القائمة الرئيسية

الصفحات

translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية التل الفصل التاسع عشر والعشرين والحادى وعشرون والثانى وعشرون والثالث وعشرون والرابع وعشرون بقلم رانيا الخولى

 رواية التل الفصل التاسع عشر والعشرين والحادى وعشرون والثانى وعشرون والثالث وعشرون والرابع وعشرون بقلم رانيا الخولى 




رواية التل الفصل التاسع عشر والعشرين والحادى وعشرون والثانى وعشرون والثالث وعشرون والرابع وعشرون بقلم رانيا الخولى 


#رواية_الـتـل 

#رانيا_الخولي

الفصل التاسع عشر 

…………….


في الصباح


استيقظت توليب مرغمة على يد يزن الذي يجبرها على الاستيقاظ 

فتحت عيونها بتثاقل وتمتمت بنعاس

_ ايه يا يزن عايزة أنام

دلفت سلوى على ذلك المشهد ويزن يصر على ايقاظها فقالت بسخرية

_ قومي يا هانم عشان تغيري بقيتي أم قبل أوانك.

فتحت توليب عين واحدة تتأكد من وجودها ثم تنهدت بتعب واعتدلت قائلة

_ وبعدين معاكي يا ماما لزمته ايه الكلام ده.

ردت سلوى بحنق

_ ملوش انا بس بنبهك مش اكتر.

زفر توليب بيأس وقد طار النوم من عينيها وقالت بهدوء

_ انتي مش كل اللي يهمك إني اكون مبسوطة؟

ردت بتسويف

_ هو انا عايزة ايه من الدنيا غير كدة؟

نهضت لتحمل يزن وتقربه منها وهي تقول ببهجة

_ بذمتك مش يتحب بعينيه الملونة دي وخفة دمه.

اشاحت بوجهها بعيدًا وقالت بانكار

_ انا مقولتش حاجة بس أنا مستغربة ايه اللي جابرك على مسؤولية زي دي، انتي جميلة وبنت ناس وأي واحد يتمناكي.

تعبت توليب من الجدال معها وخرجت من الغرفة وهي تنادي نعمة التي أسرعت إليها وسألتها بعبوس

_ فين ياسمين؟؟

_ تحت في المطبخ بتساعد البنات.

ناولتها يزن الذي اعترض في البداية لكنه وافق عندما قالت بابتسامة 

_ انزل معها لعمته لحد ما اغير هدومي وهنزل افطر معاك.

نظرت لنعمة وقالت 

_ خلي ياسمين تغيرله لبسه وانا جاية حالاً


عادت إلى الداخل وأغلقت الباب خلفها ووقفت أمام والدتها وتمتمت بحزم

_ شوفي يا ماما عشان الموضوع ده مش هفتحه تاني.

ضغطت على كل كلمة تنطق بها

_ أنا بحب جواد مش بس لما جيت هنا لأ ده من سنتين وأكتر كمان قبل ما يعمل الحادثة وهو كان لسة متجوز ولما رجعت حبيته أكتر وأكتر

وتقدري تقولي مش شايفة حد غيره ولا هسمح لحد أنه ياخد مكانه، وانسي تمامًا إنك تقدري تأثري عليا بكلامك ده

 لو عايزة سعادتي متقفيش بينا وبلاش تجرحي جواد بكلامك لإني مش هسمح بده.


زمت سلوى فمها بغيظ وغمغمت بحدة

_ بكرة تندمي وهفكرك.

خرجت من الغرفة وهي لا ترى أمامها من شدة الغضب 

اما توليب فقد أغلقت الباب وهي تشعر بالضيق من نفسها بسبب طريقتها الفظة مع والدتها ثم دلفت المرحاض كي تستعد للنزول 


في الأسفل 

تجمعوا في بهو المنزل بعد تناولهم وجبة الإفطار ونزلت توليب لتجلس معهم وتتقابل نظراتهم في حديث ابلغ من الكلام 

اليوم سيتم عقد قرانهم ويتحقق حلم العمر 

وينتهي أخيرًا ذلك الشقاء الذي أرهق كلاهما

غمز إليها بمكر

ثم أخرج هاتفه من جيبه وبعث إليها برسالة مقتضبة

"عملك مفاجأة"

انتبهت لوصولها وفتحت الرسالة لتقرأ محتواها وقد انشغل الجميع بالحديث

"ايه هي"

"ثواني وهتعرفي"

ثم اغلق الهاتف ووضعه على الطاولة الصغيرة أمامه كي يمنع احتجاجها الذي رأه على عينيها.

انشغل معهم بالحديث حتى تفاجأت هي بدخول أدهم وإلين فلم تصدق ما تراه

_ إلين؟

دلفت إلين بمرحها المعتاد 

_ الندالة مش بتيجي غير من الصحاب

نهضت توليب لتحتضنها بسعادة وهي لا تصدق أنها تراها

_ بصراحة متخيلتش انك هتيجي.

نهضت ياسمين التي تفاجأت أيضًا بمجيئها

_ انا كمان متخيلتش إنك هتيجي.

رحب الجميع بأدهم وصعدت البنات إلي غرفة توليب كي يكونوا بحريتهم.

          ___________


في غرفة توليب 

جلس ثلاثتهم بسعادة غامرة بعد ذلك الغياب الطويل وسألت إلين توليب

_ قوليلي الأول وقعتيه ازاي.

ردت ياسمين بدلاً منها

_ لا وحياتك هو واجع من زمان لما كنتو هنا في فرحي.

تحدثت إلين وهي تقلد لهجتها

_ ايه ده! إزاي محدش خبرني، لااا انتو لازمن تخبروني كل حاچة بالتفصيل.


شرحت لها توليب كل شيء باستثناء ذلك الحادث فقالت إلين بتأثر

_ بصراحة قصتكم كلها وجع بس جميلة اوي والحمد لله إنه كرمكم وجمعكم في الحلال

امنت توليب خلفها

_ الحمد لله.

بغتت إلين عندما لاحظت وجومهم وقالت بامتعاض

_ هو احنا هنقلبها نكد ولا ايه النهاردة الحنة ولازم نفرح

نهضت من الفراش وذهبت إلى حقيبتها واخرجت منها حقيبة صغيرة ورفعتها أمامها 

_ تعالي بقى شوفي الهدية بتاعتي.

سألتها توليب وهي تنهض لتتقدم منها بابتسامة 

_ هدية؟ هدية ايه يا قلبي.

فتحت إلين الحقيبة واخرجت منها ثوب هندي(ساري) فتشهق توليب بصدمة

_ ايه اللي انتي جيباه ده؟

حركته بين يديها وهي تجيب ببساطة 

_ ساري اشتريته امبارح مخصوص عشان تلبسيه في الحنة

تقدمت توليب أكثر لتمسك الجزء العلوي بعدم استيعاب لمدى قصره وقالت بصدمة 

_ انتي فاكرة إني ممكن ألبس اللبس ده؟

وضعت على كتفها فتجد انه لم يصل إلى بطنها ثم نظرت إليها وهي تقول بغيظ

_ انتي اتجننتي يا إلين، ده كمان بحملات.

رفعت إلين الجزء السفلي وقالت 

_ ليه بس المهم إن الچيب واسعة وطويلة ومتنسيش الشال، وبعدين احنا هنكون لوحدنا ومامتك وخلاص

نظرت إلى ياسمين وتابعت

_ مش كدة ولا أيه؟

رفعت ياسمين يدها وهي تقول 

_ انا مليش دعوة استأذني جواد الأول.

تحدثت إلين بامتعاض وهي تجلس قبالة ياسمين 

_ وهو هيشوفنا فين بس احنا هنكون لوحدنا وهو مع الرجالة بره ولما ييجي يدخل…

قاطعتها توليب

_ تلفوني بملاية.

ضحكت ياسمين بعلو صوتها لكن إلين اغتاظت منهم وقالت بحدة

_ تعرفي انا عملت ايه عشان اجيبه؟ والله لتلبسية.

تنهدت توليب بيأس منها ونظرت إلى ياسمين التي هزت كتفيها باستسلام.

     ______________


خرج وهدان من الغرفة فيجدها تخرج من غرفة أطفاله 

فتقدمت منها بابتسامة وهو يسألها 

_ عايزة حاچة جبل ما امشي.

هزت راسها بنفي وقالت بابتسامة 

_ عايزة سلامتك، وحاول متأخرش.

طبع قبلة على جبينها وقال بحب

_ هرچع بعد كتب الكتاب على طول، بس من ناوية تغيري رأيك وتاچي معايا؟

هزت راسها بإحراج 

_ مش هجدر ابص في وشه بعد اللي حصل.

ملس بأنامله على وجهها وقال

_ جولتلك هو بنفسه اللي جالي وبصراحة أني محتاچك معاي.

تنهدت باستسلام ثم سألته

_ والبنات؟

_ متجلجيش هخلي ام محمود چارتنا تجعد معاهم لحد ما نرچع.

قالت بتردد

_ بس…

قاطعها بجدية

_ مفيش بس انتي من وجت ما اتچوزنا وانتي مخرچتيش من الدار، ادخلي غيري هدومك لحد ما انادي لام محمود.

وافقت حياة ودلفت غرفتها كي تبدل ملابسها ثم خرجت لتجده دالف مع أم محمود وهي سيدة طاعنة في السن تركها اولادها وظلت هي وحيدة 

تقدمت منها لتصافحها

_ كيفك يا خاله؟

ردت المرأة بطيبة

_ بخير يا بنتي 

قال وهدان

_ معلش يا خالة هنتجل عليكي.

_ مفيش تجل ولا حاچة اديني جاعدة معاهم بدل الجاعدة لوحدي امشوا انتو ومتجلجوش عليهم.

خرج وهدان مع حياة وتوجهوا لمنزل جواد.


        ______________


وقف عامر امام المرآة يلف عمامته وهي جالسة على الفراش تنظر إلى فرحته التي لم يستطيع اخفاءها وقالت بسخط

_ ومالك فرحان إكدة كأنه أول مرة يتچوز.

انتهى عامر مما يفعله وقال بفتور

_ ومفرحش ليه؟ ولدي الوحيد ودي ليلة فرحه من اللي جلبه أختارها.

نهضت لتقف أمامها والحقد يتآكلها

_ وبنتي اللي ماتت في عز شبابها ايه اتنست خلاص.

جلس على المقعد ليرتدى حذاءه وقال بثبوت 

_ سنة الحياة زيك بالظبط لما اتچوزتي بعد موت أخوي بسنة واحدة.

_ بس أني كنت مجبرة.

_ اتچوزتي وطالبتي بحجوجك يبجى متفرجش كتير.

خرج من الغرفة وهو يبتسم بتشفي وتركها تنظر إليه بسخط

مر بغرفة والده وطرقها حتى سمح له بالولوج 

دلف الغرفة ووجد والده يجلس على مقعده بنفس الجبروت، تقدم منه ليسأله بفتور

_ هتاچي ولا غيرت رأيك؟

رفع حسان بصره إليه وتحدث بقوة 

_ واني من ميتى بغير كلمتي؟

_ أني جولت اسألك لو عايز تاچي معاي دلوجت.

ضرب بعصاه الأرض وتحدث بتسويف 

_ روح انت واني هاچي على كتب الكتاب


اومأ له عامر وهو ينظر إليه ببرود

_ اللي تشوفه.

ثم تركه وغادر 

زم حسان فمه وتحدث باحتدام 

_ هترچع يا ابن عامر سواء برضاك أو غصب عنيك


ذهب عامر إلى المزرعة واثناء قيادته للسيارة رن هاتفه فعلم هوية المتصل قبل أن يراه

امسكه ليجيب عليه

_ كيفه الچميل اللي مالي جلبي

_……… 

ضحك عامر بسعادة

_ مين ده اللي كبر وعجز متخلهاش تطلع في دماغي وأجي اعرف مين اللي كبر وعجز.

_……..

_ ماشي يا ستي مجبوله منك، المهم أني هجفل دلوجت لإني وصلت المزرعة ولما ارچع هكلمك.

_…….

هز رأسه بيأس

_ تاچي فين انتي اتچننتي.

_………

_ طيب اجفلي ولما أجيلك الاسبوع الچاي هنتحددوا تاني، سلام.

   _______________


لم يستطيع مراد الذهاب من دونها وقرر أخذهم معه كي يحسن من نفسيتها

اتصل على سلمى اثناء عودته وأخبرها بضرورة ذهابهم معه


في منزل مراد

دلفت سلمى غرفة نور فوجدتها تقرأ في إحدى الروايات التي جلبتها معها فأخذتها منها سلمى وقامت بوضعها على المنضدة وهي تقول بأمر

_ سيبي اللي في ايدك ده وقومي

اندهشت نور وسألتها بحيرة

_ ايه يا سلمى في ايه؟

قالت سلمى بسعادة

_ قومي غيري هدومك بسرعة عشان هنروح حنة توليب.

رغم فرحتها بذهابها إلا إنها قلقت على طفلها فقالت بوجل

_ مينفعش انتي عارفة الدكتور مانعني من الحركة 

جذبت الغطاء من عليها وقالت بإصرار 

_ إن شاء الله مش هيحصل حاجة اطمني وقومي يلا.

نهضت نور وأخرجت لها سلمى ثوب فضفاض يتناسب مع حملها وحجاب مناسب وساعدتها في ارتداءه

كانت نور تنظر إليها بدهشة من ذلك الإهتمام 

فهي تعد ضرة لها حتى لو لم يكن زواج حقيقي وبعد الانتهاء قالت برقة

_ متشكرة اوي يا سلمى.

ابتسمت سلمى وردت بصدق

_ متقوليش كدة انتي زي اختي.

ربتت على ذراعها وأردفت

_ يلا هروح أنا كمان أغير وأجهز لبس لمراد وانتي ارتاحي لحد ما نجهز.


عادت إلى غرفتها لتبدل ملابسها واحضرت لمراد ملابسه 

وعندما عاد مراد أخذ حمامًا سريعًا وهو يستعجلها

_ هاتي اللبس بسرعة ونادي على نور واستنيني تحت.


دقائق وكان كلاهما داخل السيارة وانطلق بها إلى المزرعة.

           ____________


في غرفة توليب 

صرخت بصدمة عندما نظرت لانعكاس صورتها في المرآة و جدت نفسها بذلك الثوب الذي جعلها تبدو بتلك الفتنة وشعرها الذي استرسل على ظهرها بسلاسة في هيئة تسلب الأنفاس وقالت بصدمة

_ ايه ده؟ انتو اكيد اتجننتوا. 

كانوا ينظرون إليها بانبهار وقالت ياسمين بعدم استيعاب

_ يا عيني عليك يا جواد، الولد جلبه مش هيجدر يتحمل.

زمت فمها بغيظ وغمغمت بتوعد

_ ماشي أنا بقا هخليه يطربقها على دماغكم.

رفعت إلين لعبة أمامها وقالت بمرح

_ آخر حاجة الحنة

هزت يديها امام وجهها باستسلام 

_ لااا ده فعلاً جنان رسمي، انا هغير هدومي والبس اي فستان تاني.

طرق الباب فذهبت ياسمين لتفتحه فوجدت حياة تقف أمامها وتمتم بإحراج 

_ ازيك يا ست ياسمين.

رغم استياءها من فعلتها إلا إنها لم تريد احراجها وقالت بترحيب

_ الحمد لله يا حياة اتفضلي.

دلفت حياة على استحياء منهم وعندما لاحظت توليب ذلك تقدمت منها وهي تقول بفرحة

_ حياة ازيك كنت هزعل اوي لو مجتيش.

رفعت حياة عينيها بدهشة من ذلك الترحيب التي قُبلت به مما جعلها تشعر بالثقة وتمتمت برهبة 

_ بصراحة كنت خايفة آچي

حاوطت ياسمين كتفيها من الخلف ثم نظرت إليها بعتاب 

_ طبعاً ليكي حج مـ انتي رفضتي تعزمينا على فرحك.

ازداد حرجها بتلك المقابلة وردت بروية

_ صدجيني مكنش فرح ولا حاچة كانت حاچة إكدة على الضيج.

قالت توليب 

_ خلاص يا ستي مسامحينك 

عاد طرق الباب وعادت إليه ياسمين وتجد سلمى أمامها وخلفها نور

_ ازيك يا سلمى تعالي اتفضلي

دلفت سلمى ودخلت نور خلفها وقد ازدادت سعادة توليب بمجيئهم 

ساعدتها سلمى على الجلوس وقد انبهرت نور بجمال توليب 

_ انتي جميلة أوي يا تولي والساري هينطق عليكي.

ردت إلين قائلة

_ قوليلها يا بنتي لأنها مصرة تقلعه

سألتها سلمى بدهشة

_ ليه كدة انا شايفة إنه استايل جميل اوي ولايق عليكي ده اللي يشوفك يقول دي بنت هندية أصيلة.

رفعت إلين الحناء 

_ لا ولسة لما نحط الحنة الهندي دي.

ابتسمت توليب وهزت راسها بيأس من صديقتها التي لم تترك شيء إلا وفعلته.

قالت حياة وهي تفرك يديها ببعضها 

_ واني بعرف ارسم زين.

تحدثت إلين بفرحة

_ تمام وانا هنزل صور من النت وتعملي زيها.

         ____________


فتحت البوابة الرئيسية على مصراعيها عندما تقدمت منها سيارة حسان ووقف الجميع رياءً أمام السيارة حتى وصل إلى المنزل 

أسرع السائق بفتح الباب وترجل منها بكل شموخ والجميع ينظر إليه إجلالًا لكن قلوبهم تفعل عكس ذلك 

تقدم من المنزل ودلف للداخل وعينيه تبحث بين الجمع عن حفيده

كان واقفًا ينتظر هو قدومه بشموخ ورثه عنه 

بل ورث منه الكثير حدة الطباع وقسوته على اعداءه لكن لين قلبه يطغي على كل ذلك وهو ما يود التخلص منه

تقدم منه وهو واقفًا بين أبيه وعمه وبجوارهم المأذون 

وقف أمامه لينظر إليه باعتزاز وقال بقوة

_ مبروك يا جواد، طلبتني وچيتلك.

مازال كما هو موقفه منه واضحًا لن يتغير ولن يعود مهما حدث.

دنى منه أكثر وقرب فمه من أذنه وتمتمت بخفوت 

_ لو عايز براءتها دلوجت اجدر أجبهالك بس زي ما جولتلك.

تطلع إليه جواد بتعالي وتحدث بجسارة

_ طول عمرك جدها وإن ضاجت بيا هرچعلك.

أراد فايز فض ذلك التحدي وقال بترحيب

_ أهلاً يا حاچ اتفضل.

جلس حسان على الأريكة واشار للجميع بالجلوس فأطاعوه ثم أمر المأذون ببدأ القران


في غرفة توليب 

بدأت حياة برسم الحناء باتقان اذهل الجميع 

لكنهم توقفوا عندما سمعوا صوت الزغاريد بالأسفل فقالت ياسمين 

_ كدة المأذون كتب الكتاب استني بقا يا حياة متبدأيش في الإيد اليمين لحد ما تمضي

توقفت حياة ما إن طرق الباب وذهبت ياسمين لتفتح فوجدته تميم وهو يحمل الدفتر

_ ازيك يا ياسمين، ممكن ادخل؟

_ أهلاً يا تميم ثواني

وضعت إلين شالاً كبيرًا على كتف توليب ثم سمحوا له بالدخول

انبهر بدوره رغم أن الشال يخفي ثوبها وتقدم منها قائلاً بحب

_ مبروك يا قمر 

ردت بابتسامة مشرقة 

_ الله يبارك فيك يا حبيبي عقبالك.

غمز لها بعينيه 

_ بصراحة فتحتي نفسي بس المهم تكون حاجة من الآخر زيك كدة.

ضحكت بسعادة بالغة فقال بيأس وهو يناولها القلم

_ يلا بقا ايدك اليمين يا عروسه

رفعت يدها اليمنى لتأخذ القلم لكنه منعها 

_ بقولك ايدك اليمين

_ اه معلش اتلغبط

رفعت يدها اليسرى فيضحك الجميع على دعابته وحينها لاحظت أنه يداعبها فقالت بغيظ

_ انت بتشتغلني؟

حاول منع نفسه عن الضحك 

_ بهزر يا رمضان انت مبتهزرش.

امسكت القلم باليمني وبدأت تمضي وإلين وياسمين يسجلون تلك اللحظة بالصور وبعد الإنتهاء قبل جبينها وتمتم باحتواء 

_ ألف ألف مبروك يا قلبي.

ردت برقة

_ الله يبارك فيك يا حبيبي.


خرج تميم وعادت حياة لعملها حتى انتهت أخيرًا 

فقالت ياسمين 

_ طيب يلا بجا ننزل تحت عشان نحتفل زين 


نزلوا جميعاً للأسفل وقد أبعد جواد رجاله عن ذلك الجانب من المنزل 


وبدأت الفتيات بالاحتفال بها وشاركتهم عاملات المنزل بأغانيهم الصعيدية الأصيلة 

وسلوى جالسة بعيدًا عنهم ولم تشغل توليب نفسها بها فهذه لحظة لن تعوض وقد قررت ان تعيشها بكل كيانها 


نظرت نعمة لوالدتها وهي تقول بسرور

_ دي حلوة جوي يا أمه، دي ولا البدر في تمامه.

نظرت إليها ام نعمة بحب وقالت

_ دي عوضه عن اللي شافه في دنيته، دي الوحيدة اللي جدرت تغيره بعد ما اتعلم الجسوة وشربها من اللي أذوه.

توقف الجميع على صوت إلين وهي تقول 

_ باااااس خلصت فقرة الرقص وفاضل فقرة الشبكة يلا يا ياسو ابعتي للعريس

شهقت توليب بصدمة وقالت بتعنيف

_ هو ده اللي كنت عاملة حسابه مينفعش طبعاً يدخل عليا وانا كدة.

قالت ام نعمة

_ ليه يا بنتي ده خلاص بقا جوزك وبكرة فرحكم على الأجل تتعودوا على بعض.

هزت راسها برفض 

_ مستحيل طبعاً 

تحدثت نور باقتراح وهي جالسة على المقعد

_ طيب انا عندي حل.

انتبه الجميع لها ينتظر اقتراحها وتابعت

_ هي طريقة غربية بس هنعدل فيها شوية حاجات كدة

قالت إلين برجاء

_ قولي إلاهي يسترك

_ هنطفي النور وياسو تروح تاخده من على الباب وتقربه منها وتناوله الشبكة وهو يلبسها

قالت ياسمين بعدم تصديق 

_ بتهزري.

