رواية التل الفصل الخامس وعشرون والسادس وعشرون والسابع وعشرون والثامن وعشرون والتاسع وعشرون والثلاثون بقلم رانيا الخولى
رواية التل الفصل الخامس وعشرون والسادس وعشرون والسابع وعشرون والثامن وعشرون والتاسع وعشرون والثلاثون بقلم رانيا الخولى
………….
انتهى جواد من سرد كل شيء حدث معهم
حتى ما فعله خالد مع ياسمين فظهر الغضب واضحًا عليه وتحدث من بين أسنانه
_ وانت مخبرتنيش ليه من لول.
تنهد جواد بتعب
_ هجول ايه، كان لازمن اسكت في الفترة دي بالذات.
_ وناوي تعمل ايه؟
_ أني اللي هخرجها مش رايد مساعدة من حدا فيهم ووجتها افكر في موضوع رچوعي للجصر.
ربت عامر على ساقه وتحدث بقوة
_ متخافش إن شاء الله هتخرج منيها
جوم نام دلوجت والصبح هروح معاك لأكبر محامي في البلد.
أومأ جواد ونهض عامر دلفًا لأحد الغرف حتى ينام جواد ويصعد إلى حبيبته.
استلقى جواد على الأريكة وأمسك هاتفه كي يحدثها
فتحت الهاتف وظهر وجهها أمامه بطلته التي تخطف الأنظار وقال بغيرة مصطنعة
_ ايه ده انتي رافعة النقاب عادي إكدة؟
ضحكت توليب وتمتمت بدلال
_ ما انت عارف إني لوحدي في الأوضة.
ابتسم بسعادة عندما لاحظ عدم تأثرها بما يحدث وقال بتعب
_ تعبت أوي لحد ما قدرت أقنعهم متنزليش الحبس بس الظابط ده طلع ابن حلال وقدر الموقف.
_ مع اني خايفه نسبب له مشاكل.
طمئنها بثبوت
_ متجلجيش هو كلهم يومين يكون عرفنا نلاجي حل للراجل ده ونفوجو من الغيبوبة دي.
لاح الحزن على ملامحها وتمتمت بآسى
_ وإن مفاقش؟
_ إن مفاقش هنمشي القضية عادي والمحامي هيترافع بالأدلة.
وبعدين سيبك من كل ده، ينفع إن واحد يتحرم من مراته يوم صبحيتهم
أجابت توليب بخجل
_ لأ
رفع حاجبيه بمكر
_ يبقى المفروض لما ترجع تعمل ايه؟
أزداد خجلها حتى احمرت وجنتيها وتمتمت بخفوت
_ تعوضه.
_ حلو أوي خليني بقى أسجل المكالمة دي عشان تكون شاهدة عليكي.
هزت راسها برفض
_ مفيش داعي انا مش هنسى وعدي
وضع ذراعه تحت رأسه وتحدث بتسلية
_ ماشي عدى يوم بقى وباقي تلاتة والرابع هيكون التنفيذ.
_ وجايب الثقة دي كلها منين إني هخرج بعد تلات أيام؟
التزم الصمت قليلًا وهو ينظر إلى عينيها وتمتم باحتواء
_ أوعدك إن رابع يوم هتكوني في حضني.
لاح الحزن على ملامحها وتمتمت بآسى
_ ياريت يا جواد أنا حاسة إني خلاص ضاع مستقبلي.
هز رأسه بنفي
_ متقوليش إكدة اني واثق إنك هتخرچي منيها في اجرب وجت وهترچعي لدراستك السنة الچاية بإذن الله.
ابتسمت عينيها قبل شفتيها وتمتمت بامتنان
_ مش عارفة لولا وجودك بعد ربنا كنت عملت ايه.
ضحك جواد وغمغم
_ شكلك مغشوشة فيا جوي، أني مبعملش حاچة ببلاش كله عندي بحساب.
يلا نامي دلوجت وارتاحي والصبح يبجى اطمن عليكي.
أغلق الهاتف ووضعه على الطاولة أمامه ثم عدل من وضع الوسادة خلف رأسه وشرع في النوم
________________
فتح جواد عينيه عندما لاحظ بأنه مراقب فيقع نظره على تلك العيون التي لم ينساها لحظة واحدة
مازالت كما هي لم تتغير وكأن السنين التي مرت عليهم لم تمر عليها
عينيها بسماءها الصافية وابتسامتها التي تلاحقه في أحلامه حتى يقظته
اناملها التي حينما تداعب خصلاته يغمض عينيه وينتشي بنومٍ هانئ بعدها
لم يخطأ ظنه عندما وجدها تخرج من فرحه وخلفها والده
أخبره قلبه بأنها هي، بمشيتها الواثقة التي بدورها لم تتغير وبهيئتها رغم ارتداءها للنقاب كي لا يستطيع أحد التعرف عليه لكن هو عرفها
تمتم بخفوت وهو ينظر إليها
_ كنت خابر إني هلاجيكي أهنه.
جثت كندا على ركبتيها أمامه ووضعت يدها على خدها لتقول بشوق
_ أنا هون من زمان حبيبي، بس منعني عنك.
تساقطت دموعها بغزارة وتمتمت بألم
_ انا رچعت من خمس سنين وكان كلي إصرار إني اشوفكم وأحيلكم الحقيقة كلها بس وقتها بيك منعني بان چدك لو عرف برچعتي ما راح يرحمني، وچابني هون بعد ما طلب مني إننا نرچع لبعض
وعدني وقتها إنه راح يرچعكم لحضني وسنة ورا سنة ووعد ورا وعد لحد ما عرفت بطلاق ياسمين وحادثتك، انهرت وقتها وأصريت إني اشوفك بس لما لقيتك بتتزوچ من حبيبتك خفت اضيع فرحتك وانسحبت بهدوء.
صدقني حبيبي انا ما اتخليت عنكم بس چدك الله لا يسامحه هددني بيكم لو مخرجتش من حياتكم، حتى أنه أذى خالك في شغله وكان هيحبسه غير كمان هدد بأنه راح يدخلكم مدرسة داخلية ويحرمني منك طول العمر
كان صعب كتير بس خفت عليكم ينفذ تهديده وانسحبت من حياتكم
بس الله واحده اللي يعلم باللي حسيته وقتها.
نظر جواد لعيونها التي تذرف دموعًا يدل على مدى صدقها وشعر بحاجته لوجودها معه فتمتم برجاء
_ انا محتاچلك خليكي چانبي.
مسحت دموعها وهي تتمتم بسعادة
_ العمر كله راح اضل معك مش بس هلا
جلست على الأريكة وأخذت رأسه على ساقها كما كانت تفعل في صغره وظلت تملس بأناملها في خصلاته حتى غفى على ساقها.
خرج عامر من العرفة فيتفاجئ بذلك الموقف وعيون كندا تبكي بفرحة
تقدم منها وعلى وجهه ابتسامة رضا ومال عليها يقبل رأسها وقد شعر بنغصه حادة في قلبه على ما اقترفه هو ووالده في حقها
_____________
ظلت يسر في غرفتها ترفض أي محاولة منه للتحدث معها
لكن لما تبكي وهي تعلم بحقيقة زواجهم من البداية
فقد أصدر جدهم الحكم ولم يكن أحد منهم يستطيع التصدي له
وهو وافق فقط لأجل أن يضمن ورثه.
انتفضت من رقدتها عندما شعرت بيد تضع على كتفها
التفتت بسرعة فوجدته عدي ينظر إليها برجاء الا تخذله.
لكنها نفضت يده بعيدًا عنها وقالت بحدة وهي تنهض
_ انت چاي ليه؟
تقدم منها خطوة وتحدث برجاء
_ يسر أرجوكي بلاش تنشفي دماغك انتي خابرة زين إني بحبك، وإن اللي في دماغك ده مش حجيجي.
_ مش حجيجي كيف واني سمعاك بوداني.
أنكر عدي اتهامها
_ محصلش خالد اللي اعترف مش انا، صحيح أني مكنتش موافق على چوازنا وأجبرت من جدي بس بعدها حبيتك واتعلجت بيكي وانتي خابره إكدة زين.
اولته ظهرها كي لا تضعف أمام رجاء عينيه وتمتمت بحدة
_ مش هصدج بعد النهاردة وأول ما أبوي وأمي يرچعوا هخليهم يطلجوني منيك.
انقبض قلب عدي عندما رأى إصرارها وتحدث بقوة
_ يسر شيلي الموضوع ده من دماغك خالص ولو الدنيا كلها وجفت جدامي عشان اطلجك مش هعملها انسي.
تقدم منها ليقف أمامها
فأشاحت بوجهها بعيدًا وتحدث بجدية
_ يسر لاحظي إن في طفل بينا لازم يتربى وسطينا
حاوط كتفها وتابع بوله
_ ارجوكي انا بحبك ومقدرش اعيش من غيرك.
رفعت بصرها إليه وقد لامس رجاءه قلبها العاشق له وتمتمت بخفوت
_ رايدة اصدجك
امسك يدها يضعها على قلبه وتمتم باحتواء
_ اسمعي دجاته وهو هيخليكي تصدجي، أنا صحيح في لول وافجت عشان اضمن حجي بس اقسملك إني حبيتك وشيلت الموضوع ده من دماغي وكل همي إني اكمل اللي باجي من حياتي معاكي.
ملس بيده على جبينها ليمحي تلك العقدة وتابع بحب
_ بلاش نزعلوا من بعض على حاجة معدش لها وجود
طبع قبلة بين عينيها وتابع رجاءه
_ أوعى تفكري في يوم من الايام تبعدي عني لأن بعدك عني هو الموت بحد ذاته.
قضى بحديثه العاشق على ما تبقى بداخلها من شك وأخذها في قبلة اطاحت بتعقلها عرض الحائط.
_________________
في الصباح
استيقظ جواد إثر تلك الرائحة التي ملئت المكان
نهض بتكاثل وعينيه تجوب المكان يتأكد إذا كان ما رآه تلك الليلة حلم أم حقيقة
لكن تلك الأطعمة التي وجدها على الطاولة أكدت له كل شيء وخاصة عندما وجدها تخرج من المطبخ وهي تحمل الطعام بين يديها وتنظر إليه بابتسامة عريضة
_ أهلين چواد كيفك.
ازدرد جفاف حلقه بصعوبة ولم يستطيع الرد عليها مما جعلها تشعر بالقلق حياله
تقدمت منه لتقف قبالته وتمتمت برهبة
_ چواد، لساتك بعد الحكي اللي خبرتك بيه شايل مني؟
رمش بعينيه دلالة واضحة على مدى حيرته وتابعت هي برجاء وهي تمسك يده لكنه جذبها مسرعًا
انفطر قلب كندا وقالت برجاء
_ مشان الله تصدقني چواد أنا ما تخليت عنكم……
قاطعها جواد بثبوت
_ خابر بس متطلبيش مني اسامح بالسهولة دي، اديني بس شوية وجت.
انتبه الاثنين لحمحمت مراد فقالت كندا بابتسامة عريضة
_ أهلين مراد تعا انا چهزتلكم اللفطور
تطلع مراد لصديقه بحيرة لا يعرف إذا كان ظنه حقيقة أم لا
لكن جواد استئذن منهم قائلاً
_ اني داخل الحمام.
تركهم ودلف المرحاض مما جعل مراد يتأكد من شكه وخاصة عندما لاحظ مراقبة هذه المرأة له فلم يحتاج لفطنة كي يتأكد سألها بعد تردد
_ حضرتك أم جواد؟
نظرت إليه بألم وأجابت
_ أي انا امه لچواد، بس هو ما راح يعترف بهيك شي.
رأف مراد بحالها فهي مهما حدث تعد أمًا ولا يجوز له معاملتها بتلك الطريقة فقال مخففًا عنها
_ اديله وجت زي ما جالك وأكيد هيرچعلك.
هزت راسها بنفي وتمتمت بانكسار
_ شكله ما راح يرچع ولا حتى يسامح
تطلعت إلى مراد وقالت برجاء
_ دخيل الله تتكلم معه و….
قاطعها مراد
_ صدجيني انا آخر واحد ممكن جواد يسمعله، جواد اتغير جوي من وجت الحادثة ومعاي انا بالذات، سيبيه يمكن مع الوجت يسامح.
نظر إلى الطعام باشتياق وقال بمزاح
_ بيجولوا إن اللبنانيين دول كرمه جوي بس مش شايف الصراحة.
ابتسمت كندا وقالت
_ من قال هيك انا عملت فطار غير شكل بالهنا على قلبكم.
خرج عامر من الغرفة وهو يقول بتروي
_ صباح الخير
رد الاثنين الصباح فتقدم من الطاولة وهو يقول
_ يلا يا مراد خلينا نروح مشوارنا.
قطبت كندا حاجبيها بدهشة
_ شو في عامر وليش چواد سايب عروسته وچاين لهون؟
رد بهدوء
_ حكاية طويلة هحكيهالك بعدين
خرج جواد وهو يقول لمراد
_ يلا لجل ما نخلص مشوارنا بدري
تقدم جواد من الطاولة ليجلس عليها وتحدث بنفي
_ مش هتنجل خطوة واحدة إلا بعد مـ ادوج الأكل اللبناني ده.
شرع في تناول طعامه فنظرت كندا لولدها الذي خرج لتوهه من المرحاض
_ تعا چواد كل معهم.
هز رأسه برفض
_ مليش نفس، أني رايح القسم بعد أذنكم.
دلف الغرفة وأغلق الباب خلفه مما جعل قلب كندا يؤلمها بشدة
تحدث عامر بتعاطف
_ زي ما جالك مراد اديله وجت يستوعب ظهورك وبعدين حاولي معاه بلاش تضغطي عليه دلوجت، يلا تعالي عرفي مراد هو بياكل ايه لأني شايفه حيران.
________________
في قسم الشرطة
جلس جواد في مكتب الضابط ينتظر قدومها على أحر من الجمر
لقد شعر بحنين جارف يأخذه إليها وكأنها غائبة عنه منذ أمد
فتح الباب وظهرت محبوبته بشموسها الذهبية وانتظر إغلاق الباب ونهض إليها وهو يرمقها بنظراته العاشقة وتمتم باحتواء وهو يحاوط وجهها بين يديه
_ وحشتيني جوي.
وضعت يدها على يده بحب وتمتمت بخفوت
_ انت وحشتني اوي يا جواد
استعذب اسمه من بين شفتيها ثم قربها أكثر إليه وتمتم بوله
_ أول مرة الاحظ إن اسمي حلو كدة.
رفع النقاب عن وجهها بعد أن مل عينيه من شموسها وأخذ يجول ملامحها العاشق لتفاصيله وتابع بغزل
_ لو جالولي في يوم إن هتكوني من نصيبي مكنتش هصدج لأن محدش بيطول الجمر باديه.
ضحكت توليب برقة من غزله وقالت بمغزى
_ مجاملة حلوة.
رفع حاجبيه بمكر
_ انتي شيفاها مجاملة؟ أني شيفها حجيجة
جالت عينيه بمحياها يدقق في تفاصيله وتمتم باحتواء
_ كل حاچة فيكي بحسها سحر وكأني ملكت حورية من الجنة في ايدي.
تاهت توليب في سحر كلماته والتي تعلم جيدًا بأنه يقولها كي يخفف عنها مصابها مما جعلها تشعر بأنها حمل ثقيل عليه
ولما لا وقد ترك كل شيء خلفه حتى طفله وظل معها يجابه الدنيا لأنقاذها
تجمعت العبرات في عينيها فنقبض قلبه خوفًا عليها وسألها بريبة
_ هتعيطي ليه حد ضايجك او زعلك؟
هزت راسها بنفي وتمتمت بخفوت
_ لأ، بس أنا خايفة أدهم ميعرفش يثبت برائتي واتحرم منك
مسح دموعها بابهامه وتحدث بجدية
_ مفيش حاچة في الدنيا ممكن تحرمني منك حتى لو وصلت أحارب العالم كله عشانك.
لم تجد توليب الكلمات التي تصف بها شعورها تجاهه
لفت يديها حول عنقه تحتضنه بحب
وهو لفها بذراعيه يريد أن يخبأها داخل صدره وتمتم بجوار أذنها
_ بحبك.
مسحت وجهها في صدره كالقطة وتمتمت بحب
_ وانا كمان يا جواد بحبك أوي.
لم يصدق ما سمعته اذناه فاقصاها عنه قليلًا كي ينظر إليها وسألها
_ انتي جولتي ايه؟
أغمضت عينيها بخجل ولم تجيب لكنه هزها برفق
_ بلاش تغمضي عينيكي وجوليها مرة تانية
فتحت عينيها بصعوبة ونظرت إليه بوداعه وابتسامة على ثغرها
_ بس انت عارفها من زمان.
_ لكن انا عايز اسمعها منك.
لم تبخل عليه من تكرارها فتمتمت بحياء
_ بحبك.
ضحك بسعادة غامرة عندما اخفت وجهها في صدره وقال بحب
_ مع إنها مريحتنيش جوي بس همشيها دلوجت لحد ما نروح بتنا.
طرق الباب مما جعله يبتعد عنها وسمح للطارق بالدخول.
دلف الضابط وهو يقول
_ السلام عليكم
ردوا السلام فجلس الضابط خلف مكتبه وأشار لهم
_ اتفضلوا اقعدوا
جلس جواد وجلست توليب أمامه فسألها الضابط بمزاح
_ ايه رأيك في الخدمة عندنا يا مدام توليب؟
ردت توليب بامتنان
_ متشكرة اوي لحضرتك.
وأكد جواد
_ ده جميل مش هنساه أبدًا.
رد الضابط بجدية
_ مش جميل ولا حاجة كل الحكاية إني مقدر الموقف، الجرائم اللي من النوع ده مبتخدش يوم واحد في النيابة وبتخرج فورًا بس لأن المجرم الحقيقي في غيبوبة فـ بتاخد وقت شوية، لكن البراءة مضمونة بإذن الله.
سأله جواد بتوجس
_ طيب لو المجرم فاق من الغيبوبة وأنكر الحقيقة.
_ بس احنا بنملك اثباتات تؤكد تعديه على والدها واثار الأختناق اللي الطبيب الشرعي أكدها ده غير سبب تواجده في المكان وفي وقت زي ده، مش معقول يعني هيجبوه شقتهم عشان يقتلوه فيها، كل دي حاجات النيابة هتسأله فيها اثناء التحقيق
وبعدين دول قضيتين مش قضية واحدة، الاولى هتك عرض والتانية شروع في قتل يعني لبسها لبسها.
ضغط الضابط على الزر فدخل أحد العساكر
_ تمام يا فندم.
أشار له على توليب
_ خد المدام رجعها المبيت.
راقبها جواد وهي تخرج من المكتب بقلب ملتاع ثم نظر إلى الضابط وقال بثبوت
_ انت متأكد إن القضية بالسهولة دي؟
أكد الضابط
_ دي مش اول قضية تمر عندي، بنقابل من النوع ده كتير واقربهم قصة بنت اتعرضت للتعدي من واحد قربهم بس قدرت تفلت منه وطعنته خمس طعنات لحد ما مات وقتها وكيل النيابة اداها إخلاء سبيل لأنه كان دفاع عن الشرف، يعني اطمن إن شاء الله خير.
______________
في غرفة نور
خرجت من المرحاض وهي تستند على سلمى التي لم تتركها لحظة واحدة وساعدتها كي تعود للفراش
_ تعبتك معايا يا سلمى.
ابتسمت سلمى بمجاملة
_ مش قولنا نبطل الكلمة دي؟
جذبت عليها الغطاء وقالت نور بامتنان
_ بس دي حقيقة انا تعبتكم معايا اوي، ربنا يقدرني وارد جيملكم ده.
ربتت على كتفها وتمتمت بصدق
_ مفيش جمايل ولا حاجة احنا اخوات وبعدين لو انا اللي تعبانة مكنتيش هتعملي كدة؟
ابتسمت نور وقالت بصدق
_ وأكتر من كدة كمان
_ خلاص يبقى بلاش الكلام اللي ملوش لزوم ده
دلفت سهر وآمال وظلوا معها طوال النهار لم يتركوها لحظة واحدة
لكن هي تشعر بفراغ وكأن شيء ما ينقصها
حاولت التأقلم معهم لكن لا فائدة مازال ذلك الشعور يكتنفها
جالت بخيالها صورته، وقوفه معها في محنتها، يده التي لم تترك يدها لحظة واحدة طوال فترة ولادتها
عينيه التي كانت ترجوها ان تقاوم وتواصل لأجله لن تنساها ما حييت
__________________
في المشفي
دلف مراد دورة المياة وهو يحمل حقيبة صغيرة على ظهره
وأغلق الباب خلفه باحكام ثم فتح الحقيبة وأخرج منها ثوب المشفى وقام بتبديل الملابس بسرعة وخرج من المرحاض.
وقف على مسافة من الغرفة وانتظر ذهاب العسكري الذي رأه أمس وحضر بديله ثم توجه إليه بثياب الطبيب وهو يقول بهدوء تام
_ السلام عليكم
هم بالدخول بصفته طبيب لكن الرجل منعه
_ رايح فين؟
تحلى مراد بالثبات ورد بهدوء وهو يخرج الكارد الخاص به
_ انا الدكتور الجديد اللي هتابع حالته.
نظر الرجل في الكارد ثم ناوله إياه قائلاً
_ اتفضل.
دلف مراد وأغلق الباب خلفه ثم تقدم من المريض وشرع في معاينته.
_____________
في منزل وهدان
عاد من الخارج ودلف غرفته في وجوم تام
لم ينتبه لابنته التي تردد اسمه بسعادة لعودته
ولا لابتسامتها التي رمقته بها فور دخوله
شعرت بالقلق عليه ونظرت لزينة قائلة
_ زينة خدي اخواتك وادخلوا اوضتكم العبوا فيها لحد ما أرچعلكم.
اومأت الفتاة بطاعة ثم توجهت بأخواتها للغرفة وأغلقت الباب خلفها
فنهضت حياة ودلفت الغرفة خلفه لتجده جالسًا على الفراش ساندًا مرفقيه على ساقيه في وجوم.
تقدمت منه وجلست بجواره تضع يدها على كتفه وسألته بريبة
_ خير يا وهدان في حاچة حصلت؟
تنهد بتعب وتمتم بثبوت
_ لأ مفيش.
