القائمة الرئيسية

الصفحات

translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

روايةغفران هزمه العشق الفصل الحادى عشر والثاني عشر والثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر بقلم نورا عبد العزيز

 



روايةغفران هزمه العشق الفصل الحادى عشر والثاني عشر والثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر  بقلم نورا عبد العزيز 





روايةغفران هزمه العشق الفصل الحادى عشر والثاني عشر والثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر  بقلم نورا عبد العزيز 





رواية

♡♡ غفران هزمه العشق ♡♡

الفصل الحــــادي عشـــر ( 11 )

___ بعنــــوان " إنقـــــلاب  " ___


كنت "قُسم" بغرفة العناية مع والدها وخرج "غفران" من عيادة "ألبيرت" مع "عُمر" بعد فحصه، تحدث "عُمر" بنبرة خافتة أثناء سيرهما إلى العناية:-

_ على فكرة قُسم باين عليها الزعل جدًا النهار دا ورفضت أني أوصلها الصبح للمستشفي وأصرت تيجي لوحدها، جبتلها تاكسي وفضلت وراها بالعربية، معرفش السبب فى المود دا أى بس شكلها باهت جدًا


شعر "غفران" بغصة فى قلبه بسبب أقاويل "عُمر" عنها وعن حالتها، أسرع فى خطواته بضيق شديد وبداخله بركان من الغضب حتى وصل إلى غرفة والدها لينظر من خلف الزجاج ورأها جالسة جواره تبكي مُحتضنة يدي والدها فظل يراقبها لعله يفهم سبب حزنها وحالتها....

جهشت باكية بألم يمزق قلبها الضعيف وتحدث والدها بنبرة واهنة:-

_ أنا مقدرتش يا بابا، مقدرتش أتحمل حازم أكتر من كدة حتى لو بحبه، حُبه أذاني من جوا وسبب ليا الوجع والوحدة، بقيت بكتم أوجاعي ويوميًا دموعي على مخدتي بسببه، حسسني أنى ناقصة وأقل من كل البنات اللى عندهم سند، حسسني أنى مستاهلش أنه يتعب عشاني أو يحاول أنه يسعدني ويخفف عني، أنا أتوجعت منه بما فيه الكفاية حتى لو كنت بحبه، حتى قلبي اللى بيحبه بيوجعني دلوقت لما سبته بس غصب عني، عقلي مبقاش قادر يتحمل أكتر ويوجد له مبررات على كل تصرف منه، أنا تعبت يا بابا تعبت أوى والحمل زاد على أكتافي لما قطم ضهرى وكسره من ثقله


وضعت رأسها على يد والدها وبدأت نوبة البكاء تزداد وتتلاشي الكلمات من لسانها، أكتفت بالتعبير عن وجعها من فراق رجل أحبته بكل جوارحها وبكل ذرة فى قلبها رغم عيوبه، بدأت ترتجف بحزن ورحيلها عنه كأن أكثر وجعًا عما تتخيل، لم تكن تعلم أن البُعد عن "حازم" سيهلك قلبها ويفتته بهذا القدر، ظلت تبكي حتى تعبت عينيها الخضراء من البكاء وحرارة دموعها؛ لتقف من مكانها وتغادر الغرفة ويديها تجفف وجنتيها وفور خروجها من الغرفة رأت "غفران" يقف أمام باب الغرفة صلبًا يمنعها من المرور فحدقت بوجهه بيأس وملل، سأل بقلق عليها بعد رؤيتها سابقًا:-

_ الدكتور قالك حاجة زعلتك؟ 


تحدثت بهدوء باردة كقطعة الثلج وهى لا ترغب بالحديث:-

_ وهو لو قال هفهم منه ؟! أنا عايزة أروح، ممكن توصلني يا عُمر


أومأ إليها بنعم لتمر من جانب "غفران" مما أفزعها حين مسك "غفران" معصمها بأحكام وقال بجدية:-

_ روح أنت يا عُمر


نظر "عُمر" إليه بدهشة من تخلي "غفران" عنه وهو بمثابة عينيه، لكن لا جدوى من الدهشة أو المعارضة أمام رئيسه الذي سحب الفتاة من معصمها معه للخارج وكانت "قُسم" هادئة جدًا لا تقوى على مقاومته أو الدخول فى جدال معه، أخذها إلى حيث سيارته مصفوفة وفتح لها الباب كي تصعد ثم ألتف ليركب بجوارها وأنطلق، زاد قلقه أكثر بخوف حين رأها تستدير نحو النافذة وتنكمش فى ذاتها ثم أغمضت عينيها مُستسلمة لحالتها، أعتقد أنها لم تنم أمس بسبب قلقها على والدها والآن تريد النوم على عكس "قُسم" التى أغمضت عينيها تغرق فى ذكرياتها مع "حازم" كيف كان يدللها فى الثانوية ويذهب إلى المدرسة ليعيدها إلى المنزل؟ كان فى كل مرة يراها يحضر لها الحلوى؟ يختار ملابسها بنفسه ويمنعها من وضع مساحيق التجميل، كان أول رجل تراه عينيها ويدق قلبه لها حتى غاصت فى نومها حقًا من التعب.....

______________________ 


[[  قصـــــــــــر الحـديـــدي ]]


ترجلت "كندا" من الأعلي لترى "نورهان" جالسة مع "نالا" وتدللها بالكثير من الهدايا التى جلبتها لصغيرتها، رفعت عينيها إلى "كندا" لترمقها بطرفهما مُتفحصة هذه الزوجة البغيضة التى ترتدي بيجامة من الحرير وردية اللون وشعرها مصفف على ظهرها بحرية بضفائر صغيرة من الجانبين وتضع القليل من مساحيق التجميل وترسم شفاهها باللون الوردي كبيجامتها وفى قدميها خف من الفور النادر مما جعل "نورهان" تبتسم بخباثة وهى تستمع إلى "كندا" التي تقول:-

_ مساء الخير، مصدقتش لما فاتن قالتلي أن حضرتك فى القصر عندي


تحولت البسمة لضحكة بقهقه تحمل السخرية ثم قالت "نورهان" بجدية:-

_ رزان، خدي نالا وريها العجلة اللى أشترتها ليها مخصوص


ركضت "نالا" مع "رزان" بحماس بينما وضعت "نورهان" قدم على الأخرى بغرور وعينيها كالصقر تلتهم "كندا" من الرأس لأخمص القدم، قالت بمكر وأشمئزاز:-

_ عندك!! واضح أنكِ مصدقة نفسك بس معلش هانت والقلعة تتهد فوق رأسك والوهم يتبخر من أيدك زى السراب 


لم تفهم "كندا" كلماتها الحادة، لكن الشيء التى وثقت به هو أن "نورهان" تحمل بين طياتها تهديد مُخيفة مما جعلها تتساءل بقلق:-

_ هانت!!


وقفت "نورهان" من مكانها وتقدمت بخطوات ثابتة نحوها وصوت طقطقة حذاءها العالي يطرق كالمطرقة على قلب "كندا" يُرعب بينما تُجيب "نورهان" عليها بهدوء:-

_ اه هانت، ما هو لما غفران ولأول مرة يخونك يبقي هانت ويبقي أحلامك أتهدت فوق رأسك


أتسعت عيني "كندا" على مصراعيها بصدمة ألجمتها من كلمتها وأنقبض قلبها العاشق بقلق وتجمعت الدموع فى عينيها من الفزع فقالت بتلعثم ونبرة خافتة:-

_ يخوني؟! لا، مستحيل أكيد حضرتك بتكذبي عليا لأنكِ بتكرهيني


رفعت "نورهان" يدها أمام وجه زوجة ابنها المُصدومة لتصفعها على تجاوزها الحدود معها لتشهق "كندا" بذعر بينما "نورهان" لم تفعل لتمسك ذقنها برفق لكن هدوءها كان الأكثر رعبًا على عنفها فقالت:-

_ عيب لما تبقي هانم ولسانك طويل، بس معلش هعذرك أصل الخيانة بتوجع وبعدها الحُب بيتخبر فى الهواء زى الدخان، وأنتِ خلاص هتتبخري زى دخان سيجارته يا كندا


كانت تتحدث بنبرة خافتة ويدها الأخرى تشير لها على الهواء تُرعبها فقالت "كندا" بعدم تصديق:-

_ غفران ميقدرش يخوني، غفران بيحبني


_ههههههه ضحكتني والله يا كندا، وهو لو بيحبك برضو هيسافر باريس مع واحدة غيرك 

قالتها بسخرية وعينيها ترمقها بنظرات فرح فى كسرة قلب هذه الفتاة ثم قدمت لها صورة إلى "غفران" أثناء تناوله للمثلجات مع "قُسم" دون أن تظهر وجه "قُسم" فى الصورة مُتعمدة قتل قلب هذه الزوجة برصاصة الفضول المُحملة بالخيانة، أخذت "كندا" الصورة بصدمة وعينيها لا تصدق أن "غفران" الآن مع فتاة غيرها وأختار الخيانة تكون عقاب لها على وهم خيانتها له الذي تسلل إلى باطنه، غادرت "نورهان" القصر بعد أن أنهت ما جاءت إليه وتقول:-

_ شوفي بقى هتتزين لمين يا كندا؟


جلست "كندا" على أقرب مقعد وعينيها ترمق صورته بقوة وبدأت الدموع تنهمر من عينيها تشق طريقها على وجنتيها وألم الخيانة يمزقها من الداخل وفتت قلبها العاشق له، لا تصدق أنه صدق حقًا بأنها خائنة والآن يعاقبها بأشد عقاب، فتحت هاتفها بغضب يكاد يفقدها عقلها وصوابه لتتصل بزوجها الخائن .........


_________________________ 


ظل "غفران" يرمقها بعينيه وهى نائمة كالملاك مُنهكة وشاحبة حتى رن هاتفه باسم "كندا" مما أيقظ "قُسم" من نومها بينما فأغلق الهاتف، نظرت حولها لتجد الليل حل والسيارة مصفوفة أمام النهر مباشرة وهذا الرجل جالسًا جوارها لم يقظها، أبتلعت لعابها فى هدوء وقالت بحرج:-

_ أنا آسفة


_ أنزلى

قالها بلطف ثم ترجل من السيارة، تنحنحت وهى تمطي جسدها بلطف ثم ترجلت بعده لتراه يسير للأمام وتنظر حولها كان هناك ممشي بطول النهر وبه باعة جائلين للماكولات السريعة والحلوى والأغراض اليدوية وغيره الكثير، أسرعت فى السير حتى تلحق به، سألها بجدية:-

_ تأكلي أي؟


_ لا، ماليش نفس

قالتها بعبوس لم يراه فى وجهها بل شعر به فى نبرتها الواهنة واليائسة، شعر بغصة من حزنها وهو لا يعرف كيف يُسعدها أو يعيد البسمة إلى وجهها الجميل، قال بهدوء:-

_ مين اللى زعلك أوعى كدة؟


_ محدش

قالتها وهى ترفع يدها تضع خصلات شعرها خلف أذنها بحرج من سؤاله ليرى يدها بوضوح بدون خاتم الزواج فتنهد بهدوء وتذكر محادثتها أمس مع "حازم" وكيف غضبت منه ليقول:-

_ خطيبك؟!


نظرت للأسفل تطأطأ رأسها وتركل الأرض بقدميها بعبوس مُتمتمة بنرة خافتة:-

_ مبقاش خطيبي


_ سيبتي!!

قالها بحماس يغمره كأنه كان ينتظر هذه اللحظة، دُهشت "قُسم" لفرحته وهكذا عقله المتكبر الذي تعجب من لهفة قلبه، لم يكن يعلم أن هذا القلب يفتح أبوابه إلى فتاة أخرى غير "كندا" ربما هذا بسبب خيانتها له ومقابلات لرجل غيره، ربما بسبب الغضب الذي يكنه لها الآن بعد أن فقد وجه "قُسم" بفضل زوجته الخائنة وقتلت الأمل أن تعود عينيه إلى طبيعيتها ويتمكن من رؤية الجميع ويتوقف عن حساسية البعض، تمتمت "قُسم" بنبرة خافتة مندهشة:-

_ اه سبته، تعبت من تصرفاته وعدم تحمله للمسئولية وأمه اللى مسيطرة عليه


تنحنح بحرج من حديثها بعد لهفته وقال:-

_ محدش مرتاح


وقف أمام عربة لبيع الدجاج المقرمش وأشتري شطيرتين لهما مع المشروب الغازي فبحث عن مقعد فارغ للجلوس ولم يجد فقال بجدية:-

_ تعالي نقعد نأكل فى العربية


هزت رأسها بلا وقالت بهدوء:-

_ تعال ورايا


ذهبت معه إلى حافة النهر الصخرية وجلست تمدد قدميها للأسفل والمياه تمر أمامهم مباشرة، نظر "غفران" لها بعد أن جلست على الأرض فأشارت له بأن يجلس ليعطيها الطعام ثم نزع سترته ووضعها على الأرض قبل أن يجلس فضحكت "قُسم" بلطف رغم حزنها لتقول:-

_ دا بجد!


