رواية افراح منقوصة الفصل الرابع والخامس بقلم امل صالح حصريه
رواية افراح منقوصة الفصل الرابع والخامس بقلم امل صالح حصريه
_ إيه يا ولاد صوت الصريخ ده؟؟ جاي من عند مين؟؟
_ مش ده صوت الحج مختار أبو مجدي؟؟
_ يلهوي! هم رجالة الحمدانية اتجننوا ولا إيه؟؟ ملمومين على الحج مختار ونازلين فيه ضرب!
جُمل متداخلة وهمس متبادل بين الجيران، اللي ساكنين بالقرب منهم أو حتى بعيد، صوت صريخه وعويله زي النساء كان مالي الشارع، ومحدش فاهم حاجة!
سامعين صوت صريخه العالي بتعابير متابينة؛ استغراب، حزن، شماتة.
لحد ما ظهر أخيرًا من آخر الشارع مجدي ابنه، اللي كان كان بيجري بكل سرعته بعد ما الكلام الداير عن "الحج مختار اللي اتكاتروا عليه رجالة الحمدانية وحبسوه ونزلوا فيه ضرب" وصله.
وقف قصاد بوابة بيت عيلة الحمدانية أهل فاتن بعد ما زق الواقفين على البوابة واللي كان منهم اللي بيحاول يسترق السمع ومنهم اللي كان بيحاول يفتح البوابة ويوقف المهزلة اللي بتحصل جوة.
بدأ يخبط على الباب بعنف وبصوت عالي مليان غضب وخوف على أبوه اتكلم: افتح الباب ياعم سيد! افتح الباب عشان وربي وما أعبد أكون جايب المركز يلمكم كلكم في بوكس واحد..
كان بيتكلم وقلقه على أبوه عامي عقله عن التفكير، نِسىٰ أذيته لفاتن ونسىٰ مدى سوءه وسوء أخلاقه وماشافش غير أبوه اللي الله أعلم عملوا ولسة بيعملوا فيه ايه جوة!!
وجوة،
قاعد مختار على الأرض قصاد الأربع رجال؛ السيد أبو فاتن، رؤوف عمها وأبو فارس، سراج أخوها، وأخيرًا فارس..
قاعد وساند ضهره للحيطة ورا بصعوبة، جسمه كله سايب من بعضه من كُتر الضرب اللي ناله منهم، مش عارف حتى يسند بكفوفه عشان يعتدل في جلسته!!
جلابيته اللي دخل بيها في غاية الأناقة والنظافة بقت زيّها زيّ الأرض اللي تحته، بعض أجزائها اتقطعت نتيجة الجذب المتبادل بينهم ليه، شعره اتبهدل ووشه اتملىٰ كدمات وبعض قطرات الـ.ـدم.
مختار الهيبة الجبروت اللي ملامحه دايمًا محتفظة بالقسوة والجمود والتعالي صار زي الجثة! اختفت القسوة والجمود والتكبر ومبقاش مرسوم على وشه غير الانكسار والضعف والذُل.
حاول مرة واتنين وتلاتة يرفع جسمه عن الأرض ولكن بائت كل محاولاته بالفشل، فاستسلم للضعف المسيطر عليه.
سبحان الله!
في خلال دقايق معدودة تبدل حال البني آدم!
لسة كان بيأذي في فاتن وجاي ليهم البيت ناوي على شر ليها، فجأة سقط في شرور أعماله، ونال اللي عمره ما تخيل يناله!
الأربعة كانوا واقفين حواليه، منهم اللي بينهج بسبب المجهود اللي بذله من شوية زي سراج وفارس اللي خرجوا كل طاقتهم السلبية فيه، وكأنه كيس ملاكمة مش إنسان!
ومنهم اللي شارك في الماتش بحاجة بسيطة وكمل الباقي مشاهدة زي رؤوف أبو فارس اللي رجع يقعد على سلمة من السلالم يتابعهم باستمتاع، ومنهم اللي كان جواه نـ.ـار مانطفتش حتى بعد كمية الضرب اللي خدها مختار، زي السيد؛ أبوها..
