رواية جبل النار الفصل الرابع والثلاثون 34بقلم رانيا الخولي
رواية جبل النار الفصل الرابع والثلاثون 34بقلم رانيا الخولي
رواية جبل النار الفصل الرابع والثلاثون 34بقلم رانيا الخولي
عاد وائل إلى مصر بعد أن هدئت الأمور وتأكد من موت اخته والذي استمر وجودها في المشفى ليومين حتى توقف قلبها وأعلنوا وفاتها
لذا عاد إلى مصر كي يرفع اعلان الوراثة ومن غيره وريثاً لها
دلف الفيلا وهو يشعر بانتشاء لعودته إلى منزله بعد غياب دام لأعوام كثيرة حرم عليه أن يدخله
لكن أخيراً ابتسم له القدر وجعله يعود إليه مالكاً له.
ايام قليلة وسوف تكون هذه الأملاك باسمه وحده.
لكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن إذ سمع صوت سيارات الشرطة تقتحم المنزل مما جعله يندهش
خرج ليفهم ما يحدث فوجد الشرطة تتقدم منه وقال الضابط فور رؤيته
_اقبضوا عليه.
صاح بهم وائل
_هو ايه اللي بيحصل؟
قال الضابط
_هتعرف…خدوه على البوكس.
أخذوه مجبرًا وهو يصيح بهم انا معايا جنسية أمريكية محدش يقدر يمسني.
اومأ له الضابط وقال بتوعد
_جنسية أمريكية تمام.
تطلع للعساكر وتحدث بأمر ارموه في البوكس زي الكلاب لحد ما نروح القسم
صعد وائل سيارة الشرطة مرغماً وهو لا يفهم ما يحدث..
رن هاتف سليم وهو في طريقه مع وعد للمشفى
فقال سليم
_انت متأكد.
_……..
اومأ له
_تمام لو قدرت توصل لمكان بابا عرفني على طول.
اندهشت وعد مما تسمعه وسألته
_في ايه يا سليم؟
اعاد سليم الهاتف لسترته ورد عليها
_الشرطة قبضت على وائل اخو شاهي أول ما نزل مصر، كان فاكر إن الموضوع سهل وهيفلت منها.
ابتسمت بسعادة
_بجد؟ بس الشرطة عرفت ازاي.
زم فمه بضيق عندما تذكر ذلك اليوم
_انا كلفت واحد صاحبي انه يهكر فون شاهي عشان اعرف مكان بابا وفي آخر مكالمة كانت بينها وبين اخوها بيقولها انه حطلها السم في الأكل وقتها خليته يقدم التسجيل للشرطة وطبعاً بما انه برة مصر محدش قدر يوصله واول ما نزل قبضوا عليه.
_طيب وباباك.
تنهد قائلاً
_لسة مش عارفين.
توقفت السيارة أمام المشفى وتوجهوا حيث غرفة أسيل والتي لم يتركها داغر لحظة واحدة
لم يتعاطف سليم معه حتى بعد ان عرف الحقيقة كاملة
ما كان عليه أن يطلب منها المخاطرة ويأخذها منزله ولا أن يطالبها بالخروج معه
كما انه شجعها مرات كثيرة على مقابلته.
توقف مكانه عندما لاحظ حركة داخل غرفتها
تطلعت إليه وعد بخوف فوجد قدميه تسرع إليها مقتحماً الغرفة بقلب لهيف فيجد الطبيب يتحدث مع اسيل يحثها على الرد وداغر يقف يشاهد ما يحدث بقلب ملتاع.
حركت اسيل إصبعها مما جعل الطبيب يقول
_لقد فاقت اخيرًا واصبحت بأفضل حال، سنتركها الليلة هنا في العناية تحسباً لأي ظرف وفي الصباح سنقوم بنقلها.
ثم خرج من الغرفة.
تقدم داغر منها ليمسك يدها لكن سليم منعه
_إبعد عنها.
تطلع إليه داغر باحتدام وهم بمعارضته لكن سليم تحدث بحزم
_انت آخر واحد أسيل محتاجة تشوفه، ياريت تبعد لحد ما تفوق وتسترد صحتها وبعدين اظهر براحتك.
توحشت نظرات داغر وغمغم من بين أسنانه
_محدش بعد النهاردة هيقدر يمنعني عنها،هستناها تفوق واعرفها كل حاجة وهي اكيد هتسامحنى
لكن إني أسيبها تاني مستحيل يحصل حتى لو فيها موتي.