تحدثت سلمى بتأييد 

_ هو فعلاً انسب حل لأن لازم العريس يلبسها الشبكة بنفسه

قالت توليب 

_ خلاص هتولي ازدال

_ طيب ما جبلك لحاف احسن

قالتها إلين بيأس ثم نظرت إلى ياسمين وقالت

_ رني عليه ونعمل زي ما قالت نور


جالسًا مع أصدقاءه لكن عقله معها هي

ماذا تفعل الآن ؟

هل تشعر بما يشعر به؟

هل بنفس السعادة؟

بنفس الاشتياق.

انتبه على يد مراد التي صفعته على كتفه

_ انشف يا عريس متخلكش طري إكدة.

نهض فايز وقال بهدوء 

_ الف مبروك يا ولدي ربنا يتمملك على خير إن شاء الله.

رد بصدق

_ متشكر يا عمي.

تلاه عامر الذي نهض أيضًا 

_ مبروك يا ولدي ويارب جدمها جدم سعد عليك.

اومأ جواد له ثم ظل ينظر إليهم وهم يخرجون من المنزل وقبلهم جده


رن هاتفه وكانت ياسمين

ابتعد قليلا كي يرد عليها 

_ ايوة يا ياسمينا محتاچين حاچة؟

_ انت ناسي يا استاذ الشبكة تعالي عشان تلبسها

ظهرت ابتسامته وقال موافقاً 

_ بس إكدة چاي حالًا

_ استنى لول تعرف الحكاية

بدأت ياسمين تشرح له ما قررت توليب فعله 

لكنه قال في النهاية

_ طيب اسمعيني زين……..


طرق الباب ورفرف قلب توليب عند سماعه

ها هو حبيبها يطرق بابها كي يكمل رحلة سعادتهما 

تقدمت ياسمين من المقبس وقامت بأغلاقه ثم فتحت الباب ليدلف أخيها

والذي دخل وهو يتعسر في مشيه مما جعل توعده لها يزداد 

كانت الغرفة مظلمة وقد حرصت على ألا يدخل اي ضوء من النوافذ فقامت بأغلاق الستائر باحكام مما جعل الوضع بذلك السوء فلتتحمل نتيجته

سارت ياسمين أمامه وهو خلفها تجنبًا الاصتدام بأحد حتى أوصلته لها ووقف أمامها

يتخيل هيئتها

كان تنفسها عاليًا وقد وصل لمسمعه 

قالت ياسمين 

_ نبدأ بالدبلة مدي ايدك يا تولي

مدت يدها رغم أنها لا تعرف من أين ستأتي انامله حتى اجفلت عندما وجدته يمسك يدها بيده الحانية واليد الأخرى وضعت الخاتم بيدها

ازدادت وتيرة تنفسها وقلبها يهدر بعنف من تلك المشاعر التي تعيشها لأول مرة

أما هو فحدث ولا حرج وقد تلاشي كل شيء من حولهما في لمسة يدها والذي يحتويها بعشق متملك وكأنه يخشى عليها من الهرب

تبدلت الأدوار ووضعت ياسمين دبلته في يدها لكنها لم تستطيع تميز مكان الخاتم إلا ان تتحسس بدورها يده

حاولت لكن فشلت وهو لا يساعدها على ذلك مما جعلها تمسك يده وتتحسسها وهو يكتم انفاسه حتى وصلت لمبتغاها.

حان دور الأسوارة وقد ازداد العذاب وهو يمسك رسغها ويثبت به الاسوارة ثم عاد يحتل يدها.

زادت نسبة العذاب عندما جاء دور الطوق وهي مضطرة للاستدارة كي يستطيع غلقه من الخلف

وبيده الممسكة بيدها لفها حتى جعلها تستدير وتقدم منها خطوة كي يضع الطوق حول عنقها 

لف يديه حول عنقها بالطوق وهم بغلق لكن عرقله شعرها ذو الملمس الناعم وهو مسترسل على ظهرها بحرية

فترك طرف الطوق بتعمد كي يرفع شعرها ويبعده عن عنقها

وساعدته هي بذلك ورفعت خصلاتها حتى ينتهي ويا له من عذاب وهي تشعر بأنفاسه تلهب بشرتها الناعمة 

وخاصة عندما وجدته يتحسس عنقها كي يصل للطرف الأخر فحاولت منعه لكنه همس بجوار أذنها 

_ شششش

حبست أنفاسها كي تتحكم في ذلك الشعور الذي راوضها لأول مرة

وصل للطرف الآخر وقد ازدادت وتيرة انفاسه وهو يشعر بقلبه يرفرف بسعادة غامرة لم يشعر بمثلها من قبل 

وظل على حاله حتى انتهى أخيرًا

تنفست توايب الصعداء وهمت بالابتعاد لكنه أمسك كتفيها الشبه عاريتين يمنعها ثم طبع قبله ناعمة على عنقها ولم يكن باستطاعتها الاعتراض كي لا يشعر أحد بشئ وبعدها أداره أمامه وانفتح الضوء لتشهق هي وتأخذ منه أنفاسه وهو يراها بتلك الهيئة

لم ينتبه لتصفيق الجميع ولا لأهتزاز عينيها كل ما يشغله هي تلك الحورية التي تقف أمامه الآن 

أخذ صدره يعلو ويهبط من شدة تأثيرها عليه

وهو لا يصدق تلك الفتنة المرتسمة أمامه. 

أما هي فقد نظرت إليه بعتاب ثم أسرعت بالهرب من أمامه لتخرج من الغرفة 

وياليتها لم تفعل 

فقد أخذت خصلاتها تسارعها في السباق وذلك الشال الخاص بالثوب سقط عن كتفيها فأصبحت أمامه حورية سقطت عليه من السماء

لم ينتبه لهمهمات الجميع وضحكاتهم وكم ود في تلك اللحظة الإسراع خلفها وينعم بذلك الجمال الذي أذابه



رواية الـتـل 

رانيا الخولي 

الفصل العشرون 

……………..


دلفت غرفتها وأغلقت الباب خلفها وانفاسها تتسارع بشدة

أسندت ظهرها على الباب و ضعت يدها على صدرها تحاول تنظيم أنفاسها.

ظهرت ابتسامة رضا على ثغرها وهي تتذكر لمساته لها، انفاسه التي الهبت بشرتها

تحسست موضع قبلته على عنقها وهي لا تصدق ما فعله

اغمضت عينيها بسعادة كبيرة وأخذت تدور حول نفسها داخل الغرفة بفرحة لم تشعر بمثلها من قبل 

توقفت عندما شعرت بالدوار والقت نفسها على الفراش وهي تحاول تنظيم انفاسها المتسارعة وتمتمت بلوعة

_ بحبك يا جواد بحبك.


اعتدلت في الفراش عندما سمعت طرق الباب ودخول ياسمين وإلين إليها 

نظرت لهم بغيظ وغمغمت وهي تقترب منهم

_ مين فيكم اللي فتحت النور؟

تصنعوا عدم المعرفة وقالت ياسمين 

_ انا برضه استغربت معرفش مين اللي فتحه

نظرت ل إلين وسألتها

_ إنتي يا إلين؟

هزت رأسها ببراءة مصطنعة 

_ لأ طبعًا وانا هعمل كده ليه.

قالت ياسمين بافتراء مرح

_ يبقى أكيد أم نعمة.

ضيقت توليب عينيها بغيظ

_ أم نعمة برضه؟ ماشي يا ستي المهم فين يزن؟

جلست ياسمين على المقعد بارهاق

_ تحت لأن أول ما جده جاه أخده ونزل بيه.

يلا نامي انتي وانا هاخد ألين ويزن يناموا معايا

أومأت لها واحتضنتها توليب بسعادة

_ ألف مبروك يا تولي.

_ الله يبارك فيكي يا قلبي عقبالك

احتضنتها ياسمين بدورها

_ ألف مبروك يا حبيبة قلبي 

_ الله يبارك فيكي يا ياسو .

خرجوا جميعاً وأبدلت توليب ملابسها واستعدت للنوم

          ___________


رافق جواد صديقه إلى الخارج حيث ينتظره نساءه كما أطلق عليهم 

فقال مراد بابتسامة عريضة لصديقه

_ مبروك يا جواد.

رد وهو مازال على نفس جموده

_ الله يبارك فيك مع انك جولتها ولا عشرين مرة.

ضحك مراد وربت على كتفه

_ اخويا وصديق عمري واللي مهما يحصل منه مش هزعل ولا هفقد الأمل، يلا تصبح على خير.

ظل جواد يراقبه وهو يبتعد بسيارته حتى وصل إلى البوابة الرئيسية وخرج منها وبداخله مشاعر متخبطة ما بين نسيان ما حدث وتبريره لما فعل وبين رفض لعودة الامور بينهم لنصابها


تقدم منه السائس وهو يقول 

_ أني عملت زي ما چنابك أمرتني، حاچة تاني يا بيه.

سأله مراد 

_ في حد تاني من العمال؟

_ لا كلهم مشيوا مفيش غير الحارس اللي على البوابة برة.

أومأ له

_ تمام روح انت.

انصرف الرجل وسار جواد إلى السياج وقد أوقف السائس الخيل به ثم اخرج هاتفه ليحدثها 


أخرجت توليب منامتها القطنية ووضعتها على الفراش كي تبدل ملابسها

لكن صوت هاتفها جعلها تتوقف وتظهر ابتسامتها عندما وجدت اسمه يزين هاتفها 

أجابت بعد تردد دام للحظات

_ نمتي؟

_ لأ

_ لسة لابسه الساري.

ازدادت ضربات قلبها حدة وتمتمت بارتباك 

_ اه، أقصد لأ.

ضحك على ارتباكها وقال بحب

_ طيب البسيه وانزلي أني مستنيكي عند السياج.

اتسعت عينيها بصدمة 

_ انزل فين؟ لا طبعاً 

رد بمكر

_ ولو جلتلك ده أمر واني بجيت چوزك ولازم تطعيني.

قطبت جبينها بتعند

_ جواد انت ازاي عايزني انزل كدة والكل يشوفني.

تقدم من فرستها يداعبها وتمتمت بولع

_ ومين جالك إن في حد اهنه، اني مشيتهم كلهم، وأبوكي وتميم في اوضتهم.

تمتمت توليب بتردد

_ بس…

قاطعها بجديها

_ مفيش بس انزلي زي ما شوفتك متغيريش حاچة واصل.

أغلق جواد الهاتف كي لا يترك لها فرصة للاعتراض

اما هي فقد وقفت حائرة لا تعرف ماذا تفعل

هل تواصل استمتاعها بتلك اللحظات وتنزل لتكمل احتفالها معه أم تطاوع خجلها وترفض النزول.

………..


دقائق قليلة ووجدها تتهاوى امامه بتلك الفتنة وقد أخذ الهواء يتلاعب بخصلاتها وذلك الوشاح الرقيق الذي يغطي كتفها تتمسك به وكأنه يداري شيئاً عن مرمى عينيه

ظل واقفًا كالمسحور بجمالها وهي تقترب منه بخطواتها المترددة وكأنها تدعس على قلبه العاشق بكل قوتها

طالبته مشاعره بأخذها داخل أحضانه كي يرتوي من شهد حبهما لكنه آبى الرضوخ لمطالبه كي لا تجفل منه

فتح لها باب السياج وجعلها تدلف منه على استحياء ثم تحدث بولع عندما وقفت أمامه 

_ انتي ناوية تعملي فيا ايه اكتر من إكدة؟

رفعت عينيها الساحرة إليه فجعلت ضربات قلبه تزداد وتيرتها وابتسامتها الخجلة جعلته يخنث بوعده ومد يديه ليأخذ يديها بعشق وتملك وتابع بوله وهي هائمة في نظرتها

_  لو استمريتي على النظرة دي هموت بين ايديكي.

اخفضت عينيها بخجل وهي تقول بابتسامة 

_ بعد الشر عليك.

وضع انامله اسفل ذقنها كي يرفع وجهها إليه وتمتم باعتراض

_ ومين جال إن الموت بين ايديكي شر؟! ده لو حصل هرحب بالموت كل دجيجة بين ايديكي.

ابتعدت عنه قليلًا عندما لاحظت نظراته لشفايفها وقالت بمرح أرادت به تغيير مجرى الحديث.

_ أكيد جايبني عشان تعلمني ركوب الخيل.

ابتسم مؤكداً 

_ بالظبط، تعالي

صارت بجواره وهي لا تصدق ما تراه 

فك وثاق فرستها وجذبها للداخل قليلًا ثم أشار لتوليب بالتقدم.

تقدمت مسحورة بتلك اللحظات التي كتبها القدر بأحرف من نور ووقفت بجواره وبدأ يشرح لها كيف تمطيه وهي تستمع له بانتباه

_ يلا بجا وريني هتركبي كيف.

رفعت يديها برهبه كي تمسك السرج ثم وضعت قدمها حيث أخبرها وهمت برفع نفسها كي تصعد لكنها لم تستطيع 

_ أساعدك؟

هزت راسها بنفي 

_ لأ انا هطلع لوحدي.

يبدو أنه لم يستمع لها وأمسك خصرها يرفعها كي يساعدها على الامتطاء مما جعلها تجفل من فعلته 


جلست على ظهر الجواد وقد ازدادت رهبتها وتمتمت بخوف 

_ جواد أنا خايفة

رد بابتسامة بثت الاطمئنان بداخلها

_ متخافيش سيبي نفسك خالص.

اومأت له وبدأ هو بجذب الفرسة ويتحكم هو في سيرها ويملي توليب بعض التعليمات حتى تراخت أعصابها وبدأت تنسجم معها ثم ترك لها جواد التحكم في سيرها وأخذ يراقبها وخصلاتها تتطاير حولها بفعل الهواء 

يبدو انه اخطأ بفعلته تلك 

امتطى جواده أيضًا وبدأ يلف به حولها ثم يزيد من سرعته تدريجياً وهي تشاهده بانبهار

حتى اوقف جواده فجأة فيعلو صهيله وهو يرفع مقدمته في الهواء وهو ثابت على ظهره لم يتزحزح

اوقف الحصان ثم أشار لها

_ تعالي.

خرجوا من السياج على ظهر الأحصنة وسارو بها حتى وصلوا للغرفة الزجاجية

ترجل هو اولاً ثم ساعدها على النزول وسألته بحيرة

_ جواد الوقت أخر لازم نرجع.

هز رأسه بنفي 

_ تؤ لازم نعيش ونستمتع بكل لحظة تمر علينا.

فتح الباب ودلفت معه ثم أضاء المصابيح الموضوعة بكل مكان في تلك الغرفة الزجاجية، ثم فاجأها بتلك الأغنية لإليسا"سهرنا يا ليل"

رغم رفضها لسماع الأغاني إلا أن كلمات الأغنية عبرت عم تشعر به بكل كلمة تنشدها

وأخذت تنظر إلى كل شيء حولها بانبهار ثم نظرت إليه بعين دامعة 

_ جواد انت عملت كل ده علشاني؟

تقدم منها خطوة واجاب بصوته الرخيم

_ من بعد ما سبتيني ومشيتي من غير وداع حتى.

تبدلت ملامحها للألم بتلك الذكرى وقالت

_ كنت مستني من ايه غير كدة، أنا عشت صدمة تأثرها جوايا لحد النهاردة، كان لازم توضح ده من البداية على الأقل مكنتش هنجرح بالشكل ده.

لاح الحزن على ملامحه أيضًا وهو يتذكر تلك اللحظات وقال بثبوت 

_ انا لما شوفتك اول مرة لفتي نظري باهتمامك بالخيل وخصوصاً إني ملقتش حد بيحب الهواية دي غيري، نظرتك وانبهارك بالخيل خلاني احس بالفرحة إني أخيرًا لقيت حد بيبادلني هوايتي

واضايقت أوي لما صاحبتك ندهت عليكي ومشيتي، كنت خايف مشفكيش تاني وعشان كدة قولتلك لو عايزة تعالي الاسطبل وأخليكي تلمسيه

تنهد للذكرى وتابع

_ كنت بعد في الثواني عشان اشوفك ولما جاه الوقت لقيت السايس بيقولي إن رماح رجله ألمته تاني وعمال يثور، افتكرت ميعادنا ومكنتش اعرف انك هتروحي بدري إكدة وجتها قلبي انقبض وحسيت بالرعب عليكي، مهتمتش لوجود حد وجريت عشان الحجك جبل ما تجربي منيه لأن الخيل في الوجت ده مش بيتحمل حد يجرب منه 

ولما لجيته بيهاجمك مفكرتش في حاچة غير إني انقذك حتى لو على حساب روحي 

امسك يدها التي تحمل الندبة وقربها من فمه ليقبلها ثم تابع

_ متعرفيش اني كنت حاسس بإيه وانت جدامي متصابه وهموت واخدك في حضني بس مش جادر أجرب

هنا بس حسيت بإحساس عمري ما حسيته ولا جربته غير في الوجت ده

نظر لرأسها يبحث عن الندبة التي أخفتها الطبيبة بدقة وطبع قبله خفيفة عليها وأردف

_ لما لاحظت الدم اللي على جبينك اتمنيت إنها تكون فرصة وترفعي النقاب جدامي واشوفك، بس انتي رفضت ترفعيه وأخدتك وجتها ورحنا على المستشفى، ولم أخدوكي مني حسيت انهم اخدوا جلبي معاكي ورفضت إني أخلي اي دكتور يجرب منك وملجتش غير مراد جدامي ووافجت بالإجبار إنه يعالچك لحد ما الدكتورة الموجودة تاچي 

حمدت ربنا أنك رفضتي ترفعي النقاب جدامه ويشوفك جبلي 

ولما اطمنت عليكي وافجت أنه يعالچني ودي كانت الذكرى الوحيدة ليا منك

قالها وهو يتحسس موضع جرحه

_ لحد ما جات شمس وعرتني جدامك متعرفيش نظرتك دي عملت فيا أيه….

وضعت توليب يدها على فمه تمنعه من المواصلة وقالت برقة اذابت قلبه

_ بلاش نفكر فـ اللي راح وخلينا في النهاردة

انا كمان عشت الأوقات دي بحلوها ومرها بس انا دلوقت قررت احذف كل لقطة سودة في حياتي واستمتع بكل لحظة بقضيها معاك.

ملس بابهامه على خدها الناعم وتمتم باحتواء 

_ اني كمان قررت اعمل إكدة بس كان لازمن اصارحك باللي چواتي، اني مخدعتش بالعكس لو شمس ما جاتش في الوجت ده أني كنت هصارحك بكل حاچة.

تطلع إلى ملامحها التي يعشقها وتابع بولع

_ عمري ما كنت هخدعك لأني فعلاً حبيتك.


رمشت بعينيها فثار سرب الفراشات يحتج على ازعاجه في غفوته فيثور حولهما في هالة تخطف الأبصار وانفرجت شفتيها الرطبة فلم يعد يستطيع السيطرة على مشاعره أكثر من ذلك وبهدوء وتروي مال على ثغرها يطبع قبلة خفيفة على وجنتها ثم بجانب ثغرها قبل أن يلتهمه بقبله حب صاحت لها ديوك الفجر وهي مستسلمة تمامًا بين يديه 

حاوط خصرها يقربها أكثر لأحضانه وهي رفعت يدها الواهن لكي تمنعه 

لكن قوتها الواهنة لم تساعدها امام سطوة مشاعره والتي استطاع سحبها إليها مما جعلها تستسلم لذراعيه التي احاطتها بعشق وتملك 

كان يجد صعوبة في التحكم بمشاعره وقد كان من أصعب الاشياء التي مرت عليه.

عليه التمهل كي لا يخيفها فهي بريئة وتخوض تلك المشاعر لأول مرة

غدًا ستكون له بملئ إرادتها وهكذا استطاع التحكم بها.

ظل يقبلها بشوق وكلما قرر الابتعاد تصدر منها آهه تجعله يعود مرة أخرى وصعوبة بعدها تزداد وتزداد حتى انتبه كلاهما لصوت هاتفه فابتعد عنها مرغمًا وهو يتأفف بضيق

نظر في هاتفه فوجده توفيق سألته بأنفاس متقطعة 

_ مين؟

رمقها بعيظ

_ أبوكي.

حمحم كي يخرج صوته ثابت

_ أيوة يا عمي.

سمع صوته يتحدث بقلق

_ هي توليب معاك لأن أمها راحت أوضتها ملقتهاش.

اتسعت عينيها وضعت يدها على فمها باحراج فرد جواد وهو يكتم ضحكته

_ اه معايا جاعدين عند الخيل وراچعين دلوجت

تنهد توفيق براحة 

_ طيب ياريت ترجعها دلوقت لأن الفجر خلاص قرب يأذن

_ حاضر.

اغلق الهاتف ونظر إليها باستياء 

_ بصراحة اتصل في الوجت المناسب.

رمقته بغيظ 

_ طيب يلا روحني وكفاية احرجتني مع بابا.

زفر بضيق وهو يمسك يدها ويتحرك بها للخارج

_ يلا

ساروا جانبًا إلى جنب وكل واحدٌ منهم ممسك بلجام حصانه حتى وصلوا للأسطبل وتركهم جواد داخله ثم خرج إليها ليعودا إلى المنزل


مرا من جوار غرفتهما فوقف وأوقفها معه وقال بمكر

_ متيجي نشوف الاوضة وهي ياسمينا نايمة إكدة

جذبت يدها من يده وأشارت له قائلة

_ أدخل انت أنا هدخل اوضتي عشان أنام.

ابتسم بسعادة وهو ينظر اليها بولع حتى دلفت غرفتها وأغلقت الباب.

         ______________


في غرفة مراد 

كانت سلمى مستلقية على الفراش وتضع رأسها على صدر مراد الذي أصبح شاردًا طول الوقت

تذكرت نظرات جواد لتوليب عندما قامت ياسمين بفتح الاضاءة وكيف كان يرمقها بحب لم ترى مثله من قبل

لم ينظر إليها مراد يومًا بتلك الطريقة 

حتى وهي في أكثر الأوقات حميمية بينهم لم تجد تلك النظرة

تعلم جيدًا بأنها يحبها لكن ليس ذلك العشق الذي يجعل القلوب تنبض بوله فور رؤيتها لمعشوقها 

رفعت رأسها لتنظر إليه 

_ مراد

همهم مراد وهو مغمض عينيه 

وسألته

_ بتحبني؟

فاجأته بكلمتها وفتح عينيه ينظر إليها بابتسامة عريضة 

_ أكيد بحبك.

لم يعجبها رده ولم تجد أيضاً تلك النظرة التي تريدها وخاصة عندما رأته يغمض عينيه مرة أخرى وكأنه رد ارضاءًا لها وكفى

وعادت هي تضع رأسها على صدره لتسمع نبضات قلبه الرتيبة باستسلام 


وعند وهدان 

تماثل الأمر لكن بأشد تمسكًا وترابط

كان يتلاعب بخصلاتها وسألها بحب

_ انبسطي في الحنة.