قطبت جبينها بحيرة
_ مفيش كيف وأنت حالتك بالشكل ده.
زم فمه باستياء وغمغم بضيق
_ البلد كلاتها مورهاش غير موضوع جواد بيه ومرته وطبعاً ولاد عمه ما صدجوا ووجع تحت ايديهم.
اومأت حياة بحزن عميق
_ عندك حج، بس هي صعبانه عليا جوي متستاهلش كل ده، دي حتى ملحجتش تفرح زي اي عروسة.
_ المشكلة إنها جضية واعرة جوي ممكن متفلتش منيها.
_ بس دي دفاع عن النفس زي ما بيجولوا، واحد داخل يجتل ابوها عايزها تعمل ايه؟!
هز رأسه بتأثر وقال بحيرة
_ مش عارف ليه الدنيا معاندة معاه كل ما يفرح تكسر فرحته من تاني.
_ بس ربنا مش هيسيبه وأكيد هينصره عليهم، اني كنت شاكه من لول أنهم هما اللي بلغوا عنها، محدش له مصلحة في سجنها غيرهم.
أومأ لها مؤكداً
_ حجيجة محدش له مصلحة غيرهم.
ربتت على يده وقالت
_ طيب يلا جوم عشان تاكل لجمة انت ماشي من غير فطار
هم بالاعتراض لكنها منعته بجدية
_ مينفعش اللي انت بتعمله ده جواد بيه سلمك مكانه ولازمن تكون جوي عشان كل حاچة تمشي زي ما هو رايد.
وافقها وهدان بإيماءه من رأسه فنهضت هي بابتسامة
_ طيب غير هدومك واني هروح احضر الغدا.
________________
في المشفى
انتهى مراد من فحص الرجل وقد تأكد شكه الآن
ذلك الرجل نائم بفعل المخدر الذي يوضع داخل المحلول المعلق له
أعاد الفحص مرة أخرى وهو يوخزة بالإبرة فيجد جسده يتفاعل معها
نظر مرة أخرى لبؤبؤ عينيه كل شيء يدل على أنه مخدر وليس غيبوبة.
انتهى أخيرًا وهم بالخروج لكنه تفاجئ بالطبيب المتابع له يدلف الغرفة
_ ايه ده؟ مين اللي دخل ده هنا؟
ربت مراد على كتفه وهو يقول بفتور
_ متقلقش ولا كأني عرفت حاجة.
خرج من الغرفة وعاد لدورة المياه كي يبدل ملابسه وخرج مسرعًا كي يخبر جواد
لكن ضربة حادة سقطت على رأسه جعلته يفقد الوعي…….
رواية الـتـل
رانيا الخولي
الفصل السادس والعشرين
…………………….
محاولات كثيرة باءت بالفشل حتى كاد جواد أن يجن بسبب أختفاءه
عاد محاولاته للاتصال به لكن لا فائدة
مازال قيد الإغلاق
ظل يزرع الغرفة ذهاباً وإياباً والقلق لا يرحمه
دلف عامر الغرفة ليجده بتلك الحالة
تقدم منه يسأله بتوجس
_ خير يا ولدي؟
زم جواد فمه باستياء وغمغم بضيق
_ مراد راح المستشفى يشوف حالة الراچل ده ولسة مرچعش، وجافل تليفونه كمان
_ عادي يا جواد ممكن يكون فصل شحن ولا في مكان شبكته ضعيفة.
هز رأسه بنفي
_ لاه أني جلبي حاسس إن في حاچة، أني هروح المستشفى أسأل عليه
منعه عامر
_ هتروح فين بس، وهتطولهم ايه، اصبر لحد آخر النهار إن مرچعش يبجى نشوف في ايه.
وافق جواد على مضد وجلس على المقعد والقلق مازال مسيطرًا عليه
جلس عامر قبالته وتحدث بتردد
_ جواد ممكن نتحدت شوية بالعجل، أني خابر إن مش وجته بس هي فعلاً حالتها صعب جوي ورايده تبجى معاك في الظروف دي.
اشاح بوجهه بعيدًا عنه لكن عامر تابع
_ شوف يا جواد انا هحكيلك اللي حصل وانت احكم براحتك، اقعد الأول خلينا نتكلم براحتنا.
عاند جواد رغم رغبت قلبه الشديدة في معرفة أي نقطة تلين بها عقله
_ اجعد يا ولدي اني مش هخبي حاچة بعد النهاردة، ولازمن تعرف اللي حصل بالظبط
جلس جواد عندما ضغط عليه بالإستماع
_ طبعاً زي ما انت خابر أني الوحيد اللي خرچت عن طوع جدك واتزوچت برة ولاد عمي
شوفتها بالصدفة وهي چاية مع اخوها في زيارة للصعيد، حبتها من اول ما عيني شفتها واتعلجت بيها جوي
كانوا نازلين ضيوف عند الحاچ سلام وبدأت أجرب منها واشغلها لحد هي كمان حبتني
طلبتها للزواچ وهي وافقت
وأخوها بعد ما سأل عنينا ولقى اخته موافجة هو كمان وافج
وجدك كالعادة رفض ولما عرف إني طلبتها من أخوها جدام الحاج سلام مكنش ينفع يجول لأ عشان هبته جدام الراچل
بس كأنه عامل حساب كل حاچة ويكرها لحد ما هي اللي تسيبني وتمشي
وطبعاً كريمة ما صدجت ولجيت الفرصة
كانت بتنتجم منها وتأذيها لدرچة أنها جصتلها شعرها وهي نايمة
وجتها جلبت البيت على اللي فيه وهددت جدك لو اللي حصل ده اتكرر تاني انا هسيب البيت وأمشي.
وفي مرة كانت حامل في ياسمين أختك أم نعمة لجيتها بتحطلها برشام في اللبن عشان تسجطها بس ام نعمة شافتها ودلقت اللبن وعملت غيره
خافت على أمك وطلبت منها ما تخدش حاچة من حد غير من يدها هي ولما أصرت عليها تعرف السبب حكتلها وسكتت وجتها عن متعملش مشكلة
كانت بتتحمل عشاني اللي مفيش واحدة تجدر تتحمله ولما جدك يأس أنه يبعدها عني هددها بيكم وأنه هيتهمها بأنه شاف حد من العمال معها ولما رفضت او متخيلتش أنه ممكن يعمل كدة فعلاً نفذ وجدملكم في مدرسة داخليه برة مصر وچابلها الرچالة اللي هيشهدوا انها بتخوني غير طبعاً ما لفج لخالك تهمة وكان هيسجنه
وجتها خافت عليكم واضطرت انها تنسحب عشان متتبهدلوش في المدارس الداخلية لأنها عاشت فيها وعارفة هي صعبة جد ايه.
ولما عرفت الحجيجة سيبتها لأن خفت ارجعها جدك يأذيها ولا يعمل فيها حاچة
بس رچعت بعد عشر سنين على أمل أنكم كبرتو ومش هتخاف عليكم من تهديده
بس وجتها عرفت برچعتها ومنعتها
وضغطت عليها إننا نرچع لبعض وقولتلها إن دي الطريجة اللي هتخليكي تشوفي ولادك.
بس صراحة كنت أناني جوي وخبتها عن الدنيا كلها وآچي اهنه اسرج لحظات معها وأرجع تاني
سنة ورا سنة ووعد ورا وعد لحد ما حصلت الحادثة، خفت عليها لما تعرف تصر على انها تجف چنبك وجدك يعرف برجوعها
حتى طلاج ياسمين مكنتش تعرفه.
هي دي كل الحكاية.
نهض من مقعده وتحدث بجدية
_ أني خبرتك بكل حاچة واللي انت شايفه اعمله.
خرج من الغرفة تاركًا جواد في حيرته
ما بين قلبه الذي يطالبه الذهاب إليها وتعويضها عن كل ما مرت به
وعن عقله الذي يجبره على الرفض.
صعد عامر إلى شقته الأخرى فيجد كندا جالسة على المقعد بصمت مطبق
رأف بحالها وتقدم منها ليقول بجدية
_ أني راچع البلد دلوجت يوم واحد وهرچع تاني.
تحدثت كندا بهدوء عكس ما يعتمل بداخلها من نيران
_ مو بتفرق معي ترچع ولا لأ، خلص كل اشي بالنسبة إلي.
لم يجادلها بل تركها ودلف غرفته يبدل ملابسه وخرج من باب شقتهم وليس من الشقة الأخرى
فقد ظل طوال تلك السنوات يدلف ويخرج من باب شقته الأخرى كي لا يشك احد بشيء
فهو يعلم جيدًا بأن والده شك بالأمر وكان يراقب دخوله وخروجه حتى يعود للبلدة
وكأنه بتلك الطريقة يؤكد لها بأنه لم يعد يبالي بشيء.
________________
لأول مرة تشعر نور بذلك الفراغ وكأن شيئاً هامًا ينقصها
نظرت إلى هاتفها على أمل وصول رسالة منه تطمئنها وتعود إليها الحياة مرة أخرى لكن لا شيء
حاولت أكثر من مرة الاتصال به لكنها تتراجع
لا تملك الجرئة لفعلها
بماذا تخبره لقد هاتفها ليلًا وأخبرها بأنه سيعود اليوم مساءً فلما إذًا ذلك القلق.
دلفت الطبيبة التابعة لحالتها
_ عاملة ايه يا نور دلوقت؟
حاولت نور الابتسام كي لا يلاحظ أحد شئ وتمتمت بثبات
_ الحمد لله أحسن.
عاينتها بدقة ثم قالت
_ لاا احنا بقينا أحسن بكتير.
حاولت التجاوب مع الطبيبة كي تشغل تفكيرها قليلاً
_ بفضلك انتي بعد ربنا.
نفت الطبيبة بصدق
_ بس الفضل بعد ربنا يرجع للدكتور مراد يومين بحالهم مكنش بيسيبك لحظة واحدة وكان هيموت من القلق عليكي ربنا يخليكم لبعض.
اغمضت نور عينيها وهي تحمد ربها على خروج سلمى في ذلك الوقت
_ كدة تقدري تخرجي النهاردة بس تفضلي منتظمة على العلاج والراحة لحد ما نطمن أكتر.
خرجت الطبيبة وقد لامس حديثها عنه قلبها.
قلبها الذي لاحظت دقاته المستكانة لأول مرة منذ أن وعت على تلك الدنيا الظالمة
فقد وجدت به ما كان ينقصها حقًا حتى طغيانه الذي كان يمارسه عليها
انقضى النهار بصعوبة وكأن عقارب الساعة توقفت عن المهام بدورها
ما عادت تستطيع الانتظار اكثر من ذلك
امسكت هاتفها وقامت بمهاتفته لكنها صدمت عندما وجدته قيد الإغلاق.
ازداد شعورها بالقلق إزاءه وبدأت الأفكار السيئة تنتابها
فلم تستطع منع نفسها من سؤال سلمى عنه
_ سلمى هو دكتور مراد كلمك النهاردة؟
اغلقت سلمى الهاتف وقالت بقلق
_ لأ مكلمنيش غير مرة الصبح وقالي أنه هيرجع آخر النهار ومن وقتها وفونه مقفول
تمكن منها القلق فلم تعد تستطيع اخفاءه
فقالت بوجل
_ طيب اسألي مؤيد يمكن كلمه
_ مؤيد لسة قافل معايا من شوية وسألني هييجي أمتى.
ضغطت على شفتيها كي تمنع تلك الارتجافة وقلبها يؤكد بأنه قد أصابه مكروه
_________________
فتح مراد عينيه وهو يشعر بألم شديد يجتاح رأسه
هم بالتحرك لكنه وجد نفسه مقيد في أحد المقاعد
حاول افلات يديه من ذلك القيد لكنه لم يستطيع
تطلع إلى المكان كي يعرف أين هو لكن لم يستطيع التبين جيدًا بسبب الإضاءة الخافتة
انفتح الباب ودلف رجل وهو يتحدث في هاتفه
_ ايوة يا باشا فاق خلاص.
_……….
_ تمام اللي تشوفه جنابك.
أغلق الهاتف ووضعه على طاولة متهالكة بجواره ثم تقدم من مراد وتحدث بحدة
_ انا هفكك دلوقت بس أي غدر منك الرجاله اللي برة دي هتخلص عليك فاهم؟
رمقه مراد بنظرة ساخطة متوعدة وسأله بحدة وهو يفك قيدة
_ مين اللي بعتك؟
لم يجيبه الرجل والتزم الصمت وهو يحل وثاقه
_ بقولك مين اللي بعتك؟
رد الرجل بخشونة
_ متسألش عشان متتأذيش.
زم فمه بغضب وتحدث بانفعال
_ يظهر اللي بعتك معرفكش انت واقف جصاد مين؟
_ لأ عرفني وعشان كدة مأمن المكان كويس، هما كلهم يومين وهتخرج من هنا بلاش تتعب نفسك وتحاول تهرب
انه الرجل تهديده وخرج من المكان وأغلق الباب خلفه بإحكام
ظل مراد يبحث عن اي مخرج لكن لم يجد شيء حتى النافذة لا تسمح بعبوره منها.
انتبه لهاتفه الذي تركه الرجل على الطاولة لكنه مقيد ولن يستطيع الوصول إليه
عليه أن يصل إليه بأي شكل ويقوم بفتحه وحينها سيستطيع جواد الوصول إليه
حاول النهوض لكن لا فائدة فقد قيد الرجل قيده في المقعد
_______________
لم يستطيع جواد الانتظار اكثر من ذلك فلم يجد امامه سوى الاتصال بمؤيد والذي لم يعلم شيئاً عنه منذ أن هاتفه تلك الليلة
_ طيب انتو ليكم جرايب في مصر ممكن يروح عندهم.
انقبض قلب مؤيد على اخيه الوحيد وسأله بتوجس
_ ما تطمني يا جواد ايه اللي حصل وخبرني الحجيجة.
زم جواد فمه باستياء ولم يعرف بماذا يخبره
_ مفيش بس هو من وجت ما خرج الصبح ومرچعش لحد دلوجت وعشان إكدة بسألك يكون راح عند حد من جرايبكم.
فكر مؤيد قليلًا ثم تحدث بقلق
_ مظنش انه ممكن يروح عند حد من قرايبنا لأنه بالعادة بينزل في فندق، وبعدين هو جالي امبارح أنه هياچي اللية يمكن يكون في الطريج وفونه فصل شحن.
كان يطمئن نفسه قبل أن يطمئن جواد والذي بدوره يبحث عن أي ثغرة تطمئنه
_ طيب اني هستنى منك مكالمة تطمني لو رچع.
أغلق الهاتف ومازال القلق مسيطرًا عليه، ماذا يفعل؟
هل ينتظر اتصال مؤيد أم يذهب هو بنفسه يبحث عنه مرة أخرى
فقد ذهب للمشفى ولم يجده.
أما نور فقد ظلت تنتظره وقلبها يخفق بشدة والقلق يزداد ويزداد كلما مر الوقت ولم يعود
الكل يحاول الاتصال به لكنه مازال قيد الأغلاق.
طلب منها مؤيد العودة معه لكنها أبت بشدة وأصرت على البقاء حتى تطمئن عليه
_______________
عاد عامر إلى القصر وتوجه مباشرة إلى مكتب والده بل قلعته كما يطلق عليها
فتح الباب واندفع عامر ليجد والده جالسًا بشموخ كعادته خلف مكتبه
تقدم منه وهو يسأله
_ هو سؤال واحد مفيش غيره، انت اللي بلغت عن مرات جواد؟
عاد حسان بظهره للوراء ورد بمراوغة
_ مش بالظبط.
ضيق عامر عينيه متسائلًا
_ يعني ايه؟ ليك يد ولا لأ.
نهض حسان وتقدم من ابنه وهو ينظر إليه بكل جبروت وتابع بقوة
_ اللي يخرچ عن طوعي يتحمل آذايا، أني خيرته عايز تخرچ مرتك الصبح هتكون في بيتك مقابل إنك ترچع الجصر بس هو عاند يبجى يتحمل.
قطب عامر جبينه بدهشة من جبروت ذلك الرجل وكأن الدنيا تسير نهج مخططاته هو وحده ولا يبالي بمشاعر أحد
_ انت ايه؟ وايه اللي رايد توصله بالظبط
الأول بدأت بياسمين أختي الله يرحمها وموتها بحصرتها على چوزها بعد ما جتلته جدام عينيها وشردت ابنها ومحدش خابر حاچة عنيه، وبعدها وجيه لما حكمت عليه يتزوچ كريمة ويسيب اللي جالبه أختارها وعاش حياته معها في جحيم لحد ما مات.
عالى صوته هادرًا
_ وبعدها أني لما بعدت الأنسانة الوحيدة اللي حبيتها واتخلت عن كل حاچة عشاني وأجبرتها تتخلى عني وعن ولادها ووصلت بيك الحقارة إنك تهددها بالفضيحة عشان تبعدها عني
وبعدها كملت بولادي
دمرت ابني ولسة بتدمر فيه عشان ترچعه تحت سيطرتك ونسيت إن چواد بجى واحد تاني غير اللي ربيته
عمره ما هيرضخ ليك مهما عملت.
وصلت بيك حتى إنك تبعت خالد يهدد بنتي ويجبرها أنها ترجعه
رفع سبابته في وجهه وتابع بغضب
_ بس يكون في معلومك من بعد النهاردة مليكش صالح بيا انا وولادي
وعايز تعرف حاچة كمان؛ أني رچعت كندا.
اتسعت عين حسان بصدمة كبيرة وتابع عامر بتشفي
_ ومن خمس سنين كمان، واصدمك أكتر وأجولك أنها چات الجصر وشافت فرح ولادها كمان
وضع حسان يده على صدره وهو يشعر بألم شديد يجتاح قلبه فاستند بيده على حافة المكتب وتابع عامر بسخرية
_ عرفت بجا إنك كبرت ومبجتش تعرفي تمشي عيلتك على كيفك؟
رمقه عامر بأسف
_ ولعلمك بعد ما تموت مش هتلاجي حد منهم يترحم عليك لأن كلهم بيكرهوك.
اني ماشي من الجصر والبلد بحالها وهاخد بنتي معاي ومش هرچع البلد دي واصل اشبع بجا بالجصر واللي فيه.
خرج عامر من المكتب ولم ينتبه للذي سقط على الأرض وهو يضع يده على قلبه بألم شديد
_______________
لم يستطيع آدم الذهاب إلى القاهرة عندما علم بما كدث لزوجة جواد ونار الانتقام بداخله عادت تنبض من جديد
عليه أن يواجه ذلك الرجل ويكون انتقامه واضحًا دون تخفي
ذهب إلى القصر ودخله باندفاع ولم يبالي بنظرات العاملين الذين يرمقونه بحيرة
دلف إلى المكتب دون أن يطرقه فيجد حسان ساقطًا على الأرضية الصلبة كصلابة قلبه واضعًا يده على قلبه
لم يرق قلبه له بل تقدم منه ينظر إليه من علياءه وهو قابعًا تحت قدميه
فتطلع إليه حسان باستنجاد لكن آدم لم يبالي به وتطلع إليه بتشفي قائلاً
_ كيف ما اتمنيت بالظبط إني اشوفك مرمي تحت رچليا كيف ما رميت أبويا تحت رچليك غرجان في دمه.
لم يفهم حسان شيء وتابع وهو يميل عليه
_ خابر مين اللي واجف جدامك دلوجت؟
غمغم بغضب
_ أني ابن حسن الصوان فاكره زين ولا تحب افكرك.
ازداد تعرقه وأنفاسه التي أصبحت ثقيلة حتى أنه يواجه صعوبة في التنفس وتابع آدم تعذيبه
_ ورايد تعرف حاچة كمان؟
أني بعيد اللي أبويا عمله مع ياسمين حفيدتك وجريب جوي هتكون من نصيبي، بس بعد ما أخلص عليك وأرحم الناس من شرك.
أخرج آدم السلاح من جيبه ووضع به كاتم الصوت وهم بتصويبه لكن صوت أحدهم بالخارج جعله يتراجع ويضطر للوقوف خلف باب الشرفة
دلف خالد فيتفاجئ به ساقطًا على الأرضية
تقدم منه كي يتأكد مما يراه
فها هو حسان الخليلي ساقطًا على الأرض لا حول له ولا قوة
ضاع الجباروت وضاعت الهيبة وهو مستلقي يصارع لألتقاط أنفاسه
تطلع إليه بسخرية وهو يقول بفتور
_ معقول حسان الخليلي يقع الوقعة دي؟
زم فمه بحيرة وتابع
_ بصراحة نفسي اسيبك واجفل عليك الباب ده لحد ما تموت بس للأسف جلبي الحنين رافض يعمل إكدة
وخصوصاً إني لسة محتاچك حي
مال عليه ليغمغم بحنق
_ بس ورحمة أبويا لا أخليك تتمنى الموت في كل دجيجة.
لم يستطيع قلب حسان تحمل ذلك الكم من الصدمات وتطلع لخالد بحنق قبل ان يفقد وعيه.
________________
كانت ليلة صعبة على الجميع
واولهم جواد الذي لم يعد يستطيع الانتظار اكثر من ذلك وتوجه في الصباح إلى مركز الشرطة كي يقدم محضر أختفاء، فقد مر اربع وعشرون ساعة ولم يعود
سأله الضابط
_ طيب مقالكش هو رايح فين بالظبط؟
رد جواد بثبوت
_ كان رايح المستشفى بصفته دكتور عشان يشوف حالة امين الشرطة ده ومرچعش من وجتها وحتى أهله ميعرفوش عنه حاچة، أني چاي بس لجل ما يكون كل حاچة رسمية يمكن تفيدنا في القضية.
اومأ الضابط بتفاهم
_ طيب خلينا نروح المستشفى دلوقت وإن ملقناش دليل هنتخذ إجراءات تانية
في المشفى
توجهت الشرطة إلى المشفى وطلبت بتفريغ الكاميرات وقلب جواد ينتفض بخوف على صديقه
أخبرهم بميعاد خروجه وبدأوا التفريغ من ذلك الوقت ليروا دخوله بالفعل مما جعل قلب جواد يطرقه الأمل فقال بقلب لهيف
_ هو ده.
ظل الضابط يتابع التفريغ لكنهم لم يشاهدوا خروجه فقال الضابط للعامل
_ فرغلي كاميرات البوابة الخلفية.