تحدثت وعد بمحايدة كي تنهي ذلك الجدال
_احنا حاسين بيك وعارفين ان كل اللي حصل كان غصب عنك بس هي دلوقت وضعها أصعب ومينفعش نعرضها لصدمات تانية، ارجوك سيبها لحد ما تسترد صحتها وبعدين اعتذر منها وفهمها كل حاجة لكن دلوقت حقيقي مش هينفع.
ضغط داغر على يدها التي يحتويها بيده وكم صعب عليه ذلك الأمر لكن هي محقة
بعد ما فعله معها هو آخر واحد تريد رؤيته أمامها.
لذا اضطر رغمًا عنه ان يوافقهم فقط حتى تسترد صحتها وبعد ذلك لن يمنعه أحداً عنها.
رفع يدها إلى فمه ليطبع قبلة حانية عليها قبل أن يسحب يده بصعوبة بالغة عندما بدأت ترمش بعينيها.
خرج بهدوء من الغرفة وصوتها الواهن التي تردد به اسم أخيها علق بذهنه وهو يرى سليم يتقدم منها بدلاً منه
اخذ يتطلع إليها من خلف الزجاج وهي تتشبث بيد أخيها
لم يبرح مكانه إلا عندما رآى بعينيه الحنان الذي يغدقها به أخيها.
عليه أن يرحل الآن فهو ليس سوى لعنة سقطت عليها
وعليه هو أن يبتعد الآن.
❈-❈-❈
بعد مرور شهر..
وقفت أسيل على الشاطئ تتلاعب نسمات البحر بخصلاتها البنية
كانت تتطلع إلى بعيون هائمة
فذلك البحر الذي شهد على أجمل لحظات مرت بحياتها شهد أيضاً على أصعب أيام مرت عليها.
شددت من ضم سترتها عليها عندما شعرت بالبرد وتذكرت مشهد مماثل وهو يضع غطاء سميك عليها
قطبت جبينها بحيرة من ذلك القلب الذي رغم كل ما حدث مازال يعشقه
والعجيب في الأمر أنها تشعر به حولها
تشعر دائمًا أنها مراقبة وعندما تلتفت حولها لا تجد أحد
مما يجعلها أحياناً تشعر بالذعر وتعود إلى المنزل.
ظلت تتلفت حولها عندما عاد ذلك الشعور
حاولت أن تتأكد من ذلك الأمر وظلت تبحث لكن لا أحد.
قررت الذهاب لعملها وقد تأكدت تلك المرة أنها مجرد أوهام.
عادت أسيل إلى المطعم فتمر اولاً على مكتب جدها
دلفت وهي تقول بمزاح
_هل مازلت هنا أيها الوسيم.
نهض جدها وهو يتمتم باعتراض
_إذا كانت مساعدتي تتأخر فلن استطيع ان ابرح مكاني حتى تعود.
تقدمت منه لتقبل خده وتمتمت باعتذار
_اسفة على التأخير لكني كنت اطمئن على حفيدك فقد أخبرني سليم بأنه سيأتي به الأسبوع القادم.
نهض جدها وهو يتمتم بسعادة
_إذا فدعيني اعود مسرعًا كي استعد لاستقبال ذلك الشقي بطريقتي الخاصة.
قبل خدها ثم خرج من المكتب.
فجلست هي تأخذ مكانه
فمنذ ان جاءت هنا وهي تعمل بلا حدود كي لا تفكر في شيء
لم تبالي بتلك الرسائل التي تصلها وتقوم بحذفها دون قراءتها ظناً منها أنها طريقة أخرى كي يصل لمبتغاه
أيام قليلة وسيأتي ابنها ولن تعود مهما حدث.
نهضت من مقعدها كي تشرف على العاملين في المطعم وتساعد بعضهم في إعداد الطعام
تلك هي الطريقة الوحيدة التي تجعلها تنشغل عن ذلك القلب الخائن الذي يتلهف لقراءة رسائله.
ينقضي اليوم بهذه الطريقة وتظل تتحدث مع جدها أو بعض اصحابها كي لا تنفرد بنفسها وتهاجمها ذكريات تعمل بكل الطرق على ردعها.
