القائمة الرئيسية

الصفحات

translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية التل الفصل الثاني عشر والثالث عشر والرابع عشر بقلم رانيا الخولى

 



رواية التل الفصل الثاني عشر والثالث عشر والرابع  عشر بقلم رانيا الخولى 



رواية التل الفصل الثاني عشر والثالث عشر والرابع  عشر بقلم رانيا الخولى 

رواية الـتـل

رانيا الخولي

الثاني عشر

…………..


مرت الأيام والموعد يقترب 

وهي تستعد لذهابها فور وصول نتيجة التحليل ستعود إلى القاهرة في منزلهم ويحدث ما يحدث.

لكن لن تقبل بالبقاء معه تحت سقف واحد بعد ما حدث

اما مراد فنظرت العتاب التي رآها في عينيها لا ترحمه حتى شعر بالخجل من فعلته

وخاصة عندما علم حقيقة الأمر من صديق آسر بأنه كان يتلقى العلاج في الخارج

والادهى من ذلك أنه اتخذ تلك الفتاة كحقل تجارب

ظل يستغفر ربه ويدعوا له بالرحمة والمغفرة 

لن يخبر أحد بهذا الأمر وعليه أن يصلح ما افسده أخيه.


أما سلمى فقد راوضها الشك وهي تراه اغلب الوقت شاردًا يتظاهر بالنوم لكنها تعلم جيدًا بأنه يفكر في امرها

لقد صدق والدها حينما أخبرها بأن ذلك اليوم آتى لا محالة 

وها قد جاء الوقت التي ستجبر فيه على التنازل ومشاركته مع أخرى ولن تستطيع الرفض

وكيف ذلك وهو لم يرفضها بعد اكتشافهم لذلك المرض الذي سلبها اعز ما تملك وحرمها من الإنجاب

فلما لا تضحي بدورها كما فعل هو 

كما إن تلك الفتاة تبدو جيدة ولن تظلمها 

ذهبت إلى غرفتها كما تفعل كل يوم وتجلس معها لتهون عليها 

فقد شارفت على انتهاء شهرها السادس ومازالت ترفض الذهاب للطبيب

طرقت الباب ودخلت بعد ان سمحت لها نور بالدخول فوجدتها جالسة على الفراش بوجوم كعادتها 

_ صباح الخير يا نور.

اجابت دون ان ترفع بصرها إليها

_ صباح النور

دنت منها لتجلس بجوارها وتحدثت بروية

_ مش ناوية تروحي للدكتور برضه؟

هزت راسها بنفي دون النطق بشئ

_ يا بنتي لازم تروحي عشان تطمني على البيبي مينفعش اللي بتعمليه ده

ردت باقتضاب وهي على نفس وضعها

_ لما تظهر نتيجة التحليل

_ نتيجة التحليل كلنا واثقين فيها حتى مراد نفسه بس هو عمل كدة من الصدمة مش اكتر، ده حتى مش فاكر النتيجة هتطلع أمتى 

_ هتطلع بكرة وبعدها همشي ومش هتشفوني تاني.

زفرت سلمى بضجر من التطرق في ذلك لأمر كل يوم وتحدثت بيأس

_ يابنتي فكري بالعقل شوية، هتروحي فين؟ وازاي هتقدري تقعدي لوحدك وانتي في الظروف دي، وهتصرفي عليه وعليكي منين؟

لم تفكر نور في ذلك الأمر وهي لن تستطيع العمل وهو بتلك الأشهر الأخيرة من حملها فتمتمت بروية 

_ ربنا مبينساش حد.

_ ونعم بالله بس احنا لازم نفكر بالعقل شوية سهام لو ظهرتي قدامها مرة تانية مش هترحمك، ولو فكرتي توصلي لأبوه هتعيدي نفس التجربة من تاني 

ردت نور وهي على نفس الوتيرة

_ مش هروح عندهم، وهروح لأهل بابا في اسكندرية

_ وهتقولي ليهم ايه؟

_ الحقيقة واللي يحصل يحصل انا كدة ولا كدة ميتة.

_ بس انتي كدة بتظلمي ابنك وبتظلمي خالتي اللي الروح ردت فيها تاني لما ظهرتي، ليه تموتي حفيدها اللي ربنا بعتهولها عوض على صبرها.

لم تجيب نور والتزمت صمتها فأردفت سلمى

_ على الأقل سيبيها تطمن عليكم وتشوف حفيدها وبعدين أمشي

نظرت إليها نور بحيرة وقارنت بينها وبين سهر التي تدفعها للذهاب دائمًا وسألتها

_ وانتي مستفادة ايه من كل ده؟ المفروض ترفضي وجودي زي سهر وتغيري على جوزك مني.

ابتسمت سلمى بمرارة وتحدثت بمثابرة

_ تقصدي يعني عشان مش بخلف؟

شعرت نور بالحرج من نفسها وقالت باعتذار

_ انا أسفة حقيقي أول مرة أعرف حاجة زي دي، انا بس بتكلم بدافع غيرتك مش للسبب ده أبدًا

اومأت لها قائلة بتفاهم

_ عارفة إنك متعرفيش بس حاجة تانية عايزاكي تعرفيها حتى لو ده حصل والظروف حكمت بكدة فأنا واثقة إن مراد عمره ما هيظلمني ولا هيظلمك، مراد اه بيبان شديد وعصبي بس حقيقي مفيش اطيب ولا أحن منه

لاح الحزن بعينيها وهي تتابع

_ انا قبل ما اتخطب لمراد تعبت أوي والدكاترة اكتشفوا إني عندي ورم في الرحم ولازم يستأصلوه، طبعاً موضوع زي ده يحصل مع بنت لسة متجوزتش كان بمعدل الإعدام 

مين هيرضى يتجوز واحدة بظروفي دي

فجأة لقيت مراد جاي بيطلبني وده بقى كان حلم حياتي مكنتش مصدقة نفسي بس محبتش اظلمه معايا وطلبت منه أنه يشوف حياته مع واحدة غيري بس هو رفض واتمسك بيا وعجل بفرحنا عشان يكون جانبي وانا بعمل العملية 

متخلاش عني ولا سابني لحظة واحدة والنوع اللي زي ده عمره ما يظلم أبدًا

حاولت الابتسام لكن الذكريات المؤلمة نثرت الحزن على ملامحها وتمتمت بلهجة يشوبها الألم

_ كنت ديمًا بستكتره على نفسي وأحياناً بحس إني ظالمة إيه اللي يجبره يعيش مع واحدة في ظروفي مفيش أمل أنها تكون أم، طلبت منه كتير انه يتجوز بس هو كان بيرفض، صدقيني مراد انسان اللي زيه بقو قليلين أوي

فكري في كلامي كويس وبلاش تهور

خرجت من الغرفة تتبعها نظرات نور التي تأثرت بها لكنها ستظل على موقفها ولن تبقى في ذلك المنزل بعد ما حدث.

……….


في مكتب ادهم 


جلس توفيق على المقعد أمامه وتحدث بضجر

_ انا خلاص يا ادهم مبقتش قادر اتحمل الوضع ده، البنت بقالها تلات شهور مش عارف عنها حاجة وكل فين وفين لما اسمع صوتها ارجوك اتصرف.

ضغط ادهم على الجرس فدخلت مديرة المكتب 

_ نعم يافندم.

_ كوباية ليمون لوسمحتي يا أمل.

_ تحت امرك

خرجت المديرة وتحدث توفيق بحدة

_ ليمون ايه اللي هتعمله انا عايز اطمن على بنتي.

نهض ادهم ليجلس على المقعد المقابل له وتحدث بهدوء

_ اهدى بس وخلينا نتكلم بهدوء، أولًا انا عرضت عليك في الاول إنها تسلم نفسها وانا وعدتك إنها هتخرج منها براءة لأن ده دفاع عن النفس القاضي بيحكم من اول جلسة 

بس انت رفضت خوف من اسبوعين هتقضيهم في الحبس فلازم نتحمل لحد الراجل ده ما يفوق من الغيبوبة ويعترف بكل حاجة.

_ امتى بس؟ ده بقاله شهرين وكل ما اسأل الدكتور يقولي مقدرش أحدد.

دلفت المديرة ووضعت العصير أمام توفيق ثم خرجت واغلقت الباب خلفها

حمل ادهم الكوب وناوله لتوفيق 

_ اتفضل اشرب وخلينا نتكلم بهدوء.


ابعد الكوب عنه وتحدث برفض

_ مفيش هدوء وبنتي بعيدة عني ومعرفش عنها حاجة، وحتى مانع حد مننا يرحولها.

تنهد ادهم بتعب وغمغم بتسويف

_ لازم ياعمي لإننا مش ضامنين، أهل الولد ده مش ساكتين وبيدوروا وراكم عشان يعرفوا مكانها ويبلغوا عنها واحنا مش عايزين نجازف، نطمن بس انه فاق من الغيبوبة وبعدها نتصرف زي ما احنا عايزين.

وافق توفيق على مضد وظل يتابع حالته مع ذلك الطبيب الذي أصبح يشك في أمره.


……….


وقفت تنظر إليه من خلف شرفتها وهو يداعب حصانه ككل صباح

مازال على نفس قوته لم تغير إعاقته اي شيء

لازال ذلك الماهر الذي يتمتع بفروسية وشجاعة لم تراها من قبل 

كانت تتابع سباقات الخيل باستمرار لكن لم ترى في بسالته أحد 

نعم تغير كثيرًا وأصبح حاد الطباع قليل الكلام لكن لم تغير نظراته الجامحة حنانه وطيبته التي هي جزء أساسي في شخصيته

وما ضايقها اكتر هو عدم ارتداءه العباءة التي كانت تزيده هيبه ووقار 

كانت تتمنى أن تكون بجواره في تلك المحنة لتهون عليه لكن لم يشاء القدر أن ينصف وليدهم والقاه في غيابت الچب قبل أن ينمو ويزدهر 

تتذكر كيف تلقت حقيقة زواجه وكيف أخفض حينها عينيه بحزن ماثل حزنها وقد يكون اشد وأقوى

اصرت في ذلك اليوم على الذهاب ولم يستطع أحد أن يثنيها عن قرارها فظن الجميع حينها بأنها تفعل ذلك من صدمة الحصان التي تعرضت لها

والأدهى من ذلك إصراره على توصيلهم لمحطة القطار

وكيف كانت نظراته لها في المرآة بين الحين والآخر

ونظرة الوداع التي رمقها بها وهو يطالعها من نافذة القطار 

وكيف لاحظ والدها كل ذلك ورفض حينها ذلك الحب واصر على التخلص منه 

لكن كيف ذلك وقد تمكن منها وظل يكبر حتى ملئ قلبها وتمكن منه.

