القائمة الرئيسية

الصفحات

translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية نيران نجع الهوى الفصل السابع عشر 17بقلم هدير دودو

التنقل السريع

     

    رواية نيران نجع الهوى الفصل السابع عشر 17بقلم هدير دودو 







    رواية نيران نجع الهوى الفصل السابع عشر 17بقلم هدير دودو 


    #الفصل_السابع_عشر

    #نيران_نجع_الهوى

    #هدير_دودو 


                ❈-❈-❈-❈-❈-❈-❈-❈-❈-❈-❈-❈


    تطالعه بأعين يملأها الدهشة والإستنكار، عينيها المذهولة تسأل ما لا يقوى لسانها على التفوه به، ماذا حدث لتحوله معها المباغت لم تستطع أن تبقى صامتة تحت نظراته الغاضبة التي تفترسها، كفريسة سقطت لأسد باسل لابد  أن يلتهمها، نهضت تقف قبالته تقطع ذلك الصمت السائد بينهما ونظراته الغاضبة النارية المصوبة نحوها هاتفة بتوتر:


    - في إيه يا عمران؟ ايه اللي حُصل عاد؟ 


    وجدته هب يقف قبالتها مقتربًا منها بخطوات مريبة فأسرعت تعود بخطواتها إلى الخلف مبتعدة عنه، أسرع قابضًا فوق ذراعها يجذبها منه فارتطمت بقوة بجسده الصلب رفعت وجهها تتطلع داخل عينيه المتوهجة صدح صوته الغاضب بلهجة حازمة: 


    - بجا مخبراش حُصل إيه وعتسألي كُمان. 


    حركت رأسها نافية بعدم فهم فوجدته يشدد من قبضته فوق ذراعها بقوة مؤلمة، صدر عنها تأوه خافت وبقيت تطالعه بجمود متعجبة استكمل حديثه يخبرها ما بداخله بغضب جامح يحاول ترويضه قبل أن يقتلها:


    - عتضحكي عليّ يا بِت الحوامدية، عملاني مُسخة في يدّك وانتي متفجة ويا حسن ولساتك عتحبيه. 


    حركت رأسها نافية وعينيها معلقة نحوه بدهشة متعجبة لأمره وأخيرًا صدح صوتها المذهول تحت تأثير صدمتها من تحوله المباغت:


    - إيه الحديت الماسخ دِه! لساتك بعد كل اللي بيناتنا عتفكر فيا إكده.


    ازداد اقترابه منها بغضب وعينيه تصدح نيران مضطرمة لا تعي شيء جانب نيران قلبه الكافية على تدمير النجع بالكامل، عقب على حديثها ساخرًا:


    - جولتي إنك كرهتي حسن وجلبك نفر منيه صُح؟


    تعجبت من حديثه وأجابته صائحة بغضب:


    - أنتَ عتعمل كل ده لچل إكده! أنى جولتلك جبل سابج أني مبجتش رايداه.


    وجدته يضع أمامها صورة حسن وتلك الدبلة الذهبية الخاصة بها كانت تحتفظ بها بين ثيابها، وعينيه توجه لها العديد من الحديث قابلت نظراته بأخرى نافية في صمت، فصدح صوته الوخيم بغضب:


    - وحاچات حسن بتعمل إيه عنديكي؟


    وجدته يجذبها من جديد بقوة نحوه ضاغطًا فوق خصرها بقوة ألمتها جعلتها تتأوه في قبضته الحديدية وصاح بغضب وهو يهزها بعنف:


    - لما جالي جبل سابج إنك متفجة وياه وعتضحكي عليا مصدجتوش وكدبته، جولت عهد متعملش إكده وإنتي عملاني مُسخة في يدّك.


    تطلعت نحوه بصدمة وتجمعت الدموع داخل عينيها سألته متعجبة بنبرة يملأها الوجع:


    - ولما مصدجتوش چاي دلوك عتحاسبني ليه أومال؟


    قبل أن يتحدث ويجيبها سبقته هي منفعلة بغضب:


    - لچل الصورة ديه خلاص بجيت خاينة وعتعمل إكده ويايا، ولما أني لساتني رايدة حسن، ليه بعدت عنيه وسلمتك حالي وجلبي، أني لو رايداه عمري ما كنت هخليك تجرب منيّ وتلمسني.


