رواية التل الفصل الخامس عشر والسادس عشر والسابع عشر والثامن عشر بقلم رانيا الخولى
رواية التل الفصل الخامس عشر والسادس عشر والسابع عشر والثامن عشر بقلم رانيا الخولى
رواية الـتـل
رانيا الخولي
الفصل الخامس عشر
……………
لم تفهم سهر معنى حديثه وسألته بتوجس
_ يعني ايه؟
أجاب بانفعال
_ اللي فهمتيه، تروحي تعتذري ليها دلوجت وعلى كل تصرف سئ حصل منيكي يا إكدة يا إما تروحي بيت أبوكي ومترچعيش أهنه تاني
اتسعت عينيها بصدمة وكأنه شخص آخر غير مؤيد الذي عرفته وأحبته بصدق
_ يعني بتتخلي عن ام أبنك وحبيبتك عشان واحدة لسة عارفينها من شهرين ولا تلاتة؟
صحح لها بحدة
_ دي مش واحدة، دي امانة أخويا وأم ابنه ولازمن تعيش في البيت ده معززة مكرمة زيها زييكم واللي مش عاچبه يتفضل برة بيتنا.
رمشت بعينيها مرات متتالية تحاول استيعاب ما سمعته
_ ده آخر كلام عندك؟
_ ده اللي عندي
__________
نهض جواد من فراشه وهو يشعر بحنين جارف إلى حصانه
مر اسبوع كامل ولم يراه فيهما مرة واحدة
ابدل ملابسه وذهب إلى الإسطبل فيصهل الحصان بسعادة فور رؤيته
ابتسم جواد برتابة وقام بأخراجه وجذبه حتى وصل به إلى السياج
ثم ملس على رأس فأخذ يهز رأسه بغنج على صاحبه
ابتسم جواد لكنها تلاشت فور أن وجد ذلك الطيف الذي سار يدنو منه وفي كل خطوة ينبض قلبه بهدر جعل انفاسه تتثاقل
ها قد اكتملت أمامه بذلك النقاب الذي أخفى وجهها الندي لكن أظهر تلك الشموس الليلية فتضيئ بضياءها الخافت ظلام عشق حكم عليه بالموت لكن جاءت نظرة الحياة لتدب فيه الروح من جديد
ازدرد جفاف حلقه وهو ينظر لعينيها وقد عاد المشهد يتكرر الآن وهي تسير بخطوات تدعس بها على قلبه فتشفي بسحرها عليله
اقتربت من السياج وهي تشعر بالندم لتسرعها لكنها ارادت السير خلف قلبها للمرة الأولى وقد تبدو الأخيرة
تريد أن تنعم وينعم معها قلبه الذي عانى مرارة الشوق وها هو يحلق باجنحته في سماء العشق بعد شفاءهم ونسيم الشوق يداعب أحلامهم.
لم يتحرك من مكانه رغم صهيل الحصانه كأنه يطالبه بالصعود على ظهره لكنه لم يبالي سوى بوجودها
تذكر ذلك اليوم الذي رآها فيه أول مرة فجذبته باهتمامها بهوايته
لم يجد من يشاركه حب الخيل سواها ولذلك تجاوبت معه بالحديث رغم خجلها
تذكر عندما نادتها صديقتها وقطعت حبل وصالهم وكم شعر بالاستياء لذهابها
لم يكن العشق قد تملك منه حينها لكن عندما أخبره السائس بما حدث لحصانه انقبض قلبه حتى كادت روحه ان تسلب منه خوفًا عليها حتى أنه لم يبالي بمن معه واسرع إلى الإسطبل كي ينقذها
وكم هاله الوقف وهو يراها تتقدم منه فيثور بها لولا يده التي انتشلتها من أمامه.
نظر إلى يدها التي تركت ندبتها ولم توافق على محوها بعملية التجميل على يد تلك الطبيبة واكتفت فقط بالندبة التي بوجهها.
تقدم منها بحصانه وقلبها لا يرأف بها وهو ينبض بعنف حتى كاد أن يزهق روحها وهي تراه يدنو منها
توقف على بعد بسيط كي لا يجعلها تجفل منه وغمغم بلهجة يشوبها العتاب
_ منستش اللحظة دي ولا هنساها
اخجلها بحديثه فتهربت بعينيها ونظرت إلى رماح وتمتمت بخفوت وعتاب خفي
_ وعدتني وقتها إنك هتخليني المسه، وجيت المسه جرحني.
بسط يده لرماح بقطع السكر فالتهمها بروية وأجاب جواد بشجى
_ كان غصب عنه، الجواد المجروح مبيجدرش يشكي ألمه فغصب عنه بيچرح اللي جدامه وكأنه بيشكيه بچرحه لجل ما يحس اللي معاه، داعب صفحة وجهه وتابع
_ بس دلوجت جروحه شفيت ومبجاش مضطر يجرح عشان يحسس اللي جدامه بجرحه
_ بس الجرح كان كبير أوي لدرجة إن اللي قدامه خايف يقرب وينجرح من تاني.
تقابلت نظراتهم والتي كانت تحكي وتخبر كل منهما الآخر " لم تكن وحدك بل تذوقت من ذلك الكأس حتى ارتوى القلب من مرارته "
رفعت اناملها بتردد كي تضعها على وجه الحصان بعد أن طمئنتها عين جواد فصهل الحصان بصوته جعلها تجفل وترتد للوراء.
ضحك جواد مما جعلها تغتاظ منه وقال بسعادة
_ أومال ايه بحب الخيال والكلام ده.
عادت تتقدم من السياج لتستند بيدها عليه وتمتمت باحتدام
_ اه بحبهم بس اول مرة اقرب منهم.
طمئنها بعينيه وقال بلهجة بثت بداخلها الأمان
_ جربي ومتخافيش
تقدمت منه بحذر ورفعت يدها ذي الندبة الواضحة عليها لتتلمس وجه الحصان ولم يخيفها تلك المرة بل ظل هادئًا
_ تعرفي إن الحصان ده بطبعه مش بيجبل حد غيري؟
حتى أنا استمر فترة طويلة يهاجمني بس أنا فضلت أحاول معاه لحد ما رضخ في الآخر.
تطلع إليها بعشق وتابع
_ انتي الوحيدة اللي قدرتي تروضيه من نظرة واحدة، أول ما شافك هديتي الجدار اللي كان بانيه بين قلبه وبين العشق بس أول ما شافك كل حاچة رضخت ليكي بكل سهولة وكأنه كان منتظرك من سنين.
تهربت بعينيها من نظراته التي تخجلها وسألته
_ كل ده حس بيه الحصان؟
أومأ لها بتأكيد
_ وأكتر كمان، تحبي تسمعي اعترافه كامل؟
حمدت ربها أنها ارتدت النقاب كي يخفي احمرار وجهها فهزت رأسها بنفي
_ لأ أنا عارفة كل اللي جواه ومقدرة شعوره.
حاول السيطرة على دقات قلبه التي تهدر بعنف وتمتم بروية
_ افهم من كدة أنه لو حاول يقرب مش هتترددي؟
_ لأ
_ مهما كانت الأسباب؟
علمت أنه يقصد اعاقته فرفعت عينيها إلى عينيه التي تنتظر إجابتها بفارغ الصبر
وقالت بصدق
_ مفيش حاجة تخلينني اتردد ثانية واحدة، مهما كانت الأسباب.
أراحت قلبه بحديثها فتقدم منها ليقول بعشق
_ وهو مش هيخليكي تندمي لحظة واحدة إنك سمحتيله يچرب
❈-❈-❈
وقفت نور أمام مؤيد وسهر لا تفهم سبب استدعاءها
نظرت إلى سلمى التي اندهشت بدورها لكن مراد كان يجلس بأريحية على المقعد وكأنه يعلم ما يدور.
بعد تردد كثير استطاعت سهر ايجاد صوتها وتمتمت رغماً عنها
_ انا …أنا أسفة لو كنتي فهمتيني غلط بس اني كنت جلجانة على ولدي مش أكتر وجومت عشان أشوفه.
تحدثت امال بطيبة
_ عادي يا بنتي انتو أخوات ربنا يديم المحبة بينكم ويبعد عنكم شر النفوس.
علمت نور انها تعتذر بأمر من مؤيد وهذا جعل شعورها بالاستياء يزداد ويزداد
ثم نظرت لسهر وتمتمت
_ بس انا اللي مفروض اتأسف مش انتي، انا اللي لغبطت حياتكم وعملتلكم مشاكل انتو في غنى عنها.
رد مؤيد بهدوء
_ ولا مشاكل ولا حاجة، البيت ده بقى بيتك وبيت ابنك وأي حاجة تطلبيها هنكون تحت أمرك.
رغم اندلاع الغيرة في قلب سهر الا انها وقفت ثابته كي لا تعرض نفسها لذلك الموقف مرة أخرى وخاصة عندما نهض مراد وتقدم منها ليقول بمثابرة
_ وچودك مش مضايجنا ولا حاچة كل الحكاية إننا كنا مستنين نتأكد لأن مش أي حد هيخبط على بيتنا ويجول أنه تابع لاخونا هنصدجه، صحيح في حاچات اني مغيرتش رأيي فيها بس ده ميمنعش إنك بجتي مننا وزي ما جال اخوي طلباتك اوامر عندينا.
شتان بين الاثنين حتى إنها لا تصدق بأنهم إخوة
مؤيد ببساطته للأمور وكلماته الحانية
ومراد بعنجهيته وتعقيده لكل شيء غير اسلوبه الذي يجعل من أمامه ينفر منه، ظلت تنظر إليه وهو يصعد للأعلى بعد أن ألقى كلماته السامة وذهب
وهنا استئذنت سهر وصعدت لغرفتها بعد ان رمقت مؤيد بعتاب فعلمت حينها بأنه من أجبرها على ذلك
انسحب مؤيد بدوره وخرج من المنزل وسلمى صعدت خلف زوجها ولم يبقى سواها
صعدت هي أيضًا إلى غرفتها لكن عندما مرت أمام غرفة سهر لم تستطيع منع نفسها من الطرق على بابها وعندما فتحت سهر اندهشت من وجودها وخاصة عندما تحدثت باعتذار
_ انا جاية اقولك لو شايفة وجودي في حياتكم هيكون سبب في اي مشاكل بينك وبين جوزك فأنا هنسحب بهدوء، انا صحيح مليش اخوات بس كنت اتمنى إني اعوض معاكم الحرمان ده، بش مهندس مؤيد فعلاً حسسني بأخوته ليا وسلمى كمان بس ده ميمنعش إني عايزة وجودك انتي كمان في حياتي.
التزمت الصمت عندما لم تجد رد فعل منها فقررت الانسحاب بهدوء وتمتمت بخفوت
_ اسفة مرة تاني.
استدارت لتمضي لكن صوت سهر أوقفها
_ بس انا مش اخت كيوت زي اللي بتشوفيهم أني اخواتي نفسهم ما صدجوا وچوزوني عشان يخلصوا مني.
نظرت إليها نور بابتسامة صادقة
_ وانا معنديش مانع.
بادلتها سهر الابتسام
_ إن كان إكدة ماشي.
انتبهوا لخروج مراد من غرفته ومر من جوارهم وهو يلقى السلام بفتوره المعتاد
فيردوا بثبات رغم ضيقها منه وأخذت تنظر إليه حتى اختفى من أمامهم فقالت سهر بتعاطف
_ متزعليش من دكتور مراد هو إكدة معانا كلنا بس جلبه ابيض ويعتمد عليه.
اومأت نور بصمت ثم استئذنت وعادت لغرفتها.
مرت الأيام على الأبطال بهدوء وكأنه الهدوء الذي يسبق العاصفة
لم يهدئ جواد منذ ان علم بالحقيقة وظل يتابع مع المحاميين لكنهم اجمعوا أن عودة ذلك الرجل سيعزز من موقف القضية والسبب في ذلك هروبها
فطلب المحامي الخاص بهم الجلوس معها كي يفهم منها الموقف بكل تفصيله
وافق جواد على مضد وبعث إليها فور مجئ المحامي
دلفت توليب ومعها ياسمين
_ السلام عليكم.
_ وعليكم السلام
تابع جواد
_ اتفضلي اجعدي
جلست توليب بالمقعد المقابل لهم وجلست ياسمين على الأريكة بجوار أخيها وبدأ المحامي اسألته
_ اتفضلي يا آنسة توليب احكيلنا اللي حصل بالظبط
شعرت بالاحراج من تواجد جواد لكنها مجبرة على ذلك فبدأت تحكي كل شيء منذ البداية وتعرضه لها في كل مكان حتى يوم الحادث
كانت تراقب تعبيرات جواد ويديه التي يقبضها ويبسطها دلالة على مدى غضبه او بشكل أدق غيرته
فعاد المحامي يسألها
_ عفواً في السؤال بس هو ترك اي علامات على جسمك؟
لم يتقبل جواد سؤاله وقال بانفعال
_ جرا ايه يا متر ايه لزمته السؤال ده؟
_ كيف ده سؤال مهم چدا في الجضية
عاد المحامي سؤاله وجواد ينتظر إجابتها مجبرًا
تمتمت توليب باقتضاب
_ لأ
لم تستطيع التطلع إليه ولم تقوى على ذلك
اما هو فقد وقف ينهى ذلك اللقاء
_ طيب محتاچهم في حاچة تاني.
شعر المحامي بغيرته وقال بهدوء
_ لأ يا سيدي كفاية كدة
أشار لهم بالخروج وبدأ المحامي يضع اوراقه في حقيبته وقال لجواد
_ متجلجش القضية هتكون دفاع عن الشرف وفي نفس الوجت دفاع عن النفس ومش بعيد تخرج من النيابة على طول
_ أني مش عايزها تاخد يوم واحد في الحبس.
حمل الرجل حقيبته وقال
_ حاجة زي دي هتكون صعب أوي لأنها قضية قـ ـتل أقل حبس بيكون ١٥ يوم على ذمة التحقيق، وده اللي خلى عمها يرفض يسلمها مع إن القضية في الوقت ده كانت هتسهل كتير أوي ومع الاثبات كانت هتخرج على طول
أني هسافر بكرة القاهرة واتابع القضية واشوف وصلت لفين، وانت خليك متابع الامين ده لحد ما نشوف هيعمل ايه
خرج المحامي وظل جواد في مكانه يفكر في حل لتلك المعضلة
فقد أصبح وجودها في المزرعة مقلق بعد معرفة الجميع بها
ولن ترحمها السنتهم بعد الآن
وبالأخص خالد الذي سيتخذها فرصة لتشوية سمعتهم.
دلفت ياسمين المكتب تسأله
_ عملت أيه؟
تنهد بتعب وهو يعود بظهره للوراء
_ ولا حاچة
_ طب هتعمل ايه معها وانت خابر إن ولاد عمك عرفوا بوچودها إهنه وكريمة هتاخدها فرصة عشان تشوة اسمك جدام جدي.
_ ده اللي كنت بفكر فيه.
نظر إليها ليسألها
_ هي عارفة حاچة عن الحادثة؟
ردت عليه باحراج
_ انا حكتلها على كل حاچة لما چات.
_ وكان رأيها أيه؟
_ جواد متديش الموضوع أكبر من حجمه أني شايفة إنها حاچة عادية وخاصة مع واحدة زي توليب اچعد اتحدت معها واعرف رأيها واني واثچة انها مش هترفض بعد الحب اللي حبته ليك.