حتى أحياناً تطلب منه ان يظل بجوارها حتى تنام ولم يبخل عليها باهتمامه بعد ان علم بما عانته حفيدته.
يتأكد أنها نامت ثم يغلق الضوء ويخرج من الغرفة تاركاً لذلك العاشق بعض الخصوصية كي ينفرد بحبيبته.
بقلب لهيف يدلف داغر الغرفة يتأمل بعشق جارف تلك النائمة لا تعرف شيء عن مجيئه بعد ان رآى جدها مراقبته للمنزل وسيره خلف حفيدته
وعندما استطاع الوصول إليه وسأله عن سبب تتبعها أخبره بكل شيء
ومنذ ذلك الحين وهو يسمح له بالمبيت في الغرفة بعد أن تأخذ أسيل المهدئ الذي يجعلها تنام بعمق حتى الصباح.
خلع داغر حذاءه واندس بجوارها متلفحاً بالغطاء الذي جمع كلاهما
وبكل روية يمد يده أسفل عنقها يسحبها إلى صدره كي يجعلها تضع رأسها فوق قلبه ربما تشعر بنبضاته الثائرة.
يظل طوال الليل يتأملها وقبل شروق الشمس يطبع قبلة على ثغرها ثم يرحل.
وفي الصباح تنهض كعادتها لتراقب الشروق على شاطئ البحر وتظل هناك
حتى ميعاد عملها.
_أسيل.
تصلب جسدها عندما سمعت صوته يتمتم باسمها فظنت بأن ما تسمعه في منامها يتكرر في يقظتها لكن حينما انعاد استدارت كي تتأكد مما تشك به.
وقد أصبح شكها يقيناً عندما وجدته أمامها يتطلع إليها بعشق ووله.
انقبض قلبها وشعرت بالخوف منه فهزت رأسها ترفض أن يعود ذلك الرجل مرة أخرى لحياتها.
لم تجد أمامها حل سوى الهرب
وعندما وجدته يخطوا تجاهها لم تجد أمامها مهرب سوى أن تلوذ بالفرار من أمامه
لم يندهش من فعلتها بل آلمه قلبه عليها
فاسرع بالركض خلفها كي يوقفها
_أسيل استني وانا هفهمك كل حاجة.
صرخت أسيل بفزع من سماع صوته واسرعت بالركض بلا هوادة
وصوته الذي يناديها يجعل قلبها ينتفض رعباً
صرخت بأعلى صوتها عندما وجدته يحيط كتفيها يوقفها
_أسيل اهدي ارجوكي واسمعيني.
علت صرخاتها وهي تحاول الإفلات منه
لكنه كان يشدد ذراعيه حولها يحاول التحكم في حركتها كي لا تهرب منه.
لم تؤثر بها كلماته وهي تصرخ بخوف أرعبه عليها
_طيب اسمعيني وبعدها هسيبك تمشي بس أرجوكي اسمعيني
صرخت بأعلى صوتها
_ابعد عني بقا…
اغمض عينيه بأسف على ما اوصلها له وقال برجاء
_طيب إهدي…
جعلها تستدير بين يديه وأمسك ذراعيها كي لا تهرب منه وتمتم بوله
_أسيل أنا بحبك اسمعيني.
صرخت به حتى شعرت بانشقاق حلقها وهي تصيح
_اسكت بقا مش عايزة اسمع تاني، ابعد عني وارحمني منك
توقفت عندما شعرت بقدميها تتراخى وتنزل على الأرض من شدة الدوار
كادت ان تسقط لولا ذراعيه التي تدعمها كي لا تسقط
تحولت صرخاتها إلى نحيب وقد استسلمت له من شدة الإجهاد الذي مارسته كي تهرب منه
هي تعلم جيدًا بأنها لم تسترد صحتها كاملة بعد لذا أُجهدت حقاً
جذب رأسها إلى صدره وهو يغمض عينيه بألم شديد عليها وإلى ما وصلت إليه حبيبته..
_إهدي يا عمري وانا هفهمك كل حاجة.
هزت راسها المستندة على صدره وتمتمت بألم
_ابعد عني بقا مش عايزة اعرف حاجة غير انك تبعد عني.
أخذ نفس عميق يهدئ به من آلامه وتمتم بحزن
_لما تسمعيني هتعذريني.