    لازال الغضب يكسو قسمات وجهه وهي تبادله نظراته بأخرى غاضبة بنيران مضطرمة بعد أن تلاقت الخذلان منه للمرة الأولى، صدح صوته متسائلًا بجدية:


    - ولما إنتي مرايداهوش بصحيح صورته ودبلته بتعمل إيه وياكي يا عهد؟


    إلى هنا ولم تتحمل حديثه القاسي فشلت في السيطرة على ذاتها فصاحت أمامه بغضب:


    - بزياداك يا عمران إني فاهمة حديتك زين وخابرة اللي رايد تجوله من وراه  بس لسانك ممطاوعكش لكن عينك واضحة يا ولد الچبالي، وحديتك متجال فيها وواضح كيف الشمس.


    التقطت أنفاسها بصعداء، واسترسلت حديثها بغضب:


    - الحاچه دي كانوا معايا صُح بس في اللول منيش كنت هيمانة فيك كنت خابر إني لساتني رايداه بس بعد إكده أني نسيتهم يا عمران وجولتلك إني مرايداهوش.


    هرب بعينيه من نظراتها الحزينة التي تبرز مشاعر قلبها المحطم، حزنها سيطر على قلبه العاشق جعله ينهر ذاته على تلك الأفكار التي سيطرت عليه وسحقت عقله في وهلة غضب، فاقتربت منه بعد أن بقي صامت أمام حديثها لا يجد ما يتفوه به لتقف أمامه بكبرياء أنثى قوية وتعالى صوتها مرة أخرى بثقة:


    - أني مش مَرا خاينة يا عمران وأنت اتوكدت من إكده بنفسك، معملتهاش وأني مش بحبك ومغصوبة عليك هعملها دلوك إياك.


    حديثها جعل الدنيا تزهو أمامه من جديد، نسى كل ما يحدث حوله وتعالت نبضات فؤاده بعنف تطلع نحوها بأعين متلهفة عاشقة لتلك الامرأة المسيطرة على قلبه وتعزف بأوتاره عشقها، وتحدث بجيبها بهدوء:


    - وإني مجولتش إنك خاينة يا عهد ولا أجدر أجول إكده، أني بس الغضب سيطر على عجلي لما شوفت حاچته لساتها عنديكي.


    تطلعت نحوه بنظرات معاتبة صامتة دون أن تتفوه وتعقب على حديثه، لكنها لازالت غاضبة منه ومن ظنونه  حولها، فاقترب منها واضعًا يده حول خصرها يطالعها بوميض عاشق، وهمس أمام شفتيها الساحرة بلونها الأحمر القاني التي تسلبه أنفاسه وتدفعه للاقتراب:


    - جصدك إيه بحديتك اللي جولتيه إنك دلوك بجيتي عتحبيني يا عهد الجلب.


    لم تنهار حصونها أمامه وتمسكت بمشاعرها لتبقى بداخلها بينما حاولت أن تدفعه إلى الخلف ليبتعد عنها فتركها كما تريد ابتعدت بخطواتها إلى الخلف بعدما تحررت من قبضته ولعنة اقترابه، وآتى حديثها يملؤه الكبرياء:


    - إني جلبي مهره غالي جوي يا عمران ومحدش يجدر يطوله بالساهل إكده، وإن نفر من حد معيعرفش يحبه واصل.


    كان يعلم مغزى حديثها جيدًا، تلك الماكرة تتلاعب بأوتار قلبه بمهارة وتسيطر على مشاعره بسهولة، فالقلب والعقل والروح أجمعوا على عشقها، لكنه سألها بمكر بعدما عاد يقترب منها من جديد:


    - جصدك إيه يا جلب عمران.


    ابتعدت عنه مسرعة وذهبت تجلب المئزر لترتديه حتى تخفي جمالها عن أعينه العاشقة لتثير عقله بجنون وأجابته بسخرية لاذعة:


    - جصدي وصلك مليح يا ولد الچبالي.


    أغلقت المئزر حول خصرها بإحكام تاركة إياه تحت تأثير الدهشة من حديثها، وذهبت نحو الفراش هاربة من وجودها معه، لم ينتظر كثيرًا قبل أن يقترب منها ويذهب بجانبها تلك الماكرة التي توليه ظهرها وتغمض عينيها، ليضع يده حول خصرها ويجذبها نحوه عنوة لتبقى داخل أحضانه كما اعتاد، لكنه وجدها هي مَن تطالب بالابتعاد، حاولت أن تبعد يده المحيطة لخصرها حتى تبتعد لكنه شدد من قبضته ليجذبها نحوه فبدا الانزعاج فوق ملامح وجهها وهو يطالعها بشغف ليهمس بعشق جارف سيطر على عقله الذي بقي أسيرًا لهواها:


    - الله في سماه كيف البدر المنور يا عهد.