بيبصله بقرف واشمئزاز وكره، مش مستوعب إن الحقير ده كل الفترة اللي فاتت كان بيأذي في بنته ومحدش داري! بيحاول يتخيل كم مرة مَد ايده عليها زي ما حكى فارس..
ولا كام مرة سمعها كلام زي السم وكلام مينفعش يتقال، بيحاول يتخيل شكل بنته اللي مش بتستحمل نسمة هوا وهي مستخبية منه جوة بيتها وهو بيحاول يقتحمه عليها..
فاتن اللي أقل حاجة بترعبها وأقل حاجة بتحصلها بتعيط، اللي أرق من الريشة، استحملت كل ده!
مقدرش السيد يمسك أعصابه وعقله عمّال يرسمله أبشع السيناريوهات، وطى لمستوى مختار ونزل بكف ايده على وشه بقلم يساوي الضرب اللي اتضربه كله من البداية.
حط ايده على رقبته وزقه للحيطة وهو بيتكلم بجنون وعيونه بتلمع من الدموع المحبوسة فيها لقهرته على بنته:
_ بقى أنا بنتي تعمل فيها كل ده يا ** أنت، لأ وجاي تغلط فيها وفي شرفها، اللي أشرف منك ومن عيلتك كلها يا **، لتكون مفكرها لوحدها في الدنيا دي وهتقدر تستقوى عليها، لأ يا ** .. بنتي وراها رجالة يدفنوك مكانك هنا لو عايزين.
وقف رؤوف بسرعة وقرب من أخوه لما لاحظ شحوب وش مختار بسبب إنعدام الهوا اللي داخله، بعده عنه واتكلم وهو بيجاهد في ابعاده عنه:
_ خلاص يا سيد هتودي نفسك في داهية ليه؟؟ هو خلاص زيّه زي كلاب الشوارع ميفرقش عنهم حاجة دلوقتي..
كان مختار في حالة بين الوعي واللاوعي، بدأت الرؤية تتشوش قصاد عينيه وجسمه بدأ يرتخي أكثر، وأخيرًا مالت راسه وفقد هو وعيه وآخر ما رآه هو وش ابنه مجدي اللي دخل بعد ما اتحرك سراج ورفصه في بطنه ثم فتح البوابة.
_ أبَا .. أبا رد عليّا.!
رفع راسه وبصلهم وهو لسة قاعد على ركبه قصاد أبوه وزعق: والله لأوديكم في داهية، والله لتتحاسبوا واحد واحد..
شاور على جمع الناس برة وكمّل: والمنطقة كلها شاهدة على اللي عملوه رجالة الحمدانية في أبويا الحج مختار.
رفع سراج حاجبه وقرب منه، وطى لمستواه واتكلم ببسمة وثقة شخص في ايده كل الحق: أديك قولت يا مجدي، رجالة الحمدانية..
شاور بعيونه على مختار اللي كان مجدي بيحاول يشيله ويخرج بيه: الدور والباقي على اللي رجليه والقبر ولسة ميعرفش ألف باء رجولة!
وفوق،
في شقة السيد أبو سراج وفاتن، كانت قاعدة نعمة أم فاتن وواخداها في حضنها، بتحاول تهديها من ساعة ما الرجال تحت بدأوا ضرب في مختار، ولكن دون جدوى، لسة منهارة وبتمتم بكلام غير مفهوم:
_ خليهم يسيبوه يا ماما بالله عليكِ، بالله عليكِ هيتعصب عليّا تاني، هيزعقلي يا ماما ونديم هيزعل، ممكن يمد ايده عليّا يا ماما..
وكانت نعمة أمها بتزيد من عناقها ليها وهي حاسة بقلة حيلة، فاتن منهارة تمامًا وعلى ما يبدو إنها مش في كامل وعيها.
حواليهم كانت قاعد أم فارس، قصاد الشقة برة واقف بناتها الاتنين بيتفرجوا على اللي بيحصل تحت في مختار بحماس، محدش فاهم اللي العيلة بتمر بيه!
