رواية نيران نجع الهوى الفصل الثامن عشر18حصريه بقلم هدير دودو
رواية نيران نجع الهوى الفصل الثامن عشر18حصريه بقلم هدير دودو
#الفصل_الثامن_عشر
#نيران_نجع_الهوى
#هدير_دودو
في الصباح المشرق الذي أنهى عتمة الليل الحالكة التي مرت على القلوب المغرمة بسعادة حيثُ تأكد عمران من حبها له الصادق، لا يصدق أنها أصبحت تبادله نفس المشاعر بشغف لكنه هو قد تخطى الحب أصبح مهووس متيم بها، يثق تمامًا أن حياته دون وجودها كان ليس لها معنى، هو مَن اتخذ من هواها عهدًا على فؤاده.
كانت تقف أمام المرآة بخصلاتها السوداء المبعثرة تهندم من هيئتها بعدما ارتدت عباءة من اللون البني محتشمة حتى تستطيع أن تنزل إلى الأسفل وجدت مَن يضمها من الخلف داخل أحضانه، فابتسمت بسعادة وهي ترى انعكاس صورته في المرآه، وعيناه المضيئة بوميض خاص لم يظهر لأحد سواها وكأن عينيه تعكس ما بداخل قلبه، استمعت إلى صوته المغرم هامسًا:
ـ هو أني جولتلك أني اتوحشتك جوي ومرايدش أنزل واهملك رايد ابجى چارك على طول يا عهد الجلب.
التفت نحوه لتقابله بابتسامة رائعة خلابة ولفت يدها حول عنقه هامسة أمام شفتيه الرفيعة:
- وإيه اللي يمنعك إنك تُبجى چار عهد حبيبة جلبك بجى، في إيه أهم منيّ عنديك عاد؟
وجدته يضع يده حول خصرها لتقترب تلك الأنثى الماكرة المتلاعبة بأوتار فؤاده بمهارة لتخرج لحن عاشق رائع يشبه جمالها الخلاب، لينفي حديثها بشغف صادق:
- الله في سماه ما في حد أهم منيكي ولا أغلى منيكي في جلب عمران وعجله كُمان.
حديثه يجعلها تلامس السماء بعدما حلقت في عنقها بسعادة غامرة لم تشعر بها يومًا إلى أن اقتحم فؤادها بعشقه ليجعلها مغرمة هاوية تعلن استسلامها لملحمة العشق الغرامية التي لم تحلم بها من قبل، لتتعلم على يده معنى العشق وأسمى مراحله.
لا تعلم كيف تجيبه وبماذا بعد أن سيطر على عقلها بمذاق الهوى الرائع، همست بسعادة وهي دافنة وجهها في عنقه:
- وأني كُمان يا عمران معنديش أغلى منيك، بعد ما شوفت غلاوتي في جلبك مرايداش حاچة تاني.
رفع وجهها نحوه ليستطيع التطلع داخل عينيها البنية الساحرة التي تفقده صوابه، وكما قال تطلع داخل عينيها وتناسى الدنيا بأكملها ولم يتذكر سوى تلك القابعة داخل أحضانه بعد أن تمنى ذاك المشهد الرائع لعدة مرات داخل عقله حتى ظنّ أنه أصبح مستحيلًا، بدأ يلثم عنقها بشغف طابعًا فوقه عدة قبلات متفرقة وانتهى به الحال فوق شفتيها الرائعة ينهال عليهما بقبلاته ليشعر بمذاق العسل الرائع بعد أن غوته فتنتها وأفقدته صوابه.
ابتعد عنها بصعوبة بالغة وظل يلتقط أنفاسه اللاهثة بصعوبة وهي تستند فوق صدره الصلب تستمع إلى دقات فؤاده الغير منتظمة نتيجة اقترابها لتعلم مدى عشقه الواسع لها، ولم تتخيل يومًا أن تجد مَن يحبها بتلك الطريقة الغرامية التي لم تأتي يومًا داخل ذهنها.
تحدثت بدلال أنثوي:
- هو لازمن تهملني وتنزل انهارده، أني رايداك چاري.
ابتسم بسعادة وأجابها بهدوء وهو يستنشق رائحة عبيرها الخلاب التي تجذبه نحوها وتدعوه للاقتراب:
-أني هشوف المحصول والأرض وارچع طوالي لچل عيونك يا عهد جلبي.