    كاد أن يقبلها في قبلة شغوفة تمناها قلبه قبل عقله الذي دفعه بها لولا أنها أدارت وجهها سريعًا نحو الجهة الأخرى معقبة بضيق وغضب:


    - عمران بعّد عني وملكش صالح بيا دلوك.


    تطلعت داخل عينيه واسترسلت حديثها:


    - هملني.


    وجدته يطبع قبلة حانية فوق يدها وجبتها وأردف معتذرًا بهدوء:


    - حجك على جلبي يا عهد الجلب، الله في سماه ما تحصل تاني.


    طالعته في صمت نظرات كافية لتعبر عن غضبها من فعلته بعد أن رأت عدم ثقته وغضبه للمرة الأولى، كانت دومًا تجد مَن يدعمها لكن اليوم هو فعل ما يناقض ما اعتادت عليه ووقف يشكك في أخلاقها ومشاعرها، كان الصمت أفضل سبيل للتعبير عن ضجيج أفكارها المبعثرة التي سيطرت على عقلها فلم تجد سوى الهروب أغمضت عينيها لتدخل بعدها في سبات عميق.


    في الصباح الباكر بعدما حل بنوره الساطع لينهي ظُلمة الليل الحالكة، استيقظت عهد وهندمت هيئتها واضعة وشاحها فوق خصلات شعرها المبعثرة وسارت نحو الأسفل لتعد قهوة عمران الخاصة كما اعتادت كل صباح. 


    تفاجأت به قد اسيقظ ويجلس في انتظارها حاولت ألا تعيره اهتمام ولم تلتفت نحوه فقط وضعت القهوة فوق المنضدة التي كانت أمامه دون أن تتحدث لكن قبل أن تذهب وجدته جذبها من ذراعها بقوة لتسقط فوق ساقيه فأسرع يدعمها بذراعه الذي التف حول خصرها ليقربها منه أكثر مستنشق عبيرها الخلاب وعينيها الفاتنة التي جعلت أعتى رجال نجع العمدة يهوى أسيرًا لعشقها بعد أن سيطر على فؤاده. 


    طالت نظراته العاشقة نحوها بينما هي بدأت تبادله نظراته بشغف بعد أن علمت الجزء الخفي لشخصية عمران الجبالي، الذي يهابه الجميع هو معها شخص آخر، يطلب هواها بشغف، يغمرها بحنان كبير فيعوضها عما رأته لتتحول معه حياتها إلى الأسعد جعلها تعلم ما هو الحب لكن على طريقته الخاصة بأفعاله ليس بكلمات مزينة تصدر من خارج القلب كما كانت تظن من قبل، هناك جانب عاشق لم يظهر سوى معها. 


    كانت العين تتحدث بما يحتويه الفؤاد لتداوي جميع الجراح، فقد السيطرة على ذاته فاقترب منها أكثر يشدد عليها داخل أحضانه كما لو أنها من أثمن الأشياء في حياته بل في الحقيقة هي الأثمن والأغلى منذُ أن دلف هواها قلبه، بدأ يطبع بعض القبلات الرقيقة التي كانت لها مثل نسيم هادئ يداعب قلبها الحزين، لم يكتفِ ولم يستطع أن يتوقف بعد أن أصبح عشقها كنبضات فؤاده لن يحيا سوى به، كانت تحت تأثير عشقه وتوقف عقلها إلى أن عادت إلى واقعها وتذكرت ما فعله أمس، فوجدت ذاتها تدفعه إلى الخلف ليبتعد مغمغمة بصوت خافت آتى من فاهها بصعوبة بالغة وهي تحاول التخلص من تأثيره: 


    - عــمــران... بعد عنيّ. 


    تطلع نحوها فوجدها تطالعه بعتاب والحزن يبدو بوضوح فوق قسمات وجهها بعدما تذكرت ما فعله أمس، للمرة الأولى تهتز ثقته بها، يعلم أنه أخطأ عندما سار خلف ظنون كاذبة، لم يتأكد من صحتها فحاول التحدث معها بهدوء وندم: 


    - حجك عليّ يا جلب عمران ونن عينيه التنين من چوه. 


    حاولت ألا تنظر داخل عينيه حتى لا تتأثر، وهتفت تجيبه بنبرة يتغللها الحزن: 


    - هو أني لو جلب عمران صُح كيف ما عتجول مكنتش عِملت فيا إكده ولا صدجت حديت الخسيس أخوك. 