محدش هيقدر يحس باللي بيحسوا بيه أفراد عيلة فاتن دلوقتي مهما بلغ حبهم ليهم، عيش التجربة أو المشكلة مخلتف تمامًا عن السماع عنها...
دقايق والبنتين دخلوا جَري، فالستات فهموا إن الرجالة طالعين على السلم، وقد كان...
دخلوا وكان أول واحد طلع ليه صوت هو السيد أبوها، اللي قرب من فاتن وهي في حضن أمها وبدأ يزعق:
_ بتعيطي ليـــه؟؟ بتعيطي ليه ما أنتِ اللي رخصتي نفسِك ووصلتيها لكدا.
شدها من دراعها وضغط عليه وهو بيسألها بجنون: سيبيته يعمل فيكِ كل ده طول الوقت ده ليه؟؟ ماتهببتيش قولتِ ليه من أول مرة يا بنتي!
حركها في ايده بعصبية زادت لما لقاها ساكتة وبتعيط بس: ما تردي عليّا، رُدي!!
قرب منهم سراج بسرعة وشدها من ايدين أبوه واتكلم بشيء من الحدة: خلاص يا بابا، إحنا في ايه ولا في إيه!
_ إحنا في الدلعادي أختك يا سراج، كام مرة أحفظ فيها من وهي لسة عيلة ماتسبش حد يتعرض ليها، هتفضل كدا لحد امتى؟؟ لحد امتى يابنتي بس!
خباها سراج ورا ضهره واتكلم بإصرار وهو بيبص لعيون أبوه عشان يقدر موقف أخته المنهارة: خلاص يا بابا مش وقته!
ولف اتكلم لأخته بنبرة أهدى وأحن وهو بيمسح بايده على دراعها: خلاص يا فتون، اهدي خلاص.
لف بص للكل حواليه بعدين شدها من كف ايدها لإحدى الغرف، كانت لسة بتعيط وكأنها في مكان تاني أو عالم تاني، مش مستوعبة أي حاجة، خايفة من مختار!
_ فاتن!
ناداها سراج بعد ما قعد على السرير وهي قصاده، بصتله وقالت وهي بتشاور على لاشيء: ممكن يضربني يا سراج، أنا عمر ما حد ضربني، خايفة منه!
_ أكسر ايده ورقبته قبل ما يفكر بس يقرب منِك يا عيون سراج، متخافيش يا حبيبة أخوكِ الـ** ده عمره ما هيقدر يجي جنبِك ولا يتعرضلِك بكلمة حتى..
وشدها لحضنه وبدأ يمسح على ضهرها بايد وبالتانية بيقرب راسها ليه: أنتِ بنت السيد أبو حمدان وأخت سراج أبو حمدان يا عبيطة، يعني هم اللي يخافوا مش أنتِ..
ميعرفش فضلوا على الوضعية دي قد إيه، محسش بالوقت ولا حس بالملل، بيطبطب عليها بحنية وهو بيكلمها على أمل يحسسها بالأمان ويخليها تنسى خوفها، لحد ما حس بيها نامت.
عدلها على السرير وخرج ليهم برة، كان عمه رؤوف وعيلته كلهم طلعوا شقتهم، مكنش موجود غير أبوه وأمه اللي بتتكلم معاه.
بصلهم سراج واتكلم بعد ما قعد وهو بيوجه كلامه لأبوه: دي شخصية فاتن يا بابا، هي حساسة وبريئة لدرجة العبط، ودي حاجة مش في ايدها ولا ايدينا نغيرها، هي تمام محتاجة شوية جرأة بس صدقني مهما وصل بيها الجرأة مش هتبقى الشخصية اللي في دماغك، هي دي تركيبتها.!!
اتكلم سيد بنبرة عالية وهو بيعدل من وضعية جلوسه: يعني أنت عاجبك يعني اللي هي في ده؟؟ أنت سمعت فارس قال من امتى؟؟ من يوم ما نديم جوزها سافر، من 3 شهور وهي مستحملة كل ده لوحدها.!!
