القائمة الرئيسية

الصفحات

translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية نيران نجع الهوى الفصل التاسع عشر19حصريه بقلم هدير دودو

التنقل السريع

     


    رواية نيران نجع الهوى الفصل التاسع عشر19حصريه بقلم هدير دودو 






    رواية نيران نجع الهوى الفصل التاسع عشر19حصريه بقلم هدير دودو 



    #الفصل_التاسع_عشر 

    #نيران_نجع_الهوى 

    #هدير_دودو


                  "سَلب عشقُكَ القاتل نبضات الفؤاد"


                                             ❈-❈-❈-❈-❈-



                                      


    في الصباح..

    تقف عهد أمام زوجها تساعده في هندمة ثيابه يشاهدها مبتسمًا ويده تلتف حول خصرها مما جعل ابتسامتها تنمو فوق شفتيها، حاولت أن تبتعد عن حصاره متذمرة بمرح:


    - وه بجى بعّد عنيّ يا عمران أومال مش إكده.


    اعتلت ضحكاته في الغرفة وأنامله تداعب وجهها بينما شفتيه اقتربت من شفتيها وتحدث هامسًا:


    - لاه وحياتك أبو إكده.


    رأى ارتعاش شفتيها نتيجة اقترابه فلم يتردد في التقاط شفتيها بنهم وسعادة تدلف أبواب فؤاده بشغف، فباردت بوضع يدها حول عنقه تبادله قبلته الشغوفة التي تم قطعها بطرقات متتالية فوق باب الغرفة، ابتعد عنها بصعوبة بالغة ويحاول أن يسيطر على ذاته بعدما سيطر عليه عشقها الذي يسير داخل أوتاره بعدما تملك على فؤاده.


    لم تكن هي الأخرى أفضل منه بعد أن استطاع فرض هيمنة عشقه الجبارة ليغزو فؤادها ويريها كيف يكون العشق بصدق، فهوت في النهاية أسيرة لذاك العشق الصادق تحاول التقاط أنفاسها المسلوبة لاقترابه، تلتقط أنفاسها بعنف لتدخل أكبر قدر من الهواء ثم سارت نحو الباب الذي لم تتوقف دقاته إلى الآن بعد أن وضعت وشاحها فوق رأسها فتحت لترى مَن آتى إليهم في الصباح الباكر وفصل لحظاتها الشغوفة داخل أحضان زوجها.


    تفاجأت من نوارة أمامها تقف بثيابها المنزلية دون أن تخفي خصلات شعرها طالعتها بنظرات تملأها الشراسة وسألتها باقتضاب وحدة:


    - نعم يا نوارة في حاچه يا خيتيّ لچل ما تاچي إكده من صباحية ربنا.


    طالعتها بضيق هي الأخرى وأجابتها ببرود:


    - رايدة اتحدت مع عمران ولد عميّ.


    ألقت ببصرها نظرة متفحصة لها من الأعلى إلى الأسفل وتابعت حديثها بغيرة حادة:


    - وإنتيّ رائدة تتحدتي ويا عمران ولد عمك إكده، اتحشمي اللول وبعد إكده اتحدتي وياه كيف مانتي رايدة.


    أغلقت الباب خلفها ثم عادت إلى زوجها تطالعه بنظرات غاضبة وتحدثت بغيرة:


    - الحديت اللي بينك وبين نوارة مهيخلصش عاد، كل يوم والتاني چاية رايدة تتحدت وياك.


    ابتسم على غيرتها وأجابها بهدوء:


    - مفيش حديت هي رايدة تهمل چوزها والراچل شاريها ورايدها.


    امتعضت ملامح وجهها بعدم رضا وملامح الغيرة تبدو عليها فاقترب يحتضنها مجددًا هامسًا داخل أذنيها بشغف:


    - جلبي مفيهوش غيرك ومعيشوفش مرا في الدنيا كلياتها غيرك.


    حاولت أن تتحدث بتعقل لكنها لم تستطع بعدما سيطرت عليها نيران غيرتها المضطرمة:


    - أني خابرة إكده زين بس غصب عنيّ بغير على راچلي من الهوا الطاير مش من نوارة.


    اعتلت ضحكاته وهو يشدد عليها داخل أحضانه يتمنى لو بإمكانه أن يُخفيها بين حنايا فؤاده لتختفي من أعين الجميع وقسوة العالم، تلك الأنثى الماكرة التي استطاعت السيطرة على روحه لتسلب أنفاسه كل شيء به يتغير في وجودها يصبح عاشق ولهان يتمنى أن يلقي ذاته داخل أحضانها الحنونة، ليبرز مدى عشقه ويرى عشقها له أيضًا التي بدأت تظهره له دون خجل.