انفرجت اساريرها بسعادة 

_ جوي، رغم إن الحنة كانت بسيطة ومفيش حد كتير بس كانت جميلة جوي وكلنا انبسطنا فيها.

قبل جبينها وتمتم بحبور 

_ عشان إكدة طلبت منك تروحي معاي.


_ بصراحة محدش منهم حسسني بحاچة بالعكس كانوا مرحبين بيا جوي وخاصة مراته طيبة جوي وبنت حلال.

اومأ لها وهدان وأيد حديثها

_ وجواد بيه برضك من چواته طيب جوي وابن حلال، ربنا يسعده

_ يا رب، بس جولي انت من ميتى وانت شغال معاه.

جالت بخاطره الذكريات وقال

_ اني من صغري واني بحب الورد جوي 

وبحب زراعته

والدي الله يرحمه كان شغال في البحوث الزراعية وكنت بساعده في كل حاجة 

لحد ما كبرت وقررت اعمل مشتل للورد صغير إكدة على جد حالي وفي يوم لجيته چالي وسألني على زهرة اسمها توليب

بس زراعتها في المكان اهنه صعبة وحزن جوي لما جولتله إكدة

وبعدها جالي أنه هيجهزلي المكان وكل حاچة أني محتاچها بس ازرعها بكل انواعها

مكدبش عليكي الفكرة عچبتني وچمعت عنها كل المعلومات وخليت ابن عمي يمسك المشتل بدالي وانا اتفرغت لزراعة الوردة دي، كانت تچربة زينة وحبيتها جوي

وفعلاً نبتت لما هيئت المكان ليها ونبتت بكل انواعها

عمري ما شفته سعيد إكدة لما بلغته الخبر 

ولما مهمتي خلصت وچيت ارچع المشتل

حصلت الحادثة ومكنش ينفع اسيب الورد لأنه يعتبر أمانة حتى لو مأمنيش عليها، وفضلت أراعيها لحد ما وجف على رچليه من تاني

بس مكنش ينفع اسيبه في الظروف دي وخصوصاً لما طلب مني افضل معاه.

وجتها لفتله الورود دي بزهرة تانية اسمها الأقحوان 

لأن زهرة التوليب بترمز للحب والنقاء

وكان لازم أكمل معناها بالاقحوان بترمز للتفاؤل والإخلاص 

ضحك وهو يتابع

_ ولما حضرت كتب الكتاب وسمعت اسمها عرفت اللي فيها واكتملت قصتهم بالاقحوان.


رفعت حياة بصرها إليه تنظر له بحب وإلى حياتها التي تبدلت للأفضل على يده وسألته بعتتب

_ انت كنت فين من حياتي؟

تحولت نظراتها لاتهام

_ ليه مجتنيش من زمان؟


ابتسم بحب وهو يملس على وجهها 

_ ده نصيب وأكيد ربنا له حكمة في كدة، المهم إننا اتجابلنا واتچوزنا واللي راح ده خلاص انتهى مش عايزين نفكر فيه

أومأت له برضا واستكانت بين يديه التي تحاوطها بحب واستسلمت للنوم

      ______________


لم تنام كريمة تلك الليلة وظلت تزرع الغرفة ذهابًا وإياباً والحقد يتآكلها 

عاش حياته وتزوج بمن احبها وابنتها تحت التراب

الموت كان أحق به منها 

وهذا ما كانت تود حدوثه لكن انقلب السحر على الساحر وراحت هي.


انتبهت لوصول سيارة ابنها خالد فخرجت من الغرفة ووقفت أمام غرفته تنتظره

حتى صعد إليها وعند رؤيتها قال بهدوء

_ مساء الخير 

صححت له بحدة

_ جصدك صباح الخير احنا بجينا الفجر.

دلف غرفته وتحدث بملل

_ وصلة كل يوم

دلفت خلفه وهي تقول بانفعال 

_ لا مش وصلة كل يوم اني چاية اسألك عملت ايه

جلس على المقعد بارهاق وقال 

_ كل حاچة ماشية كيف ما أني رايد

_اومال ليه ساكت لحد ما خلاص كتب عليها ودخلته بكرة

عاد بظهره للوراء وقال بحقد

_ ودي هتكون اكبر ضربة ليه، لما تبجى مرته وتتسجن التل كله هيعرف أنه اتچوز واحدة جاتلة وتبجى الفضيحة مدوية، إنما وهي ضيفة عادية إكدة الكل هيجول ابن حلال حما واحدة ميعرفهاش وصانها في بيته، غير كمان إني عايزه يدوج حلاوتها لول عشان اصعبه عليه أكتر فهمتي؟


ابتسمت بخبث وقالت

_ صح حديتك ووجتها مش هيجدر يرفع عينيه في حد ويمشي مطاطي كيف الحريم.

_ واني بكرة الصبح هروح ابارك له عشان ميشكش فيا، وهجوله إني مجدرتش آجي امبارح عشان مشاعر أمي وخلاص.

زفرت بضيق شديد 

_ مع اني مش رايده اسمي يتذكر جدامه بس مبدهاش.


في الصباح

مرت تلك الليلة على توليب بسعادة لا توصف 

استيقظت على طرق الباب ودخول والدتها

_ صباح الخير يا حبيبتي.

اعتدلت في الفراش بتكاسل وهي تتمتم بارهاق

_ صباح النور يا ماما 

تقدمت منها لتجلس بجوارها على الفراش 

صاحية بدري ليه؟ انا قلت هتأخري في النوم بسبب سهرة امبارح.

ابتسمت توليب للذكرى وقالت بسرور

_ بصراحة كان وقت جميل أوي مكنتش عايزاه يعدي.

لاحظت سلوى السعادة التي تتحدث بها ابنتها وكم هي عاشقة له فقررت تركها تفعل ما تريد ربما يخيب ظنها وتسعد معه.

_ طيب يلا قومي عشان البنات اللي طلبهم جوم تحت 

نهضت من الفراش ودلفت المرحاض وهي تتمتم 

_ قوليلهم نص ساعة ونازلة.


استيقظ جواد على صوت هاتفه الذي يرن بالحاح

فتح عينيه بصعوبة ونظر به وجده خالد تعجب من اتصاله ورد بنعاس

_ السلام عليكم.

رد خالد بثبات

_ وعليكم السلام كيفك يا عريس.

اعتدل في فراشه مسنداً ظهره على الوسادة وهو يمسح بكفه على وجهه يزيح النعاس

_ زين الحمد لله

_ يارب ديما، اني چاياك دلوجت في الطريج عشر دجايج وهكون عندك.

رغم انداهشه لكن رد بترحيب 

_ اتفضل البيت بيتك في أي وجت

أغلق معه الهاتف ووضعه على المنضدة

ثم نظر في ساعته فوجدها الحادية عشر.

لاحت ابتسامة رضا عندما تذكر تلك الليلة التي لم يحلم بمثلها من قبل 

مرحها ابتسامتها التي يعشقها وجهها الذي اضاء بنوره حياته

رقتها وهي بين يديه كل شيء بها يمثل الاكتمال بالنسبة له.

نهض كي لا يشرد بخياله اكثر من ذلك ودلف المرحاض كي يستعد لتلك المقابلة التي لا يرحب بها مطلقًا.


وقف خالد أمام المزرعة وهو ينظر إليها بحقد لقد أخذ كل شيء وهو ينتظر أن ينعم عليه جده بحقه

فإذا مات حسان دون أن يقسم ميراثه لن يكون له حق لا هو ولا اخواته

لهذا السبب ظل مطاطيًا له 

ويتساءل أحياناً 

ماذا لو مات جده دون ان يترك وصية واجبة لهم؟

هل باستطاعت أعمامه إخراجهم من القصر؟

فما كان يطمئنه هو زواجه وأخيه من ابناء عمه حتى لو لم يكتب لهم شيئاً إلا إنه سيظل في القصر وينعم بعيشته

لكن الآن أصبح لا يجد شئ يستند عليه.

فإن نجحت خطته سيجبر جواد على التنازل له عن المزرعة.

حرك مقود سيارته ودلف بها للداخل ويزداد حقده أكثر وهو يجد اتساع مساحة المزرعة حتى المنزل 

اوقف السيارة أمام المنزل 

وترجل منها وهو ينظر لجواد الذي وقف يستقبل وكالعادة يخفي عاملات المنزل من أمامه

_ أهلاً يا خالد كيفك؟

تقدم منه خالد وهو يقول بابتسامة سمجة

_ بخير طول ما انت بخير

أومأ له ودلف معه للمكتب وأغلق الباب خلفه


_ اعذرني إني مجيتش امبارح إن خابر زين حساسية الموضوع 

تنهد جواد وعاد بظهره للوراء وهو يجيب بفتور

_ خابر ومجدر حاچة زي دي، عقبالك.

_ ربنا يسهل

…..


خرجت توليب من غرفتها لكن تلك المرة بدون النقاب أو حجاب فقد أصبح حلالها ولا داعي لارتداءه في المنزل، اكتفت فقط بملابس فضفاضة.


بحثت عن يزن في غرفة ياسمين لكنها لم تجدهم 

نزلت للأسفل لتكمل بحثها فوجدته يلعب في بهو المنزل وعند رؤيتها اسرع إليها وهو يتمتم باسمها

حملته بسعادة وقبلته بحب 

_ انت بتلعب لوحدك ليه؟ اومال فين بابا؟

أشار لها على المكتب فأخذته ودلفت به الغرفة وهي تقول بمرح

_ صباح الخير يا بابـ….

جفلت عندما وجدت جواد جالسًا ومعه خالد والذي التفت إليها فيتفاجئ بذلك الجمال الذي يراه أمامه 

أما هي الصدمته أربكتها لكنها فاقت سريعًا عندما رأت تعبيرات جواد الحانقة

خرجت مسرعة فاصتدمت في نعمة التي تحمل القهوة فتسقط على الأرض

نظرت إليها باعتذار ومازال قلبها ينبض بقوة 

_ انا أسفة يا نعمة مكنش قصدي

ردت نعمة وهي تتحسس ملابس توليب لتطمئن عليها

_ ولا يهمك حصل خير المهم انتي زينة 

ألقت نظرة إلى المكتب وتمتمت برهبة 

_ أه كويسة.

صعدت مسرعة إلى غرفتها ومعها يزن الذي يبكي على أبيه يريد الذهاب إليه لكنها لم تتركه فنظرات جواد لها لا تبشر بخير مطلقًا

دلفت الغرفة وجاءت بالعابه كي ينشغل بها وتنشغل هي بالتفكير فيما حدث قبل قليل


ما كان عليها التهور والنزول بدون حجاب على الأقل.

لن يمر الأمر مرور الكرام سيعنفها جواد ولن تلومه.

فتح الباب فجأة واندفع جواد بكل غضبه وكأنه شخص آخر غير الذي تعرفه


رواية الـتـل 

رانيا الخولي 

الفصل الواحد والعشرين 

…………..


تقدم منها ليجذبها من ذراعها وصاح بها هادرًا

_ انتي كيف تسمحي لنفسك انك تنزلي بالشكل ده؟

ازدردت لعابها بصعوبة وقد شعرت بأن الأرض تميل بها عندما لاحظت نظراته القاتمة والتي افزعتها أكثر مما افزعها ملامحه القاتلة، وتمتمت برهبة 

_ جواد انا مكنتش اعرف ان فيه حد معاك ولو اعرف مكنتش نزلت أصلًا.

حاول التحكم في غضبه لكن نظرات خالد لها جعلته يزداد تعنفًا لها وصاح بأعلى صوته

_ يبجى مكنتيش نزلتي والشخص ده بالأخص يشوفك.

تجمعت العبرات في عينيها وردت بألم

_ خلاص يا جواد اللي حصل حصل ومش هعمل كدة تاني.

كان لرؤية دموعها تنزل على وجنتها مفعول السحر وجعلت قلبه يلين لها لكن نظرات خالد لا ترأف به ولا ترحمه فقام بدفعها لتسقط على الفراش وخرج من الغرفة صافقاً الباب خلفه بعنف 

أما هي فقد أخذت تبكي وتنتحب بشدة

حتى دلف الجميع خلف خروجه واسرعوا إليها لتسألها ياسمين بقلق

_ ايه يا توليب في ايه؟

اعتدلت توليب وتمتمت ببكاء

_ دخلت المكتب من غير الحجاب وكان فيه واحد معاه.

ردت والدتها التي انتهزتها فرصة كي تشوه صورته 

_ بس الموضوع مكنش مستاهل كل ده 

نظرت إلين إليها باستغراب

_ ازاي يا طنط أي واحد بيغير على أهل بيته وده مهما كان واحد غريب ومراته انكشفت قدامه

_ بس ده مكنش قصدها.

ردت ياسمين برزانة

_ ومحدش جال أنه كان جصدها، جواد اخوي بيغير جوي على أهل بيته حتى لو كانت واحدة من العمال، ودي مراته اللي بيحبها فطبيعي يغير عليها

لم تقتنع بحديثها وواصلت اتهامها

_ مهما كان ده ميدلوش الحق أنه يعلي صوته عليها ويعنفها بالشكل ده.

لم تقبل ياسمين انتقاد تلك المرأة لأخيها بهذا الشكل وقالت بثبات

_ ده أخويا ودي عادتنا وتقاليدنا وإن أي راجل غريب يدخل ميشوفش خيال حريمنا.


ازداد رفضها لتلك الزيجة وقالت باندفاع

_ وانا مش هقبل لبنتي بحياة زي دي وخصوصاً أنها هتكون وحدها معاه.

لم ترد عليها ياسمين وتركت الامر في يد توليب والتي نظرت إليها بامتعاض قائلة

_ ايه يا ماما الكلام اللي بتقوليه ده انا غلطت واستاهل اللي حصل، مكنش ينفع انزل كدة مهما كان وخصوصاً انه فرح ووارد إن اي حد غريب يدخل البيت.

اغتاظت من دفاعها عنه وقالت بحدة

_ بس مش بالشكل ده.

مسحت دموعها ونهضت قائلة

_ خلاص يا ماما الموضوع انتهى.

نظرت إلى إلين 

_ اومال فين البنات؟

_ قاعدين تحت مستنيينك، ثواني هجيبهم.

خرجت إلين ولم تستطيع سلوى البقاء وخرجت خلفها.

تقدمت ياسمين من توليب وقالت بتعاطف 

_ متزعليش من جواد في النجطة دي بالذات لازمن تتعودي لأن دمه حامي جوي.

أومأت توليب بتفاهم

_ انا مش بلومه بالعكس هو معذور أنا كمان مضايقة اوي وأكتر منه كمان بس خلاص مش هتتكرر تاني.


دلفت الفتيات واندمجت توليب معهم حتى تناست ما حدث.


أما هو فقد كانت مشاعره متقلبة 

ترة يعنف نفسه على رعونته معها 

وتراة أخرى يتذكر نظرات خالد وشروده بعد خروجها مما جعله يتحجج بانشغاله وانهى المقابلة.

هل هي غاضبة منه؟

ولكن لما هو رجل ويغار عليها، هو يغار حتى من نسمات الهواء التي تداعب وجهها 

ساعات قليلة وسيعتذر لها عمَّ بدر منه وسيقبل تلك العيون الذي زرفت الدمع بسببه 

         _______________


في غرفة توليب 

خرجت من المرحاض وهي ترتدي مئزار الحمام وتلف خصلاتها بالمنشفة 

نظرت للفتيات بغيظ وغمغمت 

_ المايه بردت وانا فيها نديت عليكم محدش رد 

ردت الفتاة

_ كان ممكن تخرجي من المايه عادي انتي طولتي برضه انا قولتلك ربع ساعة.


_ ما انا كنت بنادي عشان كدة انا حتى نسيت اخد الفون 


_ طيب يلا عشان اصفف شعرك

جلست توليب على المقعد أمام المرآة وبدأت الفتاة بعملها 

           ____________


شعرت نور بالألم يزداد بجوفها حتى أنه لم يعد يحتمل

حاولت النهوض لكنها لم تستطيع فالالم يزداد مع الحركة اكثر وأكثر 

تحاملت على نفسها ونهضت رغم الألم واستندت على الحائط وهي تكتم صرخاتها حتى وصلت إلى الباب

ضغطت على المقبض بوهن وفتحت الباب وعند تلك اللحظة لم تستطيع تحمل الألم 


خرج مراد من المرحاض وهو ينشف خصلاته ونظر إلى سلمى التي حملت كوب القهوة وقدمته له

_ قهوتك يا حبيبي 

رد بابتسامة 

_ متشكر، حضري هدومي بسرعة عشان اخرت على المستشفى وعندي عملية مهمة.

اومأت له واخرجت الملابس من الدولاب وهي تسأله

_ هتتغدى معانا ولا هتروح لجواد

_ أكيد لازمن أحضر لو لسانة مجلهاش فجلبه وعينيه بيجولوها، وان كان هو عنيد انا اعند منيه

وقف امام المرآة يمشط خصلاته 

اقتربت منه سلمى وأحاطته بذراعيها وغمغمت بدلال

_ انت عارف إني المستفادة الوحيدة من بعدكم ده.

ألقى الفرشاة من يده واحاط خصرها مؤكدًا

_ خابر زين بس إن شاء الله مش هتدوم كتير.

ضحكت سلمى ووضعت رأسها على صدره وهي تتمتم بحب

_ ربنا يخليك ليا 

ابعدها عنه قليلًا 

_ طيب سبيني بجا اشرب القهوة لإني اخرت جوي.

امسك الفنجان وقربه من فمه لكنه تفاجئ بتلك الصرخة التي أسقطت الكوب من يده وأسرع إليها بقلب ملتاع وخلفه سلمى

دلفوا الغرفة وصرخاتها تهز المكان وهي ملقاه على جانبها في الأرضية الصلبة 


تقدم منها ودون إرادته وضع يده على ظهرها ليرفعها على ساقه ويسألها بقلق

_ ايه اللي حصل؟

شهقت بألم وتمتمت

_ ألم شديد أوي مش قادرة أتحمل

نظر إلى سلمى وقال بلهفة

_ هاتي الفون بسرعة.

اومأت له بوجل وحملها مراد ووضعها على الفراش 

لطن أجفل عندما أمسكت يده لتقول برجاء

_ أرجوك متسبنيش كدة؛ هموت.

رق قلبها لها وتمتم باحتواء 

_ متخافيش هتبجي زينة اني هكلم دكتورة سما وهتاچي وتطمنا

دلفت سلمى بالهاتف وناولته لها وقام بالاتصال ومازال ممسكًا بيدها

مما جعل سلمى تنظر الى يديهم المتشابكة بغصة.

ردت الطبيبة عليه

_ أهلاً دكتور مراد 

رد برجاء

_ معلش يا دكتور المدام تعبانة جوي وعايزك تاچي تشوفيها

لم ترفض الطبيبة عندما سمعت صوت صرخاتها 

_ تمام جاية حالاً 

دلفت سهر وأمال وهي تسأله بقلق

_ في ايه يا مراد.

كانت نور تضغط على يد مراد بشدة وتحاول كتم صرخاتها

_ مش خابر يا أمي أني كلمت الدكتورة وچاية دلوجت 

قالت سهر بقلق

_ لتكون ولادة.

انقبض قلب أمال بقلق على حفيدها وعوضها

_ فال الله ولا فالك، استر يا رب

جلست بجوار نور لتمسك يدها الأخرى وسألتها بتوجس

_ ده الوچع اللي جالك قبل إكدة

هزت نور رأسها بنفي ولم تستطيع الرد من شدة الألم مما جعل الجميع يشعر بالقلق عليها

جاءت الطبيبة 

وبدأت بمعاينتها ثم نظرت لمراد بقلق 

_ الحالة صعبة أوي لازم تروح المستشفى لأنها علامات ولادة مبكرة.

زم فمه بقلق ثم قال لزوجته

_ جهزوها بسرعة لحد ما آجي.

تركها معهم وذهب لغرفته كي يأخذ حقيبته واتصل على مؤيد وطلب منه ان ينتظرهم في المشفى 

عاد إليها وكانت صرخاتها تهز القلوب 

سألها 

_ هتجدري تمشي 

اومأت له رغم صعوبة الأمر ونهضت بمساعدة سهر وسلمى لكن ما ان وضعت قدميها على الأرض حتى صرخت بأعلى صوتها 

لم ينتظر ومال عليها يحملها بين يديه وخرج بها وتتبعه عيون سلمى التي لاح الحزن بها وهي ترى مراد يقرب المسافات بينه نور

قالت أمال بقلق

_ استنوا اني هاچي معاكم.

رفضت سلمى

_ خليكي انتي وسهر وانا لو فيه حاجة هتصل عليكم تيجوا.


فتحت الطبيبة باب السيارة لمراد ووضع نور التي تصرخ بألم وجاءت سلمى تجلس بجوارها ومعها الطبيبة 

وانطلق إلى المشفى.

        ____________


في القصر 

وقف حسان أمام شرفته وهو يفكر في أمر عائلته

جواد وخرج عن طوعه وتزوج أخرى 

وخالد بعد طلاقه سيكون عليه الزواج مثله

وكذلك ياسمين.

ولم يعد لديه سوى عدي ويحيى 

مازال معه بطاقة رابحة ستجبر جواد على العودة وستضطر ياسمين للعودة معه وحينها سيعمل بكل الطرق على عودة المياه لمجاريها.

فقط عليه التروي حتي يأتي اليوم المناسب.

طرق الباب ودلفت منه كريمة 

لم يتزحزح من مكانه ولم يلتفت إليها 

تقدمت منه تقول بعتاب

_ جالك جلب يا عمي تروح تحضر الكتابة على واحدة أخدت مكان حفيدتك

تنهد حسان بيأس منها وغمغم بقوة

_ سنة الحياة وكان لازمن هيتزوچ.

احتدت نظراتها وقالت باحتدام

_ يعني عادي عندك إكدة يچيب مرات أب لحفيدي؟

استدار إليها حسان وغمغم بفتور

_ على أساس أنه فارج معاكي.

ارتبكت كريمة وتهربت بعينيها

_ أومال! مش حفيدي؟

ابتسم بتهكم

_ بأمارة أيه؟ دا انتي حتي مكنتش بتهتمي إذا كان نايم ولا صاحي جعان ولا شبعان وسيباه لياسمين وفايجة 

تقدم منها أكثر وقال بحدة

_ إنتي بس لجل ما تكسري جواد وتحرجي جلبه عليه ولا تكونيش فاكراني زي كبرت ومدريانش بحاچة من اللي بتحصل.

احتدت قسماته وتحدث بتحذير

_ أوعاكي تفكري تعملي حاچة من ورايا لإني وجتها مش هرحمك، جواد ده بالأخص ممنوع حد يلمس شعره منيه، فاهمة ولا لاه.