نظر إليها لتقول "قُسم" بلطف:-

_ مش قصدى، أتفضل كُل


أعطته الطعام ليبدأ بتناول الطعام معها فى صمت ثم نظرت "قُسم" إلى النهر بحيرة من أمرها وقالت:-

_ أنا مظلمتهوش صح؟ 


نظر لها بهدوء صامتًا فتابعت بقلق:-

_ مظلمتهوش يا غفران صح؟ أنا أتحملت لحد ما تعبت وفاض بيا، أتحملت مامته وأنها مبتحبنيش ودايمًا حابة تجوزه قريبتها، أستحملت لحد ما تعبت فأنا أكيد مظلمتهوش


كان صامتًا مُستمعًا لحديثها الهادئ كأنها تخشي من تحمل ذنبه وقهرة قلبه رغم كل شيء فعله بها، أدار رأسه إليها حين سمع أنين بكاءها ووجعها يعتصر قلبها، تمتم "غفران" بلطف:-

_ طب أهدئي يا قُسم، لو مش مرتاح خلاص مفيش ظلم أو ذنب، الخطوبة اتعملت عشان نتعرف ونشوف هنرتاح مع بعض ولا لا، الخطوبة أصلًا أتعملت عشان تتفشكل


نظرت "قُسم" إليه بهدوء ورفعت يدها إلى وجهها تجفف دموعها مما جعل "غفران" يتابع الحديث بلطف أكثر كأنه يداوي جرحها:-

_ أي يعني مرتاحتيش سيبيه، هتجوزيه جِميلة وتقعدي بقي تعدي الجمايل اللى عملتيها عشانه


أومأت إليه بنعم مقتنعة بحديثه ليبتسم إليها وقال بجدية:-

_ ممكن أشرب سيجارة ولا هضايقك


أشارت له بأن يفعل ما يريده، فوضع سيجارته بين شفتيه وبحث عن القداحة فى جيوبه بحيرة، توقف لوهلة من الدهشة عن البحث حين شعر بيدها تلمس لحيته برفق، نظر لها مُندهشًا فرأها تمسح شعيرات لحيته من صوص الشطيرة فظل يحدق بها وسقطت سيجارته من بين شفتيه، مسحت "قُسم" لحيته وعينيها ترمقه حتى سقطت سيجارته من فمه فضحكت "قُسم" وهذه السيجارة تسقط فى مياه النهر، وقف ليغادر من أمامها بتوتر من فعلتها وقلبه قد مال إلى هذه الفتاة والآن مجرد فتاة صغيرة تصارع وجود زوجته بداخل هذا القلب، دُهشت من فعلته وأخذت سترته وبدأت تركض خلفه وهى تقول:-

_ غفران استني... أستني بس


كان يسير بخطوات سريعة جدًا حتى أنها لم تلحق به مع ركضها، أوقفه هذا الشاب الذي ظهر أمامه من العدم لتتابع "قُسم" الركض بينما حدق "غفران" بهذا الرجل الذي قال بحماس:-

_ مسيو غفران مش معقول


حدق بهذا الشاب ووجهه ضبابي لا يعرف من هو وصوته لم يكون مألوفًا على "غفران" فأخفض نظره تجاه كتفه ولم يجد شارة الأسم بما أنه ليس من موظفينه، بدأ التوتر والخوف يستحوذ عليه وهو كالكفيف الآن لا يعرف من هذا الذي يتحدث إليه، تحدث الشاب بحماس أكثر:-

_ أنا مش مصدق أنى شوفت حضرتك هنا، صدفة غريبة جدًا


بدأ يختنق وأنفاس تفقد أستقرارها بين ضلوع صدره، قشعريرة جسده الباردة، وصلت "قُسم" إليه ووقفت جواره تقول:-

_ مش بنادي عليكِ


نظر الشاب إليها بدهشة وقال:-

_ مين دى؟ 


حرك "غفران" رابطة عنقه بأختناق وبدأ يلهث من الخوف وأن يكشف سره الآن ولأول مرة يندم على رحيل "عُمر" فقال بتلعثم شديد:-

_ معلش أنا مستعجل


أسرع فى خطواته وهو لا يعرف من هذا الشاب فركضت "قُسم" خلفه وهى ترى وجهه شاحبًا وعروق جبينه ظهرت بوضوح، وصل إلى سيارته بصعوبة مما أفزع "قُسم" حين سقطت على الأرض قرب سيارته ويده تمسك مقبض الباب، هرعت إليه بصدمة وجلست أمامه على الأرض تقول:-

_ غفران، أنت كويس؟


كانت تعتقد أنه ما زال مريضًا بعد عناده فى الخروج من المستشفي، أغمض عينيه بقوة وأنفاسه تعلو شيئًا فشيء وبدأ أنه ينهار كليًا مما جعل "قُسم" تفزع أكثر من رجفة جسده وبرودته التى تزداد أكثر بل تحولت الرجفة لتشنجات أكثر، رفعت يدها إلى وجهه تلمسه بلطف وعينيها تكاد تبكي من الخوف:-

_ غفران


تشبث بذراعها قبل أن تسيطر عليه أعراضه فقال مُتمتمًا:-

_ عُمر... عُمـــــ.....


سقطت رأسه بين ذراعيها فاقدًا للوعي بعد أن سيطر عليه الخوف وتشنجات جسده، أسرعت "قُسم" فى الاتصال بـ "عُمر" وظلت بجانبه تضمه بخوف أن يصيب مكروه أكثر وهى لا تعرف كيف تقود السيارة أو تتحدث الانجليزية او الفرنسية لطلب المساعدة من أحد، كان العجز يحتلها مع الخوف عليه، وصل "عُمر" مُرتعبًا ليراه على الأرض وبين ذراعيه "قُسم" المُتشبثة به أكثر كطفلها الرضيع فقال بفزع:-

_ حصل أى؟


_ معرفش والله معرفش، يمكن زعل من كلامي وسابنى ومشي وحتى مسلمش على صاحبه وعامله بطريقة ........

كانت تتحدث بينما "عُمر" يستمع لحديثها باهتمام أثناء نقل "غفران" إلى السيارة حتى قاطعها بذعر شديد من ذكر صديقه وقال بعد أن استدار لها:-

_ صاحبه؟!


_ تقريبًا معرفة صلة المعرفة بينهما بس هو فضل متنح لصاحبه دا كثير وقاله أنه مستعجل ومشي

قالتها بهدوء وهى لا تفهم سر أهتمام "عُمر" بهذا الشيء ليفهم ما حدث وأنطلق بالسيارة برئيسه كالمجنون إلى "ألبيرت" الذي اتصل به فى الطريقة وبدأ يُحدثه باللهجة الفرنسية:-

_ يبدو أنه دخل فى حالة صدمة نفسية 


وصل للمستشفي به ومعه "قُسم" الذي لم تفهم شيء وبعد أن دخل "عُمر" مع "ألبيرت" للغرفة فجلست "قُسم" تنتظر فى الخارج فى حيرة وقلق مما أصابه وبعد قليل خرج الجميع من غرفته وعلى وجه "عُمر" الكثير من القلق فسألت "قُسم" بهلع:-

_ حصل اى طمني؟


_ احم مفيش 

قالها "عُمر" بجدية صارمة فتحدثت "قُسم" بنبرة غاضبة:-

_ مفيش، وقع من طوله وكان بترعش جدًا ومش واعي باللى حوله وتقولي مفيش


نظر "عُمر" حوله بحرج من صراخها الحادة فى المستشفي بينما هى تشتعل من الغضب بسبب قلقها عليه، تأفف من الغيظ وتركها راحلًا لتجلس أمام الغرفة بحزن وخيم، لم تتحمل الأنتظار والقلق يحتلها من عدم المعرفة والفضول يقتلها، دلفت إلى غرفته مُتسللة بعد أن غادر "عُمر" لتراه نائمًا فاقدًا للوعي لا يشعر بشيء وتحيط به الأجهزة الطبية وصدره عاري متصل به بعض الأسلاك الطبية، دمعت عينيها وهى لا تفهم شيء عن مرضه لكن عقله بدأ يتخيل كل الأمراض المُمكن، فُتح باب الغرفة وعاد "عُمر" ليُدهش بوجودها فقال بحدة صارمة:-

_ أيه اللى دخلك هنا؟ مين اللى سمح لكِ بالدخول؟


_ أنا آسفة، كنت عايزة أطمن بس عليه

قالتها بأسف شديد مُحرجة من فعلتها ليقول "عُمر" بعد أن تقدم إلى الخزانة الصغيرة يضع بها بعض الأغراض:-

_ هو كويس وعلى الصبح هيفوق وممكن يخرج ، بس بسبب الحركة الكتير بعد الحادثة جسمه تعب ودخل فى أنهيار عصبي ومحتاج للراحة وأظن دا طبيعي بعد ما عربيته أتقلبت بيه وأضطر أنه يسافر تاني يوم عشان عملية والدك


أومأت إليه بنعم بأمتنان وندم والشعور بالذنب يقتلها فـ لولا جراحة والدها ما كان غادر المستشفي أو أضطر للسفر فى فترة مرضه، ألتف "عُمر" إليها ليرى دموعها تتلألأ فى جفونه من الندم فقال بلطف يقلل من حدته معها:-

_ أنتِ مش السبب لأن دا قراره فرجاءً متحسيش بالذنب


قالها ثم تقدم خطوة يتابع الحديث معها بنبرة هادئة:-

_ أتفضلي عشان أرجعك على الفندق الوقت أتاخر


أومأت إليه بنعم وذهبت معه حتى عادت للفندق وأخذت حمام دافئ بعد أن ألقت بجسدها تحت صنوبر المياه الساخنة تتخلص من تعبتها وخمول جسدها ثم أرتدت روب الأستحمام الأبيض الذي يصل لأسفل ركبتيها وبأكمام طويلة وتغلق رابطه بأحكام وألقت بجسدها على الفراش حتى تغوض فى نوم عميق بمنتصف السرير الكبير وشعرها المبلل ينعش جسدها من برودته، فتحت عينيها صباحًا على صوت دقات الباب لتشعر بتعب جسدها وهى ما زالت تريد النوم فسحبت الوسادة تضعها على رأسها حتى لا تستمع لهذه الدقات المزعجة لكن لا جدوى من الهرب منها فتأففت بضيق شديد وذهبت لتفتح الباب بوجه نائم تكاد تفتح عينيها لتُصدم عندما وجدته أمامها ولا تصدق رؤيته ففركت عينيها مرات عدة لعلها ترى منام فتمتمت بدهشة:-

_  حازم!!


دفع باب الغرفة بوجه غاضب جدًا وهو يقول بأختناق شديد:-

_ هو فين؟ وايه القرف اللى لابساه دا


تشبثت بروب الأستحمام بأحكام بيديها وهى لا تفهم سبب غضبه  أو كيف وصل إلى هنا فقالت بانفعال:-

_ أنت جيت أزاى؟ هو مين دا اللى بدور عليه ... تعال هنا


قالتها بضيق من هجومه على غرفتها كأنه يبحث عن لص فألقي فى وجهها صورتها مع "غفران" ويقول بغضب:-

_ اللى سيبتني عشان تعيشي معاه فى الحرام يا بنت عمتي


لم تصدق كلماته وعينيها تحدق فى صورتها مع "غفران" بصدمة وتتساءل كيف وصلت الصورة ليد "حازم" أو كيف ألتقطت لها؟، أثناء رؤيتها للصورة شهقت بقوة عندما قاطعها "حازم" الذي مسك ذراعها بقوة وعينيه تلتهم بغضب سافر ثم قال بضيق:-

_ فرضتي فى أي تاني يا قُسم للبيه عشان يعمل العملية لأبوكِ، بعتي وقدرتي شرفكِ بكام؟ 


لم تتمالك أعصابها أكثر من كلماته المُهينة لها فصفعته بقوة على وجهه تلطمه من غيظ كلماته وتُهمته الشنيعة لها وهو يرأها بهذه القذارة، أحتدت عينيه بهول الصدمة التى لحقت به من فعلتها ليقترب أكثر....