بادلته الابتسامة بأخرى رائعة تؤكد على حديثه بدلال:
- هفضل جاعدة مستنياك متعوجش عليّ هو المحصول بس وترچع لعهد حبيبة جلبك وروحك.
أجابها بهدوء وهو يبتعد عنها بصعوبة:
- حاضر هرچع طوالي بس كُمان هتحدت ويا نوارة عشان چوزها.
وقفت أمامه من جديد بأعين غاضبة مشتعلة بعدما أشعل حديثه نيران غيرتها المتوهجة، مما جعلها تهتف بغضب:
- أنت رايد تچنني صُح؟
قطب جبينه وهو يطالعها بعدم فهم مستنكرًا حديثها، فعادت تسترسل حديثها بغيرة:
- نوارة مين عاد اللي هتجعد تتحدت وياها وتهمل مرتك حبيبة جلبك اللي عتجولك رايداك چارها.
اتضحت له الرؤية ليعلم أنها تُغار بجنون وتريده بجانبها وحدها، لمَ لا! زوجها يجب أن يكون ملكها وحدها لن تسمح لسواها بالاقتراب، اقتربت منه مرة أخرى تلف يدها حول عنقه وبادرت هي بتقبيله تلك المرة وتابعت بدلال أنثوي ماكر:
- أني بغير عليك من الهوا الطاير، والله بغير من الفرسة بتاعتك جال نوارة جال، هتهمل مرتك لچل نوارة.
كان منهدش في البداية من أفعالها وغيرتها التي تظهرها للمرة الأولى بل لم تكتفِ تلك الساحرة تؤكدها بكلمات تسلب أنفاسه كما سلبت فؤاده من قبل، نفى حديثها الغاضب بشغف:
- لاه والله ما في حد في الدُنيا كلياتها أهم منيكي في جلبي يا عهد الجلب، ده أني جلبي مداجش الحب وحلاوته غير بسبب عيونك دول، أني اهملك يا عهد ده أني لحد دلوك ممصدجش أن حبي بجى في جلبك.
تشعر باهتزاز فؤادها عندما تستمع إلى كلماته العاشقة، لا تعلم كيف انتظرها وانتظر حبها وهو يعشقها بتلك الطريقة الجنونية، تشكر ربها على زواجها منه، لتعلم أن حياتها مع غيره ستصبح حياة مأسوية لن تجلب لها سوى الحزن، استندت برأسها فوق صدره الصلب هامسة بحنان:
- ربنا يحفظك ليا وتفضل چاري العمر كلياتها يا زين رچال نچع العمدة والدنيا كلياتها.
قلوب عاشقة جمعها رابط الهوى بعدما أنصفها القدر، وتحقق المستحيل، لم تشعر يومًا أنها ستجد ذلك الحب الجنوني والأجمل أنها أصبحت تبادله شعوره، بعدما غوى هواه فؤادها، وحفر أحرف عشقه بداخلها لتصبح في النهاية أسيرة هواه.
استوقفته بلهفة قبل ذهابه وهي تسير خلفه مسرعة لتلاحقه:
- عمران استنى رايدة أجولك حاچة.
وقفت بهدوء والتفت نحوها متسائلًا:
- إيه يا عهد في إيه؟
ابتسمت ابتسامة سعيدة وأجابته بهدوء:
- أني هروح أطل على إيمان واتطمن عليها.
أومأ برأسه أمامًا يعطيها موافقته،ثم سار يستكمل طريقه خارج المنزل.
في منتصف اليوم
كانت عهد تجلس في بهو المنزل بهدوء تعد ذاتها للذهاب بعدما أخبرت عمران، هتفت بصوت مرتفع:
- صفية يا صفية.
آتت لها مسرعة تجيبها بهدوء واحترام:
- ايوه يا ست عهد في حاچة.
أومأت برأسها أمامًا واسترسلت حديثها بهدوء:
- چهزب صينية وكل عشان نروحُ أنا وانتيّ نزور إيمان ونتطمن عنيها
اومأت تؤيد حديثها مسرعًا بلهفة:
- من عينيا التنين يا ست عهد ربنا يطمنها عنيها ويجومها بألف سلامة.