    أكملت حديثها بجدية يتخللها بعض الحدة قليلًا: 


    - أني لو مرايدكش يا عمران مكنتش سلمتك حالي وجلبي. 


    نهضت مبتعدة عنه توليه ظهرها حتى لا تتطلع نحوه، علم بالحزن الذي يملأ صوتها مما فعله أمس شعر وكأنه خنجر قاتل أصاب قلبه، وكاد ينهي حياته، نهض يتبعها وضمها من الخلف بمشاعر شغوفة بصدق هامسًا بندم داخل أذنيها: 


    - الله في سماه جلب عمران خالي من أي حاچه إلا عشجك يا عهد الجلب، أوعاكي تعيدي الحديث الماسخ دِه تاني، أني غلطت ومعاكي حج تزعلي وأني أراضيكي، بس والله غصب عنيّ غيرتي عليكي عمتني وخلتني أعمل إكده بس حجك على جلبي، أني متحملش بعادك عنيّ. 


    استسلمت داخل أحضانه بعدما شعرت أنها ملكت العالم بأكمله بعد حديثه العاشق الذي داعب فؤادها لينهي جميع جراحه.


    لكنها لم تتنازل عن كبريائها بعد فعلته ليلة أمس، فظلت صامتة تخفي مشاعرها بداخلها وابتعدت عنه متحاشية النظر داخل عينيه المثبتة نحوها. 


    هو مَن جعلها تعلم معنى الحب بعدما رأت غرامه الكبير لها، تعلمت كل شيء على يده، لم تنكر أن حديثه أسعدها كثيرًا لكنها تفعل ذلك حتى لا يعيدها مرة أخرى، تلك الأنثى الماكرة تتلاعب بأوتار قلبه المغرم بمهارة حتى تسترد كبرياءها من جديد. 


    ❈-❈-❈


    داخل الوحدة الصحية كانت تقف إيمان تستند على جدار الغرفة بمفردها بعد أن أعدت والدتها كل شيء لعودتها إلى المنزل لكنها ذهبت تأخذ بعض التعليمات الهامة من الطبيب الذي قال أنها بخير الآن لكن الحقيقة تنفي ذلك هي ليست بخير، هي فقدت طفلها ومعه فؤادها الذي تحطم تمامًا واتملأ باللون الأسود الحالك الذي يعبر عن حياتها القادمة في مصير مجهول وقدر اشتد قسوته عليها، ليسلب منها سعادتها وأحلامها والإن هي تجر خيبة آمالها المبعثرة وتبخرت مع الرياح. 


    ملامح وجهها شاحبة مجعدة حيثُ تبدو بعمر أكبر من عمرها لسنوات بسبب اختيار خاطيء منها مع شخص لا يستحق أن يُقال أنه رجل،  فهو لا يعرف للمروءة معنى. 


    وجدت من يقتحم الغرفة عليها بقوة ومان آخر شخص تريد أن تراه، عادت جراح قلبها تنزف من جديد عندما رأته يقف أمامها بهيئته التي تسلب أنفاسها لكن احتقارًا كما ظهر في نظراتها المصوبة نحوه بازدراء، واعتلت صيحاتها الغاضبة بحدة: 


    - اطلع بره مرايداش أشوف وشك العِكر، اطلع هملني لحالي، ربنا ينتجم منيك ويدوجك الجهرة اللي في جلبيّ. 


    لم يتأثر بحالتها المثيرة للشفقة لكن لشخص رحيم ليس مع أمثال ذاك صاحب القلب المتحجر، يقف يتابع انهيارها وهي تستند فوق الممرضة التي تمنعها من السقوط أرضًا دون أن يرمش له جفن،  يتابعها بأعين متسعة ببرود وآتى صوته يحمل جميع قسوة العالم بداخله:


    - أني مچيتش أشوفك ولا أطمن عليكي كيف ما عتجولي،  أني خلاص مرايدكيش وطلجتك امبارح جدام الكل، أني چاي اجولك تبعتي حد ياخد خلجاتك مرايدهاش.


    لم تحزن على فراقه لأنها تعلم أن ذلك سيكون بداية لحياة جديدة لكن بعقل ناضج بعدما حطمت تلك التجربة السيئة جميع الأحلام والآمال التي بُنيت بسبب قلبها الضعيف، لكن الآن هي امرأة ناضجة لم تستمع سوى لصوت عقلها، ازدادت نظراتها نحوه بغضًا وتفوهت بجدية: 


    - دِه يوم الهنا والمنى لما أبعد عنيك يا خسيس، عتستجوى على واحدة ست عشان فلوس أهلها، والله ما عمري شوفتك راچل ربنا خلصني منيك وهينتجم منيك حج ابنيّ اللي اتحرمت منيه مهيروحش واصل. 