فى الغرفة المجاورة دلف "عُمر" فى الصباح ليجمع أغراض "غفران" حتى يأخذها للمستشفي بعد أن علم بيقظته من الممرضة مُسرعًا  فى حركته بقلق مما وصل "غفران" له والصدمة العصبية التى تعرض لها بسبب الخوف من الكشف عن مرضه، سمع صوت صراخ قريب من الخارج فخرج بقلق كغيره من النزلاء لكن صدمته الأقوي حين وجد الصوت من الغرفة المجاورة الخاصة بـ "قُسم" دلف للداخل بعد أن تركت "قُسم" الباب مفتوح من دخول "حازم" وصُدم عندما وجد "حازم" فوقها على الفراش ويحاول الأعتداء عليها بالقوة وهى تصرخ بقوة مُحاولة النجاة من يده فأقترب "عُمر" بغضب سافر خائفًا من "غفران" فى المقدمة الذي سيقطع رأسه إذا حل بهذه الفتاة شيء دون أن ترجف له عين، لكمه بقوة في وجهه بعد أن سحبه من فوقها ووضع الغطاء عليها ثم سحب "حازم" للخارج بالضرب والركل بقوة كالمجنون بينما تشبثت هى بالغطاء بقوة ويديها ترتجف بقوة، دفعه "عُمر" بقوة خارج غرفة النوم ليسقط أرضًا ففزع "عُمر" حين رأي "غفران" أمامه وهيئته فوضوية مُرتدي ملابس الأمس وقميصه المتسخ من صوص الطعام، رمقه "غفران" بنظرة مُرعبة بعد أن سمع من النزلاء أن هناك من أقتحم الغرفة، دلف بقلق إلى غرفة النوم ليراها منكمشة فى ذاتها ومُتشبثة بغطاءها فأبتلع لعابه من الخوف وأقترب منها وقال:-

_ أنتِ كويس


_غفران

قالتها بأنكسار وعينيها تبكي بلا توقف وترتجف ليمد يده إليه بقلق فتشبثت "قُسم" به ووقفت معه بملابسها لحُسن حظها لم يفعل شيء من أفكار الشيطانية بها، ترجلت من الفراش ويدها بيده فسأل "غفران" بنبرة قوية مُرعبة:-

_ أقتله؟!


أتسعت عينيها على مصراعيها من هول الصدمة ليقول مُجددًا:-

_ أقتله على أتجرأ ولمسك؟ 


لم يكن يعلم من هذا الشاب الذي تجرأ على دخول غرفتها فقالت بتمتمة:-

_ لا، دا حازم مهما كان


أتسعت عينيه بصدمة ألجمته من لفظ اسمه والآن قد فهم من الذي يملك الجراءة على أقتحم غرفة تخص "غفران الحديدي" وبطابق الكبار فكل من هنا من أغنياء العالم أجمع، خرج كالمجنون ليقتله دون سؤالها فخرجت خلفه بذعر وتشبثت بيده قبل أن يفعل شيء وقالت:-

_ لا، غفران أرجوك، خليه يمشي 


نظر نحوها يدهشة من مسامحتها له وكيف لها أن تغفر فعل كهذا؟، شعر بأناملها تتشبث بقميصه من الخلف دون أن يراها أحد كطفلة خائفة ويدها ترتجف فى ظهره فهمست إليه بضعف:-

_أرجوك مشيه، أنا مش عايزة أشوفه يا غفران، الناس بتتفرج عليا


طأطأت رأسها بخجل شديد من أنظار الجميع وبعض النزلاء يقفون على الباب يشاهدون فأشار إلى "عُمر" بأن يأخذه للخارج فخرج الجميع ونظر "غفران" لها وهى ما زالت تتشبث به ولا تترك أسر قميصه من أناملها وبدأت تبكي بذعر فقال بهدوء:-

_ أنا هستناكِ هنا، أدخلى غيري هدومكِ عشان أوديكي لأبوكِ 


 

يُتبــــــــع .....


#غفران_هزمه_العشق

#نور_زيزو

#نورا_عبدالعزيز


رواية

♡♡ غفران هزمه العشق ♡♡

الفصل الثـــــــاني عشـــر ( 12 )

___ بعنــــوان " عالقًا بين الأمل والألم " ___


فى منزل مكون من طابقين، متوسط الحجم الطابق الأعلى به ثلاثة غرفة ودورة مياه مستقلة ودرج صغير من الخشب مُتصل بالسقيفة الموجودة بالأعلى حيث قمة المنزل المُثلثية، والطابق الأول به مطبخ كبير الحجم مفتوح على البهو وغرفة نوم ومكان مخصص للمعيشة بالأريكة والشاشة وبالجوار مكان السفرة المكونة من ست مقاعد ورواق صغير يصل إلى باب المنزل، خرج "غفران" من المطبخ يحمل فى يده كوب من عصير الليمون وتقدم إلى الأريكة التى تجلس "قُسم" عليها منكمشة فى ذاتها وعينيها تبكي فى صمت على الرغم من جسدها الذي لم يكن صامتًا وساكنًا محله فكانت الرجفة تصيبه كاملًا وتضم يديها الأثنتين معًا، الخوف كان مُسيطرًا عليها فوضع الكوب أمامها على الطاولة ثم جلس على المقعد بهدوء وقال:-

_ أشربي الليمون ودلوقت تبقي أحسن؟


تمتمت "قُسم" بصوت واهن ونبرة خافتة يكاد يسمعها مع شهقاتها القوية:-

_ أزاى قدر يفكر فى دا؟ أنا مأذتهوش فى حاجة، كنت مستحملة كل حاجة وأى حاجة وشايلة فوق أكتافي كل حاجة عشان جوازتنا تتم وربنا يجمعنا تحت سقف واقف، أزاى كنت مغشوشة فيه أوى كدة؟ هو أنا كنت عامية أوى كدة عن حقيقته اللى مخبيها ولا هو اللى كان ممثل شاطر وقدر يمثل ويضحك عليا لسنين؟


تنحنح "غفران" بضيق وهو لا يفهم شيء عن علاقتها بـ "حازم" لكن ما رأه كان كافي بأن يكون نظرته الحقيقة عن هذا الرجل الغليظ، رجل مُتسلط يرغب بها لكن دون أن يجادل أو يعافر للحصول عليها، يرغب بها كأنه متملك لها وفور أن شعر بأنها تركته ولم تكن له سيطر عليه هذا الحُب المُتملك وقرر أن يحصل عليها بالقوة، لم يكن "غفران" غبيًا فمما آه وسمع به منها أن "حازم" يحُبها حُبًا جمًا لكن هذا الحُب مؤذي، يستطيع أذيتها كما يريد لكن لا يتحمل فكرة خسارتها فقال بهدوء:-

_ هو مبيمثلش،هو حاول يأخذك بالإكراه والقوة، غصب عنك يعنى، بيحبك لكن حُب مؤذي، حُب مخليه يفكر فى أى حاجة ويعمل أى حاجة عشان تفضلي معاه حتى لو كان بالقوة، رجل مريض بحُبك


رفعت وجهها إليه وتخلت عن الحرج من مقابلته لتواجهه بعينيها مُندهشة من حديثه فقالت بنبرة استفهامية:-

_ مريض بحُبي؟ قصدك أى؟


تنهد "غفران" وهو يقدم لها كوب العصير التى تجاهلته حتى ترتشف القليل منه وقال بجدية:-

_ يعنى هو مبيكذبش لما بيقول أنه بيحبك، لكن الحُب دا جواه عبارة عن حُب أمتلاك، زى حُبك لتليفونك أو هدومك مهما حصل ومهما أتعصبتي أو زعلتي ففي الأخر هو تليفونك، بالنسبة لحازم مهما يعمل أنتِ بتاعته وخطيبته ولو حس أن ممكن يخسرك هيعمل أى حاجة مهما كانت أى عشان تفضلي معاه حتى لو ....


تنحنح بحرج من أستكمال حديثه ليقول بنبرة أكثر هدوءًا:-

_ حتى لو أضطر أنه يأخذك بالقوة عشان مبيقاش قصدك حل غير أنك تتجوزيه ، وأسف على تجاوزي فى الكلام بس دا فهمي له 


وقف من مكانه مُحرج من الحديث معها فى هذا الشيء لكن أستوقفه يدها الباردة كقطعة الثلج التى تشبثت بأنامله كطفلته "نالا" تمامًا حين تمسك يده فنظر إلى يديهما ثم إلى "قُسم" وقلبه مُلهتبًا كالجمر من رفضها لقتل "حازم" الذي تجرأ على أذيتها، حاول "غفران" قدر الإمكان السيطرة على أعصابه وكبح مشاعره ودقات قلبه الغاضب لأجلها، أبتلع لعابه بهدوء فقالت بصوت مبحوح:-

_ ممكن ترجعني مصر؟


عاد للجلوس مُندهشًا من طلبها ووالدها هنا فى العناية المُشددة يصارع الموت حتى ينجو بقلبه الجديد:-

_ وباباكِ اللى بين الحياة والموت هنخرجه من على الأجهزة وصدره مفتوح وقلبه لسه مستعادش وظائفه، هتجازفي بحياته عشان خايفة من حازم


جهشت فى البكاء بأنكسار وخوف شديد يتملكها وتمتمت بذعر:-

_ عُمر لو كان أتأخر شوية كمان كان حازم قتل أبويا بالحياة بعملته فيا، رجعني مصر


لم يقو على كبح مشاعره أكثر وهو يسمع صوت بكاءها وشهقاتها كالأسهم التى تخترق صدره وقلبه فأقترب قليلًا منها أوخذ يدها فى قبضتيه ليقول بنبرة هادئة جادة:-

_ مستحيل، مستحيل أسمح له يأذيكي يا قُسم، أنتِ مع غفران الحديدي متخافيش وأنا وعدتك أرجعلك أبوكِ وقد وعدي دا ما دام فى مقدرتي، متخافيش وأنا معاكِ


أغمضت عينيها بخوف يحتلها لكنها صُدمت حين شعرت بيده تخفف دموعها وتلمس وجنتها ففتحت عينيها بهدوء لتراه أمامها يحاول أن يُطمنها قليلًا ويمتص من جوارحها الخوف والذعر مما حدث بها، تحدث بنبرة خافتة:-

_ أنا هنا يا قُسم، أنا جانبك


ظل ترمقه فى صمت وجسدها يرتعش، دلف "عُمر" إلى المنزل ليُصدم مما رآه وقُرب "غفران" منها ويده التى تلمس وجنتها بعينيه الدافئة فى نظرتها، عالقة بـ "قُسم" بقوة مما أدهش "عُمر" وكيف لـ "غفران" أن يقترب من امرأة وهو يكره أى تاء تأنيث غير "كندا"، لطالما هددته "كندا" أن تنشر خبر عن عدم ميول للنساء، فى جميع الحفلات والمناسبات يذهب مع "عُمر" شريكًا له، لم يقوى على السماح لأى امرأة بالأقتراب منه أكثر من خمسة أمتار، قوانينه صارمة ومن يخترقها تهدم حياته رأسًا على عقب، ظل "عُمر" محله يحدق بهما لعله يستوعب الأمر ويُصدق ما تراه عينيه الذي بدأ يشك بنظرهما عن الشك بـ "غفران" وصارمته، تنحنح بحرج وهو يقول:-

_ أحم ، غفران بيه المستشفي أتصلت بيبلغون أن جميل أتنقل لغرفة عادية بعد ما بدأ مؤشرات قلبه تستجيب 


فرحت "قُسم" بسعادة تغمرها من سماع هذا الحديث وقالت بحماس:-

_ أنا لازم أروح له، أستناني يا عُمر هغير هدومي وتوصلني معلش


أومأ إليها بنعم بينما ينظر إلى "غفران" بعيني ثاقبة مُنتظر كلماته ليفعل ما يأمر به فقال بلطف:-

_ تمام وحسب ما يأمر مسيو غفران


وقفت من مكانها لكي تصعد للأعلى تبدل ملابسها لكن توقفت عن خطواتها حين وجدت يدها ما زالت عالقة بين قبضتيه المحمكتين عليها فنظرت غلى "غفران" بلطف وقالت:-

_ ممكن أطلع أغير هدومي


ترك يدها بهدوء لتصعد فخرج "غفران" من المُنزل وجلس ينتظرها فى السيارة مع "عُمر" الذي أحتل مقعد السائق وعينيه على المنزل أمامه فقال بهدوء:-

_ أتصلوا من مصر، دكتورة نورهان زارت قصر الحديدي يوم ما حضرتك دخلت المستشفي، فاتن بتقول من يومها ومدام كندا منهارة جدًا ورافضة الأكل وفى وسط كلامها مع والدتها قالت أنها متأكدة من خيانتك ليها وكان باين من الكلام أنها على علم أن حضرتك هنا مع بنت لكنها تجهل تمامًا هى مين


تنهد "غفران" من سماع هذا الحديث فأخرج الهاتف من جيب سترته وقال بحدة صارمة:-

_ خليها تنهر أكثر، مستغرب واحدة ببجاحتها بتخون جوزها وبتبكيدلوقت عشان راح لغيرها


ألتف "عُمر" برأسه للخلف مُندهشة من اعتراف "غفران" الغير مباشرة بأنه ذهب لأخري وحتمًا مقصده الأول والأخير هى "قُسم"، رفع "غفران" نظره إلى "عُمر" ليستدير مُسرعًا ناظرًا للأمام بخوف من جراءته مما جعل "غفران" يعيد النظر إلى الهاتف وقال بتهكم:-

_ عملت اللى طلبته منك؟


فتح "عُمر" هاتفه ليرسل ملف إلى رقم "غفران" فضغط "غفران" على الملف فى خاتفه يفتحه وبدأ "عُمر" يقول:-

_ عفيفي اتولد فى عائلة ثرية ووالده منتج معرف وبدأ الإخراج فى سن صغير، أتنشر له فضائح ومقالات كتير عن علاقاته مع بعض الممثلات الشابة وخصوصًا فى بداية طريقهم فى الفن والشهرة، بيشرب كتير ومعظم يومه ما بين التصوير والفنادق وكل لقاءات العمل بتكون فى الفنادق خصوصًا لو الطرف لأخرى امرأة


تمتم "غفران" بضيق شديد وعينيه تحتد بقوة بينما يرمق التقرير المقدم له عن هذا الرجل:-

_ يعنى بتخوني؟


تابع "عُمر" الحديث معه بجدية قائلًا:-

_ مفيش دليل قاطع على الخيانة وربما كل اللقاءات دى تكون بسبب العمل وتحديدًا أن مدام كندا هى البطلة الرئيسية لمعظم أعماله و......


