رواية جبل النار الفصل السادس وعشرون 26بقلم رانيا الخولي
رواية جديدة جبل النار لرانيا الخولي - الفصل26
دلفت شاهي خلف حسين وهي تنظر إلى سليم الذي ألجمته الصدمة بخبث ولما لا وقد علمت بأمر زواجه من تلك الخادمة وستكون فرصة ذهبية للخلاص منه للأبد
_ايه يا سليم مش هتقولنا اتفضلوا.
قال حسين بعتاب
_بتصل عليك مش بترد قلت اجي بنفسي اشوف السبب.
اهتزت نظراته وحمحم قائلاً
_سوري اتفضلوا.
دخل حسين وشاهي التي جلست على المقعد بأريحية تضع قدم فوق الأخرى وتتطلع إلى الشقة بإعجاب وقالت بمكر
_جميلة اوي شقتك يا سليم ومرتبة أوي، أكيد الخدامة اللي عندك ذوقها على أوي، اقصد نضيفة أوي.
لم يحتاج لفطنة كي يعرف إلى ما ترمي، فقال بمغزى
_أعلىٰ مما تتخيلي.
خرجت وعد وهي تشدد من وضع المئزر حولها
_مين يا سليم……
الجمتها الصدمة عندما وجدتهم جالسين في البهو وشاهي تنظر إليها باستهزاء، أما حسين فقد اتسعت عينيه بصدمة وهو يرى أمامها وعد خارجة من غرفة ابنه، تلك الخدامة التي خرجت من الملجأة تسكن بشقة ابنه الوحيد ووريثه
فتمتم بعدم استيعاب
_الخدامة دي بتعمل ايه هنا؟
تطلع إليه سليم قائلاً بحنق
_مسمهاش خدامة.
أشار لها بالتقدم تجاهه
_تعالي يا وعد رحبي بضيوفك أقصد حماكي.
استمتعت شاهي بتلك المواجهة وأخذت تهز قدميها وهي تشاهد ما يحدث في سكون تام.
نهض حسين وقد تجمع غضب الدنيا أمامه وقال ساخطاً
_انت اتجوزت دي وحطيت راسنا في الطين؟
رد سليم بسخط مماثل
_قولتلك ماسمهاش دي اسمها وعد حرم سليم النعماني أي مسمى تاني مش مقبول.
انصدم حسين من رد ابنه الذي لأول مرة يقف أمامه ويتحدث معه بتلك الطريقة
_انت بتكلمني انا بالطريقة دي؟
رد سليم بتحدى وقد انتهى ثباته الذي اجبر نفسه عليه طوال عمره وتقدم منه ليجيب بتأكيد
_لما تغلط في مراتي واللي شايله اسمي واسم العيلة لازم اغلط، لما متحترمش وجودها في بيتها وتقول عليها خدامة يبقى طبيعي أرد عليك الرد ده.
أمسكه حسين من تلابيبه وصاح به بغضب
_انت لازم تطلقها مستحيل ولادها يشيلوا اسمي طول ما انا عايش حتى بعد ما أموت مش هيحصل.
جذب سليم يدي حسين يبعدها عنه وقال بنفور
_صدقني أنا نفسي مش عايز ولادي يحملوا اسمك ولا حتى أنا، عارف ليه؟
توحشت نظرات حسين وهو يستمع له فيتابع سليم
_لأنه هيبقى نقطة سودة في حياتهم زي ماهو نقطة سودة في حياتي، بلاش تحسس نفسك أنك حاجة كبيرة أوي لأنك ببساطة اصغر من كدة بكتير أوي عارف ليه؟
.أشار على شاهي وتابع….. لأنك خليت واحدة زي دي تلعب بيك وتدمر حياتك وحياة ولادك
همت شاهي بالدفاع عن نفسها لكنه منعها بصوته الهادر
_اخرسي ولا كلمة.
تطلع إلى والده وتابع بسخط
_مش بس حياة ولادك لأ دي دمرت مراتك لما عملت خطة دنيئة زيها ودخلت الراجل ده البيت
تطلع حسين إلى شاهي التي هزت رأسها بفتور
_محصلش.