تنهد جواد بتعب وقرر المضي قدماً فيما انتوى فعله.
❈-❈-❈
بدأت نور تتأقلم على الحياة معهم وأصبح الجميع يعتاد وجودها
استطاعت بكلمات طيبة أن تخمد غيرة سهر والتي أصبحت صديقة لها
بدأت آمال تسترد صحتها بذلك العوض
أما مراد فقد كان يبات ليالية في زهاد
وشعور الخيانة بداخله لا يرحمه
فقد طرق الحب قلبه لأول مرة وذلك شيء خارج عن إرادته
لم يكن يود إهانة سلمى والتي تعد شيئاً همًا بحياته لكن ليس على القلب سلطان
كانت مستلقية بجواره واضعه رأسها على كتفه لكن قلبه الخائن ينبض لأخرى.
يعلم جيدًا مدى طيبتها وأنها لن تمانع لكن هو يعلم مدى صعوبة الأمر عليها.
ليست وحدها بل أي أمرأة لا تتحمل مساركة أخرى زوجها، وخاصة إذا كانت بظروف سلمى.
أقسم أنه حارب ذلك العشق كثيرًا وتعامل معها بكل قسوة كي لا يترك قلبه لغزو ذلك العشق لكنها استطاعت هدم حصونه وتمكنت منه
انسل بهدوء من جوارها وسحب قميصه القطني ليترديه ثم توجه إلى الشرفة ربما هواءها يساعده على النوم
لكنه تفاجئ بمن خطفت النوم من عينيه تجلس على الأريكة في حديقة المنزل.
ويبدو عليها التعب.
تمكن القلق منه وقرر الذهاب إليها كي يطمئن عليها، او هكذا وجد مبرر للتحدث معها
خرج من الباب الخلفي ليجدها جالسة على الأريكة في وجوم
_ السلام عليكم.
قالها بصوت خفيض كي لا يفزعها فالتفتت لتنظر ناحيته واندهشت من وجوده حاولت النهوض لكنه منعها
_ خليكي زي ما انتي.
تقدم ليجلس بالقرب منها سألها باهتمام
_ ايه اللي مجعدك لوحدك في وجت زي ده.
عاد الألم إليها وتمتمت بثبات
_ مفيش، مجليش نوم قلت اقعد في الجنينة شوية.
ابتسم مراد رغماً عنه وتحدث بتروي
_ نفس شعوري، مش جيلي نوم جلت أجعد في الچنينة شوية.
_ لو هضايقك ارجع اوضتي عادي.
قالتها نور وهي تهم بالنهوض لكنه منعها
_ لأ خليكي
عادت لتجلس مكانها وشعرت بأن هناك أسئلة كثيرة يود التحدث بشأنها
فقالت برتابة
_ عارفة إن أسئلة كثيرة جواك وعايز تعرف إجابتها
اشاح بوجهه بعيدًا عنها ورد بهدوء
_ مش كتيرة ولا حاچة هو سؤال واحد محيرني
إزاي انسانة متعلمة وواعية زيك يتضحك عليها بالسهولة دي؟
ابتسمت بمرارة وردت بحزن
_ ده لأني عيشت وحيدة بمعنى الكلمة
لما ماما اشتغلت في بيت عاصم بيه ادانا اوضة صغيرة في الجنينة مكتش مسمحلي أخرج براها
كان اخري اخرج منها للمدرسة وأرجع تاني
ولما كبرت وخلصت الثانوية ماما قررت إننا نرجع لشقتنا عشان حتى اكون قريبة من الجامعة
كانت بتشتغل طول النهار وترجع بالليل واحيانا ترجع الفجر لو عندهم حفلة او غيره
مطنش ليا اصدقاء نهائي غير لبنى حتى مكنتش بعرف اقعد معها لأني بخلص المحاضرات وارجع فوراً على البيت، مكنش عندي خبرة في الحياة والناس كلها طيبة زيي والشر ده نسمع عنه في الافلام بس، دي كانت الحياة بالنسبة ليا
وفي اليوم اللي آسر رجع فيه كنت في آخر سنة في الجامعة وقتها عاصم بيه عمل حفلة كبيرة اوي بمناسبة رجوعه
سهام طلبت من ماما إني اروح اساعدهم.
لاح الحزن بعينيها وتابعت بمرارة
_ روحت وكان مطلوب مني اقدم المشروبات للضيوف، وللأسف الحفلة كان فيها كتير أوي من زمايلي وفضلوا يضحكوا عليا ويطلبوا طلبات كتير وبعدين بطلبوا يغيروها
واحدة منهم وقعت الچاكت بتاعها في الأرض وطلبت مني ارفعه وادهولها
مقدرتش اتحمل وجريت وقتها وقعدت قدام اوضتنا اللي في الجنينة وفضلت أعيط
لحد ما لقيت اللي جاه قعد جانبي وقالي متعيطيش انا أخدتلك حقك وطردتهم
رفعت عينيه لقيته آسر الغربية انه سابني ومشي ومضافش كلمة زيادة وبعدها اكتشفت انه فعلا طردهم من الفيلا
بعدها روحت عشان اشكره وكانت البداية
كأنه عارف انا محتاجة ايه وعوضني بيه
اي مشكلة كانت بتواجهني كان هو اللي بيحلها بدور اخوكي الكبير واي مشكلة تتعرضلك تعالي وانا احلها
الأخ الكبير اتبدل وبقى يمثل دور الحبيب وبما إني لا املك خبرة في الحياة صدقت التمثيل ده ووقعت فيه
ووهو كان ممثل بارع
لما كان يصر أننا نتقابل كنت بخاف لماما تعرف وكنت برفض وفي يوم طلبني للجواز.
اغمضت عينيها تحاول الثبات أمامه وتابعت
_ جاه بعدها يقولي أنه رفض بس مش هيقدر يتخلى عني
رفضت وبعدت لكن مسبتيش وفضل يقنع فيا أننا نتجوز عرفي
وقتها رفضت واصريت أبعد وامتنعت عن الخروج عشان ميشفنيش
بس جاني البيت وأجبرني إن موافقتش اخرج معاه هيفضل قاعد لحد ماما ما ترجع
خفت ووافقت واتقابلنا برة قالي أنه هيتجوزني عند مأذون يعني مش هنعمل حاجة غلط بحيث انه يحط ابوه قدام الأمر الواقع
تدحرجت دموعها بغزارة وتابعت
_ وافقت بس قالي أنه جواز شرعي والموضوع مسألة وقت وهيشهر جوازنا.
للأسف مكنش عندي أب يكون ضهر وسند ويملى عني عن كل الرجالة ولا أم تشاركني مشاكلي وتوعيني
وطبعاً انت عارف الباقي.
مسحت دموعها بيدها وقالت بثبات زائف
_ دي كل الحكاية وبلاش تسألني عن حاجة تاني
انسحبت بهدوء من جلستهم وعادت لغرفتها
وتركها مراد كي لا يضغط عليها، فقد عرف ما يود معرفته وانتهى الأمر..
❈-❈-❈
كعادته دائمًا
يأخذ حصانه داخل السياج ويتركه يمرح وتداعب نسمات الليل العليلة خصلاته السوداء فتتطاير حول عنقه في هيئة تسلب الأنفاس
تقد منه جواد ليمسك اللجام يوقفه عن الحركة ليصعد على ظهره بمهارة لم تعيقها إعاقته.
وحينها سمح لحصانه بالرمح كيفما يشاء
وتلك هي أحب الأوقات على قلبه
أما هي فقد أوت للفراش مبكرًا لم تراقبه ككل ليلة بل فضلت النوم بعد ليالي طويلة من الزهاد وكأنها تعوضها بالنوم
رن هاتف بجوارها فظنته حلم ولم تبالي له
لكن تكرر مرة وأخرى فجذبت الوسادة لتضعها على أذنها فلاحظت رنينه حقًا
نظرت إلى المنضدة بجوارها فوجدته هاتف غريب، ليس هاتفها ولا هاتف ياسمين فقرأت اسم المتصل فتظهر ابتسامة جليلة على ثغرها عندما وجدت اسمه يضئ الهاتف
فتحت بعد محاولات كثيرة منه فترأف بحاله وتجيب بخجل
_ انت اللي بعت الفون ده.
جاءها رده وصوته الرخيم
_ أومال كنتي فاكرة مين؟
اعتدلت في فراشها لتستند بظهرها على ظهر التخت وتمتمت بخفوت
_ انا لسة شيفاه ملحقتش اخمن.
_ طيب انزلي.
نظرت في ساعة يدها وغمغمت برفض
_ لأ طبعًا الوقت اخر أوي مش هينفع.
_ بس دي مش خلوة عشان تجلجي منها اني مستنيكي في السياج
أغلق الهاتف دون أن يستمع لردها
اختفت رغبتها في النوم ووجدت نفسها تنهض وترتدي نقابها ونظرت من النافذة لتجده يمتطي جواده وينطلق به داخل السياج
آتتها رغبة بالعودة للنوم وألا تنساق خلف مشاعرها لكنها قد تركت الأمر بيد قلبها ولم يعد للعقل مكان
وما ادهشها حقًا عندما ذهبت إليه ووجدته يضع سرجًا على أحد الأحصنة وكانت بيضاء اللون
وعندما وجدها تقترب منه
تقدم هو بدوره وهو يسحب الفرسه ليقربها منها وهي مأخوذه بسحره
فتح لها باب السياج وأشار لها بالدخول ولم تتردد كثيرًا بل وجدت قدمها تسير وفق أوامره ودلفت السياج ليغلق هو الباب خلفها وتتقابل نظراتهم في حديث ابلغ من الكلام
حتى وجدته يخطو خطوة واحدة إليها ليمد يده باللجام وهو يتمتم بصوته النادي
_ دي اكتر فرسة مميزة عندي اتولدت في اليوم اللي شوفتك فيه وجتها حسبت عمرها بعمري لإني اتولدت في اليوم ده زيها بالظبط
الفرسة دي بتحسب بعمرها عمر عشقي ليكي واليوم ده كملت السنتين بس بمناسبة چديدة هتعرفيها لما تجبليها مني.
لم تصدق توليب ما تسمعه أذناها وكأنها مازالت على فراشها وتتخيل ما يحدث الآن
فأرادت عيش تلك اللحظات حتى لو كان حلمًا ستنعم به حتى تستيقظ منه
دون إرادتها وجدت يدها تأخذ منه اللجام فتظهر حينها ابتسامته التي تراها لأول مرة منذ أن جاءت لتلك المزرعة
وتمتمت برهبة
_ ايه هي؟
تقدم بخطوة أخرى لكنها قابلتها بخطوة أخرى للوراء وتمتم باحتواء
_ بمناسبة إني هعترف باللي كاتمه چواي السنين دي ومجدرتش حتى أخرچه لحدا
رمشت توليب بعينيها فتخرج من بين أهدابها سربًا من الفراشات رفرفت باجنحتها حولهما وجعلت قلبه يدق بعنف أرهقه وتابع حديثه بوله
_ رايد أخبرك إني…..
زم فمه بضيق عندما قاطعه صوت هاتفه فالقى نظرة عليه ليجده حسان
تردد في القبول لكنه يود حقاً مقابلته
ابتعد عنها قليلًا ورد بإيجاز
_ خير.
لم يغضب حسان من رده فقد أصبح يعتاد حدته في التعامل معه
جلس حسان على مقعده في مكتبه وتحدث بثبوت
_ سمعت إنك چيت النهاردة عشان تجابلني بس كنت بعافية شوية، أني مستنيك.
أغلق الهاتف دون أن يستمع رده مما جعل جواد يضغط على الهاتف بسخط
انتابها القلق وهي ترى تعبيرات وجهه ولاحظ هو ذلك
اعاد الهاتف لجيبه وتحدث بمصابرة
_ أرچعي اوضتك دلوجت.
أرادت ان تطفو جوًا من المرح عليه كي لا يشعر باحراجها وتمتمت بمرح يشوبه بعض الخجل وهي ترفع لجام الفرسة أمامه.
_ هرجع بالفرسة معايا؟
ابتسم رغماً عنه ونادى سائسه
_ حسانين.
اسرع اليه الرجل وهو يقول بطاعه
_ أمرك يا بيه.
أشار له على الأحصنة
_ رچعهم الأسطبل
أخذهم الرجل وعاد بهم ثم نظر إليها قائلاً
_ روحي اوضتك دلوجت وأوعاكي تخرچي منيها.
أومأت له وذهبت لينظر هو في اثرها حتى اطمئن عليها ثم ذهب إلى سيارته يستقلها ويتوجه إلى القصر.
_______________
دلف جواد القصر لتعود تلك الغصة إلى قلبه
مازال يبغض ذلك المكان ويشعر بصعوبة في دخوله
لكنه مجبر لأجلها
صادف اثناء مروره للمكتب سيلين أخته والتي فرحت جدا برؤيته
تقدمت منه لتحتضنه بسعادة
_ جواد وحشتني جوي.
حاول الثبات أمامها وتظاهر بالجمود خوفًا عليها من بطش والدتها إن رأتها معه وقال باقتضاب
_ كيفيك.
ابتعدت عنه قليلًا ولم تغضب من جموده فهي تعذره في كل شيء وتمتمت بابتسامة تدل على مدى سعادتها
_ اني الحمد لله زينة وخلاص فرحي الشهر الچاي أوعاك تكسر فرحتي ومتاچيش.
هز رأسه بتأكيد
_ هاچي إن شاء الله
انتفضت بوجل عندما سمعت صوت والدتها
وابتعدت عنه سريعًا
_ بتعملي ايه عنديكي؟
ارتبكت سيلين وتمتمت برهبة
_ أني كنت بسلم على چواد.
تقدمت منهم وهي تنظر إليه بكره دافين وقالت بأمر
_ انجري على اوضتك ومتخرجيش منيها.
أومأت الفتاة بطاعة وذهبت لغرفتها وهي تنظر لأخيها بتأثر
تطلع إليها جواد بفتور
_ كيفك يا مرات عمي.
رمقته بسخرية
_ لساتك بتجولي مرات عمك ومش جادر تعترف بإني أخدتك مكان امك
ابتسم باستفزاز
_ مش مهم المكان المهم الجلب وكلنا خابرين زين إن رغم بعدها عنيه إلا أنه لساته عشجانها ولا ايه يا.. مرات عمي.
ازداد سخطها عليه وغمغمت من بين أسنانها
_ ياريتك انت اللي موت مكان بتي كنت خلصت منيك على الأجل بس انت زي الجطط بسبع ارواح كل مرة تخرج منيها.
أومأ مؤكدًا
_ ومش بس إكدة، اني كمان بترصد لشرك وشر ولادك سواء لما بعتوا رچاله تحرج الأرض، ولا لما حاولوا يسمموا الخيل وضربتي وجتها كانت قاضية ليهم وخسرتهم كتير جوي.
قرب وجهه منها ليغمغم بسخط
_ ولسة هيشوفوا كتير لو حاولوا يجربوا مني، انتو اللي خرچتوا شيطاني وانتو اللي هتتحملوا.
تركها تنكوي بغليلها ودلف مكتب جده ليجده جالسًا على مقعده بجمود
تقدم منه ليتبادل كلاهما نفس الجمود وقال جواد
_ أنا چاي لجل مـ اعمل بالأصول واجولك إني هتزوچ.