قال جملته الأخيرة بحدة جعلها تجفل منه 

فأومأت له بصمت ثم خرجت من الغرفة وقد ازداد الحقد بداخلها

        ____________


في المشفى 

انتهت الطبيبة من عمل السونار وأشارت لجواد كي يتبعها للخارج مما جعل تنفسه يضعف، وخاصة عندما أردفت

_ للأسف يا دكتور مراد دي ولادة فعلاً والمشكلة إن ضغطها عالي أوي وضربات قلبها مش طبيعية، لازم نستدعي الدكتور أحمد عشان يتابع معانا الحالة.

ازدادت انقباضة قلبه وسألها بقلق

_ طيب وبالنسبة لوضع الجنين؟


_ كل حاجة متعدلة ووزنه مناسب والرحم جاهز للولادة يعني هنا الولادة القيصرية متنفعش نهائي 

أخرج هاتفه واتصل على الطبيب المختص 

_ أيوة يا دكتور أحمد محتاجك ضروري في قسم النسا.

ثواني معدودة وحضر أحمد وهو يسأله بقلق

_ خير يا دكتور مراد.

_ دي المدام عندها ولادة مبكرة وفي اضطرابات في القلب وضغط عالي.

ظهر القلق على وجهه 

_ طيب خليني أشوفها.

دلفوا جميعًا للداخل وكانت صرخاتها تصم الآذن

عاينها الطبيب وقد ازاد قلقه عندما لاحظ تسارع ضربات القلب بشكل ملحوظ 

ابتعدوا عنها كي لا تسمع حوارهم

_ الولادة الطبيعية في الوقت ده هتكون خطر عليها.

ردت الدكتورة سما

_ بس مينفعش ولادة قيصرية لأن الولادة طبيعية ومتعدلة.

فكر الطبيب قليلًا وكأنه يتلاعب باعصاب مراد الذي شحب وجهه

_ هي عندها اي مشاكل في القلب؟

بهت وجهه ولم يجد ما يجيبه فهو لا يعرف عنها شيء مطلقًا فقال بثبات رغم لهيب قلبه

_ هي عمرها ما شكت منه ممكن يكون بسبب خوفها من الوضع

_ تمام احنا هنحقنها بمادة….. وهتابع معاكم الحالة لحد الولادة ما تمر على خير إن شاء الله.


في غرفة العمليات

تم وضعها داخل الغرفة وقد استعد الجميع لتلك الولادة الصعبة ما عدا مراد الذي حاول الهرب كي لا يرى عذابها لكنها امسكت بيده تمنعه وقالت برجاء رغم ضعفها

_ ارجوك خليك معايا متسبنيش.

رق قلبه لها ونظر إليها يغمغم بغصة

_ مش هسيبك أبدًا

بدأت رحلة الولادة وهي تعتصر يده بين يديها

كان طبيب القلب يراقب مؤشراتها بترقب وطبيبة النسا تعاني حقًا من صعوبتها

حتى ازدادت وتيرة ضرباتها وتراخت هي بوهن وقد تلاشت قوتها

صاحت بهم الطبيبة

_ فوقوها بسرعة كدة خطر عليها وعلى الجنين

بدا طبيب القلب يقوم بعمله ومال مراد عليها يقول بوجل

_ نور ارجوكي قاومي اوعى تستسلمي 

تمتمت نور بوهن حتى أن صوتها خرج بصعوبة 

_ مش قادرة.

أغمض عينيه بألم وحال قلبه ليس افضل من حالتها ثم حدثها برجاء

_ ارجوكي قاومي عشان خاطر ابنك…

واجه صعوبة في نطق ما يشعر به لكنه قالها بحب

_ وعشاني.

حثتها الطبيبة على المواصلة

_ مدام نور أرجوكي ساعديني.

تابع مراد رجاءه وهو يحتوي وجهها بيده وقد لاح الخوف واضحًا في عينيه 

_ ارجوكي يا نور عشان خاطري.

تحدث الطبيب براحة

_ الحمد لله الضربات انتظمت.

ابتسمت مراد واومأ لها بنظرة أن تواصل 

ولم تمضي دقائق معدودة حتى صدح صوت الطفل معلنًا عن وصوله.

تطلع إليها مبتسمًا 

_ حمد لله على السلامة.

اجابت بوهن

_ الله يسلمك.

جاءت الممرضة وهي تحمل الطفل لتقربه من مراد.

ترك مراد يدها ونظر للطفل الذي ناولته إليه وقربه من قلبه لتتناغم ضرباتهم 

شعور غريب لكنه جميل جعل ضربات قلبه تهدر بقوة فمال على أذنه وشرع في الأذان له ثم عاد يتطلع إليه بنظرة رضا حتى جاءت الممرضة لتأخذه

_ مبروك يا دكتور مراد هاته عشان دكتور الأطفال يفحصه.

نظر إلى نور كي يجعلها تراه قبل ذهابه لكنه وجدها بدون حراك.

انتفض قلبه ونظر للدكتور أحمد الذي طمئنه

_ دي نايمة متقلقش اوي كدة مبروك يا سيدي.

اطمئن قلبه وهو يجيب 

_ الله يبارك فيك.

أخذت الممرضة الطفل وتطلع لنور التي ظهر عليها التعب بعد المعاناة التي عاشتها

ظل ممسكًا بيدها حتى انتهت الطبيبة من عملها ثم هيئتها للخروج لغرفة عادية

_ مبروك يا دكتور مراد يتربى في عزك.

_ متشكر اوي على تعبك معانا

_ متقولش كدة ده واجبي.


خرجت نور من العمليات وهو خلفها وجد مؤيد ينتظره بقلق

_ خير يا مراد .

طمئنها مراد رغم ارهاقه

_ اطمن الحمد لله عدت على خير.

_ اني لسة چاي دلوجت من عند دكتور الأطفال وطمنا عليه بس هيفضل في الحضانة فترة إكدة.

أومأ له 

_ طيب اتصل على امك طمنها ومتخليش حد منهم ياچي


نظر إلى سلمى فيجدها جالسة على المقعد في وجوم

شعر بالحزن عليها وعلى ما واجهته من آلام فتقدم منها ليميل عليها مقبلًا رأسها بحب

_ جاعدة لحالك ليه؟

تطلعت إليه بابتسامة لم تصل لعينيها

_ مستنية خروج نور.

ربت على كتفها وتمتم باحتواء 

_ نور خرجت دلوجت تعالي اطمنك عليها.

اومأت له وذهب بها لغرفة نور ووقف خارجها قائلاً 

_ هي نايمة دلوجت ادخلي خليكي جانبها لحد ما اعمل مكالمة.

أومأت له ودلفت الغرفة مغلقة الباب خلفها 

أما هو فقام بالاتصال على جواد وما إن أجابه حتى قال بحسد مصطنع

_ ناس بتتچوز ومبسوطة وناس طالع عينها في المستشفى 

تقبل جواد مزاحه وسأله 

_ مچيتش ليه؟

_ ما جولتلك طالع عيني في المستشفى، نور ولدت وجاعد جانبها.

سعد جواد لذلك الخبر 

_ ألف مبروك ويتربى في عزك.

واصل مراد دعابته

_ مع إني كنت رايدها بنت لجل ما البسها لولدك بس ملحوجة، تتعوض إن شاء الله.

أغلق الهاتف وهم بالولوج لكنه تفاجئ بسلمى خلفه.

         _______________


وقفت توليب أمام المرآة تنظر إلى انعكاس صورتها بذهول

فقد كان الثوب رغم أناقته إلا إنه عاري حقًا حتى إنها شعرت بالخجل من الموجودين.

_ أنا مستحيل ألبس الفستان ده، انا مش عارفة هو ازاي تخيل إني ممكن ألبسه.

وافقتها ياسمين

_ عندك حج بس أكيد مكنش يتخيل أنه هيكون بالشكل ده.

نظرت إليها الفتاة بإعجاب 

_ بس انا شيفاه جميل أوي وبالنسبة للأكتاف والدراعين هيتغطوا بالكاب 

أيدت إلين رأيها

_ اه صحيح غير كمان إن هنا مفيش رجالة هتدخل عندنا، وبعدين دي ليلة العمر بلاش تضيعيها في تحكمات ملهاش داعي

_ بس دي مش تحكمات، انا مضمنش حد يدخل ويحصل زي ما حصل الصبح يا إما بقى هلبسه على طول

تنهدت بيأس

_ خلاص اللي تشوفيه 

وضعت الفتاة اللمسات الأخيرة ورفعت خصلاتها للأعلى واسقطت بعض الخصل لتعانق وجهها بتملك 

وبعد الانتهاء وضعت الكاب على كتفيها ليغطي الكتف والذراعين 

نظرت برضا تلك المرة وأحكمت إغلاقه ثم التفتت لياسمين وقالت بابتسامة مشرقة 

_ هعجبه؟

ابتسمت ياسمين واحتضنتها بحب وقالت بتأكيد

_ انتي عچباه من غير أي حاچة.

بادلتها توليب الاحتضان وهي تشكرها على وقفتها بجوارها 

كذلك الأمر مع إلين

طرق الباب ورفعت توليب الساتر لرأسها ثم سمحت للطارق بالدخول

_ دلف توفيق وتقدم منها وهو مأخوذ بجمال صغيرته التي حملها بين يديه منذ أول دقيقة لها على تلك الدنيا 

أمانة صديقه ورفيق دربه الذي رحل مبكرًا وترك له قطعه مصغرة منه

ابتسم بحب وقال بتأثر

_ مبروك يا حبيبة قلبي.

بادلته توليب الابتسام وتمتمت بحب

_ الله يبارك فيك يا بابا عقبال ما تفرح بتميم

تجمعت دمعة في عينيه ألما على فراقها

_ مع إني حزين أوي على فراقك بس المهم أشوفك سعيدة ومبسوطة مع اللي اخترتيه.


آلمها رؤية تلك الدمعة داخل عينيه وقالت بمزاح تخفف به عليه

_ ومين قالك إننا هنفترق، هكلمك كل اربعة وعشرين ساعة أربعة وعشرين مرة بس.

ابتسم توفيق وغمغم بصدق 

_ بس ده عمره ما هيعوض صوتك في الشقة ونقارك مع سلوى اللي اتعودت عليه، ربنا يصبرني بقا.

تأثرت توليب بكلماته وغمغمت 

_ وبعدين بقا اني كدة هعيط وابهدل الميك اب.

اومأ لها وهو يجذب يدها

_ لأ وعلى ايه خلينا ننزل للي بيلف حوالين نفسه ويقول أخرت أخرت.

خرجت توليب معه وتفاجأت بورد التوليب الذي ملئ المنزل بأكمله حتى الدرج تناثرت الأوراق على كل درجة به 

أما هو فقد وقف أسفل الدرج بحلته الرجولية التي تخطف الأنفاس وعيونه الحادة تنظر إليها بعشق ووله حاملاً بين يديه طوق من أزهار التوليب وحولها زهرة الأقحوان

نزلت الدرج برتابة وكأنها تعلم تأثيرها عليه إذ أخذ قلبه يدق بعنف وتعلو وتيرته كلما اقتربت منه درجة

تلك الساحرة التي اسلبت لبه منذ أكثر من عامين لم يعرف فيهما السبيل إلى الحياة

حتى عادت من جديد تبث فيه الروح ويلتقف أنفاسه من سحر أنفاسها 

ازدرد لعابه بصعوبة عندما وقفت أمامه تخفض عينيها بخجل لكنه أراد النظر إلي تلك الشموس فوضع أنامله أسفل ذقنها ليرفع وجهها إليه ويا ليته لم يفعل إذا أصابته بسهامها البنية ولا سبيل له في النجاة.


لم يبالي بمن حوله وكأن هالة من السحر غلفتهما ولا يرو أحد ولا أحد يراهم

اخطأ من سماها توليب بل حورية سقطت عليه من السماء لتنير ظلمته 

تقدم منها خطوة وللحظة كاد أن يميل عليها ليقبلها لكنها حالت دون ذلك ودفعته برقة تنبهه لوجود الجميع حولهم

وحين لاحظ عامر ذلك رفع عنهم الإحراج قائلاً 

_ ايه يا ولدي مش عايز تعرف مراتك علينا؟

عاد لرشده وابتعد تلك الخطوة وغمغم بحشرجة وهو يقدمه لها

_ سلمي على أبويا.

نظرت إليه توليب بخجل ومدت يدها ليده الممدوة وقالت برقة

_ اتشرفت بمعرفتك يا عمي.

_ تسلميلي يا بنتي

أخرج من جيبه علبة وقدمها لها قائلاً 

_ اجبلي مني الهدية المتواضعة دي.

نظرت توليب لتلك الأسورة بأحجار كريمة تسلب الأنفاس

نظرت لجواد الذي أومأ لها فمدت يدها تأخذها منه وقالت بامتنان

_ متشكرة اوي.

تقدم عمه فايز وزوجته التي تخفت كي لا تعرف كريمة بمجيئها 

_ وانا بجا عمك فايز ودي مرات عمك.

سلمت توليب عليهم وقد شعرت بالسعادة لمجيئهم وقدم لها فايز هديتها وكانت تحتوي على طوق رقيق تتناسب مع الأسورة 

شكرتهم توليب بامتنان ثم أخذها جواد واعطاها الطوق تحمله بيدها واليد الأخرى أحتواها جواد وخرج بها إلى الحديقة التي أغلقها من كل جانب كي لا يراها أحد 

كم أراد في تلك اللحظة أن يخفيها عن أعين الجميع لكنه لم يريد إفساد فرحتها وتركها تنعم بتلك اللحظات المسروقة من الزمن

وقبل ان يصعدا إلى مكانهما تاهدت إليها تلك الأغنية التي تناسبت مع تلك اللحظة وهي "كلمات"

فأخذ بيدها وحاوط خصرها بحب ورقص على الحانها بعشق وولع

نظر إلي عينيها التي تنظر إليه بهيام وخرجت من قلبه كلمات الغزل التي قيدها بداخلها لأعوام وها قد جاء اليوم المنشود 

كي يخرجها ويحررها من قيدها، قيدها الماسي.


انتهت الأغنية وعاد كلاهما للمقاعد المخصصة لهما وهو يحتوي يدها بتملك عاشق 

لم يكن فرحًا كبيرًا لكن جماله في هدءه وبساطته

تطلع إليها يسألها

_ لساتك زعلانة؟

كتم ابتسامتها داخلها وأومأت بزعل مصطنع

_ اه طبعًا انت مشوفتش حالتك كانت عاملة إزاي، أنا خفت تمد ايدك.

لاوع مثلها قائلاً بمكر

_ اني فعلاً كنت همد يدي بس صدجيني بالخير 

_ يا سلام! إزاي ده بقا.

أكد لها بخبث وهو يشد على يدها 

_ هتعرفي لما نطلع فوق.

نظرت إليه بحنق وتمتمت بتحذير

_ جواد، عيب.

رفع حاجبيه يتصنع الاندهاش

_ هو انتي ليه تفكيرك بيحدفك شمال إكدة، أني جصدي امد يدي امسح دموعك، اطبطب عليكي، أخدك في حضني مش أكتر يا قلبي.


هزت راسها بيأس منه 

_ ماشي هصدقك.


أجاب عامر على هاتفه بعدما إنزوى بعيدًا عن الجميع

_ أيوة يا كندا فينك دلوجت؟

_……..

زفر بيأس

_ طيب خليكي مكانك وأني هبعت أم نعمة تچيبك وربنا يستر ومحدش يشوفك.


رواية الـتـل 

رانيا الخولي 

الفصل الثاني والعشرين 

…..………...


ترجلت من السيارة وهي تخفي وجهها الذي برغم سنها الذي تعدى عقدها الخمسين إلا إنها مازالت بجمالها الهادئ وعيونها الزيتونية.

تقدمت من المنزل وقلبها يرفرف بأجنحته ولما لا وأخيرًا يمكنها رؤية أولادها عن كثب.

دلفت المنزل وعينيها تجوب المكان برهبة حتى صادفت أم نعمة تلك المرأة الطيبة والتي اوصتها على أولادها قبل رحيلها

لم تعرفها أم نعمة فقد أخبرها عامر بأنها قريبة لهم تود حضور الزفاف فقالت بترحيب

_ أهلًا يا ست هانم اتفضلي.

ردت كندا بلهجتها اللبنانية

_ كيفك أم نعمة والله اشتقتلك.

نظرت إليها أم نعمة بصدمة ولم تستطيع الرد 

رفعت كندا نقابها كي تؤكد لها 

_ شو بك ما تذكرتيني؟

ابتسمت بسعادة وهمت بالترحيب بها لكنها تراجعت وتلفتت حولها بوجل ثم جذبتها لأحدى الغرف واغلقت الباب خلفها 

تطلعت إليها بسعادة

_ ست كندا حمد لله على السلامة.

ابتسمت بامتنان لشعورها الجميل 

_ الله يسلمك ام نعمة اشتقتلك أكتير.


_ واني كمان وربنا شاهد بدعيلك في كل وجت بچمعك بولادك

تنهدت كندا بألم

_ وينهم ولادي؟ ما حدا منهم بيعرفني ولا حتى سأل عليْ، أخدوا قسوة چدهم.

نفت ام نعمة 

_ محدش منيهم نسيكي بس هما كاتمين حبهم ليكي چواتهم وأكتر ست ياسمين

ارتبكت ام نعمة وتمتمت بقلق

_ بس انتي مش خايفة حد يشوفك ويبلغ حسان بيه

_ ما تقلقي بنوب ما حدا راح يعرفني، أنا چاية كرمال أشوف أولادي واشاركهم فرحتهم لأول مرة.


_ المشكلة أن فايز بيه ومرته موچودين وممكن يعرفوكي من صوتك.

ربتت على ذراعها

_ قلتلك ما تقلقي راح تمر بخير، انت راح تقدميني على إني قريبتك وخلص راح يمشي الحال.


استسلمت ام نعمة رغم قلقها عليها 

وذهبت معها حتى وصلت إلى مكان قريب من جواد 

كان لرؤيته بتلك السعادة مفعول السحر عليها 

وتناست خوفها وكل شيء ولا تذكر شيء سوى فرحته.

أخذت تنظر إليه من بعيد وهو ينظر إلى زوجته بسعادة كبيرة 

الآن اطمئن قلبها وتستطيع الرحيل بعد أن ارتاح قلبها وهدئت نيرانه.

نظرت إلى ياسمين النسخة المصغرة منها بعيونها الزيتونية ووجها الهادئ

حزنت على حاله وما أوصله له ذلك الرجل الذي قضى على أولادها.


ابتعد عامر عن المكان بعد أن اشار لها بالمجيء خلفه 

كانت تود في تلك اللحظة ضرب تعقلها عرض الحائط والذهاب لأولادها وتنعم معهم بتلك السعادة لكنها ستسمعه تلك المرة وستكون الأخيرة

ذهبت خلفه حتى وصل بها إلى مكان منعزل ونظر إليها بامتعاض من تهورها وقال معنفًا

_ انتي ازاي تتهوري وتاچي لحالك إكدة وكمان انتي بعملتك دي ممكن تدمري كل حاچة

ضاق بها ذرعاً ولم تعد تستطيع التحمل أكثر من ذلك وقالت بانفعال


‏_ بيكفي عامر بيكفي ما فيني اتحمل أكتر من هيك، ما فيني اضل صابرة وسنة ورى سنة بعيدة عن ولادي وكل مرة تقولي هانت خلص ما بقا عندي طاقة لكل ها الضغوط انا بدي ولادي. تنهد عامر بيأس ثم تحدث بجدية _ بس ده مش وجته، لو ابنك عرف إنك چيتي هتضيعي فرحته لأنه شايفك الأم اللي سابته واتخلت عنه. 

_ مو حقيقي وانت بتعرف هيك شي، بيك اللي هددني بالفضيحة وأنه هيسفر ولادي في مدرسة خاصة وما راح اعرف وين طريقهم، ما ترك شي إلا وهددني بيه، ولما سجن خيي في تهمة باطلة كان لازم انسحب، لازم ابني يعرف هيك شي وإني ما تخليت عنهم…

          ____________


ارتبك مراد عندما وجدها أمامه وحمحم قائلاً 

_ نور فاقت ولا لسة.

لاحظ نظرات العتاب التي تخفيها داخل عينيها وردت بثبوت

_ لسة أنا جاية اقولك إن جسمها سخن أوي.

لم يستطيع اخفاء لهفته عليها وتركها واسرع داخل الغرفة يطمئن عليها

تحسس جبينها فوجد حرارتها بالفعل مرتفعة

ازداد قلقه وذهب إلى مكتبه يبحث عن ادواته ثم عاد إليها ليقوم بفحصها وبالفعل وجد حرارتها مرتفعة 

بدأ حقنها بخافض للحرارة وبعض الأدية الأخرى داخل المحلول 

فهي تبدو أمامه حمة نفاس


كانت سلمى تنظر إلى لهفته وأهتمامه بحيرة

فهي لم تراه يومًا قلقًا بهذا الحد حتى اثناء عمليتها لم ترى بعينيه تلك النظرات 

نعم لم يتركها لحظة واحدة ولم يتخلى عنها لكن كأنه واجب وعليه الألتزام به

نظر في ساعته وقال لسلمى بهدوء 

_ اني هتصل على مؤيد وتروحي معاه 

همت بالرفض لكنه منعها

_ وجودك ملوش عازة دلوجت روحي وطمني أمي وخليكي چانبها.

شعرت بأنه يريد أن يكون معها لحالهم فوافقت على مضد وعادت مع مؤيد

أما هو فقد ظل بجوارها لا يفارقها لحظة واحدة.

حرارتها مازالت مرتفعة وهو يجاهد بكل الطرق كي تنخفض لكن لا فائدة

سمع همهمات تخرج منها 

نهض مقتربًا منها ويحدثها بشغف

_ نور انتي سمعاني؟

لم تجيب 

عاد يجس حرارتها فيجدها كما هي 

ووجهها يتصبب عرقًا 

ضغط على زر بجانب الفراش فدخلت بعد لحظات الممرضة تسأله

_ نعم يا دكتور؟

_ هاتيلي كمادات مايه بسرعة.

_ حاضر.

خرجت الممرضة وأضاف بعض الأدوية في المحلول ربما تخفف الحرارة ولو قليلاً

جاءت بعد قليل وهي تحمل وعاء به ماء ومعها محرمة ووضعتهم على المنضدة 

_ حاجة تاني يا دكتور؟

_ لا متشكر اتفضلي انتي.

جلس مراد على السرير بجوارها ثم مسح العرق عن وجهها والذي لفت انتباهه بهذا القرب

ملامح هادئة جميلة لكن تتحول لشراسة عندما تنفعل

ثغرها الذي لم تعرف الابتسامة طريقًا له

انفها الذي يحكي عن شموخ وحدة 

خصلاتها السوداء كسواد ليل عينيها 

بشرتها ناصعة البياض وطابع الحسن الذي زادها جمالاً 

لما ألقاها القدر أمامه؟

وأي لعنة سقطت عليه؟

عادت تهمهم بكلمات غير مفهومة وكأنها تشكو لمنامها ما مرت به.

