القائمة الرئيسية

الصفحات

translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية ماض لا يغتفر الفصل التاسع 9 بقلم ريتاج أبو زيد

 

رواية ماض لا يغتفر الفصل التاسع 9 بقلم ريتاج أبو زيد 




رواية ماض لا يغتفر الفصل التاسع 9 بقلم ريتاج أبو زيد 




ماضِ لا يٌغتفر

الفصل التاسع. 


أعتلت ملامح الدهشة على كلًا من (نادر) و (أنس) شُلت حركة السناتهم، أول من تكلم كان (أنس) وعلامات الاندهاش ما زالت واضحة عليه:

-إنت متأكد من إللي بتقوله ده؟


قال (رحيم) بحزم مرة أخرى وهو يتحرك متجهِهًا خارج المخفر:

-هحكيلك كل حاجة في الطريق، يلا نروح .


خرجا خلفه لكن ما زال (نادر) مستغربًا ويفكر في ما قاله صديقه، و القلق ينهش في قلبه خوفًا على صديقه، لأنه يعرف أن الموضوع خارج عن السيطرة، وإذا سيطروا على (رحيم) وهو من سابع المستحيلات إذا غضب، كيف يسيطرون على (أنس) بعد ما عرف، لا أحد يستطيع الوقوف أمام (رحيم) إذا غضب أو أمام تهور(أنس) هو لا يعرف ماذا يفعل، لكنه يعرف أنه ليس بجبان وإنه صديق وفي ومخلص ويعرف أيضا أنه لن يتخلى عن أصدقائه مهما كان الثمن.


تكلم (أنس) بحدة كعادته مع (رحيم) بعد ما قطعوا نصف المسافة من المخفر إلى المستشفى التي بها (عبير):

-رحيم ممكن تعرفني إنت تهجمت على مظهر إزاي، ويعني إيه جدك اتقتل جدك وقع و مات لوحده.


قال (رحيم) يكشف السر التي حاول على تخبئته لأكثر من سنتين:

-فوزية، فوزية هي إللي عارفة كل حاجة وقالت كل حاجة ليا قبل ما تموت.


رفعا حاجبيهم في دهشة، وجحظت عيناهم احتقنت الدماء في وجوههم فأكمل (رحيم) موضحًا بنبرة جاهد أن تخرج هادئة ومسالمة:

-أنس أنا عارف الموضوع ده من سنتين وساكت، عشان لو قلت هتحصل مشاكل كتير، ولما عرفت حصل مواضيع كتيرة ومشاكل بين أبويا وأمي، وهي فوزية ماتت، وانا مكنتش أحسن حاجة، وجميلة كانت كمان عارفة بس كانت خايفة، إحنا كنا خايفين نتكلم الموضوع يتلبس في أدهم، ومظهر يخرج منها زي ما حصل قبل كده، كمان مظهر بيعمل أعمال خيرية و الناس هتقف معاه، وإحنا معندناش دليل ضده، لأن الدليل الوحيد هي فوزية و… 


بتر حديثه (أنس) بحدة و بجمود:

+يعني إيه، كنت عارف إن مظهر قتل جدك و سكت طب ليه كنت قولتلي وانا كنت جبت رقبته.


قال(رحيم) بانفعال وهو يضغط على سرعة السيارة وقد احتقنت الدماء في عروقه:

-كنت خايف، خايف من تهورك زي الكبش يا أنس،خايف على ابويا لأني معنديش دليل يثبت إللي هقوله والدليل الوحيد مات بعد ما اعترفت بكل حاجة.


ثم أهدر بعصبية أكبر و زاد من سرعة السيارة:

-خوفت على أمي وأمك لما يعرفوا انه اتقتل بجد إنت اكبر مني واكيد فاكر حالتهم كانت إزاي ساعة خبر موته، مش عشان هو مات لأ، عشان كانوا فاكرين إنه اتقتل يا أنس، عشان الحكومة إللي كانت خارجة داخلة، عشان إحنا مش أد مظهر، مظهر شيطان، وأنا مغلطتش لما خبيت لإني عارف إن هيحصل كده منك.


قال (نادر) بصراخ:

-رحيم إنت ماشي بسرعة وقف العربية يا رحيم.


أدرك إنه انفعل زيادة، وزاد من سرعة السيارة وقبل أن يوقف سيارته، كانت هناك سيارة معاكسة تسير بطريقة متهورة، فانحنى جانبًا بسرعة ليتجنب أي خطر، لكن السياره المقابلة انحنت في نفس الاتجاه لنفس السبب في نفس اللحظة فانصدمت السيارتين مع بعضهما.