لم يتفاجئ حسان وكأنه يعلم من قبلها
ضرب بعصاه الأرض ونهض ليقف أمام حفيده وملامحه لا تظهر شيء ودنى منه حتى لا تفصله عنه سوى خطوة واحدة وتحدث حسان بهدوء
_ وماله من حجك، بس انت مش شايف إنك مستعچل جوي وخصوصاً إن ممكن في أي وجت تروح منيك.
تواجهت النظرات إحداهما ببغض والأخرى بسخرية وكأنه يخبره بأنك مهما كبرت فأنا الأقوى.
_______________
دلف وهدان المنزل ليجدها جالسة بمفردها ويبدو عليه الوجوم
وضع الأكياس التي يحملها على الطاولة وتقدم منها يسألها
_ مالك يا ست حياة في حاچة حصلت؟
حاولت أن تخفي عبوثها وردت باقتضاب
_ لأ مفيش.
تلفت حوله يبحث عن بناته ثم عاد يسألها
_ اومال البنات فين؟
اخفضت عينيها بحزن عميق وتمتمت بخفوت
_ عند خالتهم.
هذا إذًا ما يحزنها لابد ان تكون ضايقتها بلسانها السليط
جلس على الأريكة بجوارها وقال بحدة
_ جالتلك ايه؟
رفعت بصرها إليه واندهشت من انفعاله وكأنه يعلم بذلك
_ مجالتش حاچة أني بس هتوحشهم اليومين دول ومكنتش عايزاهم يفارجوني.
يعلم أنها تخفي عليه أمرًا ما فخالتهم تغبض حياة بشدة ولن تسلم من لسانها فقال بجدية
_ أروح أجيبهم؟
نفت مسرعة
_ لاه بلاش تعمل مشاكل ده فرح خالتهم ومن حجها يحضروا انهم يحضروا فرحها وهما برضك من حجهم يفرحوا.
اخفضت عينيها بإحراج عندما عادت تلك النظرة في عينيه والتي تود أخبارها بما لا تستطيع الشفاة التفوه به
حمحمت باحراج وهي تنهض
_ اني هجوم احضرلك العشا
لم يريد الضغط عليها وتركها تتهرب منه ودلف هو غرفته كي يأخذ حماماً دافئ ثم خرج ليجدها اعدت الطعام ووضعته على الطاولة
جلس على رأس الطاولة وهمت هي بالانصراف لكنه منعها
_ رايحة فين؟
ازدردت لعابها بصعوبة وتمتمت برهبة
_ أني سبجتك مع البنات لأني مردتش اخليهم يخرچوا من البيت من غير عشا.
ابتسم بامتنان وتحدث برجاء
_ خليكي عشان متعودتش اكل لوحدي.
رغم خجلها منه إلا إنها وافقته وجلست على المقعد بخجل
شرع في تناوله طعامه وعينيه تختلس النظر لها بين الحين والآخر
تحدث بروية كي يزيل عنها ذلك الحرج
_ اني جلت قمر مش هتجدر تفارج لو خالتهم چات تخدهم.
ابتسمت حياة عندما تذكرت تشبث الفتاة بها وقالت بحبور
_ كانت رافضة وبتطلب مني آجي معها حتى زينة برضك مكنتش رايدة تفارجني.
تبدلت محلامحها عندما تذكرت كلمات خالتهم وهي تتهمها بأنها فرقت بينها وبينهم
وعندما لاحظ وهدان تبدل ملامحها سألها
_ جالتلك ايه خلاكي تحزني إكدة
هزت راسها بنفي وقالت
_ مجالتش حاچة هي بس زعلت لما البنات رفضوا يروحوا معها في الاول وبصراحة حجها تزعل
رواية الـتـل
رانيا الخولي
الفصل السادس عشر
____________
نهض وهدان من مقعده عندما انهى طعامه وذهب للمرحاض كي يغسل يده لكنه صدم بحياة التي صدرت منها صرخت ألم عندما انسكب على يدها كوب القهوة فينتفض جسده بتوجس
_ أني آسف مخدتش بالي.
اغمضت عينيها تحاول تحمل ذلك الألم وغمغمت بوجع
_ حصل خير
انقبض قلبه عندما لاحظ احمرار يدها فامسكها بقلق وهو يقول بخوف
_ الحرج شديد جوي، تعالي نروح للدكتور.
رفضت حياة بإصرار
_ لا أني زينة دي حاچة بسيطة مش مستاهلة
لم يقتنع بحديثها وقال بأمر
_ لا اني لازمن اطمن بنفسي غيري هدومك ويلا نروح للدكتور.
وافقت عندما لاحظت تورم يديها ودلفت الغرفة كي تبدل ملابسها لكنها لم تستطيع
حاولت الضغط عليهم كي ترتدي ثيابها حتى صدحت صرخة ألم جعلته يجفل ويسرع للداخل فيراها واقفة وقد سقطت عباءتها على الأرض ويديها احمرت وتورمت بشكل ملحوظ.
تقدم منها وهو يخفض عينيه كي لا تشعر بالاحراج ورفع عباءتها من الأرض وقال بعتاب عندما وجدها تخفي ذراعيها العاريتين
_ متخافيش اني زي چوزك برضك، خليني البسك.
وافقت حياة على مضد لشدة الألم الذي يشتد بها.
ساعدها وهدان في ارتداء العباءة بحذر ورغمًا عنه سقطت عينيه على ذلك الاحمرار الذي طال كتفها عندما لامسته يده وقال بأسف
_ مكنش جصدي.
وضع الحجاب على رأسها واحكمه جيدًا ثم خرج بها من المنزل متجهاً إلى المشفى القريبة منهم.
____________
ارتبك عامر بشكل ملحوظ وتمتم بثبات
_ جواد؟ انت هنا من ميتي؟
سخر جواد من جده الذي يظن ان والده مازال عاشقًا لها وهو تزوج من غيرها وعشق أخرى
رد جواد بتهكم
_ من اول ما جفلت تليفونك
ثم تركه ورحل
عاد إلى منزله وعينيه تختلس النظر إلى شرفتها المضيئة
نظر في ساعته فوجدها الواحدة صباحًا
ما الذي يشغل تفكيرها وجعل النوم يرحل بسلطانه عنها
عاد لغرفته وابدل ملابسه بمنامة قطنيه ثم استلقى على الفراش وامسك هاتفه ليهاتفها
نظرت إلى الهاتف الذي يعيد رنينه للمرة الثالثة لكنها لم تجيب
كانت تنظر إليه بابتسامة عريضة وقلبها ينبض بعشقه
توقف عن الرنين لكنه صدح معلنًا وصول رسالة، لا ضير في ذلك
تناولت الهاتف وفتحت الرسالة فتجده يخبرها
"ردي يا إما هتلاجيني بخبط عليكي"
شهقة بصدمة وكتبت بغيظ
"يزن نايم جانبي وانت عارف لما حد بيزعجه بيعمل ايه"
"خلاص يبقى ردي وبلاش الراس اليابسة دي عايزك في موضوع مهم"
"عادي لو استنى للصبح انا مش مستعجله"
"بس الموضوع ميتأجلش للصبح لازمن في حموتها إكدة"
"قولتلك لأ وبعدين ايه قصة الفون ده؟"
"ياسمين جالتلي إنك جافلة تليفونك ومش هينفع تفتحيه فكان لازمن أجيبلك غيره تكلمي الچماعة عندكم براحتك"
ضحكت توليب على كلمته
"طيب وليه مسجل رقمك بـ أنا؟"
"أني سجلته وانتي غيري براحتك بالاسم اللي يعچبك"
"ماشي"
"بكرة الصبح على الساعة عشرة إكدة هستناكي جدام الإسطبل رايد افرچك على حاچة إكدة"
"ايه هي؟"
"هتعرفي بكرة، تصبحي على خير"
"وانت من اهله"
اغلقت الهاتف والإبتسامة لا تفارق محياها، تعلم جيدًا بأنها تغامر لكن عليها أن تغتنم تلك اللحظات كي تكون ونيستها في سجنها
ستلغي كل شيء يعكر صفو تلك اللحظات فقد طرق الفرح بابها ولن ترفض ضيافته.
_______________
جلست على المقعد بمساعدته وقد بدأت الدموع تتجمع بعينيها والطبيب يعاين الحروق التي اخذت مساحة كبيرة في يدها وبالأخص أناملها.
بدأ الطبيب عمله وقلبه هو يهدر بوجع عليها
وبعد الانتهاء تحدث بجدية
_ مكدبش عليكم الحرق شديد چوي ومحتاج اهتمام ورعاية وبالاخص اللي على كتفها ودراعها، الادوية اللي هكتبها دي تتاخد بانتظام ومش عايز اي تقصير
عادوا إلى المنزل وقد هدئ الألم قليلاً بعد الأدوية التي أخذتها
فسألها بهدوء
_ الوجع هدي شوي؟
اومأت بصمت فقال بروية
_ طيب جومي نامي جبل ما يتعبك تاني.
ساعدها على النهوض وسار بها لغرفتهم وساعدها على الاستلقاء في الفراش
نظر لملابسها الثقيلة وقال بتردد
_ اخلعي عبايتك دي عشان تجيلة جوي وهتتعب الجرح اللي على كتفك
وافقت مرغمة بسبب عدم تحمل شيء على كتفها المصاب
وساعدها وهدان بحنانه الذي تفاجئت به حقًا واهتمامه الزائد، لم ترى ذلك الحنان ولم تشعر به من قبل ولذلك تركته يساعدها وتنعم هي بذلك الإهتمام
ساعدها على الاستلقاء ثم جذب الغطاء عليها كي لا تشعر بالاحراج منه لكنه ابعدها عن كتفها
_ اچيبلك كباية ماية؟
اندهشت لعلمه بحاجتها للماء فأومأت بصمت وجاءها بالكوب ووضع يده خلف ظهرها كي يساعدها على الاعتدال وباليد الأخرى قرب الكوب من فمها وجعلها ترتوى حتى اكتفت.
اعاد الكوب على المنضدة وسألها باهتمام
_ محتاچة حاچة تاني؟
هزت رأسها بنفي وتتمت بامتنان
_ متشكرة جوي
ابتسم بحب وقال باعتذار
_ على أيه اني السبب في كل ده.
_ لا مش انت اني اللي سرحت وأنا ماشية
رفع حاجبيه بمكر وهو يسألها
_ وكنتي سرحانة في ايه بجا؟
ابتسمت بحب وقالت
_ هتعرف بس مش دلوجت.
زم فمه بمزاح
_ احنا فينا من التشويج ده؟ بس ماشي نصبر شوية.
انتبه الاثنين لآذان الفجر فنظر إليها متحدثًا
_ الفجر وجب ومش هتعرفي تنامي من غير ما تصلي، تحبي اجيبلك الماية اهنه ولا تروحي الحمام.
ازداد احراجها منه وقالت باحراج
_ هروح الحمام احسن
اومأ لها وقام بمساعدتها للذهاب للمرحاض وساعدها أيضاً على الوضوء دون ان يضع الماء على يديها.
وقفت خلفه لتؤدي صلاتها والتي لم تفعلها من قبل وقد كانت هذه فرصته لاقناعها بالصلاة دون أن يحرجها.
وكم شعرت بالراحة والاطمئنان وهي بين يدي الله تصلي بخشوع جعلها تندم على تركها للصلاة كل تلك الفترة
وظلت تشكر ربها على تلك النعمة التي انعم عليها بها وهو الزوج الصالح والذي اخذ بيدها لطريق الحق.
_________________
في الصباح
فتحت توليب عينيها اثر اشعة الشمس التي اقتحمت غرفتها
نظرت إلى يزن الذي استيقظ بدوره ونظر إليها باستياء كحاله دائماً عند الاستيقاظ فقالت توليب وهي تلاطفه
_ أوعى يكون زيك كدة يقوم من النوم مش طايق نفسه.
جعد يزن وجهه أكثر فضحكت وهي تعتذر له
_ متزعلش اوي كدة قوم بقى عشان تغسل وشك وتغير هدومك وتنزل تفطر مع بابا تحت.
تمتم يزن باعتراض
_ معايا.
هزت راسها باسف
_ مش هينفع لإني بفطر هنا، يلا قوم بقى
نهضت به وهي تحمله وابدلت له ملابسه ونادت لياسمين التي اصبحت منطوية تلك الأيام، وليست بحاجة لمعرفة سبب عزلتها
وقف جواد أمام المرآة يعدل ملابسه باهتمام زائد ثم خرج من غرفته فيجدها تعطي يزن لنعمة ثم تعود لغرفتها مرة أخرى.
لم تقبل مطلقاً دعوته لتناول الطعام معهم بل تصر على تناوله في غرفتها وخاصة عندما عادت ترتدي النقاب أمامه، فليكن إذًا ففي خلال اسبوع واحد ستجبر على النوم في احضانه وليس الطعام فقط
حمحم باحراج عندما لاحظت نعمة وجوده فنادى عليه يزن بسعادة وهو يجري عليه
_ بابا
حمله جواد وسأله بلطافه
_ كيفك يابطل؟ نمت زين؟
هز يزن رأسه فتابع جواد
_ وميكنش زين ليه وانت نايم في حضنها اللي ابوك بجاله سنتين بيحلم بيه يا ابن المحظوظ انت
شهقت نعمة بخجل وانصرفت من أمامه فيزم فمه باستياء وقد تناسى تمامًا وجود نعمة
_ استغفر الله العظيم، يلا ننزل الساعة جربت على تسعة.
________________
وقفت توليب بدورها أمام المرآة تعدل من وضع النقاب على جهها وهي تشعر بالسعادة والرضا لما تمر به وتلاشت تمامًا تلك العقبات التي تقف أمامها.
نظرت للهاتف الذي اعلن عن وصول رسالة فقامت بفتحها وكان محتواها
"جاهزة؟"
أومأت برأسها وكأنه واقفًا أمامها وكأن صمتها قد بلغه رسالته فتابع
"انا مستنيكي چانب الإسطبل يلا"
ترددت كثيراً في أخذ الهاتف لكنها أخذته تحسباً لأي ظرف وخرجت من المنزل متجهة إلى الإسطبل فتجده منتظرها بجواره
سارت على استحياء حتى تقدمت وقد اخذ ينظر إليها بعشق حتى دنت منه وقال بمرح
_ عليكي غرامة تأخير خمس دجايج بحالهم.
_ دول مش عليا أنا، دول تحسبهم على يزن لأني هربت منه بمعجزة.
_ ماشي سماح المرة دي يلا.
اوقفته باعتراض
_ طيب قولي الاول هنروح فين؟
طمئنها بابتسامته وصوته الرخيم
_ هتعرفي.
سارت بجواره وهي لا تعرف إلى أين لكن يكفي تواجده معها ولن تسأل عن شيء
توقفوا أمام غرفة صغيرة ومغطاة من كل جانب فتمتم بأمر
_ خليكي اهنه
تقدم هو وحده وجذب ذلك الغطاء والذي سقط معه بسهولة فتظهر أمامها غرفة زجاجية مليئة بالزهور بمختلف ألوانها
أشار لها بالتقدم وفتح بابها ودلف ينتظر دخولها وهي منبهرة بما تراه
اغلق الباب خلفهم ونظر إلى ذهولها برحابة صدر وتمتم بحبور
_ عجبك؟
اجابت ومازات مأخوذة بالمنظر
_ انت بتسأل؟
استند بظهره على الجدار وقال بحب
_ ورد التوليب ده بدأت زراعته من بعد ما شفتك استعنت بمهندس زراعي كبير وهو اللي اقترح إننا نعمله في مكان زي ده يكون مهيألها سواء في الربيع او الخريف، زرعتها بكل ألوانها، لونها الأحمر والأبيض والأصفر ملقتش ألوان تانية عشان ازرعها
تقدم منها وهو ينظر داخل عينيها وتابع بوله
_كنت ديما بحلم بوجودك معاي فيها وكنت بتخيل يدك بتزرع وبتروي فيها
كنت بحلم باليوم اللي القدر ينصفنا فيه ويجمعنا
وضع يده في جيبه ليخرج علبة صغيرة وفتحها أمامها فتتسع شموسها الذهبية بلوعة كادت أن توقف قلبها وخاصة عندما تابع
_ وإني بطلب يدك لأول مرة فيها.
