القائمة الرئيسية

الصفحات

translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية جبل النار الفصل الثلاثون 30بقلم رانيا الخولي

 

رواية جبل النار الفصل الثلاثون 30بقلم رانيا الخولي





رواية جبل النار الفصل الثلاثون 30بقلم رانيا الخولي




الفصل الثلاثون



لم تعد الحياة بالنسبة له اي أهمية حتى والدته وإياد لم يعوضه عن تلك الوحدة الموحشة التي تركتها هايدي خلفها.


لا يعرف ماذا يفعل أكثر من ذلك وقد فعل المستحيل لأجل ان تعود له


دلفت أمينة الغرفة تتحسر على حال ابنها الذي أصبح هزيلاً بسبب بعاد زوجته فتقدمت منه لتجلس بجواره 


_وبعدين يا حازم هتفضل حابس نفسك كدة؟


مسح حازم وجهه بكفيه ثم قال 


_هروح فين؟


_تروح لمراتك وتقنعها انها ترجع لحضنك.


تطلع إليها بقلة حيلة 


_عايزاني اعمل ايه اكتر من اللي عملته.


_تروح لها تاني وتالت ومليون، اتحملها زي ما اتحملتك السنين دي كلها


هي عايزة تحس باهميتها عندك وإنك فعلا مش قادر تعيش من غيرها


هي كرامتها مجروحة منك داويها انت وسيبها تداوي جروحها على حسابك زي ما انت دويت جروحك على حسابها، هايدي تستحق اكتر من كدة يا حازم وخد بالك لو خسرتها هتلاقي نفسك خسرت كل حاجة.



تنهد بألم شديد 


_انا فعلاً خسرت كل حاجة وهايدي مستحيل تسامح.


ردت عليه بحكمة


_اللي بيحب ميكرهش وهايدي بتحبك مهما أنكرت ده


قوم روحلها واطلب منها تسامحك وانا واثقة إن المرة دي هترجع معاك.



❈-❈-❈



جلست أسيل بجواره على المقعد بعد ان سحبت يدها من يده عندما جلس على المقعد 


سألها


_ايه مش ناسية حزام الامان 


تطلعت إليه ببغض ثم مالت عليه لتربط له الحزام ويتخذها فرصة ليشم عبيرها 


لكن لم يشبع قلبه من رائحتها وعادت إلى مقعدها.


سألها


_اول مرة تسافري بالطيارة؟


أجابت بفتور دون النظر إليه 


_ايوة.


_انا بقا تاني مرة لأن المرة الأولى كنت في غيبوبة ومحستش بحاجة.


بس أكيد سافرتي بباخرة ولا أيه؟


اهتزت نظراتها لوهلة ثم حمحمت لتقول بكذب


_ولا مرة.


رفع حاجبيه مدعي الفهم ثم تحدث بروية


_أنا بقا 8 سنين وانا بسافر بالباخرة بحكم شغلي


كانت اجمل سنين في حياتي، لحد ما جات اللي دمرت كل حاجة.


قطبت أسيل جبينها بدهشة ودون إرادتها سألته


_هي مين؟


التفت إليها ليرد بمغزى 


_واحدة حبيتها وادتها كل حاجة بس للأسف طلعت متستاهلش.


تطلع امامه وتابع


_اتخلت عني في اكتر وقت كنت محتاجلها فيه، من وقتها وانا كرهت كل حاجة بتفكرينى بيها.


تعجبت من حديثه إن كان يقصدها ماذا ينتظر منها بعد ما فعله معها


أم أنه احتاج إليها كجارية بعد عماه.


أشاحت بوجهها بعيدًا عنه وانطلقت الطائرة تتجه إلى وجهتها لكن إلى عالم مجهول بالنسبة لها.


❈-❈-❈



توجه خليل إلى المصنع حيث كانت تنتظره مالكته.


لقد اصبح الآن مطمئن على ابن أخيه الذي عادت إليه حبيبته.