وكذلك الأمر لم يروا خروجه مما اكد شك جواد
قال مدير المشفى الذي شاهد ما يحدث
_ لو عايزين تفتشوا المستشفى اتفضلوا.
قامت الشرطة بتفتيش المشفى فلم يجدوا سوى حقيبته التي تركها في المرحاض مما اكد شكهم في الأمر
شدد الضابط الحراسة على حسين ومنع دخول أي أحد إليه حتى الأطباء ماعدا مدير المشفى.
______________
في الصباح فتح رجل آخر الباب وهو يحمل طعام الافطار
وضعه على الطاولة المتهالكة وقال بغلظة وهو يخرج سلاحه من بنطاله
_ انا هفكك دلوقت أي حركة غدر هخلص عليك
لم يرد عليه مراد وتركه يحل وثاقه ثم باغته بضربة في جوفه بركبته جعلت الرجل ينحني متألمًا ثم لوى ذراعه خلف ظهره والذراع الآخر وضعه حول عنقه وغمغم بهدوء قبل أن يفقده وعيه
_ مش مراد العمري اللي يتثبت كيف الخروف.
تركه يسقط أرضًا ثم أخذ هاتفه وقام مسرعًا بفتحه والاتصال على جواد
لم يصدق جواد عينيه عندما رآى اسم مراد على هاتفه وهو يقود سيارته متجهًا إلى قسم الشرطة فأجاب مسرعًا دون تردد
_ مراد؟
رد مراد بحنق
_ أيوة زفت انت فين وسايبني مع المجرمين دول؟
أوقف جواد السيارة جانبًا ورد بروية
_ مخلتش مكان مدورتش فيه المهم انت فين؟
فتح مراد الباب قليلًا كي ينظر للخارج لكنه وجد كثير من الرجال بالخارج.
_ مش عارف بس هبعتلك اللوكيشن ووصله بسرعة للشرطة قبل ما حد منهم ياخد باله، وانت اطلع على المستشفى لأن الراجل ده طلع متخدر مش في غيبوبة.
قطب جواد جبينه بدهشة وسأله
_ كيف ده ومين اللي يعمل حاچة زي دي؟
_ مش وقته الراجل ده ممكن حياته تكون في خطر ابعتلي الشرطة وانت اطلع على المستشفى
أنهى مراد المكالمة وبعث له الموقع ثم وضعه في جيبه ورفع الرجل ليجلسه على المقعد مكانه وقام بتقييده.
أتصل جواد على الضابط ليخبره بكل شيء ولم يتأخر الضابط وأسرع بالاتصال إلى الشرطة القريبة من الموقع والتي داهمت المكان وقاموا بالقبض عليهم وإخراج مراد
أما جواد فأسرع إلى المشفى والغضب يتآكله وأقسم أن ينتقم ممن كان سبباً في كل ما يحدث
وصل إلى المشفى وتوجه إلى غرفة الرجل
هم الحارس بمنعه لكن الغضب تحكم به ودفع الرجل بعيدًا ودلف الغرفة
ارتبكت الممرضة التي تفاجئت بدخوله وسقطت الإبرة من يدها مما أكد لجواد ما اخبره به
فقالت الممرضة بارتباك
_ انت بتعمل ….
قاطعها جواد وهو يدنو منها يمسكها من عنقها والصق ظهرها بالحائط وهو يغمغم من بين أسنانه
_ مين اللي جالك تعملي إكدة؟
ازدردت لعابها بوجل وتمتمت برهبة
_ ا..انا.. معملتش حاجة..
قاطعها جواد بهدر ارعبها وشدد من قبضته حول عنقها
_ بجولك مين اللي جالك تحطي المخدر له؟
ارتعبت الممرضة أكثر وردت بخوف
_ والله ما اعرفه وهو جاني وطلب مني إني احطله مخدر وسابلي مبلغ كبير وكنت محتجاه، بس والله ما اعرفه
جذبها من عنقها وقربها من الفراش وهو يقول بأمر
_ فوجيه.
ارتبكت الممرضة اكثر وتمتمت بخوف
_ أرجوك بلاش، ده هددني.
هدر بها جواد وهو يرفع سلاحه في وجهها
_ جولتلك فوجيه يا إما أني اللي هخلص عليكي.
أومأت له بذعر عندما رأت السلاح مصوب إليها ودنت من الرجل وقامت برفع الأجهزة عنه ثم حقنته بمادة جعلته يرمش بعينيه وجواد ينظر إليه بغضب لو خرج منه لصرع الرجل قتيلًا في حينها.
_______________
في المزرعة
دلف عامر لينادي ابنته
_ ياسمين.
خرجت ام نعمة من المطبخ وهي تسأله بقلق
_ خير يا عامر بيه؟
رد عامر بحدة
_ اطلعي لياسمين وخليها تلم هدومها عشان هتاچي معاي.
لم تستطيع السيدة ان تستفهم منه وهو في تلك الحالة وصعدت لياسمين التي اندهشت بدورها
_ معجول هياخدني للجصر؟
هزت راسها بحيرة
_ معرفش يا بنتي بس هو متعصب جوي مردتش أسأله انزلي واسأليه بنفسك
وبالفعل نزلت ياسمين لتجده جالسًا على المقعد بوجه متهجم
تقدمت منه تسأله بقلق
_ مالك يابا في حاچة؟
حاول عامر أن يكون هادئًا عندما لاحظ الخوف بعينيها وتمتم بثبات
_ مفيش بس كل الحكاية إني سيبت الجصر وهنعيش في القاهرة
ازداد اندهاشها أكثر وهمت بسؤاله عن السبب لكنه قاطعها
_ جولتلك يلا بسرعة عشان ميعاد الجطر.
أومأت له ياسمين وعادت لغرفتها كي تحمل أغراضها وأغراض يزن الذي كان نائمًا بعد فترة طويلة من البكاء على توليب.
ترجلت الدرج وهي تحمل يزن ونعمة تحمل حقائبها ثم استقلت السيارة معه وانطلقوا إلى محطة القطار.
_________________
لم توافق نور على العودة إلى المنزل من دونه وأصرت على البقاء حتي يأتي وتعود معه
الخوف سيطر على الجميع ولم يعود مراد حتى الآن
رفضت نور تناول طعامها رغم محاولة الجميع معها وأصبح شعور الفقد مسيطرًا عليها
ماذا لو فقدته هو أيضًا
ماذا سيكون مصيرها إذا رحل عنها بدوره
دلفت المرحاض وظلت تبكي بهستيرية والخوف يفعم قلبها
لن تستطيع تحمل خسارة أخرى
لن يتحمل قلبها كل تلك الآلام وكأن الفقد أصبح قدرًا محتمًا في حياتها
أسندت ظهرها على الحائط وتضع يدها على فمها تحكم شهقاتها لكن لم تستطيع تلك اليد الواهنة كتمها.
بيد مرتعشة امسكت هاتفها الذي اخذته معها وأخذت تضغط بأناملها المرتجفة على أحرف هاتفها فتجمع كلمات خطت بدموعها المتألمة بغيابه تلك الرسالة وبعثتها له
_______________
تطلع جواد إلى الرجل الذي فتح عينيه أخيرًا وتحدث بوهن
_ انا فين؟
تقدم منه جواد ليميل عليه وتحدث بلهجة بثت الرعب في قلب الرجل
_ انت في جحيم جواد الخليلي، فوج إكدة لأني رايدك حي.
ازدرد الرجل جفاف حلقه وهو يرى نظرات جواد المرعبة وعاد يتظاهر بالتعب
بعث النقيب حسام لأحد الأطباء كي يعاين حالته والذي أكد بأنه بصحة جيدة ويسمح باستجوابه.
داهمة الشرطة مكان مراد في خلال دقائق وتم أخراجه بعد القبض على الموجودين وتم ترحيل الرجل للنيابة كي يتم استجوابه
________________
وصل عامر وياسمين إلى المنزل ودلف وهو يتخيل رد فعل ابنته عندما تعلم بوجود كندا كل تلك الفترة
أغلق الباب خلفه وتطلع إلى حفيده الذي بدأ عليهم التعب من طول الطريق وقال بهدوء
_ ادخلي نيميه في الاوضة دي وتعالي عشان رايدك في موضوع مهم.
أومأت له بصمت ثم دلفت الغرفة ثم قام بالاتصال على زوجته
لم تجيب من المرة الأولى وبعد محاولات كثيرة ردت بفتور
_ شو بدك يا عامر.
_ انزلي عشان تشوفي ياسمين وادخلي من باب الشجة مش من الباب التاني معدش عندي حاچة أخبيها.
اغلق الهاتف وتطلع إلى ياسمين التي خرجت من الغرفة وتقدمت منه تسأله
_ خير؟
أشار لها بالجلوس
_ اجعدي لول واسمعيني.
قطبت جبينها بحيرة وجلست بجواره تنتظر حديثه
_ الكلام اللي هجوله ده ياريت تسمعه زين وتجدري موجفنا أني وأمك، واظن انتي خابرة جدك زين وخابرة ايه اللي ممكن يعمله لو حد عصى اوامره، وعشان إكدة اضطرينا إننا نخلي عليكم.
لم تفهم ياسمين شيء مما يقول وبدأ هو في قص كل شيء منذ ذهابها حتى تلك اللحظة وياسمين تسمعه بذهول
هل كانت والدتها بذلك القرب منها ولم تدري؟
هل حضرت فرحها وصافحتها ولم تعرفها؟
خمس سنوات عاشت تحلم بها وهي بجوارها لا تفصلها عنها سوى ساعات قليلة؟
التفتت للباب حينما انفتح ودلفت منه كندا التي نظرت إليها باشتياق وتتساءل هل سينصفها القدر تلك المرة؟
أم ستكون ردت فعلها مثل جواد.
رواية الـتـل
رانيا الخولي
الفصل السابع والعشرون
……………….
هكذا زفت البشرى إليها
وخرجت توليب وهي لا تصدق أن برائتها ظهرت أخيرًا
نظرت بكل الحب الذي تحمله بداخلها إلى جواد الذي فتح لها باب السيارة وقال بحب
_ اركبي.
لم تسأله إلى أين فقد سلمت له أمرها وليفعل كما يشاء.
صعدت للسيارة وهي تنظر إليه نظرة يملؤها الرضا
وأخذ هو مقعده وتولى القيادة بعد أن تحدث إليها بحنو
_ لو تعبانة نامي شوية لأن المشوار جدامنه طويل بعدها هتبقى سهرة للصبح.
لم تسأله بل تركت له زمام حياتها يديرها كيفما يشاء وتمتمت بنعاس وهي تتثائب
_ انا فعلًا مجهده اوي وعايزة أنام.
أغلق نوافذ السيارة وفرد المقعد الذي تجلس عليه كي يجعلها تستريح وتحدث بروية
_ نامي براحتك وارفعي النقاب العربية متفيمة
ابتسمت وهي تنظر إليه بهيام وتمتمت بخفوت
_ ارفعها شوية لإني عايزة اتملى منك شوية قبل ما أنام.
أومأ لها وقام برفع المقعد قليلًا كي تستطيع النظر إليه بأريحية وظلت على ذلك الحال حتى غلبها النعاس ونامت.
_________________
في غرفة مراد
كان مستلقيًا في فراشه عندما بعث إليه جواد يخبره بما تم وأنه سيغلق هاتفه فترة كي لا يقلق عليه
أغلق مراد الهاتف بحبور وتطلع إلى سلمى التي خرجت من المرحاض وقال
_ مرات جواد خرجت النهاردة.
_ بجد؟ طيب خليني اكلمها
وضع هاتفه على المنضدة ونهض قائلاً
_ بلاش دلوقت لما يرجعوا ابجى روحو باركو ليها
تركها ودلف المرحاض فتبحث سلمى عن هاتفها فلم تجده
أخذت هاتف مراد كي ترن عليه فتتفاجئ بتلك الخلفية التي وضعها على هاتفه ولم تكن سوى صورة آسر الصغير
مما جعلها تشعر بالقهر على حالها
هي تعلم جيدًا مدى اشتياقه لطفلٍ له وربما ذلك يعد سببًا آخر لزواجه من نور.
تركت الهاتف من يدها عندما انفتح باب المرحاض وابتسمت مرغمة كي لا يشعر بشيء وسألته
_ هتروح المستشفى النهاردة
وقف امام المرآة يمشط خصلاته ورد باقتضاب
_ لأ.
اومأت له وخرجت من الغرفة بعد ان ابدلت ملابسها
أما هو فقام بالاتصال على المشفى كي يطمئن على طفله ثم خرج من الغرفة..
تطلع إلى غرفة نور وتساءل هل مازالت نائمة أم باتت بنوم متقطع كما حدث معه
طرق على غرفتها بخفوت كي لا يزعجها إذا كانت نائمة
انتظر لحظة واحدة وهم بالذهاب لكنه توقف عندما انفتح الباب وخرجت له وهي تحكم حجابها حول وجهها الذي زاده الحجاب جمالاً وجاذبية فتمتم بابتسامة
_ صباح الخير.
بادلته الابتسام بأخرى يغلفها الخجل
_ صباح النور.
لم يجد مراد كلمات يبرر بها رغبته برؤيتها وتمتم بثبات
_ انا قلت تنزلي تفطري معانا بدل ما تفطري لوحدك.
اومأت له بصمت فأومأ بدوره ونزل للأسفل وهو يشعر بقلبه يرفرف بسعادة لم يختبرها من قبل.
دف غرفة الطعام فيجد سلمى وسهر توضب الطاولة ووالدته جالسة على مقعدها
القى عليهم السلام ثم تقدم من والدته ليقبل يدها
_ كيفك يا ست الكل؟
ردت آمال بابتسامة
_ بخير طول ما انت بخير ياولدي.
جلس على مقعده وقال مؤيد لزوجته
_ ياريت يا سهر تبعتي لنور تفطر معانا بلاش تفطر لوحدها.
قاطعه مراد بثبات
_ خليها، هي نازلة دلوقت.
تطلعت سهر لسلمى التي تظاهرت بعدم الاهتمام رغم نيران الغيرة التي بدأت تزداد بداخلها.
دلفت نور والتي لم تسترد عافيتها بعد لكنها لم تريد رفض الرجاء الذي رأته بعينيه.
_ صباح الخير.
رد الجميع صباحها وساعدتها سهر لتجلس على المقعد المقابل لمراد وجلست سلمى بجواره
ابتسمت آمال بترحيب وربتت على يدها قائلة
_ حمدلله على سلامتك يا بنتي.
ردت نور بحب
_ الله يسلمك ياطنط.
قامت آمال بوضع بعض الأطعمة في طبقها لكن مراد منعها
_ أمي بلاش الاكلات دي الله يرضى عليكي احنا ما صدجنا.
تطلع إلى نور وقال بحزم
_ التزمي بالتعليمات اللي جولتلك عليها لحد ما تستردي صحتك زين.
اومأت له بصمت شرعت في تناول الطعام الذي سمح لها به وسلمى تضغط على شفتيها كي تهدئ من نيرانها.
_________________
فتحت توليب عينيها لتجد أن السيارة توقفت وعيني جواد ترمقها بولع
ابتسمت وهي تنظر إلى عينيه بشغف وسألته بصوتها الناعس
_ وصلنا؟
أومأ لها وهو مازال يتأمل ملامحها
_ من نص ساعة.
اتسعت ابتسامتها وسألته
_ وليه مصحتنيش؟
مد يده ليملس على وجنتها بولع
_ كنت بملي عينيه منيكي، كنتي وحشاني جوي.
شعرت بالسعادة لكلماته وتابع بهمس
_ كنت بتمنى أجوم من النوم ألقي وشك اللي كيف الجمر ده جدامي ومصدجت لجيت الفرصة
تحولت نبرته لمكر
_ ينفع أضيعها؟
هزت راسها بدلال
_ تؤ مينفعش
أخذ هاتفه ليضعه في جيب سترته وهو يقول بخبث
_ بما إنك وافجتي يبجى اتحملي
ترجل من السيارة وتوجه ناحيتها ليفتح لها الباب ويساعدها على الخروج فتجد نفسها أمام فندق كبير في مدينة شرم
انبهرت حقاً بالمكان ونظرت إليه بتساؤل
_ احنا جايين هنا ليه؟
أجاب بتروي وهو ينظر لعينيها بعشق
_ انتي ناسية وعدي ليكي؟
ضيقت عينيها متسائلة بمزاح
_ اي وعد فيهم انت وعدتني بكتير الصراحة.
_ احنا فينا من اللوع، بس ماشي يا ستي خلينا ننفذ اول وعد فيهم هتعرفيه دلوجت أما التاني هو شهر عسل بس هنختصره شوية نخليهم اسبوعين.
لم تجد الكلمات التي تصف بها مدى ولعها به فتمتمت بصدق
_ حتى لو يومين هيكونوا بالنسبة لي عمر بحاله.
راقته برقتها وكلماتها التي اخترقت قلبه منذ أول كلمة نطقت بها فأراد أن يتذوق تلك الشفاة التي تخرج تلك الكلمات المحبه لكنه زم فمه باستياء وتمتم
_ انا بجول نخلي الكلام ده فوج احسن لأني مش جادر استنى أكتر من إكدة.
أخذ يدها ودلف للداخل
توجه إلى موظفة الاستقبال
وقال برتابة
_ مفتاح الجناح لو سمحتي.
نظرت الموظفه إلى توليب بابتسامة واعطت جواد المفتاح وهي تقول
_ ألف مبروك يا آنسة توليب.
رغم دهشة توليب إلا إنها ردت بتهذيب
_ متشكرة.
أخذ جواد المفتاح وأمسك يد توليب وسار بها ناحية المصعد وسألته توليب بحيرة
_ هي بتقول مبروك على أيه؟
رد جواد بغرور
_ على إنك متجوزة واحد زيي أكيد بتحسدك وهتموت وتكون مكانك.
زمت فمها بغيظ وغمغمت بتوعد
_ ماشي لما ندخل اوضتنا.
ازداد مكره وهو يسألها
_ هتعملي أيه؟ اعملي بروڤا دلوقت وعرفيني.
توقف المصعد قبل أن تجيبه وانفتح الباب فتتفاجئ بذلك الكم الهائل من الورود المتناثرة بكل مكان.
نظرت إلى جواد بعدم استيعاب وغمغمت بحيرة
_ ايه الورود دي كلها.
تابع جواد مكره وهو يخرج بها من المصعد
_ مش عارف باين في فرح هنا في الفندق.
لم تصدقه وسألته بمكر مماثل
_ والعروسة بتحب ورد التوليب برضه؟
وقف جواد أمام باب الجناح وهو يجيبها
_ عادي يعني.
فتح الباب وتنحى قليلاً ليسمح لها بالولوج ثم أغلق الباب خلفهم وقد وقفت توليب تنظر إلى المكان الذي أضيئ بشموع معطرة بكافة الألوان
وصوته الدافئ يهمس بجوار أذنها
_ أول وعد إني اعملك فرح محدش حلم بيه قبل كدة.
استدارت لتنظر إليه ومازالت لا تستوعب ما تراه عيناها وسألته
_ فرح؟
أومأ لها بحب فقالت بحيرة
_ بس احنا عملنا فرح فـ…..
قاطعها جواد
_ بس أهل أبوكي ميعرفوش ولا اصحابك وجيرانك لازم كل اللي شك لحظة واحدة في براءتك يتأكد إنك أنقى بنت في الدنيا.
لم تجد الكلمات التي تصف بها مدى تأثرها بحديثه وهمت باحتضانه لكنه منعها بلهجة رجاء
_ لأ أرجوكي أني مانع نفسي بالعافية ادخلي اجهزي واني هدخل الأوضة التانية هغير فيها
تطلع في ساعته وتابع
_ جدامك نص ساعة بالكتير وتكوني چاهزة، كل حاچة هتحتاجيها موچودة جوة.
أومأت له بتفاهم ودلفت الغرفة لتجد فستان أبيض محتشم موضوع على الفراش وحجاب مع نقاب
اغمضت عينيها بسعادة ثم دلفت المرحاض كي تأخذ حمامًا دافئ وتبدل ملابسها.
جلس جواد على الأريكة ينتظر خروجها وهاتفه لم يكف عن الرنين
_ وبعدين بقا.
نهض كي يطرق بابها يستعجلها فيتفاجئ بها تخرج من الغرفة بذلك الثوب الأبيض وتخفي وجهها بالنقاب
لم يظهر منها سوى شموسها ورغم ذلك استطاعت أن تجعل قلبه يسقط صريع دفئهما وكأنها علمت مدى تأثيرها عليه إذ تقدمت منه لتدعس بلا رحمة على قلبه الذي هدر بعنف وكلما تقدم منه كلما اشتدت وتيرته حتى رفع راية الاستسلام أمام سطوها الغازي
وقفت أمامه وعينيها تنظر إلى من ملك القلب بنظرة واحدة
هو حبيبها من غنى القلب باسمه وتهادى الهوى بعشقه
لا حبيب روح سواه
ولا مالك قلب غيره
بيد واهنه مد يده ينزل نقابها فيظهر أمامه وجهها الملائكي بابتسامتها التي أنهت على ما تبقى من ثبات وثارت مشاعره تطالبه بروي ظمأه من شهدها فيلبي تلك الرغبة ويميل على شفتيها يأخذها بقبلة حانية كأنه يخشى عليها من حدة مشاعره فيزداد عطشه لأكثر وأكثر وكلما ارتوي كلما ازدادت رغبته بالمزيد والمزيد.
ابتعد مرغمًا وتطلع بعيونها الساحرة وتمتم بوله
_ مش قادر أبعد بس مضطر عشان الناس اللي مستنيانا تحت وأوعدك إني أعوضك عن كل ثانية بعدتيها عني.
خرجت معه من الجناح ودلفوا المصعد للدور العلوي
وعند خروجها وجدت توفيق ينتظرها وحيدًا
_ بابا.
قابلها توفيق بابتسامته الحانية وفتح ذراعيه لها فتسرع إليه تحتضنه بحب تحت انظار جواد الممتعضة فقد أصبح حقًا شديد الغيرة عليها
_ ألف مبروك يا حبيبتي.
