رواية وصية حب الفصل الخامس عشر 15بقلم نسرين بلعجيلي حصريه
رواية وصية حب الفصل الخامس عشر 15بقلم نسرين بلعجيلي حصريه
*وصيّة حب*
بقلم نسرين بلعجيلي
Nisrine Bellaajili
الروايه حصري فقط
_الفصل الخامس عشر_
النهار بدأ عادي جدًا، بس في بيت منى، الجو كان متوتر من غير سبب واضح. روان قاعدة على السفرة، لابسة جاكيتها ومستعدة تنزل تزور سارة بعد ما خلصت شغلها، لكن ملامح منى وهي في المطبخ كانت مختلفة، فيها قلق غريب.
طلعت من المطبخ وهي بتمسح إيديها في الفوطة وقالت بنبرة فيها شيء من الحذر :
رايحة فين تاني يا روان؟
روان، بابتسامة تلقائية :
عند سارة يا ماما، كنت قايلة لك، هاطمن عليها شوية.
منى سكتت لحظة وهي بتبصّ لها، بعدين قالت بهدوء مش طبيعي :
هو ياسر هناك؟
روان اتفاجئت بالسؤال :
أيوه، أكيد هناك. ليه بتسألي؟
منى قعدت قصادها على الكرسي، نظرتها فيها قلق أكتر من غضب :
بصي يا بنتي، أنا مش بحب أتدخل في اللي بينك وبين الناس، بس خلاص كفاية زيارات، خليها ترتاح شوية. والناس بدأت تتكلم.
روان رفعت راسها ببطء :
تتكلم؟ عن إيه؟
منى :
عن وجودك في المستشفى طول الوقت، وعن إنك مطلقة، وفيه راجل متجوز، و…
منى سكتت، مش قادرة تكمل الجملة، لكن روان فهمت كل كلمة ما اتقالتش. صمتت لحظة، صوت نفسها بدأ يعلى من جوّاها :
ماما، إنتِ سامعة نفسك؟ إنتِ بترددي كلام مين؟ كلام الناس ولا كلام قدريّة؟
منى اتنفست بعمق وقالت :
قدريّة يمكن قالت كلام ضايقني، بس هي نبهتني. الناس ما بترحمش يا روان، وأنا مش عايزة إسمك يتلوث بسبب نيتك الطيبة. إنتِ مطلقة، والناس مش هتشوفك بريئة حتى لو كنتِ ملاك.
نسرين بلعجيلي
روان بصت لها نظرة حزن، مش غضب :
يعني عايزة أسيب سارة لوحدها؟ الست دي محتاجة حضن، مش حكايات الناس. إنتِ ناسية لما بابا تعب مين وقف معانا؟ سارة كانت أول وحدة في البيت عندنا، ما حسبتش حساب الناس.
منى قالت بصوت فيه رجفة :
الظروف غير الظروف يا بنتي. وقتها ما كانش فيه راجل في الصورة، لكن دلوقتي فيه جوزها، وده يخلي الدنيا شكل تاني.
روان قامت من على الكرسي وهي بتتكلم ببطء :
ماما، اللي بيني وبين ياسر هو احترام، ومش هيهزّه كلام ستّ ولا خوف من سمعة. أنا مش رايحة علشان ياسر، أنا رايحة علشان سارة.
منى مسكت إيدها بسرعة قبل ما تمشي :
روان، اسمعيني. أنا مش بشك فيكِ، بس أنا بخاف عليكِ. الناس لما تبتدي تحكي، ما تعرفيش هتوقف إزاي. أنا أمك، وشايفة الدنيا بعين تانية غير عينك.
روان بصت في عيون أمها، دمعة خفيفة نزلت وهي بتقول بهدوء :
بس إنتِ نسيتي حاجة واحدة يا ماما، اللي بيخاف من كلام الناس بينسى كلام ضميره. وسارة مش مجرد صديقة.. دي أختي.
سحبت إيدها بلطف، اخدت شنطتها، وهي خارجة من باب البيت، منى نادتها بصوت مبحوح :
روان… الناس مش دايمة، بس الكلمة بتفضل.
روان بصت وراها وقالت :
وأنا كمان مش دايمة، يا ماما.. بس طالما عايشة، مش هسيب حد لوحده.
خرجت وسابت البيت، وصوت الباب وهو بيتقفل كان كأنه بيقفل على خوف أم وبيفتح على شجاعة بنت.
منى وقفت عند الشباك تبص من ورا الستارة، وهي شايفة روان ماشية في الشارع، وقالت لنفسها بصوت واطي :
يا بنتي، يا ريت الناس تفهم الطيبة زي ما إنتِ فاهماها.
Nisrine Bellaajili
ثم اتنهدت، وحست لأول مرة إن الخوف اللي جوّاها مش من كلام الناس، لكن من القدر اللي بيقرّب خطوة بخطوة.
روان وصلت بيت سارة في آخر النهار، الجو كان هادي والضوء داخل من الشبابيك بخفة، ريحة الدوا والورد الأبيض مالية المكان. دقّت الجرس، وبعد ثواني الباب اتفتح، وسارة بنفسها اللي فتحت. إبتسمت وهي تحاول تبين إنها كويسة، لكن وشها شاحب والتعب باين في ملامحها.