قبل أن تتحدث عهد مرة أخرى استمعت إلى صوت تلك الماكرة الذي صدح بحدة:
- عتتعاملي في السرايا ولا كنها سراية ابوكيّ يا بت الحوامدية كنك من أعيان النچع وأني مخابراش.
التفتت نحوها تطالعها بنظرات محتدمة نارية وتحدثت بهدوء وكبرياء ويرتسم على شفتيها ابتسامة باردة منتصرة:
- لاه مهياش سراية أبوي يا خيتيّ ديه سرايا چوزي كبير النچع وآه بت الحوامدية مهياش من أعيان النچع لكنها بجت ست نچع العمدة كُلياته يا حبيبتيّ.
شحبت ملامح وجه نوارة لتتبدل واختفت ابتسامتها ليبدو الخبث والمكر فوق ملامح وجهها كما صدر حديثها الغاضب:
- متفرحيش جوي إكده، إنتي مكنتيش تحلمي بإنك تتچوزيه.
اومأت ببرود تؤكد حديثها بضحكة مدللة واسترسلت حديثها بدلال:
- إيوه طبعًا چواز عمران الچبالي حلم لكل بنتة في النچع إهنيه وأنتيّ كمان أكيد بس هو همل بنات النچع والدنيا كلياتها وأختارني أني منيهم وعشجني وبجيت دلوك ست النچع معاوزنيش أفرح ليه اومال.
سارت من أمامها بخطوات منتصرة نحو الخارج مهمة بهدوء ،وابتسامتها الواسعة تزين ملامح وجه تلك الفاتنة التي استطاعت أن تثأر لذاتها بكبرياء:
ـ شهلي يدّك شويّ يا صفية عشان نلحج نروح وناچي في السريع.
توجهت نحو الخارج تركتها خلفها تستشاط غضبًا بعد كلام عهد الماكر الذي آتى كالسهام النارية، لا تدري ماذا تفعل معها، لكنها تعلم أن هزيمة تلك الأنثى الماكرة لن يكون هين، انتفخت أوداجها غضبًا وسارت تلاحقها نحو الخارج بخطوات واسعة بغضب.
تأكدت أن كل شيء تم كما طلبت من صفية فسارت نحو الخارج بصحبة صفية وأكرم الذي انتهز تلك الفرصة الذهبية ليستطيع الاطمئنان عليها والسيطرة على أفدار عقله القلقة التي تسيطر عليه منذُ أن رآها.
سارت قاصدة منزل أهل تلك المسكينة لتطمئن عليها، تشعر بالحزن لأجلها ولا تعلم ماذا تفعل لتستطيع إخراجها عن زوبعة الحزن التي ضربت فؤادها بقسوة طاغية.
كانت تسير بخطوات شاردة لا تدرى متى وصلت أمام المنزل، لكنها فاقت من شرودها على صوت الطرقات المرتفعة قليلًا التي كانت بفعل صفية، سرعان ما فتحت والدتها الباب لكن عندما رأت عهد عبست ملامح وجهها بضيق، اقتربت عهد تحضنها بهدوء متفهمة مشاعرها وحزنها على ابنتها:
- أني چاية اتطمن على إيمان خيتيّ يا خالة ربنا وحده يعلم أني عحبها جد إيه، إيمان كت خيتي جبل ما تبجى مرت أخوي وأني بوعدك أني حجها مهيروحش وهچيبه.
بقيت والدتها صامتة لم تجد ما ترد عليها به، فابتعدت عهد قليلًا متمتمة بهدوء:
- ينفع يا خالة أدخل اطمن جلبي على خيتيّ.
اومأت برأسها أمامًا في صمت فسارت عهد نحو الداخل بينما وضعت صفية الطعام فوق المنضدة بهدوء فصدخ صوت والدتها المعترض تستوقفها من جديد:
- بتيّ مرايداش منك وكل يا عهد أنتيّ چاية تطمني عينيها يُبجى تطمني عينيها بس خدي حاچتك معاكي وانتي ماشية.
التفتت نحوها وأجابتها بملامح هادئة:
- الوكل مش منيّ يا خالة ده سي عمران هو اللي باعته لإيمان كيف ما عيعمل مع أهل النچع كلياتهم.