    ازداد غضبه من حديثها، واللا مبالاه التي ظهرت في حديثها وسعادتها لفراقه،  فسيطر عليه تفكيره الشيطاني لينتهز تلك الفرصة التي آتت إليه ويستطيع أن يكسرها ويدمرها تمامًا، ذلك القاسي لم يكتفِ بما عمله بل يريد أن يستكمل على تلك الأنثى الضعيفة التي أمامه فقط لأنها لم تظهر ضعفه، فألقى حديثه القاتل: 


    - دِه أني اللي ربنا عيحبني عشان خلصت منيكي بعد ما بجيتي كيف الأرض البور مفيش منيكي نفعة كيف ما جال الدَكتور، ابجي وريني هتخلفي كيف بعد إكده، لكن أني من صباحية ربنا هكون چبت مرا تانية. 


    توقفت الدنيا بأكملها عند ذلك الحديث وتلك الكلمات القاتلة التي أصابت قلبها ونال ذلك الوغد مبتغاه، لم تستمع إلى شيء آخر وقد بدأت تتلاشى الرؤية من أمام عينيها بعدما ارتفعت أصوات عالية تدوي داخل أذنيها وعقلها يردد كلماته التي كانت كالسوط الذي هوى فوق فؤادها يمزقه، وإلى هنا وانتهى صوتها لتبدأ في الصراخ بأعلى صوت دوى يرج أرجاء الغرفة، وسقطت أرضًا لكن صراخها لم يتوقف اصطحبه عبراتها التي تعبر عن الآسى والحزن وهو يقغ يشاهدها بجمود دون أن يهتز، لكن بعد ارتفاع صوتها خشي أن يأتي أحد عليه بعد أن تسبب في سوء حالتها فأسرع يفر هاربًا بخوف من الغرفة. 


    لم يمر سوى بضع دقائق ودلفت والدتها مسرعة باصطحاب الطبيب وهي كما هي على حالتها المثيرة للشفقة تبكي وتصرخ والوجع بداخل لازال مستمر بل تضاعف في الحقيقة بعد أن علمت أنه سيصاحبها إلى الأبد، بعدما فقدت جميع أحلامها التي كانت تبنيها بسعادة ومحبة، إلى هُنا وتشعر أن كل شيء انتهى. 


    أسرع الممرضات نحوها يحاولون السيطرة على الأمر ووالدتها تقف تبكي بحزن على حال ابنتها المدللة التي عانت من ظلم الحياة. 


    لم يستطيعوا السيطرة عليها سوى بعد حقنها بالمهدئ حتى تهدأ قليلًا وتتراخى أعصابها بينما والدتها أسرعت تقف بجانبها بقلب متلهف قلق. 


    وجدت مَن يدق باب الغرفة بهدوء فصدر عنها همهمة خافتة حزينة وبعدها ولج أكرم الغرفة بهدوء يتحدث مع والدتها بصوت خافت حتى لا يزعج تلك النائمة: 


    - أنى أكرم يا حچة سي عمران بعتني لچل ما ابجى چاركم لو احتاچتي أيتها حاچة هتُبجى عنديكم. 


    ابتسمت بوهن وأجابته خافتة: 


    - ربنا يخليه ويجبر بخاطره، وينتجم من كل ظالم ظلم بتيّ وكان السبب في جهرتها ورجدتها في الوحدة إكده. 


    كان يتطلع نحوها يريد الاطمئنان عليها بقلب قلق، يرى ملامحها الهادئة المسيطر عليها الحزن، وعينيه ترسل العديد من النظرات المفعمة بالمشاعر التي أخفق في التفوه بها وبداخله ما يدفعه لقتل ذلك الوغد والثأر منه، حاول أن يسيطر على ذاته وتطلع نحو والدتها متسائلًا باهتمام: 


    - هي بجت زينة دلوك صُح طمنيني عنيها يا حچة. 


    أجابته في حزن وأسى والدموع تسيل من عينيها: 


    - يسمع منك ربنا ياولدي ادعيلها، كانت زينة وهنخرچ ونهمل إهنيه بس مخابراش إيه اللي حُصُل عاد، بجت تصرخ، ادعيلها يا ولديّ. 


    هو يفعل ذلك منذُ أن علم، لم يتوقف عن الدعاء لها، يتمنى أن تصبح بخير وتتخلص من جميع أحزانها والآمها بالرغم من صعوبة ذلك لكنه يتمنى. 