من قال أنه لم يلاحظ حالته منذ ان جاءت إليه وتأكد بالفعل عندما علم الحقيقة منها


هو اخطأ ويعلم ذلك جيدًا لكن كان واضحاً أنه ندم على ذلك


وهل ظن ذلك الاحمق أنه لم يلاحظ عودة نظره إليه؟


ابتسم بلؤم وسعادة كبيرة احتلت قلبه


الآن فقط اطمئن عليه أما أمر الفيديو هيرسله إليه في الوقت المناسب.


رغم شكه في أمره إذا كان ما فعله بإرادته او غير ذلك إلا إنه قادر على أن يصلح غلطته ويعتذر لها


وهي بحبها له ستغفر وتسامح.


جلس على المقعد قبالتها بارتياح شديد


فقالت سيلين بترحيب


_شرفت المصنع يا سيادة المستشار.


ابتسم خليل وقال


_بمنور بناسه، خلينا نتوكل على الله ونبدا شغل بس الأول تعرفيني كل كبيرة وصغيرة في المصنع.


أومأت له وبدأت تشرح له كل شيء متعلق بالمكان.


❈-❈-❈



فتح "علي" الباب فيهلل بسعادة عندما وجد والده أمامه، احتضنه حازم باشتياق وقال


_وحشتني أوي يا علي.


خرج عمر على صوت والده واسرع أيضاً إليه 


_بابا.


احتضن الآخر بحب وشوق فقال لهم


_عاملين ايه؟


كويسين بس عايزينك معانا.


رفع عينيه لينظر إلى هايدي التي خرجت من الغرفة عندما سمعت صوته وقال بمغزى


_هترجعوا معايا عشان تيتا وإياد مستنينكم.


يلا بسرعة خلي تيتا فايزة تجهز شنطتكم.


أسرعوا إلى غرفتهم وذهب إلى هايدي التي ظلت واقفة مكانها تريد ان تستفهم منه معنى ذلك.


وقف حازم قبالتها وقال بحب


_ازيك يا هايدي.


ردت بثبات عكس حنينها 


_الحمد لله ممكن افهم ايه اللي عملته ده؟


_عملت ايه؟ تقصدي يعني عشان بقولهم يجهزوا الشنط؟


اشاحت بوجهها بعيدًا عنه ورمقها هو برجاء 


_أظن كفاية لحد كدة وأرجعي بقا، ازعلي مني زي ما انتِ عايزة بس وانتِ في بيتنا، واوعدك إني مش هفرض نفسي عليكِ، أمي جات هي وإياد لأن أسيل سافرت النهاردة وسابت ابنها، مينفعش تسيبيها لوحدها.


لم تستطيع هايدي الرفض وخاصة ان أسيل طلبت منها ان تهتم بابنها في فترة غيابها حتى تعود.


لكن ماذا تفعل في عنادها الذي مازال هو المسيطر على وضعهم


تنهد حازم بتعب من عنادها ولم يجد أمامه سوى تلك الطريقة


بوغتت هايدي به وهو يدفعها لداخل الغرفة وأغلق الباب ليثبت ظهرها عليه وقال بثبوت 


_بالذوق مش نافع يبقى نخليها عافية.


لم يمهلها فرصة لتفهم مقصده وعلى حين غرة وجدته يميل عليها ليقبلها عنوة لكن تحمل الكثير والكثير من المشاعر التي يفتقدها كلاهما.


هي تحبه مهما انكرت ذلك لكن لا تريد ان تعود لذلك الضعف


لذا وضعت يدها على صدره تبعده عنها لكنه لم يترك شيء يعكر صفو تلك اللحظة لذا قربها منه أكثر لتكون قبلته اكثر تطلب


وهو يشدد من احتضانه لها 


حرر اسر شفتيها من بين شفتيه ووضع جبينه على خاصتها وهو يتمتم بأنفاس لاهثة


_عايزة تعملي فيا ايه تاني خلاص مبقتش قادر اتحمل بعدك عني اكتر من كدة.


وضع رأسها على صدره وتمتم بصدق لامسه قلبها


_بحبك يا هايدي وعمري ما حبيت غيرك ولا اقدر في يوم من الايام احب غيرك.


ازدردت لعابها بصعوبة وتمتمت برهبة 


_خايفة تجرحني تاني.