امسك يدها يطمئنها ويخبرها بأنها لن تكون وحيدة بعد الآن.

دقات قلبها أصبحت رتيبة خلاف قلبه الذي بات معلنًا عن غزو لن تفلح قوته الواهنة في التصدى له، وكيف يجابه وهو اعزل ولم يخوض مثل تلك الحرب من قبل 

وحده ذلك العقل الذي كان فارسه القوي ولكنه أصبح هزيل كورقة في مهب ريح أمام سطوتها.

الآن فقط يستطيع أن يعلنها ولن يخفيها بعد الآن.

       ____________


انتبهت توليب لشروده وعينيه التي تنظر للأمام كأنه ينتظر احد ما 

_ جواد انت روحت فين؟

انتبه جواد لها 

_ ها، معاكي يا قلبي كنتي بتقولي ايه؟

رمقته بغيظ وغمغمت بتوعد 

_ هو احنا بدأنا زوغان من اولها؟

ابتسم جواد وتطلع لعينيها التي يعشقها وغمغم بمكر

_ أزوغ مين دا اني ما صدجت ولسة لما نطلع اوضتنا هأكدلك أكتر، بس جوليلي أني جولتلك إنك طالعة كيف الجمر؟

هزت راسها بنفي فيتمتم هو بخبث

_ غلطان ولازمن اكفر عن ذنبي واجولهالك بالبصمة بس لما نطلع.

زمت فمها بحنق وهمت بتعنيفه لكنه منعها بتحذير مرح

_ اوعاكي لأنك لسة مشوفتيش عقابي بيبطى جاسي جوي مهتجدريش عليه.

تطلعت إليه بحيرة وسألته

_ هو انت ليه تفكيرك منحرف كدة؟

_ وانتي ليه بتفهمي كلامي بانحراف إكدة؟ اومال فين حسن النية؟

اغمضت عينيها بيأس منه ثم غمغمت بتوعد

_ بس لما نطلع فوق….

قاطعها جواد بمكر

_ هتعملي ايه؟ ولا اقولك بلاش تقولي فاجئيني أحسن.

تنهدت توليب وقررت الصمت كي لا تسمح له بالتمادي.


انتهى الحفل ونهض جواد بعروسه ودلف بها للداخل ثم نظر لإلين وياسمين قائلاً 

_ طلعوها اوضتها وخليكم معها أنا چاي دلوجت 

اندهشت توليب وسألته

_ هتروح فين؟

ابتسم لها يطمئنها

_ اطمني أني چاي دلوجت

لم تفهم شيء وأخذت تنظر إليه حتى دلف احدى الغرفة وأغلق الباب خلفه 

أخرج جواد الهاتف من سترته وقام بالاتصال على أحد الأرقام وعندما آتاه الرد قال بدون مقدمات

_ الست المنتقبة اللي ظهرت دي واختفت مرة واحدة مين هي؟

_ هي ركبت تاكسي دلوجت وطالعة من المزرعة.

_ اطلع وراها بالعربية وشوفها رايحة فين.

_ حاضر يا بيه.


أغلق الهاتف وزم فمه بحيرة

من هذه المرأة 

ولما تسللت خلف والده وأختفى الاثنان


فتح الباب ودلف والده الذي اندهش من وجود جواد وسأله بحيرة

_ جواد! انت بتعمل ايه أهنه وسايب عروستك.

تطلع إليه جواد بوجوم قليلًا ثم رد بثبوت

_ كان عندي مكالمة مهمة وكنت مستني اخلصها.

قطب جبينه بحيرة وسأله 

_ مكالمة ايه اللي أهم من مرتك، روحلها بلاش تسيبها لوحدها.

هز جواد رأسه بنفس الوجوم ثم تركه وصعد لزوجته.


في الغرفة له

ساعدت إلين وياسمين توليب بخلع الكاب تحت امتعاضها وقالت بحدة

_ انا مش عارفة انتو عايزيني اقلعه ليه؟

نظرت إليها ياسمين بإعجاب 

_ لأن الفستان جميل اوي والكاب مداريه وبعدين انتي خلاص بجيتي في اوضتك.


ايدت فايقة رأي ياسمين 

_ صحيح يا بنتي انتي في اوضتك والليلة فرحك بلاش تجيدي نفسك إكدة وعيشي اللحظة.

تحول حديثها لرجاء

_ وارجوكي خلي بالك من جواد واوعاكي تجرحية بكلمة حتى لو مش مجصودة لأنه حساس جوي.

ابتسمت توليب وقالت بتأكيد

_ عمري ما هزعله ولأن ببساطة جواد بقى كل حياتي.


طرق جواد الغرفة فخرجت إليه ياسمين تلاها إلين وزوجة عمه التي باركت له بصدق

_ الف مبروك يا ولدي، مرتك زي الجمر.


اومأ لها بامتنان ثم جاءت ياسمين تحتضنه بحب وتمتمت

_ الف مبروك يا حبيبي.

_ الله يبارك فيكي يا ياسمينا

ابتعدت عنه وهي تقول بمكر

_ اقنعتها بمعجزة ربنا يعينك عليها.

خرجت والدتها وهي تنظر إليه بفتور متمتمة

_ مبروك.

لم يجيبها وأكتفى بإيماءه من رأسه فتركته ودلفت غرفتها مغلقة الباب خلفها.

تداركت زوجة عمه الموقف وقالت برتابة

_ أكيد زعلانة على فراج بنتها بصراحة ربنا يعينها.

قالت إلين بمزاح

_ ربنا يعني أنا هي كدة دلوقت مش هتلاقي غيري تنكد عليه

ضحكوا جميعاً وذهبوا للأسفل.


وضع جواد يده على المقبض وقلبه ينبض بقوة 

فتح الباب ببطئ وكأنه يخشى على قلبه من فتحه دفعه واحدة فيتوقف حينها عن نبضه.

تهادت إليه بطلتها التي اسلبت لبه حتى توقف عن التنفس للحظات وهو يراها بذلك الجمال

ظل واقفًا كالمسحور وكأن تعويذة العشق ألقت بثقلها على قلبه فيسقط صريعاً لهواها

تقدم خطوة كي يغلق الباب خلفه لكنه ظل ثابتًا بعدها

فقد هاله انعكاس ضوء الشموع على هيئتها التي تحبس الأنفاس

والورود المتناثرة في كل مكان 

وأحرفهم التي كتبت بمختلف أنواع الأزهار على ذلك الفراش الوثير

لن يقترب مرة واحدة كي يرأف بقلبه

فالآن فقط يتحقق حلمه ولن يستعجل توثيقه.

أما هي فقط شعرت بالحياء من نظراته العاشقة وأخذت تلف ذراعيها العاريتين بيدها

وقد أخذها جواد دعوة صريحة للاقتراب.

هيهات أن يكون كل ذلك حلم.

وإذا كان؛ فعليه أن يغتنم كل ثانية تمر به.

دنى منها حتى فصلت بينهم خطوة واحدة 

ووضع يده أسفل ذقنها كي يرفع وجهها إليه وينظر داخل عينيها متمتمًا بتيهة

عيناكي رُحمها قساها

أهدابها منتهاها، شفتاكي لا تلين

قلبكي دقاته مستكانة لا يرأف بقلب العليل


مد يده ليمسك يدها ومازال ينظر داخل عينيها وتابع بحشرجة

_ أبحث بعينيكِ عن دواء من داء جعلني صريع الهوى بسهامها

ورحمة من قلب أصاب قلبي بالجنون 

بحبك.

مال على يدها يقبلها بحب ووله وعاد لعينيها وحينها انتهى ثباته وتقدم منها الخطوة الفاصلة وبلحظة كانت بين ذراعيها يبثها بحنو وهدوء عذاب اعوام مرت به وهو يحلم بتلك الليلة والتي أقسم أن يغتنم كل ثانيةً بها

وإن كان حلم فليكون إذًا لا يهم

سينعم اولاً برحيقها وبعدها يحدث ما يحدث

كان هادئًا معها يسيطر على لهفته عليها متفهمًا لبراءتها يحاول إخماد رغبته التي تطالبه بالفوز بها الآن لكن عليه التروي كي لا يفزعها 

ابتعد عنها قليلًا عندما لاحظ حاجتها للتنفس فوضع جبينه على خاصتها وتمتم بانفاس متقطعة

_ ترفأي بي فأنا لم اعود ذلك الفارس بسيفه القاسي بل أصبحت شخصًا عديم الجدوي أمام سطو عينيكي 

رفقًا بقلبٍ لم يعد يملك من أمره شيئًا.

عاد إلى شفتيها يحكي لها عن قصة عشقه وولعه بها وهي تحاول بصعوبة بالغة طرد تلك الذكريات من رأسها

لقد اقسمت أن تعيش تلك اللحظة معه ولا تدع شيئاً يعكر صفوهم لكن لا فائدة

كانت قبلاته هادئة محبة رغم لهفتها ولكن يبدو أن تلك الذكريات أقسمت على التفريق بينهما الآن وقد كان لها ما أرادت

إذ ابتعدت عنه قليلًا عندما جالت بخاطرها تلك الذكريات وتمتمت بإحراج 

_ خلينا نصلي الأول وبعدين نتكلم.

تفاهم جواد مع خجلها وقال بحب

_ تمام هدخل الحمام أغير وانتي غيري هنا براحتك.

أومأت له بصمت ثم راقبته وهو يتقدم من الخزانة ويخرج منامه قطنية له ودلف المرحاض 

اما هي فقد حاولت طرد تلك الأفكار من رأسها وأن تنعم بدفئه لكن تبدو أنها سيطرت عليها بإحكام 

وتساءلت هل سيكون الموقف مشابه

هزت رأسها بنفي بالطبع لا فجواد يحبها ولن يفرض نفسه عليها

المشهد يعاد أمامها حتى إنها اغمضت عينيها تحاول جاهدة أن تتخلص منه لكن لا فائدة

صوته الذي صدح داخل أذنها

ونظراه البغيضة تعريها من ملابسها 

فضعت ذراعيها حول جسدها كأنها تحميه 

وأنفاسه الكريهة تضرب صفحة وجهها فتجعلها تشعر بالاشمئزاز من نفسها


جلست على الأرضية عندما انتهى ثباتها وقوتها الزائفة وأخذت تنتفض بخوف


خرج جواد من المرحاض وهو ينشف خصلاته فينتبه لأنزوائها بجانب الفراش تخفي وجهها بين ذراعيها وجسدها ينتفض بشدة 

ألقى المنشفة من يدها وأسرع إليها يجثو على ركبتيه أمامها وقال بخوف شديد 

_ توليب، مالك يا حبيبتي.

صرخت عندما لامست يده ذراعيها مما جعله يفهم ما تمر به فابعد يده عنها وتمتم بتروي

_ طيب أهدي متخافيش انتي معاي محدش هيجدر يأذيكي.

لم تخف ارتجافتها بل شعر بازديادها فتابع بحب

_ حبيبتي انتي في امان معايا ومفيش حاچة هتحصل إلا بموافجتك ورضاكي

هزت راسها بنفي وهي تضع يديها على أذنيها لا تريد سماع شيء

 

جلس بجوارها وأخذها لحضنه رغم رفضها ومحاولاتها بالابتعاد لكنه لم يترك لها فرصة للابتعاد وهمس بجوار أذنها

_ حبيبتي متخافيش اني چانبك ومش هسمح لحاچة تأذيكي، اهدي ومتخافيش

هدئت رجفتها بعد حديثه وتابع وهو يملس على خصلاتها

_ طول ما اني عايش اطمني وخليكي خابرة زين إني مش هسمحك لحاچة تمسك ولا تأذيكي.

         ____________


استيقظ مراد الذي غفى على الأريكة بجوار الفراش على صوت نور الواهن 

نهض من فوق الأريكة وهو يشعر بألم من تلك الوضعية وتقدم منها يسألها 

_ كيفك دلوجت.

رفعت عينيها بتثاقل وتمتمت بخفوت 

_ ابني.

طمئنها بثقة 

_ ابنك زين الحمد لله متجلجيش عليه.

قام بتبديل المحاليل لها ثم عاد يجلس بجوارها وسألها باهتمام

_ أحسن دلوجت؟

ازدردت جفاف حلقها وتمتمت بوهن

_ ألم شديد في جسمي.

_ ده طبيعي بعد ولادتك الصعبة دي، الحمد لله انها مرت على خير.

اومأت له بصمت

كانت تجاهد كي ترفع عينيها وكأن شيء ما يجثم عليها 

سألته 

_ فين سلمى؟

_ روحتها مع مؤيد 

نهض ليأخذ كوب من الماء من فوق الطاولة وتقدم منها ليضع يده أسفل ظهرها يرفعها ويساعدها على الأرتواء

لم ترفض بل كانت تشعر بحاجتها للماء ويبدو أنه شعر بها.

كان الدوار قد اشتد عليها بعد تحركها 

فأعادها مراد للاستلقاء مرة أخرى وعاد هو لمقعده 

_ دايخة؟

اومأت له بصمت 

ضغط على الزر فدلفت الممرضة بعد قليل فقال بثبوت

_ تعالي ساعديها تاخد دوش بارد عشان السخنية تنزل 

رغم اندهاش الممرضة من طلبه إلا إنها وافقت وقامت بمساعدتها على النهوض ودلفت بها المرحاض.


            ___________


استيقظ جواد ليجد أنهم غفوا في أماكنهم على الأرضية

أبعد رأسه الذي يستند على رأسها كي ينظر إليها فوجدها مستكينة على كتفيه بهدوء رغم ما مرت به منذ قليل.

أبعد خصلاتها عن وجهها وطبع قبلة محب على جبينها 

يبدوا انها استيقظت أيضاً إذ رفعت رأسها عن كتفه ونظرت إليه بخجل من نفسها 

ابتسم لها يطمئنها وتمتم باحتواء 

_ قلقتك؟

هزت راسها بنفي وتمتمت بإحراج 

_ أنا صحيت قبلك بس مردتش اتحرك عشان متقلقش، أسفة لو كنت زعلتك مني.

اعتدل جواد في جلسته كي ينظر إليها وقال بتروي

_ أني مزعلتش ولا حاچة كل الحكاية إني خفت عليكي، كل اللي يهمني راحتك وسعادتك، أي حاچة تانية تتأجل لساتنا جدامنا العمر طويل.

ابتسمت لتفاهمه ونظرت إليه بكل الحب الذي تحمله له وتمتمت بخفوت 

_ وانا مش عايزة حاجة من الدنيا دي غير سعادتك.

أوما لها بحب ثم نهض وساعدها على الوقوف 

_ طيب يلا غيري هدومك وخلينا نبدأ حياتنا بالصلاة، اني هدخل اوضة يزن لحد ما تجهزي وتناديني.

أخذ هاتفه ودلف الغرفة الملحقة لغرفتهم وجلس على المقعد ليجري تلك المكالمة 

_ أيوة يا حمدان عملت ايه؟

_ زي ما أمرت چنابك مشيت وراها لجيتها رايحة محطة الجطر اللي رايح القاهرة بس…

قطب جبينه بدهشة وسأله

_ بس ايه؟

تمتم الرجل بعد تردد

_ لجيت عامر به چاي برضك ودخل نفس الكبينة اللي هي فيها.

ازدادت حيرته لكنها لم تدوم طويلاً وقال بأمر

_ تروح وراهم تراجبهم من بعيد لبعيد لحد ما ينزلوا وتشوف ايه اللي هيحصل 


أغلق الهاتف وأخذ يفكر في أمر تلك المرأة 

ولما تسللت خلف والده وأختفوا بعيدًا 

مرت نصف ساعة وهو مكانه حتى مل حقًا من الانتظار والملل بعد برهة اصبح قلق

فتح الباب فيتفاجئ بها أمامه ترتدي ثوب الصلاة ويبدو أنها واقفة منذ فترة 

قالت بارتباك

_ أنا جاية أقولك يالا عشان الصلاة

تبسم وجهه بحب وأومأ لها ثم أخذها ووقف على سجادة الصلاة ليؤدوا صلاتهم


في الخارج 

ظلت سلوى تزرع الغرفة ذهاباً وإياباً وكأنها تترصد له أي خطأ

خرج توفيق يبحث عنها عندما لاحظ غيابها فوجدها واقفة أمام غرفته

انزعج من فعلتها وتقدم منها يجذبها إلى غرفتهم وأغلق الباب خلفهم وقال بحدة 

_ انتي واقفالهم كدة ليه؟

ردت سلوى باستياء 

_ عايزة اطمن على بنتي وحضرته قافل فونها.

_ وانتي مالك ومالهم هما حرين يقفلوها يفتحوها براحتهم 

هتفت بانفعال

_ لأ مش براحته كان لازم يخليها تطمنا بالفون حتى، مينفعش يسيبنا لحد دلوقت كدة.

انفعل توفيق من ردها وقال بحدة

_ هي داخلة عمليات؟ ده واحد ومراته يوم فرحهم مستنية منهم ايه

رفع سبابته في وجهها وتابع بتحذير

_ سلوى انا بحذرك تدخلي في حياتهم.

ردت سلوى باندفاع 

_ يعني ايه مدخلش في حياتهم دي بنتي.

_ وبنتك اختارت حياتها بنفسها بلاش انتي تدخلي فيها ولعلمك الصبح هنرجع القاهرة 

همت بمقاطعته لكنه منعها بحزم

_ ولا كلمة تاني انا مش هسيبك تخربي على بنتك عشان الكلام الفارغ اللي في دماغك ده.


عاد إلى فراشه ليستلقى عليه وتركها هي تزم غيظها رغماً عنها.

            ___________


عاد مراد إلى غرفته فوجد الممرضة تساعدها على الاستلقاء بعد أن تحممت وأبدلت ملابسها بملابس أخرى وسألها باهتمام 

_ عاملة ايه دلوجت؟

جذبت الممرضة الغطاء عليه وأجابته 

_ الحرارة هديت شوية بس منزلتش أوي.

تقدم منها ليعيد المحلول إلى يدها وقال بثبوت 

_ هتنزل بعد ما تخلص المحلول ده إن شاء الله، هتيلها حاچة دافية تشربها ونص ساعة وهاتي الأكل.

خرجت الممرضة وغمغمت نور برفض

_ لأ انا مش بحب أكل المستشفيات ارجوك بلاش.

جلس على المقعد بجوارها 

_ بالعكس اكل المستشفيات بيبجى صحي وفي ناس بتشرف عليه.

هزت راسها بنفي وتمتمت باستنكار 

_ مش بحبه ارجوك متضغطش عليا.

نظر في ساعته وقال بهدوء 

_ باقي نص ساعة بالظبط والفچر يأذن واكلم امي اطمنها وأخليها تبعتلك أكل من البيت.


تطلعت إليه نور بامتنان وشعور غريب يجتاحها وتمتمت بخفوت 

_ متشكرة أوي.

عقد حاجبيه متسائلًا 

_ على ايه؟

ابتسمت له رغم وهنها وردت بهدوء 

_ على وقفتك معايا.

ظهرت ابتسامته التي تراها لأول مرة وتمتم باحتواء 

_ مفيش داعي للشكر انتي بجيتي مرتي وده حجك عليا.


تبدلت ملامحها للألم وتمتمت بحزن

_ انا عارفة إني جيت بوظت حياتكم وبالأخص انت وسلمى بس صدقني مكنش قدامي حد غيركم، أنا من وقت بابا ما توفى واحنا بقينا لوحدنا أهل بابا كنا بنشوفهم مرة كل خمس سنين مكنش حد منهم بيسأل عننا

 

سقطت دموعها بغزارة وهي تتابع

_ وافتكرت بجوازي منه هيعوضني عن الحرمان ده وعشان كدة وافقت بس اقسملك إني مكنتش اعرف أنه حرام ولا كل الحاجات اللي قلت عليها لأني ببساطة ملقتش حد يعرفني كل ده، بس عقاب ربنا كان شديد أوي 

غلطت وكنت سبب في موت أمي وفي لحظة لقتني في الشارع…..

قاطعها مراد بتأثر وهو يمسك يدها يطمئنها

_ خلاص أهدي دي مرحلة وعدت بلاش تفكري فيها.

هزت راسها بنفي وردت ببكاء

_ للأسف صعب اوي انساها لأن كل يوم بيمر بشتاق فيه لأمي.

ربت على يدها التي يحتويها وقال بثبوت 

_ كلنا بنخطأ بس الأهم إننا نتوب وتكون توبة نصوحة وبعدين انتي خلاص بقيتي واحدة منينا بجى ليكي أم دايمًا بتحاميلك وأخ ممكن ياچي عليا عشان خاطرك وأخت اخدتيها لصفك وسلمى برضك بتعتبرك أخت ليها

مسحت دموعها بألم 

_ ودي اكتر حاجة تعباني لأن سلمى متستاهلش مني كدة.

تنهد مراد بألم 

_ هي متستاهلش مننا كلنا بس للأسف دي سنة الحياة، نامي دلوجت وسيبي كل حاچة عليا..

ربت على يدها مرة أخرى ونهض خارجاً من الغرفة وهي تفكر في معنى حديثه.

     _________________


وقفت توليب أمام المرآة داخل المرحاض تحاول اقناع نفسها بأنه زوجها ويجب عليها طاعته

لقد انتظر تلك الليلة طويلًا ولا يحق لها ان تكسر فرحته

شددت من لف مئزرها حول خصرها وظلت تهدئ ضربات قلبها حتى قررت الخروج من المرحاض فلن تظل به طوال الليل.

خرجت فوجدته مستلقيًا على الأريكة وقد أخذ الملل منه مبلغه

انتبه لخروجها أخيرًا وهي تلف خصرها بذلك المئزار الطويل والذي لفته باحكام حولها.

اراد أن يمحو خجلها فقال بمغزى

_ أنا من رأيي ترجعي للازدال من تاني

نهض ليتقدم منها ونابع بمكر

_ يعني بجالي ساعة جاعد لحالي بفكر فـ اللي هتلبسيه وهيئته ولونه والآخر الجيكي مكفنه حالك إكدة.

زمت فمها بحنق وهمت بالعودة لكنه جذبها إليه مسرعًا

_ لااا أرجوكي بلاش دا اني ما صدقت وخرچتي أني راضي ياستي.

ضحكت توليب واحتواها بين يديه يقربها منه ليقبل جبينها وهو يقول بولع

_ بحبك، وانتي؟

_ وانا ايه؟

_ بتحبيني؟

أومأت برأسها بصمت لكنه لم يقبل بتلك الإيماءه

_ عايز اسمعها.