قاطعه "غفران" بحدة ونبرة غليظة يرمي بهاتفه جانبًا وقد مل من هذه العلاقة والأحاديث الكثيرة فيها:-

_كل الصور واللقاءات ووجودها معه فى غرفة فى فندق والملامسات اللى بينهما فى الصور وتقولي مفيش دليل قاطع، الخيانة يا عُمر تكفي لما يلمس راجل غيرى مراتي ولو فى رقصة، تمسكه بيها أنها تكون بطلة رئيسية لكل أعماله مُريب ولقاءات الفندق مُريبة 


نظر "عُمر" إلى "قُسم" التى خرجت للتو من المنزل وتسير نحوهما فقال بجدية:-

_ لكن الخائنة مستحيل تنهار أن جوزها مع بنت تانية


نظر "غفران" إلى "قُسم" التى ظهرت أمامه مُرتدية فستان أبيض اللون وبه أزهار كبيرة زرقاء بأكمام وشعرها مسدول على الجانبين بحرية ثم قال نحزم:-

_ ربما خايفة من الجحيم اللى مُنتظرها، أنا مستحمل أغفر لها خيانتها ولازم أعاقبها عليها 


فُتح باب السيارة ودلفت "قُسم" إلى السيارة بهدوء وبسمتها لم تفارق وجهها لينطلق "عُمر" إلى المستشفي بقيادته، ظل الصمت بينما حتى وصلت رسالة إلى هاتف "عُمر" من المستشفي بتحديد موعد الأشعة والفحص الخاص بـ "غفران" ليقول بهدوء:-

_ حضرتك عندك بعض الفحوصات النهار دا ومش محتاجين تأخير، هوصل قُسم للأستاذ جميل وأحجز جناح كبار الشخصيات لحضرتك


أومأ إليه بنعم بينما نظرت "قُسم" إلى "غفران" بذهول من تردده على المستشفي دومًا رغم أنه بحالة جيدة فسألت بقلق:-

_ أنت مريض؟


لم يُجيب عليها ونظر إلى النافذة شاردٍ بالنظر إلى المارة الذين فى نظره جميعهما نفس الشخص الضبابي، يحاول جاهدًا الحصول على أى علاج من أجل حالته فكل مرة يعرض لموقف حرج ويجهل هوية الشخص الذي أمامه يُصيب بنوبة صراع ربما تصيب قلبه بصدمة من الخوف، مسكت "قُسم" ذراعه من سترته وتجذبه إليه فنظر "غفران" إليها وهى تسحب ذراعه إليها فقالت بجدية:-

_سألتك إذا كُنت مريض؟


فض يدها عن ذراعه بضيق شديد فحين يتعلق الأمر بمرضه ربما يتجنبها كزوجته التى تجنبها لسنوات ونظر للجهة الأخرى، أقتربت "قُسم" بعناد من مقعد "عُمر" الذي يجلس أمامها وربتت على كتفه بلطف وقالت:-

_  هو مريض؟ 


نظر "عُمر" لها فى المرآة الأمامية وقال بحدة صارمة كأنه إنسان ألى مبرمج على طاعة "غفران" فقط:-

_ أسف يا أنسة معنديش تعليمات بالكلام مع جنابك


تأففت "قُسم" بضيق من تسترهما على الأمر والغموض الشديد الذي يحرصان به على إخفاء الأمر فعادت بظهرها للخلف عاقدة ذراعيها أمام صدرها بحدة وقالت بتذمرٍ وعنادٍ:-

_ أصلا أنا غلطانة أنى سألتك فى دكتور ممكن اسأله


توقفت السيارة أمام المستشفي ففتح "غفران" باب السيارة لكي يترجل منها وقال بكبرياء متعجرفٍ:-

_ عرفني إذا جاوبك الدكتور عشان أمسح أسمه من الطب نهائيًا بتهمة الإفصاح عن معلومات المرضي


كزت على أسنانها من الغيظ وترجلت خلفه غاضبة من مكره وصرامته وركضت خلفه بخطوات سريعة حتى سارت بجانبه فقالت بهدوء:-

_ أنت ليه غليظ؟


توقف "عُمر" مُندهشًا من جراءتها وحدق بها كثيرًا بخوف مما سيفعله "غفران" بعد وصفها له بالغليظ، ضحك "غفران" بسخرية وألتف ليقف أمامها مباشرة ونظر إلى عينيها بحدة ثم قال:-

_ وأنتِ ليه عنيدة، ليكون فى علمك أنا مبكرهاش قد العند والتدخل فى شئون الغير


أستدار لكي يكمل طريقه فسأتوقفه هذه المرة بتذمر طفولي واضح فى نبرتها وعناد مُحمل بالنتقام كأنها ترفض أن ينتصر هو فى هذا الحديث تقول:-

_ معناه ليه بتتدخل فى شئوني


نظر "غفران" لها بدهشة لتبتسم بانتصار وتقدمت هى بخطواتها للأمام فضحك "عُمر" بخفة مما جعل "غفران" ينظر إليه بغيظ ليضع يده على فمه بحرج وقال:-

_ أسف، لكنها جريئة وعنيدة جدًا بتفكرني بحضرتك

 

نظر "غفران" إلى ظهرها وهى تسير وحدها فى الأمام وشعر بدقة فى قلبه مُختلف كأن كـ "عُمر" تمامًا مُندهشًا من جراءتها معه ومعاملتها العفوية معه حتى عنادها وطريقة انتقامها فى الحديث جميلة كوجهها الذي لم يغادر ذاكرته حتى الآن......


__________________________ 


انتهي الجميع من جلسة قراءة السيناريو فى غرفة الأجتماعات ليغادرون الغرفة فاستوقفها "عفيفي" بقوله الساخر:-

_ استغربت أنكِ جيتي جلسة القراة مع أن أخر مرة حسستني أن غفران هيقتلك لو خرجتي من القصر بدون علمه


ألتفت "كندا" إليه وقالت بعناد والغضب يتملكها بعد أن رأت زوجها مع أخرى:-

_ ومين قال أنه بدون علمه، أنا واثقة ان عنده علمه بوجودي هنا دلوقت لأن جواسيسه مبيرفعوش عينيه عني


أقترب "عفيفي" نحوه ثم رفع يده إلى وجهها يهندم خصلات شعرها بدفء وعينيه تتفحص كل أنش فى وجهها:-

_ لكن اكوني واثقة برضو أن هنا مفيش عيون عليكِ غير عيوني أنا


رمقته "كندا" بهدوء شديد وقلبه ممزوق من خيانة "غفران" لها وقسوته فى التعامل معها، سألته مُحتارة:-

_ هو أنا وحشة؟ متحبش؟


ضحك بعفوية على سؤالها وبدأت عينيه تترك تفاصيل وجهها وتنخفض للأسفل مُعجبًا بكل تفصيلة بها وقال بنبرة أكثر هدوءًا ونعومة:-

_ مستحيل، أنتِ فرسة وزى ما بيقوله بالبلدي تحلى من على حبل المشنقة يا كندا، مُتخلف مين دا اللى يملكك ويسيبك تسألي نفسك السؤال دا؟


أبتلعت لعابها من طريقته فى التعبير عن جمالها وشعرت أنه يلمح لشيء أكثر خطورة فألتفت لكي تغادر الغرفة بينما تقول بحدة:-

_ أنا همشي


مسك ذراعها بقوة وسحبها ليُعيدها أمامه وأقترب أكثر يحاصرها فى الحائط وقال بلطف ونبرة خافتة:-

_ خليكِ معايا لو غفران قاتل أنوثتك أنا ممكن....


قاطعته "كندا" بحدة صارمة من كلماته القذرة:-

_ أنا قفلت الباب دا من زمان يا عفيفي، اتفقنا أكون لك بطلة أفلامك وبس وأى حاجة تانية تتدفن وحتى متبوحش بيها بينك وبين مرايتك لأن حتى مرايتك ممكن تخونك 


دفعته بأشمئزاز شديد وسارت تجاه الباب ليغضب من معاملتها له كأنه جزءًا من القمامة وقال بانفعال شديد:-

_ ليه غفران؟ ليه هو؟ ليه تحبيه الحُب دا كله وأنا تسيبنى كأني زبالة أو مستعيرة مني


تنهدت بغلاظة حادة من حديثه الدائمة عن رغبته بها كامرأة وقالت بانفعال أفقدها أعصابها وقلبها يكفيه خيانة "غفران":-

_ تاني، لأن غفران اتجوزني فى حين أن الزبالة اللى بتتكلم عنها رفض يتجوز واحدة سلمته نفسها وعاملها على أنها زبالة دلوقت بقيت حلوة وهتموت وتشم رائحتها 


أقترب أكثر منها وقال بضيق:-

_ وقتها كُنت....


قاطعته بحدة صارمة وعينيها تلتهب من الغضب والحسرة:-

_ وقتها ودلوقت كنت أناني وبس مبتفكرش غير فى اللى أنت عايزه وبس يا عفيفي


غادرت من المكتب غاضبة جدًا وحاولت كبح دموعها حتى وصلت إلى سيارتها وصعدت بها لتنفجر فى البكاء بضيق شديد مما تحمله من شعور بداخلها فتمتمت بوجه ويديها تضرب قلبها بقوة:-

_ أنتِ السبب يا كندا، أنتِ السبب 


أنهارت فى البكاء وهى تتكئ برأسها على المقودة وتشرد بذكريات الماضي مع "غفران"، جهشت فى البكاء بصدمة قاتلة حين استيقظت من نومها ووجدت نفسها فى الفراش وبجوارها "عفيفي" والغرفة قذرة من ملابسهما الفوضي العارمة بها وزجاجات الخمر بكل مكان فتشبثت بالغطاء تخفي جسدها العاري ولا تتذكر كيف حديث وماذا حدث؟ لكن الشيء الوحيد الأكيد لها هى أنها أقامت  علاقة كاملة مع هذا الرجل الموجود جوارها عاري الجسد مثلها مما جعلها تفزع وبدأت تصرخ بجنون ليستيقظ "عفيفي" لها وقال:-

_أهدئي يا كندا، اللى يشوفك كدة يقول أن أنا اللى رميت نفسي عليكي ولا أجبرت 


_ أنت عارف أنت عملت أي؟ أنت فضحتني؟

قالتها بفزع مما جعله يشعل سيجارته ببرود ثم سار بعيدًا عنها وقال بحدة:-

_ فضحتكِ!!، متكبريش الموضوع يا كندا 


أقتربت منه غاضبة وقالت بصراخ:-

_ أنت هتستعبط، أنت لازم تتجوزني


دفعها بعيدًا عنه بأشمئزاز مُندهشًا من طلبها وقال بسخرية:-

_ جواز أي أنتِ هبلة، دا أنا لو هتجوز كل واحدة عملت معها كدة يبقي هتسجن بتعدد الزوجات اللى يزيد عن 15


أتسعت عينيها على مصراعيها من هول الصدمة وأخذت حذاءها فى يدها مغادرة الغرفة بصدمة ألجمتها ولا تعرف ماذا تفعل أو كيف تتصرف فى هذه الكارثة؟ وصلت لمنزلها بصعوبة فى تلك الليلة لكنها صُدمت بالأمر الأكثر رعبًا حين وجدت "غفران" هذا الشاب المتهور بعفوية يقف فى حديقة منزلها ويصنع لها قلبًا من الشموع والزين مُرتديًا بدلته السوداء لتُزيده أكثر وسامة ويحمل بين يديه باقة من الورد الأحمر فأقتربت أكثر منه بعد أن جففت دموعها لتراه يبتسم أكثر وأكثر بوسامة وسعادة تغمره ثم قال:-

_اتأخرتِ أنا مستنياكِ من بدري


لم تفهم شيء حتى وصلت أمامه ليقول "غفران" بسعادة تغمره:-

_ أنا شاب لسه فى بداية حياته لكن الشاب دا عايز يدخل حياته وصراعها ويحارب فيها معاكِ وبكِ يا كندا، عايزكِ تكوني سيفي فى حرب الحياة وقوتي فى اللى جاي، أنتِ البنت الوحيدة اللى خطفت قلبي من صوتها،  تتجوزني؟

 

لم تستوعب الأمر فظلت تحدق به مذهولة من هذا الأمر.....


فتحت عينيها على صوت دقات على النافذة وكان طفل صغير ملابسه متسخة وشعره فوضوي يبيع المناديل لتستشيط غضبًا وأنطلقت بسيارتها بعيدًا مُتجاهلة هذا الطفل....