شاور على باب اوضتها واتكلم بعدم تصديق: أختك فاتن كانت شايلة بيتها وبيت حماها، نازلة من الفجر عشان تقف على الفرن تجيب عيش، وخايفة تتأخر عشان ما يضربهاش!! فاتن اللي الشارع كله كان بيتريق علينا عشان مدلعينها بزيادة وبنعاملها زي الملكة!
اتنهد سراج: يا بابا ما قولتلك! هي مفيش في برائتها ولا طيبة قلبها، حاجة مش حلوة بس هو ربنا خالقها كدا...
وبص قدامه وكمل بشرود: لما نشوف نديم هيعمل إيه..
اتكلمت نعمة: نديم جدع وبيحب أختك وشاريها، لما يعرف اللي أبوه عمله مش هيسكت..
ابتسم سراج بسخرية: الله أعلم يا أمي، الله أعلم!
********************
_ يعني ايه يعني مش هنعمل حاجة دي، أنت راضي عن اللي عملوه فيك ده يعني؟! راضي عن منظرك ده يابا؟!!
كان بيزعق مجدي في مختار اللي فاق بعد حوالي 5 ساعات في المستشفى من اللي حصل، صاحي مش قادر يتكلم ولا يحرك صابع واحد في جسمه، وبمجرد ما قاله مجدي على نيته للإبلاغ فيهم سارع بالرفض والنفي!
_ ما قولتلك ملكش دعوة! هتقعد جنبي عشان تقرفني يبقى تاخد بعضك وتمشي.
قعد مجدي على الكرسي جنبه وهو بينفخ بضيق، مش قادر يتقبل اللي حصل ويقعد ساكت محله سر، منظر أبوه بيقطع في قلبه وواجعه بشكل كبير، ولكنه رافض يقدم فيهم بلاغ!
_ كلمت أخوك؟؟
بصله مجدي بطرف عينيه ورد: مش بيرد..
بص مختار للسقف، ثانيتين واتكلم بهدوء لا يلائم وضعه: خليك وراه لحد ما يرد، قوله أبوك عايزك قدامه بكرة الصبح، يتشقلب وألقيه قدامي!
********************
_ أنا يختي والله ماعرف حاجة، هو الراجل حماها ده كان شايط وجاي يزعق عشان قال ايه بتخون جوزها اللي مسافر لسة من يجي شهرين وبعدها بسأل النساوين لقيتهم بيقولولي إنهم فعلًا شافوا الواد ابن عمها ده ماسك ايدها وشاددها وراه..
ورفعت ايدها وبصت حواليها: الله أعلم بقى يختي شاددها لفين!
حوار صغير سمعه وهو ماشي في طريقه ليها، كمل طريقه وهو قابض ايده بقوة، بيقاوم رغبته في الهجوم على كل اللي بيتكلموا وإخراسهم..
وصل لحد بوابة بيتهم، طلع السلالم بيقدم رجل ويأخر التانية، هيشوفها أخيرًا بعد غربة لما يزيد عن شهرين ولكن بظروف سيئة!
خبط فوق الباب،
دقيقة وسمع صوت نعمة أمها وحماته!
_ نديم!
كانت مصدومة من وجوده،
باين على وشها
ابتسمت بتوتر: ازيك عامل يابني عامل ايه، تعالى ادخل..
اتكلم من على الباب بدون ما يرد السلام، بملامح جامدة لا توحي بأي شيء: ناديلي فاتن يا طنط، خليها تجهز عشان تروح بيتها...
يتبع...ᥫ᭡
___________________________________
• الجُزئية الرابعة،
من حدوتة "أفراح منقوصة". ♡
لو مقرأتش الجُزئيات السابقة لازم ترجع تقرأها؛
عشان تكون معانا على الخط. ♡
__________________________________
شايفاكم يا ناس يا شريرة ياللي شمتانين في عمو مختار، ده بدل ما تدعوله ربنا يهديه يعني؟؟ 😔😔
مش عيب عليكم ولا إيه؟! 😔
_ ناديلي فاتن يا طنط، خليها تجهز عشان تروح بيتها...
كان بيتكلم من على الباب؛ بدون ما يرد سلامها عليه أو يرفض حتى طلبها للدخول بشكل لائق، بملامح جامدة لا توحي بأي شيء.