ازدحم الشارع عليهما لكي ينقذون من بداخل السيارتين ويتفقدونهم على إستعداد الاتصال بالإسعاف، لكن وجدوا أن جروحهم سطحية إلا (رحيم) حيث أن رأسه اصطدمت بعجلة القيادة بقوة، مما تسبب في جرح فوق حاجبه الأيمن.


أخرجوهم الناس من السيارتين وكانت في السيارة المقابلة لهم فتاة ذات شعر قصير ، تمتلك عيون واسعة بُنيّه بالإضافة إلى غمازات على خديها، بشرتها حنطيّه، متوسطة الطول.


نزلت من السيارة بمساعدة الناس، ظلت تبكي بقوة من الوجع وعلى ما تسببت فيه من أذى لغيرها، ثم قالت بصوت مرتعش وهي تقترب من (رحيم) الجالس على إحدى الكراسي بمساعدة الناس:

-إنت كويس يا أستاذ فتح عينك عشان خاطري، إنت كويس طيب؟


فتح (رحيم) نصف عين ونظر لها و أحس بأنها مألوفة له، لكن قبل أن يتذكر من هي،أسنده (نادر) الذي كان أقل في الإصابة من بينهم لأنه أدرك أن سيوقع حادث أمام تلك السيارة المتهورة التي أمامهم مع إنفعال (رحيم)،فثبت نفسه.


اخذه على المستشفى القريبة وأقرب واحدة كانت التي تتعالج فيها (عبير) و عرض على الفتاة أن تأتي معهم لتداوي جروحها فوافقت.


وصلوا إلى المستشفى بسرعة و دخل الدكتور حتى يكشف على (رحيم) ، وبعض الممرضات يكشفن ويداوين جروح الأخرون السطحية.


كانت إصابة (رحيم) عميقة و أخذت عشر غرز في جبينه، بالإضافة إلى الجروح الأخرى لكنها كانت سطحية، لكن يديه اليمنى بها مزق، لكن الطبيب لم يضع له جُبيرة. 


تجمعت العائلة عندما أخبرهم (نادر) بما حدث، وأخبروه إنهم ما زالوا في المستشفى، فجاءوا لهم، واتطمئنوا على سلامتهم وعلى سلامة ذات الشعر القصير.


بعد وقت ليس بكثير بعد أن انتهوا من تعقيم الجروح والأطمئنان على بعضهم البعض، حان وقت الرحيل وإنهاء فوضى اليوم، لاستكمال الفوضى في صباح الغد.


قالت (ليلى) بعد أن لاحظت ذات الشعر القصير جالسة بعيدة عنهم بمفردها ولا أحد معها ولا أجرت مكالمات هاتفية مع أهلها:

-يا أنسة إنت كويسة؟


لم تُجيب عليها وظلت شاردة في اللاشئ منكسة رأسها وترتجف باستمرار و تبكي بصمت.


اقتربت منها (روان) وربتت على ظهرها،فلاحظت ذات الشعر القصير ورفعت مقلتيها لها، فقالت (روان):

-إنت ليه متصلتيش بأهلك أو صحابك عشان تكلميهم ياخدوكي يا حبيبتي.


توجهت النظرات جميعها نحوهما، فعقد (رحيم) حاجبيه بدهشة ثم قال بصوت بدا متعباً:

-إنت نور ؟


نظروا له جميعًا نظرات متسائلة، فأكمل موجها حديثه لها:

-أنا فاكر إنت نور، لو إنت نور فأحب أقولك أن والدك أكيد قلقان عليكي ولازم تروحي، أنا ممكن أطلبلك أوبر.


قالت له (نور) بنبرة مختنقة من البكاء وهي عاقدة حاجبيها:

-أيوة أنا نور بس إنت تعرف بابي منين، إنت شغال معاه في الشركة؟


-لأ أنا مش شغال مع والدك، أنا وصلتك قبل كده للمستشفى.


ردت وهي تمسح دموعها بيديها بإرهاق:

-أوكيه، إنت السواق الجديد بتاع بابي.


قال (أنس) بجمود قبل أن يُجيب (رحيم):

-لأ يا أنسة والله إحنا مش بتوع بابي، خلي بابي يا حلوة يجي ياخدك و يعلمك السواقة، يلا يا جماعة نمشي بقي.


فُزِعت من صوته وارتجاف جسدها زاد وكادت أن تتحرك من مكانها لترحل لكن صوت (رحيم) أوقفها عندما قال بصراخ على قدر ما أستطاع:

-إنت طول حياتك هتفضل عصبي كده لغاية ما كلنا هنبعد عنك، هتفضل متهور وبراس كبش ومش فالح في حاجة غير الصوت العالي، لو إنت متعرفش فأنا أعرفك أن إنت سبب الحادثة إللي حصلت.