    لم يمر كثيرًا وفتحت عينيها من جديد ليتجدد بداخلها جميع المشاعر المكروبة تطلعت نحو والدتها بلهفة وقبل أن تستمع إلى أي كلمة تحدثت هي برعب: 


    - صُح يمّا أني مهجدرش أخلف تانيّ بجيت أرض بور صُح. 


    تطلعت والدتها أرضًا وتحدثت في حزن: 


    - المهم صحتك بالدنيا كلياتها يا بتي متفكريش في أي حاچة تاني. 


    بدأت دموعها تسيل من جديد وتتفتح جميع جراحها وهي تردد كلمات قاسية لذاتها: 


    - بجيت أرض بور ومهجدرش أخلف تاني خلاص يمّا. 


    لم يستطع الصمت وهو يتابعها ويراها بتلك الحالة، فأردف بحنان: 


    - متجوليش إكده يا ست حنان، ده إنتي زينة ستات النچع والله. 


    ترى كل ما يحدث ليس سوى شفقة تنالها من الجميع لما حدث لها، لا تعلم لماذا طعنتها الدنيا بتلك القسوة؟ وأين تتوارى من قسوتها،  لكن ما تعلمه الآن في تلك اللحظة بعد أن تمكن منها اليأس وسيطر على ضجيج أفكارها المبعثرة ومشاعر فؤادها الممزق أن الآن كب شيء قد انتهى ولا تنتظر عودة. 


    ❈-❈-❈


    كان عمران يجلس مع زوج نوارة في الخارج حيث يجتمع بضيوفه ويبدو الصرامة والغضب فوق قسمات وجهه، معقبًا بجدية وخشونة: 


    - إيه اللي حُصُل عاد لچل ما تعمل إكده من ميتى وحد بيرفع يده على واحدة من عيلة الچبالي، دي يطير فيها رجاب الله في سماه. 


    لم ينكر زوجها أنه شعر بالتوتر من صرامة عمران وغضبه لكنه لم يهتز، تحدث بجدية هو الآخر: 


    - اسمعني اللول يا سي عمران وأحكم أنتَ بنفسك، أني خابر اللي عتجوله زين وأني محبش أن يدي تترفع على مرتي بس لولا اللي عِملته. 


    تطلع نحوه بعدم فهم وسأله مستفسرًا بهدوء: 


    - وهي عِملت إيه عاد لچل ما ترفع يدّك عليها وتعمل العاملة المجندلة ديه. 


    أجابه بهدوء يوضح له الأمر: 


    - نوارة مرايداش تسمع حديتي وعتكسره مش مرة لاه كَتير وأني مطول بالي، هتخرج من الدار من غير ما تجولي واتحدت معاها كَتير وهي معتسمعليش، وأخرتها تروح لصاحبتها اللي أني جولت عليها لاه وأخوها يُبجى هناك في الدار،  هي اللي غلطت ومعتحترمش چوزها،  وأني اتحدت وياها كَتير والله. 


    تطلع عمران أمامه بغضب لكنه حاول السيطرة عليه ليبقى هادئًا، وأردف بحكمة: 


    - أني مش هجول أنها مغلطتش على حديتك ده بس برضك يدك متترفعش عليها، بتنا غلطت تعالى واشتكي وجولنا وحجك هيرچع وزيادة، اتعامل معاها بأي طريجة غير إكده، وأني هتوكد من اللي عتجوله ولو حُصل إكده كيف ما عتجول حجك هيرچع وزيادة. 


    أجابه الآخر بهدوء: 


    - الموضوع مش إكده يا سي عمران، ربنا يعلم أني مبجولش كلمة محصلتش على مرتي ولا كنت رايد اطلع اللي بيناتنا لمخلوج بس هي اللي عملت إكده. 


    ابتسم بهدوء لحديثه المتعقل مقررًا أن يتعامل مع الأمر بهدوء وحكمة بعد أن رأى تمسك زوجها بها والإصرار الكبير في عودتها ااذي ظهر بوضوح من نظراته وحديثه المتعقل بحكمة، فقرر أن يتحدث مع ابنة عمه لمعرفة الحقيقة، والتأكد من حديث زوجها المُحق إذا صدر منها تلك الأفعال.


    آتى المساء بظلمته الحالكة وولج عمران المنزل وجد نوارة جالسة في استقباله في بهو المنزل، نهضت تقترب منه مبتسمة بهدوء: 


    - نورت السرايا يا عمران. 