تهربت بعينيها لكنه منعها ورفع وجهها إليه يرجوها بعينيه أن تريح قلبه وتقولها 

نطقتها بكل الحب الذي تحمله بداخلها 

_ بحبك يا جـ….

لم يتركها تتابع وقاطعها بقبله اطاحت بعقلها وجعلتها تستسلم لغزوه النازي 

عادت إليها تلك الذكريات لكنها قاومتها وتركته يفعل ما يشاء 

هي اقسمت أن تعوض نفسها وتعوضه عن ذلك العذاب وعليها أن توفي بقسمها

كان رؤوفًا بها هادئًا لعلمه بما مرت به

محى من عقلها تلك الأفكار التي تركها ذلك البغيض والذي أقسم أن يذيقه فنون العذاب 

وكلما تشنج جسدها كلما إزاد احتواءه لها حتى تعود تتجاوب معه وتنسى


وبعد وقت طويل استكانت بين ذراعيه تحيط صدره بذراعها


نظرت توليب إلى النافذة المغلقة وقطرات المطر تسيل على زجاجها في الغسق رفعت عينيها إليه تسأله برقة

_ بتحب المطر.

نظر إليها بابتسامته الساحرة 

_ أكيد مين ميحبش المطر.

عادت تضع خدها على طتفه وقالت بشغف

_ انا بقا بحب المطر أوي أوي، كنت اول ما اعرف أنها بتمطر كنت أهرب من ورا ماما واطلع السطوح وافضل اتنطط تحتها 

وفي مرة بابا شافني وانا بتسحب وبفتح الباب لقيته بيقولي استني عندك رايحة فين

خفت ل ماما تسمعه شديته لبرة وبعدين قلتله

_ عايزة اطلع فوق عشان اشوف المطر واترحيته ميقولش لماما 

وافق وطلع معايا وحكالي عن المطر والغيوم وقالي إن ابواب السماء في الوقت ده بتكون مفتوحة والدعوة بتكون مجابة

كنت صغيرة ومكنتش عارفة ادعي بايه 

لحد ما دلوقت

ملس بانامله على خصلاتها وسألها

_ وعرفتي؟

اومأت له بصمت 

_ ايه هي؟

قالت بآسى

_ إن قضيتي تتحل واعيش معاك طول العمر

هم بالرد عليها بطريقته لكنه تراجع عندما سمع سرينة الشرطة


رواية الـتـل 

رانيا الخولي 

الفصل الثالث والعشرين 

………………


في غرفة ياسمين وإلين

ظلت تبحث عن هاتفها فلم تجده بالغرفة فقالت إلين

_ ممكن يكون وقع منك تحت.

هزت راسها بنفي 

_ لأ أني متأكدة إني طلعت بيه.

فكرت قليلًا ثم قالت بحيرة

_ مش عارفة؛ خليني انزل ادور وخلاص.

_ تمام وانا هواصل الرن لحد ما تلاقية

ترجلت ياسمين الدرج وهي تنادي نعمة التي أسرعت إليها وسألتها 

_ شوفتي الفون بتاعي؟

هزت رأسها بنفي ثم قالت وهي تخرج حافظة من صدرها

_ لا والله بس لجيت دي وجلت هبجى اديها لجواد بيه.

اخذ ياسمين الحافظة ونظرت إليها بحيرة ثم قالت برجاء

_ طيب معاش يا نعمة دوري عليه لحد ما اعرف المحفظة دي بتاعت مين؟

اومأت نعمة وذهبت للبحث عنها أما ياسمين فقامت بفتحها كي تعرف هوية صاحبها فتتفاجئ بصورة آدم على البطاقة باسم ماجد حسن الصوان

انقبض قلبها بشدة وظلت تتأكد من الإسم والصورة مراراً وتكراراً 

إذًا فهو لا يدعى آدم كما يدعي وقد كان يخدعهم طيلة تلك السنين.

هزت راسها كأنها تحاول استيعاب ما يحدث 

من هذا الشخص وكيف تمكن من خداع حسان الخليلي بتلك البراعة 

والأدهى من كل ذلك خداعه لها.

إذًا لم يعشقها كما كان يدعي وربما اوهمها بذلك لغرض في نفسه، أو أنه يود الوصول لشئ 


انتهى آدم من أخذ الملفات التي طلبها منه جواد وخرج من المكتب كي يلحق القطار المتجه إلى القاهرة 

هم بالخروج من المنزل لكنه صادف ياسمين أمامه 

اخفض عينيه والتزم بوعده لها وهم بالمرور لكنها منعته وهي ترفع الحافظة بوجهه

_ اتفضل المحفظة وقعت منك.

رفع عينيه إليها وقد فهم من تعبيراتها أنها رأت بطاقة الهوية 

همت بالولوج لكنه أمسك ذراعها يمنعها

_ ياسمين اسمعـ…

قاطعته ياسمين بانفعال وهي تسحب ذراعها من يده

_ تفهمني ايه وانت طلعت واحد كداب ضحك علينا وغشنا كلنا.

شعر آدم بالخطر عندما علت صوتها فقال برجاء

_ وطي صوتك وتعالي اني هفهمك كل حاچة.

صاحت به ياسمين

_ مش عايزة افهم هي كل حاچة وضحت جدامي، بأنك غشيت الكل وانا أولهم.

نفي آدم اتهامها وتحدث بصدق 

_ صدجيني يا ياسمين انتي الوحيدة اللي كنت صادج معها اني خبيت عليكي بس مخدعتكيش وانتي واثقة من مشاعري ليكي زين.

هزت راسها بنفي وقالت بمرارة

_ بعد اللي شوفته ده مبجتش واثقة في أي حد في حياتي.

لاحظ آدم اقتراب حامد فقام بجذبها عنوة لداخل المكتب رغم تمنعها وأغلق الباب خلفه

نزعت ياسمين ذراعها من يده وقالت باندفاع

_ انت ازاي تمسك دراعي وتسحبني بالشكل ده انت نسيت انت نفسك؟

لم يغضب منها لعلمه بأنها تفعل ذلك من حرقتها وقال بنفي

_ لا يا ياسمين منسيتش نفسي ولا حاچة ولأني منسيتش نفسي فأني وسطيكم دلوجت وطول ما اني عارف أنا مين هفضل وسطيكم لحد ما انتجم من اللي ظلمني.

قطبت جبينها بحيرة وسألته بعدم فهم 

_ تجصد ايه بحديتك ده؟

لم يعد يستطيع إخفاء الأمر عليها بعد الآن وقال بثبوت

_ أجصد حسان الخليلي اللي جتل أبويا جدام عينيا وموت امي بحصرتها عليه.


اتسعت عينيها بذهول مما يحكيه وتمتمت بعدم اقتناع

_ انت كداب.

_ لأ مش كداب، انا ماجد حسن الصوان ابن عمتك ياسمين حسان الخليلي.

رمشت بعينيها مرات متتالية تحاول استيعاب ما تسمعه او الاستيقاظ إذا كانت بحلم عجيب

_ اني أكيد بحلم يا إما انت واحد مچنون ومش خابر هو بيجول ايه.

أكد لها وهو يخرج شهادة ميلاده من الحافظة وقدمها لها قائلاً 

_ أقرأي زين وشوفي اسم الأم واتأكدي بنفسك.

بيد مرتعشة اخذت ياسمين الورقة واطلعت عليها بشك حتى تأكدت من كل شيء 

وهنا تابع آدم

_ ابوي كان شغال عنديكم زيي سواج 

حب عمتك وهي حبته ولما جدك عرف ربطه في الشجرة وجلده وبعدين طرده من البلد كلها

بس عمتك كانت غيرك واتمسكت بيه بعد اللي حصل من أبوها وهربت واتچوزته

وبعد ست سنين من التنجلة في البلاد جدر حسان يوصلهم ولما أبوي أخدنا وحاول يهرب بينا لحجه في الطريج وجتله جدام عنينا كلنا 

غشت المرارة حلقه وهو يتذكرت ذلك اليوم

_ مرأف ببنته اللي بتترجاه يسيبه ولا رأف بطفل عمره خمس سنين 

أمي متحملش الصدمة ومعرفش وجتها ايه اللي حصلها لأنه أمر عمك وجدي يخدها للعربية

ورفع سلاحه جصادي بس عمتي ميلت على رجله تبوسها وتترجاه أنه يسبني وانها هتاخدني لمكان بعيد ومش هيشوفني واصل 

وبعدها بيومين جالنا خبر موتها.

كبرت وأني جوايا نار مفيش حاچة هتخرچها غير إني أشوف حسان مذلول جدامي وأني اللي مرأفش بيه واجتله باديا

وجتها قررت اعيد الحكاية واجرب من واحدة من أحفاده وأخليها تسلمني نفسها عشان أكسره وأذله 

تبدلت ملامحه للين وتابع بصدق

_ بس أول ما شوفتك كل حاچة اتبدلت وحبيتك انتي، وجتها قررت العب على شمس بس مجدرتش اخونك وخصوصاً إني جربت من جواد وعرفت انها مخطوبة ليه.

كل مدى حبك جوايا بيزيد وكنت على استعداد انسى كل حاچة مقابل إنك تكوني من نصيبي بس وجتها صدمتيني لما عرفت إنك وافجتي تتزوچي خالد 

كانت صدمة كبيرة اخدت وجت طويل لحد ما جدرت افوج منها وبعدها حصلت حادثة جواد قررت إني أرچع لانتقامي لما عرفت إن خالد هو اللي لعب في فرامل العربية عشان يخلص من جواد 

وعشان إكدة جربت من جواد أكتر وهو الوحيد اللي آمنته على سري، وقرر أنه يجف معايا.

لم تستوعب ياسمين كل تلك الأحداث دفعة واحدة وقد أختفى الدم عن وجهها، هل كان أخيها يعلم بكل ذلك؟ والأدهى هل كان يعلم بأن خالد هو السبب في ذلك الحادث ورغم ذلك تركه دون عقاب؟ هزت راسها بنفي هي تعلم أخيها جيدًا لا يغفر ولا يسامح فسألته بشك

_ يعني جواد كان خابر بأن خالد اللي كان سبب في موت أخته وبتر رجله ومع ذلك سابه إكدة

ابتسم بمرارة وقال بنفي

_ لاه مسبوش ولا حاچة بس مستني الوجت المناسب عشان يخرچ كل اللي يعرفه.

همت بالتحدث لكنه تركها وغادر من المنزل 

وهي تنظر إليه بحيرة حتى اختفى من أمامها.

أخرجها من شرودها صوت نعمة التي دلفت غرفة المكتب وهي تقول بفرحة

_ لجيت تليفونك يا ست ياسمين 

لم تبالي ياسمين به وتركتها واسرعت إلى غرفتها.

          ____________


انقبض قلبه بخوف ونظر إلى توليب التي شحب وجهها وهي تنظر إليه بخوف وقال يطمئن نفسه قبل أن يطمئنها

_ متجلجيش مفيش حاجة إن شاء الله 

جذب مئزارها وناولها إياه قائلاً 

_ البسي ده وادخلي الحمام بسرعة.

وافقت وقلبها ينقبض بخوف 

وقامت بارتداءه وأخذت ملابس لها من الخزانة وذهبت للمرحاض

اما هو فانتظر دخولها ثم نهض بدوره وأخرج ملابس له ودلف مرحاض الغرفة الملحقة.


دقيقة واحدة وسمع طرق حاد على الباب وصوت نعمة تقول بهلع

_ الحج يا جواد بيه.

خرج جواد من المرحاض وارتدي قميصه بثبات رغم ما يعتمل بداخله 

ثم نظر ناحية المرحاض يتأكد من عدم خروجها وفتح الباب ليجد نعمة تقول بهلع

_ الحكومة تحت وبيسألوا على ست توليب.

اومأ لها بروية 

_ طيب ادخلي وخليكي معها لحد تجهز 

لم تفهم نعمة شيء وأخذت تنظر إليه وهو ينزل الدرج بكل هدوء حتى تقدم من  الضابط وليقول بثبوت 

_ خير يا حضرت الظابط؟


تفاهم الضابط مع حساسية الوضع وتحدث بقلة حيلة

_ بصراحة مش عارف اقولك ايه بس المدام متهمة بجريمة قتل وجالنا بلاغ بالقبض عليها.

زم جواد فمه دلاله على مدى صعوبة سيطرته على اعصابة فمن المؤكد أن خالد من قام بفعلها فتحدث بقوة

_ بس ده مش حقيقي.

_ والله ده مش بايدي دي جناية لو جنحه كان ممكن اساعد 

ترجلت توليب وهي ترتدي نقابها ونظر اليها جواد بقلب منفطر 

وقفت أمامه بعيونها التي ترجوه أن ينقذها لكنه وقف أمامها مقيد اليدين وغمغم بألم

_ متخافيش انا معاكي ومش هسيبك.

انقلب المنزل رأسًا على عقب وهم يروا توليب تصعد سيارة جواد بعد أن أصر على عدم صعودها سيارة الشرطة 

لم يتركها توفيق وتميم وذهبوا خلفهم لقسم الشرطة.

           ___________


في القصر 

صدحت ضحكت خالد تدوي في غرفته عند وصوله خبر القبض عليها 

وقال لمهاتفه

_ بس يبقا كدة وقع تحت مخااب الأسد

_………

جلس على المقعد يضع قدم على الأخرى وقال بسخط

_ لااا سيبه لما يستوي أوي عشان لما نقدم عرضنا يوافق 

_ ……..

دلفت كريمة مما جعله يستأذن الرجل وأغلق الهاتف

نظرت كريمة إليه بترقب

_ اوعى تقول…؟

أومأ لها بسرور

_ حصل ويومين بالظبط وهتلاجية بيبوس الايدين عشان نساعده

تقدمت منه لتقول بتروي

_ لا براحة على الآخر بلاش نستعجل سيبها تتحبس وناري تبرد شوي وبعدين جدم عرضك.

وافقها خالد بشر

_ وحياتك لخليه يچيني زاحف عشان اساعده ووجتها هفكر إن كنت اساعده ولا لأ

_ بس اهم خاچة إنك تجبره يطلجها جبل ما تخرچ لجل ما اشمت فيه زين.

تذكر خالد عندما دلفت عليهم الغرفة ومدى جمالها فتمتم بشر

_ وحياتك لاخليه يطلجها واتزوچها اني بعديه.

        ______________


في قسم الشرطة

وقف جواد أمام مكتب الشرطة وقلبه بالكاد ينبض

نظر إلى آدم الذي ظل معه ولم يتركه وقال بثبوت 

_ آدم وجودك هنا ملوش لزوم لازمن ترچع القاهرة

خرج المحامي وخلفه توليب فاسرعت سلوى تحتضن ابنتها ببكاء

_ بنتي.

ربتت توليب على كتفها وقالت بثبات رغم كسرتها

_ اطمني يا ماما انا كويسة

تقدم منها توفيق وتميم 

_ متقلقيش يا حبيبتي إن شاء الله خير

نظرت إلى جواد الذي وقف ينظر إليها بعينين واثقتين من إظهار براءتها 

فتقدمت منه تمسك يديه وتقول بصبر

_ إن شاء الله هخرج منها بأسرع وقت  

تساقطت دموعها رغماً عنها ولم يبالي هو بأحد وأخذها داخل أحضانه يشم عبيرها كي يحتفظ به داخله ويكون أنيسه في بعدها 

أحاطت عنقه وهي تدفن رأسها في تجويفه

ويضغط عليها كأنه يريد زرعها داخل صدره ويهرب بها بعيدًا 

خرجت من حضنه بعد فترة وهي تحاول الابتسام

_ انا عشمي في ربنا كبير وأكيد هينصرني

قاطعهم خروج الضابط وابتعد جواد عنها قليلًا ليسأل الضابط

_ هي كدة هتنزل الحبس؟

هز الضابط كتفيه بعتذرًا

_ للأسف مفيش في ايدي حاجة اعملها، وبعدين هما اربعة وعشرين ساعة بالكتير وهتترحل على نيابة القاهرة، بس كل اللي ادر اعمله أنها متبيتش في الحبس وتبات في غرفة خارجية مع إن الموضوع صعب وممكن يضرني

_ طيب ممكن تفضل معانا شوي؟

أومأ مؤكدًا 

_ تحت أمرك 

أشار لأحد العساكر 

_ خليهم يتفضلوا في المبيت بتاعي 

        _______________


دلفت كندا المنزل وأغلقت الباب خلفها بحدة ثم ألقت حقيبتها على الأريكة وقد انتهى صبرها عند تلك اللحظة 

ارتمت على الأريكة وأجهشت في البكاء وصورة أولادها لا تترك مخيلتها 

خطوات بسيطة فصلتها عنهم ولم تستطيع حتى الأقتراب منهم 

إلى متى ستظل على ذلك الحال

ظهر عامر أمامها وهو منفعل بشدة 

_ ممكن اعرف ايه اللي عملتيه ده؟

رفعت وجهها إليه وتحدثت بحدة 

_ شو تقصد؟

نهضت لتقف قبالته وتابعت بقوة

_ تقصد مشان قلت اشوف ولادي؟ ولا مشان حضرت فرح ابني متل الغريبة؟

صرخت به بأعلى صوتها 

_ قولي عامر مشان شو؟ مشان ابني اللي بترت رجله وتركتوه في المزرعة لحاله؟ ولا بنتي اللي ضيعتوها ودمرتوا حياتها؟ وحابسني هون مشان ابوك ما يعرف إني رچعت لحياتك من تاني.

تابعت بقهر

_ خمس سنين وانا هون محبوسة بين أربع حيطان بتجيني مرة كل اسبوعين ولا شهر وانت خايف ومرعوب لحدا يشوفك ويخبر بيك.

خبيت علي حادث ابني وطلاق بنتي وچاي هلا تقول ليش اچيتي؟

هزت راسها بألم

_ ما عاد فيني اتحمل عامر حقيقي ما عاد فيني، اسبوع بالكتير وراح أرچع لولادي وعرفهم كل شي.

يعلم جيدًا بأنها محقة في كل كلمة لكن ماذا يفعل في والده الذي إن علم بعودتها فلن يرحم كلاهما، تقدم منها ليربت على كتفها مهدئًا إياها لكنها نفضت يده عنها بعيدًا وتمتمت بحدة

_ بعد ايدك عني لا تلمسني.

أشار لها بيديه

_ طيب اهدي وخلينا نتكلموا بالعجل، تفتكري ده وجت ينفع إنك تواچهي عيالك فيه؟ جولتلك جبل سابج لازمن نختار الوجت المناسب عشان تظهري فيه.

_ بقالك عشر سنين بتسمعني هدول الكلمتين، مع إن اچت فرص اكتير وانت ضيعتها.

قطبت جبينها بعدم استيعاب وغمغمت 

_ كيف چالك قلب تبعد عن ابنك في هيك لحظة، ليش منعتني إن أكون چنبه في اكتر وقت محتاچني فيه، كيف طاوعك هل القلب القاسي إنك تتخلى عن ابنك في هيك محنة وتتركه لحاله

صرخت به

_ شو ها القلوب اللي ما بتعرف الله وبتكسر في خلق الله هيك.

بكت بحرقة 

_ انا ما بدي منكم شي غير ولادي، ولادي اللي دمرتم حياتهم وقضيتوا عليهم وانت عايش حياتك كيف ما بدك، زوچة هناك وزوچة هون منتظره چيتك، بس خلاص ما عاد فيني اتحمل اكتر من هيك، يومين بالكتير وارچع البلد واضل مع ولادي وما حدا بيقدر يفرقنا، راح احكيلهم كل شي واولهم حقيقة چدهم، وانت من بعد ها اليوم ما إلك وچود في حياتي.

ضيق عامر عينيه متسائلًا 

_ كيف يعني؟

_ يعني تطلقني.

انفعل من كلمتها وصاح بهدر

_ شكلك اتچنيتي.

_ ما نچنيت بس عقلت، ما راح أدي دور العشيقة مرة تانية، مرمية هون وخايف حدا يشوفني ولا يعرفني وبتچيني من سلم العاملين كأنك چاي لواحدة من الشارع مو مرتك وأم ولادك، بتبقى چنبي وفي حضني وترن عليك وما تقدر تتركها 

إنما أنا ما ترد طول ما هي چنبك 

بتبات كل ليلة معها وانا هون لحالي

كذبت علي وقولتلي إن چوازك منها حبر على ورق وهو حقيقة وخلفت منها كمان، بيكفي كذب عامر وأخرچ من حياتي ما عاد فيني اتحمل غدرك وكذب لحد هون وبيكفي.

سقطت على الأريكة وأخفت وجهها بين يديها وأجهشت في البكاء 

رق قلبه لها ودنى منها يجلس بجوارها وتمتم بتعاطف

_ صدجيني اني كنت بعمل كل ده خوف عليكي ابوي لو عرف إنك رچعتي لحياتي مش هيسيبنا في حالنا وهيفرجنا تاني.


رفعت وجهها إليه بانفعال وقالت بغضب

_ ولما انت مو قدران تحميني دخلتني حياتك ليه؟ ولما بعدت عن اذاكم رچعتني تاني ليه؟

انا كنت چاية لشوف ولادي بس انت اخدتني غصب ورچعتني إلك وخفيتني هون شو بدك مني عامر شو بدك تعمل اكتر من هيك، مشان الله اتركني لحالي 

هز رأسه برفض وتمتم وهو يدنوا منها

_ مجدرش يا كندا مجدرش اكمل في حياة انتي مش فيها.

_ خلص يبقى رچعلي ولادي، جواد بيقدر يحميني منهم إذا بخبره الحقيقة.

زفر عامر بانفعال

_ محدش يجدر يجف جصاده صدجيني.

هزت راسها بخيبة أمل وهي تراه على نفس نهجه لن يتغير

_ ما راح تتغير عامر هتضل خايف هيك طول عمرك.

صاح بها وهو ينهض من جوارها 

_ مش خوف على نفسي ده خوف عليكي افهمي الله يرضى عليكي 

_ ما بدي افهم شيء يومين وراح اروح لچواد احكيله بدك تعيش معانا في المزرعة تعى ما بدك وتعمل لخاطرها زي ما بدك.

نهضت بغضب ودلفت غرفتها مغلقة الباب خلفها بحدة.

         _____________


جلست ياسمين على الفراش بكمد لا تصدق ما حدث منذ قليل 

نظرت لإلين التي تحاول التواصل مع أخيها لكن هاتفه قيد الأغلاق

ألقت الهاتف على الفراش وهي تقول بضيق

_ للأسف قافل فونه.

طمئنتها ياسمين لكن كمن تطمئن نفسها

_ متجلجيش المحامي ده كبير جوي وإن شاء الله هتطلع منها

رن هاتف ياسمين واندهشت عندما وجدته من خالد 

نظرت إليه بحيرة وقالت 

_ عايز ايه ده؟

سألتها إلين

_ مين ده؟

_ خالد.