بصتله نعمة أم فاتن بتوتر، مش عارفة تتصرف إزاي!
محدش من رجال البيت موجود في الوقت ده، كلهم في شغلهم، وواضح من شكل نديم إنه جاي ومُصِر على طلبه، جاي وعارف هو بيعمل وهيعمل إيه، وهي مش هتعرف تتصرف!
_ طب تعالى يابني ادخل، هنتكلم على الباب ولا إيه!
اخد نفس وهو بيبص للأرض، ايده اليمين بيمسح بيها على رقبته من ورا، بيحاول يتمالك نفسه وغضبه عشان ما يدخلش يجيبها هو بنفسه.
رفع وشه واتكلم وإيده التانية في جيب بنطلونه: لو سمحتِ أنا هستناها هنا، عرفيها إني مستنيها وخليها تخرجلي..
اتحرك كام خطوة لور وسند على الحيط وراه بظهره، في حين سابت نعمة الباب متوارب ودخلت الشقة مرة تانية، وقفت في نص الصالة بحيرة؛ مش عارفة تعمل إيه، تكلم جوزها وابنها عشان يعملوا قعدة زي ما اتفقوا، ولا تدخل تعرّف فاتن بوجود جوزها وتشوف هي هتتصرف إزاي وقتها.
فضلت واقفة في الحيرة دي لحوالي دقيقتين، لحد ما فاتن بنفسها خرجت من الأوضة، وقفت تبص للباب بقلق وخوف بقت تحس بيهم غصب عنها بعد اللي حصل؛ طيف مختار ملاحقها في كل مكان وزمان!
_ مين يا ماما؟!
سألتها وعينها لسة على الباب، قربت منها نعمة واتكلمت بصوت واطي وهي بتمسح على دراعها: نديم..
بعدت عينها عن الباب أخيرًا،
بصت لأمها بعدم استيعاب لثواني معدودة،
بعدها عينها بدأت توسع بالتدريج والصدمة تترسم على وشها وهي بتكرر من بعدها: نديم؟!!
اتحركت بخطوات أقرب ما يكون للجَري ناحية باب الشقة اللي كان مفتوح، فتحته على آخره بعد ما كان متوارب زي ما سابته مامتها، شافته واقف قصادها، بِطَلّة عادية جِدًّا لكن مُجرد وجوده سعادة ليها، ولقلبها..
واقف ساند على الحيطة وراه،
ايديه مربعهم سوا،
عينه ثابتة على نقطة في الأرض وواضح إنه كان سرحان،
لدرجة ماحسش بوجودها.
الدموع اتجمعت في عينها بتلقائية، نادت بإسمه بصوت مخنوق وهي لسة واقفة مكانها: نديم..
رفع رأسه أخيرًا، اتعدل في وقفته بعد ما حرر ايديه من تشابكهم، وفي لحظة كانت اختفت من عند باب شقتهم وبقت في حضنه!
بتعيط بشكل عنيف هيستيري، عياط ماعيطتوش خلال الأيام اللي فاتت كلها، بتردد اسمه من غير ما تقول أي حاجة، مفيش صوت مسموع في المكان كله غير صوت بكائها و"نديم" اللي بتقولها.
نديم واقف ماستوعبش أي حاجة من اللي حصلت، فجأة بقت بين ايديه، محاوطاه بايديها وبتشدد على هدومه وهي بتعيط وبتردد إسمه!
أخيرًا فاق من تعجبه، رفع ايده وبادلها الحضن بصمت وهو مغمض عينه.
محدش فيهم كان مُدرك لمُدة الوقفة اللي وقفوها، هي بتعيط وبتترعش بين ايديه، وهو بيحاول يهديها بدون ما ينطق بكلمة واحدة، بيطبطب على راسها وضهرها بايديه بس.
وعند باب الشقة وقفت نعمة بعيد عن مرآهم، عايزة تنبهم لوقفتهم على السلم وفي نفس الوقت مش عارفة تعمل كدا عشان ما تحرجهمش.