    ابتعد عنها بصعوبة بالغة فابتسمت عندما رأته سيذهب وهمهمت بشغف:


    - ترچع بالسلامة خلي بالك من نفسك.


    اتسعت ابتسامته ثم طبع قبلة حنونة فوق جبهتها قبل أن يسير نحو الأسفل ليتابع عمله.


    بعدما ذهب كادت أن تنزل أسفل كما أعتادت لكنها شعرت ببودار الدوار يجتاح عقلها، جلست فوق الفراش الذي كان خلفها واضعة يدها فوق رأسها بوهن، قررت عدم النزول ستمكث بغرفتها لترتاح اليوم قليلًا حتى عودته، تتهلل أساريرها ويتبدل حالها تمامًا عند رؤيتها له وهو يدافع الغرفة بهيبته المعتادة، عجبًا لذاك القلب الذي جعلها تهوى بتلك الطريقة القاتلة، أصبحت الآن أسيرة سرمدية لعشق ابن الجبالي.


    ❈-❈-❈-❈


    في المنزل التي تمكث به نعمة وزوجها الذي أصبح وكر لاجتماع الأفاعي بمخططاتهم الماكرة، كان يجلس حسن فحدثت نعمة متسائلة بجدية:


    - ها يا ولدي طمني عملت إيه مع فهيمة، جالتلك إيه؟


    بدا التوجس فوق ملامح وجهه الغاضبة مردفًا بضيق:


    - موافجتش جالتلي لاه كده هبجى بظلم عمران.


    تحدث حمدي بمكر:


    - هو كيف ما جولتلك مفيش حل تاني غير إكده، هتاخد اللي رايده واللي ميچيش بالرضا يُبجى عندينا بالغصب.


    تطلعت نعمة نحوهما بأعين متسعة وتحدثت بجدية:


    - وإيه بجى اللي جولتهوله يا حمدي.


    قبل أن يجيبها صدح صوت حسن بمكر:


    - هجولك هتعرفي يا عمة بس شيعي للبت بدور لچل ما تاچي وهنعرفُ كلياتنا.


    اومأت برأسها أمامًا ثم فعلت ما قاله، لم يمر كثيرًا وآنت بدور مسرعة تلبي نداء نعمة باحترام:


    - إيوه يا ست نعمة.


    أشارت لها أرضًا لتجلس ففعلت مسرعة، وتحدث حسن بجدية حادة: 


    - بصي يابت يا بدور وافهمي حديتيّ زين لأن الغلطة معايّ بفورة، حديتي يتنفَذ بالحرف الواحد كيف ما أجول.


    أومأت برأسها أمامًا بقلق وبداخلها تشعر بعدم الارتياح من حديثه لكنه همهمت تجيبه بتوتر خافتة:


    - من عينيا التنين يا سي حسن أوامرك.


    أخرج من جيبه علبة يبدو عليها أنها تحتوى دواء مجهول الاسم، وتحدث بمكر خبيث: 


    - كل يوم هتحطيّ منيها حباية لستك فهيمة، واوعاكي تفوتي يوم، الغلطة برجبتك.


    التمعت عيني نعمة وارتسمت ابتسامة ماكرة تعلو ثغرها، لكنها إلى الآن تتابع بصمت.


    شعرت بدور بالخوف مما يطلبه فتمتمت متراجعة:


    - بس يا سي حسن الست فَهيمة لو حُصُلها حاچه سي عمران مهيسكتش وهيُبجى خابر إن أني اللي عِملت إكده فيها، هيجطع خبري، لاه ابعدوني عن الست فهيمة.


    هب واقفًا وتشنج جسده غاضبًا حيث برزث عروقه وأسرع قابضًا فوق ذراعها بقبضة حديدية مؤلمة صائحًا بها بحدة:


    - وهو سيدك عمران هو بس اللي عيجطع خبرك، ما أنتي لو رفضتي أني اللي هجتلك بيدّي.


    بدا الخوف فوق ملامح وجهها ولا تعلم بما تتفوه، دفعها بقوة حيث أن رأسها ارتطمت بالحائط لم يبالِ بل أكمل حديثه بصرامة:


    - نفذي اللي بجولك عليه وهوكلك الشهد أني محبش الغصب كله بالرضا.