ابتعدت توليب قليلاً وردت بحب
_ الله يبارك فيك يا بابا كنت فاكرة إني هلاقيك مستنيني قدام النيابة
تطلع إلى جواد وقال بغيظ
_ اعمل ايه في جوزك اصر أننا نسبقه على هنا وجايبين الناس معانا من بدري.
المهم يلا بقا عشان اتاخرنا عليهم.
دلفت توليب للقاعة فوجدت الجميع في انتظارها
أهل والدها واصدقاءها وجيرانها وكل من تعرفه
كما وعدها حفل أسطوري رفع به من شأنها أمام الجميع
واختار لها أنشاد اسلامي كي لا يضايقها
كانت سعادتهم لا توصف ولم يعد شبح الخوف يسيطر عليهم
كانت ياسمين تنظر إلى باب القاعة تنتظر قدومه لكنه لم يأتي
كيف ذلك وقد سمعت جواد وهو يطلب منه المجئ وقد وافقه.
ماذا حدث له؟
وكأنها علم بها إذ وجدته يدلف من الباب ببدلة سوداء لاقت به كثيراً فدق قلبها بعنف عندما وجدته يتقدم منها فتزدرد لعابها بصعوبة وشهقت رغما عنها حينما وجدته يمر من أمامها ليصافح والدها.
رمشت بعينيها تحاول الثبات امامه وعدم اظهار مدى شوقها له
أما آدم فقد ظل طوال الوقت ينظر إليها بين الحين والآخر ويعلم أنها مازالت غاضبة منه لكنه لن ييأس وسيظل يطلب العفو حتى تغفر له.
واصل عامر عتابه
_ بس المفروض كنت تاچي وتخبرني بكل شيء مكنش ينفع اللي انت عملته.
تنهد آدم وتمتم بجدية
_ زي ما جولت لجواد جبل إكدة أني مكنتش رايد حج ولا غيره بس كنت رايد أخد حق أبويا اللي حسان جتله جدام عينيه بس اللي معملتش حسابه وجعت فيه وده اللي خلاني اسمع حديت جواد واتراجع.
عقد عامر حاجبيه بحيرة وسأله
_ ايه هو؟
رد آدم بجدية مقتضبة
_ ياسمين.
_____________
لم يعد جواد يستطيع الانتظار اكثر من ذلك وأنهى ذلك الحفل وأخذ عروسه وصعد غرفتهما بعد أن ودع الجميع
فتح جواد الغرفة وهمت توليب بالدخول فتشهق بفزع عندما وجدت قدميها في الهواء وصوت جواد يقول بخبث
_ اول مرة عديناها لكن المرة دي لأ.
دلف بها وأغلق الباب بقدمه وأخذ يلتف بها بسعادة لم يشعر كلاهما بمثلها من قبل
كانت ضحكتها تملئ الغرفة وأخيرًا انزلها لتستقر قدماها على الأرض لكنه لم يتركها بل حاوطها بتملك ورفع نقابها وألقاه بأهمال على المقعد تلاها حجابها ليسترسل شعرها بخصلاته البنيه على ظهرها وكتفها في هالة تخطف الانفاس
ابعد خصلاتها التي حاوطت وجهها ووضعها خلف اذنها وهو يتمتم بهيام
_ انا مش عارف انتي عملتي فيا ايه؟
علقتيني بيكي بجنون من غير ما اعرف حتى ملامحك وفضلت سنتين بتعذب ليل نهار لحد ما ظهرتي في حياتي من تاني
كانت تستمع إليه بحب وقلبها يخفق بوله وتابع حديثه
_زي ما يكون كنت عايش من غير قلب ورجعلي برجوعك من تاني
مال عليها يطبع قبله على عينها
_ كنت راسمهم بقلبي وروحي وخيالي، عمرهم ما فرقوني لحظة واحدة
طبع أخرى على وجنتها وتابع
_ متعرفيش انا اتعذبت في بعدهـ.......
وضعت توليب يدها على فمه تمنعه من تكملة حديثه وقالت بوله
_ بلاش نفكر فـ اللي راح خلينا في النهاردة
قبل أناملها الموضوعة على فمه ثم وضعها على قلبه وتمتم بحشرجة
_ من النهاردة أنا ليكي انتي وبس
مال على ثغرها يقبله بشوق ولهفة كي يروي ظمأه
لكنه كلما ارتوى كلما شعر بالظمأ اكثر وأكثر
وهي مستسلمة بين يديه بل سعيدة بتلك المشاعر التي خاصتها به وحده
كان يضمها إليه بحنو كأنه يخشى عليها من حدة يديه
لكن لم يدوم طويلاً وبدأ ينثاق إلى مشاعره التي لم تكف ولم تهدئ بل طالبت بالمزيد والمزيد حتى استكانت بعد فترة طويلة على الفراش ونامت على كتفه وذراعيه تحيطها بتملك عاشق..
___________________
استيقظت توليب لتجد نفسها وحيدة في الفراش وقد حل الليل ليعم الظلام الغرفة إلا من ضوء خافت
فتحت الاضاءة التي بجوارها ونهضت بتكاسل لتتفاجئ بزهرة التوليب الحمراء موضوعة بجوارها وتحمل ورقة صغيرة مكتوب بها
"هتلاقي شنطة في الضلفة الأولى فيها فستان البسيه وتعالي في الصالة مستنيكي"
طوت الورقة بين أناملها وقلبها يخفق بقوة
قربت الزهرة من فمها لتشم عبيرها ويتغلغل داخلها بنشوة ثم استقامت لتدلف المرحاض.
خرجت بعد قليل وتقدمت من الخزانة لتفتح ضلفتها الأولى فوجدت ثوب معلق بها بلون فيروزي بالكاد يصل لركبتها وباكتاف عارية تماماً كثوب الزفاف.
لكنه يسلب الأنفاس برونقه
وحذاء مشابه له
وقفت أمام المرآة وهي تنظر إلى هيئتها بإعجاب
وقد اظهر ذلك الثوب قدها الممشوق وتناسب لونه مع بشرتها ناصعة البياض
وشعرها الغزير الذي رفعته لأعلى برابطة أحكمت حريته واصبح أسيرًا لديها
وضعت احمر شفاه قاني اكتفت به فقط ونظرت برضا لصورتها بالمرآة ثم وقفت على الباب وقلبها يخفق بشدة
وضعت يدها على المقبض ولم تستطيع فتحه
لا تملك الجرئة لذلك
تذكرت بأنها لم ترتدي الحذاء
عادت لتضع قدمها به لتجد صعوبة بالسير به فهي لم تعتاد ذلك النوع من الأحذية عالي الكعب فشعرت بأنها على وشك السقوط.
استطاعت بعد عناء تنظيم سيرها حتى وصلت للباب
خرجت من الغرفة لتجده واقفًا أمامها ببذلته السوداء كسواد ليل عينه الحالك وشعره القاتم
سلب انفاسها بوسامته الطاغية والتي تسلب العيون إليه أينما ذهب
لكن تلك المرة اشد وأقوى وقد أضفى عليه ضوء الشموع بضوءها الخافت سحر خاص وكأنه خارج من إحدى كتب الأساطير اليونانية
تهادت اليه بخطوات جاهدت أن تكون ثابتة وهو أصبح كالمسحور ينظر إلى هيئتها بأنفاس لاهثة
وتمتم بعينيه الهائمة"رفقًا بي صغيرتي"
لكنها واصلت تعذيبه وتقدمت منه لتقف أمامه وهي مأخوذة بسحر اللحظة
ازدرد لعابه بصعوبة وغمغم بحشرجة
_ يبجى فكريني اجطع الفستان ده بعد ما تخلعيه.
ابتسمت بغرور من تأثيرها عليه وسألته بدهاء
_ ليه بس التبذير ده! ده باين عليه غالي أوي.
أيد حديثها
_ من جهة غالي فهو غالي جوي بس تأثيره ممكن في مرة يوجف جلبي.
اخذ هاتفه من على الأريكة وقام بتحميل اغنية إليسا مكتوبة ليك.
امتعض وجهها لسماع الأغاني لكنها لم تشاء احزانه وتركته يفعل ما يشاء
لف خصرها بيديه ليقربها منه ويرقص معها على انغام تلك الأغنية
كانت عينيه تحتوي عينيها بتملك وتتناغم خطواتهم مع نغم الأغنية قبل ان تضع رأسها على صدره لتسمع نبضات قلبه الرتيبة ويكتمل كل شيء من حولهما
وبعد انتهاء الأغنية أبعدها عنه قليلًا كي ينظر إليها ثم مد يده ليحرر خصلاتها من ذلك الأسر ويغزو تلك الرابطة التي اصبحت عدوه اللدود فتثور خصلاتها مهللة بتحررها
ويسقط على اكتافها فتكتمل تلك اللوحة التي اتقن الخالق رسمها.
"انتِ لي..
نقطة على أحرف كلماتي لم تكتب لأحد من قبلك…
لاكون لكِ كلمات تكتب بحروف من لؤلؤ ونقاط من ذهب
لا تقال إلا لكِ وما مرت علي مسامع وهمسات العاشقين..
انتِ لي...
نوراً يضئ ظلماتي ويشع نور طرقاتي وينشلني من عتمات أيامي وحزن ليالي...
لأكون لك قمر وضياء وشمسا تضيئ وتزهو لياليكي وأيامك..
انتِ لي...
حديث بلا صوت يحادث قلبي وقلبك..
لا يفهم أحرفه وكلماته وعشقه سوا همسات قلبي ونبض دقاتك..
قلبا ودفأ وأمانا وسكنا وطمأنينة لروحي وحنين وعشقا..
أكن لكي همسا وحديثا وعالم لم تدسه خيالاتك ولا أفكارك..
كوني لي...
دربا بغير إنتهاء أكن لكي صاحبك الذي خلق معك لهذا السفر..
فلو كان الواقع أنهارا وبحورا تبعدك عني..
جعلت لكي من الخيال والكلمات جسورا من الحب والهوى تلتقي
بها طرقاتنا ونسير معا في أدربها..
كوني لي...
عشقا وسكنا أكن لكي حياه وأمانا..
فأنا أحبكي وأعشق حروف إسمكي..
ولا أتغنا إلا بكلماتك وهمسك لي....
خاطرة بقلمي Rasha Saber"
طرق الباب ليخرجهم من تلك اللحظات الساحرة فابتعد عنها مرغمًا وهو يقول
_ ادخلي چوه دلوجت.
اطاعته بتفاهم ودلفت الغرفة مغلقة الباب خلفها وهي لا تصدق السعادة التي تعيشها معه.
فتح الباب بعد قليل وهو يمد يده لها
_ تعالي.
تشابكت ايديهم وهم يتقدمون من طاولة الطعام التي شملت كل الأصناف التي تفضلها
نظرت إليه بحيرة وسألته
_ عرفت ازاي اني بحب الأصناف دي؟
ابتسم بحب وهو يرفع يدها ليقبلها وتمتم بحبور
_ تقصدي السلطة الخضار اللي من غير طماطم؟ ولا البوريك التركي بالكاتشب
هزت رأسها بغنج
_ تؤ دول درجة تانية إنما الدرجة الأولى المشويات اللي على الفحم دي.
جذب يدها وأجلسها على المقعد وهو يقول بتروي
_ طيب اهدي كدة وبلاش الدلع ده لأني ميت من الجوع.
جلس قبالتها وأمسك الشوكة ليغرزها في قطعة اللحم وقربها من فمها
_ دوجي وجولي رأيك.
أخذت القطعة بأسنانها ثم مضغتها بتلذذ وتمتمت بمرح بلهجته الصعيدي
_ حلو جوي جوي جوي ما دام من يدك يا جواد بيه.
ضحك رغماً عنه وتحدث بحدة مصطنعة
_ بتتريجي على لهچتي يا بنت المدن انتي.
هزت كتفيها بنفي
_ لأ مش تريقة بس احيانًا كتير مش بفهمها
_ بس لهچة المنيا سلسة كتير عن لهچة المحافظات الجبلية.
_ واحنا ليه ما نخلينا في السلاسة كدة
هز رأسه بيأس منها
_ سلاسة؟ ماشي يا ست نمشيها في السلاسة.
اخذت شوكتها ووضعتها في قطعة البوريك وقربتها من فمه
_ طيب دوق دي بقا من أيد بنت المدن زي ما بتقول.
نظر لليد التي تحمل الشوكة وغمغم بمكر
_ بس دي شوكة مش أيد.
زمت فمها بغيظ منه وتركت الشوكة من يدها والتقطعت القطعة بأناملها لتقربها من فمه لكنه ظل ثابتًا مكانه ولم يدنوا منها
رمقته بغيظ وغمغمت
_ قرب.
رفع حاجبيه يتصنع الاندهاش
_ ايه قرب دي ما تجربي انتي أومال أنا جيبلك الكعب العالي ليه
_ انا لو قربت عن كدة هقع على الأكل.
_ وماله نجيب غيره، ولا اقولك قومي أحسن وتعالي اكليني وارجعي تاني.
تركت القطعة من يدها عندما لاحظت مكره وتمتمت
_ خلاص كل لوحدك.
تمتم جواد بمكر وهو ينظر لثغرها
_ واهون عليكي انا جعان جوي وعايز اول حاجة أكلها تكون من يدك.
تنهدت بيأس منه ثم نهضت وأخذت القطعة بيدها ودنت منه لكنها في لحظة وجدت نفسها تجلس على ساقيه وتمتم بوله وهو ينظر لعينيها برغبة
_ كدة الأكل هيكون أحلى بكتير
اخذ ثغرها في قبلة بث فيها مدى ولعه بها الذي لم يهدئ ولن يهدئ بل يزداد ويزداد حتى أصبح غير محتمل
وكلما فكر في الابتعاد يجد نفسه يعود إليها كأنها هواءه الذي لا يستطيع الامتناع عنه
بعد وقت طويل وضع جبيبنه على خاصتها وتمتم بانفاس متقطعة
_ مش عارف انتي عملتي فيا أيه.
كانت تستمتع أيضًا بسحر تلك اللحظة وردت بتيه
_ انت اللي عملت فيا أيه؟ انا بقيت مسلوبة الإرادة تمامًا.
ابعد رأسها عنه قليلًا لينظر لشموسها الذهبية وتمتم باحتواء
_ كنت فاكر إن لما نتجوز اللهفة دي هتهدى شوية بس لجيتها بتزيد كل يوم عن اللي جبله
بحبك يا توليب ومش عايز أي حاجة بعد إكدة من الدنيا غير وجودك جانبي.
نظر للطعام وتابع
_ يلا بقا نكمل أكل عشان فعلاً جبت أخري
شرع في اطعامها وكذلك هي ولم يكف عن كلمات الغزل التي تجعلها تبتسم بحياء ثم أخذها في جولات عشقه اللامتناهي
كانت تهاتف يزن وياسمين كل يوم مكالمة فيديو كي تطمئن عليه وهو يبكي ويطلب منهم العودة فتهدئه وتوعده بالعودة باسرع وقت
في الصباح استيقظت توليب قبله ليتثنى له النظر إليه وهو نائم
كانت ملامحه هادئة مطمئنة وكأنه راحة بعد إرهاق
تعيش معه اجمل لحظات يدونها التاريخ
لكن ما يؤرقها هو تحفظه بالنسبة لقدمه
يظل يخفيها عنها بكل الطرق ولا يتركها لمرمى عينيها
لكن لما؟
ذلك الأمر لم يشكل عائقًا أمامها مطلقًا
بل لم تبالي به وأحياناً أخرى تتناسى ذلك الأمر
مدت أناملها ترسم خطوط وجهه وتمتمت بهمس
_. لو تعرف بحبك اد ايه مكنتش فكرت لحظة واحدة إن حاجة زي دي تكون عائق في حياتنا.
أخذت يده تقربها من فمها وتقبلها بوله ثم تابعت
_ بحبك يا جواد بحبك أوي.
رمش جواد بعينيه قبل أن يفتحها وتتهادى له صورة محياها فتلوح ابتسامة رضا على وجهه وتمتم بنعاس
_ هي الساعة كام دلوجت؟
ردت بابتسامة وهي تضع قبلة أخرى على يده
_ طول ما انا جانبك مش ببص فيها إلا عشان وقت الصلاة وخلاص.
رفع يده لينظر بساعته وغمغم بضيق
_ اتأخرنا جوي….
عقدت حاجبيها مندهشة
_ اتأخرنا على ايه؟
رد بابتسامة عريضة
_ هتعرفي بس جومي جهزي نفسك الأول.
اومأت له بتفاهم لعلمها بحاجته للانفراد كي يتحرك بحرية دون أن تراه بقدمه.
دلفت الحمام وأخذت حمامًا سريعًا ثم لفت المئزر حولها وخرجت من المرحاض بعد أن أصدرت صوتًا يدل على قدومها
عند خروجها وجدته يرتدي منامته القطنية ويحمل ملابس الخروج ليرتديها بالداخل ودلف المرحاض بعد أن طبع قبلة على خدها
انتهت من ارتداء ملابسها ثم خرج جواد وهو بأبهى صورته يرتدى قميص أبيض وبنطال مماثل له وأخذ يمشط خصلاته التي عكست بياض ملابسه وبشرته الخمرية
نظر لانعكاس صورتها في المرآة وسألها
_ بتبصيلي كدة ليه؟
ردت بابتسامة اصبحت لا تفارق وجهها
_ خايفة امشي معاك البنات تخطفك مني.
استدار لينظر إليها وتقدم منها يحتويها بذراعيه يقربها منه وهو يداعب وجنتها بأنامله
_ تعرفي إني بحمد ربنا إنك منتقبة؟
قطبت جبينها بحيرة
_ ليه بقا؟
همس بجوار أذنها
_ لأن مكنتش هقبل أبدًا إن واحد غيري يشوف الجمال ده، الجمال ده ليا لوحدي.
يلا بقا ننزل لأننا إتأخرنا فعلاً عايزين نبدأ اليوم من اوله.
جذبها وخرج بها من الغرفة وهي تسأله
_ طيب عرفني بس احنا رايحين فين؟
_ هتعرفي كل حاجة بس اصبري.
________________
عاد مراد من المشفى فيجد نور جالسة في حديقة المنزل في وجوم
تقدم منها ليلقى السلام ثم جلس على المقعد المقابل لها وهو يسألها
_ مالك شكلك مضايجة.
تنهدت نور بتعب وتمتمت بألم
_ بصراحة تعبت، عايزة اشوف ابني وانت مانعني اروح له.
صحح لها مراد
_ انا مش مانعك بس عارف إنك لو شوفتيه مش هتجدري تبعدي وتسبيه انا نفسي لما بشوفه بيبجى صعب عليا جوي اسيبه وامشي واني مش رايد تعيشي اللحظة دي.
ابتسم لها وهو يتابع
_ وبعدين متجلجيش الدكتور طمني وجال أنه ممكن يخرج في خلال اليومين الچايين دول.
لم ينتهي عبوسها وعلم حينها بأنها لن تهدئ حتى تراه
فقال باستسلام
_ بس لو مصرة جوي معنديش مانع جومي غيري هدومك ويلا نروح.
تهلل وجهها وتمتمت بفرحة
_ بجد؟
اومأ لها بتأكيد
_ بجد يلا بجا جبل ما اغير رأيي.
هزت راسها بسرعة ثم نهضت لتسرع لغرفتها تبدل ملابسها
خرجت من الغرفة فتصتدم بسلمى التي كادت تسقط
_ ايه يا بنتي في ايه براحة.
اعتذرت منها نور
_ اسفة مأخدتش بالي بس مراد وافق إني اشوف آسر وعشان كدة خرجت بسرعة.
حاولت سلمى الابتسام رغم حزنها واخذت تنظر إلى نور وهي تسرع بالذهاب مع زوجها
لأول مرة تنطق اسمه وكأنها اعتادت عليه
نزلت للأسفل كي تشغل نفسها بعيدًا عن ذلك الألم
_______________
على شاطئ البحر الأحمر
توقفت سيارة جواد على جانب الطريق ونظر إلى توليب التي نظرت إليه بحيرة
_ احنا جايين هنا ليه؟
رفعت اصبعها في وجهه وقالت بتحذير
_ أوعى تقول هننزل البحر أنا بخاف منه.
لاحت ابتسامة اخفى خلفها حزن دفين وتحدث بنفي
_ لأ متخافيش مش هننزل بس خلينا نتمتع به ولو من بعيد
ترجل من السيارة وفتح لها الباب لتترجل بمساعدته وساروا حتى وصلوا أمام يخت فاخر فاشار له الحارس
_ اتفضل يا بيه اليخت جاهز زي ما أمرت
أومأ له وأخذ منه المفاتيح وساعد توليب في الصعود إليه وقد ظهر الخوف عليها من رؤية الماء
تنفست الصعداء عندما وصلت للأعلى وهي تقول
_ انا مش عارفة ليه جبتنا هنا انا بخاف اوي من البحر
صعد بها عند عجلة القيادة وقال مطمئنًا اياها
_ متخافيش طول ما انا معاكي
اشار لها على الدرج وقال بهدوء
_ انزلي الاوضة اللي تحت هتلاقي شنطة على السرير فيها فستان البسيه وتعالي.
وافقته دون اعتراض وترجلت للأسفل فوجدت غرفة نوم صغيرة
وحقيبة موضوعة على الفراش فتقدمت منها وقامت بفتحها فتجد بها ثوب وردي اللون بحمالات وقصير
اندهشت كيف يطلب منها أن ترتدي مثل ذلك الثوب وتخرج به
تحرك اليخت مما جعلها تفهم مبتغاه وقامت بتبديل ملابسها وتمشيط خصلاتها وانتظرت قليلًا حتى يتوغل أكثر داخل البحر ثم صعدت إليه
كان واقفًا أمام عجلة القيادة يحركها بحرفية
فتقدمت منه وهي مأخوذة بسحره وعندما لاحظ اقترابها ابتسم بوله وهو يتأمل ذلك الثوب الذي طغى بكل جبروت على قلبه الذي لم يعد باستطاعته التحمل
كانت النسمات تداعب خصلاتها فيتطاير حولها في هالة تسلب الأنفاس فلم يجد كلمات تصف بها شعوره تجاهها فقام بجذبها وأوقفها أمامه واضعًا رأسه على كتفها وتمتم بجوار أذنها
_ بتجنيني.