أكد سليم بانفعال
_لأ حصل والشغالة اللي أكدت لجنابك أنه بيجلها في فترة غيابك هي اللي اعترفتلي بكل حاجة قبل ماتموت وإن دي…اشار على شاهي….هي اللي اجبرتها تقول كدة وهددتها بعيالها.
كان حسين يستمع إليه بذهول وتابع سليم
_دمرتنا كلنا مش بس أمي،عملت مني انسان بارد معندوش أي مشاعر وأكتر واحدة اتعذبت مني هي أسيل.
فاكر أسيل؟!
أسيل اللي خليت حياتها جحيم لدرجة انها دورت على الحب اللي مفتقداه معانا مع حد تاني ورغم كل ده خلتني اقتلها بإيدي.
تقدم منه خطوة ليقول بازدراء
_مرحمتش احساسي وقتها ومرحمتش انها إختي وإني هعيش حياتي كلها اتعذب على قتلي لها.
بس لأ مهمكش حاجة زي دي ولا يهمك العذاب اللي عشته بعدها
تطلع إليه بسخط وقال
_ انت انسان تستحق بجدارة انك تكون المغفل الوحيد في الليلة دي كلها اللي مجرد ست قدرت تلعب به وتدمر حياته بالشكل ده.
كانت وعد تستمع إليه وهي تبكي بحرقة على حال حبيبها
أما شاهي فقد اخذت حقيبتها وانسحبت بهدوء لا تريد شيء بعد الآن فقد حصلت على مبتغاها لذا ليست خاسرة بعد تلك المواجهة.
تابع سليم
_ودلوقت اتفضل لأن وجودك غير مرغوب فيه.
❈-❈-❈
في منزل خليل
وقفت أسيل حائرة وقد طلب منها خليل أن تظل معه حتى عودته
كيف يطلب منها ذلك وهو يعلم حقيقة ما حدث منه
ازدردت أسيل لعابها بوجل وتمتمت برهبة
_بس حضرتك مش هقدر أتأخر عن البيت فترة طويلة و…..
قاطعها خليل برجاء
_عارف إنه صعب بس مش هقدر آمن حد غيرك يبقى في البيت لحد ما أرجع واوعدك اني هرجع في اسرع وقت
كان داغر يستمع لعمه وهو يضغط على الملعقة بغضب فتمتم بغضب
_عمي…
تطلع خليل لأسيل
_طيب اتفضلي انتِ دلوقت.
أومأت له وذهبت تاركة ذلك الذي يزم فمه بحنق سأله خليل
_في ايه؟
رد داغر بانفعال
_انت اللي في ايه يا عمي، انت هتترجاها عشان تقعد مع ابنك الصغير لحد ما ترجع؟
_لأ مش بترجاها عشان تقعد معاك، بترجاها عشان تفضل في البيت ملهاش اي علاقة بجنابك.
مسح داغر بيده على وجهه وقال باحتدام
_برضه متترجاش حد.
لم يريد خليل الجدال معه لذا تحدث بهدوء وهو ينهض
_تمام انا ماشي دلوقت وبلاش اسلوبك المستفز معها البنت دي ممرضة مش خدامة حضرتك.
تنهد داغر بتعب وقال بروية
_حاضر، حاجة تاني؟
أخذ هاتفه ومفاتيحه
_خلي بالك من نفسك.
تركه وخرج من المنزل مما جعل داغر تتيح له الفرصة كي ينتقم برتابة استعداداً للانتقام الأكبر.
خرج خليل من المنزل فيجدها منتظرة في الحديقة ويبدو عليها الارتباك
وفور رؤيته أسرعت إليه قائلة
_حضرتك ازاي عايزني افضل معاه لوحدي، مستحيل أوافق.
تعاطف خليل معها وقال بهدوء
_انتِ خايفة من ايه؟ تفتكري واحد في ظروفه دي هيقدر يعمل حاجة؟
ارتعشت أوصالها للذكرى وتمتمت برهبة
_مش هيقدر بس أنا كمان مش هقدر افضل معاه في مكان واحد ده انسان….