    أخرج حفنة من المال والقاهم بوجهها مبتسمًا وهو يقترب منها ويهمس بمكر:


    - ليكي عنديّ جدهم مرتين، وكمان ميبجاش جلبك رهيف إكده هي مهيظهرش عليها حاچة دلوك، وجبل ما يظهر هتكوني مشيتي وهملتي الشغل في السرايا عندينا وفلوسك هتوصلك كل أول شهر وزيادة حبتين، إيه جولك بجى.


    تعلم جيدًا أنه لم يسألها ولم ينتظر إجابتها لأنها ستنفذ ما يريده عنوة دون اختيار، لكنها تفكر في حديثه الذي طمأنها قليلًا فأومأت برأسها أمامًا وتحدثت بخوف:


    - من عينيا التنين يا سي حسن، اللي تجوله هيتنفذ.


    اعتلت ابتسامة ماكرة فوق ثغره وأعطاها العلبة مؤكدًا عليها بتحذير:


    - كل يوم يا بدور متفوتيش يوم.


    اومأت برأسها في صمت وتناولتها مع المال ثم سارت نحو الخارج تلتقط أنفاسها بصعداء وتفكر في حديثه إلى الآن، هي ستنفذ ما قاله لكن هل هو حقًا سيفعل ما وعدها به؟!


    تطلعت نعمة نحوه وتخلت عن صمتها الذي طال متسائلة بخبث:


    - إيه دِه يا حسن هيعمل إيه؟


    أجابها وهو مبتسم ببرود يفكر في مطامعه:


    - هتعرفي يا عمة اتفرچي بس عاللي عيحُصُل.


    حاولت أن تعلم منه نتيجة فعلته لأنها لا تطيق الانتظار، أخبرها مخططه بالكامل فتهللت أساريرها بمكر واتسعت ابتسامتها الخبيثة التي تشبه نواياها، تنتظر لتشاهد بشماتة ما سيحدث لفهيمة على يد أبنائها.


    ❈-❈-❈-❈


    في المساء..


    اجتمع عمران بنوارة بصحبة والدته ونعمة التي أصرت على استماع حديثه.


    تحدثت نوارة بهدوء:


    - ايه يا عمران هتعمل إيه هتطلجني منيه صُح.


    أجابها معترضًا بعدم رضا:


    -ربنا ما يچيب خراب الراچل شاريكي ورايدك، وأني اتحدت وياه وشديت عليه.


    أردفت نعمة بضيق:


    - هي مرايداهوش يا عمران، مرايداهوش هنغصبُ عليها في الچواز.


    طالعها بنظرات حادة وأردف باقتضاب:


    - عمة ده چوزها هغصب عليها في ايه عاد؟ 


    تحدثت نوارة بهدوء بعدما تمسكت بيده:


    - لاه يا عمران بس أني مرايداهوش خلصني منيه.


    تنهد بضيق وحاول التحدث بتعقل:


    - اديله فرصة يابت عميّ افضلي جاعدة إهنيه شوية لحد ما تصفيّ وبعدها جوليلي أني هچيبه لحد عنديكي يطيب بخاطرك.


    صمتت بضيق وهي تتطلع نحو نعمة التي زجرتها بعنف، لكنها لم تجد حديث تتفوه به أمام حديثه، فنهض سار نحو غرفته ليرى معشوقته متلهفًا لرؤيتها اقترب يحتضنها عندما ولج، ابتسمت بسعادة واستندت برأسها فوق صدره، وأردفت بغيرة:


    - خلصت حديتك مع ست نوارة.


    ضحك واقترب يقبلها فعادت برأسها إلى الخلف وابتعدت عنه قليلًا وتحدثت بجدية:


    - هنزل أچهزلك الوكل.


    اعتلت ضحكاته عاليًا تشق جدران الغرفة ثم عاد يجذبها داخل أحضانه المحبة هامسًا داخل أذنيها بشغف:


    - الله في سماه عيني ما عتشوف غيرك وجلبي ميملاهوش مرا غيرك يا عهد الجلب، خابر إنك عتغيري بس چوزك مفيش مرا خلجها ربنا تجدر تهزه غيرك.


    ابتسمت بسعادة هي تعلم ذلك وعلى ثقة تمامًا به لكنها أنثى تُغار على زوجها خاصة أنها تعلم نواياهم السيئة نحوها ونحو زوجها، نيرانها تشتعل مضطرمة عندما تعلم أنه يتحدث مع تلك الحية.