أكملت سيرها مرة أخرى حتى ولجت غرفة إيمان، تفحصت حالتها بعدما سيطر الحزن عليها حيث جعل ملامح وجهها شاحبة مجعدة أنهكها الحزن، دموعها إلى الآن لم تجف ولم تتوقف لوهلة واحدة منذ ذاك اليوم المشؤوم الذي كان السبب في تدمير حياتها بأكملها فقدت طفلها وفقدت معه جميع أحلامها بالأمومة ومشاعرها وتأكدت من استحالة الأمر تنتظر عوض ربها لكنها لا تعلم كيف بعدما أضنى الوجع والقهر فؤادها وحطمه.
اقتربت عهد تجذبها داخل أحضانها الحنونة مغمغمة بحزن:
- بزياداكي بُكا يا خيتي بزياداكي لحد إكده ربنا كريم وهيعوضك والله.
طالعتها بأعين تفيض بالدموع وتحدثت بقهر:
- مجادراش يا عهد جلبي بيتجطع مجادراش فرحتي اتسرجت منيّ مش مسامحاه عمري ما هسامحه اللي معيعرفش يُبجى راچل غير على الحريم.
ربتت فوق ظهرها بحنان وتحدثت بنبرة حزينة وهي تحاول السيطرة على ذاتها أمامها:
- الحمدلله ربنا بعدك عنيه وخلصك منيه ولد المركوب ده، شوفي حياتك يا خيتي.
انهارت في دوامة بكاء مريرة من جديد:
- بعدت عنيه بعد ما خد عمري وحياتي كلياتها يا عهد، مهملنيش غير لما عرف واتوكد كُمان أني مبجاش ليا عازة مبجتش نافعة يا عهد، جلبي عيتحرج من الوچع هيجف.
ظلت تربت عليها وتحاول أن تجعلها تهدأ مردفة بحنان:
- سلامة جلبك من الحُرجة والوچع، أنتي جوية يا إيمان وتجدري تجفي وتكملي حياتك من اللول وچديد، هملي الحزن.
ظلت تحاول معها لتهدأ وتتوقف عن البكاء عالمة أن مهما فعلت جراح قلبها الغائرة لن تُشفى بل ستترك ندباتها التي ستلازمها طوال حياتها.
جلست تتحدث معها في عدة أمور لتستطيع إنهاء حالة الحزن المسيطرة عليها وتحدثت بهدوء:
- جومي معايا نخرچ من الأوضة ديه نجعد برة شوية.
نهضت معها تسير ببطء بصحبة عهد التي تمسكها بإحكام حتى خرجت معها في الخارج، رآها ذاك الواقف أمام باب المنزل ولمعت عينيه بوميض عاشق ليؤكد مشاعره، مبتسمًا بابتسامة واسعة زينت ملامح وجهه السعيد برؤيتها بعدما أنهك الاشتياق واللهفة فؤاده، وكل ما بداخله يخبره أنه يريدها ويحبها بصدق.
حاول السيطرة على مشاعره حتى لا ينكشف أمره أمام الجميع، لكن جميع سعادته اختفت وتوارت داخل قلبه عندما تطلع داخل عينيها ورأى الحزن المتواجد بداخلها، حاول السيطرة على ذاته وبداخله ما يدفعه لقتل ذلك الوغد الذي فعل بها كل ذلك ودمر مشاعرها، لا يعلم كيف استطاع منع ذاته من قتله.
جلست عهد معها تتحدث بمرح لتحاول تبدل حالها، ثم نهضت مهمهمة بهدوء:
- أهملك أني بجى وخلي بالك من حالك، هچيلك تاني.
ابتسمت إيمان واحتضنتها ثم عادت مرة أخرى إلى غرفتها بعد ذهاب عهد، لتبقى وحيدة داخل ذكرياتها المنهكة التي ستدمر خلايا عقلها، تتمنى أن تنسى حياتها السابقة بأكملها وتتواري جميع ذكراها بداخلها لتستطيع البدء من جديد، لكنها لابد التخلص من الماضي بجميع جراحه.