روان :
إزيك يا سارة؟
سارة :
الحمد لله، تعالي أدخلي.
دخلت روان وهي شايلة كيس فاكهة صغير :
جبتلك شوية فواكه طازة، الدكتور قال لازم تاكلي حاجات فيها فيتامين.
سارة :
تسلمي يا حبيبتي، بس تعبتِ نفسك ليه؟
قعدوا في الصالة، وسارة حاولت تخفي رعشة خفيفة في إيديها وهي بتسكب العصير :
مامتك عاملة إيه؟
روان ترددت لحظة، وبعدين قالت :
كويسة، بس زعلانة مني شوية.
سارة :
ليه؟
إبتسمت روان إبتسامة باهتة :
شايفة إن الناس بقت بتتكلم كتير. بتقول إن المفروض أسيبك ترتاحي، وإن وجودي ممكن يزعّل ناس.
سارة سكتت، وحطت الكوباية على الترابيزة :
كلام الناس ما بيخلصش يا روان. كل واحد شايف الحكاية بطريقته. بس إنتِ تعرفيني كويس، وجودك مريحني مش مسببلي وجع.
روان حاولت تضحك :
بس الظاهر إنهم خلاص حكموا علينا كلنا من غير ما يسمعونا.
سارة بصت لها بحنان وقالت :
الناس بتحب الحكايات، ومافيش حكاية تمشي من غير وجع. المهم إحنا نفضل عارفين نفسنا، وإنتِ عارفة إيه اللي جواكِ، ماحدش يقدر يحاسبك عليه.
روان إبتسمت وهي تمسح على إيدها :
أنا كنت خايفة ماما تبقى مزعلاكى.
سارة حركت راسها نفيًا :
لا يا حبيبتي، بس حاسة إن قدريّة ما سابتش حد إلا وملِت ودانه بكلام. حتى ياسر نفسه متوتر، بقى يشوف في عيوني حاجة مش فاهمها.
روان قالت بهدوء :
عادي يا سارة، الراجل لما يلاقي الست اللي بيحبها مريضة، بيخاف يصدق إن الوجع ممكن يزيد. هو بيحبك جدًا، وأنا باشوف ده في كل نظرة ليكي.
سارة ابتسمت، بس في عينيها لمعة خوف :
الحب ساعات مش كفاية، يا روان. فيه حاجات بتكسر بين الناس من غير ما ياخذوا بالهم، وكلمة واحدة ممكن تهدّ بيت.
صمتوا لحظة، الساعة كانت بتدق بخفوت، والجو فيه ريحة غريبة بين طمأنينة وحزن.
روان قامت تساعدها تروّق السفرة، لكن سارة مسكت إيدها وقالت بهدوء :
ماتروحيش النهارده، خليكى شوية. مش عايزة أسمع صوت الصمت ده وأنا لوحدي.
روان بصت لها وقالت بابتسامة بسيطة :
ما اقدرش أسيبك لوحدك، حتى لو الدنيا كلها وقفت ضدي.
سارة ضحكت ضحكة صغيرة وقالت :
يا بختي بيكِ يا روان.
وفي اللحظة دي، الباب اتفتح، وياسر دخل. وشه باين عليه التعب، لكن لما شافهم، حاول يبتسم :
مساء الخير، عاملين إيه يابنات؟
ـ كويسين، الحمد لله.
سارة حاولت تبين خفتها :
روان جايبة فواكه، بتقول إني طفلة لازم تتغذى.
ضحك وقال :
والله عندها حق. لازم نسمع الكلام.
بس وسط الضحك الخفيف ده، كل واحد فيهم كان شايل جواه حاجة ما قالهاش :
سارة حاسة إن القدر بيقرب..
ياسر حاسس إن فيه حاجة هتتكسر..
وروان بتحاول تصدّق إن الخير ممكن يفضل رغم كل الكلام اللي حوالين الحب والمرض.
الليل نزل، والسكون غطّى البيت، لكن ما كانش هدوء سلام، كان الهدوء اللي بييجي قبل ما يحصل تغيير كبير في كل شيء. كانت سارة قاعدة على الكنبة، بين ياسر وروان. الثلاثة في نفس المكان، بس كل واحد فيهم في دنيا لوحده.
ياسر بيحاول يضحك مجاملة، روان بتحاول تلهي الجو، وسارة ساكتة بتتفرج.
نظرت ليهم بتمعن، ووشها هادي، بس جواها دوشة. بتشوفهم من بعيد كأنها مش واحدة منهم. كل حركة منهم ليها معنى، وكل نظرة ليهم بتوجعها أكتر.
روان بتتكلم بحنية، بصوتها اللي فيه طيبة الدنيا كلها، وياسر بيرد عليها بهدوء، بس عينه فيها ارتياح وهي حواليه. الإرتياح ده اللي وجع سارة.