اسلبت انفاسه مرة أخرى بضحكتها فأخذ يدها ليضعها على عجلة القيادة ويحيط هو خصرها مستمتعًا بخصلاتها التي تتطاير حولهما.
تمتم بهمس
_ جلت نجضي يوم ميتنسيش في البحر قبل ما نرجع بكرة.
نظرت إليه تسأله برقة
_ يعني خلاص اسبوعين العسل خلصوا؟
جذبها أكثر لأحضانه وتمتم بتجويف عنقها بعد أن طبع قبلة عليه
_ ايامنا كلها عسل بس انتي وشطارتك.
هزت كتفيها بنفي
_ بس العكننه بتكون من الراجل مش الست.
طبع قبلة اخرى في تجويف عنقها وتمتم بعشق
_ وهي العكننة هتيجي مادام برجع من شغلي الاقيكي في اوضتي ومستنياني وانتي زي الجمر إكدة.
اوقف جواد اليخت ولفها إليه وتابع
_ طول ما انتي بتحبيني زي ما بحبك إكدة عمر الحزن ما هيدخل بينا.
وضعت ذراعيها حول عنقه وتمتمت بشغف
_ وانا عمر حبك جوايا ما هيقل ابدًا هيفضل في ازدياد لحد أخر يوم في عمري
رد على كلماتها المعسولة لكن بطريقة أخرى
طريقة لا يعرفها سوى العشاق
لم يترك اسر شفتيها إلا عندما لاحظ حاجتها للتنفس فابتعد عنها مرغمًا ووضع جبينه على جبينها يلتقط انفاسه بصعوبة
_ انتي ناوية على ايه معايا؟
مسحت وجهها في صدره وتمتمت بانفاس متقطعة
_ ناوية اخليك متبعدش عني لحظة واحدة.
_ انتي جد الكلمة دي؟
اومأت برأسها دون النطق بشيء فتمتم بتوعد
_ يبجى تتحملي بجا
حملها بين يديه ونزل بها للاسفل ليعيش معها جولة حب أخرى من جولاتهم العاشقة….
وقفت تستند بيديها على حافة اليخت وهي تتأمل المنظر من حولها
انتبهت تلك الأنامل التي احاطت عنقها بقلادة رقيقة تحتوي على قلب من الأحجار الكريمة باهظة الثمن
انتهى جواد من غلقها ولفها إليه لينظر إلى جيدها وتمتم باحتواء
_ مكنتش اعرف أنه هيكون بالجمال ده عليكي.
نظرت إلى القلادة بانبهار وقالت بحب
_ جميلة أوي بصراحة ذوقك راقي أوي.
_ أكيد مادام اخترتك يبجى ذوقي عالي جوي.
ابتسمت إليه بوله
_ بس دي غالية أوي.
هز رأسه بنفي
_ مفيش حاجة تغلى عليكي المهم تكوني مبسوطة.
ضمت نفسها إليه وتحدثت بصدق
_ بس انا سعادتي مش في الهدايا دي أنا سعادتي في حبك ليا مش أكتر.
ملس بانامله على خصلاتها وتمتم بحبور
_ يبقى هتعيشي حياتك كلها سعادة.
امسكت يده لتنظر إلى الساعة وقالت بقلق
_ جواد احنا كدة اتاخرنا أوي، ساعة بالكتير والليل…..
قاطعها جواد
_ احنا مش هنمشي غير الصبح، انا عامل حسابي إننا هنبات هنا الليلة والصبح إن شاء الله هنرجع على البلد
ارتبكت قليلاً وهي تنظر للخلاء حولهم
_ بس أنا خايفة.
رفع حاجبيه يتصنع الاندهاش
_ هتخافي وانا معاكي؟
هزت راسها بنفي وتمتمت باستنكار
_ لأ مش قصدي بس ….
قاطعها بلهجة بثت في الأمان
_ مبسش انا مأمن كل حاجة كويس مستحيل اخاطر وانتي معايا
في المساء
استلقت توليب على ذراع جواد الذي فرده لها كي تضع رأسها عليه وأخذت تحدثها عن قصص تلك النجوم
نظر إليها بشك
_ إزاي واحدة في تدينك زيك وتعترف بالكلام الفاضي اللي بيقولوه الناس ده.
_ ومين قالك إني بعترف بيه؟
_ اومال جمعتي المعلومات دي بناءً على ايه؟
هزت كتفيها ببساطة
_ دي شوية هلس كدة بسلي نفسي بيهم
ردد كلمتها بعدم استيعاب
_ كمان هلس، وايه كمان يا هانم
_ ولا حاجة سيبك من كل ده يزن وحشني أوي وكمان الخيل اول ما نوصل تكمل درس ركوب الخيل اللي بدأناه مع بعض.
تغيرت ملامح جواد مما جعلها تقلق وسألته
_ مالك وشك قلب كدة ليه، اوعى تقول مش هنرجع بكرة.
اخذ نفس عميق وأخرجه وهو يقول بهدوء
_ لأ هنروح بكرة.
قطبت جبينها بحيرة
_ اومال في ايه؟
سحب ذراعه من اسفل رأسها وجلس ينظر للافق البعيد أمامه
_ لأننا مش هنرجع المزرعة
زاد من حيرتها وتابع
_ هنرجع القصر…
رواية الـتـل
رانيا الخولي
الفصل الثامن والعشرين
…………………..
لم تستوعب معنى حديثه وسألته بحيرة
_ ليه؟
نظر للفراغ أمامه ورد بشرود
_ لازم ارجع لإن ده كان شرط جدي عشان يساعدني أخرجك.
قطبت جبينها بحيرة وقد علمت من أدهم أنه من استطاع اظهار براءتها دون اللجوء لأحد لكنها قالت بتروي
_ انا معنديش مانع بس كل الحكاية إني مستغربة لأنك كنت رافض تمامًا رجوعك للقصر.
حاول الابتسام لكنها خرجت باهته ولم تصل لعينيه
_ مش هنطول هي هتكون فترة كدة وهنرجع المزرعة تاني.
اومأت له بابتسامة مشرقة وقالت
_ بس على شرط.
ضيق عينيه متسائلًا
_ انتي هتتشرطي عليا من أولها
هزت راسها بتأكيد
_ ايوة طبعًا، ايه مليش حق؟
رد بعشق وهو ينظر لشفتيها التي لم يشبع ظمأه منها حتى الآن
_ مين يقدر يقول كدة بس ايه هو شرطك ده؟
هزت كتفيها بدلال وتمتمت بغنج
_ نقضي يوم الجمعة في المزرعة، قلت ايه؟
ازدرد لعابه وهو ينظر إلى ثغرها برغبة
_ لأ الرد هنا فعل مش كلام.
تاهت معه في جولة أخرى من جولاته التي يحاول بها الهرب مما ينتظره في ذلك القصر.
❈-❈-❈
ظلت نور تزرع الردهة ذهاباً وإياباً وقلبها ينبض بعنف
قالت أمال بيأس منها
_ يا بنتي أهدي الله يرضى عليكي لو في حاچة كان مؤيد جالنا.
هزت رأسها بقلق
_ أول مرة يتصلوا ويطلبوا مراد يبقى في حاجة.
تعبت سلمى من الجدال معها وقالت بتعب
_ هحاول اتصل تاني يمكن يرد ويطمنا.
وقبل أن تفتح هاتفها سمعت توقف سيارة مؤيد بالخارج
أسرعت نور كي تعرف منه ما حدث لكنها تصلبت مكانها عندما وجدت مراد يترجل من السيارة وهو يحمل طفلها بين يديها
تقدم منها وهو يرمقها بنظراته العاشقة حتى دنى منها وهو يتمتم بصوته النادي
_ الدكتور طمني وجالي اجدر أخده البيت.
ابتسمت بلوعة وهي تمد يدها تأخذه منه وتحمله لأول مرة فيدق قلبها بلهفة عندما فتح عينيه بوهن ويجعد وجهه كأنه يعترض على تركها له.
لم تستطيع سلمى التقدم منه خشية من إحراج نور لها كما يفعل البعض واكتفت بالنظر إلى الطفل بريبة وعندما انتبهت لها نور نظرت إليها بامتنان وقربت آسر منها لتضعه بين يديها وهي تقول بمرح
_ انتي هتقفي تتفرجي من اولها، كلمة ماما مش بتتقال بالساهل.
رفعت سلمى عينيها تنظر إلى نور بعدم استيعاب فأكدت نور حديثها
_ ايه بتبصي ليه، عايزة تخلعي من اولها ومتربيش آسر معايا؟
ابتسمت سلمى بامتنان ولم تجد الكلمات التي تصف بها مدى تأثرها بتلك البادرة وتمتمت بصدق
_ عمري ما هعملها.
سعد مراد بتلك البادرة منها وتحدث برتابة
_ طيب أني شايف إننا ندخل چوة أحسن ونكمل وصلة العواطف دي.
تقدم منهم مؤيد وهو يقول لنور
_ مبروك يا نور.
ردت بابتسامة
_ الله يبارك فيك يا مؤيد متشكرة أوي.
دلفوا جميعًا للداخل وقد سعد الجميع بمجيء آسر إلى المنزل
_____________
في الفندق
خرجت توليب من المرحاض وهي تنشف خصلاتها فتجد جواد مستلقيًا على الفراش يتحدث في الهاتف مع ياسمين ويزن
تقدمت منه باشتياق لتجلس بجواره وأخذت الهاتف لتحدث يزن الذي سعد فور ظهورها وقالت بسعادة
_ قلب تولي وحشتني أوي
_ ما ما.
توقف قلب توليب عن النبض عندما سمعت يزن يتمتم بتلك الكلمة
ونظرت لجواد الذي تفاجئ بقوله ثم نظرت لياسمين والتي قالت
_ كندا يا ستي اللي فضلت تحفظ فيه
سمعوا صوت كندا
_ يا الله منك ياسمين
أخذت الهاتف منها ونظرت لتوليب قائلة
_ ما تصدقي ها المخبولة هو لما سمعني عم بزعق معها لتقول ماما مو أما اتمسك فيها ولهيك فهمته أنه يقولك ماما ما يعمل زيها ويقول ياأما.
ضحك جواد وقال بتأييد
_ خير ما عملتي.
_ أمتى راح ترچعوا اتوحشتكم اكتير.
رد جواد وهو يحتوي توليب بذراعه
_ إن شاء الله بكرة الصبح هناچي نجضي معاكم اليوم وناخد يزن ونرچع البلد.
تبدلت ملامح كندا للحزن وتمتمت باعتراض
_ بس انا لهلا ما شبعت منكم بدي افرح بابني ومرته.
ردت توليب وهي تنظر لجواد
_ نخليها يومين ايه رأيك؟
رفع حاجبيه باستسلام
_ ماشي يا ستي موافق ومع اني مستغرب انتي رافضة تعيشي في المزرعة ليه؟
_ مو هلا وقت حكي وقت ما ترچع نشوف ها الموضوع، يلا اتهنى حبيبي بأچازتك.
اغلق جواد الهاتف ونظر لتوليب بمكر مغمغمًا
_ بتقول اتهنى باجازتك بعد ما خلصت.
ردت توليب بمكر مماثل
_ اه للأسف خلصت وشكلها مش هتتكرر تاني.
_ فعلاً صعب تتكرر تاني إلا إذا.
ضيقت عينيها متسائلة فيتابع هو بخبث
_ إلا إذا دلعتيني الليلادي و….
تمتم ببعض الكلمات بجوار أذنها
مما جعلها تأخذ الوسادة من أسفل رأسه وقذفته بها بغضب مصطنع وهي تغمغم
_ انت قليل الأدب
نهضت من جواره وعندما هم بجذبها أسرعت بالهرب منه لكنه لحقها وهو يتوعد لها
_ قليل الادب وكمان ضرب بالمخدة طب تعالي بقا
صرخت توليب عندما امسكها وحملها بين يديه وألقاها على الفراش لكنها هربت من الجانب الآخر وهي تقول بمرح
_ بهزر يا رمضان.
زم فمه بغيظ منها وتمتم بتوعد
_ لاا انا شكلي دلعتك بزيادة تعالي هنا
هزت كتفيها بدلال
_ تؤتؤ
هم بالوصول إليها عندما سمعوا صوت الباب مما جعله يتراجع وقال بتوعد
_ اصبري عليا لما اجيب العشا
خرج من الغرفة وقامت هي باخراج ملابس لها من الخزانة وأبدلت ملابسها بسرعة قبل عودته
انتهت توليب وقامت بتمشيط خصلاتها وهي لا تتخيل تبدل حالها بعد ان فقدت الأمل في كل شيء
ظهور براءتها وعودة حبيبها والحياة الهانئة التي تعيشها معه، لكن ما يضايقها حقًا هو تحفظه بشأن قدمه، فهو يحرص دائمًا على ألا ترى تلك القدم.
لابد ان تؤكد له بالافعال وليس الأقوال إن ذلك الأمر لا يعني لها شيء
هي تحبه لشخصه وليس لأي شيء آخر
شعرت بالقلق عندما لاحظت تأخره وجذبت مئزارها وعقدته باحكام حول خصرها وهمت بفتح الباب والبحث عنه لكنها تراجعت عندما سمعت صوتًا بالخارج
عادت لتجلس على الفراش لتمسك هاتفها تتلاعب به وأخذت تشاهد صورهم على اليخت وهو يحتضنها بسعادة كبيرة وابتسامته التي تطيح بعقلها تضيء وجهه
وأخرى وهو يحتضنها من الخلف ويلف خصرها بتملك
وأخرى وهي تمسك عجلة القيادة وخصلاتها تتطاير حولها بفعل الرياح
صور كثيرة التقطها معًا في سعادة تخشي من زوالها فور دخولهم القصر
كانت تود الرفض وأن يظلوا داخل منزلهم في المزرعة لكنها احترمت رغبته في العودة إلى منشأه
شعرت بالقلق عندما طال غيابه فارتدت خفها وتقدمت من الباب لتفتحه قليلاً وترى ما يحدث بالخارج لكنها تراجعت عندما انفتح الباب ودلف جواد وهو يقول بابتسامته الساحرة
_ اخرت عليكي؟
ردت بعبوس
_ اخرت اوي وقلقتني.
تقدم منها ليحتويها بين ذراعيه وطبع قبله حانيه على جبينها وتمتم باسف
_ حقك عليا
ابعدها عنه قليلًا لينظر إلى المئزار الذي ترتديه وقال بعبوس مصطنع
_ ايه اللي انتي لبساه ده، البسي الفستان اللي لبستيه أول يوم عايزين نحتفل بآخر ليله هنا.
اومأت له بسعادة وكعادته أخذ ملابسه ودلف ليبدلها داخل المرحاض.
تنهدت بتعب منه ثم تقدمت من الخزانة لتخرج الثوب وتقوم بارتداءه ووضعت القليل من أحمر الشفاه واكتفت به ثم رفعت خصلاتها للأعلى
استغلت وجوده في المرحاض وقررت الخروج من الغرفة كي تعرف ما يخبئه لها
فتحت الباب وخرجت من الغرفة لتتفاجئ بالورود والشموع الموجودة في كل مكان
وطاولة العشاء التي تحتوي أطعمه مختلفة وقالب الحلوى الموضوع جانبًا
والأهم من ذلك صوته الأجش الذي جاء من خلفها وهو يهمس بجوار أذنها
_ كل سنة وانتِ جوه قلبي ومليه حياتي.
استدارت توليب لتنظر إليه بسعادة بالغة وقالت بحبور
_ النهاردة عيد ميلادي.
احتواها بذراعيها وأومأ قائلاً
_ هو انتي فاكرة إني ممكن أنسى؟
تاهت نظراتها في سواد ليله الحالك وقالت بنفي
_ تؤ بس اليومين اللي قضناهم مع بعض نسوني كل حاجة.
قربها أكثر إليه وعينيه تجوب محياها بشوق وتمتم باحتواء
_ اوعدك إن ايامنا كلها هتكون كدة ومش هسمح لحاجة انها تضايقنا.
وضعت يدها على خده وتمتمت بوله
_ بحبك يا جواد بحبك أوي.
قبل يدها التي تحيط وجهه وغمغم بعشق
_ وانا بعشقك يا تولي، كل حاجة فيكي بتسحرني.
نظر لعينيها والتي اصابته بسهامها فور أن وقع نظره عليها
_ عينيكي اللي بتاخدني لدنيا تانية اول ما ابصلهم.
نظر لخصلاتها البنية وتلك الرابطة التي اسرته بغير رحمه فقام بجذبها ليسترسل حول وجهها وكتفيها وتابع غزله
_ كل حاجة فيكي بتشدني كأنك حورية طالعة من كتب الأساطير اللي بنسمع عنها.
وضع يده على خدها وملس بأبهامه على شفتيها
_ وشفايفك اللي كل ما اشوفها مبقدرش امنع نفسي عنهم.
هم بتقبيلها لكنها منعته وهي تضع يدها على فمه وتمتمت بخجل
_ طب نتعشى الأول.
هز رأسه وهو يهز رأسه بغيظ
_ فصلتيني منك لله.
جذبها من يدها ودنى من الطاولة وهو يقول بمزاح
_ بما إن الغدا النهاردة كان سمك فقلت العشا برضه يكون سمك.
ضحكت توليب وهي تجلس على مقعدها وتقول بمزاح
_ التغيير حلو مفيش كلام.
ضحك جواد وجلس على المقعد وقال بروية
_ بما إنه عيد ميلادك
جذبها لتجلس على قدمه وتمتم بوله
_ مش عايزك تعملي حاجة خالص انا اللي هأكلك بايدي.
شرع جواد باطعامها وهي تتعمد عض اصابعه كي يكف عن ذلك ويأكل هو
لكنه لم يبالي بل رحب بمشاكستها وحينها أصرت على اطعامه كذلك
كان يخطف اناملها مع الطعام كي يرد لها فعلتها حتى انتهوا من الطعام وهم يتسامرون في غزل ومدح.
دلفت توليب المرحاض كي تغسل يديها ثم تعطرت وعادت إليه لتجده قد اشعل شمعة قالب الحلوى والذي خطط باسمها فمد يده لها لتدنوا منه فيحتويها من الخلف ويقول بشغف
_ اتمني امنيه وانا احققها حالاً.
حاوطت يده التي تحتويها وقالت بحب
_ إنك تفضل جانبي ومتفارقنيش ابدًا.
طبع قبله خلف اذنها وتمتم بطاعه
_ دي حاجة مفروغ منها اختاري حاجة تانية أيًا كانت هتتنفذ.
تطلعت اليه بعشق وتمتمت بصدق
_ صدقني مش عايزة اي حاجة تاني غير وجودك جانبي.
نظرت إلى الشمعة ومالت عليها لتطفئها وهي تدعوا ربها ان يديم عليها تلك النعم.
استدارت لتنظر إليه وتمتمت بتأثر
_ انا مش لاقية حاجة اقولها اوصف بيها اللي جوايا بس أكيد انت عارفه كويس.
اومأ لها بتأكيد ثم همس بجوار أذنها
_ بس انا مش عايز كلام انا عايز فعل.
طبع قبله على وجنتها ثم جانب فمها قبل ان يأخذ شفتيها في قبلة اطاحت بعقلها عرض الحائط
______________
عاد عامر من الخارج ومعه آدم الذي دلف خلفه وهو يبحث عنها بعينيه
مازالت غاضبه منه منذ ذلك اليوم
وتلك المرة لن يرحل حتى يجعلها تغفر له وتسامحه
_ ادخل يا ابني البيت بيتك.
جلس آدم على المقعد وتركه عامر ليدلف إحدى الغرف
وينتظر هو على امل خروجها
دلف عامر غرفة ابنته فوجدها شاردة كعادتها
تقدم منها ليجلس بجوارها على الأريكة وقال بهدوء
_ كيفك يا ياسمين؟
ابتسمت بمرارة
_ الحمد لله بخير.
تنهد بتعب من رأسها اليابس وقال بتروي
_ دلوجت ابن عمتك چاي يطلب يدك للمرة التانية ومصر انه يجابلك ويتحدت معاكي واني بجول تجعدي معاه وتسمعيله
هزت راسها بنفي وقالت باقتضاب
_ لأ
_ لاه ليه بس أني شايف انه زين وشاريكي يبجى ليه نجوله لأ
كانت تصم اذنها وقلبها عن سماع اي شيء يتعلق به وتمتمت باندفاع
_ ده واحد كداب دخل علينا عشان ينتقم من جدي ازاي عايزني اثق فيه؟
تطلع اليها ببجدية وقال بحكمة
_ يا بنتي احنا مش ملايكة وبعدين اي حد مكانه كان هيعمل أكتر من إكدة وبما إنه معدنه طيب وافج لما أخوي وعده أنه هيرچع حجه والانتجام ده يسيبه للخالج، ده واحد شاف أبوه بيتجتل جدام عينيه وأمه بتموت بحصرتها وبعدين اني مش هلاجي أحسن منيه ليكي، اني خلاص اطمنت على جواد خليني اطمن عليكي انتي كمان.
ربت على كتفها وتمتم باحتواء
_ جومي يا بنتي الله يرضى عليكي واللي انتي رايداه هعمله.
وافقت ياسمين على مضد وخرج والدها ليتركها تبدل ملابسها وجلس مع آدم.
خرجت يا سمين بعد وقت طويل كان آدم فيه يتلوى على جمر ملتهب
لم تنزاح عينيه عن باب الغرفة ولم ينتبه لكندا التي تطلب منه تناول قهوته قبل أن تبرد
_ يا الله هيك قهوتك بردت لحظة بعملك غيرها.
حمحم آدم بإحراج وقال بارتباك
_ ها، لا انا هشربها عادي.
هم بتناولها لكنه أعادها مرة أخرى عندما خرجت ياسمين ونظرت إليه بوجوم
نهض ليستقبلها والقت السلام عليهم ثم جلست بعيدًا عنه
نهضت كندا وهي تتمتم بهدوء
_ تعا عامر وسيبهم يتكلموا براحتهم.