❈-❈-❈-❈
بعد مرور يومين
كانت عهد تجلس في الحديقة الخاصة بالمنزل بهدوء تفاجأت بمَن يضمها من الخلف يستنشق عبيرها الخلاب ويده تتحسس منحنيات جسدها بجراءة، انتفضت سريعًا مبتعدة لتلتفت سريعًا نحو الخلف ترى مَن يفعل ذلك كانت تظن في البداية أنه حمدي زوج نعمة لكنها تفاجأت بحسن لكمته بقوة في صدره وصاحت به بعنف:
- بعّد عني يا حسن وبزياداك عمايلك الرخيصة ديه، والله لو مهملتني وبعدت عنيّ لأكون مسمعة السرايا كلياتها.
طالعها بنظرات ماكرة يتفحصها وعاد يقترب منها مرة أخرى مغمغمًا بمكر يشبه نواياه:
- متوحشتنيش يا عهد، ده أني حسن حبيببك الحب اللول اللي معيتنسيش ويفضل دايمًا في عجلك وجلبك.
بادلته نظراته بأخرى ساخرة وابتعدت عنه بخطواتها عادت إلى الخلف مغمغمة بتهكم:
- الحديت ديه لو كان راچل صُح جدر يحافظ على مكانه في جلبي وعجلي لكن هو طلع خسيس خلاني أنفر منيه وأنى عمري ما هحب واحد كيفك.
كانت عينيه تطالع كل أنش بها، وأردف بنبرة يملأها الوعيد والغضب بعدما بُوغت بطريقتها الحادة معه:
- عمرك ما هتحبي كيفي! ده أنتي كنتي عشجاني وواجعة في غراميّ يا بت الحوامدية، ولو رايدة البعد فأني بجى مرايدهوش وانتي خابرة زين أني أجدر أعمل إيه يا عهد.
وقفت أمامه بشراسة والشرر يتطاير من عينيها الغاضبتين ثم أجابته بحدة مشددة على أحرف كلماتها التي خرجت من فاهها بغضب وقلبها يؤكد على بغضه لذاك الوفد الذي قابل حبها بمكره وحيله:
- لاه يا حسن متجدرش تعمل حاچة لا أنت ولا غيرك خليك خابر ده زين أني مش عهد بت الحوامدية الضعيفة اللي عتستجوى عليها أنت وأمك أني دلوك عهد الچبالي ست نچع العمدة كلياته ومرت كبيره اللي لو چاه خبر أنك واجف معايّ وعتهددني هيجطع خبرك، بلاش أني يا حسن، روح شوف حالك بعيد عنيّ لأن المرة الچاية أني هجول لعمران حديتك وهو يوريك عيجدر يعمل إيه.
أنهت حديثها وسارت بدلال نحو غرفتها دون أن تعيره اهتمام مبتسمة بسعادة بعدما رأت ملامح وجهه الشاحبة، تشعر بالضيق كونها يومًا كانت تحب شخص مثله لم يحافظ عليها وعلى حبها، هي تعلمت معنى الحب بأسمى مشاعره على يد ذاك العاشق الذي أنهكه حبها وأنهك فؤاده المتيم بهواها.
جلست داخل غرفتها تنتظر عودة زوجها وقفت أمام المرآه تعد ذاتها بسعادة لعودته كما أعتادت لكنها قررت اليوم أن تشهد الغرفة على ملحمة عشق لم تعهد من قبل، بقيت تعد الدقائق والثواني لعودته، علمت مدى صعوبة الاشتياق واللوعة التي تشتعل داخل قلبها في غيابه.
لا تعلم كم من الوقت مرّ عليها لكنها شعرت بتراقص فؤادها داخل صدرها أسرعت ترتدي رداءها الأسود فوق ثيابها لتتخفى بداخله، وجدته يفتح باب الغرفة ووقف يطالعها مندهشًا بعدما قطب جبينه اقتربت مسرعة تحتضنه هامسة داخل أذنيه بشغف:
- اتوحشتك جوي وكنت جاعدة مستنياك.
طبع قبلة حانية فوق رأسها وقبضة يده التفت نحو خصرها هامسًا داخل أذنيها يبادلها مشاعرها الشغوفة:
- أني اللي اتوحشتك جوى يا عهد الجلب ومرايدش غير حضنك.
بدأت تشتد من ضمها عليه وتحدثت بدلال أنثى ماكرة تتلاعب بخيوط فؤاده المعلق بغرامها:
- أني جاعدة مستنياك وهنسيك كل حاچة كُمان مهتُبجاش فاكر غير عهد جلبك واللي هتعمله دلوك.