قلبها قالها :
هو ده اللي بين الناس لما يبتدوا يحبوا بعض.. ولا دي رحمة؟
بصت في ملامح ياسر، كان شكله متغير فعلًا. لحيته طولت، والهالات تحت عينيه سودة كأنها ليل ما نامش فيه من شهور، هدومه مش مرتبة زي زمان، حتى صوته بقى خافت، مش هو نفسه اللي كانت بتسمعه وهي بتضحك على كلامه من غير سبب.
نظرت لروان، وشها مرهق، شعرها مربوط بسرعة، لكن في عينيها نفس النور، النور اللي كانت سارة بتحبه فيها من أول مرة شافتها، بس النهارده النور ده رايح ناحيته هو.. مش ليها.
وبينما هما بيتكلموا، سارة أخذت نفسها بصعوبة، تحس كأن في حجر على صدرها. مدت إيدها تمسك الكوباية، بس إيديها كانت بتترعش، نقطة مايه وقعت على الفستان، وهي بتضحك بخفوت كأنها بتحاول تخبي وجعها.
قلبها بيكلمها :
شايفاهم؟ شايفة هما الاتنين عاملين إزاي؟ هي بتحبه من غير ما تعرف، وهو بيحس معاها بحاجة كان محتاجها يمكن من زمان.. دفء، إهتمام، راحة.
إبتسمت وهي بتبصّ عليهم، بس إبتسامة متكسّرة، فيها رضا ووجع في نفس الوقت.
يا رب، هو أنا السبب؟ أنا اللي خلتهم كده؟ أنا اللي غيرت في وشه وخلّيت التعب يكتب على ملامحه بالشكل ده؟ أنا اللي سرقت النوم من عينه وخليت ضحكته تبقى مكسورة؟ ولا المرض هو اللي سرقنا من بعض؟
إتنهدت، ونظرت ناحية روان اللي كانت بتحكي حاجة بسيطة وتضحك. ضحكتها دخلت جوه قلبها كأنها موسيقى قديمة بتحرك ذكريات كانت نايمة.
يا روان، أنا بحبك أوي.. بس يمكن حبك ليهم هيبقى سبب وجعهم. وأنا؟ أنا بقيت مجرد ظلّهم.
نسرين بلعجيلي
نظرت لياسر تاني، كانت عينه عليها، بس فكرُه في حتة تانية. هو مش شايفها زي الأول، مش شايفها ستّ، شايفها مريضة محتاج يتطمن عليها، مش حبيبة يرجعلها بعد شغل.
دمعة نزلت على خدها، وهي تهمس لنفسها :
يا رب.. أنا ما طلبتش أعيش العمر كله، بس كنت أتمنى ماكونش السبب في تعبهم… كنت أتمنى أسيب لهم ذكرى حلوة مش وجع بيخوفهم من الحب.
أخدت نفس عميق، بس كان تقيل، زي اللي بيحاول ياخد آخر نفس في رواية طويلة، وقالت في سرّها :
يمكن خلاص، دوري في الحكاية بيخلص. بس نفسي النهاية تكون بشرف، نهاية ستّ حبت بصدق، وسابت حبّها يعيش حتى لو هي راحت.
سكتت، والمشهد حواليها اتجمّد، ياسر بيكلم روان، روان بتهز راسها بابتسامة خفيفة، وسارة بينهم.. شايفاهم بعين أمّ، وحبيبة، وغايبة في نفس الوقت. وفي قلبها صوت بيقولها :
"هو الحب ممكن يعيش بعد الموت؟ ولا بيتحوّل لظلّ بيمشي بين اللي اتبقوا؟"
سكتت سارة، والليل كان بيزحف على البيت بهدوء، نور الأباجورة انعكس على وشها الباهت، وعينيها لسه بتلاحقهم في صمت، كأنها بتحاول تحفظ تفاصيلهم جواها قبل ما الوقت يسرقها.
قلبها بينبض على مهل، والوجع جوّاها ساكن كأنه جزء منها خلاص، لكن في وسط التعب ده كله، كان في سلام غريب، سلام الست اللي قررت تحب للآخر حتى لو نهايتها وجع.
بصت لملك وهي نايمة على الكنبة، ولروان اللي بتحضّر لها دواها، ولياسر اللي قاعد مطاطي راسه بين إيديه، وقالت في نفسها بصوت شبه الهمس :
"أنا لسه هنا… بس يمكن مش كتير. ولو مشيت، سيبوا الباب مفتوح، يمكن روحي تفضل حوالين البيت ده تحرسكم مع بعض."
فهمته ايه ما بين السطور ؟؟
#نسرين_بلعجيلي
#وصية_حب
#روايات_وجدانية
#رواية_مش_لأي_حد
#حب_ووفاء
#مشاعر
#روايات_عربية
#اقرأ_بقلبك
#قراءة_مش_في_صمت
يتبع .....
تكملة الرواية من هناااااااا
لمتابعة باقى الرواية زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا
بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل
متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا
الرواية كاملة من هناااااااااا
مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا
مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هناااااا


تعليقات
إرسال تعليق