تظاهرت بالنسيان لكن حينما تشاهد مسابقة الخيل تتذكره وتعود تلك اللحظات لمخيلتها تطرقها بلا هوادة

اخرجها من شرودها دخول ياسمين وهي تحمل يزن الذي اسرع إليها فتلتقفه هي بابتسامة مشرقة فقالت ياسمين وهي تشاهد تعلقه بها

_ اول ما صحي من النوم فضل يعيط عليكي.

تطلعت إليه بابتسامة

_ هو كمان وحشني أوي بقاله فترة بينام بعيد عني.

تقدمت ياسمين منها فلاحظت بأن توليب كانت تقف تشاهد جواد لكنها لم تندهش فقد تأكدت من مشاعرها تجاه أخيها في مواقف كثيرة

فقالت بمكر

_ اصل جواد بيحب يطمن عليه قبل ما ينام مكنش هينفع يقلقك كل شوية ويخبط عليكي

لاحظ يزن والده من الشرفة فأشار إليه وناداه بصوته الهادئ

_ بابا.

ضحك الاثنين وقالت ياسمين بخبث

_ ايه رأيك تاخديه وتنزلي عند جواد

تجمدت ملامحها واخفضت عينيها بحزن وهي تتمتم بخفوت

_ مينفعش لازم أكون بعيدة ومحدش يشوفني.

_ بس جواد عمره ما هيعمل حاچة تضرك بالعكس اني واثقة إنه لو عرف هيساعدك ومش هيتأخر عنيكي.

نظرت إليها لتقول برجاء

_ ارجوكي يا ياسو سيبيني براحتي ولو زهقتي مني انا….

قاطعتها ياسمين بتوبيخ

_ عيب عليكي انت خابرة زين غلاوتك انتي وإلين عندي وبعدين انتي مهونة عليا الوحدة اللي انا فيها اديكي شايفة جواد من وجت اللي حصل وهو جافل على نفسه وجليل الحديت، انا اللي مش عارفة لما تمشي هعمل ايه؟


دون إرادة منها وجدت عينيها تنظر إلى جواد وتمتمت بكلمات غير مفهومة

_ هيتعاد من تاني بناره وعذابه


نزلت ياسمين بيزن لوالده والذي كان سعيد بمشاهدة والده على ظهر الخيل حتى أنه ظل يبكي ليصعد على ظهره كوالده 

أخذه جواد بحرص ووضعه أمامه وبدأ يترك له اللجام والطفل سعيد بذلك التحول بعد ان كان حبيسًا داخل القصر 

اما هي فقد ظلت تشاهدهم من خلف النافذة بشرود

ماذا ستفعل بعد الرحيل 

هل سيعاد ذلك العذاب؟

أم سيضاف عليه عذاب السجون.


❈-❈-❈


عاد وهدان من عمله مساءً فينتبه لصوت أطفاله الصاخب داخل المطبخ 

وضع المفاتيح على الطاولة وتقدم منهم بقلق ليجدهم جالسين على الأرض وحياة بجوارهم تزين معهم قطعة الحلوى التي اعدتها لهم

انتبهت الصغيرة لوجود والدها فنهضت لتسرع إليه وهو يسألهم

_ بتعملوا ايه؟

لم تستطيع حياة الرد ونهضت شاعرة بالاحراج من دخوله دون ينبههم لوجوده

جذبت الحجاب من على الطاولة ووضعته على خصلاتها فقالت زينة بسعادة

_ النهاردة عيد ميلادي وخالتي عملت تورتة عشان تحتفل بيه.

نظر وهدان إلى حياة التي اخفضت عينيها بإحراج وسأل ابنته

_ وليه مجولتيش كنت چيبتها واني چاي بدل التعب ده 

نهضت حور لتحتضن حياة وهي تقول بسعادة

_ خالتي حياة هي اللي طلبت نعملها مع بعض بس قمر وجعت الأولى وعملنا غيرها وكانت احسن منيها

قالت زينة بسعادة

_ أنا اللي ساعدت خالتي

ردت حور بامتعاض

_ انتي معملتيش حاچة غير إنك سجطتي البيض واني اللي اشتريت الحاچات من الدكان اللي چنبينا

ردت زينة بغيظ

_ انتي چيبتيهم ناجصين واني اللي كملت الباجي

اوقف وهدان جدالهم قائلاً

_ خلاص عرفت مين اللي عمل كلكم شاركتوا فيها 

تمتمت قمر وهي تلف ذراعيها حول عنقه

_ واني

ضحك الجميع بسعادة ونظر وهدان إلى حياة بامتنان لنثر السعادة في قلوب اطفاله فتتهرب هي من مرمى عينيه قائلة

_ يلا يابنات نچهز العشا عشان تناموا

أخذ وهدان قمر وخرج من المطبخ كي يمنع عنها الحرج 

لكن ابنته أرادت مشاركتهم فتركها لهم وذهب لغرفته كي يأخذ حمام دافئ وخرج بعدها ليجد بناته يضعون اطباق الطعام على الطاولة الصغيرة 

كانوا يتسابقون على حمل الأطباق بسعادة لم يراها على وجوههم من قبل 

جلسوا جميعاً في أماكنهم يتناولون طعامهم ولم يكفوا عن التحدث بشأن الحلوى التي شاركوا فيها وكل واحدة منهم تعيد ما فعلته مرة وأخرى 

وهو يرمقها بين الحين والآخر بإعجاب

أما هي فقد ظلت تتجاهل نظراته من شدة الإحراج حتى انتهوا وأسرعت البنات مرة اخرى في المشاركة بتنضيف المكان كي يستعدوا للاحتفال


ودون أن ينتبهوا وجدوا قمر تحمل قالب الكيك فاغمضت حياة عينيها باستسلام كي لا تشاهد سقوطها مرة أخرى فضحك وهدان ونهض ليأخذ منها القالب وقال بسرور

_ چات سليمة المرة دي

فتحت حياة عينيها براحة وتمتمت 

_ الحمد لله

بأجواء مبهجة مر الاحتفال بعيد ميلاد زينة والتي لم تحتفل به منذ وفاة والدتها فيشعر ذلك المنزل الصغير المعبق برائحة زهرة الأقحوان بالسعادة والسرور بعد حزن دام لأكثر من عامين

انتهوا أخيرًا وساعدت الأطفال للأيواء إلى فراشهم وظلت بجوارهم حتى اغمضوا أعينهم

خرجت لتدلف المطبخ كي تنظفه مرة أخرى واندهش هو من فعلتها فتقدم من المطبخ يقف على اعتابه يشاهدها وهي تنظف الأطباق التي نظفتها صغيرته منذ قليل فسألها بحيرة

_ هي مش زينة أصرت تنضفهم هي؟ ليه بتعمليهم تاني؟

انتبهت حياة لوجوده وقالت بحرج وهي تباشر ما تفعله

_ مردتش ازعلها وأجولها انهم مش مغسولين زين وجلت لما تنام هغسلهم تاني.

ابتسم بصبو ووجد نفسه يراقبها وهي تتنقل كالفراشة في المكان 

وتساءل 

ماذا لو كانت زوجته حقيقة وهو واقفًا ينتظرها حتى تنتهي من عملها ثم يحملها ويعود بها لغرفتهما 

يعود كل يوم من العمل يبحث بقلبه عنها قبل عينيه ثم يأخذها لأحضانه

شعر بأنه لن يستطيع الوفاء بوعده وسيحنث به يومًا

لكن لن يكون سوى برضاها 

انتبهت لمراقبته له فالتفتت إليه لتسأله بارتباك

_ محتاچ حاچة اعملهالك؟

ابتسم بحب وتحدث بامتنان

_ لا بس كنت رايد اشكرك على السعادة اللي مليت البيت بوچودك 

شعرت بالاحراج من حديثه وتمتمت برهبة وهي تنشف يديها

_ اني معملتش حاچة انت خابر إني بحب الاطفال وبعتبرهم حاچة كبيرة جوي ولازم تتعامل معاملة تانية عير إني اتعلجت بيه لأن أمي ماتت واني في سنهم إكدة وخابرة جد ايه بيبجى صعب الفراغ اللي الأم بتسيبه.

لاح الحزن على ملامحها وتابعت بألم

_ يمكن القي اللي يعوض ابني حرمانه مني.

_ إن شاء الله هيچمعك بيه جريب جوي.

اومأت بصمت وقد زاد شعورها بالاحراج عندما تصلبت نظراته على محياها فقررت الانسحاب من أمامه ومن قلبها أيضاً واسرعت إلى غرفتها.


❈-❈-❈


في القصر 

جلس كلا من عدي وخالد ويحيى في حديقة القصر وقد تم تحديد موعد زواج يحيى وسيلين فقال عدي ليحيى

_ ها يا يحيى خلصت كل حاچة.

اومأ له وتحدث بتعب

_ مكنتش اعرف إن الموضوع متعب إكدة بجالي اسبوعين مرتحتش واصل.

ربت خالد على كتفه وقال بمغزى

_ المهم يكون بفايدة الآخر وميكتش نصيبك زي نصيبي.

لم يتقبل عدي حديث أخيه وقال باستنكار

_ نصيبك كان زين جوي بس انت اللي ضيعته منيك بغباءك

رمقه خالد بحدة وقال بانفعال

_ لو انت مكاني مكنتش هتجول إكدة 


_ كلنا كنا مكانك واتزوچنا غصب عنينا بس مخناش ولا فكرنا نعمل إكدة ورضينا بناصيبنا، كان ممكن باسلوبك ومحبتك تخليها تعشجك وتتمسك بيك بس انت اللي وصلتها للحالة دي.

تدخل يحيى 

_ اهدوا يا چماعة اللي حصل حصل وخلاص ويا عالم يمكن البعد ده يجربهم اكتر من بعض.

نظر اليه خالد وقال ساخرًا

_ هو بيجول إكدة لأن يسر طيبة وبتتمنااه الرضا، وأكبر دليل شمس أختك شوف كان بتحب جواد جد ايه ومع ذلك عمره ما حبها 

_ بس مظلمهاش ولا خانها

ضحك خالد باستهزاء وتحدث بسخرية

_ أومال البنت اللي چات الفرح دي وكان هيموت عليها وهي ماشية مع أبوها ده كنت تسميه أيه؟

_ وانت ليه مبصتش انها ضيفة وچاية تحضر فرح أخته وحصانه اللي عمل فيها إكدة أني نفسي كنت هعمل اللي عمله.

اكد يحيى حديثه 

_ دي حجيجة اي واحد منينا كان هيعمل إكدة


عاد خالد بظهره للوراء وهو يقول

_ ولما هو إكدة مجعدها عنده المدة دي كلها ليه؟

عقد عدي حاجبيه مندهشًا وسأله

_ هي مين؟

_ البنت إياها انا بنفسي اللي موصلها للمزرعة عنديه ولساتها عنده وعايش حياته معها، ويمكن هو اللي عمل إكدة في أختك عشان يخلاله الچو معها.