    استندت برأسها فوق صدره مبتسمة، وتحدثت بدلال أنثوى بعدما أرضى كبرياءها بحديثه المدلل الذي يجعل السعادة تقتحم أبواب فؤادها كما غزاه بعشقه الضاري وجعلها أسيرة له:


    - أني بحبك يا عمران، بحبك يا ولد الچبالي وجلبي مرايدش غيرك چاره في الدنيا كلـ..


    قبل أن تستكمل حديثها كان التقط شفتيها بين خاصته في قبلة شغوفة بنهم جعلها تنسى الدنيا بأكملها كما كانت تتمنى الآن لا تريد سوى أن تتوارى داخل فؤاده بعدما علمت أن لا مكان آمن لها سواه.


    ابتعد عنها بصعوبة بالغة وتعالت أنفاسهما سويًا، حاولت الابتعاد من قبضته فوق خصرها متمتمة بتعلثم خافت:


    - أ...أنى هنزل أچهزلك الوكل.


    قبل أن تسير مبتعدة قبض فوق ذراعها يمنعها من الذهاب مغمغمًا بحنو:


    - لاه مرايدش وكل أني رايد حضنك يا عهد الجلب، تعبان جوي يا عهد ومبحسش بالراحة غير وأني چارك وفي حضنك.


    أسرعت تحتضنه بقوة تضمه إليها ليتوارى من العالم بمصائده الماكرة داخل أحضانها الحنونة المرحبة به في جميع الأوقات، تحاول أن تزيل همومه وتمحي ما يزعجه لم ترِد سوى سعادته، لم يتردد ثانية واحدة في ضمها هو الآخر مبستمًا بارتياح، فظلت صامتة دون حديث لمدكن فؤادها كان يتحدث بالعديد من الكلمات والنبضات الكافية لتداوي جراحه وتمحي ندباته، كما أنها تسيطر على عقله لتتخلص من جميع أحزانه أو ما يزعجه، يدها الحنونة وهي تربت فوق ظهره تشعره كما لو أنه امتلك الدنيا بأكملها، نظراتها الشغوفة التي تطالعه بها تجعله يشعر كما أنه داخل حلم جميل يزيل مرارة أيامه ويقف للواقع المؤلم يمنعه من السيطرة عليه، لا يعلم لولا وجودها ماذا كان فعل، لكن ما يعلمه أنه الآن أفضل كثيرًا بوجودها، اقترابها الدافئ يجعله قادر على مواجهة الجميع، لم يصرح يومًا بذلك الحديث لكنه داخل أحضانها يشعر كما أنه طفل مدلل وجد مبتغاه ونال ما يريده من الدنيا ولا يريد شيء آخر، إلى الآن لا يصدق أنها هي مَن بجانبه هي من تضمه إليها أيعقل هل هي حقًا عهد تلك الحورية التي فتنته بهواها، الأنثى التي وضع ربه حبها داخل فؤاده ليضخه في دمائه، إلى الآن لم يكتفِ ولن يرتوِ بعد لازال ظمآن يريد اقترابها ويقابله بشغف كما لو أنه في مَرته الأولى، لا يجد حديث يؤكد بها عشقها الضاري الذي قيّد فؤاده وأشعل نيرانه لكن ما يمكن قوله أنه عاشق ولهان لها..


    اختار العهد الأصعب وقيد به فؤاده ظنًا منه أنه لن يحصل عليه، لكن الآن فؤاده يشعر بحنان نبضاتها التي تؤكد عشقه.


    لم تستطع أن تبقى صامتة طويلًا فتمتمت متسائلة بهمس خافت:


    - عمران أنتَ مليح جولي مالك وإيه اللي مزعلك إكده.


    رفع وجهه نحوها ليقوى النظر داخل عينيها المُحبة بنظراته الشغوفة ليرى جمالهما والعشق المكنون داخلهما، لكنه إلى الآن لم يبتعد لازال داخل أحضانه ويحاوظ خصرها بذراعه الصلب لتزداد اقترابًا منه، وتحدث هامسًا بعشق أمام شفتيها ذات الرحيق الساحر الذي يجذبه:


    - أني زين متجلجيش عليّ، رايد أبجى في حضنك وبس.


    أومأت برأسها أمامًا عدة مرات واسترسلت حديثها مرة أخرى بقلق مضطربة خوفًا على زوجها:


    - حاضر بس طمن جلبيّ عليك، بلاش تسكت إكده جلبي متوغوش مالك ايه اللي حُصل عاد؟


    ابتسامة رائعة زينت ثغره استطاع أن يسلب أنفاسها بعدما وأجابها مبتسمًا بحنان:


    -طمني جلبك وجوليله إن عمران مليح طول ما حضنك مفتوح ليه عهد الجلب، مهيلاجيش راحة ولا حاچة تفرحه جد السعادة اللي داجها على يدّك.