تجمعت العبرات في عينيها وهي لا تصدق ما يحدث معها، هل ذلك الحلم التي عانت من عذابه طوال تلك السنين يتحقق الآن بتلك السعادة؟
حبيبها الذي باتت لياليها تزرف الدمع على عشقٍ لم ينصفه الزمن
هل حقًا يقف أمامها الآن يطلب منها الزواج
هل هو حلم آخر من ضمن قائمة الأحلام التي تزداد واحدًا كل ليلة؟
أم حقيقة وحبيبها يقف الآن وينهى ذلك الشقاء الذين عاناه منها تلك المدة.
_ تقبلي تتچوزيني؟
ازدادت دموعها انهمارًا مما جعله يجفل ويسألها بتوجس
_ طلبي ضايقك؟
هزت رأسها بنفي وقالت ببكاء
_ لأ مضيقنيش بس انا كمان عشت سنين بحلم باللحظة دي بس كنت بقول أنها مستحيل تحصل، وهي فعلاً مستحيل تحصل.
اخفض عينيه وانكمشت يده وقد تلاعبت به الظنون، لن يلومها إن رفضت فمن حقها أن تتزوج رجل كامل وليس به عيب
_ تجصدي يعني عشان ظروف ر….
قاطعته توليب بلهفة
_ أوعى تكمل أنا مش بفكر فيها اصلا عشان تشغلني او اتردد بسببها
اخفضت عينيها بأسف وتابعت
_ بس أنا واحدة متهمة بجريمة عملتها وممكن في أي وقت يتحكم عليا…
قاطعها هو أيضًا بدوره
_ وأني اوعدك إن حاچة زي دي مستحيل تحصل طول ما اني عايش.
تقدم منها خطوة وتابع بثقة
_ ولو وصلت إني احارب الدنيا كلها عشان اخلصك منيها مش هتردد لحظة واحدة وافجي عشان اجدر اساعدك وانتي مرتي إنما كدة كل حاچة صعبة عليا.
تمتمت بألم
_ مش عايزاك تعيش العذاب ده مرة تانية.
تحدث بإصرار وهو ينظر داخل عينيها
_ هعيشه لو حصلك ده واني مكبل ومش جادر اعملك حاچة، لو بجيتي مرتي هجدر اتحرك عن إكدة، وافجي وأني اوعدك إنك مش هتندمي.
_ وأهلي؟
اجاب بحبور
_ الصبح… لاه…. النهاردة بالليل هكون عنديهم واطلبك من أبوكي وخلال اسبوع هيكون الفرح.
قطبت جبينها بدهشة
_ بس اسبوع بدري أوي.
_ خلاص نخليها يومين معنديس اي مانع.
ضحكت توليب وقالت باستسلام
_ لما نشوف بابا الأول هيقول ايه.
اتسعت ابتسامته وهو يحتويها بعينيه
_ كل خير إن شاء الله
رفع يده مرة أخرى بالعلبة وسألها بعبث
_ هتاخديها ولا غيرتي رأيك؟
تهربت بعينيها منه وتمتمت بخفوت
_ هخدها.
ارهف السمع إليها بتظاهر
_ بتجولي ايه مش سامع.
خطفت منه العلبة وقالت بمكر
_ هفكر
خرجت من المكان وخرج خلفها وهو يزم فمه بتوعد لها
_ استني عنديكي رايحة فين؟
اجابت وهي تواصل سيرها
_ راجعة البيت زمان يزن لسة بيدور عليا قلتله هستخبي وانت دور عليا.
سار جواد بجوارها وقال بمكر
_ طيب متيجي نعملها وانتي استخبي في اوضتي واني ادور عليكي.🙈🙈🙈
شهقت بصدمة ولم تجيب عليه وواصلت سيرها حتى وصلت للمنزل.
________________
ظلت حياة في الفراش لا تقوى على النهوض ولم يتركها وهدان لحظة واحدة
وظل يعتني بها باهتمام زائد
دلف الغرفة وهو يحمل طاولة الإفطار
فتقدم منها ليضعها أمامها وقال بيأس
_ يظهر إن اليومين اللي اخدتهم أجازة دول نسوني البيض بيتسلج ازاي.
نظرت إلى الطعام الموضوع على الطاولة الصغيرة بحب وقالت بصبو
_ معلش تعبتك معاي.
رد بصدق وهو يجلس أمامها حتى يطعمها بيده
_ ولا تعب ولا حاچة، هو حد يكره يأكل واحدة حلوة زيك إكدة ده حتى يبجى مبيفهمش.
فتحت فمها بخجل عندما قرب اللقمة من فمها
وتناولتها بحياء جعلته يبعد عينيه عنها وهو يقول بهدوء
_ مش هبصلك عشان متتحرجيش
ابتسمت حياة وقد راقها شعوره بها وقالت بخجل
_ بس اني مش مكسوفة منيك، اني بس خايفة اكون بتجل عليك.
ناولها المزيد وهو يقول بروية
_ ولا بتجلي ولا حاچة دي مودة ورحمة بين اي اتنين متچوزين وبعدين افرضي إن اللي حصل العكس كنتي هتتخلي.
هزت راسها بنفي وقالت بثقة
_ لأ طبعًا لأن ده دوري.
_ يبجى دوري أني كمان ولازمن اواصله
لم تجد الكلمات التي تصف بها مدى امتنانها واكتفت بابتسامة مشرقة اشرقت دنياه فقال بصدق
_ كفاية عليا الابتسامة دي.
انتهت من تناول طعامها فقام بوضعها في المطبخ وعاد اليها ليناولها دواءها ثم جاء موعد الدهان
فتتبدل ملامحها بضيق
_ بلاش ده لأنه بيتعبني جوي.
تناول يدها بروية وهو يقول
_ معلش اتحملي شوية
بدأ يضع الدهان على يدها بخفة كي لا يؤلمها
حتى انتهى منه ثم اشار لها على كتفها
_ خليني ادهنلك كتفك.
سمحت له باستحياء حتى انتهى منه ايضًا
ونهض متعللاً بغسل يده ولكنه نهض كي يستطيع التنفس بعد أن توقف وهو بذلك القرب منها
لن يتحمل ذلك كثيرًا فقد بدأ يفقد سيطرته على نفسه تلك الآونة الأخيرة
وقد ازداد عشقه لها وبدأ يشعر بتجاوبها معه
سينتظر حتى تشفى يديها وحينها سيفاتحها في الأمر.
_________________
وافقت نور على الذهاب إلى الطبيبة بعد أن اصروا عليها للاطمئنان على حال الجنين وقد اصبح الألم مستمر معها حتى اصبح لا يحتمل
فذهبت مع سلمى وكان مراد بانتظارهم في المشفى وقد حجز لهم عند طبيبة مختصة لديهم.
استقبلهم أمام المشفى وعندما رأوه تقدموا منه وأشار لهم بصمت كي يتبعوه حتى وقفوا امام إحدى الغرف
_ السلام عليكم
أجابت الطبيبة التي جلست في انتظارهم
_ وعليكم السلام، اتفضلي يا مدام نور.
جلست نور وجلست سلمى قبالتها وبدأت الطبيبة تسألها
_ انتي في الاسبوع الكام؟
أجابت نور بخجل من تواجد مراد الذي وقف يشاهد ما يحدث
_ تمانية وعشرين.
_ متأكدة؟
اومأت نور بصمت فطلبت الطبيبة معاينتها
نهضت ونهضت معها سلمى لتساعدها وبدأت الطبيبة معاينتها
ظهر القلق على وجه الطبيبة وقالت بعتاب لمراد
_ انت ازاي يا دكتور مراد سايب المدام من غير متابعة الوقت ده كله
_ كانت بترفض تاچي والنهاردة اقنعتها بالعافية
نظرت اليه سلمى بصدمة عندما لم ينفي قرابته بها لكن نور لم تبالي بشئ سوى ابنها
_ خير يا دكتور؟
ردت الطبيبة بحدة
_ المايه قليلة اوي ووضع الطفل مهيئ للنزول في اي وقت
ظهر القلق واضحًا على وجهه وسألها باهتمام
_ طيب نموه مكتمل ولا في أي مشاكل؟
_ النمو كويس بس برضه لو نزل دلوقت هنضطر نحطه في الحضانة واحنا في غنى عن كل ده.
نهضت الطبيبة وعادت لمقعدها وقالت
_ انا هكتبلها على ادوية تساعد معانا ودورها إنها تلزم السرير لحد الفترة دي ما تعدي على خير.
اومأ لها وقد بدأ يشعر بالقلق حقاً
أخذ الورقة من الطبيبة وخرج معهم في صمت مطبق حتى وصلوا للسيارة
وقال بأمر
_ خليكم اهنه لحد ما أجيب العلاج وارچع.
نظرت سلمى لنور التي شحب وجهها وقالت
_ متقلقيش إن شاء الله خير.
لم تجيبها نور وظلت على حالة القلق التي انتابتها حتى عاد مراد وعاد بهم للمنزل
وفور دخولهم قال مراد بأمر
_ استني انا عايزك في اوضة أمي.
انقبض قلب سلمى ونظرت إليه تستفهم منه لكنه تهرب منها وسبقهم لغرفة والدته
أما نور فقد ايقنت بأنها ستتعرض لاتهام اخر منه فذهبت خلفه ودلفت الغرفة لتجده واقفًا ينتظرها وآمال جالسة على الأريكة بوداعه وابتسامة على محياها وعند رؤيتها
_ تعالي يا بنتي
تقدمت منها نور وهي لا تفهم شيء وسألتها
_ خير يا طنط؟
_ خير إن شاء الله، الدكتور مراد طمني عـ اللي في بطنك والحمد لله بس كان رايد يفاتحك في موضوع إكدة.
عادت تنظر اليه بقلق تنتظر حديثه حتى تحدث بثبوت
_ دلوقت كلها أيام وتولدي وطبعاً مفيش حاچة تثبت إن الطفل ده ابن آسر …
حاولت نور قطع حديثه لكنه منعها بلهجة حازمة
_ لو سمحتي متجاطعنيش.
التزمت الصمت وتابع هو
_ ومفيش جدامي حل تاني غير إني اكتب عليكي واسجله باسمي.
اتسعت عينيها بصدمة كبيرة وقالت بعدم استيعاب
_ انت بتقول ايه؟
_ بجول اللي مفيش حل غيره، لو انتي عندك اتفضلي جولي.
هزت راسها بنفي وقالت بحدة
_ معرفش بس اللي انت بتقوله ده مستحيل من كل الجهات واظن انك شيخ وعارف حاجة زي دي.
_ ولإني شيخ وحافظ كتاب ربنا عارف اني بجول ايه، وعارف انه لا يجوز سواء من الزواچ من امرأة حامل وإني انسب الطفل ليا، بس للأسف مفيش حل تاني
_ وانا مستحيل اوافق واخون سلمى
صاح بها مراد وكأنه يعاني أيضًا من ذلك المصير
_ جلتلك مفيش حل تاني، فكري انتي ولو لجيتي جولي.
هزت راسها بنفي
_ معرفش بس أكيد فيه.
جلس مراد على المقعد وغمغم بضيق
_ الطفل عشان يتسجل لازمن يكون فيه عجد صحيح حتى لو كان عرفي، انما اللي معاكي ده مزور يعني ملوش أي قيمة لا شهود حقيقية ولا حتى مأذون حقيقي.
اندهشت نور من كم الخداع الذي عاشت به مع ذلك الرجل وتمتمت بعدم استيعاب
_ اخوك ده كان ايه؟ جنسيته أيه؟ حسابه ايه عند ربنا دلوقت لما ضحك عليا وخلاني صدقته وأوهمني بحب مزيف وهو كان بالدناءه دي
رغم حقيقة الأمر إلا إنه لم يتقبل حديثها
_ اذكروا محاسن موتاكم.
ابتسمت بسخرية وقالت بتهكم
_ محاسن موتاكم ، فين الحسنة اللي عملها عشان افتكرها؟ سنتين وهو بيحوم حوليا وبيوهمني بحب مزيف واحلام وردية وانتي كل دنيتي وكل حياتي وآتاريه كان بيخدعني طول الفترة دي عشان افعال دنيئة عايز يوصلها
ليه؟ اشمعنى أنا؟ ولا عشان احنا غلابة ملناش ضهر ولا سند
ليه انا بالذات مع إن فيه غيري كتير مستعدين يبيعوا نفسهم وولادهم.
ضيقت عينيها بحيرة وتابعت
_ أذيته في ايه ولا جرحته أمتى
غشت عينيها الدموع وتابعت بحزن
_ عشت عمري كله ماشية جانب الحيط ببعد عن المشاكل عشان عارفة إني مش هلاقي حد يحميني ولا يقف جانبي، يمكن عشان كدة اختارني انا
على صوتها وهي تتابع
_ لأني لو شديدة وقوية وليها أب ولا أخ يدافع عنها مكنش عمل فيا كدة، إنما ازاي دي فرصة اعمل فيها اللي انا عايزة وتخلف واخد الطفل منها وارميها في الشارع، تبقى مين دي عشان تقف قصادي
نظرت إلى مراد وأردفت بعتاب مزق قلبه
_ وانت جاي تكمل دوره؟ ولا فرصة انت كمان بدل طفل يبقوا اتنين ومع السلامة بعدها (صرخت به بأعلى صوتها) مش كدة ولا ايه.
نهض مراد ليتقدم منها وهو يقول بهدوء
_ اهدي عشان الانفعال غلط عليكي.
ضحكت نور بهستيرية وتمتمت بوجع
_ الانفعال اللي غلط عليا؟ اومال اللي عملتوه ومصرين تعملوه ده أيه، بس خلاص لحد كدة مش هسمح لحد أنه يلعب بيا تاني
وقبل ان يفهم معنى حديثها وجدها تحطم كوب المياة الموضوع على المنضدة حتى تناثر على الأرض وأخذت القطعة المتبقية في يدها وقربتها من شرايينها وهي تقول بإصرار
_ خلينا نرتاح كلنا
رواية الـتـل
رانيا الخولي
الفصل السابع عشر
___________
اسرع مراد للتقدم منها ليمنعها لكنها رفعته في وجهه وقالت بتحذير
_ إياك تقرب.
توقف مراد وأشار بيده أن تهدئ وقال بهدوء
_ طيب اهدي مش هجرب منيكي بس أهدي وسيبي الازاز من يدك.