وافق عامر وخرج الى الشرفة الملحقة بالصالة كي يكونوا تحت أعينهم
جلس آدم بالقرب منها ومازالت تلك العنيدة تشيح بوجهها بعيدًا عنه
_ هتفضل باعده حالك إكدة عني؟
لم تجيبه وظلت على وضعها دنى منها قليلًا ثم تحدث بوله
_ ممكن اعرف ليه الزعل ده؟
نظرت إليه بحنق وتمتمت بحدة
_ يعني مش عارف؟
هز رأسه بنفي وتحدث بقوة
_ لأ مش عارف، كل اللي اعرفه إن حبيتك واتعلجت بيكي وكنت ناوي اعترفلك بكل حاچة بس انتي اللي كسرتي جلبي ووافجتي على خالد واتخليتي عني، مع إني في الوجت ده كنت ناوي أروح لحسان واعترفله بكل حاچة وكنت ناوي أجوله إني هخفي الأدلة اللي معاي مقابل أنه يوافج على چوازنا، فإن كان حد له الحج أنه يزعل فهو انا مش انتي.
رمشت بعينيها تحاول الثبات وردت بفتور
_ انا عملت إكدة خوف عليك مش تخلي زي ما بتجول لأن جدي مش بيرحم زي ما انت عارف، ولو كنت صريح معايا من البداية مكنش حصل كل ده.
_ يا ريت ننسى اللي فات وخلينا في النهاردة اني چاي اطلب يدك ونبدأ صفحة چديدة مع بعض بعيد عن حسان واللي حواليه
ياسمينا انا بحبك وكفاية اللي ضاع من عمرنا لحد دلوجت وخلينا في اللي چاي
نظر بعينيها ليلاحظ حيرتها وتابع بحب
_ ارجوكي توافجي وانا اوعدك هعوضك عن كل اللي فات.
_______________
خرجت حياة من غرفة الفتيات قتجد وهدان يدلف من باب المنزل
ابتسمت بترحيب وهي تتمتم بعتاب
_ أخرت ليه؟
بادلها الابتسام ودنى منها يحاوطها بذراعيه ويقبل رأسها قائلاً
_ كنت في مشوار إكدة بتأكد من حاچة.
قطبت جبينها بحيرة وسألته
_ مشوار ايه ده اللي يأخرك لحد دلوجت؟
لاح المكر بعينيه وتمتم بخبث
_ ولو الخبر عچبك هيكون ايه المقابل؟
هزت كتفيها بدلال وتمتمت
_ مفيش حاچة عندك ببلاش كله بمقابل؟
أومأ مؤكدًا وهو يبعد خصلتها لخلف اذنها
_ ما انتي خابرة ده مبدأ وماشي عليه مينفعش اغيره.
_ ماشي يا سيدي جولي بجا.
تنهد وهدان باستسلام
_ مع إنك مش جد كلمتك وبرتچعي فيها بس هجولك وأمري لله
ابنك رچع مصر وأول ما چالنا الخبر روحنا طوالي أثبتنا وجوده ورفعنا الدعوة بالتوكيل اللي عملتيه للمحامي.
لم تصدق حياة ما أخبرها ورمقته برجاء الا يتلاعب بمشاعرها في أمر كهذا
_ بجد يا وهدان ولا بتضحك عليا.
_ هي حاچة زي دي فيها هزار إن شاء الله كلها ايام وابنك هيكون في حضنك
تجمعت العبرات داخل عينيها وهي لا تصدق بأنها سترى ابنها أخيرًا بعد مرور عام من فراقه
وعندما لاحظ وهدان سقوط عبراتها مسحها بابهامه وهو يقول بعتاب
_ ليه بس الدموع دي؟ طول ما انا عايش مش عايز اشوفها الله يرضى عليكي، معدش لها وچود في حياتنا
جذبت نفسها لحضنه وهي تحاوطه بحب وتمتمت بخفوت
_ مش لاجية كلام اجوله واعبرلك بيه عن اللي جوايا يا وهدان.
ضمها أكثر إليه وتمتم بوله
_ خابره من غير ما تجوليه.
ابعدها عنه قليلًا كي ينظر داخل عينيها وتابع
_ النظر في عينيكي بتخبرني بكل اللي في جلبك، بكرة بإذن هنروح نخلص باجي الأوراج عشان نمنعه من السفر فيضطر يتنازل عن الطفل لجل ميخسرش شغله.
هدخل اغير هدومي لحد ما تچهزي العشا.
هم بالابتعاد لكنها منعته
_ في حاچة رايدة اخبرك بيها لول.
قطب جبينه متسائلاً
_ جولي يا حياة خير؟
امسكت يده لتضعها على جوفها باحراج وتمتم بخجل
_ العيلة بتكبر والحمل هيكون تجيل عليك.
لم يفهم وهدان معنى حديثها أو بالأدق لا يستوعب فتابعت عندما وجدته يضيق عينيه بحيرة
_ اني حامل.
اهتزت نظراته وهو لا يصدق ما تخبره به
في خلال أشهر قليلة تبدل حاله بعد المعاناة التي عاشها منذ وفاة زوجته
_ متأكدة؟
هزت راسها بسعادة
_ ايوة اتأكدت النهاردة عند دكتورة الوحدة وجالت إني في الشهر التاني.
اتسعت ابتسامته وهو يحتويها بعينيه وتمتم باحتواء
_ المرة دي اني اللي مش لاجي كلام اجوله بس اكيد حساة في عينيه.
اومأت له بحب
_ عارفة وبدعي من ربنا انه يكون الولد اللي بتحلم بيه يكون سند لولادنا.
هز رأسه بنفي وتحدث بصدق
_ صدجيني مش بيفرج معاي ولد ولا بنت المهم يكونوا صالحين ويتجوا الله في نفسهم جبلينا، وبعدين لو چات بنت خير وبركة وإن چاه ولد الحمد لله على نعمه، لازمن الانسان يرضى بقضاء ربنا وبحياته عشان يجدر يعيش.
كانت تستمع لأقواله التي لامست شغاف قلبها وتمتمت برضا
_ الحمد لله على نعمة وجودك انت في حياتي.
_ طيب في عشا ولا هنبدأها بجا بدلع وتجولي مش جادرة وتعبانة والكلام ده.
هزت راسها بنفي وأشارت لعينيها
_ من عينيه.
_____________
خرج مراد من المنزل يبحث بعينيه عنها فقد رآها من شرفته وهي تخرج من المنزل لتسير في الحديقة
سار للجانب الخلفي فوجدها تجلس على المقعد وتتصفح كتاب بين يديها.
تقدم منها وهو يحمحم كي تنتبه له وعند رؤيته اغلقت الكتاب ووضعته على ساقها
_ جاعدة لوحدك ليه؟
ابتسمت نور بحبور
_ لقيت الجو حلو وآسر نايم قلت انزل الجنية اقرأ الرواية دي.
جلس على المقعد المقابل لها وأخذ منها الكتاب ليقرأ عنوانه
_ لقاء الغرباء آن هامبسون.
اومأت له بحماس
_ جميلة أوي الكاتبة دي بتعجبني اوي في روايتها بحسها أكثر واقعية.
اعجب بتجاوبها معه بالحديث فتابع حديثه معها
_ بتحكي عن أيه؟
ازداد حماسها لمشاركتها في الحديث
_ بتحكي عن ارملة انجليزية جوزها مات في حادثة واكتشفت بعدها أنه كان خاين
جلتها مهمة انها توصل اولاد صغيرين لعمهم في اليونان
ولما وصلت فضلت عنده فترة لحد ما ييجي معاد طيرتها، لاحظ ان الولاد اتعلقوا بيها اوي فعرض عليها انه يتجوزها وتفضل مع الولاد وقفت لحد هنا.
لا يعرف لما أراد التطرق في هذا الأمر، ربما لأن الوقت حان وقد تركها فترة طويلة لتعتاد عليه فقال بمغزى.
_ تعرفي إن الجوز المشروط حرام شرعاً.
اهتزت نظراتها وشعرت بأنه يوجه الحديث لها فقالت بارتباك
_ دول مش مسلمين.
راقه ارتباكها فهذا يؤكد أنه وصل لمبتغاه فرد بايحاء
_ بس انا مش بتكلم عنهم، انا بتكلم عن دينا.
ازدردت لعابها بصعوبة وقد اصتبغت وجنتها بإحراج وخاصة عندما تابع
_ اظن انك اخدتي وقت كافي.
قطبت جبينها بحيرة وسألته بعدم فهم
_ تقصد ايه مش فاهمة.
ابتسم مراد ورد بهدوء
_ إننا نتمم جوازنا.
_______________
في غرفة توليب وجواد
استيقظت توليب في الصباح لتجد نفسها مازالت بين ذراعيه يحتويها بتملك
تطلعت إليه بابتسامة مشرقة وتذكرت تلك الليلة التي لم يكف عن بثها مدى حبه وولعه بها
أمسكت يده بروية وقربتها من فمها لتطبع عليه قبله حانية ثم وضعتها بجانبه، أخذت تنظر إلى ملامحه التي تعشقها وأرادت أن تطبع قبلة صغيرة على خده لكنها تراجعت كي لا تقلقه
فلم ينام كلاهما سوى قبيل الشروق
نظرت في هاتفها فتجد الساعة تعدت الثانية عشر ظهراً
وقد أخبرها بأن عليهم التحرك بعد الظهر.
نهضت بتكاسل فوجدت الغطاء قد انحصر عن ساقه الصناعية مما جعل قلبها يأن ألماً عليه
فقد ظهر البتر أسفل الركبة وقد لاحظت تورمها قليلًا
يبدو انه لم ينزعها مطلقًا ولهذا سببت له ذلك التورم.
قررت جذب الغطاء عليها كي لا يستيقظ ويعلم بأنها رأتها
همت بمسك حرف الغطاء كي تغطيها لكن صرخة فزع صدرت منها عندما وجدت يده تمسك معصمها بقوة آلمتها
رواية الـتـل
رانيا الخولي
الفصل التاسع والعشرين
…………………..
قررت جذب الغطاء عليها كي لا يستيقظ ويعلم بأنها رأتها
همت بمسك حرف الغطاء كي تغطيها لكن صرخة فزع صدرت منها عندما وجدت يده تمسك معصمها بقوة آلمتها وصوته الحاد ينهرها
_ بتعملي ايه؟
اجفلت عندما لاحظت نظراته القاتمة وتمتمت بنفي
_ معملتش حاجة… أنا بس …
قاطعها بانفعال
_ طب روحي دلوجت.
شعرت بالخوف من نظراته وهمت بتبرير ما حدث
_ جواد والله….. ..
قاطعها بهدر
_ جولتلك روحي دلوجت
تجمعت العبرات في عينيها وجذبت مئزارها وأسرعت بالذهاب إلى المرحاض مغلقة الباب خلفها.
أما هو فقد زم فمه بغضب شديد فلم يجد سوى تلك المزهرية ليخرج بها غضبه وقام بقذفها في الحائط لتصدر صوتا أرعب توليب التي جلست على حافة حوض الاستحمام تبكي بحزن.
نهض جواد وقد ارتدى ملابسه وقام بالاتصال على موظف الفندق وقد عادت الخشونة لصوته
_ ابعتلي الحساب.
لم ينتظر الرد من الرجل وأغلق الهاتف وذهب إلى الخزانة ليخرج ملابسه ويضعها داخل الحقيبة.
مسحت توليب دموعها عندما سمعت طرقه على الباب وهو يسألها بجمود
_ خلصتي؟
نهضت بسرعة وفتحت المياه لتصدر صوتًا وتمتمت بصوت مهزوز
_ لأ..لأ لسة مخلصتش.
خرجت بعد قليل فتجده جالسًا على الفراش مستندًا بمرفقيه على ساقه وفور رؤيتها أخذ ملابسه ودلف المرحاض دون أن ينظر إليها.
اندهشت من رد فعله ماذا حدث تستحق عليه ذلك
هي لم تتعمد ما حدث
وإذا حقا تعمدت ما الضرر في ذلك
هي زوجته ووافقت على الزواج منه بكامل إرادتها ولم تبالي بذلك الأمر
لما إذا يتحسس تجاه ذلك الموقف
نظرت لحقيبته الموضوعة على الفراش فعلمت بأنه انتوى العودة
دنت من الخزانة وأخرجت ملابسها لترتديها ثم وضعت باقي الملابس داخل حقيبة أخرى وجلست تنتظر خروجه.
______________
لم تنام نور تلك الليلة وظلت تفكر فيما يجبرها عليه مراد
تذكرت ما قاله لها أمس وعقلها لا يستوعب كيف بإمكانها الرضوخ لطلبه
فلاش باك
لم تستوعب نور معنى حديثه سألته
_ تقصد ايه؟
تنهد مراد وتمتم بثبات وهو ينهض من مقعده
_ زي ما جولتلك چوازنا مش هيكون حبر على ورج لأنه حرام شرعاً ومن بكرة هنام معاكي في الأوضة.
تركها مراد كي لا يشعرها بالاحراج لكنها اوقفته وهى تسير خلفه لتقف قبالته وتحدثت بحدة
_ واتفاقك معايا مكنش حرام شرعاً.
عقد حاجبيه متسائلًا
_ اتفاج ايه؟ انا متفجتش على حاچة معاكي كل اللي جولته إننا لازمن نتزوچ لجل الولد ما يتنسب باسمي ومحددتش إنه صوري ولا اتكلمت فيه معاكي.
لم تستطيع انكار ذلك بل هو حقًا لم يوضح شيئاً فقالت بتعند
_ بس كان لازم تعرفني رغبتك دي من الأول وتشوف إذا كنت هسمح ولا لأ.
تقدم مراد منها وتطلع في عينيها التي ابعدتهم كي لا يرى ارتباكها وقال بخبث
_ كان هيفرج معاكي؟
ازداد ارتباكها وتمتمت باضطراب
_ أ أكيد طبعًا على الأقل هيكون عندي علم، وبعدين انا كدة بخون سلمى ….
قاطعها مراد بلهجة حازمة
_ سلمى عارفة كل حاچة من البداية وموافجة، وبعدين أنا عمري ما هظلم واحدة فيكم لأني لو شايف إني مش هجدر اعدل مش هفكر في الموضوع من أساسه.
تركها ودلف للمنزل دون ان يستمع ردها وكأنه بذلك يخبرها بأنه أمر منتهي لا جدال فيه.
باك
هزت راسها برفض لا
لن تقبل بالسعي خلف سعادتها على حساب سلمى التي لم ترى منها سوى كل خير.
لا تنكر بأن قلبها الخائن دق له لكن سلمى ستظل بينهم ولن تقبل بظلمها
انتبهت لطفلها الذي اعلن عن استيقاظه بالبكاء فأسرعت إليه تحمله بين يدها بتروي
وتمتمت بابتسامة
_ جعان يا قلبي؟ طب يلا ننزل نصبح على تيتا واعملك الرضعة.
خرجت نور من غرفتها فتصادف خروج مؤيد الذي ما إن رآى الصغير حتى تقدم منها بسعادة
_ صباح الخير، ماله بيعط ليه؟
ردت نور بمزاح ارادت به عدم التفكير في ذلك الأمر
_ هو بطل عياط من وقت ما رجع ينام خمس دقايق ويقوم يعيط قدهم.
ضحك مؤيد وقال مداعبًا يده الصغيرة
_ ده في الأول بس بعد إكدة نومه هينتظم عادي.
انتبه كلاهما على خروج مراد والذي على اثره اختفت ابتسامة نور
تقدم منهم قائلاً
_ السلام عليكم
رد كلاهما السلام ثم سألهم وعينيه تتطلع الى آسر بسرور
_ واجفين إكدة ليه؟
عاد آسر يبكي كأنه يشكو له فقال مؤيد
_ اهو رد عليك اسيبكم اني بجى
تركهم مؤيد ليزداد ارتباكها مما جعل مراد يستلذ ذلك وقال بهدوء
_ هاتيه وانزلي انتي اعمليله الرضعة.
وافقت كي لا تجادل أمامه فتتلامس ايديهم بغير تعمد مما جعل كلاهما يشعر بالارتباك من تلك المشاعر التي اقتحمتهم.
ازدردت لعابها بصعوبة وهمهمت بتلعثم
_ تـ..مام.
انهت كلمتها وأسرعت بالترجل من الدرج وهو ينظر إليها بابتسامة حتى اختفت من أمامه
فنظر لآسر وقال بمكر
_ شكلها هتتعبني معها بس متقلقش ابوك قدها.
اخذه وترجل للأسفل فيجد والدته جالسة على طاولة الإفطار تنتظر حضوره
تقدم منها يقبل رأسها وقال
_ صباح الخير يا أمي.
_ يسعد صباحك يا ولدي
وضع آسر بين يديها وهو يقول بسرور
_ يلا صبحي على آسر بيه
نظرت بسعادة إلى اسر الذي استكان بين يديها وقد وجدت وجه الشبه بينه وبين والده وكأنه جاء ليكون عوضًا حقًا عن ابنها الذي فقدته
نظرت لمراد وقالت بفرحة
_ كأني شايفة آسر الله يرحمه وهو في سنة.
دلفت نور وهي تحمل رضعته
_ السلام عليكم
رد عليها السلام وتقدمت من آمال
_ صباح الخير يا طنط هاتيه ارضعه.
رفضت آمال باصرار
_ افطري انتي وانا هرضعه انا لسة ماخدتش الأنسولين
نظرت لمراد وتابعت
_ وانت يا مراد افطر عشان تمشي على المستشفى يا ولدي.
جلس على مقعده ونظر لنور التي أعطت الزجاجة لآمال وجلست على المقعد بجوارها
لم تستطيع رفع عينيها عن الطبق وهي تشعر بعين مراد تراقبها
دلفت سلمى وهي تصبح عليهم ثم نظرت لآسر تلاطفه
_ صباح الخير يا آسر نمت كويس؟
ارادت نور أن تتطرق معها في الحديث كي تخف من وطئت ذلك الضغط عليها
_ خاالص، كان بيقوم كل خمس دقايق.
ردت آمال بقلق
_ يبجى حاچة وچعاه؟
_ مش عارفة اول مرة بقا ومعنديش فكرة.
رد مراد وهو يترك الطعام من يدها
_ مرنتيش عليا ليه كنت عاينته؟
رفعت جفنيها بإحراج ثم اخفضتها وهي تجيب
_ محبتش اقلقك
نهض مراد كي يذهب لعمله وغمغم بحزم
_ اللي حصل ده ميتكررش تاني، اي حاچة تخصه تخصني انا كمان فاهمة؟
اومأت له بصمت ثم تركهم وغادر لكن ترك اثر في قلبها باهتمامه بطفلها.
_________________
لم يستطيع آدم الانتظار بعد موافقتها وأصر على عقد القران
مما جعل عامر يوافق عليه كي يطمئن اكثر عليها وقد ازداد قلقه منذ تهديد خالد
دلف عامر كي يخبرها بقرار آدم فوجدها واقفة تفرك يديها وكأنها تنتظر دخوله فعلم حينها بأنها كانت تستمع إليهم
تقدم منها يسألها بمغزى
_ بما انك سمعتي رأي آدم رأيك انتي ايه؟
تظاهرت امامه بالثبات وردت بفتور
_ اللي تشوفه.
_ لا يا ياسمين اللي تشوفيه انتي مش حد تاني، الغلطة اللي حصلت قبل إكدة مش هتتكرر تاني، هو طالب يكتب الكتاب بكرة واني بصراحة رايد اطمن عليكي جولتي ايه؟
_ طيب وجدي؟
_ جدك انتهى دوره لحد إكدة معدش له أنه يتحكم في عيلتي بعد اللي حصل.
واصلت تظاهرها رغم الراحة التي لازمتها منذ حديثها معه أمس وردت بثبوت
_ موافجة.
ابتسم بسرور
_ على خيرة الله.
________________
خرج جواد من المرحاض على نفس وجومه وأخذ هاتفه ووضعه بسترته وكذلك مفاتيح السيارة ثم تحدث دون أن ينظر إليها
_ يلا.
وافقت دون النطق بشيء وهمت بحمل حقيبتها لكنه سبقها. وحملها خارجًا بها من الجناح
وعند نزولهم ناولها مفتاح السيارة وقال بجمود
_ استنيني في العربية.
أومأت برأسها وحمل العامل الحقائب وذهب بجوارها ليضعهم بالسيارة ثم استقلتها تنتظر عودته وهي لا تعرف ماذا تفعل
هل تتحدث معه الآن وتشرح له حقيقة ما حدث
أم تنتظر عودتهم للمنزل وبعدها تفاتحه.
تطلعت إليه وهو يخرج من باب الفندق يرتدي. نظارته الشمسية والتي أخفت عنها عيناه التي تعشقها رغم صلابتها وجموحها
استقل جانبها بصمت مطبق وقام بتشغيل السيارة وانطلق بها
لم ترتاح لذلك الصمت وهو يمسك طارة القيادة بيد واليد الأخرى يضعها على حافة النافذة ضاغطًا بأنامله على فمه.
ارادت أن تكسر ذلك الصمت فسألته بهدوء
_ أحنا هنبات عند عمي؟
رد باقتضاب
_ لأ.
قطبت جبينها بحيرة وسألته
_ ليه؟ انت وعدت طنط هتبات معها يومين ليه غيرت رأيك؟
زم جواد فمه كأنه يحاول التحكم في أعصابه ورد بلهجة حازمة
_ قلت لأ وخلاص هناخد يزن ونرجع للبلد.
التزمت السكون بدورها ونظرت من النافذة تنظر إليه بشرود
هل هذه طبيعته؟ أم هو تحسس من الموقف؟
هل يخشى أن تشمئز من ذلك؟
إذا فهذا يدل على إنه لم يعرفها مطلقًا
وهذه الحقيقة التي لن يستطيع كلاهما انكارها
يومين فقط قضتهم معه تلاها صدمة وفراق استمر عامين
وبعدها لقاء عابر تلاها ثلاثة أشهر
ولقاء محبين لم يستمر اسبوعين وفراق أخر ثم لقاء.
هذا ملخص حياتهم معًا
عليه ان يسمعها بقلبه كي يصدق شعورها
وفي حالته تلك لن تستطيع التفوه بكلمة.
توقفت السيارة بجانب الطريق والتفت إليها قائلاً
_ أنا همول العربية وفي كافتريا جوة لو عايزة حاجة منها.
هزت راسها برفض دون النظر إليه
_ لأ مش عايزة حاجة.
تطلع إليها لبرهة ثم ترجل من السيارة صافقاً الباب خلفه بحدة.
تجمعت العبرات داخل عينيها وقد آلمها بأسلوبه الفظ معها.