قالت (عبير) بحدة وهي تمسك أبنها من رسغه السليم وتجره وراءها رافضة سماع أي كلمة:

-أظن كفاية قلة أدب لغاية كده.


ذهبوا جميعًا خلفها و أوقفوا سيارتين أجرة متجهين جميعهم إلى بيت (وفاء).


تكلم (رحيم) معترضًا على هذه الطريقة التي تعامله بها أمه كأنه ولد صغير مشاغب وليس رجل بالغ:

-إيه الطريقة دي يا أمي.


-إنت تسكت ومسمعش منك ولا كلمة، يا هجّام البيوت يا قليل الأدب.

قالت هذا بانفعال وصراخ و ترمقه بنظرات حادة وهي تشير إليه أن يصمت.


سكت ولم يعقب أو يعترض على أي شيء،ركب السيارة ونظر من شباكها وبكى في ألم من كثرة الضغوطات والأحداث المتتالية في يوم واحد،وعندما يحاول يفعل شيء ينقلب ضده.


نزلت دموعه وقد أسند رأسه على شباك السيارة وكل ما يفكر به حل المشكلات التي سيواجها لحظة وصوله المنزل، وقد جاءت بباله أغنية (امير عيد) التي توصف إحساسه في لحظته هذه. 


وبعدين كل ما أخد خطوة أرجع اتنين العمر بيجري سابق السنين 

أنا شاب لكن من جوه عجوز 

عندي جناحات بس محبوس 

مجروح بنزف طموح

بدمي بكتب كلامي و أبوح

بسرح بتخيل بروح بغني ترد فيا الروح. 


وصلوا إلى الشقة وأول من دخل الشقة كان (رحيم) حيث أن خالته فتحت الباب و أنحنت جانبًا لتسمح لهم بالدخول، قبل أن يدخل الغرفة أمسكته (عبير) مرة أخرى من رسغه وقالت بحدة:

-النهاردة مفيش معلش، ولا حتى هراعي إنك تعبان يا رحيم، أنا كل المدة دي مستحملة كل حاجة لوحدي عشانك إنت وأختك و عنيت إني أربيكم في الآخر تروح تدمر مستقبلك و تدمرني معاك.


ابتسم ثغرة وقال بسخرية:

-من إمتى يا ماما بتعملي حساب إني تعبان.


صفعته!!!

بمجرد إنتهاء جملته صفعته بقوة وأشارت للجميع أن يتوقفوا أماكنهم ولا يقتربوا ثم قالت:

-رحيم، أقسم بالله ما هضيعك مني زي أدهم مش هسمحلك يا رحيم، مظهر لأ يا رحيم و هتسمع كلامي غصب عنك.


رد عليها ببكاء ونظرات متعبة:

-يا أمي أنا مشكلتي إنك مش فاهماني ومحدش عايز يفهم حاجة وبتتكلموا بصوت عالي و عصبية، مع إن ممكن تقوليلي عملت كده ليه وهقولك لإني أصلا عايز أقولك و أسألك عن حاجة.


تنهد ثم أردف:

-أنا تعبان ممكن ادخل أنام، نتكلم الصبح، أظن إني لسه طالع من حادثة ومتخيط و قلبها كنت في السجن يعني مفيش أكتر من كده تعب.


ثم دخل غرفة (أنس) ولم يبدل ثيابه أو يغتسل فقط ألقى بجسده على السرير في تعب وخلال دقائق دخل في ثبات عميق.


وفي الخارج أخذت (عبير) تبكي على حالها هي وابناءها، وعلى قسوتها على إبنها _خصوصًا_ إنه حقًا يريد الراحة.


قال (أنس) للجميع بنبرة متعبة لكنها صارمة:

-هو جدي مات إزاي؟


وفي وسط حالة الاستغراب والدهشة و التساؤل و التخمينات في ماهية سؤاله، أخذه (نادر) بقوة للشرفة:

-إنت عايز تقول إيه؟ ، هو إنت فيك صحة تتكلم، يا بني متخدتش كل حاجة على أعصابك،هتقولهم وهتسألهم دلوقتي وهو الكل تعبان وهيدخلو تاني لرحيم، حرام عليك يا أنس بجد.


نظر له بإستياء ثم خرج من الشرفة وولج لغرفته التي يمكث بها (رحيم) وجده نائم بعرض السرير وبملابسة المتسخة و بدون شيء يحميه من برودة الجو.


ففتح الدولاب وأخذ منامة بيتيه من ملابسه، وأيقظه بهدوء، ظن (رحيم) أنه يريد أن يتشاجر معه كالعادة، لكن خاب ظنه حيث إنه قال له بهدوء أن يبدل ثيابه حتى يستطيع النوم براحة، ثم خرج إليهم وقال بهدوء:

-جماعة ممكن معلش حد يعمل أي أكل لرحيم عشان هو نام و مأكلش من الصبح و خسر دم كتير.