    بادلها ابتسامتها بأخرى هادئة: 


    - بنورك يا بِت عميّ، جعدت مع چوزك واتحدت وياه. 


    اقتربت منه أكثر وتحدثت بملامح متأثرة: 


    - أني مرايداهوش يا عمران طلجني منيه، مهجعدش مع واحد كيفه عيمد يدّه علي أني بت الچبالي برضك ولا إيه يا عمران. 


    ابتعد بخطواته إلى الخلف تاركًا مسافة بينهما وأكد على حديثها بجدية: 


    - محدش يجدر يجول غير إكده يا بت عمي، دي سرايتك في أي وجت رايداه تاچي إهنيه ومحدش يجدر يفتح خشمه، بس چوزك عيجول إنك معتسمعيش حديثه وعتكسري كلمته حُصُل ولا لاه يا نوارة. 


    أجابته مفسرة بضيق بعدما امتعضت ملامح وجهها: 


    - هو اللي صعب يا عمران كل حاچة عنديه لاه، وأني مجدراش على العيشة وياه. 


    لم يُعجب بحديثها فأجابها بحدية: 


    - چوزك شاريكي وبعدين اللي عيجوله مش غلط ولا صعب، هو مرايدكيش تطلعي من غير رضاه. 


    التقطت أنفاسها بصعداء وتحدثت بحزن بعد أن سيطر على ملامح وجهها وازداد اقترابها منه: 


    - أني مرايداهوش، طلجني منيه مرايداش أكمل وياه، وجولت إكده لعمتيّ نعمة. 


    تطلع نحوها بعدم رضا وحاول استمالة عقلها بهدوء: 


    - يا نوارة چوزك شاريكي وعيحبك، أني شوفت إكده في عينه وهو عيتحدت عنيكي، ده هو اللي حق إكده مش إنتيّ، اسمعي حديتي يا بت عميّ أني هشد عليه ويدّع مهتترفعش عليكي من تاني بس إنتي تسمعي حديت چوزك برضك. 


    تطلعت نحوه واقتربت أكتر وتحدثت بدلال: 


    - لاه يا عمران أني مرايداهوش طلجني منيه، هبجى مرتاحة وأني إهنيه وياكم. 


    قبل أن يتحدث أو يبدو رد فعل صدح صوت تلك الغاضبة تقف تشاهد ما يحدث بأعين مشتعلة بنيران الغيرة، ترى تلك الماكرة وهي تقترب من زوجها وهي تعلم جيدًا حقيقة نواياها ومخطط نعمة الماكر: 


    - عـمران،  في حاچه يا حبيبي واجف عنديك ليه. 


    اقترب منه بخطوات واسعة يسودعا الغضب تدفع تلك الواقفة إلى الخلف وتقترب هي من زوجها لتبقى داخل أحضانه وهي ترمقها بانتصار وتحدٍ، معقبة على فعلتها بدلال: 


    -إيه يا حبببي واجف ليه إكده اطلع ارتاح شكلك راچع تعبان، ده أني جاعدة مستنياك. 


    قابل أفعالها بابتسامة واسعة زينت محياه، وشدد عليها داخل أحضانه فاقتربت هامسة داخل أذنيه بنبرة مرتفعة قليلًا لتثير غضب بتلك الماكرة التي تريد زوجها: 


    - اتوحشتك أوي يا حبيب جلبيّ. 


    تطلع نحوها متعجبًا لافعالها،  لكنه ابتسم لما يحدث بعد أن أدرك الأمر وعلم بغيرتها، فاسترسلت حديثها المدلل: 


    - اطلع يا حبيبي ارتاح فوق على راحتك. 


    سار معها نحو الأعلى فاستوقفه صوت تلك الواقفة تستشاط غضبًا وهي تهتف باسمه متذمرة بضيق: 


    - عـمـران احنا لسة مخلصناش حديتنا. 


    التفت نحوها بهدوء: 


    - حاضر يا نوارة هنكمل حديتنا الصبح. 


    ازدادت من ضغطها فوق يده بضيق تحاول التحكم في ملامح وجهها حتى لا تشعر تلك الحية بانتصارها وسارت بصحبة زوجها إلى الأعلى، أغلقت الباب خلفها بقوة غاضبة تماثل نظراتها المتوهجة المصوبة نحوه، تحررت من العباءة السوداء التي كانت ترتديها في الأسفل لتقف أمامه بهيئتها الجذابة، كانت ترتدي قميص من اللون الأسود ذو حملات رفيعة يصل حتى كاحلها كانت تبدو بصورة خاطفة تسلب أنفاس ذاك العاشق المغرم وتتلاعب بأوتار فؤاده لتعزف بنبضاته لحن موسيقي ساحر من إبداعها. 