ابعد وجهها عن صدره كي ينظر إليها وتمتم بنفي


_مستحيل لأن محدش بيجرح روحه وانتِ روحي يا هايدي.


انتهى ذلك العناد عندما لاحظت صدق كلماته 


فاومأت له وقالت


_بابا في المكتب جوه ادخل كلمه الاول وانا  هجهز شنطتي.


أومأ لها بابتسامة ثم طبع قبله حانية على جبينها وخرج من الغرفة متوجهاً إلى مكتب والدها.



❈-❈-❈


جلست وعد أمام المرآة تمشط خصلاتها بعد أن خرجت من المرحاض


ابتسمت بحب عندما تلاقت عينيها بعين سليم الذي استلقى على الفراش ينتظرها لكن يبدو انه سئم من الانتظار اكثر من ذلك


لذا نهض من فراشهم وتقدم منها وهو مأخوذ بسحرها


ثم دنى منها ليأخذ الفرشاة من يدها ويقوم هو بتمشيم خصلاتها الحالكة بكل هدوء وعيناهم تحكي قصة عشقهم التي اكتملت أخيراً بزواجهم.


ألقى الفرشاة من يده ثم جذبها لتقف قبالته وقال بصبو


_تعرفي انك أجمل حاجة في حياتي؟


ابتسمت عينيها قبل شفايها وقالت بعشق وهو يحيط خصرها بذراعيه الحانيتين


_ زي ما انت أحلى حاجة حصلت في حياتي.


ابتسمت للذكرى وهي تضيف


_كل ما افتكر أول يوم خرجت فيه من الملجأ كنت حاسة ان الدنيا دي كبيرة أوي وكنت خايفة اروح في الرجلين


شهد لما زارتني اخر مرة في الملجأ كلمتني اني اجي اشتغل معها عندكم في الفيلا 


كنت خايفة ومترددة بس أول ما شفتك الخوف ده اتحول لأمان معرفش ليه


مع الوقت لقتني براقبك من بعيد لبعيد بس كنت بقول لنفسي انا فين وهو فين


بس لما لقيتك جيت واعترفتلي بحبك مكنتش عارفة افرح لأن الانسان الوحيد اللي حبيته هو كمان بيبادلني نفس الشعور ولا أحزن لأنه أكدلي إن بينا آلاف المسافات وصعب أوي إننا نتقابل.


وضعت رأسها على صدره وتابعت


_كنت بفضل طول الليل بصلي وادعي ربنا إنه يجعلك من نصيبي يا إما يشفيني من حبك.


دمعت عينيها للذكرى 


_كنت بعيط طول الليل من العذاب اللي عايشة فيه.


ابتعدت عنه قليلًا لتنظر لعينيه


_ولما طلبت تتجوزني بالاجبار على اد ما كنت رافضة ومش طايقة أشوفك


رفع حاجبيه بصدمة من قولها لكنها لانت عندما تابعت


_على أد ما فرحت إني هكون من نصيبك.


تطلع إليها بعتاب 


_عشان كدة قدرتي تبعدي عني طول الفترة اللي فاتت؟


_صدقني كان غصب عني ويمكن عذابي كان اد عذابك واكتر بس اللي…..


قاطعها بأن وضع انامله على فمها وقال بمزاح يغير به مجرى حديث لن يتوقف


_احنا هنقضيها كلام ولا ايه؟ فين وعدك ليا؟


ضحكت وعد بسعادة سرعان ما قاطعها سليم بشفتيه وهو يأسر شفتيها بعشق جارف.



❈-❈-❈



دلف داغر غرفة الفندق التي اصر على الإقامه به متحججاً بحاجة شقته للتنظيف قبل الإقامة بها


راقب نظراتها التي وجهتها إلى الفراش بارتباك ظنه خوفاً من النوم معه في مكان واحد



انتبه لصوتها التي حاولت إخراجه ثابتًا 


_هي الأوضة بسرير واحد ليه؟ ليه مطلبتش سريرين؟


تظاهر داغر بأنه يبحث عن المقعد حتى وصل للأريكة وقال 


_يظهر إن اللي حجز كان فاكر إننا اتنين متجوزين وفـ شهر العسل عشان كدة حجزها بسرير واحد


انقبض قلبها من مغزى حديثه وسألته بارتباك


_طيب ممكن أعرف انا هنام فين؟


رد ببراءة زائفة


_على السرير.