سمعوا التلاتة صوت رزع جامد من تحت، كانوا عارفين إنها بوابة البيت فخمنت نعمة إن حد منهم جه أخيرًا عشان ينقذها من حيرتها، لكن متوقعتش يكونوا .... الأربعة!!!!
السيد وسراج، رؤوف وفارس،
الأربعة طالعين ورا بعض على السلم بصمت، في صورة سينمائية مثالية، تليق برجال آل حمدان!
نديم وفاتن كانوا بعدوا عن بعض، الاتنين واقفين قصاد السلم بالضبط، واللي كان أول مَن ظهر عليه سراج أخوها، اللي شد أخته من رسغ ايديها ناحيته واتكلم:
_ أهلًا أهلًا يا جوز أختي، مش الأصول برضو تكلم حد مننا قبل ما تيجي هنا وتقول إنك عايز تاخدها ترجعها بيتها.
رجع نديم يربّع ايده، بص لسراج ورفع حاجبه وكأنه بيقوله "والله!"، قبل ما يتكلم بسخرية: الله يسلمك يا سراج، أنا الحمد لله كويس.
وبعدها عينه اتحركت لفارس، فضل يبصله لمدة طويلة بصمت وبنظرات كلها غيظ وضيق، الكلام اللي سمعه عنه وعن فاتن بيتعاد ويتكرر في دماغه، كلام أبوه عن خيانتها ليه معاه..
ومع طول نظراته ناحية فارس، رفع فارس ايده وحركها في الهوا وهو بيقول بعيون بريئة وبسمة صغيرة خبيثة على شفايفه: هاي نديم!
ماردش عليه نديم وبعد عينه عنه، بَص للسيد حماه واتكلم وهو بيعتدل في وقفته بأدب: إزيك يا عمي..
_ كويس يا نديم، كويس بس بنتي مكنتش كدا في بيتَك يابن الأصول..
ابتسم سراج بسخرية وهو بيهمس بصوت وصل للكل رغم انخفاضه: أصول آه.
بصله أبوه بتحذير، في حين اتكلم رؤوف بعقل وحكمة أخيرًا وسط كل هذه المناوشات والنظرات وهو بيشاور للشقة: ميصحش اللي أنتوا بتعملوه ولا الوقفة دي، ادخلوا نتكلم جوة مش هنتكلم وإحنا واقفين هنا كدا.!
بالفعل دخلوا كلهم، ونعمة وفاتن ونديم مش فاهمين ولا عارفين هم الأربعة عرفوا إزاي بوجوده أو بطلبه، نديم شك إن نعمة حماته هي اللي كلمتهم ولكن تالي اللي ميعرفوش إن حتى هي ماتعرفش إزاي!
سراج أخد أخته وأمه ودخلهم غرفة من الغرف، وقف بص للإتنين واتكلم بتحذير: مفيش واحدة فيكم تطلع من الأوضة دي غير لما آجي أنا وأفتح، هتسمعوا شقلبظات وكلام قبيح والذي منه، إياك ألمح واحدة منكم برة..
ابتسمت نعمة على كلامه وبص هو لفاتن اللي كانت سرحانة في عالم تاني وكمل قبل ما يمشي: وخصوصًا أنتِ يا رُهيفة المشاعر يا مُحنو، ماشي؟؟
وكمان جملته دي ماسمعتهاش ولا انتبهت ليها، كل تفكيرها دلوقتي في اللي هيحصل بعد كام ساعة أو كام دقيقة الله أعلم.
وبرة، خرج ليهم سراج وقعد جنب نديم، وهو بيقعد خبط على رجليه واتكلم بسماجة: منور يا جوز أختي.
بصله نديم بقرف ورجع يتكلم مع السيد: وأعتقد إن حضراتكم خدت حقكم يا عمي! أنا أبويا مفيش حتة في وشه ولا جسمه سليمة! كل ده عشان طلب منها تروح تجيب العيش؟؟ فاتن كانت ترفض ببساطة!
ضرب سراج كفوفه ببعض و عِلىٰ صوته وهو بيضحك جامد وبيسقف بايديه، الباقي بَص لنديم بنظرات مختلفة، حادة، ساخرة مستهزءة.