________________________ 


وضعت "قُسم" قبلة على جبين والدها النائم وغاردت الغرفة وبدأت تبحث عن مكان "غفران" بعينيها ثم أوقفت ممرضة لتسأل عن مكان "غفران" باللهجة الأنجليزية فأجابتها الممرضة بمهارة لكنها لم تفهم وتعابير وجهها كانت تائهة جدًا للمرضة فأخذتها إلى قسم الأشعة مما أدهشها حين رأت "غفران" مُرتدي زى المرضي ونائم على جهاز الأشعة ويجري أشعة على المخ فشعرت بغصة فى قلبها من الخوف أن يكون قد أصابه شيء خطير وهو السبب فى تواجده هنا، ظل ينقل مع الممرض من مكان للأخرى حتى أستغرق الفحص أكثر من ساعتين وخرج أخيرًا مع الممرض ليراها جالسة فى غرفته تنتظره ولولا فستانها ما كان علم من هى؟،ساعده الممرض على الصعود على الفراش ثم غادر، أقتربت "قُسم" منه وكان تي شيرته الأزرق مبلل بالعرق ووجهه شاحبًا جدًا لا يقوى على الجدال معها، مُنهكًا جدًا، رفع قدميه ليتسلقي على الفراش فوضعت الغطاء عليه وقالت بلطف:-

_ أنت كويس؟


لم يُجيب على السؤال وأغمض عينيه بتعب مُنتظر قدوم "عُمر"، جلست على حافة الفراش بجانبه وأخذت مناديل ورقية من فوق الكومود وبدأ تمسح حبيبات العرق عن جبينه ووجنته ففتح عينيه بتعب حين شعر بيدها وكانت قريبة منه وهادئة على عكس الصباح عنيدة وغاضبة وترد الكلمات له كالحرب، تنهد بتعب شديد فقالت "قُسم":-

_ لو احتجت أى حاجة متتحرجش تطلب منى؟ على الأقل أرد لك شوية من اللى عملته معايا 


كان يشعر بدوران شديد فى رأسه وخصيصًا بعد الجلسة السريرية التى قام بها خلسًا قبل أن تأتي "قُسم" فحرك يده للأعلى ليمسكها "قُسم" بلطف فقال:-

_أهدئي، بس أسكتي شوية 


كان يبدو عليه التعب فلم تتعجب من طلب صمتها لتكفى عن الأزعاج له، هندمت الغطاء عليه جيدًا ثم وقفت تحاول سحب يدها من قبضته لكنه أحكم غلقها مُتشبثًا بها فظلت محلها جالسة قُربه ليُتمتم "غفران" بتعب:-

_ ليه الأمل يتسرق مننا بعد ما نجري وراءه؟


لم تفهم قصده وهو يُحدثها عن وجهها الذي رآه وبعد أن بحث عنها كالمجنون ووجدها سُرق منه هذا الوجه، لم تعرف سبب حديثه لكن الشيء الوحيد الذي تأكدت منه أنه يعاني من شيء قوى سُرق منه؟ ربما مريض بمرض خطير كما تسمع؟ فربتت بإشفاق على يده المُمسكة بيدها الأخرى وقالت بدفء:-

_ عشان ندور عليه تاني، عشان بنفضل نجري وراء ومنكسلش


فتح عينيه ناظرًا بها ثم قال بتهكم شديد:-

_ خليكِ يا قُسم، خليكِ هنا، أديني بس خمس دقائق كمان 


أومأت إليه بنعم ثم قالت:-

_ أكيد 


غاص فى نومه من التعب وتلقي جرعة من العلاج، صُدم "عُمر" مما سمعه من الطبيب فقال بصدمة مذعورًا باللهجة الفرنسية:-

_ يعنى أي؟


_ يعنى للأسف الحادثة الأخير والخبطة اللى حصلت فى الرأس كان نتيجتها سلبية على حالة أستاذ غفران وأساءت حالته أكتر من قبل والنهار دا بعد ما شوفت نتيجة الجلسة السريرية اللى عملنا ومحصلش أى تأثير أصبحت حالة أن يرجع يشوف من تاني مستحيل والمرة دى مبقاش فيها أى أمل عشان كدة رجاءًا خليه يكتفى بدفع أمواله الهائلة كتبرعات للمركز الطبية ومركز التجارب لأان وقتها مش هيكون عندنا علاج لمساعدته حسب البند المذكورة فى عقدنا

قالها "ألبيرت" بالفرنسية مما أعجز "عُمر" عن الرد وقد باتت كل الماحولات فاشلة وأصبح الأمل الآن كالسراب بسبب الحادثة مما جعله يخشي من رد فعل "غفران" وكيف سينتقم من "كندا" وهى سبب هذا الحادثة ولو مقابلتها مع "عفيفي" ما كان غادر الشركة أو قاد سيارته وحده، سأل "عُمر" بقلق لعل يجد أمل:-

_ ولا حتى قُسم، هو قدر يشوفهامن قبل، ربما مع الوقت يقدر يشوفها تاني


_من البداية كن رؤيته ليها مجرد معجزة وبعد الضغط على المنطقة المُصابة بقي مستحيل حتى المعجزة دى تحصل

 

عاد للغرفة حزينًا وخائفًا لا يعلم كيف سيخبره أنه الآن أصبح عمي الوجوه مرضه الذي لا علاجه له أكثر من السرطان وأى مرض أخر، رأه يجلس على الفراش وبجواره "قُسم" وقد عادت اليوم أيضًا للأطمئنان عليه، رأها تُطعمه بيدها كأنه طفل صغير ففتح الباب وقال:-

_صباح الخير


نظر "غفران" له بجدية وقال:-

_ سيبنا لوحدنا يا قُسم رجاءً


نظرت لكلاهما ثم غادرت الغرفة فسأل "غفران" بقلق:-

_ النتيجة ظهرت؟


حدق "عُمر" به وهو لا يعلم كيف سيخبره بحديث الطبيب؟ فأبتلع لعابه بصعوبة بالغة من الخوف مما جعل "غفران" يشعر بالخوف والقلق معًا حينما ألتزم "عُمر" الصمت مُطولًا........


يُتبــــــــع .....


#غفران_هزمه_العشق

#نور_زيزو

#نورا_عبدالعزيز


رواية

♡♡ غفران هزمه العشق ♡♡

الفصل الثـــــــالـــث عشـــر ( 13 )

___ بعنــــوان " بــذور الحُــــب " ___


[[ عـــــودة للمـــاضـي ]] 

 

صرخت "كندا" بأنفعال فى وجهه من الغيظ:-

_ أنت سمعت أنا قُلت أيه؟ بقولك غفران عايز يتجوزني


أجابها "عفيفي" وهو جالسًا على مقعده أمام المكتب شاردًا فى مشاهدة الأجزاء المُصور من عمله الجديد:-

_ طب ودا مزعلك فى أي؟ أتجوزيه


رفعت حاجبها بدهشة وعقدت ذراعيها أمام صدرها بسخرية شديد ثم قالت:-

_ ودى أعملها أزاى إن شاء الله بعد عملتك السودة دى


تبسم حين رفع رأسه للأعلي ؛ليرمقها بنظراته الثاقبة ثم قال بخبث شديد:-

_ وفيها أي يا كندا، أتجوزيه وأنا هقولك تعمليها ازاى وهو مش هيحس بحاجة خالص


رغم خوفها من هذه الخطوة لكنها بهذه اللحظة رمقته بحالة من السخرية وضحكتها تعلو شيئًا فشيء ثم قالت بتهكم:-

_ هو فى راجل مش هيحس، أنت عايز تفضحني


جمع أغراضه من فوق المكتب بلا مبالاة ثم غادر المكتب دون أن يهتم لأى شيء أو حتى هذه الفتاة التى على شرفة الفضيحة بفضله وفضل شخصيته القذرة، رن هاتفها بنفس اللحظة وكان رسالة من "غفران" محتواها 

( فينك يا كندا؟، أنا كل دا منتظر ردك لو رافضة عرفيني السبب على الأقل)


تنهدت بقلق شديد من المستقبل القريب وحياتها على المحك بسبب "عفيفي" وأرسلت رسالة بيدي مُرتجفة جدًا محتواها 

( موافقة يا غفران)


فاقت "كندا" من شرودها داخل حوض الأستحمام وصنوبر المياه الباردة فوق رأسها دون أن تشعر كم من الوقت مر عليها وهى أسفل هذه المياه، تنهدت بتعب شديد وخرجت من المرحاض بروب الاستحمام لتلتقط الهاتف من فوق الفراش لتحاول الأتصال بزوجها الخائن وقد ذاقت الآن ما جعلت "غفران" يرتشفه دون ان يدرك لكنها وجدت الهاتف مُغلق....


__________________________


[[ قصــــــــر اللؤلـــــــؤ ]]


وصلت "رزان" إلى غرفة نوم "نورهان" وكانت ما زالت نائمة فهمست بلطف قرب أذنها:-

_ دكتورة ... يا دكتورة 


فتحت "نورهان" عينيها بتكاسل مُجيبة بنبرة خافتة جدًا:-

_ أيه يا رزان؟


_ حازم وصل باريس وحاول يتهجم على قُسم 

قالتها "رزان" بضيق شديد مما أغضب "نورهان" وجعلها تغادر الفراش بينما ترتدي روبها الأبيض فوق قميصها وقالت بضيق:-

_ متخلف وهمجي، دايمًا الرجالة كدة أغبياء بدل ما يحاوط عليها يكرهها فيه أكثر ويفتح الباب على أخره لغفران


تحدثت "رزان" بهدوء وهى لا تفهم موقف رئيستها بحيرة:-

_ سامحينى لفضولي ، لكن لو حضرتك هتستغلي الفرصة دى عشان تخلصي من كندا وبالفعل بعتنالها الصور ليه فى نفس الوقت عايزة حازم يرجع خطيبته مع أنها العامل الأساسي فى نجاح خطتكِ


جلست "نورهان" على المقعد ووضعت قدم على الأخرى بمكر شديد ثم قالت بنبرة حادة :-

_ بالعكس أنا بعت حازم عشان تتقفل معاه بلا رجعة وقُسم ميبقاش قصادها غير غفران، بس طلع غبي فى قفلته 


أومأت رزان إليها بنعم ثم قدمت إليها الجهاز اللوحي وقالت بهدوء:-

_ دول العارضات اللى وقع عليها اختار اللجنة والقرار النهائية لحضرتك


بدأت تمرر صور الفتيات على الجهاز اللوحي وتتفن فى أختيار عارضتها لتقول بجدية:-

_ رقم 4 وبالنسبة للعارضة المحجبة وصلتوا لحد؟


_ النهار دا المقابلات وهتختار اللجنة الأفضل من بين المتقدمات وهعرضهما على حضرتك على أخر اليوم 

قالتها "رزان" بجدية فأومأت "نورهان" بنعم ثم تركت الجهاز الوحي بهدوء ثم وقفت من محلها ويدها ترجع شعرها الأسود للخلف مسدولًا على ظهرها فقالت:-

_ كدة خلصت من قرف كندا كلها خطوة ونخلص منها خالص، ركزي بقي معايا فى اللى هطلبه منك يا رزان


نظرت "رزان" لها بفضول واهتمام يقتلها لمعرفة ما تنوى رئيستها على فعله ومن ستريد التخلص منه هذه المرة ......


___________________________ 


مسحت "قُسم" ذراع والدها بالمنشفة المبللة وجاءت الممرضة تغير تضع الحقنة فى الملحول الطبي وغادرت الغرفة، تبسمت "قُسم" بخفة ويدها تمسح على رأس والدها بلطف ثم قالت:-

_ شد حيلك يا بابا بقي، وحشتني أوى يا حبيبي 


رن هاتفها باسم أخاها "قاسم" فخرجت من الغرفة لتجيب عليه بعفوية:-

_ لسه صاحي يا بيه؟


أجابها "قاسم" بمرح ونبرة خافتة حتى لا تسمعه والدته:-

_ لسه جاي من ماتش كورة، الحمد لله أمك ما حستش بحاجة 


أحتدت  عيني "قُسم" بضيق شديد من تصرف أخاها رغم ما حدث معه أخر مرة من لعب الكُرة لكنه ما زال يفعل هذا، وقفت "قُسم" فى الرواق غاضبة ووضعت يديها فى جيوبها بضيق:-

_ والله، أنا هتصل وأقولها عمايلك يا بيه وأتلم شوية، أنا سايباك راجل فى البيت وتخلى بالك من ماما مش تتعبها معاك يا قاسم فاهم؟!