قالت (روان) متفهمة الموقف وتعب الجميع:

-أنا ممكن أساعدكم في أي حاجة، قولي يا أنس أعمل إيه؟.


قالت (وفاء):

-متعمليش حاجة يا روان، أنا هعمل يا حبيبتي.


هزّت رأسها ثم أضافت:

-لو محتاجة مساعدة أنا موجودة.


قالت (إخلاص):

-إحنا كده اطمنا عليكم، نبقى نيجي الصبح ان شاء الله، وإنت يا عبير خلاص عشان عيالك.


ثم ذهبت هي وأبنتها وذهب معها (ليلى) و(نادر) .


أعدت لهم (وفاء) بعض شطائر الجبن و المربى و صنعت لهم عصير برتقال طازج، وانتهى اليوم أخيرًا وضجيجه.


صباح اليوم التالي


اجتعموا جميعهم على طاولة الطعام لتناول وجبة الإفطار بعد أن أخذ (رحيم) أجازة من عمله لأنه يحتاج الراحة.


حمحمت (عبير) ثم قالت:

-إنت كويس يا رحيم، فيه حاجة تعباك.


-كويس الحمدلله، إنت كويسة؟. 


قبل أن تُجيب قاطعتهم (جميلة) قائلة بسخرية:

-خليكي مثلي كده أنت و ابنك على بعض وإنتو الأتنين عايزين تحضنوا بعض و تعتذروا لبعض.


قالت (عبير) معاندة بإصرار:

-أنا مش بصالح حد، هو إللي غلط، وأنا أمه ومن حقي اخاف عليه و اربيه.


رد عليها بهدوء ممسكًا بمج القهوة:

-ربنا يباركلي في عمرك تعيشي وتربيني و تشوفني زي ما إنت عايزة.


ثم تنهد و أضاف مستعدًا لأي أسئلة و أي أجوبه:

-لو خلصتوا فطار خليكم قاعدين شوية، عايز أقول حاجة.


نظروا إليه بترقب مستعدين لما يقوله، فأردف لأمه:

-أمي أنا روحت لمظهر عشان مظهر يستاهل أي حاجة وحشة، أنا روحت لمظهر لأني مؤخرًا بفقد اعصابي لما بفتكر بابا وافتكر حياة كل الناس إللي مظهر دمرها، ودي مش أول مرة تحصل، بس المرة دي فرقت إني كنت هموته بجد عشان كده هو طلبلي الشرطة، و ماخفش من تهديدي ليه.


بترت أمه حديثة مكررة أخر كلمة باستغراب:

-تهديد إيه؟ إنك تقتله؟


ترقب هو وجهه الجميع فكانت نظرات الأختين مستفسرة، ونظرات (جميلة) متوترة وقلقة، و (أنس) جامدة.


قال وهو يستعد لبداية اليوم الطويل الذي بدا أنه لن ينتهي بسهولة:

-أنا بهدده إني هفضح سره بإنه هو إللي قتل جدي نبيل.


وقع الحديث كأنه سوط حاد يجلدهم، تمنوا أن يضحك و يقول أنه يمزح وهذا مقلب ساخر سخيف وأحب يلطف الأجواء المتوترة، لكنه بدا حقيقي وليس مقلب ساخر أو مزحة ثقيلة.


بدا التوتر واضح على وجههم جميعًا إلا (أنس)، قالت (جميلة) بصوت مختنق:

-ليه يا رحيم قلت.


قالت (وفاء) بذهول وهي تكور قبضة يديها بتوتر:

-مين قالك الكلام ده.


تكلم (رحيم) يقطع تساؤلهم و ذهولهم:

-أنا متأكد من الكلام ده، بس أنا عايز أسأل أمي هو إيه إللي حصل زمان يخلي مظهر يعمل كده، إنت دايمًا بتقولي أن أدهم وخالد ضحية و الجاني هو مظهر، بس إنت ليه مش بتقولي هو إيه إللي حصل بالظبط.


-إنت عرفت منين إن مظهر هو إللي قتل جدك.


-عرفت من دادة فوزية الشغالة إللي عند جدي من سنتين قبل ما تموت وقالت إنها كانت شاهدة على كل حاجة.


قامت (عبير) و ولجت الغرفة بحركات بطئية والدموع تنساب على وجنتيها.


ولجت خلفها أختها، وظل الثلاثة ينظرون إلى بعضهما بصمت.


و (جميلة) بدأت تبكي بهستيرية وهي  تمسك رأسها بقوة، فاقترب منها (رحيم) وأخذ يهدهدها كالأطفال بحنية، ثم أشار لـ(أنس) أن يجلب لها الأدوية المهدئة الخاصة بها. 