ابعدها عنه قليلًا كي يحيط وجهها بكفيه ويرفعه إلى مرمى عينيه وتمتم بثقة
_اسمعيني وبعدها هسيبك تمشي بس اديني فرصة اعرفك الحقيقة…
هزت راسها بهستيرية وهي تدفعه بعيدًا عنها صارخة فيه
_قولتلك مش عايزة اسمع حاجة سيبني فى حالي بقا انت دمرتني وضيعت حياتي.
رد بلهفة وعيون تقطر ندماً
_هعوضك يا عمري عن كل ده بس أرجوكِ خلينا نتكلم.
ارتد داغر للوراء عندما دفعته بصدره وقالت بانهيار
_مبقاش في كلام بينا، ليه عايزني اسمعك وانت مفكرتش لحظة واحدة تسمعني، كنت بتخدعني الفترة دي كلها عشان توصل لغرضك ومكتفتش بده، كملت خداعك ودمرتني للمرة التانية(صرخت به بكل الألم الذي سكن مكنونها) وانت بتتهمني في شرفي ومع حازم الانسان الوحيد اللي وقف جانبي وساندني.
تشنج فمه من شدة الغيرة وصاح بها
_متجيبيش سيرته على لسانك…
قاطعته أسيل بتعند
_لأ هجيب لأنه هو الوحيد صاحب الفضل عليا وإني لسة واقفة على رجلي لحد النهاردة
حازم عمل معايا اللي أقرب الناس ليا معملوش.
تساقطت دموعها وهي تتمتم بامتنان لحازم
_من صغري وهو ضهر وسند ليا، كان بيعوضني عن كل اللي اتحرمت منه، حتى لما غدرت بيا محدش وقف جانبي غيره، اداني بيته بعد ما كنت في الشارع وأداني اسم أخته، حتى أمه سبها معايا، وبعد كل ده تيجي تقولي متجيبيش اسمه على لسانك.
دفعته بكل قوتها على صدره رغم خطورة الأمر على صحتها التي لم تستردها بعد وقالت بغضب
_أومال أجيب اسمك انت بعد كل اللي عملته فيا ومستظلم حقك.
هزت راسها بازدراء
_انت احقر انسان شوفته في حياتي..
تحمل داغر حديثها اللاذع فهي محقة إذا كانت لا تعلم الحقيقة
همت بالذهاب لكنه امسك ذراعها يمنعها
_أسيل….
قاطعته بهدر وهي تجذب ذراعها منه
_متنطقش اسمي على لسانك
اشار لها ان تهدئ لأن الطبيب حذره من التعصب وتمتم بهدوء
_طيب اهدي وإديني فرصة اعرفك ازاي ده حصل.
عادت الذكرى تقتحمها مما جعل اطرافها ترتعد لكنها جاهدت كي لا يرى ذلك وصاحت به
_مش عايزة اعرف، مش طايقة حتى اسمع صوتك، كل اللي عايزاه انك تبعد عني وتسيبني أعيش لأول مرة الحياة اللي انا عايزاها مش اللي انتم عايزنها، بس قبل ما تمشي تطلقني..
توحشت نظراته عند ذكر تلك الكلمة وامسكها من ذراعها يهزها بعنف فقد فيه السيطرة على اعصابه
_الكلمة دي متتكررش تاني انتِ فاهمة، مفيش قوة في الأرض هتخليني اطلقك مهما حصل مستحيل..
شعرت أسيل بالدوار من هزه لها فرفعت يدها إلى رأسها مما جعل داغر يأنب نفسه
لقد أخبره الطبيب ان يتروى معها فهي في فترة نقاهة ولم تسترد عافيتها بعد فتمتم بقلق
_أسيل انا آسف…..
وجدها تتهاوى في وقفتها من شدة الدوار الذي اقتحمها بسبب هزه لها فقام مسرعًا باسنادها وسألها بلهفة
_انتِ كويسة؟
أغمضت عينيها تحاول الثبات لكنها لم تقوى على ذلك
لم تجادل داغر عندما حملها وسار بها اتجاه منزله فهي مازالت ضعيفة من جراء العملية لكنها تقاوم كي يوافق سليم على إرسال ابنها لها.