قاطعها خليل بحزم
_لازم تقدري عشان نكمل الخطة اللي اتفقنا عليها، وبعدين انتِ لازم تقدري وضعي انا ده مهما كان ابني ومش هقبل أبدًا بأي حاجة تأذيه أو حتى تأذي مشاعره.
فركت يديها ببعضها تحاول السيطرة على رجفتهم
_اللي انت بتطلبه مني ده صعب أوي أوي.
_واللي برضه بترفضيه ده صعب اقبله، ده حفيدي اللي بتلعبوا بمستقبله ده، طالما مش عايزاه يعرف يبقى لازم تنفذي اللي اتفقنا عليه.
رمشت بعينيها وقد انتابها الخوف من القادم
_بس..بس… انا خايفة.
طمئنها خليل بثقة
_قولتلك انا معاكِ متخافيش وبعدين دي الطريقة الوحيدة اللي نقدر نثبت بها إياد وكمان تكون معاكِ قسيمة جواز لو حبيتي تكملي حياتك مع حد تاني.
لاحت ابتسامة مغمزة بالمرارة وهي تمتم
_حد تاني؟ انا خلاص مبقتش انفع لحد تاني ولا تالت.
تأثر خليل بحالتها
_والله يا بنتي انا مش عارف اقولك ايه بس اللي واثق منه إن داغر مش كدة أبداً واللي واثق فيه اكتر انه حقيقي بيحبك
تنهد وتابع
_على العموم انا هسافر اخلص الاجراءات والأوراق اللازمة وارجع على طول.
أومأت له مرغمة واستقل خليل سيارته وانطلق بها.
أما هي فقد وقفت تراقب ابتعاد السيارة وهي تخرج من البوابة الكبيرة ثم أغلقت خلفه وأمامها هي أيضاً
الآن أصبحت وحيدة معه ماذا ستفعل لو انعاد من جديد.
استدرات لتعود للداخل وهي تفكر هل ما تفعله خطأ أم صواب
وإن كان ذلك هل هو بهذه السذاجة حتى يتركها تهرب بفعلتها بعد أن يبصر ويعرف الحقيقة؟
ماذا إن عرف ان له طفل منها وقد فعلت تلك اللعبة لتسجله وتهرب به
ماذا أن حلقها حتى علم بمكانها
ماذا ستفعل حينها.
تعبت من التفكير وقررت أن تثق في عمه كما طلب منها ودلفت للداخل فوجدته جالساً في البهو وعينيه مصلبة على الفراغ أمامه.
لا تعرف لما حزن قلبها على حاله
سمحت لنفسها أن تتطلع إليه وإلى ملامحه الواجمة بل المخادعة والتي ظهرت الآن على حقيقتها
حقيقة واحدة فقط وهي أنها عشقت من قام بذ.بحها حد الجنون.
قد تكون مشاعر متضاربة ما بين سخط عليه وبين حزناً على مصابه
وكلاهما مشاعر تؤكد شيئاً واحد لا غيره
أنها في النهاية هي مازالت تعشقه
_هتفضلي واقفة بصالي كدة كتير.
بوغتت أسيل بسؤاله واندهشت كيف باستطاعته معرفة مكانها والأدهى كيف علما انها تنظر إليه.
تقدمت منه تسأله بثبات يتنافى تمامًا عمّ بداخلها من خوف
_عايز حاجة اعملها؟
قال بفتور وهو يضع قدم فوق الأخرى
_السجاير فوق هاتيها.
اومأت له رغم استياءها وصعدت لغرفته لتأتي بها لكنها توقفت مكانها عندما عاد إليها الدوار وشعرت بأن المكان يلتف بها
تحاملت على نفسها وأخذت تبحث عنها حتى وجدتها على المنضدة
ازداد الألم أكثر حتى
كادت تسقط أرضًا عندما هاجمها بقوة فأسرعت بالجلوس على الفراش وأخذت تتنفس بصعوبة من شدته
شعرت ببوادر نوبتها لكنها قاومت
عليها ان تظل يقظة هي وحيدة وستكون صيدة سهلة بالنسبة له
أخذت تنظم انفاسها الثقيلة وتحاملت على نفسها ونهضت مترنحة لكن سقطت العلبة من يدها
همت بالميل عليها لتلتقطها لكنها كلما فعلت ذلك كلما اشتد عليها
فقد أصبح في الآونة الأخيرة يتكرر معها هذا الأمر
تحاملت على نفسها أكثر وخرجت بها من الغرفة
ترجلت الدرج بأقدام متعثرة
والرؤية مشوشة لكنها تجاهد كي تبقيها واضحة
توجهت إليه لتناوله إياها وهي تتمتم بتيهة
_اتفضل.