بعد مرور ساعة وهم ما زالوا على حالتهم في صمت الأختلاف هو أنهم نهضوا من طاولة الطعام ليجلسوا في المعيشة، خرجت لهم كلا من (وفاء) و (عبير) فتكلمت الثانية وهي تجلس بجانب أبنها:

-هقول كل حاجة أعرفها، اسمعوني من غير مقاطعة. 


أومئ لها الجميع وهم ينظرون لها بترقب، قالت:

-أنا علطول بقول مظهر شيطان، وإنت عارف إحنا كنا أغنياء إزاي ومبسوطين في حياتنا، إللي غير الموضوع إن مظهر ضحك على أبوك و بدل الأدوية بتاعت الشركة بأدوية فاسدة و بلغ عنه، ده كان تأثير سلبي على أبوك في الشركة، وعشان نخرجه أنا كلمت أبويا وقلت له يساعد جوزي، وهو وافق وخرجه مقابل إنه يبقى شريك معاه في الشركة وكمان املاكه.


قال لها (أنس) بنفاذ صبر وهو يشير بيديه بحركة تدل على السرعة:

-خالتي إحنا عارفين الكلام ده وعارفين كمان إن خالد كان شخص كويس و حياته أدمرت بعد جوازك وكل الحاجات دي، إحنا عايزين الحاجة إللي منعرفهاش. 


تنهدت ثم أومأت مستعدة:

-فوزية هي إللي عرفتني كل الكلام إللي هقوله ده، بس مش من سنتين لما تعبت، من اتناشر سنة لما جات قبل كده تزورني.


منذ أثني عشر عام.


كانت (عبير) تجلس في شقتها بالمعادي مع صِغارها التي أقسمت أنها ستقوم بتربيتهم بعيدًا عن والدهم الذي يختفي كل فترة.


كانت تدرس لأبنها و تلعب مع ابنتها، قاطعهم فيما يفعلون طرق الباب،تمنت أن يكون الطارق زوجها لأنه مختفي و تريد الاطمئنان عليه،مع إنه تغير عن ما كان عليه، لكنه سيظل (أدهم القماش) حبيبها، لكنها تفاجأت بالطارق.


-فوزية، خير في حاجة؟ 


-لأ يا حبيبتي أنا جايه بس اطمن عليكي.


أومأت لها وأشارت بالدخول.


بعد أن رحبت بها و أكرمت ضيافتها، قالت لها بصوتً منخفض:

-دخلي العيال جوه عشان عايزة أقولك حاجة.


هزّت رأسها بتوتر لها ثم قالت لأبنها:

-رحيم لو عايز تروح عند أنس و خالتك خد أختك و روح عشان عايزة أقعد أنا وطنط لوحدنا شوية.


بعد أن رحل أبناءها أشارت لها أن تتحدث فقالت:

-أنا هحكيلك كل حاجة حصلت وأنا اعرفها من ساعة موت أبومي وكنت مخبيها عنك،سامحيني،هحكيلك عن سبب المشاكل كلها  و رتبي الأحداث معايا لما خالد عرف إنك هتتجوزي من أدهم، أستغرب وبقى حالة متبدل بعدها و هادي جدا، والبيت لما اتحرق متسرقش منه حاجة غير حاجات تخص خالد، وفي نفس الوقت إنت فرحك كان مفاجئ لما محدش كان موجود في البيت، كل ده مظهر رتبه. 


تنهدت ثم أكملت:

-مظهر هو السبب. 


ردت (عبير):

-أنا عارفة إن مظهر كان سبب خسارة أدهم فلوسه لما نصب عليه، و إنه كان عارف كمان إن خالد بيحبني و أصر يجوزني أدهم، بس إنت شقلبتيلي دماغي. 


-أنا حكي من الأول، مظهر صاحب خالد وصاحب أدهم، ومظهر طول عمره حيوان زي ما شوفتي عمل إيه في جوزك و نصب عليه، مظهر صاحب خالد و خالد بيوثق فيه لما خالد عرف أن إنت هتتجوزي من أدهم راح لمظهر، وقالوا إزاي ده يحصل ومظهر عمل نفسه مش عارف حاجة مع إنه هو إللي مجوز أدهم ليكي.


قطعت حديث نفسها عندما ارتشفت رشفة من العصير ثم أكملت:

-مظهر جوّزك لأدهم عشان يدمر خالد، عشان عارف إن خالد روحه فيكي، هو إللي قال لخالد أنه يحرق البيت ويسرق كل حاجة تخصه عشان يكون على استعداد لأي وقت يهرب بيكي، عشان كده خالد كان هادي ومش فارق معاه بيته ولا الورق إللي اتسرق، بس طبعا مظهر الغدار كان بياكل بعقله حلاوة، و جاب أدهم بعد نص المدة المحددة للجواز ، وكتبتوا الكتاب بهدوء ومشيتي مع جوزك.


