أنا جنات.
تجمد دم نجمة. شعرت ببرودة مفاجئة تجتاح أطرافها، وكأن البيت كله انكمش حولها وقبل أن تستوعب ما سمعته، وقبل أن تنطق بأي كلمة ظهر جلال فجأة من خلفها وأمسك بذراعها بقوة، وسحبها للداخل، وأغلق باب غرفة جنات بقوة حتى ارتج المكان، ثم دفع الباب بمفتاحه حتى لا يفتح ثم التفت إليها بوجه معتم، وصوته منخفض لكنه حاد:
تعالي.
سحبها دون أن يعطيها فرصة للتفكير.ودخل بها إلى غرفتها…كأن لحظة المواجهة التي تهرب منها منذ الأمس فـ أصبحت الآن…
محاصرة بها من كل اتجاه وفي اللحظة التي أغلق فيها جلال الباب خلفه، اندفعت نجمة إلى منتصف الغرفة كأن الهواء يضيق عليها و نزعت يدها من قبضته بعصبية حادة، كأن لمسته صارت نارا تحرق جلدها واستدارت إليه، وصوتها يخرج صرخة مشحونة بكل القهر المتراكم:
هو إي ال بيوحصل دا؟! إنت إزاي… إزاي تتجوز؟! وتتجوز طفلة! دي لسه ماكملتش 16 سنه
لم يتحرك و لم ترتجف ملامحه. فقط عطل غضبها ببرودة قاتلة وهو يقول:
وانتي مالكو.. أنا حر في اختياراتي.
شهقت نجمة، والتوتر يتسلق صدرها حتى وصل لحنجرتها. وتقدمت نحوه تضربه بكفيها على صدره بعنف، بعنف امرأة تهرب من انهيارها مردفه:
ليه؟! ليه تعمل فيا اكده؟! حرام عليك… حرام عليك يا جلال انا عملتلك اي لكل دا
بدأت تتفكك و تهتز كتفاها، وانفلتت منها دموع محروقة. للحظة واحدة… فقط لحظة… بدا وكأن ملامحه تلين، كأن فيها ظلا من إنسان كان يوما قادرا أن يشعر لكنه أخفى كل ذلك خلف حجارة صوته وقال:
اتقبلي الواقع...وخليكي عاقلة…خلي أختك تروح تعترف بـ ال عملته… وأنا هسيبك وجتها
رفعت رأسها فجأة زالدموع تحفر خطوطا على خديها:
أختي مظلومة... مش هدمر حياتها علشانك
غضب جلال وانفجر دفعة واحدة. جذبها إليه بعنف لم تحسب له حسابا زصوته يعلو، يهز الجدران:
فوجي بجااا... وبطلي الغباء ال انتي فيه دا.. أختك شيطانة… انتي بس ال مش عايزة تشوفي
تجمدت نجمه بين يديه، كأن الكلمات كسرت شيئا بداخلها. عيناها الواسعتان ارتجفتا، ثم انهارت أكثر… واكثر… حتى صارت الدموع تسقط بلا توقف.وهنا…من دون وعي… امتدت يده إلى وجهها وأصابعه لامست خدها… ومسحة خفيفة مرتبكة، كأنه هو نفسه لا يفهم لماذا يفعل ذلك فاقترب…واقترب أكثر…وهي ترتجف، تتنفس بسرعة، تحاول أن تدفعه بعيدا:
ابعد… جلال…ابعد
لكن قربه كان عاصفة. قبلها وقبلها علي شفتيها قبله مفاجئة… قاسية… مضطربة…قبلة بدأتها هي بالمقاومة، ثم… وفي غفلة، غلبها الحنين استسلمت وارتخت يداها على صدره، وانقطع صوتها، وتجاوبت معه كأنها تغوص في شيء كانت تهرب منه منذ سنين وفجأة توقف وابتعد وكأنه صعق كأنه أدرك نفسه بعد فوات اللحظة فابتلع أنفاسه وحاول أن يخفي اضطرابه وراء قناع بارد ومسح شفتيه بكفه، ثم نظر إليها بنظرة نصف منتصرة نصف مذعورة:
اكده اتأكدت إنك لسه بتحبيني.ولسه بتضعفي جدامي.