    سارت معه نحو الفراش وبقي داخل أحضانها كما هي فهمست بسعادة وحنان:


    - حضني وجلبي ملكك كيف ما بدك، أني كمان يا عمران مخابرش فرحتيّ وأني چارك جد إيه.


    طبع قبلة حنونة داخل كفها بعدما نسي جميع الآمه وما يحزنه، لم يستطع أن يقاوم سحرها القاتل فأسرع يلتقط شفتيها في قبلة شغوفة نهمة يقتنص رحيقهما الخلاب الذي يدفعه للاقتراب أكثر، مذاقها ساحر كل شيء معها مميز يبقى داخله ويتذكره دومًا ليظل مشتاق ومتلهف، ينعم بنعيم اقترابها الجحيمي الذي يسيطر عليه لينقلب كيانه في وهلة واحدة مستمتعًا بكل لحظة تمر وهو بجوارها وتشتغل رغبته أكثر لم تخمد نيرانه عندما يقترب بل ينهال أكثر وأكثر، ومشاعره الجياشة تسيطر عليه حتى بات واثقًا أنه في أقوى وأشد مراحل الهوى، رافعًا الراية البيضاء مستسلمًا تمامًا لتلك المعشوقة التي سلبت روحه، كيانه، عقله، وفؤاده ولم ترحمه حتى الآن.


    لا يريد أن يأتي الصباح حتى لا يبتعد عنها مرغمًا، للمرة الأولى التي يتمنى بها أن يطول الليل أكثر؛ حتى يتسنى له قضاء أكبر قدر وهو في ذلك الراحة دون أعباء ووجع، يفرغ عقله مما يشغله وينتهي كل ما بداخله، يبقى بجانبها دون مكر وخبث الأخبار التي تنتظره في الخارج، لا يريد أن يتذكر شيء ولم يتذكر سوى عشقها وحلاوة عينيها التي أسرته وأسرت فؤاده المتيم..


    هوى أقوى وأعتى رجال نجع العمدة أسيرًا لغرامها في حربٍ قاتلة استنزفت جميع طاقته وغامر بكل ما لديه حتى ينتصر، لكنه في النهاية فعلها وحسم عشقها التي أعلنته بكل فخر... لا شيء يضاهي سعادته عندما يستمع منها احرف تلك الكلمات الثمينة، كم تمنى استماع تصريحها الغالي حتى ظن أنه أصبح مستحيلًا، لكنه لم يستسلم بعدما قادته مشاعره، فقاتل ببسالة كالأسد المغوار ونال ما أراده في النهاية.


    ❈-❈-❈-❈


    بعد مرور أسبوعين 


    لم يحدث بهما شيء جديد بدور تفعل ما طلبه منها حسن باستمرار كما أكد عليها وعمران منغمس في مشاعره العاشقة المسيطرة على فؤاده وعقله لتجعله ينسى العالم بأكمله ليس النجع فقط مما أُتيح الفرصة لحسن وحمدي التوغل بالسلاح بكميات أكبر داخل النجع بسهولة لم يعتادوا عليها من قبل بعد علمهما بحالة عمران العاشق الذي لم يفكر سوى بتلك المعهودة على قلبه، وتم علم جميع مَن في النجع بخبر زواج حازم أخيها واليوم يوم زفافهما.


    في المساء 


    ولج عمران نحو الداخل لكنه تفاجأ بوجود عهد جالسة كما هي، فقطب جبينه متسائلا بدهشة:


    - وه لساتك جاعدة بخلجاتك مهتروحيش ليلة أخوكي عاد.


    بدا الضيق والاشمئزاز فوق ملامح وجهها ثم نهضت تحمل عنه قفطانه وتساعده في نزع ثيابه وهي تتحدث تجيبه بضيق: 


    - لاه يا عمران أني مليش صالح بيه، خليه يكشي يولع هو ومرته الچديدة اللي هتطلع عليه كل اللي عمله في إيمان الغلبانة، أنت خابر زين فاتن بت مصلحي مرا جادرة وجوية جد إيه، ربنا يعوض على إيمان ويخلف عليها براچل صالح.


    اعتلت ابتسامته فوق وجهها وأسرع يجذبها داخل أحضانه لينعم باقترابها الدافئ وتحدث هامسًا بضعف:


    - أني تعبان جوي يا عهد رائد أبجى في حضنك وچارك طول الوجت.