    كانت تتابع نظراته الشغوفة نحوها بابتسامة أنثى ماكرة يزداد كبرياؤها بإعجاب زوجها الصارخ الذي يجعلها تشعر أنها من أجمل نساء العالم إن لم تكن أجملهم، أولته ظهرها ووقفت أمام المرآه تتابع هندمة هيئتها بدقة ببعض اللمسات الخفيفة فقد وضعت أحمر شفاه من اللون الأحمر القاني الذي أبرز جمالها الخلاب، تطلعت نحو انعكاس صورته في المرآه أمامها كيف كانت عينيه معلقة نحوها بشغف وتلتمع بسعادة، تحدثت بغيرة لازالت نيرانها تنبش بقلبها: 


    - من ميتى وفي حديت بينك وبين نوارة عاد، لاه وكمان مخلصش ولسة رايده تكمله كُمان. 


    باغتته بسؤالها بعد أن كان تائه داخل دروب غرامها استرد عقله الذي سلبته تلك الفاتنة ليردف متعجبًا بهدوء: 


    - كنا عنتحدتُ على چوزها وهي بتجول رايدة تهمله، وهو رايدها وعيحبها. 


    التفتت نحوه بغضب والشرر يتطاير من عينيها وتحدثت بتهكم ساخرة: 


    - والله بجيت مفضي حالك لمشاكل الست نوارة وعتحلها هي وچوزها. 


    احتدت ملامحه وأجابها بلهجة صارمة: 


    - بلاها حديت ماسخ يا عهد أومال. 


    اقتربت منه بخطوات واسعة وجلست أمامه بأعين مشتعلة نارية، رفعت سبابتها أمام وجهه بحدة متمتمة بلهجة غاضبة: 


    - والله يا عمران إن شوفتك بعد إكده جاعد من ست نوارة وجاعدين إكده لأجلب السرايا حريجة والله، أني چوزي ميجعدش مع مَرا غير مرته. 


    اتسعت ابتسامته بسعادة وجذبها نحوه بقوة ليلتف ذراعه فوق خصرها، وعينيه فوق شفتيها الساحرة وأردف يداعبها بعشق: 


    - غيرانة عليّ يا ست ستات النچع كلياته. 


    نمت ابتسامة تزين وجهها لتزداد هيئتها جمالًا وتحدثت بفخر وثقة: 


    - ايوه طبعا مش چوزي وراچلي، يُبجى لازمن أغير عليه. 


    لم يستطع منع ذاته من التقاط شفتيها في قبلة عاشقة بلوعة وشغف، ليبتعد عنها بصعوبة بالغة متسائلًا بهمس داخل أذنيها: 


    - بتحبيني يا عهد الجلب على غيرتك الواعرة ديه. 


    هربت من نظراته بخجل مبتسمة بعدما تسارعت نبضاتها لتهتف هامسة بخفوت: 


    - تجدر تجول إكده إن جلبي حن عليك وبجى خالي من أي حاچه إلا حبك. 


    تعيد حديثه عليه بشغف ومشاعر صادقة تخبره بحقيقة مشاعرها نحوه، وتعترف بها، إلى هنا وشعر أن الدنيا بأكملها توقفت عند تلك الوهلة وتلك الكلمات التي تمنى أن يستمعها منذُ أن رأى عينيها الساحرة التي أسرت قلبه، شدد من أحتضانه عليها ودفن وجهه في عنقها وبدأ يلثمه بعشق وهو يشعر بعدم تصديق كما لو أنه داخل حلم جميل يتمنى أن يبقى بداخله إلى الأبد.


    شعرت باهتزاز جسده ودموعه فوق عنقها فتجمد جسدها بعدم تصديق، يبكي لأجل تلك الكلمات البسيطة التي صدرت منها، تشعر بمدى عشقه الواسع لها، كم تمنى طوال لياليه أن يستمع إليها وهي تخبره بحبها والآن قد حدث ما تمناه، لم يريد شيء آخر سوى أن يبقى داخل أحضانها المحبة، شدد من ضمه عليها وذهب معها إلى عالم آخر يؤكد لها صدق مشاعره المغرمة. 

    تكملة الرواية من هناااااااا 

    لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا

    بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل 

    متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا

    الرواية كامله من هناااااااااا

    مجمع الروايات الكامله اضغط هناااااااا

    تعليقات