ابتعدت عنه قليلًا فرأت نظراته المصوبة نحوها بلهفة وأعين تلتمع بشغف متلهفًا لما ستفعله.
وجدها تنزع عباءتها السوداء لتقف أمامه ببدلة مخصصة للرقص تظهر مفاتنها الخلابة أمامه فسلبت أنفاسه عندما رآها شعر أن الدنيا بأكملها توقفت عند تلك اللحظة، كان يطالعها بأعين تلتمع بالحب اقترب منها وعينيه معلقة نحوها لكن قبل أن يصل إليها كانت تعالت النغمات الموسيقية وبدأت تتمايل عليها بمهارة جعلته يقف يطالعها مندهشًا، نزع قفطانه عنه واقترب من تلك الأنثى التي لم تكتفِ بسلب فؤاده فقط بل سلبت أنفاسه وروحه بأكملها، يده تلتف حول خصرها المتمايل ببراعة هامسًا بهيام :
- كيف البدر ليلة تمامه، عشجانك يا عهد وجلبي معشوفش غيرك.
ابتسمت بسعادة غامرة عندما رأت إعجابه بها ومشاعره الصادقة لم يخجل يومًا في إظهار حبه لها، دفعته للخلف ليبتعد قليلًا ثم عادت تستكمل تناغمها البارع مع الأنغام الموسيقية وهو يقف يشاهد ما تفعله بأعين متسعة وملامح وجه سعيدة، يشعر كأنه يرى حورية آتت من الجنة لتسكن داخل أحضانه الحنونة وتسيطر على فؤاده، عينيه تتأمل حركاتها بدقة حتى لا يغفل عنها، خصلات شعرها البنية تتناثر وتتحرك مع حركاتها أمامه مشهد تمنى أن يراه كثيرًا لكنه كان يظن أنه سيبقى حلم مستحيل أن يحدث، اقتربت منه واضعة يدها حول عنقه تجذبه نحوها وهو مستسلم تمامًا بين يدي معشوقته الساحرة، همست أمام شفتيه بشغف صادق:
- بحبك يا وِلد الچبالي وجلبي مفيهوش غير حبك.
عينيه تتابع حركة شفتيها بأعين متسعة وازداد اقترابه منها حيث تلاصقت أجسادهما ويده تلتف حول خصرها بقوة والأخرى تتلاعب بخصلات شعرها الناعمة لم يستطع السيطرة على ذاته بعدما انهارت جميع حصونه معلنة الاستسلام لملحمة عشقها الضارية، أطبق شفتيه فوق خاصتها بنهم أدمت شفتيها هي لم تمانع ولم تبتعد تبادله مشاعره الجياشة بعدما اعتادت على اقترابه وأحبته، يشعرها كونها الأنثى الوحيدة التي خُلقت في العالم بأكمله، يرضي كبرياءها الأنثوى ويجعلها تحلق في السماء وتلامسها بسعادة، ابتعد عنها بصعوبة بالغة عندما شعر بحاجتها للهواء، وهمس أمام شفتيها بعشق جارف أنهك أوتاره:
- أني عاشجك يا عهد، عشجك في دميّ يا عهد الجلب، متمنيتش غيرك ولا هتمنى من الدنيا كلياتها من بعدك.
للمرة الأولى التي بادرت هي بتقبيله بعدما استمعت إلى كلماته التي تداوي جراحها وتحيي روحها، لم يعتاد على جرائتها معه بتلك الطريقة لكنه قابلها بغبطة وسعادة بعدما تهللت أساريره ليُكتب سطور العشق على طريقة عمران الجبالي العاشق الذي رأى مدى قسوته التي مزقت فؤاده وروحه والآن يرى سعادته لتداوي وجعه وتمحيص ندوب حزنه، لم يتخيل يومًا أنه سينعم بدفء أحضانها التي تمناها طويلًا وكانت رفيقة أحلامه لسنوات الآن لا شيء يضاهي سعادته بعدما تحققت جميع أحلامه، هو حقًا لا يريد سوى تلك الحورية الفاتنة من الدنيا بأكملها..
❈-❈-❈-❈
في نفس الوقت حيث تسود ظلمة الليل الحالكة
ولج حسن غرفة والدته مغمغمًا بهدوء:
- رايد اتحدت وياكي يمّا.