لم يقبل يحيى حديثه هذا وقال برفض لاتهامه

_ لأ طبعاً اني عارف جواد زين مستحيل يعمل إكدة، وبالنسبة للبنت دي عادي هو مش هيجضي حياته من غير چواز.

أكد عدي 

_ اني صحيح على خلاف معاه بسبب اهتمام چدي بيه بس هو ميعملش إكدة واصل.


_ اهتمام چدك ببه بس؟ والمزرعة اللي أخدها وهي تعتبر تلت ثروة چدك كلها لأ وكمان بكرة بعد عمك ما يموت هيورث كمان يعني نص الثروة هتكون بتاعته.


لم يستطيع أحد منهم التحدث فهو محق في ذلك الأمر فعاد الحقد يأخذ مكانه داخل قلوبهم وتابع خالد بتوعد

_ بس والله ما هخليه يتهنى بيهم وبكرة افكركم.


هزت فايقة رأسها بيأس من هؤلاء الشباب الذين لا يفعلوا شيء سوى النظر في حياة جواد 

عادت لداخل غرفتها عندما انفتح الباب ودلف فايز الذي تعجب من استياءها وسألها وهو يخلع عباءته 

_ مالك يا فايقة في ايه؟

تقدمت منه لتأخذ منه العباءة وتضعها في الخزانة وهي تجيب

_ على ولاد أخوك اللي مش راضيين يسيبوا جواد في حاله وكمان ابنك بجى زييهم.

جلس على المقعد وقال بتعب

_ هما باصين للمزرعة اللي ابوي كتابها باسمه ناسيين انه اكتر واحد تعب فيها ولو أبوي عارف أنه ميستهلهاش مكنش عمل إكدة 

جلست فايقة بجواره وقالت باستياء

_ وان جينا للحج ده كان تمن السنة اللي جضاها مع بنت أخوك اللي كانت مخليه حياته چحيم، الله يرحمها بجى ويسامحها اذكروا محاسن موتاكم

_ كله من كريمة هي اللي بتلعب في دماغ عيالها ومجوياهم من ناحيته، ربنا يهديها.


قالت فايقة بتأثر

_ بصراحة الواد ده صعبان عليا جوي عاش حياتها كله في ظلم 

من أمه وابوه اللي كان سايب كريمة تجسى عليه وبعدها مراته واللي حصله، بس اكيد ربنا شايله حاچة زينه تعوضه عن كل ده.

نهضت من جواره 

_ هجوم احضرلك العشا.


خرجت من الغرفة فتجد ابنها متوجهًا إلى غرفته فاوقفته قائلة

_ تعالى يا يحيى عايزة اتحدت معاك شوي.

دنى منها يحيى وقال باحترام

_ اكيد يا ست الكل اتفضلي.


اغلقت باب غرفتها جيدًا ثم تحدثت بامتعاض

_ بلاش ترمي ودنك لولاد عمك ويجسوك على چواد هو ميستاهلش منك إكدة

_ لا يا امي اني مش مطاوعهم ولا حاچة أنتي خابرة زين معزة جواد عندي بس اللي متفجين فيه معروف ومش هنتنازل عنيه بعد اذنك.

تركها ودلف غرفته فتهز فايقة رأيها بيأس منه وذهبت لوجهتها 


❈-❈-❈


خرج مراد من المختبر وهو ينظر للظرف بين يديه

لا يعرف ماذا يفعل

اليوم سترحل كما أخبرته من قبل ولن يستطيع منعها 

وكيف يمنعها وقد وافقها منذ أن طلب منها عمل التحاليل.

ظل واقفًا أمام السيارة يفكر 

هل سيتركها تذهب ويتحمل نتيجة خطأه 

أم يطلب منها البقاء بعد أن يقدم اعتذاره لها 

تنهد بتعب واستقل سيارته وانطلق بها إلى المنزل والتفكير لا يتركه


أما هي فقد اعدت حقيبتها تنتظر مجيئه واعلان النتيجة أمام الجميع 

وحينها سترحل دون عودة

لا تنكر بأن الأمر أصبح شاقًا عليها بعد أن تعلقت بوالدته وبسلمى التي تحاول التخفيف عنها ومؤيد الذي يعاملها بكل احترام وتقدير 

لكن عليها الذهاب لأجله هو أيضًا كي لا تكون سبباً في هدم حياته فقد كانت تلاحظ غيرتها المفرطة كلما رأته يحدثها او يسأل عن حالها فالحل الأنسب هو رحيلها 


طرق الباب فعلمت حينها بهويته فحملت حقيبتها ودنت من الباب تفتحه فتجده واقفًا أمامها ويمسك بين يديه الظرف وغمغم وهو يبعد عينيه عنها

_ اني چاي عشان أجولك إني مفتحتش الظرف ولا محتاچ افتحه لإني خابر النتيجة زين 

اتسعت عينيها بصدمة عندما رأته يمزق المغلف وغمغم بثبوت

_ ملوش عازة عندينا فبالتالي مفيش خروچ من اهنه، البيت ده بجى بيتك خلاص وانتي بجيتي واحدة منينا مينفعش تهملينا وتمشي 

هم بالانصراف لكنها اوقفته بحدة

_ استنى عندك.

توقف مكانه وسألها بهدوء

_ خير؟

قطبت جبينها بعدم تقبل لتغيره وتمتمت بحدة

_ وانت فاكر باللي عملته ده هتخليني اغير رأيي؟

_ انا عملت أيه؟ انتي جولتي لما اعرف النتيجة هسمحلك انك تمشي وانا معرفتش ومش رايد اعرف يبجى مفيش وعد هيتنفذ


رفعت حاجبيها وهي تسأله بتهكم

_ بالبساطة دي؟


رفع بصره لأول مرة وكأنه أصبح باستطاعته النظر إليها ثم يتمتم بنفي

_ مفيش بساطة ولا حاچة أني چاي اعتذر عن اللي جولته كان وجت صدمة وخلاص


ظلت نور على نفس وجومها وسألته بفتور

_ وايه اللي غير رأيك؟

أشاح بعينيه وكأن مدته انتهت لهذا الحد وقال بثبوت

_ أنا رأيي زي ما هو فـ اللي عملتيه لأنه غلط كبير إنما اني بتحدت في إني اتهمتك في نسب ابنك مش أكتر وده اللي انا بعتذر عنه.


_ ولو قلتلك لأ؟

عاد بنظره إليها وتمتم باستنكار

_ مبجاش ينفع لإن في روح بتچمعنا، عوض عن أخونا اللي اتحرمنا منيه واني جولتلك هتعيشي معانا معززة مكرمة ومحدش هيدسلك على طرف بعد النهاردة.


كانت سلمى تستمع إليهم وتلاحظ نظرات زوجها لنور والتي تراه يفعلها لأول مرة مع امرأة حتى زوجة أخيه مما جعل الشك يصبح يقين

فظلت واقفة تنظر إليهم تنتظر ردها حتى فاجأتها 

_…


❈-❈-❈


وقفت توليب تزرع الغرفة ذهابًا وإياباً وقد بدأت تشعر بالملل

فكرت في الخروج والسير قليلاً في الحديقة لكنها لم تملك الجرئة لفعلها خشيةً من عودته


فتحت النافذة لتنظر منها على السياج والذي يمرن فيه حصانه 

انتفض قلبها عندما وجدته يدلف بسيارته ويقف بها أسفل شرفتها ويترجل منها 

ارتدت قليلًا كي لا يراها واثناء ذلك لمحت سيارة شرطة تتقدم من المزرعة فيسقط قلبها خوفًا……

رواية الـتـل

رانيا الخولي

الفصل الثالث عشر 

…………………


وفور عودتها للخلف وقعت عينيها على سيارة شرطة تتقدم من المزرعة فينقبض قلبها خوفًا وهي ترى نهايتها تقترب منها 

فتضع يدها على فمها تكتم شهقتها 

لقد انتهت حقًا وأمام من؟ أمام جواد الذي حرصت على ألا يراها في ذلك الموقف.

عليها الهرب قبل أن يعثروا عليها 

أحكمت الحجاب على رأسها وخرجت من الغرفة فتصتدم بياسمين التي كادت أن تتعثر وتسقط فسألتها بقلق

_ ايه يا توليب في ايه؟

ردت توليب بذعر قبل أن تتركها وتذهب

_ الشرطة جاية تاخدني انا لازم أهرب

لم تفهم ياسمين شيء ولم تستطيع الذهاب خلفها لوجود زين معها حاولت ان توقفها لكنها نزلت الدرج بسرعة وخرجت من الباب الخلفي 


في الأسفل اندهش جواد من دخول الشرطة لمزرعته فتقدم من الضابط بعد ان ترجل من سيارته وقال بهدوء

_ خير يا فندم في حاچة؟

تحدث الضابط بمهنية

_ احنا اسفين على الازعاج بس في مجرم هرب مننا وشاكين انه يكون دخل المزرعة

فإذا سمحت هندخل نفتش


لم يعترض جواد وسمح لهم بذلك مما جعل قلب ياسمين ينقبض خوفًا على صديقتها

حاولت الاتصال على جواد كي تخبره وينقذها لكنه لم يجيب.


مر الوقت والخوف لا يرحمها حتى أنها حاولت الوصول لآدم لكنها لم تستطيع 

ظلت على حالة القلق حتى انصرفت الشرطة فأسرعت إلى جواد غير عابئه بوجود الرجال حوله فنادته بخوف

_ جواد.

انتبه جواد لصوتها فتركهم وتقدم منها يسألها 

_ واجفة إكدة ليه؟

تلعثمت ياسمين وتمتمت بوجل

_ هي الشرطة كانت چاية ليه؟

اجاب بهدوء 

_ بيجولوا مجرم هرب منهم وشاكين انه دخل المزرعة بس شكله هرب منهم.

انقبض قلبها خوفاً عليها ولاحظ جواد ذلك فسألها بحيرة

_ مالك وشك جلب إكدة.

ازدردت لعابها بخوف ولم تستطع اخفاء الأمر اكثر من ذلك عليهم العثور عليها قبل ان تقع في يد ذلك الهارب فتمتمت بوجل

_ بصراحة زهرة خافت من الشرطة وهربت. 

قطب جبينه بحيره وسألها 

_ هربت كيف يعني؟ وايه اللي خلاها تهرب.

ازداد انقباض قلبها وقالت بخوف وهي تحثه على البحث عنها

_ مش وقته يا جواد قوم دور عليها لول جبل ما حاچة تحصلها

ازداد انعقاد حاجبيه ونهض مسترسلا حديثه

_ مين البنت دي؟ وايه حكايتها بالظبط؟

_ لما ترجع هحكيلك على كل حاچة بس لجيها لول.