قطبت جبينها بحيرة وسألته 


_وانت؟


رفع حاجبيه مدعي الدهشة


_وانا ايه؟


_اقصد هتنام فين؟


رد ببساطة 


_على السرير، ايه مش مراتي برضه؟


رمشت بعينيها بوجل وتمتمت باعتراض


_انت عارف كويس انه مجرد حبر على ورق مش اكتر.


رد بتخابث


_واحنا عملناه حبر على ورق عشان نحلل حاجة زي دي، إن لو اتعرضنا إننا ننام على سرير واحد ميكنش فيه مانع ولا أيه؟


علت ضربات قلبها حتى شعرت به يسمعها بوضوح وتمتمت برهبة 


_بس انا مش هقبل حاجة زي دي


تطلعت إلى الأريكة التي يجلس عليها وقالت


_انا هنام على الكنبة.


اوما لها بعدم اكتراث


_اللي تشوفيه بس السرير تحت أمرك لو غيرتي رأيك لأن نوم الكنبة متعب أوي.


نهض وهو يتابع مكره


_فضي الشنط وطلعي غيار  ليا وهاتيه على الحمام.


تطلعت إليه بغضب شعر به كالسهام التي تخترق ظهره فتظهر ابتسامة ماكرة على فمه وهو يدلف المرحاض.


لعنت أسيل حظها العثر الذي اوقعها معه مرة أخرى


لذا اخرجت غضبها بتفريغ الحقائب لتضعها داخل الخزانة 


قلبت عينيها بضجر حينما سمعت صوته من الداخل


_بقالي ساعة بطلب غيار.





تناست أسيل ذلك الأمر تماماً والأدهى من ذلك كيف تعطيه له.



أما هو فقد انهى حمامه ووضع المنشفة حول خصره ينتظر الملابس.


ابتسم بدهاء عندما وجدها تطرق الباب بيد مرتعشة وصوتها المرتبك يقول


_الهدوم اللي طلبتها.


ازدادت ابتسامته مكر وتقدم من الباب ليفتحه فجأة وقبل ان تستوعب ما تراه جذبها مسرعًا ليغلق الباب بظهرها فتتسع عينيها بصدمة كبيرة وهي تراه امامها عاري الصدر مقترباً منها إلى هذا الحد وصوته الماكر يقول


_قولتلك أنا واحد أعمى آخري اقربك مني كدة إنما اي حاجة تانية تؤ للأسف معرفش، بمعنى أدق اعتبريني لوح خشب معاكي في الأوضة 


لاح الخبث بحديثه وهو يتابع


_يعني تنامي براحتك، تغيري قدامي براحتك، كل ده عادي جداً فهمتي.


ازاحته أسيل من أمامها بكل قوتها وقالت بتحذير


_لو عايزني اكمل معاك بطل حركاتك دي.


كان يستمع إلى تحذيرها وعينيه تجوب قوامها بمكر


لم يستمع لشيء مما تقول بل كل ما يشغله هي رغبته الملحة في أن يحملها ويذهب بها إلى الفراش يروي ذلك الظمأ الذي انهكه طوال أعوام.


اغمض عينيه إثر صوت الباب الذي صفقته خلفها وهي تخرج من المرحاض


فتظهر ابتسامة ماكرة على فمه وهو يتمتم


_قريب أوي بس اصبري عليا.



خرج من المرحاض ليجدها تخرج ملابس لها كي تستعد لاخد حمامها أيضاً دون ان تعيره إهتمام 


دلفت المرحاض مغلقة الباب خلفها بعنف جعلته يضحك على عصبيتها


_انتِ لسة شوفتي حاجة اصبري بس؟


امسك الهاتف وطلب الطعام في غرفتهم 



❈-❈-❈



أنهى خليل مراجعة الملفات أمامه ثم تحدث بثقة


_المصنع موقعش للدرجة اللي تخلينا نفقد الأمل، وفي بنود للشركات اللي بتاخد الانتاج مننا يخلينا نكمل تصنيع بدون خوف.