وأخيرًا سكت سراج واتكلم ولسة أثار الضحك في صوته: يعني أبوك الغلبان ده فَهمَك كدا؟؟ فَهمَك إنه طلب بكل لطف وأدب من فاتن تنزل تجيب، وإنها كان ليها حرية الاختيار!
كمل على كلامه السيد بعصبية:
_ أبوك كان مشغل بنتي خدامة تحت رجليه يا نديم، استغل طيبتها وهو عارف إنه بتهديد ميصدقوش عيل صغير هيعرف يضحك عليها، تخلص شغل شقتها فوق وتنزل تعمل شغل شقة أبوك وأمك تحت، وياريته كان بيعجبه!
سكت لثانية قبل ما يرجع يكمل بصوت أعلى وهو بيحرك ايده في الهوا:
_ شغال في الطالعة والنازلة يقلل منها ومن اللي بتعمله، بيعايرها بعيوب محدش شايفها غيره لمجرد إنك اختارتها هي وماختارتش اللي هو عايزها، ده غير الألفاظ الـ** اللي كان بيسمعهلها، غِلط فيها وفي شرفها وفي أبوها وأمها وشرفهم..
كان بيتكلم وهو بيعد على ايديه وصوته كل شوية يعلىٰ، وقصاده قاعد نديم مش قادر يستوعب اللي بيتقال! أبوه عمل كل ده؟!! أومال إيه الكلام اللي قالهوله أول ما نزل مصر ده؟!!
أبو فاتن سكت ياخد نفسه، كان بينهج وصدره بيعلىٰ ويوطى لشدة انفعاله، فكمل من بعده فارس بهدوء ينافي الغيظ اللي جواه لوجود نديم ولطلبه بأخذ فاتن ورجوعها بيتها:
_ أبوك مش زي ما فهمك يا نديم طلب من فاتن، أبوك أجبرها، ومَد ايده عليها لما حاولت تفهمه إن مينفعش، أبوك يا نديم مكنش عايز يخليها تروح تجيب العيش عشان مثلًا الست عفاف المسؤولة عن توزيع العيش حصلها حاجة، لأ ... أبوك كان عايزها تروح عشان تتمرمط وتتهزق هناك وسط الحريم والرجالة، اتشرط عليها تنزل بعد صلاة الفجر على طول، كان عايز يرجع من الصلاة مايلاقيهاش في البيت، يلاقيها واقفة عند الفرن..
اتكلم سراج وهو بيبصله بسخرية وبصوت متألم لأجل أخته: أنت عارف لما اتأخرت ساعتين عشان نامت غصب عنها ياحبيبتي عمل ايه؟؟ طلع اتهجم عليها في بيتها فوق، وكان عايز يكسر عليها باب الشقة، الـ**..
وختم سراج كلامها بكلمة ولفظ بشع، خلت أبوه يبصله ويزعق بصرامة: ســـراج!
نفخ سراج بتذمر ورجع لورا وربّع ايده زي الأطفال، وابتسم على شكله فارس قبل ما يتحمحم ويكمل بجدية: اليوم اللي كلمتك فيه وعيطت، هو ده ... ويومها كانت خايفة تنام تتأخر ماتنزلش زي ما هو عايز ولما صحت لقيته واقف عند باب الشقة حالف يكسره عليها ويدخل يخلص عليها، كان بيهددها لو قالت حاجة ليك أو لينا هيقتـ.ـلها، إيه رأيك يا نديم!
بصله سراج وكمل بدهشة: إزاي ماحستش يومها إن في حاجة غلط؟!!! صوتها، طريقة كلامها معاك، كل ده مالاحظتش حاجة يا نديم!!
بصلهم نديم بتيه وحيرة، مش قادر يصدق!
معقول كل ده حصل، كل دي حاجات عملها أبوه!!
_ قالتلي ... قالتلي إني واحشها.
بيتكلم بشرود، وكأنه انفصل عنهم لعالم تاني..
_ مد ايده عليها، حاول يتهجم عليها.!!