أخذها داغر وقام بإشعال واحدة منها ينفث دخانها ببزخ وسألها
_كنتو عايشين فين قبل ما تسكنوا هنا من سنتين؟
بغتت بسؤاله وقد اشتد الألم برأسها وردت بثبوت
_كنا عايشين في القاهرة.
سعلت عندما وجدته ينفث الدخان من القرب منها وعاد اسئلته
_رجعتوا ليه؟
استندت على المقعد عندما هاجمها الدوار مرة أخرى وحاولت الرد برتابة كي لا يشعر بشيء
_عادي زي اي حد بيرجع لبيته.
افترى فمه عن ابتسامة ساخرة وقال بتهكم
_غريبة.
_هو ايه اللي غريب؟
نهض بعد أن ألقى السيجارة على الأرض ودعسها بقدمه
_أصل انا برضه عملت كدة، بعد ما قلت مش راجع تاني لأن مبقاش ليا حد هنا، بس الحنين اللي رجعني غصب عني.
سار بخطوات ثابتة حتى وصل للشرفة الزجاجية وتابع
_صحيح مش شايفها بس حاسسها، كل حاجة حواليا ريحتها بتفكرني بذكريات سعيدة عشتها هنا في البيت ده، بس رغم كدة تركت ندوب مستحيل حاجة تمحيها.
عرفت إني غلطت غلط كبير أوي لما رجعت.
كانت تستمع إليه بحيرة لا تفهم ماذا يقصد
هل ضحية أخرى غيرها أم يقصدها هي ويعاتبها على ابتعادها بعد ما فعله
فقالت بمغزى
_بس ذكريات السعادة عمرها ما بتترك ندوب طالما حافظنا عليها.
ابتسم بسخرية واستدار إليها قائلاً
_عندك حق، بس لو رفضنا دخولها حياتنا من الأول كانت حاجات كتير اوي اتغيرت
ويمكن مكنتش اتعميت ولا سيبت شغلي
يعني وجود السعادة دي في حياتي كان أكبر خطأ.
عاد الألم يقتحم رأسها بقوة فلم تعد تستطيع الثبات أكثر من ذلك
كم تود الاستلقاء الآن لكن هي تعلم جيدًا بأنه
لن يتركها لذا تحاملت على نفسها وسألته
_تحب تاكل ايه على الغدا؟
_هي الساعة كام دلوقت؟
تطلعت في ساعتها وردت
_الساعة أربعة.
تحدث وهو يجلس على المقعد
_أي حاجة، مش هيفرق النوع كله أكل في الآخر.
❈-❈-❈
اخفضت وعد عينيها عندما رمقها حسين بسخط يليه توعد
لكن يد سليم التي دعمتها جعلتها تخفي وجهها بحضنه
انتفضت بوجل عندما قام بصفق الباب بقوة
لكنه شدد من احتضانه لها وتمتم بشغف
_متخافيش ده كابوس وانزاح خلاص.
رفعت وعد عينيها إليه وتمتمت بخوف
_خايفة يبعدنا عن بعض.
ملس بأنامله على وجنتها وتمتم بثقة
_ولا الدنيا كلها هتقدر تفرقنا عن بعض، شاهي أهم حاجة عندها إنها خلصت مننا ميفرقش احنا فين ولا عملنا ايه
أما هو مبقاش يهمني في حاجة
تطلع إلى عينيها وتمتم بقوة
_انتِ مراتي غصب عن الجميع ومفيش حاجة في الدنيا هتغير ده فاهمة؟
اومأت له بصمت ثم عادت تختبيء داخل أحضانه..