دلف داغر منزله ثم وضعها على الأريكة بقلق بالغ
ابعد خصلاتها عن وجهها وقال بلهفة
_احسن دلوقت؟
كان الدوار شديد حتى إنها لم تستطيع إجابته
نهض داغر من جوارها وأسرع بالاتصال بالطبيب يسأله عن سبب ذلك فقال الطبيب باستياء
_لقد أخبرتك سيد داغر أن تؤجل تلك المواجهة كي لا تتعرض لهذه الحالة.
استاء داغر من تسرعه وسأله
_ماذا افعل الآن؟
_اتركها ترتاح قليلًا وستكون بخير.
في منزل صغير بالقرب من منزل جدها
جلست أسيل على الأريكة تنزوي عليها ومازالت تلك الرهبة تراوضها، ما الذي جعلها تستسلم له وتتركه يأخذها إلى منزله؟
لما ذلك الرجل يسيطر عليها بذلك الشكل وتتحول لدمية أمامه يتلاعب بها كيفما يشاء
لكن تلك المرة لن تنخدع وستسمعه ثم تلقي بمبرره في وجهه.
أشاحت بوجهها عندما وجدته يخرج من المطبخ ويتقدم منها حاملاً كوبين بين يديه.
ناولها أحدهم وقال بتروي
_اشربي ده هيريحك.
أشاحت بوجهها بعيدًا عنه لكنه أعاد كلمته
_قولتلك هيريحك.
وافقت كي لا تتجادل معه ثم حبستها بين يديها
جلس على المقعد المجاور لها وقال بتعاطف
_انا عارف إني ظلمتك كتير وكنت سبب في تدمير حياتك بس أقسملك انه ما كان بإرادتي.
لم تعير حديثه أي أهمية كيف لم يكن بإرادته وقد تعمد حدوث ذلك.
_على العموم اسمعيني، وبعدها هسيبك تمشي.
ترقرقت الدموع بعيونها وتمتمت بألم
_اسمع أيه؟ أسمع غدر الإنسان الوحيد اللي حبيته ووثقت فيه وكنت مستعدة أديله عمري لو طلبه، ولا لما رجعت أأمن له من تاني وبرضه غدر بيا من تاني.
جثى على ركبتيه أمامها وهم بلمس يدها لكنها جذبتها قبل ان يصل إليها صرخت بتحذير
_متلمسنيش.
اومأ لها يطمئنها
_تمام بس إهدي، انا هحكيلك على كل حاجة ومش مطلوب منك غير انك تسمعي.
وافقته لأنها تعلم جيدًا بأنه لن يتركها حتى تستمع له.
بدأ يحكي لها ما حدث في قضية عمه وكيف أن ذلك الرجل وضع ذلك المخدر في القهوة كي يبتزه به لكن هما من سقطا به
فتابع
_فوقت لقتني في الجنينه مش عارف ايه اللي حصل ولا ايه اللي جابني هنا، دخلت بسرعة اخدت الفون واتصلت عليكِ لقيت فونك غير متاح، اخدت مفاتيح العربية وخرجت بها وطبعا تركيزي كان ضعيف لحد ما شوفتك وانتِ في العربية
لفيت بسرعة عشان اروح وراكي بس العربية اتقلبت بيا ومش فاكر حاجة بعدها غبر لما فقت ولقتني اعمي.
بوغت عندما وجدها تتطلع إليه بجمود وتسأله
_والمطلوب مني؟
عقد حاجبيه بحيرة فتابعت هي
_اقولك خلاص مسمحاك ونرجع لبعض وننسى اللي فات؟ هو ده اللي انت عايزه؟
علا صوتها قليلًا
_بالسهولة دي شايف إن اللي حصل ممكن يتنسي والعذاب اللي شوفته من عملتك سهل يتمحي من حياتي؟
هزت راسها بنفي وقالت بضياع
_مستحيل، عارف ليه؟ لإني هحتاج عمري على عمري عشان اقدر أنسى.