رمقها جواد بغضب ثم ذهب إلى الإسطبل ليأخذ حصانه وينطلق به داخل المزرعة يبحث عنها.


ظلت توليب مختبئة داخل المزرعة وقلبها يهدر بعنف

الظلام حالك من حولها والرؤية ليست واضحة حتى أنها لا تعرف كيف وصلت لذلك المكان

كانت ترتعد خوفاً منهم لذا كان عليها الهرب بأي شكل والاختباء في ذلك المكان المنعزل

اصابها الفزع عندما سمعت صوت الرعد يدوي في السماء حتى صدرت منها صرخة خوف وخاصة عندما بدأت الغيوم تقطر مطرها 

قررت العودة إلى المنزل فمن المؤكد أنهم رحلوا الآن

لكن اشتدت الأمطار واصبحت الرؤية غير واضحة وأصبح السير شاقاً عليها

البرودة تشتد عليها والوحل يعيق خطواتها التي لا تعرف وجهتها 

انتبهت لصوت صهيل تعرفه جيدًا فانشرح قلبها لسماعه وهمت بمنادته لكن يد قاسية وضعت على فمها تمنعها من ذلك وصوت حاد يغمغم بجوار اذنها 

_ إن سمعت صوتك هخلص عليكي


""""""""""""""""""""


انتفضت حياة في نومتها وصدرت منها صرخة خافته عندما سمعت صوت الرعد الذي صدح مدويًا في المكان ونهض وهدان على اثرها وهو يسألها بقلق

_ انتي زينة؟

هزت راسها بوجل حاولت إخفائه وهي تجيب

_ لـ..لا اقصد زينة

صدرت منها صرخة أخرى عندما عادت الكرة

لكن تلك المرة بخوف أشد حتى أنها عادت تلف جسدها بذراعيها دلالة على عدم شعورها بالأمان

تعاطف معها ونهض ليتقدم منها وتمتم بلهجة هادئة

_ متخافيش ده صوت رعد عادي.

اهتزت نظراتها وهي تشدد من احتضان نفسها وانزوت في الفراش 

آلمه رؤيتها بتلك الحالة وخاصة أنه لم يستطع فعل شيئًا لها 

اشتد صوت صخات المياة حتى أنها تضرب زجاج النوافذ بقوة فتقدم منها عندما لاحظ ارتجافها وقال بحنو

_ خليني انام چارك من غير ما تفهميني غلط، الإنسان لما يلاجي حد چانبه الخوف بيروح ويحس بالأمان

رفعت عينيها إليه لتتقابل أعينهم لحظات قبل ان تصدر منها صرخة أخرى عندما حل الظلام بالمكان اثر انقطاع الكهرباء

لا تعرف كيف وجدت نفسها تتشبث بذراعه وهي تتمتم برجاء

_ متسبنيش.

رد وهدان بلهجته الحانية 

_ متخافيش انا چارك ومش هسيبك واصل

اضاء شاشة هاتفه كي يبحث عن شموع  فتذكرت هي أمر الفتيات وقالت بقلق

_ البنات وحديهم.

اخرج الشموع وقال بهدوء 

_ متخافيش هما متعودين على إكدة لأنها بتجطع كتير وهما لوحديهم.

قام باشعال الشمعة ووضعها بجوارها ثم أخذ أخرى وهو يردف

_ هروح للبنات احطلهم الشمعة وآچي.

عاد صوت الرعد وشحب وجهها من الخوف فنهضت مسرعة 

_ استنى هروح معاك

سارت معه ودلفوا غرفة الفتيات فتضيئ هي الكثير من الشموع للاطمئنان عليهم ثم عادوا لغرفتهم

كانت تود أن يظل بجوارها لكنها لم تقوى على قولها 

لكن يبدوا أنه علم برغبتها في ذلك فقال بهوادة كي لا يثير حرجها

_ خليني أنام چارك الليلة دي لأن الكنبة باردة جوي.

شعرت بالاحراج لكنها لن تستطيع منعه وخاصة في تلك الليلة الباردة.

اومأت له بصمت وسمحت له بالبقاء بجوارها وأولته ظهرها لتنام لأول مرة براحة واطمئنان.


❈-❈-❈


ظل جواد يبحث عنها في المنطقة فلم يجد لها آثر حتى يأس وقرر العودة 

محال أن تتواجد في ذلك المكان حتى هو نفسه لا يأتي إليه ليلًا من شدة ظلمته

الأمطار تشتد وتعوق الحصان في سيره 

استدار ليعود لكنه توقف حينما سمع صرخة مكتومة.

ارهف سمعه لكن لم يعاد مرة أخرى 

ترجل من فوق حصانه وتقدم بحذر من الكوخ المتهالك بالجانب الشرقي من المكان فلاحظ حركة خفيفة داخله.

اخرج سلاحه ودنى من المكان بحذر ينظر من أحد جوانبه فيتفاجئ بها بين يدي رجل ملثم كاتمًا أنفاسها ويضع فوهة المسدس على رأسها كي لا تصدر صوتًا

إذًا فهو ذلك الهارب الذي تبحث عنه الشرطة

تسلل من خلف الكوخ وقد ساعده الظلام في التخفي حتى وصل للجانب الآخر خلف ذلك الرجل والذي وجده يهمس بجوار أذنها

_ لو سمحت صوتك هخلص عليه وعليكي.

سمع همهمه مرتعبة منها وكأنها توافقه قوله فظل يسير بهوادة حتى وقف خلفه ووضع السلاح على رأسه وهو يقول بأمر 

_ نزل يدك وابعد عنيها.


تراخت يد الرجل عنها عندما تفاجئ بجواد خلفه لكن ما لبث اذا ازدادت حدة قبضته عليها فتخرج منها همهمة تدل على مدى تألمها فعاد يهدر به

_ جولتلك ابعد يدك عنيها بدل ما افرغ المسدس في دماغك.

لم يوافق الرجل على الاستسلام وغمغم بصوت غليظ

_ نزل انت يدك بدل ما افرغه فيها.

_ انت اللي تحت رحمتي ولو ما سبتهاش هطخك ومخدش فيك يوم واحد

حاول الرجل الاستدار بها لكن جواد شد أجزاء السلاح استعداداً لضربه وقال بتهديد 

_ حركة تاني ومش هتردد ثانية

زم الرجل فمه بغضب وأرخى قبضته عنها

فتحررت مبتعده عنه وهي تقول بهلع 

_ حاسب معاه سلاح.

وكأنها نبهت الرجل بحديثها إذ استدار حينها وفاجئ جواد بضربه اسقطته أرضًا

صرخت توليب بهلع وهي ترى الرجل ينقض على جواد بالمسدس وقد انعاد المشهد أمامها مرة أخرى

لكن قوة جواد البنيانيه جعلته يقاوم وأخذ يسدد الضربات في وجه الرجل بقوة وبسالة وتوليب تشاهد الموقف بهلع.

تتخيله لوهلة والدها ثم وهلة أخرى جواد فانزوت في أحد الأركان والخوف يفعم قلبها

شهقت بفزع عندما استطاع الرجل التحكم في سلاحه وأشهاره في وجه جواد فصرخت بهلع

_ حاسب يا جواد.

لكن صوت الطلقة كانت أسرع وهي تصيب ذراع جواد واستطاع الرجل حينها الفرار

لم تستطيع توليب تحمل إعادة الموقف أمامها فاشتد بها الظلام واستسلمت لأحاطته لها.

نهض جواد وهو يشعر بألم حاد في ذراعه الأيمن فوضع يده عليه يمنع نزيفه.

وقع نظره عليها وهي ملقاه على الأرض فاقده للوعي فزم فمه باستياء على ما وقع به 

فخلع عنه قميصه وقام بتمزيقه ولف به ذراعه باحكام ثم دنى منها يرفع رأسها عن الأرض ويربت على وجهها يحثها على الاستيقاظ لكن لا فائدة


خرج من الكوخ ليبحث عن حصانه لكن لم يجده، يبدو انه فزع من صوت الرصاص وعاد إلى الإسطبل، فصوت الرعد يشتد مع هطول الأمطار ولن يستطيع الإنتظار حتى مجيئ أحد إليهم 

فدنى منها بعد تردد دام للحظات وحملها بين يديه رغم تألمه وسار بها عائدًا إلى المنزل 

الظلام سيد الموقف إلا من ضوء البرق الذي يصدح في السماء لوهلة ثم ينطفئ 

والوحل أصبح يعيق خطواته وخاصة قدمه الصناعية فيزداد صعوبة الأمر معه

وذراعه التي يتحامل عليها وهي تضغط برأسها عليه

الألم أصبح غير محتمل والطريق بات طويلاً أمامه ولا آثر لأحد قادمًا لأنقاذهم

ظل يسير رغم المشقة التي يعانيها وقدمه الصناعية اصبحت تضغط على موضع البتر فيشتد معها الألم والوحل يعركل خطواته

وهي مستسلمة تمامًا لظلامها

سقط مرات عديدة فيشتد به الألم عندما يتحامل على جسده كي لا يسقط جسدها على الأرض وقد أصبح شكه يقينًا عندما ضمها لصدره ويشعر قلبه بدقات قلبها الرتيبة ليخبرها بأنها هي

إن اخطأت عينه فلن يخطئ قلبه

شعر برعشة تنتابها وهمهمات غير مفهومة وازدادت وتيرة دقاته عندما وجدها تتشبث بملابسه كأنها تستمد منه الأمان 

وكيف يبثها الأمان وهو يبحث عنه معها 

نظر إلى وجهها الذي حلم كثيرًا برؤيته وظل يرسم لها آلاف الصور 

كيف لم يعرفها عندما رآها في غرفة أخته

وكيف كذب حدسه عندما رآها بجوار خيله

وكيف بات لياليه وهو يحلم بها وهي بجواره لا يفصله عنها سوى جدار واحد

سقط على ركبتيه مرة أخرى فأصيب أحداهما اثر ذلك الصخر الذي وقع عليه وتحامل على نفسه كي لا تسقط منه ويقربها لصدره أكثر كي يحميها من رسخات المطر فيتعرق هو بشدة رغم برودة الجو

نهض بتثاقل والألم مبرح لا يرأف به لكن عليه التحمل كي يعيدها للأمان

يعيدها لذلك المكان الذي حلم به معها وهي تمرح وتطير أمامه كالفراشة 

يتخيلها كما تخيلها دائمًا 

بعينيها التي تضيئ ظلامه بشموسها الذهبيه

وأهدابها التي نحرت قلبه بحدتها واناملها التي عزفت على قلبه بسنفونية عشقٍ أبدي 

عادت إليه من ظن يومًا أنه فقدها للأبد، لن يتركها تبتعد مرة أخرى مهما حدث حتى لو وقف أمام العالم أجمع

لن يتنازل عن حقه في تلك الدنيا 

وهي حقه بل أكثر من ذلك لذا لن يتخلى أبدًا.