    شددت من احتضانها له وتحدثت بقلق خوفًا عليه فقد وصل إليها حزنه من نبرة صوته:


    - حضني مفتوح طول الوجت يا عمران اعمل كيف ما بدك يا حبيبيّ.


    جلست فوق الفراش وهو وضع رأسه فوق ساقيها وتنهد بتعب مما جعل قلقها يزداد، حاولت بصعوبة بالغة أن تبقى صامتة حتى لا تضغط عليه، لكن قلقها لازال مستمر خاصة بعد أن رأت الضيق يبدو بوضوح فوق ملامح وجهه والحزم ينبعث من عينيه فانهارت جميع حصونها وانتهى صمتها الذي لم يدُم طويلًا وهتفت متسائلة بحنو وهي تمرر يدها بحنان فوق رأسه:


    - عمران طمن جلبيّ عليك إيه اللي شاغل بالك إكده وجالب حالك، في حاچة حصلت؟


    قابل حديثها بالصمت ولا يجد ما يتفوهه لها، تطلب منه الطمأنينة وهو الآن في أشد الحاجة إليها، شعرت بقبضة قوية تعتصر فؤادها المغرم، لم تعتَد أن تراه هكذا حزين وهناك ما يشغل باله بتلك الطريقة، هو دومًا يقف ببسالة كالجبل الشامخ لم يتأثر بضربات الرياح القاتلة فماذا حدث له تلك المرة؟


    طبعت قبلة شغوفة فوق جبهته وتحدثت مرة أخرى بجدية:


    - عمران مالك إيه اللي عامل فيك إكده، جولي أني مرتك.


    اعتدل في جلسته داخل أحضانها وأجابها بضيق:


    - مفيش حاچه يا عهد شوية مشاغل في النچع، متشتغليش بالك عاد.


    اومأت برأسها بعدم اقتناع وتحدثت بهدوء:


    - كل حاچه هتُبجى زينة يا حبيب جلب عهد ونن عينيها التنين، كله هيروح بس أهم حاچه ريح بالك لچل خاطري.


    اعتلت ابتسامة شاحبة فوق ملامح وجهه وهو يضمها نحو طابعًا قبلة حنونة فوق كفها بشغف، ثم تحدث بجدية :


    - أهم حاچه رايدك تاخدي حذرك زين من البت بدور كيف ما جولتلك جبل إكده.


    اومأت برأسها أمامًا وتحدثت معترضة:


    - وليه دِه كله ما تطردها من إهنيه، من بعد عملتها المجندلة معايّ من اللول أنت لساتك ساكت عليها ليه أومال لما أنت خابر زين إنها عفشة وهتسمع لعمتك، خسيسة خاينة اليد اللي عتوكلها.


    تطلع أمامه بشرود وهو يغمغم بغضب:


    - حجك منيها ومن عمتيّ هيرچع الله في سماه لأندمهم كلياتهم بس مينفعش دلوك لازمن تبجى تحت عيني البت شرها كَتير.


    لم تفهم مغزى كلماته لكنها لم تتحدث وتعترض خاصة وهي ترى حالته الغاضبة والحزم الذي يكتسي ملامحه ونبرة صوته، بقيت داخل أحضانه مستكينة بأمان تحاول أن تجعله يشعر بمشاعرها المحبة له لتمحو حزنه الضاري.


    ❈-❈-❈-❈


    كانت نعمة تجلس مع زوجها المبتسم بسعادة تشاركه فرحته الكبيرة متسائلة بجدية:


    - إكده كله عيتم كيف ما بدنا صُح؟


    أومأ برأسه أمامًا بتأكيد:


    - وزيادة كُمان أكبر شحنة سلاح دخلت النچع وجريب وهنسلمُ أحنا دفعة أكبر وكلياته من چوه النچع.


    ابتسمت بسعادة بينما هو استمر يخطط لذلك اليوم المنتظر وهو ينهي حديثه متفاخرًا بغرور:


    - كله هيتم وولد أخوكي نايم على ودنه چنب مرته.


    تحدثت بتوتر تقاطع أحلامه السعيدة:


    - أهو أني مفيش حاچه مخوفاني غير سكوته، عمران مهواش عيل صغير لچل ما يهمل أمور النچع إكده إيه، خايفة ليكون عيدبرلتا بلوة مجندلة تُجع فوق راسنا تخرب كل اللي عنعمله.


    صاح بها غاضبًا:


    - تفي من خشمك يا نعمة ديه ملايين وچايالنا والغلطة برجاب الكل، بس عمران خلاص استكفى من النچع وحمايته عمران دلوك مرايدش غير مرته.