تطلع إليها برجاء
_اوعدك إني هنسيكِ كل ده، مش هسمح للدموع أنها تنزل من عينيكِ تحت أي ظرف، أسيل انا بحبك محبتش حد ولا هحب غيرك ارجوكِ متزوديش عذابي اللي ربنا وحده عالم بيه، بلاش تعاقبيني على حاجة قولتلك إني مليش ذنب فيها؟
تمتم بعذاب وهي يتذكر مقتطفات من ذلك اليوم
_انا اليوم ده كنت ببات احلم به وماتخيلتش انه يحصل بالشكل ده ولا إني مافتكرش حاجة منه
اقسملك إن عذابي كان أضعاف عذابك لما فوقت ولقيت نفسي فقدت كل حاجة
نظري وشغلي والانسانة الوحيدة اللي حبيتها
كل حاجة ضاعت من ايديا مرة واحدة
كنت محتاجلك اكتر من اي حد في الدنيا، مكنتش اعرف إنك بتعاني زيي
سألت عليكِ وعمي بعت حد يحاول يوصلك بس قالوا إنك سافرتي إيطاليا وقتها قلت انك اتخليتي عنى خلاص
أول ما رجعت اسكندرية عشت على أمل إنك تعرفي وتجيني لحد ما جيتي فعلاً
عرفتك وقتها، صحيح مش بعينيه بس عرفتك بقلبي وصوتك اللي مغبش عني لحظة واحدة
عارف إني قسيت عليكِ وقتها بس انا كمان كنت مجروح منك، كنت شايف فيكِ إنك اتخليتي عني لما عرفتي بعمايا
كنت عايز انتقم منك بس لقيت إني اضعف من كدة بكتير
بس كل اللي كان محيرني ازاي رجعتي؟ وليه غيرتي اسمك؟ وليه بتشتغلي ممرضة، اسئلة كتيرة وللأسف معرفتش أوصل لأجابة لإني ببساطة كنت واحد أعمى مش شايف تحت رجله، لما وقعتي من السلم وقتها حسيت بعجز رهيب
مش عارف ايه اللي حصلك ولاعارف أحدد مكانك، دورت عليكِ وانا بحسس زي المجنون ولما وصلتلك شيلتك بس معرفتش اتحرك بكِ خفت لو اتحركت اقع بكِ وتضري أكتر، وقتها صرخت زي المجنون وانا واخدك في حضني وزي العاجز مش عارف اتحرك.
وده كان أكبر دافع عشان نظري يرجعلي والحمد لله شوفت وقتها وعرفت إن قلبي مخدعنيش وإنك فعلاً أسيل.
رفع عينيه إليها وتابع بصدق
_لما طلبت اتجوزك كنت اعترفت لنفسي إني لسة بحبك وكان غرضي إني اتجوزك بجد واوجهك إني عارف كل حاجة واطلب منك ننسى اللي فات ونبدأ مع بعض من جديد
وأكبر دليل على كدة اللي حصل بينا في الشقة..
زم فمه بأسف للذكرى وتابع
_بس كان غصب عني لما لقيتك مش بنت، أي حد مكاني كان هيعمل كدة وأكتر كمان….
قاطعته أسيل كي لا تستمع للباقي
_خلصت كدة؟
رمش بعينيه لا يجد ما يقوله فتابعت هي نحره
_سيبني بقا امشي.
نهضت وينهض هو واقفاً قبالتها يتطلع إليها بعتاب وتمتم برجاء
_أسيل متمشيش.
اهتزت نظراتها وقد لامس رجاوءه قلبها لكنها أبت أن ترضخ له ومرت من جواره غير عابئه بنظراته الراجية لها
لكن من قال أنها لا تبالي برجائه
بل انسحبت عندما شعرت بأنها تضعف أمامه
خرجت من المنزل كي تسمح لدموعها بالانهمار
لن تكون عودتها إليه بتلك السهولة عليها ان تلملم شتاتها وتمحي من داخلها بقايا القهر الذي عاشته
ومن قال أيضاً بأنه سيتركها ترحل بتلك السهولة
خرج خلفها يسرع الخطى حتى وصل إليها وجذبها من ذراعها ليديرها إليه يحتضنها بقوة لن يسمح لها بالذهاب بعد اليوم بعيدًا عن دائرته
_مش هسيبك يا أسيل تبعدي لو مهما حصل.
شدد من احتضانه لها وتمتم بشغف
_بعدك والموت واحد لإنك انتِ كل عمري.
كانت تبكي وهي مستسلمة بين يديه بتملك عاشق
يخفي وجهه بخصلاتها كي يخفي عنها دموعه التي لم تنساب على أحد سواها حتى اختلطت دموعها بدموعه
وكلاهما ينفطر الماً على الآخر
رفع كفيه إلى وجهها يمسح دموعها التي تكوي قلبه بابهامه لكنه أصبح لا يعرف أن كانت دموعها أم دموعه
كان يضع جبهته على خاصتها ولم يستطيع أحد منهم ردع تلك الدموع التي تنهمر بقوة
وكلا منهم يبكي على حال الآخر وحال الآخر هو حاله.