_ طيب ردي يمكن في حاجة مهمة.

شعرت بالقلق عندما عاود الإتصال فقالت إلين 

_ يا بنتي ردي يمكن حاجة تخص موضوع توليب.

أجابت عندما رن للمرة الثالثة فسمعته يقول

_ انزلي انا تحت

عقدت حاجبيها مندهشة وسألته

_ تحت فين؟

رد بفتور

_ في المزرعة هيكون فين يعني، انزلي مستنيكي.

انتابها الخوف من حضوره في ذلك الوقت خاصة وقالت بارتباك 

_ بس جواد مش اهنه ومينفعش اجابلك هو مش موچود.

لاحظت في صوته لهجة تهديد 

_ انزلي لأن الموضوع يخص مراته.

انهى جملته وأغلق الهاتف ليزداد خوفها منه 

نظرت لإلين التي ربتت على يدها وتحدثت بمصابرة 

_ متخافيش مش هيقدر يعملك حاجة ولو عايزاني انزل معاكي تمام.

هزت راسها برفض 

_ لأ خليكي انتي بعيد، انا هنزل اشوفه عايزني ليه وهرجعلك بس خلي بالك من يزن.

نزلت للأسفل وهي تتحلى بشجاعة زائفة وجدته واقفًا أمام الدرج ينتظرها.


ازدردت جفاف حلقها بصعوبة وهي تتقدم منه لتقول بتروي 

_ خير؟

ما كانت لتخطئ في تلك النظرة التي رمقها بها لكن لن يجدي نفعاً مهما حاول.

ابعدت عينيها عن مرمى عينيه مما جعله يقول بعتاب

_ للدرچة دي مش طايجة تشوفيني؟

رمشت بعينيها تحاول الثبات وردت بفتور

_ مفيش داعي لحديت ملوش عازة جول چاي ليه وجواد مش أهنه؟

زفر بقوة وتقدم منها خطوة ارتدتها هي للخلف وقال بهدوء 

_ تمام ندخل في الموضوع على طول 

أني ممكن أخرچ مرات جواد من السجن واطلعها براءة ومش بس إكدة أني جادر اخرچها من النيابة نفسها مش من المحكمة.

قطبت جبينها بدهشة وسألته بشك

_ والمقابل؟

ابتسم لفطنتها ونظر بعينيها الزيتونية باشتهاء وتمتم بتهديد مبطن

_ ترچعيلي مقابل خروچ مرات أخوكي من السجن ولم الفضيحة.

اتسعت عينيها بصدمة ولم يرحمها بل تابع

_ وأني جادر البسها بدل التهمة اتنين وابينها أنها متفجة معاه ولما اختلفوا وهددها خلصت عليه، الموضوع كله في يدك عايزاها تخرج بكرة من النيابة كان بها 

مش عايزاها برضه كان بها، فكري زين وردي عليا.

       ______________


استيقظت نور من غفوتها على وخز في ذراعها

فتحت عينيها لتجده مراد يحقنها ببعض الأدوية، ابتسم لها قائلاً 

_ صباح الخير 

أومأت له بصمت وحاولت النهوض لكنه منعها

_ خليكي زي ما انتي ان قومتي هتقعي، انتي ماكلتيش حاجة من امبارح والادوية اللي أخدتيها كتيرة أوي هتسببلك دوخة 

اومأت له وتطلعت إليه لتلاحظ مدى ارهاقه

فتمتمت باحراج

_ انا بقيت كويسة ممكن تروح ترتاح في البيت انا متعودة اخدم نفسي وانا تعبانة

انتهى مراد من وضع المحلول وجلس على المقعد متحدثًا برتابة

_ واني كمان متعود على إكدة أحياناً بطبق باليومين، المهم إننا اطمنا والحمد لله بجيتي افضل بكتير .

حمحمت باحراج عندما لاحظت نظراته وقالت 

_ يعني ممكن اروح.

هز رأسه بنفي وتحدث بجدية 

_ لاا جدامك يومين على الأجل، احنا سيطرنا بس على الحمى لكن هي موچودة ومش هجدر أخرچك إلا لما اطمن لول.


طرق الباب ودلفت سلمى ومعها أمال وسهر 

شعرت بالسعادة لمجيئهم 

واهتمامهم الزائد جعلها تقاوم ذلك التعب الذي يلازمها 

حتى مراد الذي تبدل كثيرًا وأصبح يهتم بها

كان يسألهم عن نوعية الطعام بدقة ورغم ذلك لم ينسى سلمى من اهتمامه بل زاد منه حتى جعلها تنحي ذلك الشك جانبًا

وعندما جاء مؤيد اجتمعوا في جو عائلي كانت تحلم به واستطاعت بعد عناء الوصول إليه.

تحدث مراد بارهاق

_ طيب بما إن مؤيد رچع هروح أنا نام شوية لإني شيفت بالليل .

ذهب مراد إلى غرفته وما ان اغلق الباب حتى صدح رنين هاتفه

وهو وهدان

_ السلام عليكم 

_ وعليكم السلام فينك يا دكتور مراد

شعر مراد بالقلق من لهجته وسأله بأهتمام

_ في المستشفى بتسأل ليه.

_ مرات جواد بيه اتجبض عليها 

قطب جبينه بعدم استيعاب 

_ انت بتجول ايه؟

_ ده اللي سمعته دلوجت من العمال في المزرعة 

_ طيب اجفل واني هروح اشوف في ايه.

أغلق الهاتف وقام بتبديل ملابس المشفى وخرج مسرعًا كي يقف بجوار صديقه.

         ____________


في القسم

نظر المحامي إلى جواد وقال بجدية

_ زي ما قلتلك القضية سهلة ومعانا الاثبات إنه كان شروع في قتل ولو مدام حضرتك مهربتش كانت القضية انتهت في خلال أيام

لأن أثار التعدي عليها كانت لسة موجودة، لكن هنقول قدر الله وماشاء فعل.

رد توفيق باقتضاب 

_ بس انا خفت عليها من الحبس وقلت اشيل انا الليلة بدالها.

_ على العموم بكرة هنشوف رأي النيابة 

نهض قائلاً 

_ هستئذن انا دلوقت ونتقابل بكرة 

خرج المحامي ونظر توفيق لزوجته وابنه

_ تعالوا نقعد برة شوية 

خرجوا جميعاً وظل جواد معها فألقت نفسها داخل أحضانه 

تشكوا إليه مصابها

رفع عنها نقابها وابعد وجهها عنه لينظر إليه قائلاً بقوة

_ متخافيش هخرچك منها وده وعدي ليكي

مسح دموعها بابهامه وتابع بثقة

_ أنا واثق إن ربنا هيجف معانا ومش هيخذلنا.

لاحت ابتسامة لم تصل لعينيها وأومأت له فتابع بمزاح

_ وبعد ما تخرجي مستني منك تعويض على اليومين اللي هتبعديهم دول، واليوم عندي بيتحسب بشهر اتفقنا؟

جارته في مزاحه وتمتمت بخفوت 

_ بس شهر كتير، دي مزايدة مقدرش عليها.

امسك يدها يقربها من فمه يطبع عليها قبلة محبة وغمغم برتابة

_ هتجدري، طول ما انا چانبك هتجدري على كل حاچة.

طرق الباب يخرجهم من أحلامهم فقد حان موعد الفراق حتى لو لدقائق فأنه يعد فراق بالنسبة له

ابتعد عنها بصعوبة ونهض ونهضت معه 

خرج كلاهما وأخذ ينظر إليها وهي تبتعد أمامه ولا يستطيع فعل شيء لها.

آلم يفوق الوصف وقلب هاجر موضعه وهو واقفًا مكبل الأيدي 

نظر لتلك اليد التي ربتت على كتفه ولم تكن سوى يد مراد

تطلع إليه بعيون غائمة أرهقت قلب مراد حزنًا عليه.


في الخارج

انتهى جواد من سرد كل شيء ومراد يستمع إليه باهتمام 

_ دي كل الحكاية.

فكر مراد قليلًا ثم تحدث بجدية 

_ اني اعرف دكتور كبير متخصص في الحالات دي هروح اتصل عليه النهاردة ونروح بكرة نشوف الحالة بالظبط لأن أربع شهور دي متطمنش

تنهد جواد بتعب شديد وتمتم بثبات وهو ينظر إلى القسم

_ بس أني متابع حالته وبيوصلني اخباره باستمرار.

_ اني برضك هشوف الدكتور ده ونتأكد أكتر.


مر ذلك اليوم على الجميع بصعوبة بالغة ما عدا حسان الذي وقف أمام شرفة مكتبه ويرسم ابتسامة رضا على وجهه وقد اقترب إلى ما سعى إليه.

وقد كان له ما أرد عندما وجد سيارة جواد تصتف أمام القصر وترجل منها وعلى وجهه سخط لم يراه به من قبل 

ظل على وضعه حتى عندما اندفع جواد وأغلق الباب خلفه بعنف فتزداد ابتسامة حسان وخاصة عندما تحدث جواد بغضب

_ انت اللي بلغت عنيها؟

التفت حسان إليه وتحدث بهدوء مدعيًا عدم معرفته بالأمر

_ بلغت عن مين؟

تقدم منه مراد ليقف أمامه وغمغم بحنق

_ مرتي.

سار حسان لمقعده وجلس عليه قائلاً بثبوت

_ مكنش ينفع ابلغ عنيها وهي بجيت من عيلة الخليلي مع إني كنت اتمنى انه يحصل جبل سابج.

رفع جواد سبابته في وجهه وغمغم بحدة

_ لو كنت فاكر إنك بالطريجة دي هتخليني ابعد عنها واطلجها يبجى بتحلم.

عاد حسان بظهره للوراء ورد بصدق

_ بس أني مش رايدك تطلقها بالعكس اني موافج انها تفضل على ذمتك وكمان هخرجها من الجضية كيف الشعرة من العجين.

توقف عن التحدث كي يرى وقع كلماته عليه ثم تابع

_ بس على شرط.

عقد حاجبيه متسائلًا فتابع حسان 

_ ترچع للجصر.

            ___________


خرج مراد من غرفة العمليات وهو يشعر بألم شديد يجتاح كامل جسده 

لا يعرف لما شعر بحنين يأخذه لذلك الطفل الذي أخذ قلبه منذ أن وضعته الممرضة بين يديه واختلطت دقات قلبه بقلب الصغير. 

ساقته قدماه لغرفة الحضانات ونظر إليه من خلف الزجاج بابتسامة عريضة 

تقدمت منه الممرضة تسأله إذا كان يود حمله

فوافق بكل ترحيب.

وضعته الممرضة بين يديه فينبض قلبه بقوة وهو ينظر إلى وجهه البريء 

ابتسم الطفل بغير تعمد وفتح عينيه فيخفق قلب مراد بقوة له.

قربه منه ليطبع قبلة على جبينه الرخو وتمتم بحبور 

_ آسر مراد العمري.

جاءت الممرضة لتأخذه قائلة

_ كفاية كدة.

وافق مراد على مضد واعطاه لها ثم ذهب لغرفة نور

كان الجميع معها يحسوها على تناول الطعام لكنها أبت تناوله متعللة بألم معدتها

_ السلام عليكم 

رد الجميع السلام وتقدم منها يجس نبضها

_ عاملة ايه دلوجت.

ردت بروية

_ الحمد لله أحسن.

نظر للطعام الذي لم يمس وقال بمغزى

_ احسن كيف وانتي رافضة تاكلي وبعدين إكدة مش هتعرفي تجفي على رچليكي وتشوفي آسر.

انتبه الجميع للأسم واولنم أمال

_ آسر؟

تقدم من والدته يطبع قبلة على جبينها وقال مؤكداً 

_ ايوة يا أمي سميته آسر.

امتعض وجه نور وقالت بحدة

_ بس انا مش موافقة.

نظرت آمال إليها بعتاب

_ ليه يا بنتي مش كفاية اتحرم من نسب ابوه هيتحرم كمان من اسمه.

أجابت نور بتعصب

_ قلت لأ، وده قراري ومش هتراجع فيه.

همت آمال بالاعتراض لكن مراد منعها

_ سيبيها يا أمي من حجها، هي أمه واحج بأنها تسميه كيف ماهي رايدة 

نظر إلى نور وتابع بمحايدة

_ وده برضك حفيدها من ابنها اللي عاشت عمرها كله محرومة منيه، وما صدجت ولجيت عوضه، حتة منه بلاش انتي كمان تحملي عليها.

ردت نور باستنكار 

_ انا بحمل عليها؟! عشان رفضت إني اسمي أبني على اسم ابوه اللي خدعني ودمرني وعيشني معاه في الحرام؟!

تجمعت الدموع داخل عينيها وتابعت بألم

_ اللي كنت بالنسبة له اداة تجارب مش أكتر، مستني مني افرح وانسى اللي حصل.

ربت سلمى على يدها وتحدثت بتأثر 

_ بس يا نور اللي فات مات واحنا ولاد النهاردة.

ردت نور بانفعال

_ لأ مـ ماتش ولا هيموت اللي عمله معايا عمره ما هيتنسي.

تحدثت آمال بعتاب

_ يعني مش فاكرة أي حاچة زينة عملها معاكي؟


_ ايه اللي عمله معايا يخليني اوافق ان اسمه يتعاد تاني في حياتي؟!

لأ مستحيل أوافق وده قرار نهائي

اوقف مراد ذلك الجدال برزانة

_ طيب خلينا نفض الموضوع ده عشان منضغطش عليها وهي تعبانة إكدة، يلا هبعت لمؤيد ياچي ياخدكم عشان تروحوا.

سألته سلمى بلهجة تخفي عتاب

_ برضه هتبات هنا؟

نظر إليها قائلاً 

_ الليلة عندي شيفت زي ما جلتلك والصبح إن شاء الله هسافر القاهرة وهرچع آخر النهار.

سألته آمال بدهشة

_ ليه يا ولدي، خير؟

_ خير إن شاء بس في حالة هروح اشرف عليها وهرچع على طول، بعد اذنكم

          _____________


في القصر 

تطلع جواد إليه بشك وتحدث بقوة 

_ ولو جلتلك مش موافج؟ 

رفع حسان حاجبيه رادًا بفتور

_ يبجى اني عملت اللي عليا لحد إكدة.

_ يعني هتسيب مرات حفيدك تتسجن؟!

_ اني جدمت شروطي وانت اللي رفضتها

اسند جواد يديه على المكتب وقال بهدوء قاتل

_ وانت شروطك دي متلزمنيش، قولتهالك قبل سابج القصر ده معدش ليا حاچة فيه.

انهى حديثه وخرج صافقاً الباب خلفه بعنف 

ظهرت ابتسامته رضا على وجه حسان وأخرج هاتفه ليجرى اتصالاً 

_ واضب عـ اللي بتعمله وأول ما ياچي الوجت المناسب خلص عليه.


رواية الـتـل 

رانيا الخولي 

الفصل الرابع والعشرون

……………..


لم تكف سلوى عن البكاء منذ عودتهم وأصرت على العودة إلى القاهرة 

جلست على المقعد تنظر نزول إلين والتي لم تستطيع بدورها ترك ياسمين بتلك الحالة

_ ياسمين انا مش هقدر أمشي معاهم واسيبك بالحالة.

حاولت ياسمين التحلى بالشجاعة أمام إلين كي لا تقلقها عليها وقالت باقتضاب 

_ انا كويسة متجلجيش.

_ مقلقش ازاي بس وانتي من وقت ما خالد مشي وانتي بالحالة دي.

مثلت الثبات رغم صعوبته 

_ صدجيني انا زينة كل الحكاية إني جلجانة على توليب وجواد اللي ملحقوش يفرحوا زي ما يكون انكتب عليهم العذاب.


_ إن شاء الله هتخرج منها أدهم كلمني دلوقت وطمني، أزمة وهتعدي.

أومأت بتيهة

_ إن شاء الله.

          ______________


بعد ذهاب الجميع 

عاد مراد إلى غرفة نور فوجدها شاردة كعادتها فشرد هو بها كعادته منذ فترة

شعور غريب يجتاحه ويجعله يود البقاء معها قدر الإمكان

تقدم منها يسألها بتروي

_ كيفك دلوجت؟

تطلعت إليه بابتسامة مشرقة وردت برقة

_ الحمد لله بقيت أحسن.

جلس على المقعد بجوارها وتحدث برتابة

_ ممكن نكمل كلامنا؟

تنهدت بتعب وسألته بثبوت

_ أي كلام؟

_ ياريت كل اللي جواه حاجة يخرجها عشان نفتح صفحة جديدة 

عقدت حاجبيها مندهشة وسألته 

_ صفحة جديدة؟! بس انا بقيت واحدة معندهاش بكرة عشان يكون عندها صفحات تملاها.

امتلئت عينيها بالمرارة وتابعت

_ انا بقيت مجرد نفس بيخرج ويطلع وده عشان في روح أصبحت مسؤولية مني لكن انا معنديش امل في بكرة لأنه بالنسبة ليا منتهي.

آلمه نظرت اليأس التي ظهرت بعينيها فقال بحكمة

_ اسمحيلي اكون صريح معاكي، اللي عملتيه في حق أمك وحق نفسك جريمة كبيرة وطبيعي إن عقابك يكون بنفس قوتها

جوازك في السر حتى لو عند مأذون لا يعد زواج بالمرة هو شرعًا يعد خطيئة 

هنقول مكنش عندك علم، بس أكيد كان عندك علم بأن ده غلط كبير 

همت بالاعتراض لكنه منعها

_ خابر هتجولي ايه وده العذر الوحيد اللي التمسته ليكي، شوفي مفيش راجل هيربط حياته ودنيته بواحدة خانت أهلها معاه بالعكس دي بتبقى للتسلية فقط لكن وقت الجد بيدور على واحدة ملهاش في كل ده بحيث انه يآمن عليها في بيته تصون اسمه وشرفه 

اوقف جلده لها عندما لاحظ تجمع العبرات في عينيها وقال بتروي

_ متفهميش حديتي غلط كل اللي رايد اوصله ليكي إن ربنا رغم كل ده بعتلك فرصة إنك تكملي حياتك في طاعته وده لأنك من چواتك نضيفة.

      ________________


خطوات مرتدة خطاها جواد نحو غرفته والتي قضى ليلته بها بين احضان حبيبته الساجية وقد أُخذت عنوة من بين يديه ولم يستطع فعل شيئاً لها.

جلس على الفراش وقلبه يأن ألمًا 

يتساءل بينه وبين نفسه

هل يرضخ لجده ويوافق على العودة إلى ذلك القصر كي ينقذها؟

أم يأبى الرضوخ له ويرفض ذلك العرض ويفعل المستحيل كي ينقذه بنفسه دون مساعدة احد؟ 

وضع وجهه بين كفيه والفكر لا يرحمه

طرق الباب وكأنه يريد أن يزيد من عذابه

سمح للطارق بالدخول وكانت ياسمين التي دلفت وهي تفرك يديها ببعضها وتمتمت بارتباك

_ جواد أنا عايزة أخبرك بحاچة إكدة.

     ____________


في الصباح 

وبعد محاولات كثيرة استطاع جواد اقناع الضابط بعدم ترحيلها بسيارة الشرطة، وأخذها جواد بسيارته حتى النيابة 

ظلت نائمة طوال الطريق وهو ينظر إليها بقلب لهيف 

يريد أن يأخذها الآن ويهرب بها بعيدًا لكن يبدو أن القدر لن يكون حليفهم بعد الآن.


الطريق كان مجهد حقًا وهي ولم تفتح عينيها مطلقًا طوال الطريق

وكأنما تهرب من واقعها المرير بتلك الطريقة 

توقفت السيارة أمام المبنى فنظر إليها ليجدها مازالت نائمة 

_ توليب.

فتحت عينيها بتثاقل وحاولت الاعتدال لكنها شعرت بالألم في انحاء جسدها 

نظرت إليه وهي تحاول التحلي بالشجاعة 

_ وصلنا؟

حاول الابتسام كي لا تشعر بآلامه ورد بثبات

_ اه يا حبيبتي وصلنا.

أومأت له وخرجوا من السيارة ودلفوا للداخل وقد وجدوا أدهم والمحامي خاصتهم في الانتظار ومعهم توفيق وتميم.

تقدم توفيق من ابنته بقلب منفطر عليها وقال بحنو

_ متقلقيش يا حبيبتي هتمر على خير ان شاء الله 

أومأت توليب بصمت ثم تطلعت في وجه جواد كي تستمد منه الثبات

فيطمئنها بنظراته التي احتوتها بحب ثم تحدث بلهجة بثت فيها الأمان 

_ متخافيش اني چانبك وهعمل المستحيل عشان أخرجك

أومأ مؤكدًا عندما لاحظ اهتزاز نظراتها وكم أراد في تلك اللحظة ان يحتويها داخل احضانه ويمتص ذلك الخوف وينثر بداخلها الاطمئنان لكن تلك العيون التي تتطلع إليه بتعاطف جعله يرتد 

نادى المحضر اسمها 

_ توليب وفيق 

اهتزت يديها مما جعله يضغط عليها بقوة

_ جولتلك متخافيش ادهم هيدخل معاكي الجلسة دي لأنه اللي ماسك القضية من لول لكن بعد إكدة القضية هتكون في يد المحامي عيد المجيد 

اومأت له ودلفت بصحبة أدهم وتركته هو يتظاهر أمام الجميع بالثبات لكن قلبه يأن ألماً بما يحدث لها.

         ______________


في الداخل

جلست توليب بوجل أمام وكيل النيابة الذي بدأ في استجوابها 

_ احكيلنا يا توليب على اللي حصل بالظبط.

لاحظ الوكيل ارتعاشت جسدها ويدها التي تشبكهم ببعض كأنها تستمد ثباتها بتلك الحركة فقالت بصوت مهزوز

_ انا مكنش قصدي اقتله.

رد الوكيل بمغزى

_ بس أي بنت بتتعرض للتعدي بتبقى مستعدة تعمل اي حاجة عشان تنقذ شرفها

هزت راسها بتيهة

_ بس انا كان قصدي ابعده عن بابا.

_ تقصدي جوز أمك؟

هزت راسها بنفي وصححت له

_ لأ بابا لأنه عمره ما كان جوز أمي، بالعكس كان احن عليا من أمي نفسها، فتحت عينيه على الدنيا ملقتش غيره وعمره في يوم ما حسسني باليتم، كان ديمًا سند وضهر ليا


لفت ذراعيها حول جسدها عندما تذكرت ما حدث

_ لما رجع ولقى الحيوان ده بيتهجم عليا انقذني منه وضربه وبدأ الخناق بينهم

طلب مني إني أهرب بس مقدرتش، خفت عليه لحد ما لقيته بيخنق بابا وكان خلاص هيموت في ايده 

مكنش قدامي غير التمثال اللي جانبي اخبطه بيه عشان يبعد عنه، بس مكنتش اقصد قتل أبدًا 

تدحرجت دموعها على خدها وهي تتابع

_ جريت على بابا وساعدته أنه يتنفس لحد نفسه هدي، بصله لقى الدم بينزف من راسه وقلنا ده مات.