هزت راسها برفض وتمتمت من بين دموعها
_ انت بتتهمني إني اخطأت بس انت متعرفش الحياة اللي عشتها كانت عاملة إزاي
والدنيا عذبتني اد ايه وانا وأمي من مكان لمكان والدنيا توقعنا ونقوم تاني، كنت بحلم أن يكون ليا أب أو أخ استند عليهم بس مكنش فيه، ولما هو ظهر قدامي اندفعت بمشاعري وجريت ورا سراب
شهقت بألم وهي تتابع ببكاء
_ عرف نقطة ضعفي ودخلي منها وانا انخدعت بكل سهولة وانت جاي تكمل؟
هزت راسها بنفي
_ كفاية لحد كدة لأن خلاص معدش فيا روح للمعافرة.
تقدم مراد بخطوة لكنه تراجع عندما صرخت به
_ متقربش
رفع يده أمامها ليهدئها
_ خلاص مش هقرب بس سيبي اللي في ايدك وخلينا نتفاهم، والله انا بعمل كل ده عشانك وعشان ابنك، فكري فيه وفي مستقبله لو معرفناش نسجله، ليه تحكمي عليه بأنه يعيش في مجتمع مبيرحمش من غير اسم.
اسر غلط بس هو دلوجت بين ايدين ربنا منجدرش نحاسبه بس نجدر نصلح اللي عمله وتعيشي وسطينا بحرية.
انتفض قلب آمال عليها وتقدمت منها لتقول برجاء
_ بلاش يا بنتي تعملي في نفسك إكدة إن مكنش عشان خاطرك انتي عشان خاطر اللي في بطنك؛ نفس هتتحاسبي عليها، احنا بنتحمل جسوة الدنيا ومرارها عشان خاطرهم تجومي انتي تجتليه بيدك.
تطلعت إليها نور بضياع متمتمه
_ على الأقل هرحمه من العذاب اللي هيشوفه على الدنيا.
تقدم مراد منها خطوة دون أن تنتبه وقال بصدق
_ عمري ما هسمح إنه يتعذب لحظة واحدة ولا إن حد يدسله على طرف وعشان إكدة بجولك وافجي وهيكون في رعايتنا كلنا، أني عمري ما وعدت واخلفت فيه.
تلاقت اعيونهم لأول مرة هو برجاء الا تفعلها وهي بعتاب مزق قلبه وجعله يشعر بمدى حقارته معها
تقدم منها خطوة أخرى ومد يده ليأخذ منها قطع الزجاج فيجدها تغمض عينيها وتسقط فيلتقفها هو قبل وقوعها أرضًا
______________
في المساء
وصل جواد إلى منزل توفيق بصحبة المحامي
طرق الباب وفتح تميم الذي سألهم
_ مين حضرتك.
رد جواد بمثابرة
_ أني چاي أجابل استاذ توفيق إذا كان موچود.
تقدم توفيق من الباب وهو يسأله
_ مين يا تميم؟
وفور رؤيته لجواد عرفه فورًا فقد أخبرته توليب بكل شيء لكن لم تخبره بمجيئه
_ حضرتك جواد أخو ياسمين مش كدة
اومأ جواد مؤكداً
_ ايوة أنا جواد
رحب به توفيق رغم قلقه على ابنته وفتح الباب على مصراعية
_ أهلاً يا ابني اتفضل
دلف جواد ومعه المحامي وجلسوا في البهو وسألهم توفيق
_ تشربوا ايه؟
_ احنا مش چايين نتضايف هما كلمتين وهنمشي على طول عشان ميعاد الجطر.
رد توفيق بإصرار
_ بس دي اول مرة تيجي عندنا
نظر لتميم وقال
_ فنجالين قهوة يا ابني بسرعة.
حاول توفيق عدم اظهار مدى قلقه ورأف به جواد قائلاً
_ أني هدخل في الموضوع على طول
بنت حضرتك زي ما انت خابر أنها عندنا في الصعيد وأني عرفت اللي حصلها بالصدفة.
اومأ توفيق بتروي
_ اه هي قالتلي.
نظر جواد إلى المحامي وتابع
_ ده المحامي اللي خلتها توكله لجل ما يمسك الجضية ويتابعها بنفسه وهو چاي عشان يتكلم معاك ومع المحامي اللي عنديكم من لول.
رحب توفيق
_ وانا تحت أمره وهتصل على ادهم عشان يكون متواجد دلوقت
وبالفعل اتصل توفيق على ادهم ولم يتأخر عنهم وجاء مسرعًا بعد أن علم المحامي كل ما حدث من توفيق
جلس ادهم مع عبد المجيد المحامي جانبًا ثم سأل توفيق جواد
_ طيب هي عاملة ايه دلوقت؟
_ ده اللي أني چاي بخصوصه، بصراحة إكدة أني چاي اطلب منك ايد الآنسة توليب على سنة الله ورسوله
اندهش توفيق رغم أنه على علم بذلك إذ اخبرته توليب بكل شيء لكنه يرى انهم تعجلوا الأمر
_ وانت شايف إن ده وقته؟
رفع حاجبيه مؤكداً
_ ده انسب وجت عشان اجدر اساعدها ومن جه تانية ده قرار اخدته انا وهي واظن انك خابر كل شيء زي ما جالتلي.
أكد توفيق قائلاً
_ ايوة هي حكتلي كل حاجة بس أنا بقول نأجل الجواز دلوقت لحد ما نشوف القضية هتوصل لفين.
تحدث جواد بإصرار
_ لأ أني مش هأجل الموضوع ده اكتر من إكدة واني بوعدك إن كل حاچة هتتحل باسرع وجت، ليا دكتور صاحبي هييجي بنفسه يعاين الحالة ولو احتاج لدكتور من برة مصر معنديش مانع بس بلاش ناجل الچواز عايز كتب الكتاب والفرح يكونوا الخميس الچاي.
اندهش توفيق من تسرعه وتمتم باعتراض
_ بس ده بدري أوي وده جواز ليه ترتيبات وحاجات كتير لازم تتعمل.
_ كل حاچة هتكون چاهزة في خلال أيام المهم انت وأمها وأخوها تكونوا موجودين جبلها بيومين عشان تكونوا چانبها أما الحاچات التانية دي مجدور عليها، جولت أيه؟
_ وانا هقول ايه بعد اللي قلته، مادام شايفين كدة انتو حرين.
انتهى أدهم وعمار من تتبع القضية فنهض جواد قائلاً
_ طيب نستئذن احنا بجى عشان الوجت أخر حتى ميعاد الجطر راح علينا.
تحدث ادهم باقتراح
_ طيب ما تباتوا معانا هنا والصبح يبقى امشوا.
_ مرة تانية إن شاء الله
خرجوا جميعاً ما عدا توفيق الذي ظل يفكر في ذلك الأمر
تقدمت منه سلوى لتسأله بلهفة
_ عملتوا ايه؟
تنهد بتعب وتمتم بثبوت
_ اديهم بيعملوا اللي عليهم والباقي على ربنا
_ طيب وهي عاملة ايه؟
عاد توفيق بظهره للوراء وهو يقول بغيظ
_ لا من الجهة دي اطمني بنتك هتتجوز الاسبوع الجاي
عقدت سلوى حاجبيها بعدم استيعاب
_ تتجوز؟! هي مين دي اللي تتجوز متفهمني في ايه؟
_ هتتجوز اخو صاحبتها ياسمين.
انفعلت سلوى وقالت باحتدام
_ وبعدين يا توفيق انت هتنقطني بالكلام متقولي في ايه بالظبط.
شرح لها توفيق كل شيء ومنهم ظروفه الخاصة مما جعلها ترفض باستياء
_ وهي ايه اللي يجبرها تتجوز واحد ارمل ومعاه طفل غير كمان الإعاقة اللي عنده….
قاطعها توفيق بانفعال
_ سلوى حاسبي على كلامك اللي حصله ده كلنا معرضين ليه ومن ضمنهم ابنك، دي حاجة مش بايده وهي مقتنعه بده فـ متدخليش في حاجة زي دي، وإن كان على جوازه قبل كدة مش وصمة عار هي هنحاسبه عليها، بنتك اختارت بارادتها ومبسوطة باختيارها ده،
يعني لا رأيك ولا رأيي هيغير شيء واوعي تتكلمي معها في حاجة زي دي.
______________
عادت الفتيات إلى المنزل بعد يومين من ذلك الحادث فانشغل وهدان بهم لكنه لم يتركها أيضًا وظل يعتني بها
عاد وهدان إليها بعد أن أوى الفتيات إلى الفراش وسألها باهتمام
_ محتاچة حاچة اعملهالك؟
هزت راسها بنفي وقالت بامتنان
_ لا ماشكرة، تعبتك معاي.
جلس على الفراش بجوارها ورد بمزاح
_ يا ستي تعبك راحها وبعدين اني عملت ايه يعني اني اعتبرك بنتي الرابعة.
ابتسمت حياة لذلك الرجل الذي زرع الأمل بداخلها بعد ان كانت صحراء قاحلة وانبتها بزهور وريحان وقالت باعتراف
_ بصراحة انت وچودك في حياتي فرج كتير جوي.
ابتسم بود وتمتم بحكمة
_ اني معملتش حاچة لكل ده، ربنا جال"وجعلنا بينكم مودة ورحمة" يعني اللي بعمله ده واچب عليا وكفاية وجفتك مع بناتي واهتمامك بيهم.
_ دول بناتي وبحبهم بجد وكفاية انهم ملوا الفراغ اللي كان مالي حياتي.
_ بكرة إن شاء الله ابنك يرچعلك ويكون سند ليكي وليهم.
تنهدت بتمني
_ إن شاء الله.
______________
فتحت نور عينيها بتثاقل وهي تشعر بوغز في ذراعها وبرودة تجتاح جسدها
انتبهت على صوت أمال التي تسألها بقلق
_ نور انتي سمعاني؟
لم تقوى على الرد فأومأت بهزة خفيفة من رأسها
وجدت أنامل باردة تحيط برسغها فنظرت إليها ولم تكن سوى يد مراد الذي يتابع نبضها
أرادت جذب رسغها لكن قوتها الواهنه لم تساعدها على ذلك
ترك يدها وهو يتمتم بصوت مطمئن
_ الحمد لله النبض اتحسن.
_ الحمد لله، هروح اخلي البنات يعملوا حاجة خفيفة تاكلها.
خرجت أمال ونظر مراد إليها باشفاق تسمعه في صوته لأول مرة.
_ حاسة بأي تعب؟
رفعت يدها لتتحسس جبينها فوجدت عليه ضمادة فمنعها قائلاً
_ نزلي ايدك ده جرح بسيط محتاجش غرز أو حاجة، ومتقلقيش مش هيترك أثر.
تمتمت بوهن
_ مش هتفرق.
_ ليه؟ انتي لسة صغيرة لساتها الحياة جدامك.
هزت راسها بنفي وتمتمت باستنكار
_ الحياة خلاص قضت عليا ومعدش جوايا قوة اقاوم
تنهد مراد بتعب وتطلع إليها قائلاً
_ شوفي مش هجولك غير كلمتين تحفظيهم زين وتخليهم حلجة في ودانك عشان تجدر تكملي بدون اي مصاعب، وهي إن ربنا مش بيختار غير الصالح لينا يمكن انتي شايفة أنه ابتلاء رغم أنه ممكن يكون طريق للسعادة
وانتي اللي رافضة تشوفيه، ارمي حمولك على ربنا وخلي عندك يقين أنه عمره ما هيخذلك أبدًا، اني هسيبك دلوجت لأن عندي عمليات كمان نص ساعة وهنكملوا كلامنا بعدين.
خرج مراد من الغرفة ودلفت سلمى وهي تحمل لها الطعام وسألتها ببشاشة
_ عاملة ايه دلوقت؟
اندهشت نور من تعامل سلمى الجيد معها، فمن المؤكد أنها عملت بما دار بينهم منذ قليل وردت فعلها تلك تدعوا للقلق
وضعت الطعام على المنضدة وتقدمت منها لتساعدها على الاعتدال لكن نور رفضت ذلك
_ متشكرة يا سلمى بس حقيقي مليش نفس.
لم تقبل برفضها وقالت بإصرار وهي تضع الوسائد خلف ظهرها
_ مفيش حاجة اسمها مليش نفس لازم تاكلي انتي وقفتي قلبنا عليكي الضغط نزل أوي لدرجة أن مراد اول مرة اشوفه خايف كدة.
ظهرت السخرية واضحة على وجه نور مما جعل سلمى تقول برزانة
_ عارفة انك مش هتصدقي بس حقيقي كلنا قلقنا عليكي وأولنا مراد
جلست بجوارها وتابعت
_ مراد مش زي ما انتي متخيلة بالعكس صدقيني مفيش احسن منه في الدنيا بس كل الحكاية أنه عصبي حبتين وغيور أوي، بكرة لما تعرفيه هتتأكدي من كلامي.
اندهشت صدقًا من حديثها وكأنها تتكلم عن شخص أخر وليس زوجها، أين غيرتها من كل ذلك وعندما لاحظت سلمى نظراتها قالت بروية
_ عارفة انك مستغربة بس هكون صريحة معاكي أكتر من كدة
انا مش مثالية زي ما انتي شايفة بس الظروف أحياناً بتجبرنا على حاجات احنا رفضينها ولازم نطاتي عشان الحياة تمشي
أولاً مراد من حقه أنه يحافظ على امانة أخوه
ومفيش غير الطريقة دي اللي يحافظ بيها على مراته وابنه وفي نفس الوقت أنا مقدرش أكون أنانية معاه واقف قصاد سعادته.
قطبت نور جبينها بدهشة وسألتها
_ فين السعادة دي؟
اجابت سلمى وهي تخفي مرارة حلقها
_ بالنسبة ليكي انتي جاية وقريب اوي كمان هتعشيها.
_ وجايبة الثقة دي منين؟
هزت كتفيها بابتسامة اخفت بها آلام قلبها
_ لأني واثقة إن مراد عمره ما هيظلمك
وافقي وبكرة تعرفي قيمة كلامي.
التزمت نور الصمت فهو الأفضل الآن وعليها أن تفكر جيدًا قبل اتخاذ نقطة تندم عليها فيما بعد.
________________
عاد مراد من الخارج ليلاً فيجد مراد جالسًا في حديقة منزله في شرود تام
فعلم ما يفكر به دون السماع إليه
تقدم منه ليجلس على المقعد المقابل له وسأله بملاطفة
_ بتفكر في ايه وشغلك إكدة؟
ضغط مراد على شفتيه ثم هز رأسه قائلاً بحيرة
_ مش عارف بس حاسس إن كل حاچة واجفة ضدي، تايه ما بين واجب بيحتم عليا انفذه وما بين عقلي اللي رافض، لأول مرة مبجاش عارف أنا عايز ايه.
رد مؤيد ببساطة
_ مع إنها واضحة جداً جدامك.
قطب جبينه بعدم فهم وسأله
_ كيف ده؟
_ شوف يا مراد أولاً انت بدأت تميل لنور..
هم مراد بمقاطعته لكنه رفض قائلاً
_ متجاطعنيش واسمعني للآخر
معنى انك تميل لنور مش معناه انك حبيتها؛ نور بالنسبة ليك حمل تجيل اترمى عليك وانت اللي تجلته مع إن الموضوع كان هيبجى اسهل بكتير لو مشيته صح من الأول
كان ممكن تستقبل نور بهدوء وتطلب منها تتأكد بالهداوية إكدة وهي كانت هتقدر خاچة زي دي
بس انت جسوتك عليها وشكك فيها خلاك أول ما اتأكدت من صدقها تتعاطف معها وبتبجى عايز تعتزر بكل الطرق، وبما إنك لا حبيت جبل إكدة ولا تعرفه افتكرت نفسك حبيتها وده خلاك تحس انك بتظلم سلمى ولو هتلاحظ هتلاقي نفسك بتبعد عنها، مش عدم اهتمام بل بالعكس بتبعد لأنك خجلان منها، كلنا عارفين انت اتجوزت سلمى ليه فبالتالي كلنا حاسين بيك ومجدرين.