اعاد رأسها على صدره يقبله بأسف وندم متوعدًا بأشد عقاب لمن قاموا بتدميرهم
ابعد وجهها عن صدره ومسح دموعها بابهامه ثم تمتم بغصة تهز قلبها وقلبه
_سامحيني يا حبيبتي…
رفعت عينيها إليه فوجدته يرمقها بعينين دامعة مشفقة على كلاهما.
أغمضت عينيها بقوة تحاول السيطرة على نحيبها ورجفتها لكن لا فائدة بل شعرت بالدموع تنهمر أكتر حتى أصبحت قدميها كالهلام
نزلت على الأرض ونزل هو معها ليحتويها اكثر داخل أحضانه وجعلها تخرج تلك الآلام على هيئة بكاء من داخلها
وأقسم ان يكون ذلك هو البكاء الاخير لهما لذا تركها تبكي وتنتحب كما تشاء.
تشبثت به بوهن كأنها تطلب منه ألا يعاد ما فعله معها من قبل
وكأنه علم بما تود القلوب التفوه به لذا شدد من احتضانه لها كأنه يوعدها بذلك
بعد فترة استكانت بين يديه وتوقف نحيبها
تطلع إليها فوجد أنها قد نامت بين يديه..
بكل روية قام بحملها ونهض بها ليدلف منزله ثم صعد بها للأعلى ليضعها على فراشه.
خلع حذائها ثم سترتها كي تنام براحة ثم جذب عليها الغطاء وتركها لتنام
قام بالاتصال بجدها وأخبره أنها ستبقى معه
رحب جدها بذلك ولم يمانع فهي بالنهاية زوجته.
اغلق داغر الهاتف ثم وضع يديه في خصلاته وهو مستند على مرفقيه
لقد وصل التعب منه مبلغه لذا قرر أن ينام أخيراً بعد ذلك الشقاء
خلع سترته تلاها حذاءه ثم استلقى بجوارها على الفراش
جذبها لحضنه يشدد ذراعيه حولها كأنه يخشى هروبها منه.
أغمض عينيه وقد إرتاح قلبه أخيراً برؤيتها معه..
❈-❈-❈
في القاهرة.
دلف سليم غرفة الصغير فيجد وعد مستلقية بجوار إياد الذي غفى على فراشه
فقد أصر منذ عودته إلى القاهرة بعد أن أسترد أملاك والده التي لا يعرف عنه شيء حتى الآن أن يحتفظ بابن أخته لديه
وقد تعلقا به حتى أنهما يخشى رجوعه إلى أسيل والتي رفضت العودة إلى مصر نهائياً
دنى منها ليوقظها بخفوت
_وعد..
فتحت وعد عينيها ليبتسم قلبها قبل ثغرها عند رؤيته
همت بالتحدث لكنها تذكرت إياد الذي نام بعد عناء.
أشارت له بالصمت ثم خرجت معه للخارج وهي تقول بعد ان أغلقت الباب
_أخيراً نام، يظهر إننا زودناها أوي ولازم نبعته لأسيل.
تنهد سليم بعتب وقال
_انا بحاول اضغطت عليها عشان ترجع بس يظهر إنها مصرة وجدي كمان مشجعها تفضل معاه.
ضيقت عينيها بشك
_عايز تفهمني انه ده السبب اللي مخليك مش عايز ترجعه؟
حك رأسه بإحراج
_بصراحة بفكر احتفظ به وهي تخبط راسها في الحيط، عايزة ابنها يبقا ترجع تعيش معانا هنا.
ضحكت وعد وقالت
_انت مجنون بس بصراحة الولد ده بيعلق الكل به، انا مش قادرة أنسى شكل دادة أمينة وانت بتقنعها أنك تاخده يعيش معاك صدقني صعبت عليا أوي.
_هي كمان رفضت تعيش معايا هنا وحازم أصر على الرفض قال أنه سابها تفضل معانا بس عشان أسيل وبما إن أسيل مش موجودة يبقا مينفعش ترجع.