شدد من احتضانه لها وكأنه يخشى من عدم تكرارها

لا شيء به يرحمه؛ قلبه الذي يهدر بعنف 

وذراعه الذي أصبح ينزف بغزارة 

وقدمه التي تعركل سيره مع ذلك الألم

أصبح تنفسه ضعيفًا والرؤية أصبحت مشوشة أمامه

لم يعد يستطيع التحمل لكن عليه الوصول بها لبر الأمان 

ازدادت الأمطار 

وتعثره بدأ في الازدياد حتى تهدى له اصوات آتية من البعيد

فعلم حينها بأن راجله تبحث عنهم

ظل يعافر ويعافر لكن انتهت قوته عند ذلك الحد ووجد جسده يتراخى حتى سقط على ركبتيه

 وسحبه هو أيضًا الظلام لدائرته المغلقة..


❈-❈-❈


عقد مراد حاجبيه مندهشًا وسألها

_ شرط ايه؟

أجابت بجمود 

_ اعيش لوحدي.

ضيق عينيه متسائلًا 

_ تجصدي ايه مش فاهم.


_ أقصد اللي فهمته وده شرطي.

زم فمه باستياء وغمغم بضيق 

_ بس احنا اهنه في الصعيد ومينفعش تجعدي لحالك.

ردت نور بنفس الإصرار

_ خلاص يبقى تلتزم بوعدك و تسيبني ارجع القاهرة.

فكر قليلًا في حل ثم قال بتسويف

_ خلاص اصبري لحد ما تجومي بالسلامة وبعدين نكمل كلامنا في الموضوع ده 

حاولت الاعتراض لكنه منعها بلهجة لا تقبل نقاش 

_ جلت لما تجومي بالسلامة وانتهى الحديت 


تركها ودلف غرفته فيجد سلمى جالسة على الأريكة في وجوم

اندهش من حالتها وتقدم منها يسألها 

_ مالك جاعدة لحالك إكدة ليه؟

اعتدلت في جلستها وقالت بوجوم

_ مفيش بس خالتو نامت وسهر عند مامتها وانا لوحدي كالعادة.

رفعت عينيها إليه وسألته

_ جبت التحليل؟

اومأ بصمت فعادت تسأله رغم سماعها لما دار بينهم 

_ ايه هي؟

_ النتيجة ايجابية.

أخفت آلامها كعادتها ابتسمت بمرارة علقمت حلقها ثم دنت منه لتلف ذراعيها حول عنقه وهي تتمت بثبوت

_ مبروك

أومأ لها وكأن صوته أختفى وخاصة عندما وجدها تطبع قبله خفيفة على عنقه وكأنها بتلك الطريقة تهدئ عقلها الذي يخبرها بأنه لم يعد ملكها ولم تجد سوى تلك الطريقة التي تثبت بها ذلك، هي وحدها من تستطيع فعلها

لكن ما ادهشها وجعل الخوف يأخذ طريقه إلى قلبها انه لم يستطيع التجاوب معها، لم يعد كما كان من قبل يرضخ لها من نظرة واحدة وينعم وتنعم معه بتلك اللحظات

ابتعدت عنه قليلًا كي تنظر لعينه التي وجدت بداخلهما جمود لم تراه من قبل 

منذ أن جاءت نور وهم لا يعيشوا تلك اللحظات إلا نادراً حتى لم تعد بها تلك اللهفة ولا قوة المشاعر التي تؤكد مدى شغفه بها

مما جعلها تشعر بالخوف وأنها أصبحت على حافة الهاوية 

تحولت نظراتها إلى عتاب وتمتمت بلوم

_ للدرجة دي انت خلاص بعدت عني؟

رمش بعينيه دلالة على مدى استياءه من نفسه لجرحها بتلك الحدة وغمغم بصدق

_ لأ يا سلمى بس دماغي فيها ألف حاچة وعشان إكدة مش جادر اتچواب معاكي، بس اوعدك إني أفوج لنفسي هاخد أجازة من المستشفى ونجضي يومين لوحدينا في المكان اللي يعچبك.


الآن فقط علمت بصدق حديث والدها 

لم يعشقها يومًا وكل ما في الأمر انه تزوجها رأفةً بها 

سحبت ذراعيها من حول عنقه وارتدت خطوة للوراء وهي تقول بابتسامة باهته تخفي بها كسرتها

_ اللي تشوفه يا حبيبي.

آلمه رؤيتها بذلك الانكسار والتي تحاول اخفاءه عنه مما جعله يسخط من نفسه وهم بالتحدث لكن قاطعه صوت هاتفه

أخرجه من جيبه وتطلع به ليجده اتصال من المشفى، شعر بالقلق عليه ينتابه ورد بهدوء 

_ السلام عليكم 

_ أيوة يادكتور مراد جواد بيه في المستشفى جاتله رصاصة في دراعه….

لم ينتظر سماع المزيد واغلق الهاتف وهو يسرع بالخروج

_ انا رايح المستشفى.

وكعادته دائما المشفى أهم من كل شيء ويبدو أنه حان موعد الإنسحاب.


❈-❈-❈


انقلبت المشفى عقب دخول جواد وتوليب وقد وصلت حالته حد الخطورة بسبب الدماء الغزيرة التي نزفها 

فأسرعت ياسمين إلى مراد الذي وصله الخبر وأسرع إليهم في المشفى كي ينقذ صديقه

فقالت ببكاء يهشم القلوب

_ الحق جواد بسرعة، اخويا بيموت

تحدث مراد بهدوء كي يطمئنها

_ متجلجيش ان شاء الله هيكون بخير 

تركها ودلف غرفة العمليات بقلب ملتاع عليه

لكنه اطمئن عندما وجد الرصاصة في ذراعه ولم تصيب اي مكان حيوي

قالت الممرضة

_ المصاب نزف دم كتير أوي والمشكلة إن الفصيلة دي مش موجودة عندنا 

اومأ لها مراد وتحدث بثبوت

_ عارف 


بدأ بتولي دوره ونزع الرصاصة منه ثم بعدها طلب من الممرضة بسحب الدم منه لتوافق الفصيلة 

تمامًا كما حدث من قبل منذ عامين

لم يتركه لحظة واحدة وظل بجواره 

رن هاتفه وكانت سلمى التي أرادت الاطمئنان عليه وعلى جواد فطمئنها باقتضاب ثم أغلق الهاتف وظل بجواره

 أجبر ياسمين على العودة للمنزل بعد طمئنها عليه لكنها ابت العودة وأصرت لتبقى مع تلك الفتاة التي جاءت معه


بدأ يسترد وعيه

يهمهم بكلمات مبهمة فدنى منه مراد ليطمئن عليه وسأله

_ جواد انت سامعني؟

امسك يده وتابع

_ لو سامعني حرك ايدك.

حرك جواد يده بوهن فاطمئن مراد عليه وقام بتبديل المحاليل له وبدأ جواد يسترد وعيه كاملاً 

فتح عينيه بوهن وهو يجوب بها المكان حتى استقرت على مراد الذي وقف ينظر إليه بابتسامة تلاها صوته

_ حمد لله على السلامة ياكبير 

ازدرد جواد جفاف حلقه وتمتم بوهن

_ هي فين؟

ادعى مراد الجهل كي يتلاعب به وسأله بدهشة مصطنعة

_ هي مين؟ تجصد ياسمين؟

هز رأسه بتعب وتمتم بألم وهو يفتح جفنيه بصعوبة

_ البنت اللي… كانت معاي.

رد مراد بمزاح

_ انت رچعت للشجاوة تاني ولا ايه؟

لم يتقبل جواد مزاحه وحاول الاستناد على ذراعه كي ينهض فمنعه مراد

_ لأ بلاش حركة دلوجت

على العموم يا سيدي متجلجش هي زينة بس هتفضل يومين إكدة تحت الملاحظة لحد ما تنزل حرارتها 

لم يطمئن جواد وأراد أن يراها بعينيه ويتأكد من وجودها

فلن يتركها تبتعد عنه بعد الآن 

_ لازم اشوفها بنفسي.

تعجب مراد حقًا من اهتمامه بها وخاصة عندما وجده يصر على النهوض والذهاب إليها 

_ طيب استنى اخلي الممرضة تچيبلك كرسي…

قال جواد بإباء

_ لاه مش عايز أنا هجدر أمشي.

نهض من فراشه بمساعدة مراد وشعر بألم شديد يجتاح كامل جسده 

لكنه تحامل على نفسه وذهب إليها حتى وقف أمام غرفتها 

هم مراد بطرق الباب لكن جواد منعه خشية من إزعاجها وقام بفتح الباب حتى يمكنه رؤيتها من بعيد ويتأكد من وجودها

وقد كان له ما أراد إذ وجدها مستلقية على السرير وغارقة في سبات عميق، ووجهها الملائكي يحكي قصة حزن أرهقت قلبه 

أغلق الباب وعاد لغرفته تحت ضغط من مراد وفور ان استلقى على السرير حتى غفى لأول مرة براحة لم يشعر بها من قبل.


❈-❈-❈


في غرفة سلمى 

لم يرحمها التفكير والشك بداخلها يزداد ويزداد وهي لا تعرف ما يخبئه مراد بداخله

لقد انتهت عدة نور وتنتظر بفارغ الصبر نتيجة ذلك.

ماذا ستفعل لو حدث ما تفكر به؟

كيف تتحمل مشاركة أخرى في حبيبها؟

وإذا علم والدها بذلك ستكون فرصة ذهبية كي يجبرها على الإبتعاد 

لكن هل ستقبل نور بذلك؟

ولما لا وهي مرغمة على ذلك كي تستطيع اثبات طفلها

نظرت في ساعتها فوجدتها الواحدة ليلاً والجميع نيام

خرجت من الغرفة متجهة إلى غرفة نور فرغم كل شيء هي تحب تلك الفتاة صدقًا


طرقت الباب بخفوت كي لا تقلقها إن كانت نائمة لكنها فوجئت بها تفتح الباب 

ابتسمت سلمى بحرج وتمتمت 

_ مراد هيبات في المستشفى قلت نتسلى شوية مع بعض.


رحبت نور وسمحت لها بالولوج وجلست معها على الفراش 

نظرت إلى جوفها الذي ظهر عليه الامتلاء فهي اصبحت في شهرها السادس الآن 

كم تمنت أن تحمل هي أيضًا بطفل من مراد 

وتعيش ذلك الشعور، لكن إرادة الله فوق كل شيء 

_ عاملة ايه دلوقت؟

حاولت نور الابتسام وهي تتمتم بثبات 

_ الحمد لله بحاول اكون كويسة 

ترددت كثيراً قبل أن تسألها

_ هو انتي ليه عايزة تسيبينا وتفضلي لوحدك؟

لم تحتج نور لذكاء كي تقرأ ما بين السطور لكنها أرادت أن تطمئنها كي لا تبغضها كما فعلت سهر وقالت بمثابرة

_ عشان مش عايزة اخسر حد فيكم.