اندهش مراد أكثر كيف استطاع أخيه أن يعلم ما بداخله دون حتى ان يظهر له شيء فقال بمداعبة كي يلطف به حديثهم
_إنت درست علم نفس من ورانا ولا ايه؟
ابتسم مؤيد وقال برتابة
_ لاه بس كل الحكاية إني خابرك زين ويمكن أكتر من نفسك وحاسس بيك زي ما انت بتحس بينا.
تنهد مراد وعاد بظهره للوراء وتحدث بتعب شديد
_ خايف جوى على سلمى، بس خوفى من ربنا اجوى، أولاً لأني مش هجدر اغضب ربنا وچوازي من نور يبجى مشروط
وفي نفس الوجت خابر إن سلمى مش هتتحمل حاچة زي دي، مهما كانت بتتظاهر بالثبات بس مش هتجدر تتحمل.
_ بس هي عرفت وراضية.
هز رأسه بنفي وتحدث بثقة
_ بس وجت الجد مش هتجدر تتحمل ونروح بعيد ليه عندك سهر لو شافتك بتتلفت بالصدفة وعينك جات على واحدة بتقلب الدنيا، ياترى بقى لو عرفت إنك هتكون لواحدة تانية.
وضع مؤيد يده على عنقه وغمغم
_ هي دايما تهددني بأن موتك ولا انك تتچوز عليا.
ضحك مراد وقال
_ طيب خد بالك بجا لأن مراتك تعملها.
ساد الصمت قليلًا وسؤال في عقل ما مؤيد لا يستطيع صياغته لكن في النهاية سأله
_ بس انت شايف إن الچواز المشروط حرام شرعاً وانت مش ناوي تخلي چوازك من نور على ورج بس، لكن انت بتعمل وزر مماثل وهو النسب.
رد مراد ببساطة
_ ومين جالك إني هنسب الطفل ليا على طول؟
عقد مؤيد حاجبيه مندهشًا وسأله
_ كيف ده يا ولد ابوي انت دماغك دي ماشية كيف؟
_ اني هجولك يا سيدي واريحك.
_______________
في غرفة ياسمين
جلست توليب على الفراش بجوارها وهي تقول بتذمر
_ وبعدين يا ياسمين هتفضلي حابسة نفسك كدة، يا بنتي جبتيلي اكتئاب.
ابتسمت وهي تقول بمكر
_ اكتئاب برضه اومال السعادة اللي طايرة من عينيكي دي اسميها ايه.
لاحت الحيرة بعينيها وتمتمت برهبة
_ بصراحة لحد دلوقت مش مصدقة كأني بحلم.
تذكرت ما عاشته من آلام وقالت بشرود
_ انا اتعذبت عذاب محدش شافه ولا ممكن يشوفه
انا كنت بقضي طول الليل عياط وصلاة وانا بدعي ربنا أنه يخرج حبه من قلبي.
بس كأني بدعي أنه يثبته أكتر، لكن كنت قادرة إني اواصل واتأقلم على حياتي بعيد عنه، انا مكنتش ناوية أجاي عندك ولا فكرت في يوم من الأيام بس لما افتكرت ان المفتاح مش معايا لقيت قلبي بياخدني لعندك ومشيت وراه لدرجة إني أيقنت إن الشر ده بيبقى سبب في خير كبير أوي مش اخدين بالنا منه.
لاح الحزن على ملامح ياسمين وتمتمت بألم
_ بس أني ملجتش الخير ورا الشر اللي عشته بجوازي من خالد
ربتت توليب على يدها وتحدثت بثقة
_ انا واثقة إنك هتلاقية قريب أوي بس بلاش العزلة اللي انتي فيها دي.
يلا تعالي ننزل نقعد في الجنينة شوية، هروح اغير وننزل.
وافقت ياسمين على مضد وعادت توليب لغرفتها كي تبدل ملابسها
تسمرت مكانها عندما وجدت ذلك الثوب الأبيض موضوع بعناية على الفراش
تقدمت منه وهي مأخوذة بجماله لكن تراجعت عندما رن هاتفها فعلمت انه المتصل
تقدمت من المنضدة وأخذته لتجيب عليه فتهادى إليها صوته الرخو
_ عجبك الفستان؟
عادت تنظر إليه وتقدمت منه لتتلمسه بإعجاب
_ متخيلتش أنه يكون بالجمال ده، بس انت عايز تفهمني إنك هتسمحلي البسه وهو عريان كدة؟
_ وايه المشكلة محدش هيشوفو غيري.
اتسعت عينيها بغيظ وتمتمت
_ ياسلام على أساس إني مش هخرج من الاوضة يعني.
_ ومين جال إكدة، هتلاجي علبة كبيرة على الكنبة افتحيها هتلاجي كاب اشتريته مخصوص عشان تخرجي بيه.
اتسعت ابتسامتها وتقدمت من العلبة فوجدت حجاب أبيض يسترسل على الرأس والأذرع باحكام ومعه نقاب مماثل
_ ها عچبك؟
نظرت إليه بانبهار وقالت
_ كل حاجة بتعملها بتعجبني.
_ اعملي حسابك الفرح الخميس الچاي يعني كلها اربع ايام بالظبط وتكوني في حضني.
اغتاظت توليب من جرئته وغمغمت بتحذير
_ جواد.
_ انا جلت حاچة عيب، انا طلبتك من ابوكي وقرينا فاتحة.
رفعت حاجبيها بعدم تصديق
_ يا سلام.
داعب جواد وجه حصانه وتمتم بتأكيد
_ أومال؛ أني كلمتي عهد ولا عندك شك.
جلست على المقعد وتمتمت بثبات
_ لأ معنديش بس ده ميديش ليك الحق إنك تتمادى في الكلام
_ ماشي يا ستي المهم انا بعتلك صور لأوضة النوم اختاري بسرعة وابعتيها عشان تلحق توصل بكرة.
ابعدت الهاتف عن أذنها ونظرت للصور الذي أرسلها إليها وردت قائلة
_ وليه مخترش انت زي الفستان
_ لا انا اخترت حاچات كتير هتاچيلك دلوجت بس مستني العربية اللي هتچيبهم
سألته ببراءة
_ ايه هي.؟
أجاب بخبث
_ لاه دي حاجات تتشاف متتجلش، بس كلها ساعة بالكتير وهتشوفيها، اني من وجت ما خرچت من عند أبوكي وانا بشتري فيها.
ردت على نفس براءتها
_ معلش تعبتك معايا.
_ وماله اتعبيني زي ما انتي عايزة يلا اختاري وابعتي بسرعة
اغلقت معه وبدأت تتطلع إلى الصور
حتى اختارت غرفة نوم بيضاء مرصعة بزهور زهرة التوليب وقامت بإرسالها إليه
"دي حلوة"
راسها برده
"كنت خابر انك هتختاريها"
"لأني واثقة أنك اخترتها بس محبتش تفرضها عليا"
ابتسم جواد وقام بإرسالها لصاحب المعرض كي يبعثها إليه ومعها باقي المفروشات.
_____________
لحظات مرت عليها في سعادة لم ترى مثلها من قبل وهي تشاركه فرحته في توضيب غرفتهما
لكن عند اللحظات الأخيرة رفضت ياسمين دخولهم واغلقت الغرفة بالمفتاح واحتفظت به
جلست تنتظر وصول عائلتها بحنين جارف وقد مرت ما يقارب لأربعة أشهر لا ترى طيفهم يكتفوا فقط بسماع صوتها والاطمئنان عليها
وها قد وصلوا أخيرًا فتزداد فرحتها وتكتمل تلك السعادة التي تمنتها ورفضت ان يعكر صفوها أي شيء
القت نفسها في حضن والدتها والتي حاولت تقبل الأمر رغم رفضها له
لكن حديث توفيق الحازم معها جعلها توافق على مضد
وذلك لم يخفى مطلقًا على توليب لكن إصرارها على تمسكها بالسعادة جعلها لا تبالي بشيء
أما توفيق فقد شعر بمدى بسعادة طفلته وتمنى لها التوفيق في حياتها
جلسوا جميعاً في بهو المنزل وقد استطاع تميم بخفة ظله أن ينثر جو من المرح عليهم
دلفت ياسمين لترحب بهم بسعادة وتدعوهم لتناول العشاء
جلسوا جميعاً حول المائدة ماعدا توليب التي مازالت تحتفظ بنقابها أمام جواد ومعها ياسمين
ولم تخفى على جواد محاولات سلوى الفاشلة بتقبل الأمر
وخاصة عندما نهضت قائلة
_ معلش يا جماعة كان نفسي اقعد معاكم بس جاية مرهقة من السفر وجو الصعيد هطلع ارتاح شوية.
نظرت إلى توليب وقالت بفتور
_ مش هتطلعي معايا.
نظرت توليب لتوفيق الذي زم فمه بضيق وجواد الذي لاح الوجوم على محياة ثم اومأت بصمت وذهبت معها.
في الغرفة
دلفت سلوى والقت حقيبتها على الفراش ثم نظرت الى توليب التي دلفت واغلقت الباب خلفها فقالت بحدة
_ انا عايزة اعرف حاجة واحدة بس، انتي ايه اللي يجبرك تتجوزي واحد بالظروف دي.
قطبت جبينها بدهشة وسألتها
_ ظروف ايه ياماما مش فاهمة
_ انتي فاهمة كويس اوي انا اقصد ايه، واحد ارمل وكمان موضوع رجله…
قاطعتها توليب بانفعال
_ لو سمحتي يا ماما حاجة زي دي تخصني لوحدي ومسمحش لأي حد أنه يتدخل فيها، جواد ده أي واحدة تتمناه أنا حتى بحسد نفسي عليه، فـ مش هسمح لحد أيًا كان يقلل منه أو من قيمته عندي.
_ انا مش بقلل من قيمته بالعكس هو ابن ناس وكويس بس انا بتكلم عن ظروفه.
_ وظروفه دي انا مقتنعه وراضية بيها لو جاية عشان تضيعي فرحتي فانا بقولك مش هيحصل، انا بحب جواد ومتمسكة بيه.
_ انتي حره بس اللي زي جواد ده بيبقى مصاب بالنقص وصدقيني السعادة اللي بتحلمي بيها دي مش هتدوم مع كلمة تخرج منك بدون قصد أو موقف حصل منك ياخده بحساسية، انا نبهتك وانتي حرة.
_ انا هتحمله والنقص اللي بتقولي عليه ده انا هكمله بحبي ليه ارجوكي يا ماما بلاش تحسسي جواد بحاجة
استلقت سلوى على الفراش وتحدثت بحدة
_ انا متكلمتش معاه أصلا عشان أحسسه بحاجة اتفضلي أخرجي دلوقت عشان عايزة أنام.
خرجت توليب من الغرفة وهي تحاول عدم الاهتمام بحديث والدتها
واثناء خروجها صادفت والدها والذي رمقها بنظرة جعلها تنسى كل شيء وتبتسم إليه تلتمس منه الحنان.
بادلها الابتسام وهو ينظر لها بفخر
_ وحشتيني أوي يا تولي.
ردت توليب وعينيها تلمع بامتنان لذلك الرجل الذي عاملها كأبنه وربما أكثر
_ وانت كمان يا بابا وحشتني أوي
عادت لمرحها وهي تردف
_ قولي بقا البيت عامل ايه من غيري؟
أجاب تميم الذي ظهر من خلف والده بمرح
_ لااا بجد البيت ينعم بهدوء وسكينة لم أشرع بهم من قبل، لا دوشة بقا ولا صوت زعيقك مع ماما حتى ماما نفسها كانت مسالمة بشكل عجيب.
ضحك كلاهما وقال توفيق بصدق
_ حقيقي البيت مبقاش فيه روح مش عارفين من غيرك هنعمل ايه.
رمقته بنظرة يملؤها الحب
_ متقلقش هكلمكم كل يوم فيديو لحد ما اقرفكم كمان
تقدم تميم منها وهو يدنو منها ويتمتم بمكر
_ طيب بما انك هتتجوزي صعدي بمخ مقفل خليني بقى ابوسك براحتي قبل ما يكتب الكتاب
قبل تميم وجنتيها من خلف النقاب وقال بخبث
_ الله يبركله.
وكزه توفيق بغيظ
_ ما تحترم نفسك شوية
_ الله وانت شايفني بعمل ايه اختي وبابوسها، وريني يا بنتي هنام فين خليني اريحه من خلقتي
أشارت له على الغرفة المجاوره لها
_ هي دي يا حبيبي
_ طيب تصبحوا على خير
_ وانت من أهله.
دلف تميم الغرفة ونظرت توليب إلى أبيها لتقول برجاء
_ لو سمحت يا بابا حاول تتكلم معها وتقنعها انا خايفة تجرح جواد بكلمة
زم توفيق فمه باستياء وغمغم بروية
_ متقلقيش انا هتكلم معها تاني المهم انتي بلاش تزعلي نفسك وتضيعي فرحتك.
ابتسمت بسعادة كبيرة وقالت بحبور
_ انا لحد دلوقت مش مصدقة كأني بحلم.
_ طيب خليكي في حلمك وخليني انا كمان اروح أحلم لأني مرهق جدًا من الطريق
اومأت له وتركها ليدف الغرفة
_______________
همت هي أيضاً بعودتها لغرفتها لكنها فضلت ان تذهب إليه فمن المؤكد أنه عند السياج الان كحاله كل ليلة
ظل يرمقها بنظراته العاشقة وشموسها الذهبية تلمع بحب خاصته له وحده
وكيف لا وهو مالك القلب والروح
تقدمت منه لتستند بذراعيها على السياج وقد
هالها رؤيته على ظهر الحصان وظهر أمامها بقميصه الأسود كسواد حصانه وليلهما الحالك
ابتسم لها بوله جعلت قلبها تزداد وتيرته، ودون أي تردد فتحت السياج ودلفت كي تشاهده عن قرب
فيفاجئها بأن تقدم منها وظل يدور حولها فتخفي عينيها بيدها من تلك السعادة التي جعلت قلبها ينبض بقوة حتى شعرت بجسدها يهتز مع قوته
وصوته الرخيم يتمتم بوله
_ طول عمري بحلم اطول الجمر بس دلوجت بجى بيني وبينه يومين اتنين.
ازداد خجلها وخاصة عندما توقف أمامها وقال بعشق
_ هيكون فرح بسيط وبس وجت ما تظهر براءتك هعملك فرح يتحاكى به أهل التل كلهم
تطلعت إليه بشموسها الذهبية لتسحره بصفاءهما فيترجل بخفه من على ظهر جواده وتقدم منها فيترك مسافة بينهما ونظر لشموسها قائلاً بحبور
_ وشمس جاءت بليلٍ حالك فتنير ظلمته وينثر دفئها سقيع قلبٍ ألمه الشوق
ويرفرف القلب بهوى الروح يا مهجة الروح.