أومأ إليها بنعم ثم قال بجدية:-

_ ماشي، حاضر المهم بقي قوليلي سي حازم جالكِ، خلي بالكِ لو عمل حاجة كدة ولا حاجة مش هحله 


تبسمت رخم حزنها عندما تذكرت ما حدث من "حازم"، وكيف جَن جنونه لتقول بلطف:-

_ كبرت وبقيت راجل يا قاسم 


قاطع حديثها مع "قاسم" صراخ "عُمر" من أمام غرفة "غفران" لتقول بهدوء شديد:-

_طيب هكلمك تاني يا قاسم 


أنهت الاتصال قبل أن يُجيب "قاسم" وذهبت نحو "عُمر" لترى غرفة "غفران" فارغة وقد أختفي ليسرع "عُمر" مع الممرضة وموظف الأمن غلى غرفة كاميرات المراقبة وبعد بحث طويل رأته "قُسم" يغادر المستشفي لتشير على صورة "غفران" وصرخت بهلع:-

_ اهو 


أتسعت عينيها وهكذا "عُمر" الذي ذعر مثلها تمامًا من أجل رئيسه الذي غادر المستشفي بزى المرضي وكأنه لا يبالي لأى شيء أخر بعد ما حل بها وغادر "غفران" من نصف ساعة تقريبًا، خرجت "قُسم" من المستشفي مع "عُمر" وكلاهما يبحثان عنه، بدأت تركض كالمجنونة فى الشوارع رغم جهلها عن هذه المدينة وفشلها فى الحديث مع أى شخص أخر هنا بسبب ضعف لغتها لكنها كنت تكتفى بالبحث عنه بنظرها، بحث "عُمر" معها بهوس خائفًا على رئيسه الذي اختفى فجأة من المستشفي مغادرٍ بملابس المرضي، تأففت "قُسم" بفزع من عدم العثور عليه وبدأت تصرخ باسمه فى الشوارع دون أن تخشي نظرات المارة الذين يحدقون بها بإشفاق من دموعها:-

_ غفـــــران

ظلت تبكي وهى لا تفهم لما غادر المستشفي تاركًا كل شيء خلفه حتى ملابسه وهاتفه وحذاءه، اعتل القلق قلبها وعقلها وركضت مُسرعة فى الأرجاء حتى تعبت من الركض وتوقفت تتنفس القلق وتلهث بصعوبة مُنحنية للأمام بأتكاء على ركبتيها بيديها وتمتمت بصعوبة:-

_ يا الله 

استقامت فى وقفتها وهى ترفع يدها تبعد خصلات شعرها للخلف وتكمل ركضها حتى وقع نظرها عليه لتراه يسير شاردًا لا يشعر بشيء من حوله فهرعت نحوه وعينيها تحملق بجسده الهزيل وتعثر قدميه الحافيتين أثناء السير حتى سقط مهزومًا وقد هزمه القدر هذه المرة، فتح ذراعيها بقوة تلتقطه قبل أن يسقط أرضًا فأرتطم بجسدها الصغير وسقطت أرضًا على ركبتيها من ثُقله، خرجت تنهيدة قوية منها بأريحية من العثور عليه رغم انه كان فى حالة يرثي بها وعينيه تبكي بلا توقف، أغمض عينيه بتعب مُستسلمٍ للهزيمة حين أدرك أنها "قُسم" من رائحتها التى حفظها عن ظهر قلب، تمتمت بخفوت:-

_ غفران

جهش باكيًا وبدأ يتمتم بما لا تفهم:-

_أنتِ قُسم صح؟، ليه القدر سرقكِ مني؟ والله أكتفيت بعيونك الخضراء ووشي الملاكي، أكتفيت ومكنتش طماع بس ليييييييه 

صرخ مُتسائلاً عن قساوة القدر معه رغم أنه لم يكن طماعًا نهائيًا، لم تفهم أى قدر سرقها منه؟ وكيف سُرقت منه وهو الآن كالطفل يبكي بين ذراعيها؟، لم تفهم سبب حالته المرضية هذه أو مما يعاني؟ ربتت بلطف على ظهره وقالت بدفء:-

_ أنا معاك، معاك يا غفران ومحدش سرقني منك

رفع يديه الأثنين يتشبث بها مطوقٍ إياها بخوف ولأول مرة يكن خائفًا هكذا من أنظار الجميع، شعر كأنه عاريًا أمامهم وحتى أمواله ومكانته لم يكفوا ليستروا علته أمام البشر، وصل "عُمر" لتدمع عينيه بضعف مُشفق على هذه الحالة التى وصل لها "غفران الحديدي" وهو لم يقو على تحمل خبر مرضه الأبدي، ضمته "قُسم"بقوة مُرتجفة من رؤيته ضعيفٍ هكذا، قلبها تعتصره دقات القلق والفزع أحتل عرش هذا القلب الصغير الذي فتح بابه للتو إلى هذا الرجل الضعيف بمرضه الغامض عنها،ضمته بقوة وكأنها تحاول إخفاءه عن نظر المارة، تحاول جاهدة فى ستره من أعين البشر.

وضعت طبقين من المكرونة السريعة "الأندومي" على الطاولة وطبق بيض مقلي وبعض المقبلات الجانبية ثم جلست تتناول الطعام مع "عُمر" على السفرة وسألت بفضول:-

_ أنا عارفة أن لازم تحافظ على أسراره ودا جزء كبير من شغلك بس بما أنى هنا معاكم ويمكن أنا اللى كل مرة بلبس فى تعبته ممكن توضح ليا هو بيعاني من أي؟


ظل "عُمر" يتناول طعامه فى صمت فرمقته "قُسم" بضيق شديد من التزامه الصمت رغم كل ما حدث فقالت بضيق:-

_ بالله عليك أنا كل مرة مببقاش فاهمة أعمل أى ولا في أى؟ 

 

ترك طعامه بهدوء وعاد بظهره للخلف مما جعل "قُسم" ترمقه بتركيز شديد كأنه سيخبرها بهذه السهولة فقال بهدوء حاد:-

_ تكوني مشكورة جدًا لو حصل حاجة تتصلي بيا على طول 


غادر "عُمر" الطاولة مما أزعج "قُسم" أكثر كمية بروده فأخذت الاطباق ووضعتها فى الحوض مُتأففة بضيق يحتل قلبها ويخنقها جدًا، صنعت دجاج لاجله وأرز مع حساء دافئ وخضراوات مسلوقة ثم وضعت الطعام على الصينية وصعدت للطابق الثاني حيث غرفة "غفران"، دقت الباب أولًا ثم دلفت ورأته نائمًا فى فراشه لم يغير ملابس المستشفي فوضعت الصينية جانبًا وجلست على حافة الفراش بلطف وصوتها الدافئ يناديه:-

_ غفران ، غفران يلا أصحي


فتح عيونه بتعب ورآها تجلس أمامه ووجهها ضبابي لكن صوتها مميز وخصيصًا كونها الفتاة الوحيدة هنا فى منزله كان كفيل بأن يعرف أنها "قُسم" فتاته التى طرقت أبواب قلبه وما زال يرحب بوجودها مع دقة قلبه الخافتة لأجلها، تبسمت "قُسم" بلطف ثم قالت بحماس:-

_ يلا أصحي عملتلك أكل، كمان محتاج تغير هدوم المستشفي دى


أعتدل فى جلسته بتعب لتضع وسادة خلف ظهره بلطف ثم جلبت الصينية لتضعها أمامه بجدية صارمة فقالت بحدة:-

_ مطلوب من حضرتك تخلص الأطباق دى كُلها وأنا هعملك كوباية شاى 


نظر "غفران" لها بدهشة فكانت تعتني بيه حسب تربيتها والبيئة التى تربت بها، لم تكن تعرف أن "غفران" لا يأكل أى شيء يُقدم إليه فقال بهدوء:-

_ أنا مبأكلش أى حاجة، ليا جدول معين فى الأكل والشاي مبشربهوش هو فنجان قهوة الصبح والتاني فى العصر و.....


قاطعته "قُسم" بوضع قطعة دجاج فى فمه أثناء الحديث وقالت بجدية:-

_ مش مهم، أنسي شوية القواعد والقوانين، أنت ضعيف ومريض ومحتاج تقوي جسمك وميقوكش غير الأكل الكويس وشوية شوربة 


تابعت حديثها ويديها تخلى الدجاج من العظم لأجله وبدأت تطعمه فى فمه بالأكراه رغم عناده، لم يقاومها وأكتفي بمراقبتها بعينيه فقط وتناول الطعام من يدها، تبسمت بلطف لأجله وقالت بمرح:-

_ وكأني جاية هنا عشان أشتغل ممرضة الصبح فى المستشفي لبابا وبليل لحضرتك


_ متأسف

قالها بحرج من مراعاتها له فقالت بلطف ونبرة دافئة أربتت على قلبه بهذا الدفء:-

_ على أيه؟ ميجش حاجة قصاد اللى عملته لبابا، أنا مش وحشة عشان أنكر الجميل، دا لو غريب بجد هساعده لو كان قصادي مريض كدة ما بالك بيك أنت يا غفران


لم يرى ملامح وجهها الباسمة لكنه شعر بدفء نبرتها الذي طمئن قلبه وشعر بكلماتها كأنها تعانق روحه، أكملت ما تفعله حتى قال بجدية:-

_ والله شبعت خالص

أومأت إليه بنعم ثم ذهبت إلى المرحاض تغسل يديها وخرجت تفتح خزانة الملابس لتختر له تي شيرت رمادي وبنطلون أسود وقالت بلطف:-

_ يلا خد دوش كدة يفوق وأنا هعملك حاجة تشربها 


أخذت الصينية للأسفل ليدخل إلى المرحاض وأرتدى ملابسه ثم خرج يجفف شعره المبلل بالمنشفة ثم فتح هاتفه وهو جالس على الفراش ووجد رسائل كثيرة من زوجته ومكالمات ومن ضمن رسائلها الصور التى تركتها "نورهان" له وحديث طويلة المخزى الوحيد منه هو الخيانة مما أدهشه وكيف عرفت "نورهان" بوجود "قُسم" معه ألا إذا كانت تراقبه هنا فتأفف بضيق وترجل للأسفل ثم قالت بلطف:-

_ دا إحنا بقينا حلوين خالص ونزلنا أهو 


رمقها ليراها تقف فى المطبخ تصنع له العصير الطبيعي من الفاكهة، لم يجيب عليها فتبسمت "قُسم" وذهبت خلفه بكوب العصير لتراه يجلس على الأريكة فقدمنت العصير له بلطف ثم جمعت شجاعتها وقالت:-

_ غفران.. أنت سيبت المستشفي وكمان لما دخلت، ممكن تفهمي أى اللى بيحصل معاك


لم يُجيب عليها وظل صامتًا مما أغضب "قُسم" جدًا خصيصًا أنه يعرف كل شيء عن حياتها فقالت بضيق:-

_ هو سر قومي، دا أنا كل حياتي مفتوحة قصادك كتاب مفتوح حتى خناقي مع حازم


وقفت من مكانها غاضبة لتغادر المنزل فتأفف بضيق وذهب خلفها بقلق يحتله إلى أين ستذهب هذه الفتاة وحدها؟، رأها تسير هناك فى الأمام غاضبة وهو يتبعها من ملابسها حتى وصلت إلى حديقة عامة وجلست على العشب الأخضر بحزن وهو يسير خلفها حتى وصل إليها وجلس معها مما أدهش "قُسم" التى جلس جوارها فحدق به من الرأس لأخمص القدم لتراه جالسًا قربها بملابس البيت القطنية ولا يبالي


لهيئته أو مكانته فتمتمت بضيق:-

_ ليه بقي؟


_ حد عاقل يخرج من البيت فى بلد ميعرفش فيها حد 

قالها بانفعال شديد من قلقه عليها مما أدهشها وعينيها تحدق به مُستغربة غضبه الحاد وكأنه على وشك أن يضربها من الغضب، فقالت بضيق:-

_ والله عال أوى وبرضو بتزعق تعال خدني قلمين أحسن


حدق بها مُطولًا وهذه الفتاة العنيدة لا تخشي الشجار معه أو الصراخ بوجهه، تنهد "غفران" بضيق من حديثها لتهدأ "قُسم" من روعتها بعد أن صمت ووجهه ما زال شاحب يبدو عليه المرض ومع ذلك جاء خلفها مذعورًا عليها ولم يهتم بمرضه أو جسده المُنهك ولم يخشي السقوط فى الشارع من جديد فاقدًا للوعي، تنهدت تنهيدة قوية تخرج بها غضبها ثم وقفت من مكانها لتمد يدها إليه وقالت:-

_ تعال معايا يا غفران


نظر إلى يدها مُطولًا فأومأت إليه بنعم ليفعل ما تطلبه دون جدال منه فوضع يده فى يدها الممدودة مُتشبثٍ بهذه الفتاة، أخذته للسير فى الحديقة والهواء البارد يداعب وجوههما فقالت بفضول:-

_ مقولتليش عملت أي فى حازم؟ أوعي تكون قتلته فعلًا


أجابها بجدية ويده مُحكمة على يدها الصغير بلطف:-

_ لو كُنتِ قُلتي وقتها اه حتى لو فى سبيل أنك فى لحظة غضب كان زمان بتقولي الله يرحمه لكن أكتب له عُمر جديد بفضلك يا قُسم وهو لازم يعرف أنه عايش وبيتنفس دلوقت بفضل عفوك عنه رغم اللى كان عايز يعمله فيكِ


شعرت بغصة فى قلبها حين تذكرت ما فعله "حازم" بها وكيف أقتحم غرفتها وكان يريد إذلالها بهذه الطريقة وإجبراها على الزواج منه، شعر "غفران" برجفة يدها فى يده المُمسكة بيدها لينظر إلى وجهها بقلق لتقول:-