    اومأت برأسها أمامًا بعدم اقتناع لكن كل ما يحدث أمامها يؤكد حديثه، ويؤكد انشغال عمران التام وتفرغه لزوجته تاركًا أمور النجع تسير وحدها دون أن يلتفت ليرى ويتابع ما يحدث مثلما كان يفعل من قبل، بقيت تشاركه مخططاته القادمة وكيفية فرض سيطرته التامة على النجع كما يريدان سويًا، تطمع لتبقى سيدة النجع بالكامل وزوجها الحاكم له بدلًا من عمران، تريد أن تحظى بتلك المكانة المرموقة التي حظيت عليها فهيمة من قبل بزواجها من شقيقها، والآن عهد تلك الفتاة التي كانت بلا شأن أو أهمية فالنجع، تحظى بما كانت لا تحلم به والآن هي سيدة نجع العمدة بعد أن تمت زيجتها من عمران الجبالي كبير النجع، لكنها لن تصمت ستفعل ما بوسعها بحيلها الماكرة ومخططاتها المستمرة لتحصل على ما تريد عنوة، ستسلب أنفاس الجميع لفرض سيطرتها التامة، وحلمها الذي دام طويلًا كالسراب والأوهام داخل عقلها، ستجعلها حقيقة يراها الجميع.


    ❈-❈-❈-❈ 


    داخل غرفة حسن الجبالي..


    ولجت بدور الغرفة كما طلب منها، كان يجلس فوق الفراش عاري الصدر، تحدثت بخفوت هامسة:


    - إيوه يا سي حسن طلبتني.


    أومأ برأسه أمامًا وابتسامته الماكرة تتسع لم ينكر هو الآخر فرحته الشديدة لما يصل إليه وما استطاع أن يفعله في الخفاء دون علم عمران والنجاح فيه للمرة الأولى، أشار لها أن تجلس بجانبه وهو يردف بهدوء:


    - اجعدي يا بدور مالك واجفة متخشبة ليه إكده.


    كادت أن تجلس أرضًا كما أعتادت لكنها تفاجأت به وهو يجذبها لتجلس بجانبه فجلست وهي تطالعه بدهشة لم تعتَد على ما يفعله معها، لكنه لم يهتم ازداد اقترابه منها، فحاولت الابتعاد قليلًا نحو الخلف متسائلة بتعجب:


    - في حاچه يا سي حسن.


    أجابها مؤكدًا بجدية:


    - إيوه رايدك توجفي الحبوب اللي عتحطيها لستك فهيمة.


    اومأت برأسها وتحدثت بهدوء:


    - من عينيا التنين يا سي حسن أوامر.


    نهضت لتذهب بعدما استمعت لما يريده منها لكنها تفاجأت به عندما جذبها مرة أخرى لتسقط داخل أحضانه وهو يحتضنها هامسًا بلا وعي:


    - أنتيّ حلوة جوي يا بدور، اللي كيفك مينفعش يُبجى عيخدم إكده، امشي ورايّ وهوكلك الشهد بيدّي.


    اعتلت ابتسامتها السعيدة وتحدثت متسائلة بطمع:


    - أني وراك يا سي حسن، جولي اعمل إيه وهعمله طواليّ.


    كان كالمغيب وهي داخل حضنه فاقترب يقبلها بنهم عدة مرات طابعًا قبلات متفرقة فوق وجهها ودفعها فوق الفراش وهو بجانبها، نسي جميع ما حوله، واقترب منها بجراءة دون خوف من أن يراه أحد، يشعر كما لو أن عقله توقف تمامًا، لا يعلم كم من الوقت مرّ عليه وهو معها، همس داخل أذنيها بشغف:


    - تچنني يا عهد كيف ما اتخيلتك.


    تجمد جسدها داخل حضنه ودفعته إلى الخلف مبتعدة بحزن وهي تتحدث بضيق:


    - بس أني بدور يا سي حسن مش عهد.


    كان حديثها هو مَن أعاده إلى واقعه من جديد، ابتعد سريعًا بهلع وهو ينظر إليها بصدمة دون أن يصدق ما فعله معها، حاول التحدث مبررًا فعلته بجدية: 


    - أني مخابرش حُصل كيف إكده مكنتش واعي لحاليّ.