رمشت توليب بأهدابها فيخرج منهما سربًا من الفراشات فتحوم حولهما في هالة تخطف الأنفاس فلم تستطع النطق بشئ وتركته هو قائدًا لها تنعم بعشقه
لكن قطع سحر تلك اللحظة صوت هاتفه فيزم فمه بضيق وغمغم باسف
_ ارچعي اوضتك دلوجت لاني مضطر اخرج عشان احضر كتب كتاب مراد
نظرت إليه بفرحة وقالت برجاء
_ يبقى اروح معاك.
قطب جبينه بدهشة
_ تروحي فين، انتي خابرة الساعة كام دلوجت؟
هزت كتفيها لتقول برجاء
_ اه عارفة بس عشان خاطري أنا من وقت ما جيت هنا مخرجتش خالص وبعدين انا بحب احضر افراحكم أوي.
_ بس ده مش فرح ولا كتب الكتاب اللي في بالك.
_ أيًا كان انا عايزة أحضره
تنهد بتعب منها وقال باستسلام
_ يلا.
سارت بجواره وعينيها تلمع بسعادة اغمرت قلبه واستقل سيارته وجلست هو بالمقعد المجاور وانطلق بها
رواية الـتـل
رانيا الخولي
الفصل الثامن عشر
__________
عاد وهدان من الخارج وجد الفتيات امام التلفاز من دونها
_ السلام عليكم
هللت الفتيات بعودته واسرعت الصغيرة تتعلق به فجال بعينيه يبحث عنها فسأل زينة
_ اومال حياة فين؟
اشارت على المطبخ
_ چوة بتعمل العشا.
عقد حاجبيه مندهشًا ودلف المطبخ ليجدها بالفعل تعد الطعام على الموقد فقال معاتبًا
_ هو ده اللي جولتلك عليه؟
انتبهت حياة لوجوده وعدلت من وضع الحجاب وهي تقول بخجل
_ البنات چعانين وجلت اعملهم حاچة خفيفة إكدة، وبعدين أني الحمد لله بجيت زينة
ابتسم لها بامتنان وتقدم منها وهو يرفع اكمامه
_ يعني مكنوش جادرين يستنوا لما أرجع ها يا ستي بتعملي أيه؟
بدأ وهدان في مساعدتها والسعادة تغلفهم من كل جانب
انتهوا من تناول طعامهم وهمت حياة بحمل الاطباق لكن وهدان منعها
_ سيبيهم للبنات خليهم يساعدوكي.
همت بالرفض لكن السعادة التي اظهروها جعلتها توافق وبدأوا بحمل الاطباق وذهبوا بها للمطبخ وشرعت زينة بغسلها
وقفت حياة معهم لتوجههم حتى انتهوا أخيرًا وذهبوا للفراش.
عادت للغرفة فتجد وهدان ينتظرها بالدواء
اغلق الباب وتحدث بثبات
_ البنات ناموا؟
اومأت له وتقدمت منه لتأخذ منه الدهان وتمتمت بحرج
_ خليني أنا اللي ادهن اني الحمد لله بجيت زينة.
ظهر الامتعاض واضحًا عليه ونهض من الفراش
_ اللي تشوفيه.
توقفت أمامه لتمنعه من الذهاب ورفعت عينيها إليه باحراج
_ أني مش جصدي اضايقك بس حسيت إني تجلت عليك جوي
لانت ملامحه قليلًا واكملت هي
_ اسفة إن كنت زعلتك
كانت عينيها تنظر إليه بترقب وكأن حياتها واقفة على رده
ظل على وجومه يتلاعب بمشاعرها كي يتأكد من حاجةً في نفسه
أخفضت عينيها بحزن وهمت بالانصراف لكنه منعها بأن وضع يده أسفل ذقنها ليرفع وجهها إليه كي ينظر داخل عينيها وتمتم باحتواء
_ اني عمري مـ ازعل منك بس ممكن اخد على خاطري لما احاول اجرب وانتي تبعديني
تاهت عينيها في بحوره الندية وشعرت بالخطر من مشاعرها التي بدأت تأخذها إليه وتطالبها بالغوص في انهار الحنان الذي يغدقها به.
رفعت الدواء في وجهه وتمتمت بلهجة مرحة قليلاً تمحي به الجو المشحون بينهما
_ ها هتدهن ولا اخلي زينة؟
رفع حاجبيه بمكر وهو يأخذ منها الدهان
_ تبعتي لى زينة وأبو زينة موچود؟
ابتسمت بامتنان واخذها ليجلسها معه على الفراش وشرع في فعلها
كانت تنظر اليه وهو يدهن يدها بحنان جارف وتملي عينيها من ملامحه التي أصبحت عاشقةً لها، وعينيه التي تنظر إليها بحب لم ترى مثله من قبل
رفع عينيه عندما لاحظ نظراتها فتقابلت العيون لتحكي ما لم يستطيع اللسان البوح به فيحكي كلاهما عن قصة شوق لا ترحم ولا ترأف بقلوبهم حتى تحولت الشكوى إلى احتياج وقد شعر بأنه لن يستطيع التحمل أكثر من ذلك فتلاحظ هي رجاءه بألا تخذله تلك المرة ويعدها بأنها لن تندم على ذلك فتلمع عينيه برغبة عندما لاحظ استسلامها فرفع يده ليزيح عنها وشاحها فيسترسل شعرها الأسود محاوطا وجهها بتملك أرهق قلبه فيبعد بأنامله خصلاتها خلف أذنها بعد إن استنشق عبيره حتى تغللت رائحته داخل رئتيه
اخفضت عينيها بخجل لكنه منعها
_ اواعكي تبعديهم.
فتعود عينيها لمرمى عينيه فيصيبها سهام العشق وتنزل أنامله على عينيها فتجرحه بأهدابها ثم يسترسل حتى وصل لمبتغاه وهو ثغرها الذي ارهقه ليالي طويلة وحلم بتذوقه وملمسه الرخو.
اكتفى ولن يستطيع التحكم في مشاعره اكثر من ذلك فمال بروية على ثغرها حتى تلاقت الشفاه وتناغمت على دقات القلوب فتعزف سنفونية بعشق لا متناهي ولن يأرقه شيئاً بعد الآن.
________________
في السيارة
ظل ينظر إليها بين الحين والآخر في مرآة السيارة وقلبه يرفرف بحبها
مما جعلها تخجل من نظراته وتحدثت بغيظ
_ مش هتبطل نظراتك دي؟
رفع حاجبيه متسائلًا
_ مالها نظراتي مضيقاكي في حاجة.
نظرت له بجانب عينيها وهي تحاول التحكم في ابتسامتها التي ظهرت واضحة وتمتمت بدلال غير مقصود بل هو في طبيعتها
_ بتكسفني.
ضحك جواد بسعادة بالغة
_ خلاص بلاش نظرات نخليها أفعال.
شهقت بصدمة وغمغمت من بين أسنانها
_ انت….
زمت فمها بغيظ ولم تستطع قولها ليقول هو بتحذير
_ أوعاكي تجوليها.
ازداد غيظها منه وقالت بحنق
_ تصدق انا استاهل اني جيت معاك.
أيد حديثها
_ بالظبط إكدة يبجى تتحملي نتيجة أفعالك.
هزت راسها بيأس منه
وانعطف جواد ليوقف السيارة أمام المنزل ثم نظر إليها قائلاً بجدية
_ خدي بالك ده مش فرح؛ ده واحد بيتچوز ارملة أخوه والمفروض أصلاً مكنتيش چيتي معاي بس اللي حصول، خدي بالك من كل كلمة
اومأت توليب وشعرت حقًا بأنها اخطأت في المجيء ثم ترجلت معه من السيارة وأخرج جواد الهاتف ليحدثه
_ اني واجف برة بس معايا خطيبتي
_……
_ تمام مستنيك
استند جواد بظهرة على السيارة ونظر إليها بحب متمتمًا بحبور
_ عقبالنا.
تهربت بعينيها منه ولم تستطع الرد من خجلها، كانت عينيها التي تظهر من النقاب كفيلة بأن توقعه في غرامها فسألها
_ بس قوليلي ليه رجعتي للنقاب لما عرفتك؟
لاح الحزن على ملامحها مما جعله يستاء من نفسه لتذكيرها بما حدث وخاصة عندما قالت
_ كنت مجبرة عشان محدش يعرفني وعشان كدة كنت حابسة نفسي جوة الأوضة.
اراد أن يعيد المرح لحديثهم فرفع حاجبيه يتصنع التصديق
_ على اساس لما لبستيه خرچتي منيها دا انا بجالي اسبوع بقنعك انك تاكلي معانا.
قاطعهم خروج مراد ومعه سلمى لتستقبل توليب
فقال مراد بحنق
_ أتاخرت ليه يا ابن الخليلي؟
اجاب ببعض التحفظ الذي مازال ملتزمًا به معه
_ غصب عني اول ما جدرت چيت على طول.
اندهشت توليب من تحفظه وقد عاد ذلك الشخص المتهجم
رحبت سلمى بها التي تتظاهر بتقبلها للأمر ونيران قلبها المشتعلة تحتج بشدة لكن عليها الرضوخ كي لا يضيع كل شئ من بين يديها
_ أهلاً وسهلاً اتفضلي
دلفت توليب معهم وهي لا تفهم لما فكرت بالمجيء معه، ولما ذلك الجفاء الذي يعامل به مراد رغم ما سمعته عن صداقتهم المتينة
دلفت المنزل وسلمى ترحب بها بحفاوة
_ اتفضلي يا ….
اكملت بحرج
_ توليب.
_ اسمك جميل اوي
_ متشكرة.
_ تحبي تقعدى هنا ولا نطلع عند طنط.
ازداد شعورها بالحرج اكثر وهي لا تعرف من هي لابد انها والدة مراد
_ خليني اسلم عليها
أومأت سلمى وأخذتها لغرفة نور
فوجدت اناس أيضًا لا تعرفهم لكن تلك الفتاة التي تستلقي على الفراش تشعر بأنها رأتها من قبل قاطع تفكيرها صوت سلمى التي تقدمها بابتسامة
_ تعالي يا توليب
نظر الجميع لمصدر الصوت فعقدت سهر حاجبيها بدهشة من تلك المنتقبة؟
قالت آمال بترحيب
_ أهلاً وسهلاً يا بنتي اتفضلي.
قدمتها سلمى لهم.
_ دي تبقى توليب خطيبت جواد الخليلي.
لم ترفع نور عينيها بل ظلت خافضة بوجوم
رحب بها الجميع عندما علموا بهويتها وبالاخص آمال التي سعدت بشأن جواد كثيرًا
صافحتهم جميعاً وعندما تقدمت من نور تذكرتها فهي تلك الفتاة التي رأتها في القطار ذلك اليوم لكنها لم تبدي ذلك بسبب صمتها الغريب
حاولت نور الابتسام لكنها خرجت باهته ولما لا وكل شيء حولها أصبح قيد راصخ يلتف حول عنقها وإن عافرت اشتد عليها الاختناق.
قربت سلمى المقعد من الفراش كي تجلس عليه توليب وسألتها
_ تشربي أيه؟
قالت توليب برفض
_ لأ متشكرة مش عايزة حاجة
تحدثت امال
_ كيف ده دا انتي خطيبت الغالي واول مرة تشرفينا.
نظرت إلى سلمى التي تنتظر ردها وقالت بهدوء
_ أي حاجة.
اومأت سلمى وخرجت من الغرفة ليس للمطبخ ولكن لغرفتها وقد انتهى ثباتها عند تلك اللحظة
وسمحت لدموعها العنان وأخذت تنتحب وتشهق ببكاء يمزق القلوب
اليوم فقط خسرت مراد للأبد
حلم عمرها وحبيب روحها الآن أصبح لأخرى ويكن لها مشاعر أكثر بكثير منها
…..
في غرفة نور
دلف مؤيد بعد أنا طرق الباب وبيده عقد الزواج
_ السلام عليكم
_ وعليكم السلام.
نظر مؤيد لنور بابتسامة وسألها
_ عاملة ايه دلوجت؟
حاولت نور مبادلته الابتسام وردت بوهن
_ الحمد لله أحسن.
قرب منها العقد وناولها القلم وهو يقول بثبات
_ اتفضلي امضي هنا.
تطلعت نور للعقد بتبرم ولم تطاوعها يدها لفعلها لكن صوت مؤيد الحاني عاد طلبه
_ امضي ومتخافيش.
نظرت إليه بتوجس فأومأ لها بأن تطاوعه ففعلت مضطرة وكل ذلك يحدث أمام أعين توليب التي صدمت مما يحدث.
لقد أخبرها جواد بأنها أرملة أخيه لكنه لم يخبرها أنها حامل منه، فذلك لا يجوز شرعاً ونهى عنه الرسول
ماذا يحدث هنا؟
بعد امضتها تطلع مؤيد لوالدته وقال بهدوء
_ لو سمحتي يا أمي عايزك برة
أومأت له أمال وخرجت معه ثم استئذنت سهر وخرجت لتطمئن على طفلها وبقيت توليب مع نور لحالهم
لم تستطيع الصمت وقالت لنور بعد تردد
_ ممكن اسألك سؤال؟
أومأت لها نور وقالت بإحراج
_ اسفة اني بتدخل بس اللي عرفته من جواد خلاني اندهش من اللي بيحصل ؟
قطبت نور جبينها بدهشة وسألتها
_ ليه؟
نظرت إلى جوفها الممتلئ وتمتمت باستنكار
_ جواد قالي إنك مرات أخوه بس لا يجوز الزواج من إمرأة حامل.
ابتسمت نور بمرارة
_ لأن جوازنا ببساطة مش جواز عادي.
تابعت حديثها عندما ضيقت توليب عينيها بحيرة
_ أحنا كلنا وقعنا في الخطأ ده ضحية لعبة قذرة من واحد وثقت فيه والآخر اكتشفت إن لا المأذون ولا الشهود حقيقيين بالتالي مفيش جواز ولا حاجة تثبت نسب الطفل، فكان لازم أخوه يشيل الحمل ده وعشان كدة احنا بنتجوز بالطريقة دي
اندهشت توليب من صراحتها وقالت بإحراج
_ بس ده برضه جواز مشروط وده في حد ذاته حرام شرعاً، غير كمان نسب لنفسه طفل مش ابنه.
تنهدت بألم
_ للاسف مفيش في ايدينا حل تاني
رق قلب توليب لها لكن هي اخطأت من البداية ولابد من تحمل نتيجته
وللحق نقول بأن القدر نصفها رغم كل شيء عندما وجدت من يقف بجوارها وينتشلها من ذلك الضياع.
_ انا عارفة ان اللي بتمري به صعب بس عليكي بالاستغفار وابدأي صفحة جديدة مع ربنا
تجمعت العبرات في عينيها وهي تقول بألم
_ مكنتش اعرف انه حرام، فكرتي عن جواز المأذون أنه صح شرعاً وقانوناً بس والله لو كنت أعرف مكنتش هوافق أبدًا
ربتت توليب على يدها وتحدثت بتأثر
_ أزمة وهتعدي وعسى ان تكرهوا شيئاً وهو خيرًا لكم، سيبيك من اي حاجة وخليكي مع ربنا وانتبهي لصحتك لأن دلوقت فيه روح محتجالك
اخذت نور نفس عميق كي تهدئ به روعها وقالت برضا
_ إن شاء الله
حاولت توليب تغيير الموضوع ونثر جو من المرح كي تخفف به ذلك الجو المشحون
_ مع إني مستغربة إنك تفحتي قلبك ليا بالسرعة دي بس حقيقي أنا مبسوطة اني اتعرفت عليكي.