طالعته بنظرات حنونة هادئة وأشارت إلبه ليجلس بجانبها وأردفت متسائلة بهدوء:
- خير يا ولدي في إيه؟
كان التوتر يبدو فوق قسمات وجهه لكنه يحاول أن يخفيه وتحدث بحزن يخفي بين طياته مكره ومخططه الخبيث:
- أديكي شايفة يمّا ولدك عمران عمل إيه فيا لچل ما عارضته بس أني خايف يمّا من اللي عيعمله فيا في غيابك.
صدر عنه تنهيدة حارقة وعاد يسترسل حديثه من جديد بنبرة تشتد حزن:
- أني وحيد يمّا ومليش سند ولا ضهر من بعدك.
شعرت بالضيق والغضب من عمران لما فعله بشقيقه، فأسرعت تجذب مدللها داخل أحضانها مربتة فوق ظهره بحنان وأجابته بتعقل:
- متقلقيش يا ولديّ أخوك عيحبك عمران مفيش أحن منيه ولا أطيب من جلبه هي الحية عهد اللي عتجويه علينا لكن هو عيحبنا، اخوك سندك وفي ضهرك.
ابتعد عن حضنها قليلا وتطلع داخل عينيها الحزينة بعدما اجتمعت الدموع داخل عينيها واسترسل حديثه بتهكم مرير:
- مين ديه اللي عيحبني يمّا ده رماني في السچن ولولا وچودك كان جتلني ومحدش يعرف عنيّ حاچه.
تمسك بيدها طابعًا فوق كفها قبلة حنونة وأردف باستعطاف:
- أني رايدك تُبجي ضهري يمّا وتجويني لچل ما اعرف وأجدر اجف على رچلي من تاني، أني مليش غيرك يمّا.
اومأت برأسها أمامًا عدة مرات تؤيد حديثه بهدوء وحنان:
- أني عينيا التنين ليك يا ولديّ، متجولش إكده جولي يا ولدي إيه اللي ناجصك لچل ما تجف على رچلك من تاني، الدنيا كلياتها تحت رچليك يا ولدي.
ألقى ذاته داخل حضنها مبتسمًا بخبث كونه سيصل لما يريد، وأردف بمكر:
- أني رائد أحس إكده يمّا رايد يبجى ليا سلطة في النچع مبجاش أخو عمران الچبالي بس وكُمان الناس إهنيه خابرة اللي عمران عمله فيا رايد ابجى كَبير إهنيه وليا مقام مع الناس كلياتها ومحدش هيجدر يساعدني غيرك.
طالعته متعجبة لحديثه ولم تعلم ماذا تفعل لتساعده في حديثه فألقت سؤالها بدهشة:
- وأني في يدّي إيه يا ولدي أعملهولك.
ابتعد عنها قليلًا وأردف بمكر شيطاني:
- رايدك تعمليلي تنازل عن حجك يمّا وتجولي لعمران أن أني اللي هبجى مسؤول عن حاچتك وهو ملوش حاچة عنديكي لچل ما تكسري شوكته وتخلي يُبجى حنين علينا من تاني كيف ما كان بدل ماهو عيدوس عالكل.
تبدلت ملامح وجهها إلى أخرى يملأها الصدمة وبقيت تطالعه في حيرة والصدمة تسيطر على عقلها، لا تعلم ماذا تفعل وهل حديثه مُحق سيجعل عمران يعود إلى أحضانها ويسير على نهجها كمان كان، لكن هناك ما يمنعها خوفًا من أن تزداد الفجوة بين ابنائها ويزداد العند بينهما، لا تعلم ماذا تفعل، وهو يطالعها ينتظر جوابها الذي سيحدد ما سيفعله في مخططه القادم، يعلم أن تنازل والدته له سيعطيه نفوذ أقوى يستطيع مواجهة عمران بها كما يعلم أن ذلك سيؤثر به وعليه كثيرًا.
يطالعها بحماس متلهفًا لاستماع حديثها لكنها إلى الآن لم تخبره بموافقتها لكنها أيضًا لم ترفض، بقيت صامتة تطالعه فقط دون حديث وعقلها يدرس الأمر من جميع الجهات قبل أن تخبره بقرارها.