قالت (عبير) ببكاء وهي تحاول الاستيعاب:

-يعني مظهر كان سبب كل حاجة من البداية مش بس سبب خسارة أدهم فلوسه. 


أومأت لها بحزن ثم أردفت:

-بعد ما مشيتي مع أدهم في العربيه انتو الاتنين، مظهر مركبش في نفس الوقت العربيه عشان يرجع معاكو، هو ركب العربية وراح لخالد عشان يقوله أن أدهم مكنش قايله أن كتب الكتاب اتقدم و النهاردة كتب الكتاب وأنه معرفش يوصله طبعا و يعرفوه، طبعا خالد بهدل الدنيا مع أبوكي الله يرحمه و كسر كل حاجة قدامه وتعب نفسيًا أوي، خصوصًا بعد ما السجن بتهمة السرقة من بيت ابوكي، وطلع من السجن، وقرر إنه لازم ينتقم من أدهم إللي سرق حبيبته منه، وراح لمظهر وقاله أنا عايز أنتقم منه، طبعا مظهر وافق، وعمل خطة متخرش الماية.


ارتشفت رشفة أخرى من العصير ثم أضافت:

الخطة هي إن يحطوه أدوية فاسدة لجوزك في شركته إللي هي أغلى حاجة عنده، بما إن مظهر كان بيشتغل مع جوزك في الشركة، عرف إنه يحط الأدوية ببساطة، وخالد اتفق مع صيدلي إللي بياخد منهم الأدوية إنه يبلغ إن الادوية صلاحيتها منتهية و بايظة، وده كان أول بلاغ، بعد ما الأدوية اتفرقت و اتباعت، بعدها كل الناس بدأت تلاحظ أن الأدوية فعلا فاسدة، واتقفلت شركة أدهم ، بالإضافة إن أبوكي خسره نص أملاكه لما قاله عشان أخرجك لازم تكتبلي نص أملاكك.


زفرت بقوة ثم قالت بأسف:

-طبعا إنت مش محتاجة تعرفي إن كمان هو إللي عمل الحادثة لأدهم عشان مينفذش شغله إللي كان مسافر له أسكندرية.


أغمضت (عبير) عينيها بألم ثم فتحتها و حررت الدموع التي كانت تجاهد أن تخفيها ثم قالت بصوتٍ واهن:

-إنت عرفتي الكلام ده منين، و ليه معرفتنيش ولا عرفتي حد بالكلام ده كله.


قالت لها موضحة وهي تربت على فخذها بحنان:

-عرفت من أبوكي قبل ما يموت، أنا مش عارفة هو عرف إزاي، بس أنا أصلا من الأول كنت بلاحظ حاجات غريبة، المهم دلوقتي إن مظهر ظهر أصلا على حقيقته، وحاولي تصلحي اللي اتكسر مع جوزك و تديله فرصة تانية، وتعيشي حياتك مع ولادك، إنت لسه صغيرة يا بنتي، إنت لسه في بداية التلاتين والعمر قدامك طويل.


قالت (عبير):

-أبويا مات من سبع سنين إنت جاية بعد سبع سنين تقولي الكلام ده. 


كررت عتذرت لها ثم رحلت من الشقة ولم يتقابلوا إلا بعد عشرة أعوام عندما كانت مريضة و قررت أن تمكث الفترة المتبقية لها من حياتها بجانب بناتها التي تلقوا التربية على يديها منذ الصغر، نظرًا لقرب المستشفى التي تتعالج بها من مرض السرطان.


-بس كده هو ده إللي حكيته ليا وإللي اعرفه، بس عمرها ما قالتلي إن مظهر قتل أبويا.


قال (رحيم) قاطبًا حاجبيه باستغراب:

-هي عرفت كل الحاجات دي من جدي إزاي، طب إزاي جدي عرف كل ده ومبعدتش مظهر عنكم.


ردت عليه (وفاء) بجمود:

-جدك مكنش بيعمل خير يا حبيبي، واكبر دليل على كدة أن هو لما أبوك اتحبس و بنته استنجدت بيه راح شاركه في نص املاكه عشان يخرجه، بس يا رحيم متقلبش المواجع.


قال (أنس) موجههًا كلامه إلى أبن خالته بسخرية:

-قلتلي أنا لازم أعرف حصل إيه زمان يخليني أمسك دليل ضد مظهر،اتفضل عرفنا فين الدليل، ومظهر قتل جدك ليه، شوف هناخد حقنا إزاي.