ايدت نور حديثها قائلة
_ وانا كمان مستغربة بس بما إنك خطيبة جواد يبقى مش غريبة، مع إني حاسة إني شوفتك قبل كدة.
أومات توليب
_ اه فعلًا من فترة طويلة اتصادفنا في القطر ووقعنا احنا الاتنين
تذكرت نور فوراً وقالت بابتسامة
_ اه افتكرت وكنت قاعدة في الكرسي اللي جانبي.
أومأت توليب بمرح
_ ايوة أنا، بس بجد صدفة غريبة
قاطعهم دخول سلمى وهي تحمل أكواب العصير
_ معلش اتاخرت عليكم
ابتسمت توليب بمجاملة وقالت
_ مفيش تأخير ولا حاجة.
وضعت المشروب على المنضدة بجوارهم وجلست هي على الفراش وهي تحاول بشتى الطرق أن تخفي حزنها
_ مبروك مراد قالي إن كتب كتابكم بكرة.
أومأت لها
_ إن شاء الله لازم هتيجوا مش محتاجين دعوة.
أجابت نور
_ ياريت كنت اقدر بس الدكتور مانعني من الحركة شهر على الأقل بس الأيام جاية كتير.
_______
في الاسفل انتهى المأذون من امضاء الشهود جواد ومؤيد وقد كان عمه وكيلها كما طلب منه مراد
انصرف الجميع وخرج مؤيد معهم
فنهض جواد بدوره وهو يقول بوجوم
_ انا همشي دلوجت لأن الوجت أخر ومتنساش تاچي بكرة.
ابتسم مراد لصديق عمره الذي وجد ضالته أخيرًا وقال بحبور لصديقه الذي تعذب كثيرًا وأخيراً تبسمت له الحياة
_ ماشي يا سيدي بكرة هخرچ من المستشفى عليك بصراحة وحشني اكل أم نعمة أوي.
اومأ له جواد ومازال التحفظ سيد الموقف معه
_ إن شاء الله
خرج جواد كي ينتظر محبوبته وعيون مراد تنظر إليه بيأس منه ومن عناده، لكنه لن ييأس وسيظل خلفه حتى يعودوا كما كانوا
____________
خرجت توليب فتجده ينتظرها أمام المنزل مستندًا بظهره على السيارة
ابتسم فور أن هلت عليه بطلعتها الساحرة وقالت بحب
_ أتاخرت عليك؟
صمت قليلًا ثم أومأ مؤكدًا
_ كتيرًا جوي بس ملحوجة كله ده هيتعوض بعد يومين.
أخفضت عينيها بخجل وتابع وهو يتقدم منها
_ حاسس إن قلبي هيقف من الفرحة ولحد دلوجت مش مصدج نفسي
رفعت بصرها إليه بخوف وتمتمت بعتاب
_ بعد الشر عليك متقولش الكلمة دي تاني.
شملها بعينيه التي تريد أن تخفيها داخل أحضانه لكنه احكم رغبته وقال بثبوت
_ طيب يالا عشان الوقت اخر
استقل السيارة وجلست هي بجواره وانطلق بها
لاحظ جواد شرودها منذ أن خرجت من منزل مراد فسألها باهتمام
_ مالك يا توليب من وجت ما خرچنا وانتي سرحانة.
تنهدت توليب بحيرة
_ اللي بيعمله مراد ده غلط كبير من كل الجهات واولهم الجواز المشروط
هز رأسه بنفي
_ بس ده مش جواز مشروط.
عقدت حاجبيها بعدم فهم
_ يعني ايه مش فاهمة، مش هو بيتجوزها عشان ينسب ابن أخوه.
رد جواد وهو ينظر للطريق أمامه
_ سبب بجانب السبب الأساسي
_ اللي هو؟
رد ببساطة
_ أنه حبها، مراد مستحيل يوافق على ده إلا إذا حبها فعلاً وده اللي فهمته من كلامه وتصرفاته.
_ بصراحة البنت دي صعبت عليا أوي، وكل اللي حصلها بسبب طيبتها الزيادة.
_ جفلي على الموضوع ده لأن دي اسرار وخصوصاً أن مراد محكاش على حاچة، كل اللي اعرفه أنه مسجلش العجد خوف عليها من أبوه، خلينا في فرحنا.
غمز لها بوقاحة وقال بمكر
_ بعد الوجت بالثواني وحياتك
اغمضت عينيها بيأس من وقاحته وتابع هو بتحذير
_ اللبس اللي أختارته هياچي بكرة بس اوعي حد يشوفه غيري.
زمت فمها بغيظ
_ مفيش غير ياسمين لأن مفيش غيرها بيدخل الأوضة عملالي حظر ومنبهة عليا مقربش منها حتى.
ضحك جواد قائلاً
_ مش مشكلة بس خليني اتفاچئ بحاچة زينة في الآخر.
_ إن شاء الله.
ساد الصمت قليلًا فعلم جواد بأنها تود التحدث بشيء فسألها
_ رايدة تسألي عن حاچة؟
ابتسمت توليب
_ عرفت ازاي؟
رفع حاجبيه بفخر مصطنع
_ خبرة في أمور الحريم.
هزت راسها بيأس منه
_ حريم؟! ماشي يا سيدي
ترددت قليلًا قبل ان تقول
_ جواد احنا كلها يوم وهنتجوز وللأسف محدش فينا يعرف حاجة عن التاني، او تقدر تقول معرفة سطحية.
تطلع إليها مبتسمًا قبل أن تعود عينيه للطريق أمامه
_ ومين جال إني معرفش حاچة عنيكي، توليب وفيق السن واحد وعشرين سنة كلية علوم سنة رابعة اتولدتي في اسكندرية ونجلتوا القاهرة بسبب شغل ابوكي اللي اتوفى بأصابة عمل وكان عمرك سنة ونص، بعدها صديق ابوكي اتجدم لوالدتك بعد سنة ووافجت عليه عشان يحميها من أهل ابوكي وهو اللي رباكي زي بنته، لبستي النقاب أول ما دخلتي الچامعة، حفظتي القرآن عند محفظة اسمها….. السنة الأولى في الجامعة كانت جيد اللي بعدها جيد جداً واللي بعدها جيد جداً برضه اقول تاني ولا كفاية إكدة.
اندهشت من معرفته كل تلك الأخبار مما جعلها تزداد تعلقًا به
_ ماشي يا سيدي انا بقا عايزة اعرف كل حاجة زيك كدة.
لاح الحزن على ملامحه وتحدث بآسي
_ مش هتلاجي فيها غير الفراغ.
تأثرت بكلماته لكنها لن تتركه لذلك الفراغ فقالت بمرحها
_ خلاص عرفني مكانه عشان أملاه
التزم الصمت قليلًا ثم تحدث بجدية
_ لما نروح بيبقى نقعد في الچنينة واخبرك بكل حاچة.
____________
ظل ينظر إليها بانتشاء وهي نائمة بجواره
لا يصدق حتى الآن بأنها أصبحت زوجته قولاً وفعلاً
ابتسم بسعادة عندما وجدها تفتح عينيها بتثاقل وعندما لاحظت نظراته فعادت تغلقها بخجل
ضحك من فعلتها وتحدث بعشق
_ مفيش داعي للكسوف ده اني خلاص بجيت چوزك
ملس بانامله على خدها وتمتم باحتواء
_ فتحي عينيك.
فتحت عينيها وهي تحاول تهدئة خجلها مما جعل قلبه ينبض بقوة ومشاعره التي لم تكتفي بعد تطالبه بالمزيد والارتواء من شهدها
_ مش عايزك تبعديهم عني واصل خليهم ديمًا إكدة جصاد عيوني.
تبدلت ملامحها عندما تذكرت ذكرى مشابهة
نفس الكلمات المعسولة والحنان المفرط وخرجت منهما بعد ذلك على جحيم نيران مازالت تلتهب حتى اليوم، نعم وهدان غير
لكن عليها ان تكون اقوى والا تنجرف مرة اخرى خلف مشاعرها.
اندهش من تبدل حالها فسألها وهو يداعب خصلاتها
_ مالك سهمتي إكدة ليه؟
أجابت بتوجس
_ خايفة.
قطب جبينه بحيرة
_ من ايه؟
_ لإني سمعت نفس الكلام ده والآخر طعني.
صدمته بحديثها سواء بتشبيهه برجل خائن أو ذلك سابقه في لحظة كتلك
غضب وانفعل لكنه احكم غضبه ونهض من الفراش ليرتدي ملابسه تحت انظارها المتعجبة
_ وهدان رايح فين؟
أجاب باقتضاب
_ هتطمن على البنات.
أجفلت عندما صفق الباب خلفه بحدة وعاد إليها ذلك الشعور بالخوف بعد أن احاطها بالأمان والطمأنينة
ماذا قالت حتى يكون ذلك رد فعله
بعد تردد دام للحظات جذبت سترتها وارتدتها وذهبت تبحث عنه فوجدته جالسًا في بهو المنزل ويبدو عليه الوجوم
تقدمت منه باحراج وقد فهمت سبب زعله منها وقالت بارتباك وهو تفرك يديها ببعضها
_ أني اسفة مكنش جصدي اضايقك.
لم يجيبها وظل على وجومه
تقدمت لتجلس بجواره ومدت يدها لتلامس يده رغم شعورها بالخجل من فعلتها وتابعت برجاء
_ ارچوك بلاش الجسوة دي لإني شبعت منيها ورايدة اعوض سنيني الباجية معاك
اخفضت عينيها بحزن عندما لم تجد منه رد فعل
_ احنا لساتنا بنجول يا هادي ولو هنفضل ندجج على كل كلمة مش هنعرف نكمل، لما جلت إكدة كان جصدي انك تطمني مش تزرع الخوف چواتي وتخليني اجعد إكدة وابرر كل كلمة خرجت مني واسفة مرة تانية إن كنت ضايجتك.
وقفت لتعود لغرفتها لكنه أمسك يدها يمنعها وغمغم بثبوت
_ بس أني مش بعمل إكدة عشان تتأسفى أو تبرري.
نظر داخل عينيها وتابع بروية وهو ينهض ليقف أمامها
_ مينفعش إن أكون نايم في حضن مراتي وفي لحظة زي اللي كنا فيها وتفكريني بواحد تاني سبجني ليكي
وضع يده على وجنتها يحتضنها بكفه وتمتم بوله
_ انسي أي حاچة واجهتك وتعبتك جبل ما تدخلى داري وحياتي، عشان متأثرش على حياتنا، فهمتي؟
أومأت له بابتسامة خجلة ارهقت قلبه ومشاعرة
جالت عينيه بمحياها يدقق في تفاصيله وتمتم باحتواء
_ بحبك.
رفعت بصرها إليه وكأنها لا تصدق ما قد تفوه بها وظنت أن ما حدث بينهم قبل قليل احتياجات جسد ليس أكثر فسألته بعدم استيعاب
_ بچد؟
هز رأسه مؤكداً
_ بچد.
قرب وجهه منها وأخذ ثغرها في قبله محت كل الآلام التي شعرت به قبل أن تعرفه
أخذها في جوله كانت هي سيدتها وملكتها.
_____________
جلس جواد على الأرض بعد ان افترش ذلك الفراش ليجلسا عليه وانتظر عودتها
جاءت بعد قليل وهي تحمل أكواب العصير وأخذه منها ثم جلست بجواره وهي تقول
_ يلا احكيلي بقا.
_ ماشي يا ستي
انا اسمي جواد عامر حسان، العمر تلاتين سنة خريج كلية تجارة، واصبحت مهنتي بس على جد مزرعتي
أرمل ومعايا ولد، بس.
زمت فمها بغيظ وغمغمت
_ انت بتستغفلني، انا عارفة كل ده، انا بتكلم حياتك كلها.
لاح الحزن على ملامحه ولم يريد أن يتحدث في ماضيه لكنه اراد أن يخبرها بكل شيء
فقال بهدوء
_ أنا اتولدت في الصعيد وفي أكبر عيلة فيها واللي بترفض أن حد يتچوز براها، بس أبوي كان بطبعه عنيد واتعرف على بنت لبنانية "تظاهر بمرح" بس ايه من الآخر
اتچوزها غصب عن الكل واتمسك بيها وبعد عشر سنين ملت من الحياة أهنه وطلبت الطلاج وهملتنا ورچعت بلدها، وجتها عمي وجيه كان متوفي وچدي أصر أنه يتچوز مرته، بس كانت شديدة في طبعها حتى مع ولادها، مرات عمي فايز اللي ربتنا زي ولادها ولما كبرنا چدي حكم علينا كل واحد فينا يتچوز بنت عمه، رفضت وقتها لأن شمس بالنسبة ليا أخت مش أكتر غير إن طباعنا مختلفة، ولأنه عارف نجطة ضعفي هي المزرعة عرف يدخلي منيها ياإما أرفض ويحرمني منها يا إما أوافج ويكتبها بأسمي بيع وشرا
نظر إلى ما بين قدميه وتابع
_ وافجت وكانت اكبر غلطة عملتها في حياتي، الضريبة كانت جاسية جوي، وكان كل همها أنها تبعدني عن الخيل، بدأت بنغمة إنها تعيش في القاهرة واني الصعيد بالنسبة ليا زي المايه لا يمكن استغنى عنه، بس جدي عشان يهدي الأمور بينا وافجها وضغط عليا إننا نعيش في القاهرة فترة إكدة ونرچع تاني..
أخذ نفس عميق يهدء به تلك النيران التي تعتل بداخله وهو يتذكر ذلك اليوم
_ وافجت لجل خاطر ابني وفي اليوم ده كان لازمن أعدي على المزرعة عشان اظبط كل حاچة فيها جبل ما أمشي، بس هي رفضت لأنها خابرة زين إني لو روحت مش هجدر افارجها
أغمض عينيه يحاول بصعوبة السيطرة على حريق قلبه
_ اتخانقنا ومسكت الدركسيون عشان تلف العربية وفقدت السيطرة عليها واتصادمنا في عربية تانية ومعرفش ايه اللي حصل وجتها، لما فوجت لجتني في المستشفى و……
التزم الصمت ولم يستطيع تكملة حديثه وفجأة وجدته ينهض لكن تلك المرة بصعوبة لم تلاحظها من قبل فقال بحدة
_ الوجت أتاخر خلينا نرچع.
أومأت له ولم تستطيع الضغط عليه ونهضت بدورها وسارت معه في صمت مطبق.
_____________
جلست كريمة على جمر ملتهب منذ أن علمت بزواجه وازداد حقدها عليه ولم تجد سوى اولادها كي تقذف سمها في آذانهم
طرق خالد الباب ودلف وعلى وجهه سعادة عامرة فأسرعت إليه تسأله
_ عرفت حاچة عن عمك.
رد بخبث
_ عمي ده سيبك منيه لإني اتأكدت أنه بيبات في الشجة لحاله وسايب المفتاح مع مرات البواب بتنضفها جبل ما يوصل، انما في الأهم.
قطبت جبينها بحيرة
_ ايه هو؟
_ البنت اللي چواد هيتچوزها هربانه من جريمة جتل ومطلوب القبض عليها.
لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا
بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل
متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا
الرواية كامله من هناااااااااا
مجمع الروايات الكامله1 اضغط هناااااااا
مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا
تعليقات
إرسال تعليق