_ طيب ليه هربتي مع أنه كان دفاع عن النفس؟

أخذت نفس عميق تهدئ به من روعها وأجابت 

_ بابا خاف عليا من الحبس والبهدلة وطلب مني إني اهرب وهو هيشيل الجريمة، غير كمان أنه خاف على سمعتي لو حد عرف حاجة زي دي وانت عارف الناس مبترحمش.

تابع الوكيل أسئلته وهي تجيب بدموع منهمرة

تلاها شهادة توفيق 

والذي قص عليه بدوره ما حدث فسأله وكيل النيابة بمغزى

_ وايه اللي خلاك تشيل انت التهمة وتضيع نفسك عشان بنت مراتك؟

انكر توفيق حديثها وتحدث بنفي

_ دي بنتي انا اللي ربيتها وعمرها سنتين، حتى وأبوها الله يرحمه لسة عايش كنت انا اللي مسؤول عنها بحكم بعد ابوها بظروف عمله، ولما مات خفت تبعد عني وطلبت امها للجواز عشان تفضل جانبي كبرت قدامي وكل حاجة انا اللي بختارها ليها حتى اسمها انا اللي اختارته

وهي اتعلقت بيا اكتر من أمها

لحد ما جاه يوم الحادث وفجأة لقيت الوردة اللي اهتميت بيها ورعتها بتروح مني ومكنش قدامي حل تاني غير إني اشيل انا القضية وانقذها.

رغم تعاطف وكيل النيابة مع تلك العلاقة المترابطة بين الاثنين إلا إنه أمر باستمرار الحبس لسبعة أيام أخرى على زمة القضية 

 

خرج توفيق من المكتب وهو يبحث بعينيه عنها فوجدها مستكينة بجوار زوجها 

وعند رؤيته وجدت نفسها تنهض دون إرادة منها وتدنو من توفيق لتحتضنه بكل ما تحمله من حب وامتنان لذلك الرجل 

احتضنته وهي تجهش في البكاء فتتجمع الدموع داخل عينيه وتتساقط بعد محاولات فاشلة منه بردعها

وتمتم بألم

_ سامحيني يا بنتي معرفتش ادافع عنك واحميكي، انا السبب في كل ده لو كنت قد ثقتك فيا مكنتش خبيتي عليا اللي عمله الحيوان ده معاكي

ابتعدت عنه قليلًا كي تتطلع إليه وتمتمت باستنكار

_ بالعكس انت طول عمرك وانت بتحميني حتى من الهوا اللي بيعدي من جانبي بس اللي حصل غصب عننا كلنا كنت خايفة عليك عشان  هددني بيك انت وتميم فكان لازم اسكت وكانت دي غلطتي الوحيدة، لو كنت عرفتك مكنش حصل كل ده.

ربت توفيق على كتفها وتمتم باحتواء 

_ اكيد ربنا له حكمة في اللي حصل وأولهم إنك اتعرفتي على جواد.

همس بجوار أذنها كي يطفي المرح على الحزن الذي غلفهم

_ انا بقول كفاية كدة لأنه واقف بيبصلي كأني عدوه اللدود.

ضحكت توليب رغماً عنها والتفتت لجواد الذي لم يستطيع اخفاء غيرته وابتسمت له بتروي قبل ان يأخذها العسكري ويخرج بها لسيارة الترحيل.


      ______________


في مشفى ….

دلف مراد المشفى التي وضع فيها ذلك الرجل وذهب للاستقبال

_ لو سمحتي عايز اعرف غرفة مريض اسمه حسين كامل المحمدي 

سألته عاملة الاستقبال

_ بخصوص ايه؟

أخرج كرنية الخاص به وقدمه لها

_ انا دكتور قريبه وعايز اطمن على الحالة

نظرت الممرضة للهوية ثم قالت بتفاهم

_ تمام، الدور التالت غرفة العناية المركزة 

شكرها مراد وتوجه مباشرة إلى الغرفة لكنه تفاجئ بأحد العساكر يجلس على مقعد بجوار الغرفة 

تقدم منه يسأله بثبوت

_ السلام عليكم، ممكن إذا سمحت ادخل للحالة اللي جوه؟

رفض الرجل بإصرار

_ لأ مينفعش لأن الزيارة ممنوعه.

صادف خروج الطبيب المختص بحالته فتقدم منه مراد يسأله 

_ لو سمحت يا دكتور الحالة اللي جوه أخبارها ايه؟

سأله الطبيب بشك

_ مين حضرتك؟

رد مراد بهدوء 

_ انا واحد قريبه وجاي اطمن عليه واشوفه.

رفض الطبيب بإصرار 

_ لأ طبعًا مينفعش تدخل عنده، الحالة حرجة واحنا مانعين عنه الزيارة.

عقد مراد حاجبيه مندهشًا وقد ساوره الشك في ذلك الرجل وقال بحيرة

_ بس انا قريبه وعايز اشوفه.

_ مينفعش الشرطة نفسها منعة الدخول عنده غير الدكتور اللي بيشرف على حالته وبس.

فكر مراد بالدخول عنوة لكنه فضل الانسحاب الآن عندما لاحظ ارتباك الممرضة، عليه ان يجد طريقة يصل بها إليه دون ان يلاحظ أحد 

خرج من المشفى وأخرج هاتفه كي يخبر جواد بما حدث 

 

_ ايوة يا جواد هنأجل معاينة الحالة النهاردة 

اندهش جواد وسأله

_ ليه؟

نظر إلى المشفى بشك وقال

_ انا شاكك في حاچة إكدة بس بكرة هتأكد منها

سأله بتوجس 

_ أيه هي؟

_ مش عارف دلوجت بس اللي زارع الشك جوايا خوف الممرضة وإصرار الدكتور إني مدخلش.

ساور الشك قلب جواد بدوره وأخذ يشابك الأحداث بعضها البعض

تهديد خالد لأخته 

وثقة جده بأخراج توليب إذا وافق على العودة 

 ضغط على مقود السيارة بقوة حتى ابيضت مفاصله وغمغم بتوعد

_ لو اللي جاه في دماغك صح يبجى هما اللي چيبوه لحالهم.

_ بلاش تهور أني معرفش إذا كان شكي صحيح ولا لاه، تعالى نتجابل في …… ونشوف هنعملوا أيه.

وافقه جواد وأغلق الهاتف ثم حرك مقود السيارة وانتظر خروج توفيق وتميم وصعدوا معه وانطلق بها        ________________


توقفت سيارة جواد اسفل البناية فنظر توفيق لجواد محدثًا اياه

_ اتفضل يا ابني معانا.

رفض جواد بتهذيب

_ مش هينفع عشان هجابل مراد ونروح نطلب اذن من النيابة عشان يشوف حالة الحيوان ده في المستشفى 

وافق توفيق على مضد وترجل من السيارة هو وتميم ودلفوا البناية 


انطلق جواد بسيارته إلى حيث ينتظره مراد في أحد المقاهي 

وعند دخوله أشار له مراد بالتقدم

جلس بجواره على المقعد وسأله جواد

_ ايه اللي حُصل بالظبط؟

تحدث مراد بتأكيد

_ زي ما جولتلك أني واثق إن الدكتور ده مخبي حاچة وخاصة الممرضة.

تنهد جواد وهو يتطلع إليه بحيرة

_ والعمل؟

_ بلاش نسبج الأحداث وخليني ارتبها لول لأن أي غلطة هتضيع كل حاچة

امتعض وجه جواد وتمتم باستياء 

_ اهم حاچة إنها متغفلجش علينا.

طمئنه مراد بثقة

_ متحلجش كل حاچة هتمشي زين بس اني إكدة هضطر ابات اهنه عشان انفذ اللي ناوي عليه بكرة بإذن الله.


اومأ له جواد ونهض قائلاً 

_طيب يلا خلينا نروح الشجة نريح لحد الصبح وبعدين نشوف هنعملوا ايه.


داخل البناية


طرق جواد الباب مرات عديدة لكن لا من مجيب، سأله مراد

_ انت متأكد أنه چوه؟

_ مش البواب تحت جال أنه مخرجش واصل؟

_ خلاص اتصل عليه.


في غرفة كندا طرق عامر الغرفة وهو يقول برجاء

_ افتحي خلينا نتفاهم

لم تجيبه فعاد رجاء

_ احنا مبقناش صغيرين على عمايلك دي

طيب افتحي واني أوعدك إني أخليكي تجابلي جواد وياسمين.

فتحت كندا باب الغرفة وعادت لمقعدها بوجوم 

تقدم منها ليجلس قبالتها وأمسك يدها قائلاً برتابة

_ جولي عايزة أيه؟

رمقته كندا بحيرة وتحدثت بانفعال 

_ شو؟ چاي تضحك على عقلي بكلمتين متل كل مرة؟ بس أحب اقولك عامر بيك ماعاد شغلاتك هيك تمرئ علي، وماعاد يهمني أبوك أو أي حدا، يومين بالكتير وراح اروح لولادي وأحكيلهم كل اشي.

تنهد عامر بتعب 

_ خلاص هعملك اللي انت عايزاه بس أهم حاجة راضية ومرتاحة.

هزت رأسها بنفي

_ مو مرتاحة ياعامر، من وقت ما دخلتني حياتكم وانا مو مرتاحة، بس كنت بصبر حالي بحبك إلي ولأولادنا لكن هلأ ما عاد فيني اتحمل 

_ صدقيني كل اللي بعمله ده خوف عليكي


_ انت ما بتقدر تفهم إن حسان خلاص كبير وما عاد فيه حيل يؤمر وينهي زي قبل.

حسان بقى انسان ضعيف مو قدران يعمل شي غير أنه يچمعكم حواليه ويضغط عليكم أكتر 

راح اعطيك فرصة أخيرة إن ما رچعتني لولادي راح اضب اغراضي وارچع على بيروت.

_ بس انتي خابرة زين إني مجدرش اعيش من غيرك.

ضحكت بسخرية 

_ بأمراة شو، بأمراة سيلين اللي خلفتها بعد زواچك من أمها بييجي كام شهر.

هز رأسه بنفي وتحدث بصدق

_ مش حجيجي أني في الوقت ده كنت مقهور على فراجك وكمان متزوچ مرات أخوي اللي مش بتقبلها حتى، معرفش ايه اللي حصل وخلاني عملت إكدة بس صدجيني من وجتها متكررتش تاني واصل وحياتك عندي دي الحجيجة.

رمقته بعتاب

_ وحادثة ابني اللي حرمته مني في اكتر وقت محتاچني فيه، كيف قدرت تخبي علي.


_ مكنتيش هتجدري تتحملي الصدمة، أني لحد النهاردة تأثيرها ضاغط على جلبي وأنا شايفه بجى واحد تاني غير ابني اللي ربيته واتعلجت بيه أكتر من نفسي

كنت بموت كل دجيجة واني شايف كل ما يفوج يخدروه من تاني لأن حالته كانت صعبة جوي ومش هتتحمل صدمة زي دي

كنت واثق إنك مش هتجدري تتحمل وعشان إكدة خبيت عليكي.

تساقطت دموعها بغزارة وتمتمت بألم 

_ مو مهم اتحمل ولا لا، بس بيكفي إني أكون جانبه في ظرف زي هيك.

كان وچودي هيفرق معه وهيهون عليه كتير يا عامر بس انت انانيتك خلتك تبعدني عنه كرمال أبوك ما يعرف شي.

قاطعهم صوت هاتفه الذي تركه بالخارج 

ذهب ليأخذه فوجده جواد 

ابتعد قليلاً عن الغرفة ورد بهدوء 

_ ايوة يا جواد في الشجة خير

اتسعت عينيه بصدمة وتمتم بتلعثم 

_ لا موچود أني بس كنت نايم.

أغلق الهاتف وأخذ مفاتيحه وتوجه إلى الشقة الأخرى من جانب المطبخ


فتح عامر الباب وهو يتظاهر بالنعاس

_ خير يا جواد ايه اللي خلاك تسيب عروستك وتاچي أهنه.

دلف جواد وتلاه مراد وقد ساوره الشك من تلعثم أبيه

_ هحكيلك بس لما نرتاح شوية 

جلس جواد على المقعد لكن مراد تحدث بارهاق

_ طيب عرفني هنام فين لأني منمتش بجالي يومين

أشار له عامر 

_ اتفضلي يا ابني في الاوضة دي وخد راحتك

دلف مراد الغرفة كي يتركهم معًا واستلقى على الفراش بتعب.

جالت بخاطره صورتها وتساءل كيف حالها الآن

هل وجدت من يهتم بأدويتها كما كان يفعل؟

يعلم جيدًا بأن سلمى لن تتركها لكنه أيضاً يشعر بالقلق عليها.

تناول هاتفها وطلب رقمها فآتاه صوتها بعد قليل

_ ألو

صحح لها مراد

_ اسمها السلام عليكم.

صححت نور قولها 

_ السلام عليكم 

رد بابتسامة محب

_ وعليكم السلام كيفك دلوجت.

_ أحسن الحمد لله بس انت مجتش زي ما وعدتني.

_ غصب عني، مضطر ابات الليلة في القاهرة 

_ لسة مش عايز تقولي ايه السبب الحقيقي؟

_ مفيش داعي المهم بتاخدي علاجك بانتظام؟

_ اه طبعاً بصراحة محدش قصر معايا كأنك موجود بالظبط

_ مين اللي هيبات معاكي.

_ اكيد سلمى بس هي راحت الكفاتريا تجيب قهوة.

_ طيب خلي بالك من نفسك وانا اول ما أخلص مهمتي هرچع عشان ترچعي للبيت.

أغلق الهاتف كي يراعي مشاعر سلمى والتي أصبحت شاحبة تلك الفترة وعليه أن يعوضها عن ذلك الوقت الذي انشغل فيه بغيرها

            ____________


في القصر 

نظر عدي إلى خالد بصدمة كبيرة وتحدث بحدة

_ انت اتچنيت ازاي تعمل حاچة زي دي؟

جلس خالد على المقعد وهو يضع قدم فوق الأخرى قائلاً بفتور

_ مكنش فيه طريجة غير دي.

صاح به عدي

_ واحنا من ميتي بندخل الحريم في مشاكلنا.


غمغم خالد من بين أسنانه

_ وطي صوتك لحد يسمعنا، وبعدين مالك محموق إكدة مش دي اللي خدت مكان أختك وعايش حياته معاها ولا هو يتمتع بكل حاچة واحنا واجفين نتفرج عليه.

نهض خالد ليقف قبالته وتحدث بحقد

_ انت بتتحدت إكدة لأنك ضامن حقك بچوازتك من بنت عمك فايز إنما انا بح مفيش

بكرة بعد ما يوزعوا الورث ونطلع احنا من غير حاچة وآخرهم حسنة تطلع من كل واحد فيهم


خرجت يسر من غرفتها وهي تجفف دموعها بعد محادثة والديها الذيت تركاها وسافروا لأداء العمرة.

همت بالنزول لكنها توقفت عندما سمعت صوت عدي وخالد فينقبض قلبها بشدة عندما سمعت تلك الكلمة.. 

رد عدي بحدة

_ ما انت لو بتفهم مكنتش خنتها وعملت فيها إكدة، كانت هتفضل معاك ويمكن كمان كانت حبتك زي يسر ما حبتني انما انت بغباءك ضيعتها من أيدك وبعدين عايز تفهمني إن الفلوس اللي بتخبيها من ورا بيع الزرع من غير ما حدا يدرى مش هتكفيك وزيادة كمان؟!

صاح به خالد

_ ايه اللي چاب الملاليم اللي معاي للملايين اللي معاه من المزرعة وبيتمتع بخيرها واحنا بناخد مصروف من چدك زينا زي العيال.

وافقه عدي

_ مجلناش حاچة بس اني بتكلم على انك دخلت الحريم في الموضوع ده، ايوة كلنا رايدين ناخد حجنا من جواد بس مش بالحريم 


_ والله بقا المصلحة وجبت، ومتنساش إن لو مأخدناش حجنا وجدك عايش مش هناخده واصل، انت ضامن حقك بيسر إنما أني مش ضامن شيء وبعدين دي الطريقة الوحيدة اللي اجدر اكسره بيها وأجبر ياسمين انها ترچعلي ووجتها اكون ضمنت حجي والباجي على چدك

_ هو چدك كمان كان خابر إنك هتبلغ عنيها؟

ضحك خالد وقال باستهزاء

_ اومال انت فاكر أيه هو اللي أختارلي الوجت المناسب اللي أبلغ فيه.

انفتح الباب واندفعت يسر للداخل وهو تتمتم بعد استياعب

_ ايه اللي سمعته ده.

بهت عدي وتقدم منها يسألها بتوجس

_ سمعتي ايه مش فاهم.

تطلعت إليه بخيبة أمل وقالت 

_ سمعت الحجيجة يا ابن عمي.

ازدرد لعابه بصعوبة ومد يده يجذبها لخارج الغرفة 

_ طيب تعالي نتحدت في اوضـ….

جذبت ذراعها من يده وصرخت به

_ بعد يدك عني

جلس خالد على المقعد ولم يبالي بشيء فتقدمت منه يسر وقالت باشمئزاز

_ اني كنت بلوم على ياسمين وبجول إنها مجدرتش تكسبك لصفها وتغيرك بس طلع عندها حج في اللي عملته واللي اني كمان هعمله.

تبدلت ملامح عدى وسألها بحدة 

_ تجصدي ايه؟

صاحت به وهي تنظر إليه بتحدي

_ بجول إن أني كمان مش هكمل معاك بعد اللي سمعته.

جذبها عدي من يدها بعنف 

_ انتي شكلك اتچنيتي.

ردت عليه بتحدي

_ هبقى اتچنيت فعلاً لو مطلبتش الطلاج منيك وفضلت على ذمتك لحظة واحدة.

تجمع من في القصر على صوتهم واولهم يحيى الذي رآى حالة أخته وعدي يمسكها بتلك الحدة فجذبها من يده وصاح به

_ في ايه يا عدي ماسكها إكدة ليه؟

رد عدي بحدة 

_ أسأل الهانم أختك 

نظر يحيى إلى يسر يسألها

_ مالك يا يسر ايه اللي حصل؟

دلف حسان وخلفه كريمة وسألهم بحدة

_ صوتك عالي ليه؟

نظرت يسر إلى جدها بعتاب وتقدمت منه لتقول بأسف

_ يعني ما خابرش يا جدي صوتنا عالي ليه؟! ولا انت اللي مش عايز تعرف.

لم يفهم شيء من حديثها وتابعت هي بقهر

_ للدرچة دي البنات عنديك رخيصة في نظرك.

عقد حاجبيه مندهشًا وتابعت هي

_ جلبك كان فين وانت بتچوزنا لولاد عمنا عشان حجهم ميضعش وتدمر انت حجنا وتعيشنا معاهم بجلوبهم اللي كيف الحچر دي، ولا هلوم عليهم ليه وانت أجرم منيهم.

لطمة حادة سقطت على خد يسر وعندها لم يستطيع عدى تحمل ضربه لها

فأخذها مسرعًا من أمام جده يحميها منه

_ لو سمحت يا چدي متمدش يدك على مرتي

هدر حسان بغضب

_ البنت دي ناجصة ترباية ولازم تتربى من لول.

خرجت يسر من بين ذراعي عدى وغمغمت باحتدام

_ ليه؟ عشان جلت الحجيجة! عشان بجول إننا اتخدنا كبش فدى لولاد عمي عشان يضمنوا ورثهم، يعني الموضوع مش جصة بنات العيلة متخرجش برة لأ ولاد عمكم أولى بورثكم، حتى چواد اللي دمرتوا حياته محدش منك رحمه ودلوقت بتكملوا على مراته.

أحساسك ايه يا چدي دلوجت وانت واجف وسطينا بتتفرچ على دمار عيلتك اللي عشت عمرك تحافظ عليهم

أول حاچة شمس بعدها چواد، بعده ياسمين 

تقدمت منه خطوة وقالت بقهر

_ وبعده أنا لأن بعد اللي سمعته مش هكمل معاه دجيجة واحدة.

انتفض قلب عدي بخوف من خسارتها 

أما حسان فقد أخذ الغضب منه مبلغه وشعر إن كل شيء ينهار حقًا من بين يديه 

جذب يسر من شعرها وهو يسحبها للخارج

_ لااا إن كان فايز معرفش يربي أني بجا اللي هربيك يا ……

اسرع عدي خلفه كي ينقذها منه لكن كريمة امسكت ذراعه تمنعه

_ سيبه خليه يربيها.

جذب ذراعه من يدها وأسرع خلف يسر وقام بجذبها من يده قائلاً 

_ محدش له دعوة بمراتي.

هدر به حسان

_ بعد يدك عنيها.

قاطعه بحدة

_ انت اللي بعد يدك عنيها أني جابل أي حديت تجوله دي حاچة بيني وبينها محدش له أنه يتدخل.

نظر إليه بغضب وتحدث بانفعال

_ رايد تسامح في غلطها فيك سامح إنما أنها تغلط فيا مش هعديه


ابعدت نفسها عن ذراعي زوجها وقالت لهم بسخط

_ تعالوا جبل اي حاچة اعرفكم حجيجة جدكم الموكر، اللي بدأ بچواد و سجن مراته بمساعدة خالد عشان يكسره ويرچع ياسمين لخالد غصب عنيها

وعدي اللي اتزوچني عشان يضمن هو وأخوه حجهم في الورث بعد موته

چاي يمد يده عليا عشان معملش زي ياسمين واخرچ بكرامتي ويتحرم عدى بيه من ورثي.

تساقطت دموعها بغزارة وتمتمت بألم 

_ ليه يا چدي، ليه بترخصنا إكدة

اشارت على خالد وعدي

_ عشان خاطر اللي خايفين من موتك بس عشان ميتحرموش من الميراث؟! 

هزت راسها بقهر

_ يبجى تستاهل اللي هيجرى فيك بعد إكدة.

انسحبت بهدوء ودلفت غرفتها وأغلقت الباب خلفها بأحكام

لكن عرت الجميع أمام انفسهم وأولهم حسان الذي شعر بنغصة حادة في قلبه لكنه تلاشاها

وهم بالذهاب لكن صوت عدي أوقفه. 

       _______________

تكملة الرواية من هناااااااا


لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل 

متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا

الرواية كامله من هناااااااااا

مجمع الروايات الكامله1 اضغط هناااااااا

مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا


تعليقات

التنقل السريع