فتح (رحيم) عينيه بذهول و نهض منتفضًا ثم وضع سبابته و إبهامة على ذقنه وقال بدهشة:

-يبقى مظهر قتل جدي عشان عرف كل حاجة هو عاملها.


رد عليه ساخرًا مرة أخرى وهو يقف بجانبه ويربت على كتفه:

-جبت التايهة.


قال (رحيم) معترضًا على طريقته وهو ينزل يديه من على كتفه:

-أنس مش وقت استظراف، إحنا مكناش عارفين الدافع بتاع مظهر إنه يقتل جدي، دلوقتي عرفناه، فاضل إننا نمسك دليل على مظهر، وبحاول اعرف اجيبه منين، وأنا بفكر لفت انتباهي إن أكيد مظهر هو إللي بلغ الشرطة عن قتل جدي عشان أدهم يشيل القضية.


قبل أن يتكلم أحد طُرق الباب فذهب (أنس) لكي يفتح الباب، وكان الطارق هي (نور).


قال (أنس) وهو ينظر لها بإندهاش:

-إنت جيتي إزاي، جيتي ليه أصلا؟ 


قالت بخجل من موقفها بعد ما حمحمت بهدوء:

-أنا محتاجة أستاذ رحيم.


قال (رحيم) وهو يقترب أكثر من الباب لكي تتضح رؤية الضيف:

-مين يا إنس.


عندما علم بهويتة الضيف، لم يقدر على  النطق بكلمة واحدة، فقط نظر بدهشة و قلق.


قالت هي مقاطعة لحظات الصمت:

-أنا عرفت بيتك من المستشفى.


أستوعب أخيرًا الأمر فقال لها بابتسامة واسعة برزت أسنانه البيضاء:

-اتفضلي نورتي البيت يا آنسة نور.


دخلت على إستحياء و القت التحية عليهم وظلت واقفة حتى قالوا لها بأن تجلس، جلست ثم قالت بصوتٍ رقيق هادئ:

-أنا بس كنت جاية أعتذر وكمان جاية أقول أن العربية تصليحها عليا، ولو حابين كمان تاخدوا فلوس العلاج انا معنديش مانع.


قال (رحيم) بهدوء معترضًا على ما قالته:

-إنت بتقولي إيه استحالة نعمل كده،و ندفعك كل حاجة كده، بعدين زي ما الغلط كان منك كان مني، فحصل خير بقى مش محتاجة.


ثم أضاف بضحكة واسعة:

-أنا مبسوط إنك جيتي لغاية هنا، تحبي تشربي إيه؟ .


-لأ أنا أسفة مش هشرب حاجة لأني مضطرة أنزل ضروري، بس بجد أنا جاية هنا عشان الفلوس.


-لأ يا ست تُشكري حصل خير.


وقفت و اعطت ابتسامة هادئه للجميع ثم أستأذنت أن ترحل.


اول من تكلم بعد ما نزلت (نور) كانت أمه وهي ترفع حاجبها:

-من أمتى و حضرتك بتتعامل مع بنات و بتتكلم معاهم كده.


رمقها باستغراب ثم قال:

-اتكلمت إزاي واحدة جاية تعتذرلنا، فحصل خير يعني لازم أكون لطيف معاها بس كده.


طرق الباب مرة أخرى ففتحت هذه المرة (جميلة) بعد ما أخفت الخصلات المتدلية من شعرها.


-أهلا وسهلا أستاذ نادر، اتفضل.


دخل (نادر) مذهولًا ثم قال بغير تصديق:

-هي إللي تحت دي موجودة ليه؟.


-مين إللي تحت.


-البت إللي عملت الحادثة معانا، بتعمل إيه تحت.


قال (أنس) بسخرية وهو يضع رجل فوق الأخرى:

-جات تشوف أستاذ رحيم.


جحظت عينا (نادر) وقال بضحكة واسعة:

-جات تشوفك، معجبة ولا إيه، مين دي إللي إنت عارفها و عارف أسمها يا رحيم.


ثم أضاف وهو يضحك بخبث:

-بتحبها، رحيم بيحب يا اخواتي.


قالت (عبير) بجدية وهي ترمق أبنها بجمود:

-إنت تعرفها منين يا رحيم.


رد عليها بغضب وهو ينهض من مكانة متجها إلى الشرفة:

-وصلتها قبل كده في مكان، أنا أوبر يا أمي.


صاحت (وفاء) في أختها معاتبة لها بحدة:

-إنت ليه بقيتي عصبية كده و مش سايبه العيال في حالهم ليه، إيه يعني أتكلم مع البت، ده بيشكرها أنها جات لغاية هنا، هو قال لها كلام حب.