لم يستطع أن يبقى صامتًا والقلق يسيطر عليه أسرع ينهي الصمت السائد بينهما متسائلًا بلهفة:
- ها يمّا جولتي إيه موافجة على حديتي.
صدر عنها تنهيدة حارقة وأجابته برفض وقلق:
- لاه يا ولدي مجدرش أعمل إكده، مجدش اظلمه مهما يعمل، أني ممكن أجف أجوله إكده لكن بلاها حوار التنازل دِه حاچتي حجك وحجه إكده هبجى ظالمة يا ولدي.
بدأ الغضب داخل عينيه كما أنه سيطر على ملامح وجهه، أردف بضيق:
- طب وأني ماهو ظلمني ومفكرش فيا ولا فيكيّ ولا اهتم بحديتك وكسره لچل ما يُبجى چار بت الحوامدية اللي كل ده في الآخر هيروحلها يمّا.
لم تنكر ضيقها وحزنها من حديثه لأنها تراه محق لكنها لازالت متمسكة برفضها:
- مهما يعمل يا حسن هو برضك ولدي مجدرش أبجى جاسية عليه إكده، مينفعش يا ولدي اطلب منيّ اي حاچة تانية لكن حاچتي ليك وليه وهتتوزع بعدل ربنا.
انتفخت أوداجه فضلًا بعدما فسدت مخططه بحديثها المباغت وصاح بها بعنف:
- كيف بعد كل اللي عمله معايّ ومعاكي لساتك عتجولي إكده، بزياداكي يمّا بزياداكي إكده رايداه يعمل إيه فيا تاني وأنتي برضك لساتك واجفة معاه وعتجويه.
أنهى حديثه الغاضب وسار نحو الخارج تاركًا إياها خلفه تطالعه بذهول ولا تعلم ماذا ستفعل لا تعلم إن كان قرارها صحيح أم لا؟ عادت برأسها نحو الخلف تستند فوق الفراش وتفكر في القادم في حياتها وحياة ابنائها.
❈-❈-❈-❈-❈
مع قرب نهاية الليل حيث يسود الظلام الحالك النجع بالكامل عند الجبل المرتفع الشامخ المتواجد عند أطراف نجع العمدة حيث يتعالى صوت الضباع يشق سكون الليل يقف حمدي بصحبة حسن مع عدة رجال أخرى غرباء يتبادلون بعض الصناديق الخشبية الثقيلة المغلقة بأحكام ببعض الحقائب، ويغطي المشهد ظلمة الليل السوداء ليتخفوا بداخلها عن أعين الناس حتى يتم ما أراده كل منهما ويمر الأمر بسلام.
وها قد حدث ما أراده وتم الأمر عاد حسن بصحبة حمدي من جديد داخل المنزل والإبتسامة تعلو ثغر كل منهما وجدوا نعمة في إنتظارهما بلهفة اقتربت سريعًا منهما مغمغمة بهمس ولهفة والقلق يسيطر عليها:
- ها يا حمدي طمن جلبي إيه اللي حُصُل؟
وقف مبتسمًا بفخر وهو يسير نحو الداخل مغمغما بسعادة:
- كله تم كيف ما بدنا، والسلاح دخل النچع.
استكمل حسن حديثه ضاحكًا بسعادة هو الآخر والكره ينبثق من ملامح وجهه المليئة بالغل:
- وكَبير النچع نايم على ودنه مهواش داري بحاچه خليه نايم في حضن عهد حبيبته.
اعتلت ضحكاته ساخرًا والغضب والكره يسيطر على قلبه تجاه شقيقه، ولازال لم يعترف بخطئه ويرى أنه مظلوم ينكر الحقيقة الذي يعلمها ويتخفى داخل ثياب الكذب والخداع، هو مَن ظلم ذاته وسار في ذلك الطريق ورغم ذلك لم يعترف بذلك إلى الآن، استطاع الغضب أن يسيطر عليه ليدلف إلى دائرة الانتقام ونرى ماذا سيفعل بعدما استطاع الغضب التملك منه والسيطرة عليه..
لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا
بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل
متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا
الرواية كامله من هناااااااااا
مجمع الروايات الكامله اضغط هناااااااا
تعليقات
إرسال تعليق