_ عارف يا غفران أنا مكنتش خايفة منه على قد ما كنت مصدومة من التصرف وأن أزاى الراجل دا أنا أخترته واتعلقت به ومكنتش شايفة أنه وحش أوى كدة، كنت عمياء بكلام الحلو ورغم أن كل أفعاله كانت وحشة جدًا لكن كلامه كان حلو ويمكن دا اللى قلبي أتخدع فيه، ما علينا عملت فيه أى؟

  

_ عُمر وصله للمطار وحذره أن يظل ظله قصادك وحتى لو صدفة

قالها "غفران" بضيق وبداخله يرفض العفو عن هذا الرجل غير هذه الفتاة التى غفرت له أفعاله وقسوته، تبسمت بلطف ثم نظرت حولها ورأت دراجات للعب فأخذته وذهبت لتركب الدراجات معه فى جولة عفوية وبدأت تقود دراجتها وهو يقود خلفها وتلعب معه وسط الضحكات القوية بعفوية وشعرها الأسود يتطاير مع الهواء وسرعة قيادتها ثم ذهبوا لتناول العشاء من عربة لبيع شطائر البرجر وأشتري لها المثلجات، عينيها لم تفارق وجهه للحظة ورغم مرضه لكن حين بدأت تلعب معه بدأ يستعيد صحته مع تحسن حالته النفسية وضحكاتهما الكثير، عادوا للمنزل بعد منتصف الليل وجولة طويلة من التسكع فى الشوارع فدلف "غفران" للمطبخ يضع المقرمشات فى الأطباق وهى تسكب المشروب فى الأكواب وخرجوا للردهة وفتح "غفران" الشاشة على مسرحية من الأنترنت وجلسوا يشاهدون معًا وهى تضحك بقوة من السعادة والكوميدية بينما هو لا يمكن الشعور بشيء وهو عاجزًا عن التعرف على الممثلين لكن ما أسعده بهذا الوقت هو صوت ضحكاتها الدافئة حتى شعر برأسها الصغيرة تسقط على كتفه فنظر نحوها بخفة ورآها نائمة من التعب ليتكأ برأسه على رأسه ويغوص فى نومه جواره بعد أن سحب من بين يديها طبق المقرمشات 

أستيقظت من نومها صباح على صوت دقات هاتف "غفران" الذي لم يكفي عن الرنين مرات متتالية ففتح عينيه ورآها جواره لتبتلع لعابها بحرج وأبعدته عنه خطوة، أخذ الهاتف من جواره ليُجيب وبعد أن أنهي الأتصال نظر نحوها وكانت كالفراولة بوجنتيها المتوردتين من الخجل فقال بهدوء:-

_ أطلعي غيرى هدومك عشان نروح المستشفي أستاذ جميل فاق


أتسعت عينيها على مصراعيها بفرحة أغمرتها ولم تستوعب الأمر من شدة فرحتها ليقول "غفران" بهدوء:-

_ قُسم، أنتِ سامعني 


_ بابا فاق

قالتها بتلعثم شديد ليؤمأ إليها بنعم فركضت للأعلى مُسرعة من أجل الذهاب إلى والدها وجدسها مُقشعر من الفرحة التى كانت أكبر من طاقتها وعقلها الصغير لم يقوى على تحملها بعد أن أحتله اليأس والخوف أن تفقد والدها لشهور كثير مرات ...........


يُتبــــــــع .....


#غفران_هزمه_العشق

#نور_زيزو

#نورا_عبدالعزيز


رواية

♡♡ غفران هزمه العشق ♡♡

الفصل الـرابع  عشـــر ( 14 )

___ بعنــــوان " منـــــام مُــــرعب " ___


فتحت "قُسم" باب الغرفة بلهفة وهى تلهث من شدة الركض وكان الطبيب على وشك مغادرة الغرفة فلم تهتم بالطبيب وهرعت نحو والدها الذي كان مُنهكًا جدًا ببشرة شاحبة من إفاقته بعد شهور طويلة، وقف "غفران" فى الخارج مع الطبيب يستمع لفحصه إلى "جميل" بينما عينيه لا تفارق "قُسم" من وراء المربع الزجاجي الموجود فى الباب، تبسمت بعفوية شديدة لوجه والدها الذي نظر إلى فتاته بسعادة من رؤيتها ودموعها الحارة تسيل على وجنتيها من الفرحة وما زالت لا تستوعب أبدًا أن والدها حي يرزق وفتح عينيه الدافئتين الآن وقد صدق "غفران" فى علاج والدها، تمتمت بضعف ولهجة واهنة:-


_ بابا ، أنا قُسم .. عارفني ، قُسم


تبسم بتعب شديد وهو يرفع يده إلى وجهها يلمس وجنتيها الحارتين من شدة بكاءها ودموعها لتغمض عينيها بآمان بعد أن لمسها والدها وسمعت صوته يقول:-

_ قُسم أحلوتي 


ضحكت بسعادة أكثر زادت من دموعها وبكاءها لتقبل يد والدها بحماس، دق باب الغرفة بعد فترة ودلف "عُمر" بهدوء وطريقته الرسمية يقول:-

_ أسف على المقاطعة، تحبي تروحي أمتى يا أنسة قُسم ؟


نظر "جميل" إلى فتاته ثم "عُمر" هذا الرجل الغريب الأطوار وطريقته الرسمية فى حديثه الحاد كأنه يعمل لديها فأشارت إليه بحماس:-

_ لا، أنا هقعد مع بابا 


أومأ إليها بنعم ثم غادر الغرفة مما جعل والدها ينظر إليها رغم الأجهزة المُتصلة به فقالت بلطف:-

_ لحظة يا بابا خمسة ورجعالك


غادرت الغرفة مُسرعة حتى تلحق بـ "عُمر" فقالت بصوت مُرتفع:-

_ غفران


ألتف إليها بعد أن توقف عن السير مع "عُمر" ليراها تسرع فى خطواتها نحو ليقول بهمس مُتمتمة :-

_ على مهلك يا قُسم


سمع "عُمر" تمتمته فنظر مُندهش إلى رئيسه الذي كان لا يبالي لأى امرأة سوى "كندا" رغم علاقتهما الشبه مُنعدمة والآن يقلق على "قُسم" من سرعة خطواتها التى لن تأذيها نهائيًا، وصلت "قُسم" نحوه لتقول بإمتنان شديد:-

_ أنا مش عارفة أشكرك أزاى على اللى عملته، أنا بفضلك أبويا رجع يكلمني تاني وسمعت أسمي منه وقدرت أشوف ضحكته مرة تانية، أنت رجعته من الموت


تمني "غفران" لو تمكن من رؤية وجهها بهذه اللحظة ليرى بسمتها الذي عجز عن رؤيتها لأنه أدرك أنها تبتسم فرحًا الآن بعودة والدها، أجابها بنبرة هادئة:-

_ قصدك بفضل الله يا قُسم، أنا مجرد وسيط لكن لا أنا اللى عملت العملية ولا أنا اللى مدت فى عمره، أنا مجرد سبب 


أومأت إليه بنعم ثم قالت بنبرة دافئة وعينيها تضم عينيه الذهبية بعناق دافئ وناعم:-

_ شكرًا يا غفران على كل حاجة عملتها 


تبسم بخفة إليها ودفئها الذي لمس قلبه بهذه اللحظة كسر باب قلبه ليقتحم نبضاته حتى تسارعت للتو لأجل "قُسم" وحرارة هذا الحُب أحرقت كيانه كاملًا وبدأت فى الأستحواذ عليه شيءٍ فشيء، قال بلطف:-

_ العفو يا قُسم ، أرجعي لباباكِ دلوقت وأول ما تحبي تروحي أتصلي بـ 

عُمر متروحيش لوحدك 


_ ممكن خدمة

قالتها بلطف ليهز رأسه بنعم فتابعت بلطف أكثر وبسمة ناعمة:-

_ أنا محتاجة أروح اشتري هدوم لبابا وشوية حاجات 


_ عُمر

قالها "غفران" بحزم، أقترب "عُمر" خطوتين منه مُلبي ندائه فقال بجدية صارمة:-

_ رجلك على رجلها شوفيها عايزة تروح فين وتجيب كل اللى عايزاه وترجعها لحد المستشفي


أتسعت عيني "عُمر" على مصراعيها لأول مرة يرسله "غفران" بعيدًا وهو بمثابة العين الذي يرى به، كأنه يفضل أن يكون كفيفًا على أن تذهب "قُسم" وحدها، ألتف "غفران" إليه مندهشًا من صمته وعدم جوابه ليقول بحدة:-

_ سمعتني؟ 


أومأ إليه بنعم رغم صدمته، تحدث "غفران" بهدوء وعينيه ترمقها بقلق:-

_ خلى بالك من نفسك، لو أحتجتي أى حاجة كلمني رقمي معاكِ 


أومأت إليه بنعم ليغادر "غفران" وحده بينما ذهبت "قُسم" مع "عُمر" إلى مركز تجاري واشترت الكثير من الأغراض إلى والدها حذاء وملابس وغيره، دفعت من مالها الخاص وعادت إلى المستشفي لتجد والدها قد أستعد وعيه كاملًا وبدأت تعتني به فى ليلة طويلة وأتصلت بوالدها مكالمة فيديو حتى ترى والدتها زوجها بصحته جيدة فبدأت "صفية" فى البكاء غير مُصدقة رؤيتها لزوجها فقالت وسط بكاءها:-

_ حمدالله على سلامتك يا أبو قاسم ، ربنا ما يوريني فيك حاجة وحشة أبدًا


هز رأسه بنعم وما زال ضعيفًا على الحديث ليقول "قاسم" بعفوية:-

_ شد حيلك أمال يا أبو قاسم عشان تشوف قاسم وهو بيلعب كورة


ضربته والدته على رأسه مما أضحك والده رغم التعب وقالت "قُسم" بجدية:-

_ تستاهل ولو أنا كنت موجودة كنت خدت التانية وبعدين أي أبو قاسم دى أسمه أبو قُسم ، أنا الكبيرة 


بدأت جولة العناد المشاجرة بين الأخوات حين قال "قاسم":-

_ أيوة بس قاسم الولد 


_ يكنش أسم البنت عورة ولا حاجة

قالتها "قُسم" بعناد ليضحك "جميل" عليهما ومعه زوجته التى قالت بحنان:-

_ ربنا يباركلي فيكم وميحرمنيش من حد منكم أبدًا 


ضحك الجميع معًا و"قُسم" جالسة على الفراش جوار والدها وتمسك الهاتف فى يدها أمامهم .......


_________________________ 


[[ قصــــــر الحـديـدي ]]


دلفت"كندا" إلى غرفة "نالا" ليلًا لتراها نائمة فى الفراش ببراءة فأقتربت منها تضع الغطاء عليها وهى تحتضن الدمية التي أشتراها "غفران" لها والمُفضلة لدي ابنته بين ذراعيها، وضعت قبلة على رأس طفلتها وغادرت الغرفة حتى قاطعها شريط ذكريات الماضي وتحديدًا ليلة زفافهما


*عودة للماضي* 


وقفت مع "عفيفي" الذي جاء إلى غرفة الفندق الخاصة بها بضيق شديد من ظهوره الآن فى يوم زواجها وبغرفتها لتقول:-

_ أنت أتجننت؟ جا يلي لحد هنا برجلك، أفرض حد شافك دلوقت


تبسم إليها وقال بإعجاب ويديها تلمس وجنتها قائلًا:-

_ غريبة يا جميل مخوفتيش أمبارح وأنتِ فى بيتي يعني وفى سريري


وضعت يديها على فمه بضيق وقالت بأنفعال:-

_ أسكت هتوديني فى داهية هى ناقصة فضايح؟!!


تبسم على مكر هذه الفتاة وأعطاها حبة من جيبه وهو يقول:-

_ حطيهاله فى العصير الليلة مش هيحس بحاجة ولما يفوق الصبح مش هيفتكر حاجة، مفعول قوي وشديد وكدة يبقي عداني العيب معاكِ وشبه صلحت غلطتي


نظرت إليه بأشمئزاز ثم قالت:-

_ صلحت غلطتكَ! ، أنت أزبل راجل أنا شوفته .. أطلع برا وأعمل حسابك متورنيش خلقتك دى تاني وكفاية لحد كدة


ضحكت "عفيفي" بسخرية على جراءتها وقال:-

_ هههه بعد ما حلت لك المُصيبة وبعدت عنك الفضيحة بقيتي مش عايزة تشوفي خلقتي لكن أمبارح عشان مكنتيش عارفة الحل كنتِ زى العجينة فى أيدي ، دا أنتوا يا ستات شياطين وعمومًا مش هتشوفي خلقتي غير فى الشغل ولا ناسية عقد الإحتكار اللى ماضياه معايا 


تأففت بضيق وطردته من غرفتها لتجد "نورهان" أمامها لتبتلع لعابها خوفًا وقالت:-

_ مستر عفيفي المخرج جاي يباركلي


رمقتها "نورهان" بشك وأشمئزاز ثم قالت:-

_ يباركلك يا عروسة فى أوضتك الخاصة 


ظهر التوتر على "كندا" لكنها أستدارت هاربة من "نورهان" ومن هنا بدأت الكراهية والشك تجاهها ينشئوا داخل "نورهان" ....