في أحد الفنادق
جلست شاهي وهي تضع قدم فوق الأخرى تهزها بكل أريحية
تراقبه وهو يزرع الغرفة ذهاباً وإياباً بغضب عارم
واستطاعت ببراعة نفي تلك التهمة التي اتهمها بها سليم
لا يهمها سوى أنها تخلصت أخيراً منهم وبدون عودة فقالت بفتور
_وبعدين يا حسين هتفضل رايح جاي كدة ما تهدى بقا.
زم فمه بغضب ثم تحدث بحنق
_ابني أنا يتجوز خدامة؟ أقول للناس ايه؟
تلاعبت باظافرها وهي تجيب
_ولا حاجة هي الناس أصلاً هتعرف منين.
نهضت لتتقدم منه وتضع راحتيها على كتفه لتنفث سمها
_انا كل اللي مخوفني ان كل أملاكنا تروح لبنت الملاجئ
والاقيها واقفة قصادي في يوم من الأيام وتقولي انها لها زي ماليا وتعمل راسها براسي، ووقتها اللي ميعرفش هيعرف.
قطب جبينه بحيرة وتابعت هي.
_أنا بفكر لو ده حصل هنعمل ايه في الفضيحة دي وهنلمها ازاي وخصوصاً إن البنت دي كانت بتظهر قدام الناس على انها الخدامة بتاعتنا
فالحل هنا في ايدك.
ضيق عينيه مستفهمًا
_تقصدي ايه؟
_اقصد إن سليم مبقاش بتاع زمان اللي ماشي على نهجك تؤ ده بقى واحد تاني خلاص وبكرة هيكون زي الخاتم في صباع بنت الملاجئ وبعد عمر طويل لك هتلاقيها جاية تطالب بحق جوزها، فـ انت مش قدامك غير حل واحد….
هو إنك تكتب وصية إن كل حاجة هتتكتب باسمي.
تطلع إليها بشك وسألها
_وانا ايه اللي يخليني اعمل كدة واحرم ابني.
هزت كتفيها بلؤم وهي تبتعد قليلا لتوليه ظهرها كي لا يرى الخبث بعينيها
_ابنك واديته الفرع اللي أسسته هنا وهو كبره ودخل به شراكه مع شركة اكبر وده طبعاً مش هنتكلم فيه
استدارت إليه وتابعت
_بس اللي هنتكلم فيه تاني وتالت هو الفيلا الكبيرة اللي والدي ووالدك الله يرحمهم عاشوا مع بعض فيها فمتجيش واحدة تربية ملاجئ تقف قصادي وتساوي راسها براسي وتقولي انا ليا في الفيلا دي زي ماليكِ ولا أيه.
اقنعته بدهائها فقال موافقاً
_خلاص أول ما ننزل مصر هكتبلك الفيلا باسمك.
عادت شاهي لتجلس على المقعد باستراخ وتركته هو بصدمته.
❈-❈-❈
استيقظت هايدي لتلاحظ أن الغرفة معتمة إلا من إضاءة خافتة
شعرت بشيء يجثم على يدها فتطلعت بوهن إليه فتجده نائمًا على المقعد مستندًا برأسه على يدها.
رق قلبها له لكن مازال ذلك الجرح تركه حيٌ في القلب لا يندمل.
تعلم جيدًا بأنه ما فعل ذلك إلا لأجلها لكن أن يجبرها على فعل ذلك قطع الخيط الوحيد بينهم والذي عملت كثيراً على الحفاظ عليه
نعم مازالت تعشقه وتهيم به لكن لن تعود إليه حتى تشفى جروحها منه.
حاولت سحب يدها بروية كي لا تقلقه لكنه شعر بها ورفع رأسه إليها بنعاس وسألها بقلق
_حبيبتي انتِ كويسة؟
هزت راسها بإيماءة خفيفة ولم تجيب
تطلع إليها لحظات يرجوها فيه أن تغفر ثم تمتم بغصة
_نروح بيتنا؟
أشاحت بوجهها بعيدًا عنه وقد كان الصمت أبلغ من الكلام لكنه لم ييأس وسيتحمل كما تحملت هي من قبل
فقال برجاء
_البيت وحش أوي من غيرك أنتِ والولاد
محتاجلك أوي يا هايدي أرجعي عشان خاطري.