لم تفهم سلمى معنى حديثها وسألتها بحيرة

_ تقصدي أيه؟

_ انتي فهماة كويس، وجودي وسطيكم هيخلي كل واحدة منكم تغير على جوزها لأني زي ما بسمع في الصعيد ونقرأ في الروايات الصعيدية إن الأرملة بتتجوز أخو جوزها وخصوصاً لو كانوا عايشين مع بعض في بيت واحد 

وعشان كدة أنا مش عايزة أخسركم أو أكون سبب في غيره أو مشكلة مع اجوازكم ياريت تكوني فهمتيني لإني مش هوضح اكتر من كدة.

أومأت رأسها ثم قالت بألم

_ هكون صريحة معاكي واقول إني فعلاً قلقت شوية وخصوصاً إني اكتر واحدة ممكن تقلق من الحكاية دي بسبب ظروفي.

ابتسمت بوجع عندما لاحظت حيرة نور وتابعت بحزن

_ أنا مش بخلف ومش هخلف لإني شايلة الرحم

قبل ما مراد يتقدملي كان بابا عايز يجوزني لآسر ابن خالتي لأنه صاحب باباه وبما إن آسر هو الوريث الوحيد فكان موافق جدًا، بس أنا وآسر متربيين مع بعض وهو نفسه كان رافض

وفي الوقت ده كنت عايشة لحبي لمراد كنت 

بعشقة بجنون بس هو كان متزمد أوي تقدري تقولي كدة ما دققش فيا إلا لما كتبنا الكتاب

المهم وقتها اكتشفت إني مصابة بورم في الرحم وكان لازم عملية 

حسام اخويا عايش في امريكا أخد التحاليل وكلم دكاترة كبيرة هناك وكان ردهم عليه إن سنة بالكتير والرحم لازم يتشال

بابا اصر على جوازي من آسر وانا اصريت على الرفض لحد ما اتفاجئت إن مراد اللي عمره ما حس بيا جاي بيتقدم وعايز يتجوزني

الفرحة مكنتش سيعاني واتمنيت انه كان اتقدم بدري عن كدة اتكلمت معاه وحكتله الحقيقة وهو حس بيا وقالي قدمنا فرصة إننا نخلف

واتجوزنا بعد شهر واستنينا الحمل بس مفيش فايدة لحد ما تعبت أوي والدكتور قال لمراد إن العملية لازم تتعمل في اقرب وقت.

أخذت نفس عميق كي تهدئ به تلك الرجفة التي اصابتها من الذكرى وتابعت

_ وقتها طلبت من مراد أنه هو اللي يعملها 

كان صعب عليا حد غيره يعملها

تعبت أوي وشوفت الموت بعنيا بس مراد متخلاش عني ومسبنيش لحظة واحدة وفضل معايا لحد ما خلصت العلاج الكيميائي واتحسنت 

لكن الحرمان ده كان صعب عليا أوي لدرجة إني فضلت الموت عن اللي انا فيه 

صحيح مراد عمره ما حسسني بعجزي بس هو من حقه يكون أب وإن مكنش دلوقت هيكون بعدين، يعني متقلقيش مني لأني منتظرة حاجة زي دي في اقرب وقت.


لم تجد نور الكلمات التي تصف بها مدى تأثرها بحديث سلمى التي لم تعاملها سوى بكل خير فامسكت يدها وقالت بصدق

_ مين قال إن عمرك ما هتكوني ام؟! 

انتي في الحقيقة أم لابن مؤيد اللي لاحظت اهتمامك بيه اكتر من سهر نفسها، واهتمامك بحملي اكتر مني، انتي مش بس هتكوني مرات عمه وخالتو إنتي هتكوني أم ليه لإني مش هقدر بعد ما اخرج من البيت امنعه عنكم هبعته وانا مطمنه إنه في رعايتك انتي.


ضغطت سلمى على يدها بامتنان وقالت بصدق

_ هيكون في عينيه بس وانتي معانا

همت نور بالرفض لكن سلمى منعتها

_ خلينا نأجل اي كلام دلوقت لحد ما تقومي بالسلامة، يلا بقى عشان نعست وعايزة أنام معاكي الليلة دي.

أومأت نور واغلقت النور واستلقت بجوارها.


❈-❈-❈


همهمات خافتة خرجت من ذلك المستلقي على الفراش في غرفة العناية المركزة فتسرع الممرضة بحقنة بمادة جعلته يعود مرة أخرى لسباته.


رواية الـتـل 

رانيا الخولي 

الفصل الرابع عشر 

……………….


انقلبت القصر رأسًا على عقب فور معرفة حسان ما حدث لجواد وأمر رجاله بالبحث عن ذلك الرجل وتسليمه له هو 

ذهب إلى المشفى وقلبه القاسي الذي لا تعرف الرحمة إلى قلبه سبيلا ينقبض ألمًا على حفيده 


ذلك الحفيد الذي ملك فؤاده ويصبح بذلك الضعف أمامه

صادفه مراد وهو يخرج من غرفة جواد فاسرع إليه عامر يسأله بلهفة فطمئنه مراد

_ اطمن ياعمي هو بخير وفاق من شوية 

لم يقتنع عامر ودلف الغرفة مع حسان وفايز فيجد جواد نائمًا في سكون تام 

دنى منه ليناجيه

_ جواد جوم يا ولدي طمني

رغم القلق الذي يشعر به حسان إلا أنه تظاهر بالقوة وسأل مراد بجمود

_ بس مش رصاصة في الدراع اللي تعمل فيه إكدة.

رد مراد بثبوت

_ جولتلك هو زين بس ده من اثر النزيف اللي اتعرض له مش اكتر.

ظل حسان يتظاهر بالجمود وتابع اسئلته

_ وهيخرج ميتى؟

_ إن شاء الله بكرة آخر النهار نكون اطمنا أكتر.

خرج مراد كي يتركهم معه قليلاً 

ثم أمر حسان أولاده بالخروج من الغرفة

هم عامر بالرفض لكن فايز اقنعه بالخروج

_ اطمن ابنك زين، مر باللي اكتر من إكدة ووقف من تاني تعالى نشرب حاچة في الكافتيريا وسيب ابوك معاه.

لم يستطيع حسان الثبات اكثر من ذلك وظهر الألم واضحًا عليه فانسحب عامر وفايز لعلمهم بحالته.

تقدم حسان من حفيده وسمح لنفسه بإسقاط قناع الجمود وظهر ذلك الوجه الذي خص به جواد 

فهي فرصة لا تعوض يعترف له بما يعتمل بداخله من ألم على حاله.

ظل عمره يشد من عضُده كي يكون بتلك القوة التي أصبح عليها، لكن مقابل ذلك خسر حفيده الكثير

وحتى الآن يضغط عليه حتى يستجيب له ويعود إلى القصر 

ليس ليشد من ازره بل ليشتد هو بعضده

هو سنده الوحيد وهو من يستطيع اظهار ضعفه أمامه

ولذلك لن يتركه وسيعمل بكل الطرق على عودته والضغط عليه حتى يرضخ له


مد يده ليمسك يد جواد وأحكم قبضته عليه وتحدث بقوة 

_ انت جواد الخليلي وحفيد حسان الخليلي واللي هايخد مكانه بعد موته، مينفعش إن كبير الخلايله يرقد الرقدة دي

ضغط أكثر بقبضته وتابع

_ لازمن تجوم وتجوى عشان أجوى أني بيك، كلهم مستنيين وجوعي عشان يكلوني بس انت لاه، انت رغم اللي عملته فيك بس عمرك ما هتنهش فيا زييهم، أبوك عايش لحد النهاردة على ذكرى أمك، وعمك عايش اليوم بيومه ومفيش غيرك يمسك العيلة دي من بعدي، جوم يا حفيد الخليلي وأجف على رچلك من تاني ودوس على كل اللي يمسك بكلمة وأوعدك إن اللي بتفكر فيه وتتمناه هتنوله بس ترچع للجصر من تاني.


أخرجه من حديثه صوت الهاتف وكبير رجاله يقول

_ الأمانة موچودة وهي دلوجت في العربية تحب نوديها فين؟

_……….


❈-❈-❈


بعد مرور يومين

فتحت توليب عينيها بتثاقل وهي تشعر بألم شديد يجتاح جسدها 

_ ماما

فتحت ياسمين عينيها عندما سمعت صوتها وقالت بحبور

_ حمد لله على السلامة ياحبيبتي.

نظرت إليها بوهن وتمتمت

_ انا فين؟

طمئنتها ياسمين 

_ متجلجيش انتي كويسة بس الحرارة عندك كانت عالية شوية والحمد لله نزلت.

تذكرت ما حدث فانقبض قلبها عليه وقالت بوهن

_ جواد..

حاولت ياسمين اخفاء غصة تملكت من حلقها وردت بثبوت 

_ الحمد لله بخير الرصاصة چات في دراعه وهو في الاوضة اللي چانبنا.

_ عايزة أمشي من هنا وجودي هنا خطر.

_ هسأل مراد ولو ينفع هنخرچ كلنا إن شاء الله.


خرجت من غرفة توليب وتوجهت لغرفة جواد والذي مازال كما هو لم يستيقظ سوى لحظات يردد بها اسمها ويعود مرة أخرى.

هل كان جواد يحب توليب وهي لا تدري بذلك؟

لكن متى وهو لم يراها سوى في زفافها 

متى تملك من قلبه حتى يردد اسمها بعد مرور كل تلك السنين.

وهي، هل تبادله نفس المشاعر؟

لم تخفى عليها نظراتها له من نافذتها ولا تبدل ملامحها عندما تسمع اسمه

ولا لـ أسمه الذي لم تكف عن التفوه به في هزيانها 

كيف بدأت تلك القصة وكيف مر عليها عامان ولم تلاحظ ذلك.

لم يسأل عنها يومًا، ولم تسأل هي عنه أيضًا

الهذا السبب ترفض أن يعلم هويتها؟

ولهذا السبب أخذ يراقبها في الإسطبل وهي تداعب حصانه؟

عليها ان تعرف كل شيء 

دلفت غرفته فوجدت والدها مستلقيًا على الأريكة بجواره

تقدمت منه تتحسس جبينه وانتبهت لذلك الفراغ الذي تركته القدم الصناعية

لو عاد لوعيه ولاحظ ذلك فلن يمر الأمر مرور الكرام 

لن يقبل أن يراه أحد هكذا

لكن مراد أصر على ذلك تحت مسؤوليته عندما لاحظ تورمها غير الجرح الذي أصاب الركبة 

انتبه عامر لوجودها 

_ ياسمين، صاحية ليه لحد دلوجت؟

التفتت إليه وتمتمت بتأثر

_ أصل صاحبتي فاجت وكنت چاية اشوف دكتور مراد عشان يطمني عليها.