شهقت نجمة و الصدمة تشل لسانها، ثم هتفت بانهيار:
أنا… هجتلك يا جلال… هجتلك
ابتسم جلتل ابتسامة باردة… واثقة… كأن تهديدها لم يلمس منه شيئا وهتف:
ياريت تجتليني
ثم استدار وفتح الباب ببطء، وخرج وهو يترك خلفه امرأة محطمة، تسقط على الأرض وتختنق بأنفاسها، بينما الغرفة تدور حولها كأنها تهوي من قمة جبل مظلم إلى لا شيء وفي المساء في غرفة جلال… كان الضوء الخافت للمصباح ينعكس على جلده فيلمع كأن عرقا باردا ينساب فوقه. حيث وقف أمام المرآة، صدره العاري يتصاعد معه النفس ببطءٍ محسوب… عيناه كأنهما تبحثان عن شيء ضاع منه منذ زمن ومد يده نحو القميص الملقى فوق المقعد…لكن الباب انفتح بصمت زاحف ودخلت فتاة مغطاة الوجه، يخفي الشال الأسود كل ملامحها... لم تتكلم ولم تتوقف كأنها تعرف الطريق إليه كما يعرف البحر موجاته واقتربت منه حتى التصقت به من الخلف، وأحاطت خصره بذراعيها، ثم أسندت رأسها إلى كتفه وهمست بصوت خافت مبحوح:
لسه زعلان؟
تصلبت عضلاته لحظة…ثم التفت إليها ببطء، عيناه تنسحب من الظلال إلى ملامحها المخفية وابتسم ابتسامة هادئة، مستسلمة، وقال بصوت منخفض:
زعلان… بس ممكن أتصالح.
رفع يده نحو الشال زسحبه برفق… قليلا حتى انكشف الوجه خلفه كانت عهد وووقفت أمامه، تقترب منه خطوة، ولمعة غريبة تمرّ في عينيها وهي تهمس بخجل ودفء:
مجدرش على زعلك.
لم تتردد ووضعت يدها على كتفه، رفعت وجهها إليه…ثم طبعت قبلة طويلة على شفتيه، قبلة اشتعلت فيها أنفاسهما، وارتجف معها صدره وصدرها معا وأطبق ذراعيه عليها، يبادلها القبلة باندفاعٍ يعرفه جسده أكثر مما يعرفه عقله، ويده تمتد تجذبها نحوه حتى كادا يتعثران على السجادة، كأن الأرض تميد تحتهما…وفجأة ارتطم الباب بالحائط ارتطامًا هز الغرفة وانقطع النفس التفت الاثنان في اللحظة نفسها عند العتبة…حيثوقفت نجمة بلا حراك.وجهها جامد كالرماد.وعيناها متسعتان حدّ الذهول كأن صاعقة انغرزت في صدرها.وكأن الهواء نفسه تخلى عنها فنظرت إليه… ثم إلى عهد…ثم انهار شيء ما في روحها بصمت لم يسمعه أحد، لكنه دوى في الجدران وقبل أن تتكلم…
وقبل أن يبرر أحد…استيقظت نجمة مفزوعة من نومها وشهقت بقوة كأنها تقاوم الغرق يدها على صدرها... عرق بارد يغرق جبينها، وصورتا جلال وعهد تلتفان داخل رأسها ككابوس لا ينجو منه أحد فزفرت طويلًا… ثم نهضت خطواتها كانت ثقيلة، لكنها خرجت من غرفتها ببطء حذر، كأن الظلام يراقبها وتوجهت إلى غرفة جلال ودفعت الباب بهدوء…ودخلت.... كان جلال نائما فوق الفراش، صدره يرتفع وينخفض بعمق، كأن لا شيء في الكون يمسه، كأن لا عاصفة قد مرت عليه فتقدمت خطوة… ثم التفت لتخرج لكن جسد ظهر أمامها عند الباب كانت امرأة تقف مباشرة أمام نجمة، ملامحها منهارة، عيناها محمرتان بالدمع.
وفي يدها… سكين تلمع في الظلام فتقدمت خطوة وهي تلهث كأنها خرجت من قبر ورددت :
ابني مات… مات بسببكم
اتسعت عينا نجمة، وشهقت بصوت مخنوق:
استني… إنتي مين؟!
لم تستمع المرأة ورفعت السكين وصاحت بصوت ممزق:
كلكم هتدفعوا التمن
ثم اندفعت وغرزت السكين في جسد نجمة وصرخة مكتومة شقت الليل…وسقطت نجمة على الأرض، والظلام يبتلع آخرأنفاسها و
توقعاتكم ورايكم وتفاعل
لمتابعة الرواية الجديدة زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا
بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل
متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا
الرواية كاملةمن هناااااااااا
مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا
مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هناااااا


تعليقات
إرسال تعليق