أغمضت عينيها بألم ثم تمتمت بوهن
_مش هينفع لاني مبقتش هايدي بتاعت زمان، مش هقدر اقدم تنازلات زي الأول ولا….
قاطعها بإصرار
_مش عايز تنازلات، انتقمي مني زي ما انتِ عايزة بس وانتِ في حضني مش بعيد عني.
هزت راسها بألم شديد وقالت
_قولتلك مش هينفع.
رد بإصرار نبع عن صدقه
_هينفع وهعوضك عن كل جرح ألمتك به من غير ما أحس بس ارجوكِ ارجعي لأن فراقك والموت واحد.
أخذت نفس عميق تهدئ به من روعها
_جيت متأخر يا حازم، لو كنت سمعت منك الكلام ده قبل ما يحصل اللي حصل ده كان زماني اسعد واحدة في الدنيا بس للأسف اتأخرت أوي.
تحدث بتخبط
_مش متأخر بس أنا مكنتش أتخيل إن الحياة من غيرك هتكون صعبة أوي كدة.
ابتسمت بمرارة
_ودي غلطتي فضلت اقدم واتنازل لحد ما خليتك متحدش بأي اشتياق
ولما حسيت به كانت كل حاجة انتهت.
غمغم برجاء اقرب للتوسل
_منتهتش يا حبيبتي، انا هصلح كل حاجة وهعوضك عن كل اللي قاستيه معايا.
تطلعت إليه برجاء
_أرجوك يا حازم سبني ارجع برغبتي بلاش تضغط عليا وانا إن لقيت اي أمل لعلاقتنا هرجع معاك بس بلاش تضغط عليا دلوقت أرجوك.
أومأ لها مجبراً كي لا يضغط عليها الآن
وبعدها سيفعل المستحيل كي تعود إليه.
❈-❈-❈
مر اليوم بطيء وطلباته لا تكل حتى ازداد التعب عليها
وضعت القهوة أمامه وهي تقول بضجر
_حاجة تاني؟
تحسس داغر علبة السجائر فوجد أنها قد فرغت
_اه هاتي علبة السجاير التانية من أوضتي وبعدها ممكن تدخلي ترتاحي شوية.
اسبلت أسيل جفنيها بوهن وقد طفح بها الكيل منه
بمجرد أن تحركت خطوة واحدة، زاد التعب عليها
تمالكت نفسها وصعدت الدرج لكنها شعرت بعينيها تهتز علامة على بوادر أزمتها لكن تلك المرة تختلف عمّ قبلها
حاولت تنظيم أنفاسها كي تمر تلك الأزمة لكنها حقاً مؤلمة
اشتد الدوار عليها حتى لم تتمكن من الوصول إلى درابزين الدرج لدعمها، وألم رأسه يفوق التحمل مع رغبة ملحة في التقيؤ.
همت برفع قدمها للوصول للأمان بأخر درجة لكن قبل أن تخطوها قام الظلام بخطفها بعيدا لتفقد الوعي، فانزلقت قدامها وتدحرج جسدها على الدرج حتى انهارت على الأرضية الصلبة بلا حراك.
انقبض قلب داغر عندما سمع ارتطام شيء ما بالأرض فنهض بقلق وهو يسألها
_في حاجة؟
لم يجد رد سوى الصمت
مما جعل قلبه يهدر بعنف، ما الذي حدث
انتبه لآهه خافتة واختفت بعدها
ازدادت وتيرة دقاته بخوف وتحركت قدماه يبحث عنها لكن تاهت الأماكن من ذهنه ولم يعد يميز الخطوات.
زاد الخوف بداخله فعاد نداءه
_في حاجة وقعت؟
لم يجيبه سوى الصمت وضربات قلبه التي ازدادت وتيرتها
بخطوات متعسرة اخذ يتحسس الطريق إلى الدرج وقد تاه كل شيء من ذاكرته
لا يعرف كيف الوصول إليه ولا يعرف إن كان الطريق إليه فارغ أو أمامه أساس فنادها ربما تجيبه
_أسيل.