عندما دخل (رحيم) الشرفة وجدها واقفة أمام المنزل بارتباك و تنظر من الوقت للآخر في ساعة هاتفها، فقرر أنه سوف ينزل إليها ليعرف ما مشكلتها و لماذا ما زالت واقفة.


خرج من الشرفة ووقف أمام أمه وهو يضع يديه السليمه على مؤخرة رأسه ثم قال:

-أمي أنا هنزل أشوفها واقفة تحت البيت ليه.


ردت سريعًا بجمود:

-وإنت مالك هي واقفة على راسك.


زفر بضيق ثم قال وهو يجلس بجانبها:

-إنت متعصبة ليه طيب، ليه بتكلميني كده من امبارح أنا عملت إيه، بعدين إنت لازم تفرحي و توافقي إني أنزل دي حركة جدعنة مني يعني البنت إللي جات لغاية هنا عشان تعتذر.


-خلي جدعنتك لنفسك يا رحيم.


-إنت مش عايزاني أنزل لها ليه؟ 


قال (نادر) يحل الخلاف بينهما:

-خلاص أنا هنزل يا رحيم أشوفها.


صاحت في (نادر) بحدة:

-لأ محدش هينزل.


قالت (وفاء) ضاربة برأي أختها عرض الحائط:

-إنزل يا رحيم، شوف البت حرام يمكن تكون عايزة حاجة، شكلها مش من هنا.


غمز لها بعبثية ثم قبّل جبينها بحب وقال:

-ربنا يباركلي في عمرك يا خالتو.


نزل (رحيم) لها وقال بعد ما حمحم بهدوء حتى لا تفزع لكنها فزعت:

-أنا أسف لو اتخضيتي، بس إنت مستنية هنا إيه.


قالت بارتباك وهو تنظر إلى ساعة هاتفها:

-مستنية أوبر.


-ليه ما متصلتيش بوالدك يبعتلك عربيته، أو جيتي بعربية من البيت.


-عادي.


رد عليها بابتسامة هادئة:

-تحبي أوصلك أنا، أنا أوبر بردو.


-لأ لأ شكرا، مش عايزة اتعبك.


-ولا تعب ولا حاجة، بس إيه رأيك تلغي الأوبر، عشان أنا هوصلك خلاص، هطلع أجيب مفتاح العربية و أغير بس هدومي، وخلال خمس دقايق هكون عندك.


ثم رحل من أمامها، ليجهز بسرعة.


طرق الباب و لحسن حظه كان (نادر) فسحبه للخارج و قفل الباب ثم قال:

-أنا عايز مفتاح عربيتك أوصل نور.


ابتسم بخبث ثم قال رافعًا حاجبه الأيسر:

-إيه حكاية نور بقى.


زفر بضيق ثم قال بغيظ:

-إيه حكايتها بعمل معاه حركة جدعنة مش أكتر عربيتها زي ما إنت عارف في الصيانة و طلبت أوبر فقلت بدل ما توقف أوصلها أنا.


ثم أضاف برجاء:

-بس طبعا أمي هتعمل فيلم جوه، فإنت هتقول جوه إيه رأيك يا رحيم ننزل سوا شويه نغير جو.


-نغير جو في إللي إحنا فيه ده يا رحيم ده إنت لسه عارف إن جدك مقتول أمبارح، وبعدين إيه ننزل سوا دي إنت خطيبتي.


أمسكه (رحيم) من تلابيبه وقال وهو يضغط على أسنانه بضيق:

-نفسي تشغل عقلك شوية، هنزل معاك أنا ليه يا بني آدم إنت هتقول كده عشان محدش يعرف أنا رايح فين، و جدي أصلا ميت بقاله تسعتاشر سنة وأنا أصلا مكنتش بحبه.


قال (نادر) هو يرقص حاجبيه:

-عايزني أكذب على طنط عبير.


تركه (رحيم) وهندم له ملابسه و ابتسم بسماجة قائلا:

-لو سمحت يعني.


نظر له باستحقار ثم قال بغرور:

-عد الجمايل بس.


ثم طرق الباب و فتحت لهم على الفور (جميلة) دحرجت عينيها بينهما ثم قالت بغرور وهي تُعطي (نادر) مفاتيح سيارته و جواله ومحفظته و كذلك لأخيها باستثناء مفاتيح السيارة:

-مش محتاجين تمثله، لو حد سأل هقول إنهم نزلوا يتمشوا شوية.


لثم (رحيم) جبينها بمرح ثم قال بضحكة واسعة:

-أحلى أخت خلقها ربنا، تُشكري يا تحفة.

تكملة الرواية من هناااااااا 

لمتابعة باقى الرواية زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل 

متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا

الرواية كاملةمن هناااااااااا

مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا

 مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هناااااا





تعليقات

التنقل السريع
    close