ربت على كتفها وقال بهدوء 

_ طيب روحي وخليكي چانبها بلاش جواد يصحي ويشوفك أهنه.

تحدثت بعتاب وهي تنظر لأخيها

_ وانتو بلاش تضايجوه إكدة هيزعل جوي لو فاج ولجى الكل شايفه بالشكل ده.

ربت على كتفها وتحدث بتفاهم

_ خابر بس محدش بيدخل عنديه غير اني ومراد.

_ ليه محدش من ولاد عمي چاه يشوفه؟

_ چوم كلهم بس مراد رفض إن حد يدخل عنديه متجلجيش.

اومأت له وتقدمت من الباب لتخرج لكن عامر أوقفها

_ مين توليب دي؟

رمشت بعينيها وهي تحاول الثبات 

_ توليب؟ معرفش،بتسأل ليه؟

هز حاجبيه بحيرة

_ بلاجية بيردد اسمها كتير وهو نايم وجلت أكيد تعرفي.

هزت راسها بنفي وتمتمت برهبة 

_ لأ معرفش.

خرجت من الغرفة وطلبت من الممرضة أن تبعث لمراد كي يعاين حالتها 

جاء مراد بعد قليل وبعد الانتهاء من معاينتها تحدث قائلاً 

_ الحمد لله الحرارة نزلت وممكن تخرجي بكرة بإذن الله.

اومأت توليب بوهن وسألته ياسمين 

_ وجواد؟

_ اطمني هو كويس بس نومه المستمر ده من الادوية اللي بياخدها، وبكرة الصبح هيفوق ويبقى كويس.

أنا راچع البيت دلوجت والصبح إن شاء الله هكون موچود 

خرج من الغرفة وتقدمت ياسمين من توليب لتجذب عليها الغطاء وقالت بتعاطف

_ نامي دلوجت والصبح هتكوني أحسن 

أغمضت توليب عينيها بتثاقل وتمتمت بألم 

_ خليكي معايا.

أومأت لها ياسمين وظلت بجوارها حتى الصباح.


❈-❈-❈


عاد مراد إلى المنزل بارهاق شديد فلم يذق طعم النوم منذ يومين 

دلف غرفته ووجد سلمى مستلقية على الفراش تتناثر خصلاتها على الوسادة باهمال 


اشتاقها حقًا فهو لا ينكر أنها تحتل جزءً كبيرًا في قلبه بطيبتها المعهودة وحنانها الزائد 

ابتسم بود ودلف للمرحاض ليأخذ حمامًا دافئًا كي يريح عضلاته المتشنجة.

ثم خرج بعد قليل فوجدها كما هي لم تحرك ساكنًا 

اندثر بجوارها ليضع ذراعه أسفل خصرها ليجذبها إليه فتشعر به وتبتسم بنعاس

_ رجعت امتى؟

طبع قلبه عميقة على جبينها وتمتم باحتواء 

_ لسة راجع

طبع قلبه أخرى على خدها وتابع بشغف

_ وحشتيني

استسلمت سلمى لقبلاته ويديه التي تضغط عليها كي تقربها منه أكثر 

رغم سعادتها بعودته إليها إلا إنه لم يعد كما كان، لم تجد به الشغف واللهفة التي كانت تعيشها معه


كان مستلقيًا على صدره وينام بعمق لم يأخذها لحضنه كما كان يفعل من قبل 

لأول مرة لم تستطيع التجاوب معه وفور انتهاءه منها تركها 

هل تعد هذه بداية؟

أم تحسبها نهاية؟

ظلت طوال الليل تنظر إليه بصمت تتساءل عمّ يخبئه لها القدر 


❈-❈-❈


 في الصباح


اعتدلت توليب في فراشها وقد شعرت بتحسن حالتها 

وضعت ياسمين طعام الإفطار أمامها لكنها لم تستطيع تناوله فقالت ياسمين بامتعاض

_ توليب إكدة مينفعش انتي بجالك يومين مكلتيش حاچة واصل والدكتور نبه علينا إنك لازمن تاكلي.

أصرت توليب على الرفض

_ صدقيني مليش نفس دلوقت سيبيني براحتي.

ابعدت الطاولة عن الفراش ثم جلست بجوارها وسألتها 

_ توليب ممكن اسألك سؤال وتجوبي بصراحة؟

_ أكيد طبعًا مش بخبي عليكي حاجة 


_ ايه اللي بينك وبين جواد؟

أجفلت توليب بسؤالها واهتزت نظراتها من سماع اسمه ثم رفعت بصرها إليها تسألها بتهرب

_ ليه بتقولي كدة؟

_ لأنك طول اليومين اللي فاته بترددي اسمه، والغريبة كمان انه هو برضه بيردد اسمك.

اتسعت عينيها بصدمة كبيرة وعقلها لا يستوعب ما قالته فتمتمت باستنكار

_ لأ أكيد متهيألك.

_ لأ يا توليب دي الحجيجة اللي رافضة تجوليها، من ميتى واحنا بنخبي على بعض؟

رمشت بعينيها لتلك الذكرى وتمتمت بألم

_ أكيد بيقول كدة ….

قاطعتها ياسمين 

_ مفيش داعي تخبي عليا لإن كل حاچة واضحة، ياريت متخبيش عليا وجولي الحجيجة.

لم تستطيع توليب الهرب منها واضطرت للاعتراف بكل شيء وياسمين تستمع بصمت مطبق حتى انتهت 

_ وبعدها أصريت إني أمشي ولولا اللي حصل مكنش هيشوفني تاني.

تنهدت ياسمين بحزن على حال أخيها وتمتمت بألم 

_ انتي متعرفيش بعد ما مشيتي حصله أيه، حاله اتبدل ووقتها فكرت أنه زعلان إني اتجوزت غصب عنه، عشته مع شمس كانت زي الجحيم، مشاكل مش بتنتهي وإصرارها إنها تعيش في القاهرة لحد ما چدي ضغط عليه وخلاه يوافجها، افتكر وجتها إنها هتتغير لما يطاوعها، وياريته ما كان وافج

خرجت معاه بس معودتش وهو عاود بس واحد تاني، محدش من أخوتها رحمه وحملوه ذنبها وأمها أصرت أنه ميبجاش في الجصر

ولما جدي رفض انسحب هو وعاش لوحده في المزرعة، كان رافض أي حد منينا يجف معاه ومكنش بيسمح لحد غير مراد رغم أنه ناله نصيب من غضبه لأنه هو اللي أجرى العملية، بس مراد كان أقوى مننا وفضل چانبه رغم رفضه لوجوده معاه..تطلعت إلي توليب وتابعت بلوم

_ لو سبب هروبك ده المشكلة اللي حصلتله يبجى ياريت تنسحبي جبل ما يتأكد منك ويعيش تجربة الخذلان من تاني.


هزت توليب رأسها بنفي وتمتمت بخفوت 

_ بس أنا مأخفتش حقيقتي عشان الحكاية دي ولا أصلاً بفكر فيها لأن حاجة زي دي كلنا معرضين ليها، كل الحكاية إني مكنتش عايزة اظهر في حياته بعد السنين دي وانا متهمة بجريمة قتل حقيقية وممكن في اي وقت اتحبس ويكون مجبر انه يعيش تجربة البعد  مرة تانية، لازم أبعد

قاطعتها ياسمين بحزم

_ بس مبجاش ينفع البعد دلوجت لأن جواد شكله اتأكد انك انتي توليب وأكبر دليل أنه شالك ومشي بيكي المسافة دي كلها وهو متصاب برصاصة بدراعه وبينزف وهو في ظروفه دي غير كمان أنه

مبطلش يردد اسمك وهو في حالته.

أمسكت يدها برجاء وتابعت

_ لو فعلا لسة بتحبيه خليكي چانبه واحكيله على كل حاچة وإن كان على مشكلتك اني واثقة أنه هيجدر يحلها بس بلاش تبعدي.


تجمعت العبرات في عينيها وردت بحزن

_ مش هينفع انا ممكن اتسجن في أي وقت ومحدش هيقدر يخرجني من الورطة دي غير أنه يفوق ويعترف بكل حاجة.

ردت ياسمين بثقة

_ وانا واثقة في أخويا وخابرة زين أنه يجدر يخرجك منيها، أرجوكي سيبيني انا احكيله وهو هيتصرف.

التزمت توليب الصمت ولم تعرف ماذا تقول، عليها ان تخبر والدها قبل اي شيء.


عاد جواد لوعيه وشعر بالاستياء عندما لاحظ فراغ قدمه لكنه اطمئن عندما لم يجد أحد في الغرفة 

تلفت حوله فوجد القدم بجوار الفراش فقام بجذبها وارتداها رغم الجروح التي آلمته

وبعدها دلف عامر 

ابتسم بحفاوة عندما وجده جالسًا في فراشه وقال بحبور حمد لله على السلامة ياولدي.

اجاب جواد بفتور

_ الله يسلمك، انا اهنه بجالي جد ايه؟

_ تالت يوم النهاردة والحمد لله مراد طمنا عليك وجال وقت ما تفوج تجدر تخرج.

اومأ بصمت وقد انشغل قلبه عليها، ماذا حدث لها وهل مازالت في المشفى أم خرجت قبله

_ فين ياسمين؟

_ ياسمين عند صاحبتها في الاوضة اللي چانبنا عايزها في حاچة.

ازداد قلقه عليها وشعر بأن الأمر أكثر من حرارة فقط فقال بثبوت

_ خليها تاچي دلوجت

اومأ عامر وخرج من الغرفة ليعود بعد لحظات ومعه ياسمين التي ابتسمت بسعادة 

_ حمد لله على السلامة يا جواد.

أجاب بجموده المعتاد

_ الله يسلمك، هتهرچوا ميتى؟

_ النهاردة إن شاء الله هي بجيت زينة ومراد جالنا نجدر نخرج النهاردة.

أومأ لها ثم تحدث بأمر

_ طيب أجهزوا عشان هنرچع دلوجت.

تحدث عامر برفض

_ لأ مش دلوجت استنى لما ياچي مراد ويطمنا.