غمغمت بزعل
_بصراحة البيت وحش أوي من غيرها
غمز بعينيه بمكر
_وانا اللي بقالي يومين غايب مكنش وحش من غيري؟
ضحكت وعد وردت
_مين اللي قال كدة
رفعت اناملها تعد عليها
_دا انا عدتهم باليوم والساعة والدقيقة حتى الثانية.
رفع حاجبيه متسائلاً
_أومال فين مش شايف.
هزت كتفيها بلؤم
_بما إنك مش صابر تعالى معايا.
اندهش عندما وجدها تجذبه من يده ودلفت به غرفتهم
فتحت أحد الأدراج لتخرج شيء صغير وتتقدم منه تشير به أمام عينيه
_ده اللي كان بيخليني اعد الثواني عشان تيجي واقولك.
قطب جبينه بحيرة وسألها
_هو ايه ده؟
امسكه بيده فيجد جهاز صغير ويرى بهما خطين باللون الاحمر
قالت بسعادة
_انا حامل.
كان وقع تلك الكلمة عليه رهيب وهو يرى حلمه يتحقق بزوجته التي عشقها وطفل تمناه منها وحلم به كثيرًا
صدحت ضحكتها عندما قام بحملها وأخذ يلتف بها بسعادة كبيرة وقد انقشعت تلك الغيوم من حياته وازدهر حاضره ومستقبله
فقط يصل لوالده وتعود أخته كي ينعما معا بتلك السعادة..
❈-❈-❈
استيقظت أسيل لتجد نفسها مستلقية على الفراش واضعاً رأسها على صدره ومحاطاً إياها بذراعيه كأنه يخاف ان تهرب منه.
تطلعت إليه فتجده نائماً بهدوء وملامحه لأول مرة يظهر عليها الراحة وكأنه وجد ضالته أخيراً.
ظلت حائرة ما بين أن تعود إليه وتنسى الماضي
أم تنتظر حتى يعيد لها شعور الأمان الذي افتقدته معه
مازالت لا تعرف ماذا فعل بقلبها حتى يسيطر عليه بتلك الطريقة
فقلبها يتحرى شوقاً للعودة إليه
أما عقلها فهو يأبي الرجوع حتى تتأكد من حقيقة ما أخبرها به.
هي لا تشك بما قاله لكن تريد الاطمئنان أكثر.
انسحبت بهدوء من جواره وأخذت هاتفها من اعلى المنضدة وتوجهت للخارج
هاتفت عمه والذي أكد لها كل شيء وأنهم استطعوا الوصول للخادمة لكن داغر رفض ان يبلغ عنهم كي لا يعرض الفيديو للشرطة ويراها الجميع هكذا.
إذًا لم يكذب عليها كما ظنت
وكأنه شعر بها تقوم من جواره إذ سمعته يقول بعتاب
_خلاص اتأكدتي؟
استدارت تجاهه وقد شعرت بالاحراج منه لذا تمتمت بفتور
_اللي عشته الفترة اللي فاتت يخليني اتأكد الأول قبل أي خطوة اخطيها.
تقدم منها ليقول بجدية
_وانا عمري ما كدبت عليكِ يا أسيل وارجعي بذكرياتنا مع بعض هتعرفي إني كنت صادق معاكِ من البداية.
تطلعت إلى عينيه بحيرة فتقدم منها يحتويها بذراعيه وقال بلوعة
_أسيل كفاية لحد كدة أنا حقيقي تعبت مبقتش قادر أبعد أكتر من كدة، كفاية اللي ضاع من عمرنا وخلينا نعوض العذاب اللي عشناه في حضن بعض.
اهتزت نظراتها عندما فهمت مغزى حديثه
فهي ليست مستعدة بعد لأن يجمعهم سقف واحد
شعر داغر بما تعانيه لذا وضع انامله أسفل ذقنها وتمتم بوله
_اللي قدامك ده داغر اللي حبك وحبتيه الفترة اللي فاتت دي احذفيها خالص من حياتنا.
وضع وجهها بين كفيه وتابع بعشق
_خلينا نرجع مصر واعملك فرح اسكندرية كلها تتحاكى به، بس إرجعي.
اخفضت عينيها بأسف فرغم رغبتها بذلك إلا إن ذلك مستحيل لأجل طفلهما.
يتبع...
لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا
بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل
متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا
الرواية كامله من هناااااااااا
مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا
مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا
تعليقات
إرسال تعليق