سألته بأمل


_بجد يا سيادة المستشار يعني المصنع هيسد ديونه ويقف على رجله من تاني.


عاد خليل بظهره للوراء وهو يقول بثقة


_إن شاء الله هو بس الموضوع هياخد مننا وقت ومجهود زيادة بس إن شاء الله هيرجع احسن من الاول.


ابتسمت بامتنان


_ان شاء الله.



❈-❈-❈



دلف حازم وهو يحمل الحقائب ودلفت هايدي والأولاد خلفه


هلل الطفلين عندما رأوا أمينة ومعها إياد


فأسرعوا باحتضانها 


_حبايبي وحشتوني أوي.


قال عمر


_وانتِ كمان يا تيتا وحشتينا أوي.


تطلعت إلى هايدي التي تقدمت منها لتحتضنها


_نورتي البيت يا طنط.


_منور بيكِ انتِ يا بنتي.


كانت سعادة حازم لا توصف وقد اجتمعت عائلته بعد كل ذلك العناء 


نهضت أمينة لتحتضن هايدي بحب خالص وقالت 


_نورتي بيتك يا بنتي.


ردت هايدي بحب مماثل


_منور بوجودك يا طنط 


تطلعت إلى اياد تحمله وقالت بحب 


_ديدو وحشتني اوي.


لم يضحك لها إياد كما كان يفعل كلما رآها بل تمتم بتأثر


_ما..ما


تطلعت إلى أمينة وقالت بتأثر


_الولد اتأثر بغيابها من اول يوم اومال هيعمل ايه لو طولت عن كدة.


رد حازم باندفاع


_مش هتطول، اول ما عمه يخلص الورق ويثبت إياد هخليها ترجع قبل ما يعمل العملية ويشوفها.


التزمت هايدي الصمت وقد تيقنت بأنه لم يخرجها من قلبه بعد وعندما لاحظ ذلك تابع بصدق


_أنا وافقت بس عشان خاطر إياد يكون له اسم وعيلة وعمري ابدا ما كنت هوافق أجوزه أختي بس الظروف بتحكم.


تنهد بتعب ثم قال  


_هتعملوا عشا ولا اطلب من برة؟


ردت هايدي 


_لا خلينا نتعشى برة عشان يخرج ويغير جو معانا.


وافقها حازم وأخذهم ليتناولوا عشاءهم بالخارج.



❈-❈-❈



خرجت أسيل من المرحاض وعينيها تجوب الغرفة فلم تجده.


تطلعت إلى النافذة فوجدته يتحدث بالهاتف


انتبهت لطرق الباب وذهبت لتفتح فوجدت النادل يدلف بعربة الطعام.


تركها النادل وانصرف وهو مازال يتحدث بالهاتف


لفت انتباهها صوته وهو يقول


_هستناكي متتأخريش.


ثم بعدها أغلق الهاتف وعاد إلى الداخل.


كان يتطلع إليها من خلف نظارته وسألها


_الأكل وصل؟


ردت بجمود


_اه جاه.


تظاهر بتحسس الطريق كي يصل للأريكة وقال


_تمام جهزيه.


تقدمت من العربة ومالت عليها كي تحضر طبقه وهو يتطلع إليها بحرية 


مازالت جميلة كما رآها أول مرة لكن نظرات الحزن التي كانت دائمًا تحاول إخفاءها عنه أصبحت ملازمة عينيها 


ترى من اوصلها تلك المرحلة


هل حقاً هربت من أهلها وتخفت في ذلك الاسم؟


وإذا كان كذلك لما لم تهرب إليه هو؟


هل عجزه من جعلها ترفض التخفي باحضانه؟


تنهد بتعب لحقيقة الأمر وهو إذا كان كذلك فلن يلومها


هي تريد من يساندها ويحميها 


لا من لا يستطيع حتى حماية نفسه


اخرجته من شروده عندما تقدمت منه لتضع الطعام على الطاولة الصغيرة أمامه 


_اتفضل الأكل.