تمتم باسمها وقلبه ينفطر خوفاً عليها
ماذا حدث لها لما لا تجيبه
هل تآذت؟
هل أصيبت؟
خلع حذاءه كي يستطيع تميز الطريق وسار بأقدامه العارية على الأرض الباردة يتحسس الأماكن.
كان يشعر بالتشتت وكأنه يسير في ذلك المنزل لأول مرة
واخذ يلعن ذلك العمى الذي جعله بذلك العجز
أخذ يلعن ويلعن عجزه وهو يتخبط في كل ما يقابله لا يعرف أين وجهته إلى الدرج
حاول وحاول لكن يتوه في الأروقة ولا يعرف كيف يصل إليها
أغمض عينيه بشدة ثم فتحها على أمل الإبصار كما قال له الطبيب لكن لا فائدة
فليعود فقط ولو لدقيقة واحدة يراها ويطمئن عليها
لكن تبوء محاولته بالفشل
سقط على ركبتيه عندما تعثر في أحد المقاعد الجانبية
فازداد شعور العجز بداخله وأراد أن يصرخ في تلك اللحظة بكل ما اوتيّ من قوة لكن عليه أن يصمد كي ينتبه لخطواته ويصل إليها
نهض متثاقلاً ووقف على قدميه وأخذ يتذكر الأماكن
يعلم أن عمه قام بتغيير كل شيء كي يسهل عليه الطريق
هو حتى لا يعرف أين هو الآن
عاد يخطو بخطوات حذرة حتى استطاع أخيرًا الوصول إلى الدرج
ازدرد جفاف حلقه عندما لامست قدمه العارية يدها الملقاة على الأرض
جثى مسرعًا على ركبتيه ورفع ظهرها مسندًا إياها على ساقه ثم أخذ يتحسس وجهها وهو يناديها بخوف
_أسيل انتِ كويسة؟
انقبض قلبه أكثر عندما شعر بمادة لزجة على جانب رأسها
لقد أصيبت وهو وحيد في المنزل ولا يستطيع بعجزه فعل شيءٍ لها
ماذا يفعل الآن؟
حاول الربت على وجهها يحسها على العودة لوعييها
_أسيل فوقي يا حبيبتي.
لم تجيبه فازداد خوفه عليها مما جعله يحملها وينهض بها لكنه وقف عاجزًا إلى أين؟
كيف باستطاعته مساعدتها وهو لم يعد يميز الطريق ولا يعرف كيف يتحرك خطوة واحدة وهو يحملها
أغمض عينيه وقد تجمعت الدموع بها عندما عاد بها إلى الأرض محتضناً إياها بقوة
ليس بوسعه فعل شيء هو لا يستطيع مساعدة نفسه كي يساعد غيره حتى لو كانت حبيبته
بكى كما لم يبكي من قبل
وسمح لنفسه أخيراً بالانهيار
ينهار ببكاءه كما انهار كل شيء من قبل
خسارة تليها خسارة وألم يفوقه ألم هذه هي حياته
الآن فقط بأمكانه أن يبكي ويصرخ ليس على حاله فقط بل على حبيبته التي تقبع بين يديه ولا يستطيع فعل شيء لها
رن هاتفه الذي أعلن عن اتصال من عمه
هو وحده من باستطاعته مساعدته
يستطيع الوصول للهاتف وهو متتبع صوته لكن لن يستطيع العودة إليها
ولن يجازف ويعرضها للخطر وهو يحملها إليه
اغمض عينيه وقد عاد ألم عينيه إليه بقوة
ألم يفوق ما شعر به في الصباح
لكن عليه ان يتحمله كي ينجد حبيبته
بصعوبة بالغة قام برفع جفنيه فتهتز أوصاله عندما لاحظ ذلك الضوء الواهن يعود من جديد لكن تلك المرة أكثر وضوح.
يتبع...
تكملة الرواية من هناااااااا
لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا
بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل
متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا
الرواية كامله من هناااااااااا
مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا
مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا
تعليقات
إرسال تعليق