هل ستكون هذه طبيعة حياتهم معًا؟
فلم يمضي على زواجهم سوى شهر واحد ولغلطة غير مقصودة عاملها بتلك الحدة
ماذا يفعل إذا صادفت حياتهم تلك المواقف.
عاد بعد قليل يستقل السيارة بعد ان وضع بعض الأكياس في المقعد الخلفي ثم انطلق بها ومازال الوجوم سيد الموقف.
لم ينتبه لدموعها بل ظل نظره موجهًا للطريق أمامه حتى علا نحيبها دون إرادتها مما جذب انتباهه أخيرًا
ظل على وضعه يحاول الثبات وعدم الضعف أمام نحيبها
عليه أن يثبت لها أنه الأقوى وإن تلك الإعاقة لا تشكل عائق في حياته
مازال جواد الخليلي بقوته ولن يسمح لشيء أن يضعف من تلك القوة.
أما هي فلم تعد تستطيع تحمل ذلك السكون وشعرت بالغثيان الذي يصيبها عندما تكتم بكاءها
وضعت يدها على فمها وقالت بأمر
_ وقف العربية.
تطلع اليها ليلاحظ حالتها وسألها
_ في ايه؟
صرخت به وهي تفتح باب السيارة
_ بقولك وقف العربية.
اوقف السيارة فور أن فتحت الباب وترجلت هي مسرعة تجذب نقابها وجلست على جانب الطريق تتقيأ بمعدة فارغة.
ترجل جواد مسرعًا خلفها وقلبه ينقبض بخوف
جلس على ركبتيه بجانبها يسند رأسها حتى هدئ ذلك الغثيان
فتح زجاجة المياة وقربها من فمها لكنها أبت أخذ شيء منه وتمتمت بوهن
_ متشكرة.
همت بالنهوض لكنها شعرت بالدوار ولم تستطع
شعر جواد بالاستياء من رعونته معها حتى تصل لتلك الحالة فقال بروية وهو يساعدها على النهوض
_ قومي ارتاحي في العربية
هزت راسها برفض وشعور الدوار يزداد معها
_ لأ
تنهد جواد بياس من تعندها فقام بحملها إجبارًا وأعادها للسيارة ثم قام بفتح زجاجة المياة وقربها من فمها متمتمًا بروية
_ اشربي.
طاوعته تلك المرة لشعورها بالظمأ ثم فتح الباب الخلفي وأخرج منها زجاجة عصير وعاد إلى مقعده ليقدم لها العصير قائلاً
_ اشربي العصير ده عشان متتعبيش أكتر.
رمقته بعتاب وهي تتمتم
_ وانت يهمك؟
عاتب عينيها بعتاب مماثل وغمغم بصدق
_ اه يا توليب يهمني؛ يهمني اوي كمان.
اخذت الزجاجة من يده وشرعت في الارتواء منها وهو ينظر إليها بقلب لهيف
_ ها احسن دلوقت؟
أومأت برأسها ثم وضعت الزجاجة بجانبها
_ كمليها
هزت راسها برفض
_ لو شربت تاني هتعب.
ضغط على أحد الأزرار فانبسط المقعد قليلًا وتمتم بحنو
_ طيب حاولي تنامي شوية.
وافقت لشعورها حقًا بالتعب ولم يمضي دقائق معدودة حتى غرقت في سباتها.
أما هو فقد ظل ينقل بصره بينها وبين الطريق ويده تحتض يدها بتملك وكأنه يخشى عليها من الهرب.
_______________
في المشفى
وداخل غرفة حسان
دلف خالد وهو ينظر بتشفي لجده الذي استلقى على السرير بوهن وتحاوطه الأجهزة من كل جانب
تقدم منه وهو ينظر إليه بتعالي وتحدث بقوة
_ متخيلتش في يوم من الايام إني هشوفك مذلول إكدة، وللأمانة مش صعبان عليا.
دنى منه خالد ليقرب وجهه منه وأردف بحقد
_ لأني مكرهتش حد في حياتي جد ما كرهتك يا..جدي.
طول عمرك وانت رافع عامر وابنه علينا وخلتنا خايفين تموت من غير ما تكتب حاچة لينا وولادك الاتنين يرمونا في الشارع
ولما جلت تتزوچوا بنات عمكم اتأكدنا إنك مش هتكتب حاچة وكرهنا ليك زاد أكتر
حتى لما ضغط على جواد زيينا رضيته بالمزرعة اللي بتساوي نص ثروتك
وعشان إكدة كرهي لجواد زاد أكتر.
عاد يميل عليه وغمغم من بين أسنانه
_ تعرف كمان؟ اني اللي جطعت فرامل العربية عشان العربية تنجلب بيه ويموت حتى لو أختي هتموت معاه، بس للأسف أختي اللي ماتت وهو وابنه عاشوا عشان يزيد حجدي عليه كمان وكمان
اعتدل ليخرج ورقة من جيبه وفتحها امامه وهو يشير عليها
_ الورجة دي فيها تنازل عن كل ثروتك ليا أنا، هتمضي عليها إكدة بالتراضي ولا ابصمك بالإجبار واجتلك ومحدش هيدرى بينا.
أغمض حسان عينيه يحاول النهوض فتقدم منه خالد بعد أن أخرج علبة الأختام وأمسك يد حسان ليبصمه على ورقة التنازل ثم أخرج القلم وقال بأمر
_ أمضي.
حاول حسان نزع يده لكن خالد ضغط عليها بقوة حتى كاد أن يكسرها وغمغم من بين أسنانه
_ هتمضي ولا اللي فشلت فيه جبل سابج احججه دلوجت وأخلص من جواد خالص.
وافق حسان وقام بوضع امضته على العقد.
ثم أخذ خالد العقد وتطلع إليه بانتصار ثمين
وبعدها رمق جده بشر ومال عليه ينظر لعينيه بحقد وغمغم
_ كدة بجا عملت اللي عليك ودورك انتهى لحد إكدة.
______________
أوقف جواد السيارة أمام أحد المطاعم واخذ يشتري بعض الأطعمة كي تتناولها فور استيقاظها
عاد إلى السيارة فيجدها تفتح عينيها بتثاقل
وضع الحقيبة جانبًا وتطلع إليها يسألها باهتمام
_ بقيتي أحسن؟
أومأت له بصمت فقام بالضغط على الزر ليرفع المقعد وتعتدل في جلستها ثم أخرج لها الطعام ووضعه أمامها
_ انا عارف انك مش بتحبي الأكلات الجاهزة بس كوليها لحد ما نوصل القاهرة.
قطبت جبينها بحيرة وسألته
_ انت مش قلت هناخد يزن ونمشي؟
نظر للأمام وهو يقول بهدوء
_ ياسمين وافقت على آدم ومصر أنه يكتب الكتاب بكرة هنحضر الكتابة ونرچع، وتكوني ارتاحتي من الطريق.
لم تجادله واكتفت بالصمت بسبب ذلك الإرهاق الذي تشعر به وبدأت بتناول طعامها
اندهشت حينما وجدته يتصفح هاتفه فسألته
_ مش هتاكل؟
رد باقتضاب دون أن ينظر إليها
_ مليش نفس.
شرعت بتناول لقيمات خفيفة ثم وضعت الطعام جانبًا فترك هاتفه وانطلق بالسيارة وكأنه بدوره تعب من الجدال.
________________
لم تنام نور تلك الليلة وظلت تترقب بابا الغرفة تنتظر مجيئه.
ماذا ستفعل إن أصر على ذلك؟
هل تظل على رفضها؟ أم كما قالت آمال أصبح زوجها وعليها أن تطيعه وإن لم تفعل ذلك فأنها آثمة
نظرت لآسر الذي استيقظ وبدأ في البكاء فتدنو منه لتحمله بابتسامة عريضة وهي تمتمت
_ صباح الخير أكيد جعان.
واصل بكاءه كأنه بذلك يؤكد لها
أخذته وخرجت من الغرفة فتصادف خروجه وكأنه كان بانتظارها.
لم تستطيع النظر إليه وقررت الهرب قبل أن يعاود حديثه معها لكنها توقفت حينما ناداها
_ استني.
ازدردت لعابها بصعوبة وتطلعت إليه بإحراج
_ خير؟
وقف قبالتها وتمتم بثبات
_ فكرتي في اللي جولتلك عليه؟
رمشت بعينيها مرات متتالية تحاول الثبات أمامه وردت باقتضاب
_ لأ.
_ ليه؟
رفعت عينيها إليه وردت بألم
_ مش بالسهولة دي.
_ بس انا مش بطلب حاچة مستحيلة، انتي مراتي وطبيعي إن تچمعنا اوضة واحدة، وإن كان على اللي بتفكري فيه أنا مش مستعچل.
أنهى حديثه وأخذ منها آسر وتركها ونزل للأسف فتنظر هي في آثره تندهش من هدوءه
تنهدت بتعب منه ثم ترجلت خلفهم وقد شعرت بالراحة بعد حديثه.
________________
وصلوا إلى البناية ونظرت توليب وهو يستعد للترجل وسألته
_ هننزل الشنط؟
نزع نظارته والتي ظل يحتفظ بها طوال الطريق كي يخفي بها تعبيرات عينيه وقال برتابة
_ ايوة احنا هنحضر كتب الكتاب ونمشي في نفس اليوم، افردي وشك مفيش داعي حد يعرف إننا متخانقين
عقدت حاجبيها مندهشة من حديثه وسألته
_ متخانقين؟ فين الخناق؟
ضغط على شفتيه يحاول السيطرة على أعصابه ومازالت نظراتها المشفقة مرتسمة أمامه وتحدث بصلابة
_ عايزة توصلي لأيه؟
رمقته بعتاب تستعطفه ان يعود ذلك المحب الذي جذبها إليه وتمتمت بتأثر
_ عايزة اعرف ايه اللي حصل لكل ده؟ وياترى اللي شيفاه منك ده هيبقى طبيعة حياتنا ولا مجرد سوء تافهم هينحل وقت ما تسمعني؟
لم يجيبها ونظر إلى الأمام وكأنه يفكر في حديثها واردفت بعتاب
_ جواد انا اكتر حاجة بكرها في حياتي التجاهل وانت من وقت ما خرجنا من الفندق وانت متجاهل وجودي ومش عارفة ليه.
وإن كان على اللي حصل الصبح اقسملك مـ…..
قاطعها بحزم
_ خلاص
لن تسكت وتابعت بإصرار
_ لأ لازم….
هدر بها بعنف وهو يضرب طارة القيادة بيده
_ قلت خلاص والموضوع ده مش عايز أي كلام فيه فاهمة ولا لأ
اتسعت عين توليب من صوته الهادر ووجدته يترجل من السيارة صافقاً الباب خلفه بعنف حتى كاد أن يدميه ثم وقف بعيدًا عنها
عادت العبرات تتجمع داخل عينيها وهي لا تعرف لما يرفض التطرق في ذلك الأمر
وينظر إليه بتلك الحساسية
هي تريد أن تخبره بأنه لا يشكل عائقًا بينهما
وأن حبها له أكبر من ذلك بكثير.
لن يفيد العناد الآن
عليها أن تتنازل كي لا تزيد الأمر سوءً بينهما
مسحت عبراتها وترجلت من السيارة ودنت منه وهو يوليها ظهره
وقفت أمامه وهي تمسك يده وتخترق تلك النظارة بعينيها وقالت بعتاب
_ بقى بذمتك في واحد يزعل عروسته كدة في شهر عسلهم؟ مش كفاية عملته اسبوعين بس كمان هتزعلني فيهم؟
أشاح بوجهه بعيدًا عنها فتابعت بمرح رغم آلامها
_ انت واقف كدة والبنات عماله تبص عليك وانا بصراحة بغير
يا تدخل العربية لحد اعصابك ما تهدى يا إما نطلع عند طنط كندا تشوفك مكشر كدة تقولك
_ يا الله چواد شو ها الخلقة هاد.
اخفى جواد ابتسامته على مزاحها وقد هدئ تعصبه
وعندما لاحظت ذلك تابعت
_ اقلع بقى النضارة اللي مخلياك حلو بزيادة دي ويلا نطلع عشان بجد تعبانه اوي.
تطلع إليها بقلق وقد تناسى كل شيء كي لا يكسر بخاطرها ويرحب بمبادرتها تلك المرة وسألها
_ تحبي نروح لدكتور؟
هزت رأسها برفض وقد ارتاح قلبها عندما هديت اعصابه
_ لأ انا كويسة متقلقش عليا، يلا بقا زمانهم قلقانين.
ابتسم رغماً عنه وأمسك يدها ودلف البناية بعد أن أغلق باب السيارة وصعد للأعلى
لا ينكر بأنه مازال غاضباً من ذلك الموقف
لا يريد أن يرى تلك الشفقة في عينيها مرة أخرى لذلك كان عليه أن يكون بتلك الشدة معها
لن يقبل ان يراه أحد بها حتى وإن كانت زوجته.
______________
فتحت كندا الباب لتستقبل جواد وتوليب بسعادة
_ أهلين فيكم اشتقتلكم اكتير
احتضنتها توليب بحب وقالت بابتسامة عريضة
_ واحنا كمان اشتقنالك أوي.
ابتعدت توليب وتقدم منها جواد ليقبلها بدوره وسألها
_ اومال فين يزن..
لم يكمل باقي جملته ووجد يزن يندفع ليحتضن توليب بسعادة
_ ماما.
التقفته توليب بسعادة واحتضنته بشوق وهي تقول بحب
_ وحشتني أوي أوي يا قلب ماما انت.
مد يديه الصغيرة لجواد وتمتم
_ بابا
أخذه جواد منها ليقبل خده الألمس وقال بفخر
_ ها يا بطل، طلعت راچل إكدة ومعيطتش خالص؟
اومأ يزن برأسه فردت ياسمين التي خرجت من غرفتها على صوتهم
_ اه طبعًا معيطش خالص ولا عيط على توليب ولا عليك انتو ولا حاچة خالص
ضحكوا جميعاً ودنت ياسمين من توليب تحتضنها وقالت بعتاب
_ مع إني واخده على خاطري منيكي كنتي چيتي طمنتينا عليكي جبل ما تسافري ولا خلاص من لجي أحبابه.
نظرت توليب لجواد بغيظ وغمغمت
_ اعمل ايه بقا في اخوكي اصر إني أخرج من النيابة ونطلع على شرم
قالت كندا بحب
_ المهم تكونوا انبسطوا.
حاوط جواد كتف توليب بذراعه يقربها منه وقال بمكر
_ مش جوي بس وعدتني هتعوضها مرة تانيه.
زمت فمها بحنق وقالت بتوعد
_ بقى كدة؟ ماشي ولا تانية ولا تالتة.
سعدت كندا لسعادة ابنها وقالت
_ خلاص كفياكم نق وادخلوا ريحوا شوي من الطريق لحد ما نحضر الغدا.
وافقها جواد لمدى شعوره بالارهاق
_ اني فعلاً تعبان جوي ومحتاج انام ساعتين، هو المأذون هياچي أمتى؟
_ لسة ما بعرف حبيبي، آدم سافر البلد كرمال ما يچيب عمته، ادخل ارتاح هلا.
دلفت توليب مع جواد والذي ما إن أغلق الباب حتى جذبها إليه يقبلها بحب
حاولت الابتعاد عنه وهي تتمتم بخفوت
_ جواد مينفعش ممكن حد يدخل علينا.
غمغم برفض وهو لا يترك لها فرصة للابتعاد
_ محدش هيقدر يدخل.
وقبل أن تعترض أخذها في قبلة ساحرة أطاحت برفضها عرض الحائط واستكانت بين يديه.
______________
استيقظ جواد على طرقات متسارعة على باب الغرفة
فتح عينيه بتثاقل وقد ارهبته تلك الطرقات
نظر لتوليب التي تململت هي أيضًا في نومتها وسألت جواد بنعاس
_ مين اللي بيخبط بالشكل ده؟
جذب قميصه ليرتديه ثم نهض قائلاً بقلق
_ ممكن يكون آدم رچع
فتح الباب فيجد ياسمين أمامه وقد ارتعب من هيئتها وصوتها الباكي يقول
_ الحق يا جواد جدك مات.
_____________
اقتباس صغير
خرج آدم من المشفى وهو يشعر بالانتصار وكأنه الآن فقط انتقم لوالديه وانتهت صفحة حسان الخليلي من حياتهم واطمئنت روح ظلت تحوم حوله تطالبه بأخذ ثأرها وقد كان ثأر عادل دون أن يلطخ يده بدماءه.
رواية الـتـل
رانيا الخولي
الفصل الثلاثون
……..…….
في المشفى
انقلبت المشفى رأساً على عقب فور دوي صوت توقف جهاز القلب الذي اعلن عن توقفه بعد محاولات كثيرة لعودته للحياة لكنها باءت بالفشل وأعلن عن حالة وفاة حسان الخليلي
لم يستوعب مراد ما سمعه
كيف أن يكون حسان داخل المشفى كل تلك المدة ولم يعلم عن وجوده شيء
سأل مراد الطبيب الذي كان يتابع حالته
_ كيف يكون حسان الخليلي إهنه ومحدش يدرى.
هز الطبيب كتفيه بحيرة
_ اهله هما اللي رفضوا نعرف حد.
قطب جبينه بدهشة وسأله
_ أهله مين؟
فكر عادل قليلًا ثم اجابه
_ تقريباً اسمه خالد ومشفتوش تاني بعدها غير النهاردة.
تلاعب الشك بقلب مراد ثم عاد لمكتبه يحاول الإتصال بجواد
حاول مرة وأخرى لكنه لا يجيب فقرر الاتصال بعامر كي يفهم منه ما يحدث وأين هم من ذلك.
______________
دلف عامر منزله وهو يشعر بالسرور لعودة ابنه وزوجته، ويقضي مع عائلته التي لم شملهم بعد طول عناء لحظات حلم بها كثيرًا
فاليوم سيطمئن على ياسمين مع زوج يستحقها ويأخذ زوجته ويعود مع جواد للمزرعة كي يكون قريباً من والده فرغم كل شيء لن يستطيع الابتعاد وتركه وحيدًا.
دلف المطبخ فيجد زوجته وابنته يتناقران كعادتهما على نوعين الطعام
_ ياالله منك ياسمين ما بيصير هيك لازم تتعملي كل الأكلات راح تعيشي هون لوحدك مع زوچك ولازم انتي بنفسك تعملي هيك شغلات.
نظرت إليها بيأس وقالت
_ يا أمي الله يرضى عليك دي أكلات لبناني متمشيش عندنا هنا لو هتعلم هتكون أكلات مصرية
_ لا بدي اعلمك كل الأكلات كرمال تكوني ملهمة بكل شي، خلينا نبدأ باللبناني.
_ وبعدهالكم عاد هتفضلوا إكدة كيف ناجر ونجير؟
قالها عامر وهو يتقدم من ياسمين يقبل رأسها وقالت كندا
_ أي عامر بدي اعلمها كل شيء لازم تتعلم هيك شغلات كرمال زوچها زي ما كنت بعمل معك.
ضحك عامر بسعادة عندما تذكر لحظاتهم معًا داخل المزرعة وإصرارها على إعداد الطعام لهما
_ فكرتيني بالأيام دي يلا الله يسامحه اللي كان السبب
المهم آدم كلمني دلوجت وجالي أنه راچع مع عمته بالطيارة لجل ما يوصلوا على طول وبكرة هنكتب الكتاب إن شاء الله.
ابتسمت كندا بسعادة
_ يارب تكون زواچة الهنا إلهم .
انتبهوا لصوت هاتف عامر الذي اعلن عن اتصاله فأخرجه من جيبه فيتفاجئ بمراد
اندهش من اتصاله ثم اجاب
_ السلام عليكم
رد مراد من الجانب الآخر
_ وعليكم السلام فينك يا عمي؟
اندهش عامر أكثر واجاب بترقب
_ في مصر، خير يا ولدي؟
علم مراد بأنه لا يعرف شيء فوقف حائرًا لا يعرف ماذا يفعل
_ انا بكلمك من المستشفى، البقاء لله
انقبض قلب عامر ولم يفهم ما يقوله
_ البقاء لله في مين؟
اندهش مراد أكثر ورد بحيرة
_ انت متعرفش إن الوالد كان تعبان ومحجوز في المستشفى؟
تسارعت وتيرة دقاته ولم يستطيع سؤاله عما إذا كان والده هو المقصود أم لا وأردف مراد
_ مات من ساعة إكدة.
سقط الهاتف من يد عامر وهو لا يستوعب ما سمعه الآن.
كاد أن يسقط لكن يداي ياسمين وكندا أمسكا يده وساعداه على الجلوس على المقعد وسألته كندا
_ شو بك عامر
سألته ياسمين بخوف
_ مين اللي مات؟
لم يستطيع الرد فقالت كندا بقلق
_ عامر ما تتركنا هيك قول شو في؟
_ صحيلي جواد بسرعة، جوليله لازمن ننزل الصعيد لأن جده مات.
لم يستوعب كلاهما ما سمعاه وخاصة ياسمين التي سألته بعدم استيعاب
_________________
لم يستوعب جواد بدوره ما سمعه الآن ونظر إليها بعدم استيعاب
_ انتي بتجولي ايه؟
هزت راسها بألم
_ مراد لسة مكلم ابوك دلوجت وهو اللي جاله.
عاد جواد لغرفته يبحث عن هاتفه فيجد اتصالات كثيرة من مراد ويحيى
اتصل بمراد الذي لم يعطيه فرصة للرد
_ ايوة يا مراد ايه اللي بيحصل بالظبط
انتهى مراد من معاينة حسان وقال بثبوت
_ اني معرفتش غير دلوجت إن جدك في المستشفى من فترة طويلة والنهاردة القلب وقف وللأسف مجدرناش نعمله حاچة.
زم جواد فمه دلاله على مدى سخطه عليهم وقال بقوة
_ اوجف اي اجراءات هتتعمل لحد ما ارچع.
اغلق الهاتف ونظر لتوليب التي خرجت من المرحاض وهي تنظر إليه بقلق
_ في ايه يا جواد؟
ضغط على شفتيه يحاول السيطرة على حريق قلبه وقال بأمر
_ چهزي نفسك عشان راچعين التل.