رغب بأن يتناول طعامه معها كما كانوا يفعلوا من قبل فقال بلهجة يشوبها الرجاء


_مش هتاكلي معايا؟


ارتبكت أسيل عندما شعرت أيضاً بحنين لتلك الذكريات التي لم تغيب عن مخيلتها لحظة واحدة


فينتفض قلبها عندما وجدته يقول 


_انتِ مأكتليش من امبارح.


تذكرت أسيل أنها لم تأكل حقاً منذ الأمس 


ودون إرادتها أخذت طبقها ووضعته على الطاولة وجلست بجواره..


لاحت ابتسامة رضا على فمه وشرعوا بتناول طعامهم معاً.



بعد الانتهاء انتبه كلاهما لصوت الباب


فنهضت أسيل لتفتحه فوجدت من تندفع للداخل وهو تقول


_هاي……


قاطع داغر جملتها


_تعالي انا هنا.


نهض داغر ليستقبلها ويحتويها بحضنه وهي تتعلق بعنقه بقوة 


_I.miss you


لم تفهم أسيل شيء وهي تتطلع إليهم بحيرة


وتلاعب الشك بداخلها من تلك الصغيرة التي تتعلق بعنقه


وشعرت بوميض من غيرة لامس قلبها


وخاصة عندما وجدتها تهمس له ببعض كلمات لم تفهمها لأنها لا تجد الانجليزية بطلاقة 


ابتعدت الفتاة عن داغر والتفتت لأسيل وهي تمد يدها تصافحها بابتسامة 


_مراته مش كدة؟


مدت أسيل يدها تصافحها بدورها وهي تومأ بصمت.


عادت الفتاة لحضن داغر وتحدثت بالعربية قائلة


_مكنتش متوقعة تكون حلوة كدة.


تطلعت أسيل ليد داغر التي تحيط كتفها بغيرة لاحظها وتلاعب على وترها فرد قائلاً 


_مش هتكون أجمل منك.


انزوت أسيل وحيدة تشاهدها وهي تتحدث معه بالإنجليزية كأنهم يتعمدون ذلك كي لا تفهم ما يقولون.


لاحظت يارين حالتها فقالت بأسف لداغر


_لقد تمادينا داغر فيما نفعله


تطلع إليها داغر بجانب عينيه فوجدها تتلاعب بهاتفها تدعي عدم الاهتمام فتمتم بأسف


_لسة مجروح منها مش قادر اتخطى تخليها عني في الظروف دي.


تحدثت يارين بحكمة


_بس هي معذورة يا داغر، انت حكتلي أنها عاشت حياة صعبة أوي في بيت اهلها وده اللي أكدته العاملة اللي كانت معها فخلينا نتكلم بالعقل شوية


بتقول انك مش فاكر اللي حصل لما دخلتوا الفيلا وبعدها مفقتش إلا وانت هنا في أمريكا 


تفتكر بقا انت مستني ايه منها لما تعرف انك عملت حادثة وسافرت كمان، ممكن هي اللي تقول انك انت اتخليت عنها مش العكس، وزي ما بتقول برضه لو هربت من حياة الجحيم اللي كانت عيشاها هتروحلك فين؟


حد قدر يوصلها ويعرفها مكانك عشان تروحلك وتكون جانبك، ولو ده حصل تفتكر واحد في الظروف اللي كنت فيها دي كان هيقدر يحميها؟


انفعل داغر وهو يغمغم من بين اسنانه كي لا تسمعهم


_يعني حازم اللي قدر يحميها؟


اكدت يارين


_أيوة حازم قدر يحميها وأكبر دليل على كدة أن محدش من أهلها قدر يوصل لها لحد دلوقت وديماً في ضهرها وسندها


اداها اسم اخته وبيت أهلها وسبلها كمان امه هيعمل ايه تاني اكتر من كدة


تطلعت إليها بتأثر وتابعت


_وبعدين الشخصية اللي انا شيفاها دي مستحيل تغدر صدقني.