رغم الألم والوهن الذي يشعر به إلا إنه قال بإصرار

_ جلت هروح دلوجت مش رايد حديت كتير

هم بالنهوض لكنه شعر بالدوار ومد عامر يده ليسنده لكن جواد رفض وقال بجمود

_ أني زين 

تحامل على نفسه ونهض ليدلف المرحاض وهو يقول لياسمين 

_ خمس دجايج وتكونوا چاهزين


لم يستطيع مراد الوقوف أمامه ومنعه من الذهاب وسمح له بالانصراف 

وعاد إلى المزرعة بعد إصراره على العودة لها 

وفور دخولهم نظر لتوليب التي سارت بجوار ياسمين التي تساندها وقال بأمر

_ يبجى تعالي اوضتي ضروري.

اومأت ياسمين وساعدت توليب على الذهاب لغرفتها وهي تقول بقلق

_ هتعملي ايه أكيد جواد عايزني عشان يكلمني في موضوعك

استلقت توليب على الفراش وهي تقول بارهاق

_ نظرات جواد ليا واحنا جايين بتأكد أنه عرفني ومينفعش نخبي عليه 

اومأت ياسمين وجذبت عليها الغطاء 

_ طيب حاولي ترتاحي شوية وأني هروح اشوفه عايزني ليه.

    __________________


طرقت ياسمين الباب وسمح لها جواد بالدخول فتجده مستلقيا على الفراش ويبدو عليه التعب

تقدمت منه تسأله 

_ عايزني في حاچة.

اشار لها بالجلوس وقال بثبوت 

_ اقعدي لول وبعدين احكيلي ايه الحكاية بالظبط.

جلست على حافة الفراش بجواره وقالت بصوت مهزوز

_ حكاية ايه مش فاهمة 


_ ايه اللي حصل وخايفة منيه خلاها تهرب اول ما الحكومة دخلت المزرعة 

اهتزت نظراتها وشعرت بعينيه تخترقها فلم تجد بد من الاعتراف بكل شيء 

_ دي تبقى توليب صاحبتي

ازدادت وتيرة دقاته عند سماع اسمها وانتبه لحديثها بكل جوارحه وما عانته بسبب ذلك الرجل، لكن لم تخبره عن قصة زواجها فسألها بوجل

_ وچوزها فين في كل ده؟

عقدت حاجبيها بحيرة 

_ بس هو مش متچوزة.

ازدادت وتيرة قلبه اكثر وشعر بأنه قد تلاعب به تلك الفترة وعاد يسألها

_ يعني مش متچوزتش وسافرت مع چوزها؟

هزت راسها بنفي وردت باقتضاب

_ لأ 

نعم خدعة أخرى من خداع جده التي لا تعد 

_ طيب ليه خبت عليا وغيرت اسمها.

هزت كتفيها وهي تقول بمغزى

_ دي حاچة تسألها انت بنفسك اني مليش صالح فيها، بس اللي هجوله إن توليب اتعذبت بسببك كتير جوي بلاش ترجعلها العذاب من تاني.


انسحبت بهدوء وتركته هو في شروده وتوعده لكل من كان سببًا في عذابهم.


مر يومان وبدأ جواد يسترد صحته ولم يحاول رؤيتها او التحدث معها مما جعل توليب توقن بأنه تركها ولم يعد يبالي

ولا تدري شيئاً عما يفعله لها وتواصله مع محامي عائلتهم والذي أخبره بأن عودة ذلك الرجل ستعزز من مجريات القضية 


في المساء جاء مراد كي يطمئن على جرحه وبعد الانتهاء سأله جواد

_ لو حد اتعرض لحادث والخبطة چات في الراس وراح في غيبوبة ممكن تستمر معاه جد ايه؟

انتهى مراد من تضميد الجرح وقام بوضع الاشياء في الحقيبة وسأله بهدوء 

_ معاك تقرير الحالة؟

أجاب باقتضاب

_ لأ.

_ يبجى مجدرش افيدك، بمعنى إني لازمن اشوف الأشعة لولو وبعدين الغيبوبة دي محدش بيجدر يحدد امتى هيفوج، فيه اللي بتستمر ليومين ومعاك لسنة وممكن عشرة.


زم جواد فمه باستياء مما ادهش مراد وسأله

_ مين اللي يهمك جوي إكدة يمكن افيدك.


رد باقتطاب

_ مفيش.

ربت مراد على كتفه المصاب وقال بمغزى

_ طيب يبجى خف من دور البطلات اللي بتعملها دي لحسن إن وجعت تحت يدي مرة تانية مش هرحمك، هشرح فيك براحتي.


نهض وهو يحمل حقيبته

_ اني ماشي دلوجت وهعدي عليك بكرة عشان اغير للجرح مع أني شايف تحسن ملحوظ.

ابتسم جواد رغمًا عنه سرعان ما محاها وشعر مراد بأن صديقه به شيء مختلف فتركه وعاد لمنزله.


جلس مراد لتناول العشاء مع العائلة والتي لم يجتمع معهم على طاولة العشاء منذ فترة طويلة 

لا يعرف لما أراد أن تشاكهم نور الطعام وخاصة الليلة 

فنظر إلى سلمى وقال 

_ اطلعي اوضتها واطلبي منها أنها تاچي تتعشى معانا، متخليهاش تاكل لوحدها بعد إكدة

ازدردت سلمى لعابها ونظرت لسهر التي ترمقها بنظرات حانقه كأنها تخبرها بأن شكها لم يكن من فراغ لكنها تظاهرت بالجهل وتمتمت بثبات 

_ حاضر 

صعدت إلى غرفتها وطرقت الباب ففتحت لها نور 

_ تعالي يا سلمى

حاولت سلمى الابتسام لكنها ظهرت باهته 

_ خالتو بتقولك انزلي اتعشي معانا.

هزت راسها برفض وتمتمت برهبة 

_ لأ معلش انا أصلا مليش نفس.

علمت بأنها لا تود النزول كي لا تضايق مراد فقالت بمغزى

_ ولو قلتلك إن دكتور مراد هو كمان طلب ده.

_ هتفرق؟

_ مش هتفرق بس في نفس الوقت كلنا عايزينك تتعشي معانا، لو كان على اللي حصل فخلاص عدى وانتهى واحنا ولاد النهاردة وعايزينك تبقى معانا

حاولت نور الرفض لكنها وافقت تحت إصرار سلمى التي لا تعرف سبب تعاملها الجيد معها.

ارتدت عباءة فضفاضة من الذي انتقتهم آمال لها وارتدت حجاب مماثل ونزلت للأسفل لتجد أنهم مازالوا منتظرين

نظرت لمراد الذي يترأس الطاولة ولم تدري لما طلب ذلك

وعند رؤيتها أشار لها بالجلوس بجوار سلمى 

_ اتفضلي اجعدي.

جلست على المقعد وهي لا تعرف لما وافقتهم على ذلك

بدا الجميع بتناول طعامهم وهي تتلاعب به لا تملك الشهية لتناوله فلاحظ مؤيد ذلك وسألها

_ مش بتاكلي ليه؟ لو مش عاجبك أخلي حنان تعملك غيره.

لم تستطيع سهر اخفاء غيرتها فنهضت وهي تقول بحدة

_ انا شبعت 

لاحظ الجميع فعلتها واستاء من طريقتها مما جعل نور تشعر بالاحراج وتمتمت بخفوت وهي تنهض من مقعدها

_ انا أسفة لو كنت عملتلكم مشاكل أنا هتعشي في اوضتي.

منعها صوت مراد الحاد وهو يقول بأمر 

_ خليكي مطرحك واللي مش عاجبه هو اللي يخليه في اوضته

نظر إلى مؤيد وسأله بحدة 

_ ولا أيه يا مؤيد؟

أيد رأيه قائلاً 

_ أكيد 

نظر مؤيد لنور وقال بهدوء 

_ كملي أكلك انتي مجامك من مجام سهر وسلمى دلوجت واللي مش عاجبه هو حر.


هزت راسها بنفي 

_ انا مش عايزة اكون سبب في أي مشاكل تحصل في البيت وعشان كدة طلبت إني استقل لوحدي بس دكتور مراد رفض.

سبقه مؤيد بالحديث قائلاً باستنكار

_ انا جلتلك مكانتك من مكانتهم ومكانك اهنه وسطينا وابن أخوي يتربى مع ولادنا غير إكدة مفيش حديت تاني هيتجال.

امسكت سلمى يدها تحسها على البقاء فجلست على مضد طلبت منها آمال البقاء


……

في غرفة مؤيد 

ظلت تزرع الغرفة ذهاباً وإياباً والعيرة تتآكلها

على من ترسم تلك المرأة 

على مراد والذي من السهل جداً الإيقاع به لظروف زوجته لكنه شديد التعصب 

أم مؤيد الذي يهتم بها اكثر من اهتمامه بزوجته 

لا لن تصمت وتقبل بتلك المهزلة

عليها أن توقفها عند حدها كي لا تفكر في مؤيد 

انتفضت بوجل عندما اتفتح الباب ودلف مؤيد صافقاً الباب خلفه بحدة ونظراته لا تبشر بخير وخاصة عندما سألها بهدر

_ ايه اللي عملتيه ده؟

ارتبكت سهر وقالت بتلعثم

_ ا…أنا… 

هدر بها 

_ انتي ايه؟ سيبتي سلمى ودلوجت مسكتي في نور؟

هزت رأسها تنفي اتهامه

_ أنا عمر ما كان بيني وبين سلمى حاچة، هي اللي حساسة وبتاخد كل كلمة بحساسية إنما دي أني حجي اغير عليك منيها

اقترب منها بسرعة الفهد وجذبها من ذراعها يعنفها

_ انتي ايه مفش فايدة فيكي، غيرتك دي مش عايزة تخلصي منيها

جذبت سهر ذراعها من يده وقالت بتأكيد

_ أيوة بغير عليك زي اي واحدة ما بتغير على چوزها وأي واحدة مكاني هتعمل أكدة

 

_ وليه سلمى مجالتش زيك رغم أن وضعها مختلف عنك؟

_ ومين جالك إن سلمى مش متعذبه بوچودها؟ بس هي لازمن تسكت وتداري عشان شايفة إن مكانتها مهزوزة إنما اني لاه.


رفع مؤيد اصبعه في وجهها وتحدث بلهجة حازمة وحادة

_ هما كلمتين مفيش غيرهم لأن الحديت معاكي زي جلته، يا إما تروحي وتعتذري ليها دلوجت، يا إما تاخدي بعضك وتروحي على بيت أبوكي ووجتها مش هترچعيه تاني

انتي اهنه زيك زيها ولها زي ما ليكي وزي ما واجب عليها تحترمك انتي كمان تحترميها 

جدامك حل من التنين.

اتسعت عينها بصدمة وهو يضعها أمام حلين أصعب من بعضها فقالت…….

تكملة الرواية من هناااااا

لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل 

متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا

الرواية كامله من هناااااااااا

مجمع الروايات الكامله1 اضغط هناااااااا

مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا


تعليقات

التنقل السريع