لم يترك لها فرصة لسؤاله عن شيء ودلف المرحاض وأغلق الباب خلفه بقوة
ارتدت توليب حجابها وخرجت تبحث عن ياسمين كي تفهم منها فوجدتها تلملم ملابسها وتبكي بألم، تقدمت منها لتربت على كتفها وتتمتم بتأثر
_ البقاء لله يا ياسمين.
تطلعت إليها ياسمين بألم مغمغمة
_ مش متخيلة يا توليب إني حسان الخليلي يتمحي في لحظة من الدنيا إكدة
ألقت نفسها داخل حضن توليب وأخذت تبكي بحزن
فرغم جبروته وقوته إلا إنها تكمن له حبًا واحترامًا.
لم تجد توليب الكلمات التي تهون بها عليها لذلك اكتفت بضمها وتركتها تبكي حتى دلف جواد وهو يقول بأمر
_ يلا عشان حچزت طيران.
ساعدتها توليب في تجهيز حقيبتها ثم خرجوا جميعاً من المنزل متجهين إلى المطار
لم تكف ياسمين عن البكاء اما كندا فلم يرف لها جفن وهي تتذكر قسوة ذلك الرجل وجبروته معها
لم تسامحه ولن تفعلها وستظل تبغضه حتى آخر رمق لها.
وجواد الذي جلس في مقعده بملامح مبهمة لا توضح شيئاً
أما عامر فقد كان الندم حليفه لتركه كل ذلك الوقت ولم يسأل عليها مطلقًا
تركه في يد أحفاد يعلم جيدًا مدى كرههم له
ظل كل واحد بتفكيره حتى وصلوا للبلدة
وأثناء خروجهم من المطار أمسكت توليب في يد جواد لا تعرف إذا كانت تدعمه أم تطلب منه الدعم
تطلع إليها بنظرته المبهمة والتي لا توضح شيئاً ثم نظر أمامه بصمت مطبق.
نظر عامر لزوجته وقال
_ اني اتصلت على السواق عشان يوديكم القصر وأني وجواد هنروح المستشفى لجل ما نخلص الاجراءات.
تبدلت ملامح كندا وتمتمت برفض
_ ما بقدر عامر خليني اروح عـ المزرعة افضل.
هم بالاعتراض لكن جواد تحدث بحكمة
_ خليهم يروحوا على المزرعة دلوجت انما ياسمين هتروح تحضر العزا في الجصر.
تنفست توليب الصعداء وقد شعرت بعودة الدماء لوجهها بعد أن رفع عن كاهالها ذلك الحمل الثقيل
توقفت سيارتان أمامهما فصعدت توليب وكندا وكذلك ياسمين
والسيارة الأخرى لجواد وعامر
______________
اقتحم خالد وعدي مكتب مراد عندما رفضت المشفى تسلميهم جسمان حسان بأمر من مراد
فصاح به عدي
_ انت ازاي تمنعنا ناخد جدنا من اهنه؟
تطلع إليهم مراد بفتور
_ اني ممنعتش حد كل الحكاية أن عامر بيه هو اللي أمر باكدة، الموضوع ده اني مليش صالح بيه
ازداد غضب خالد أكثر وتحدث بانفعال
_ وهو يادوبك افتكر انه ليه اب يسأل عليه
نهض مراد من مقعده وتقدم منه ليحدثه بمغزى
_ وهو ده بجا اللي چاي يحجج فيه
ضرب على كتفه بقوة وتابع بتهديد مبطن
_ وفي حاچة رايد اعرفهالك، إن في حاچة اسمها آداب استئذان لأن الموضوع ده بيعصبني جوي وانت متعرفش اني لما بتعصب بعمل أيه؟
لم يرتاح خالد لمغزى حديثه ولهذا التزم الصمت أما عدي فقد هدر به
_ أوعى تفتكر إن عشان ليك نسبة في المستشفى دي هيديك الحج تتصرف كيف ما بدالك فيها….
قاطعه مراد بقوة اجفلتهم
_ كلمة زيادة وهخرچك برة المستشفى خالص وهمنع دخولك فيها واتفضلوا برة عشان چواد كلمني وچاي عشان يستلم جده هو وأبوه
هم عدى بالرد عليه لكن خالد منعه فهو يعلم مراد جيدًا لا يهدد دون تأكيد فانسحبوا بهدوء تاركين مراد ينظر إليهم باستهزاء.
دلف عامر وجواد المشفى مارًا من جوار أولاد عمه ناظرًا إليهم بتوعد ودلف غرفة مراد
أما عامر فقد تقدم منهم وأمسك بتلابيب خالد وتحدث بغضب
_ لولا إننا في مستشفى والناس عينها علينا كنت عرفتك مجامك صح بس حسابنا هيكون في البيت
نظر إلى عدى وقال بحدة
_ كنت فاكرك راچل بس طلعت احقر منيه.
خرج جواد مع مراد من الغرفة وتوجهوا لغرفة حسان لكن قدم جواد توقفت على أبواب الغرفة
لا يتخيل هيئة حسان وهو مستلقيً على الفراش دون حراك.
تلك الهيبة وذلك الجبروت لم يتخيل يومًا أن يمحيهم الزمن بلحظة كتلك.
كان يظن دائماً ان ذلك الرجل لن يموت وإذا مات سيكون قبله ولن يرى تلك اللحظة
نعم ناقمًا عايه ويحمله مسؤولية ما حدث له
لكن لا يعرف لما يشتاقه تلك اللحظة
لما يرفض أن يرى حسان الخليلي في ذلك الوضع.
ازدرد لعابه بصعوبة وهو يدلف الغرفة يقدم قدم ويأخر أخرى حتى رآى جسده الساكن على ذلك السرير
لم يستوعب حتى الآن وعقله يرفض بشدة
ما يراه أمامه.
يظن الجميع أن كل شيء قد انتهى بموته ولا يعلموا بأن الأمر ابتدى بموته، أو بمسمى أفضل قـ.ـتله.
انتهت الاجراءات وها هو يخرج محمولاً على الأكتاف ويذهب لمسواه الأخير.
الجميع حوله
منهم من جاء بدافع الواجب ومنهم بدافع الأجر والثواب ومنهم من جاء كي يشمت به
ومنهم من تعجب لأمر الإنسان يعيش حياته أما ميسر او مخير وبالنهاية يكون مجبر على الاستلقاء داخل ذلك المكان الموحش.
رفض جواد مساعدة احد له بحمل جده ووضعه في مكانه المنشود
فرغم كل شيء لن يسمح أن يكون جده حملاً ثقيلاً على أحد.
وها هو يتركه كحال الجميع ويرحل
لأول مرة يشعر بالضعف لأول مرة يشعر بالوحدة وكأن جده من كان يستمد منه القوة والصلابة
أراد أن يعود إليه ويظهر ضعفه أمامه ويطلب منه السماح لتركه بين يدي تلك الوحوش
تذكر حينما طلب منه العودة وكأنه لا يأمن غدره ويود أن يتحامى به وكيف خذله ورفض العودة إليه
نعم أخطأ وظلم وهو اكثر من عانا بظلمه لكن قلبه الآن يسامحه
لا يتذكر سوى حاچته إليه
_______________
عادوا إلى القصر ليقيموا العزاء وقد عاد فايز وزوجته عندما علموا بالأمر
وكذلك كندا وتوليب الذين ذهبوا مجبرين كي يكونوا بجوارهم في تلك اللحظة
كندا تعلم جيدًا مدى تعلق زوجها بوالده رغم كل شيء فعله معهم ولذلك وافقت على الذهاب ورؤية تلك المرأة التي شاركت في تعذيبها وحرمانها من أولادها.
لكنها اليوم تدخل بكبرياء وتجلة
وقفت أمام كريمة التي بادلتها النظرات بأخرى حاقدة ناقمة وقالت بتشفي
_ البقاء لله كريمة اول ما چواد ابني خبرني قلت ما بيصير لازم اعمل الواچب واعزيكي انتي كنة ها البيت الأرملة والمطلقة ولا شو رأيك؟
_ چاية تشمتي في الموت؟
هزت كندا رأسها بنفي
_ لا ها الشئ ما بيصير فيه شماته، الشي الوحيد اللي چاية اشمت فيه زي ما بتقولي هو انتي كريمة
تقدمت منها خطوة أخرى وتابعت
_ چاية اعرفك إني بقيت صاحبة ها القصر زيك لااا أكتر بكتير منك، الارملة والمطلقة ما إلها شي إنما انا بما إني كنة ها القصر فأحب اقولك انك ضيفة عندي والضيف له واچبه واحترامه، وأكون صريحة أكتر انا كنت رافضة إني ارچع لـ ها القصر بس بعد ما شوفتك قررت أرچع واعيش هون مع بنتي وكنتي.
تظاهرت بالتذكر وتابعت
_ اه نسيت اقولك إن چواد راح يرچع القصر من ها اليوم راح نتچمع متل الأول يا كريمة خانو.
تركتها كندا وجلست على احد المقاعد تأخذ العزاء وكريمة تنظر إليها بحقد أعمى
لم تتخيل أن تعود غريمتها وأن تتبجح بموت حسان الخليلي
التزمت الصمت مجبرة فهي حقًا ليست في موضع قوة ولا احد يعرف ما تخبئه وصية حسان.
بعد انتهاء العزاء تقدمت نعمة التي بعثها جواد للقصر هي ووالدتها كي يبقوا بجوار توليب وكندا
_ ست توليب جواد بيه خلاني اطلع الشنط في الأوضة لو رايدة ترتاحي شوية
قالت ياسمين
_ اطلعي ارتاحي انتي هو العزا خلص ومفيش داعي تفضلي جاعدة إكدة.
وافقت توليب وصعدت معها الغرفة لعدم شعورها بالراحة في ذلك المكان
ولكن فور دخولها للغرفة ازداد شعورها بالنفور من ذلك القصر وتلك الغرفة خاصة
تود ان تعود لمنزلهم في المزرعة وينعموا بدفئه لكن برودة ذلك المكان تجعلها تشعر بالاختناق
لكن عليها التحمل قدر الإمكان لأجل زوجها
فتحت الخزانة فوجت ملابسها قد وضعت داخلها وكذلك ملابس جواد
قامت بتبديل ملابسها وأخذت هاتفها كي تخبر والدها ووالدتها بامر العزاء
فقد تناست ذلك الأمر
انتبهت على دخول كريمة دون ان تطرق الباب فنهضت توليب قائلة
_ أظن إن الافضل تخبطي الأول قبل ما تدخلي.
تقدمت منها كريمة وهي تنظر إلى منامتها التي اظهرت مدى جمالها وقالت بغيرة
_ وانتي بجا اللي هتعرفيني ادخل اوضة بنتي كيف؟
اجفلت توليب إثر معرفتها لكنها استطاعت اخفاءها وقالت بثبات
_ معدش اوضة بنتك دي اوضتي انا واللي يدخل فيها يدخل باستئذان.
انفعلت كريمة من ردها ودنت منها أكثر وهي تقول بحدة.
_ اوعى تفتكري إن وجودك إهنه هتمحي بيه ذكريات بنتي
شمس هتلاجيها معاكي في كل مكان
أشارت على الغرفة وأردفت
_ الاوضة دي بنتي اللي اختارتها على ذوقها وحتى الفرشة اللي نايمة عليها دي بنتي نامت عليها جبلك
بسريرها ومرايتها ودولابها كل حاچة فيها بنتي سابت ذكرى فيها حتى جواد هي اول زوجه وأول واحدة يلمسها ويخلف منها انتي بس اخرك تاخدي اللي تركته وراها.
كانت توليب تنظر إليها بجمود وملامح لا تظهر تلك النيران التي استطاعت تلك المرأة أن تشعلها بداخلها لن تسمح لها بالتشفي بها فقالت توليب بثبوت
_ وانا راضية باللي بنتك سابته وكفاية عليا إني اول حب في قلب جواد
أنا اللي حبها في الوقت اللي كانت بنتك زوجه ليه وهو مجبر عليها
أنا اللي لمسته ليا لمسة كلها حب ورضى مش مجرد تراضي وخلاص
انا اللي مستعد يحط الدنيا كلها بين ايديا عشان ابتسامة حب مني مش العكس ابداً.
استطاعت أن تحقق مبتغاها واشعلت النيران في قلب كريمة والتي كشرت عن انيابها وهي تكشف عن شعرها و تقول بتوعد
_ وحياة ده وما يبجى على حرمة إن ما طلعتك من البيت ده زي ما طلعت حماتك من جبليكي.
ابتسمت توليب باستفزاز وتمتمت بتروي
_ عادي أعلى ما في خيلك اركبيه، واتفضلي بقا عشان جوزي زمانه راجع ويا دوب الحق اغير هدومي.
إن كانت النظرات تقـ.ـل لكانت توليب غارقة بدماءها الآن
خرجت من الغرفة وتركت توليب تنظر إلى الغرفة باختناق
لما فعل بها ذلك؟
لما قبل عليها أن تسكن تلك الغرفة التي سكنها مع زوجته الأولى
نظرت إلى الفراش وهي تتخيل اوقاتهم معًا..
المرآة التي وقفت امامها تتزين له
والخزانة التي كانت تضم ملابسهم معًا
هل كانت تختار ملابسه كما تفعل هي؟
هل كان يختار لها ملابسها وتتغنج عليه كما تفعل هي؟
اغمضت عينيها تحاول جاهدة اخراج تلك الافكار من رأسها
هي وحدها حبيبته، لم يعشق قبلها ولن يفعل بعدها فليس هناك بعد
هي له وهو لها ولن تسمح بشيء يعكر صفو حياتهم
لن تتخلى ابدًا مهما حدث ومهما قيل لها
عليها التحمل لأجله
جلست على المقعد وشعور غريب يجتاحها
تارة تشعر بأنه حنين لمنزلهم بالمزرعة وتارة اخرى لأوقاتهم التي قضوها في رحلتهم وتارة أخرى بالهرب من ذلك القصر وإجباره على العودة لحياتهم داخل منزلهم.
أنتفضت توليب فور إن سمعت خطواته خارج الغرفة وأسرعت إلى الفراش تتظاهر بالنوم كي لا يرى عذابها
أغلق الباب فور دخوله وأخذ ينظر إليها وهي تتظاهر بالنوم
يبدو انها غير راضية عن حياتها داخل القصر وهو أيضًا لكن فُرض عليه البقاء وعليها مساندته.
اخذ ملابس له ودلف المرحاض كي يأخذ حمامًا باردًا يهدئ تلك النيران المشتعلة به ثم خرج يندس بجوارها آخذًا إياها إلى صدره كي ينعم بدفئها واغمض عينيه ليغرق في سبات عميق.
فتحت عينيها عندما لاحظت تنظم انفاسه وأخذت تنظر إليه نظرة اشفاق يغلفها العتاب
هي تعلم جيدًا مدى بغضها لذلك المكان وتعلم أيضًا أن هناك سبب خلف عودته وأخفاه عنها.
نظرت لخصلاته المبللة والتي كحاله دائمًا يتركها هكذا تبلل الوسادة أسفل رأسه
وضعت أناملها على وجهه ترسم خطوط ملامحه بحب ثم تمتمت بخفوت
_ مش هسيبك لحظة واحدة حتى لو رميت نفسك في النار هرمي نفسي وراك.
________________
عاد مراد من العزاء فيجد المنزل في سكون تام
تقدم من الدرج ليصعد غرفته لكنه تفاجئ بحركة داخل المطبخ
تقدم منه فيجد نور واقفة أمام الموقد
حمحم كي لا يفزعها فالتفتت لتنظر إليه بحيرة
_ دكتور مراد في حاجة؟
هز رأسه بنفي وتحدث بروية
_ لا اني بس كنت راچع من برة لقيت صوت في المطبخ جولت اكيد انتي.
اخفضت عينيها باحراج راقه هو وجلس على المقعد قائلاً
_ بس لو مفيهاش اساءت ادب ممكن تحضريلي حاچة خفيفة إكدة لأني مأكلتش من الصبح
_ بس انت كدة هتستني ربع ساعة على الاقل عشان انا بعمل بيتزا ولسة داخله الفرن.
_ نستنى ايه المشكلة
جلس يراقبها وهي تتحرك داخل المطبخ وتضع الأطباق أمامه
ثم تقدمت من الفرن لتخرج ما بداخله فتقدم منها كي يخرجه بدلاً منها كي لا تأذي حالها
فتتفاجئ به خلفها وكاد القالب أن يسقط من يدها وربما يصيبه فحاولت تفاديه بمسكه جيدًا لكنه ابعدها فيسقط أرضًا وتتناثر محتوياته
_ أ…أنا..أسفة
قالتها نور بارتباك بسبب قربه منها ومالت لتلتقطها لكنه منعها
_ بتعملي ايه سيبيها، المهم انتي كويسة؟ أمسك يدها يتأكد من عدم اصابتها لكنها سحبتها بإحراج
_ اه كويسة، ثواني هعملك حاجة غيرها.
عاد يجلس على مقعده وهو ينظر إليها بحيرة
اقتحمت حياته وقلبتها رأسًا على عقب وجعلت ذلك القلب الذي لم يعرف الحب يومًا يهيم بعشقها
وهي أيضًا مهما حاولت إخفاءه فيبدو واضحًا عليها.
ظل يراقبها حتى انتهت أخيرًا ووضعت الطعام أمامه على الطاولة
ثم جلست قبالته وقالت بمرح كي تخفي به ارتباكها
_ دوق بقا وقولي رأيك.
تطلع إلى الطعام أمامه وقال بمزاح
_ اجول رأيي في ايه؟ في البيض بأنواعه مثلًا؟
زمت فمها بغيظ وغمغمت
_ انا عملت كدة عشان عارفة إنك بتتعشى حاجات خفيفة بس لو عايز حاجة تقيلة هتاكل أحلى أكل من ايديا.
ابتسم مراد لطريقتها في الحديث وأنها تهتم بما يفضله وقال بمكر
_ وبما إنك خابرة إن عشايا خفيف، خابرة ايه تاني؟
ارتبكت نور وتهربت قائلة
_ ثواني هعملك القهوة.
نهضت مسرعة وشرعت في عمل القهوة ووضعتها على الموقد فتتصلب في مكانها عندما وجدته خلفها يمد يده ليغلق المقود ويتمتم بجوار أذنها
_ بس انا مش بشرب قهوة في وقت متأخر زي إكدة.
ازدردت لعابها بصعوبة وهي تشعر بانفاسه تلفح عنقها ويده تلمس يدها كي يديرها بين ذراعيه وتطلع لعينيها التي اهتزت نظراتها بوجل وتمتم بغيرة محبة وهو ينظر لخصلاتها التي تركتها متحررة دون حجاب
_ وبعدين ينفع تخرچي من اوضتك وانتي كاشفة شعراتك إكدة؟
ازداد ارتباكها أكثر وتمتمت برهبة
_ انا عارفة إن مؤيد نايم وانت مش هترجع دلوقت فعشان كدة خرجت من غير طرحة.
ابعد خصلاتها عن وجهها ليضعها خلف أذنها وغمغم برغبة وهو ينظر لعنقها الذي كانت تخفيه بخصلاتها
_ متعمليش إكدة تاني والحجاب ميتجلعش غير في اوضتنا.
رمشت بعينيها مرات متتالية ورددت بدهشة
_ اوضتنا؟
أومأ لها بوله
_ اه اوضتنا من بعد النهاردة، انا اديتك فرصة تتقبلي الوضع بس انتي اللي معاندة.
اخفضت عينيها بأسف وتمتمت باقتضاب
_ مينفعش.
سألها بحيرة وهو يحتويها بعينيه
_ ليه؟
تجمعت العبرات داخل عينيها وهي تتذكر ما تعرضت له
_ صدقني انا مبقتش إنسانة طبيعية قسوة الحياة خلتني حطام مش أكتر، مبقتش بعترف بوجود الحب من أساسه ولا عاد عندي قلب يحب وفوق كل ده سلمى متستاهلش مني كدة.
تأثر مراد بدموعها وتمتم بثبات
_ ومين جال إن الحب مش موجود؟ لأ موجود ومنجدرش ننكر بس الحب بيبقى موجود بين الزوجين فقط قبل كدة بيبقى وزر حتى لو اكتمل بالچواز بيبقى بدايته غلط فينتهي برضه بغلط
وبالنسبة للثقة مش أي حد ندهاله لازمن يكون حد يستاهلها.
محق في كل كلمة نطق بها وكم أرادت ان يعود بها الزمان كي تغير ذلك المصير الذي وقع عليها
لكن حينها لم تكن لترى مراد ولا تعلقت به بذلك الشغف.
_ للاسف كلامك صحيح وعرفته متأخر أوي
_ وكل شيء خلقناه بقدر، مكتبلك إنك تبجى أرملة أخويا وتيجي البلد واشوفك وتشوفيني.
تاهت في عينيه التي ترى فيهما حب ولهفة لم تراهم من قبل
كان ينظر إلى محياها بعشق جارف ودقات قلبه تهدر بعنف
تطلع إلى عينيها التي تخفي بها عشقها له وشفتيها التي تود ان تنطق بالكثير لكنها مترددة
لا يبالي فقد علم من عينيها ما يحتج عليه عقلها فلم يعد يطيق صبرًا
مال عليها بتروي يلثم ثغرها بتروي وهدوء كي لا تنفر منه
اما هي فقد كانت تتخبط في مشاعرها فعقلها يأبى ما يحدث ويتمرد على قلبها ومشاعرها الذان يطالبانها بالغوص في بحور ذلك العشق الحلال دون خوف
دون شعور بالخزي من نفسها
استسلمت لذراعيه التي تقربها منه لكن عقلها لم يتركها وظل يذكرها بما مرت به فأخذت العبرات تتجمع بعينيها حتى تساقطت على وجنتيها
ابتعد عنها مراد عندما لاحظ دموعها وتطلع إليها بشغف وغمغم بصوت أجش
_ متخافيش يا نور انا بحبك.
انتهت مقاومتها عند تلك النقطة وتاهت معه في دوامة عشق لم تشعر بمذاقها من قلبها
ولم ينتبه أحد منهم لتلك التي تنظر إليهم بدموع قهر وألم ……
لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا
بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل
متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا
الرواية كامله من هناااااااااا
مجمع الروايات الكامله1 اضغط هناااااااا
مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا
تعليقات
إرسال تعليق