    عادت سريعًا ترتدي ثيابها وهي تبكي بحزن على حالها وخوفًا مما سيحدث لها إذا علم أحد بما فعلته، تحاول أن تتخفى سريعًا داخل ثيابها من عينيه الجائعة، تنهد بضيق عندما رأى بكاءها المستمر مغمغمًا بجدية:


    - ايه يا بدور بكفياكي بكا عاد مفيش حاچه حُصلت لچل ما تعملي إكده.


    تحدثت بضعف من بين بكائها:


    - كيف يا سي حسن محصُلش حاچه عاد أنت خابر زين اللي حُصل فيه جطع رجبتي لو حد چاله خبر.


    وقف هو الآخر يرتدي ثيابه وهو يطمئنها بجفاء وبرود:


    - مفيش حاچه ولا حد هيعرف حاچه عن اللي حُصل اتطمني يا بدور وانسي كل اللي حصل إهنيه، أني راچل وجد اللي عملته.


    قابلت حديثه صامتة فاقترب يجذبها بعنف من ذراعها ضاغطًا عليه بقوة:


    - فاهمة حديتي زين يا بدور مرايدش أعيده من تانيّ.


    أومأت برأسها أمامًا وتحدثت بخفوت عنوة:


    - فاهمة...فاهمة يا سي حسن هنسى كل اللي حُصل بيناتنا إهنيه.


    ابتسم برضا ثم تركها وابتعد كما كان مشيرًا لها بالذهاب ببرود كما لو أنه لم يفعل شيء، لكنه زفر بضيق بعدما خرجت زاجرًا ذاته بعنف، لا يعلم كيف كان مغيب هكذا، توقف عقله تمامًا عندما تخيل أن مَن أمامه تلك الحية الفاتنة التي سلبت عقله بجمالها الخلاب، لا يقول أنه يحبها في الحقيقة هو فقط كان يريدها ويريد جمالها الفاتن الذي يريده أي راجل، لكن صوت بدور أعاده إلى الواقع المرير وجعله يتذكر كل ما حدث معه، كيف كانت في النهاية من نصيب شقيقه على الرغم مما فعله كي لا يجعل تلك الزيجة تتم، كان يكسر كل ما حوله بغضب وصدره يعلو ويهبط بضيق كما برزت عروقه الغاضبة وازداد توعده لعمران وتلك الفاتنة السالبة للأنفاس والعقول عهد..


    ❈-❈-❈-❈

    بعد مرور يومين ..


    في الصباح حيثُ يجتمع الجميع على مائدة الطعام ليتناولوا الفطور الخاص بجميع أفراد العائلة، لاحظ عمران  غياب والدته التي لم تخرج من غرفتها إلى الآن، تطلع نحو صفية التي لازالت تعد المائدة وتضع الاطباق الشهية وأردف مغمغمًا بجدية: 


    - هملي اللي في يدّك وروحي شوفي ستك فهيمة منزلتش ليه لحد دلوك.


    اومأت برأسها أمامًا وأجابته بهدوء:


    - من عينيا التنين يا سي عمران.


    أسرعت تفعل ما أمرها به وصعدت نحو غرفة فهيمة دقت الباب بهدوء لكنها تفاجأت عندما لم يصل إليها رد إلى الآن لكنها تستمع إلى همهمات خافتة لم تستطع فهم أي منهم، فلم تجد أمامها سوى أن تدلف الغرفة ويا ليتها لم تفعلها وقفت متصنمة من هول الصدمة وتعالت صرخاتها المرتفعة بعدما بُوغتت مما رأته:


    - يا مري يا مري الحجني يا سي عمران..


    صيحاتها المرتفعة دوت في المنزل بالكامل شقت مسامع الجميع، هب عمران واقفًا بصدمة اختلجت فؤاده بقلق، فأسرعت عهد تربت فوق كتفه بحنو بعد أن رأت تشنج جسده وملامح وجهه التي برزت ما يشعر به بوضوح أمام الجميع الذين لم يفهموا شيء إلى الآن لكن صرخات صفية أوضحت أن هناك شيء ما قد حدث..


    -❈-❈-❈-❈-❈-❈-❈-❈-❈-❈-❈-❈-❈-❈-❈-❈-❈-

    رأيكم يا غاليين في الأحداث توقعاتكم للقادم؟

    إيه اللي حصل لفهيمة وإيه اللي هيحصل بين عهد وعمران علاقتهم هتفضل لطيفة كده ولا وكر الأفاعي هيعملوا حاجه؟


    تكملة الرواية من هناااااااا 

    لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا

    بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل 

    متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا

    الرواية كامله من هناااااااااا

    مجمع الروايات الكامله اضغط هناااااااا

    تعليقات