غصب عنه كان بيفكر بصوت عالي، شاور أبو فاتن على باب الأوضة بعصبية: قوم شوف دراع مراتَك عامل إزاي لو مش مصدقنا يا نديم.
بص نديم للأرض واتكلم: أنا مش عارف أقولكم إيه، حقيقي مش عارف!
_ بس إحنا عارفين، بنتي مش هترجع معاك لحتة الراجل ده فيها، تضمنلنا إنه مش هيتعرضلها بنظرة حتى، تخليه زي ما سَوء سمعتها في الحتة يصلحها تاني، طلع عليها كلام إنها بتخون جوزها عشان شاف ابن عمها ماسكها من ايدها وجايبها بيت أبوها، والله وحده أعلم لو مكنش عمل كدا كان زمانه بيعمل فيها ايه دلوقتي!
غمض نديم عينه وضغط راسه بايديه بقوة وهو حاسس بضغط رهيب على راسه وخنقة كبيرة في صدره، حاسس الدنيا بتقفلها في وشه من كل ناحية، كل حاجة حلوة أو فرحة بيعيشها مش بتكمل..
أول فرحة كانت جوازه من البنت اللي بيحبها، وعشان يقدر يعيشها حياة حلوة أفضل من اللي كانت بتعيشها في بيت ابوها أو على الأقل نفس المستوى اضطر مايكملش فرحته الأولى بجوازه منها عشان يسافر ويتغرب بعيد عن بيته ووطنه، كان صعب عليه يسيب عروسته بعد شهر واحد من فرحهم..
راح بلد غريبة وفضل قاعد فيها لما يزيد عن شهر كامل من غير شغل، بيدور بس على أمل يلاقي أي شغل يناسبه، وأخيرًا فرحة تاني تضاف لأفراحه؛ قِدر يلاقي أخيرًا شغل، لكن كانت فرحة أخرى ناقصة، بعد شهر واحد من شغله الجديد واجتهاده فيه عشان يثبت نفسه، فجأة مطلوب منه ينزل حالًا!
نزل فاتفاجئ بالأحداث اللي بتمر بيها مراته، أبوه بيكذب عليه وطلع بيسيء لمراته طول الفترة دي، بعد ما أكدله إن خلاص تقبلها وانها زي بنته!
ودلوقتي مطلوب منه يبعدها عن أبوه، وعشان يعمل كدا محتاج لمكان تاني، شقة تانية!
طب إزاي هيقدر يعيشها في مكان تاني في حالته دي؟!!
_ يا كدا يا كل شيء قسمة ونصيب يا نديم، أختي ألف مين يتمناها، مستنين حركة من ايديها عشان يخلوها ملكة ليهم..
رفع نديم راسه ليه واتكلم بحدة وهو بيحرك صابعه في وشه: أختك اللي بتتكلم عنها دي مراتي يا سراج، والكلام اللي بتقوله ده عيب، ولولا أبوك وعمك كنت رديت عليك بايديا على قلة ذوقك دي.
بص رؤوف لسراج واتكلم وهو بيرجع نديم لورا بعد ما لاحظ تقدمه في جلسته لقدام وكأنه هيقوم فعلًا بتخانق مع سراج اللي بيستفزه بكلامه: اسكت يا سراج أبوك بيتكلم أهو، عيب! وأنت يا نديم اهدى وكلامك معانا هنا مش معاه..
وكذلك بصله السيد أبوه: لو هتعك في الكلام قوم وسيبنا.
رجع ينفخ وهو بيبص لنديم بغيظ، في حين اتكلم نديم بعد صمت طويل وقال الجملة اللي فاجئتهم كلهم:
_ أنا مش هقدر أجيب شقق حاليًا يا عم سيد، فاتن هترجع بيتها وده اللي عندي واللي هيحصل..
يتبع...ᥫ᭡
تكملة الرواية من هناااااااا
لمتابعة باقى الرواية زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا
بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل
متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا
الرواية كاملة من هناااااااااا
مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا
مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هناااااا


تعليقات
إرسال تعليق