تنهد داغر بتعب وقال


_طيب ليه مقالتش الحقيقة، وايه قصدها من ورا جوازي منها 


_اللي عاشوا حياة زي اللي عاشتها أسيل بتبقى ثقتهم في نفسهم وفي اللي حواليهم مهزوزة، ممكن تكون خافت لما تعرف انها هي أسيل ترفضها عشان كدة فضلت انها تكون بالنسبة لك حور وطبعاً مفيش اوراق تثبت وجود حور فكان لازم تكتب الكتاب باسمها الحقيقي وطبعاً مفيش غير عمي اللي يساعدها.


زم فمه باستياء من عمه 


_مش عارف ازاي عمي يعمل كدة……


قاطعته بثقة


_عمك مش سهل يضحك عليه ومش مجرد شخص عادي ده مستشار يقدر يميز اللي قدامه صادق أو كداب من نظرة عينيه بس لولا تدخل عمك أنا كنت هشك في الموضوع، انا شايفة إن ربنا اداكم فرصة انتم الاتنين بلاش تضيعوها.


أومأ لها وقلبه يؤيد كل ما قالته


فاستئذنت قائلة


_انا همشي دلوقت عشان الوقت أتاخر وبكرة هاجي عشان نروح مع بعض المستشفى


مالت عليه لتطبع قبله على خده وتمتمت بجوار أذنه


_بلاش تتمادى في اختبار الغيرة عند الستات لأنها بتنتهي في الآخر…..


أشارت له على عنقه بمرح جعلته يضحك وخرجت من الغرفة.


بعد خروجها نهضت أسيل تتقدم منه قائلة بثبوت رغم حنقها منه


_ممكن تتفضل على سريرك عشان عايزة انام.


رفع حاجبيه متسائلاً 


_وانا مانعك ما تنامي.


_انام ازاي وحضرتك قاعد مكاني.


رد ببرود كي يستفزها


_بس الكنبة دي مش للنوم عندك السرير نامي عليه


عقدت حاجبيها بحيرة وسألته


_وانت هتنام فين؟


رد ببساطة 


_على السرير.


تنهدت بتعب وقالت


_للأسف الاوضة مفيهاش غير سرير واحد.


تابع داغر مكره وهو يسألها 


_سريرلى اثنين ولا واحد؟ (أجاب سؤاله قبلها) اكيد اتنين لأنهم عارفين اننا متجوزين وفي شهر العسل.


سألته بشك


_تقصد ايه مش فاهمة.


نهض داغر متجهاً إلى الفراش وهو يقول 


_اقصد إن السرير كبير ويسيع من الحبايب ألف مش بيقولوا كدة برضه.


انفعلت اسيل وقالت بحدة


_ومين قالك إني ممكن أوافق أنام على سرير واحد معاك.


جلس على الفراش وهو يسألها


_وايه المشكلة؟ انا جوزك.


ردت بحدة


_جواز لاسباب مش جواز عادي.



_عادي في النهاية هو جواز…ظهر المكر بعينيه وهو يسألها…. ولا انتِ عايزة تخليه جواز عادي انا عن نفسي معنديش مانع.


اتسعت عينيها من وقاحته وقامت بجذب الغطاء من فوق الفراش وتوجهت به إلى الأريكة



اخذ يشاهدها وهي تضع الغطاء على الأريكة وتضع الوسادة كي تستلقي عليها لكنه منعها بلهجة تحمل تحذير مبطن


_إرجعي للسرير، لان الكلمة اللي بقولها مش بكررها تاني، اتفضلي نامي من سكات.



اهتزت نظراتها بوجل من تحذيره وهبت بداخلها ذكريات تلك الليلة


هل ستعاد مرة أخرى؟


تمتمت بصوت مهزوز


_لأ انا مش هنام….


قاطعها بانفعال


_قلت مش بعيد كلامي…


انتفض جسدها وهي تهز رأسها برفض تتخيل المشهد أمامها، لا لن يحدث مرة أخرى عليها الهرب من ذلك المصير لكن قبل ان تتحرك خطوة واحدة شعرت بالدوار يكتنفها وصوته القلق آتي من بعيد قبل أن يسحبها الظلام لدائرته

يتبع...

تكملة الرواية من هناااااااا

لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل 

متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا

الرواية كامله من هناااااااااا

مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا

مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا



  


تعليقات

التنقل السريع