جلست "كندا" على الفراش بفستان زفافها مُتوترة وخائفة، جسدها يرتجف من الذعر وهذه الليلة إذا فشلت خطتها مع "عفيفي" سيفضح أمرها أمام "غفران" ولن يكون لديه سوى خيارين أولهما أن يقتلها فى الحال والثاني أن يطلقها بفضيحة علانية أمام الجميع، سمعت صوت صنوبر المياه فى المرحاض للتأكد من تأخر "غفران بالداخل فهرعت نحو طاولة العشاء وأخرجت من كُم فستانها حبة صغيرة من الدواء ووضعتها بكوب العصير الخاص بـ "غفران" وعادت مُسرعة إلى الفراش مع فتح الباب وخرج "غفران" مُرتديًا بيجامته الحرير فأبتلعت لعابها بخوف حين أقترب وجلس جوارها فتبسم بلطف وأخذ يدها فى يديه ليجدها باردة كالثلج وترتجف ، قال ببسمة خافتة:-

_ مالكِ يا كندا؟ بتترعشي كدة ليه؟ أستني أجبلك مياه


قاطعه بنبرة خافتة:-

_ بلاش مياه ممكن عصير ، حاسة أنى هبطت من اليوم الطويل دا


أومأ إليها بنعم وجلب الكأسين لهما فأخذت الخاص بها وعينيها تراقبه وبعد أن أرتشف نص كأسه قالت بلطف:-

_ أنا هقوم أغير هدومي على ما تخلص عصيرك

أخذت ملابسها وأسرعت إلى المرحاض وظلت جالسة بالداخل لفترة طويلة ثم خرجت لترى "غفران" جالسًا على الفراش هادئًا وعينيه مفتوح لكنها مُنهكة لتدرك أن مفعول الدواء بدأ يُسيطر عليه لتقترب منه وقالت:-

_ غفران


نظر إليها بحُب رغم تعبه وأخذ يدها فى يديه ليقول:-

_ أنا بحبك يا كندا، بحبك أوى ولو سألتيني هقولك أنى أسعد واحد فى الدنيا النهار دا 


تبسمت إليه بحرج وقلبها يؤلمها على ما تفعله بهذا الرجل ليزداد هذا الألم أكثر حين شعر بدفء شفتيه التى لمست وجنتها الباردة ويديه تسلل إلى خصرها لتغمض عينيها بأستسلام لهذا الرجل وسرعان ما أردكت أنه فقد وعيه وبات تحت تأثير الهلاوس حين أفصح عن حُبه الشديد وتخلي عن كل الكبرياء والوقار وأصبح دافئًا على عكس طبيعته الحادة .....


كانت الدموع تسيل على وجنتيها بغزارة وألم الماضي يمزقها وتلك الخطيئة التى فعلتها تحملت بسببها الكثير من قسوة "غفران" ومعالمة "نورهان" الحادة لها وابتزاز "عفيفي" لها، لم تكن بهذا السوء بل خدعها "عفيفي" أولًا ونالت عقابها طيلة العشر سنوات الماضية والآن أضف إلى عقابها ألم الخيانة من "غفران" ..............


_________________________


[[   قصـــــر الحـديقــــة  ]]


وصل "أنس" إلى القصر بعد فترة طويلة من السفر، ولج إلى المرحاض يأخذ حمام دافئ وفتحت "تيا" حقيبة سفره لتفرغ ما بها ووحجدت فى أحد الجيوب حقيبة صغيرة سوداء لتفتحها ووجدت بداخلها قميص نوم أسود اللون وحجاب أزرق فرمقتهما بدهشة حتى خرج "أنس" من المرحاض لتقول بهدوء:-

_ غريبة من أمتى وأنت وبجيب هدايا حريمي 


نظر إليها بدهشة وأبتلع لعابه من التوتر الواضح عليه فقال بهدوء:-

_ أي المشكلة أنى حبت أجيبلك هدية يا توتا


ألتف ينظر إلى المرآة بقلق فقالت بحيرة وبدأ الشك يطرق باب قلبها:-

_ تجبلي هدية ... طب قميص نوم بلون أسود اللى أنا مبحبهوش معلش لكن جايبلي حجاب ، طرحة يا أنس!! 


أغمض عينيه بصدمة وهذه الهدية كانت لأجل "ملك" حبيبته المُحجبة فقال بهدوء:-

_ أسكرف يا تيا ... صحابي فى البحرية قالولي أنه اسكرف جميل فجبتهولك


رفعت حاجبها الأيسر إليه بشك وهى لم تقتنع بمبرر لكنها مررت الأمر حين تركت الهدية على الفراش بلا مبالاة وقالت:-

_ عمومًا ثانك يو على الهدية العجيبة دى 


غادرت الغرفة تارك زوجها خلفها الذي بعثر مؤخرة رأسه بضيق من هذه الغلطة التى أرتكبها وهى يعلم أنها ستسبب له الكثير من المشاكل المُستقبلية ولن تمررها "تيا" أبدًا بسلام وبدأ يفكر كيف يصلح الأمر .....


________________________ 


وصلت "قُسم" إلى المنزل صباحًا لكي تبدل ملابسها بعد سهرها فى المستشفي ليلتين متتاليتين ووجدت "غفران" نائمًا على الأريكة فى الطابق الأول بتعب مُرتدي بنطلون جينز وتي شيرت كحلي اللون بنصف كم وعلى الطاولة أطعمة معلبة لم يأكل منها ألا مجرد نطفة للتذوق فقط، أقتربت نحوه بقلق على صحته وبدأت تنظف الطاولة وصعدت للأعلى تأخذ حمام دافيء وأرتدت بيجامة بأكمام قطنية وعبارة عن بنطلون فضفاض وتي شيرت واسع خضراء اللون وتركت شعرها المبلل مسدول على ظهرها دون أن تصففه وترجلت للأسفل، دلفت للمطبخ لتنظف الفوضي العارمة به وأعدت الإفطار من البيض والبطاطس وشرائح اللانشون والجبن والطماطم والخيار ثم جهزت الطاولة وأقتربت من "غفران" بلطف وهمس إليه حتى لا يفزع:-

_ غفران.. غفران 


كان غارقًا فى منامه المُرعب فى طريق مُظلم جدًا وهناك أشخاص كثيرون يركضون خلفه بوجوه ضبابي بلا ملامح حتى سقط أرضًا ووجد شخص فوقه يحاول خنقه بقوة من عنقه وهو يلهث لا يقوى على ألتقاط أنفاسه ويحاول الإفلات من هذا المجرم لكن يديه تزداد قوة على عنقه حتى رأي شعر امراة أسود ينسدل على الجانبين من المجرم ليدرك أنها فتاة لكنها تفوقه قوة ليدفعها بقوة أكثر فسقطت ووضع يديه على عنقه من التعب ويلفظ أنفاسه حتى صرخ بقوة حين شعر بألم قوة من هذه الفتاة التى طعنته بخنجر فى قلبه ورفع نظره إليها ليري بسمة مُرعبة على وجهها الذي لا يملك ملامح ومسك عنقها بقوة يخنقها فضغطت على الخنجر أكثر حتى مزق قلبه ليدفعها بقوته بعيدًا وسمع صوت من الخلف يناديه 

_ غفران


ألتف ليرى "قُسم" بوجهها الملاكي وعينيها الخضراء واضحة لم تكن ضبابية الوجه، بل ملامحها الجميل واضحة فمدت يدها إليه وقالت:-

_ تعال يا غفران ، أنا هنا 


أتكأ بصعوبة على ذراعيه لكي يقف ويركض نحوها لكنه صُدمة حين ظهرت الفتاة القاتلة خلف "قُسم" وببسمتها الشيطانية وباستخدام الخنجر نحرت عنق "قُسم" ليصرخ "غفران" بذعر باسمها قائلًا:-

_ قُســــــــم 


فتح عينيه لتُصدم "قُسم" من فزعته وصرخته باسمها، رأها "غفران" تجلس على الأرض أمامه مذعورة من فزعته هكذا، لم يتمالك أعصابه وجذبها بقوة نحوه ليضمها بين ذراعيه فأبتلعت لعابها بصدمة وتشنج جسدها الذي جُمد بين ذراعيه من فعلته وشعرت بيديه تطوقها بأحكام رغم رجفته القوية ولم تكن يديه فقط المُرتجفة ، بل جسده كاملًا حتى صدره المُلتصق بها ينتفض أستوعبت الأمر لترفع يدها بتوتر شديد إلى ظهره تربت عليه بلطف وقالت بهمس:-

_ أنا هنا


تذكر كلمتها فى منامه حين نادته لتخبره بأنها هنا معه لتذرف دموعه بخوف شديد فمسحت على مؤخرة رأسه بلطف كأم تطمئن طفلها وقالت بنبرة دافئة:-

_ دا حلم، مجرد حلم أطمن يا غفران 


أخرجها من بين ذراعيها ويديه تمسك أكتافها بفزع وسأل بذعر:-

_ أنتِ كويسة ؟ مفكيش حاجة


تبسمت "قُسم" بعفوية إليه وقالت بمرح تمتص حالة الرعب التى تتمالكه:-

_ أنت حلمت أنى بموت ولا أيه؟ 


_ بعد الشر عنك، مستحيل أسمح بـ دا أبدًا

قالها بدون وعي وما زال مصدومًا من منامه لتبتسم أكثر وقالت بعفوية:-

_ متقلقش لو مُت فى الحلم يبقي عمري طويل، يلا تعال أنا عملت الفطار 


أخذته من يده إلى السفرة وجلست تتناول الطعام بينما هو شاردًا فى منامه وعقله لا يتوقف عن التفكير فى هذه القاتلة المجهولة وهل حقًا هذا الكابوس مجرد تخاريف وهلاوس كما قالت "قُسم" أم رؤية للمستقبل القادم، ربما إشارة عن شيء سئ سيحدث له ، أنتبهت "قُسم" إلى شروده فوضعت شريحة من الجبم فى طبقه وقالت:-

_ كُل يا غفران عشان أخدك تشوف بابا


فاق من شروده على صوتها ليراها تضع الطعام فى طبقه ليهز رأسه بنعم وبدأ يتناول الطعام بصعوبة وعقله عالقًا فى المنام المُرعب هذا ......


يُتبــــــــع .....


#غفران_هزمه_العشق

#نور_زيزو

#نورا_عبدالعزيز


رواية

♡♡ غفران هزمه العشق ♡♡

الفصل الخــامــس عشـــر ( 15 )

___ بعنــــوان " من رحم الخوف " ___


كان "عُمر" يقود السيارة فى صمت تام حتى قاطع هذا الصمت صوت "غفران" الجالس فى الخلف بجوارها يقول بهدوء:-

_ هتعرفيني على باباكِ؟


أومأت إليه بنعم ثم قالت بنبرة دافئة:-

_ أكيد، ثم بابا عنده أسئلة كتير أزاى عمل العملية وأزاى جه باريس وحاجات كتير محتاجة كل الأسئلة أنه يتعرف عليك


هز رأسه بنعم ونظر إلى النافذة فى هدوء شديد وما زال كابوس الصباح يحتل تفكيره وبسبب عينيه المريضة لم يتمكن من رؤية وجه الفتاة التى حاولت طعنه وقتله فى المنام، شعر بضيق فى صدره يحد من أنفاسه أكثر وبدأ صوت أنفاسه تعلو شيئًا فى شيء حتى أنتبهت "قُسم" إلى صوته فألتفت إليه ورأته يضع يده على صدره ويفك رابطة عنقه بتعب فربتت على كتف "عُمر" بقلق وهى تقول:-

_ وقف يا عُمر العربية


أقتربت من "غفران" بقلق وهى تأخذ يده من فوق صدره فى أثناء توقف "عُمر" بالسيارة جانبًا ليقول:-

_ مسيو غفران


تحدثت "قُسم" مُمسكة بيده بين يديها بقلق:-

_ غفران أنت كويس؟


أغلق قبضته على يدها بقوة حتى كاد أن يعتصر عظام أناملها النحيلة بين يده فترجل "عُمر" من مقعده مُسرعٍ وفتح باب السيارة الخلفي وقدم إلى "غفران" بعض الحبوب الذي وصفها "ألبيرت" غليه وزجاجة مياه ليرتشف "غفران" دواءه و"قُسم" جواره لا تفهم شيء، ولما هذا الدواء؟ بدأت نوبة الصرع تهدأ فتحدث "عُمر" بهدوء:-

_ أحسن دلوقت؟! 


اومأ إليه بنعم ليعود "عُمر" إلى مقعده وينطلق بالسيارة فتركت "قُسم" يده بضيق وأنفعال واضح، ليحدق "غفران" بها ولم يرى من ملامحها الغاضبة شيء لكن تصرفها فى ترك يديه وبُعدها عنه حتى ألتصقت بالباب الأخر تبتعد عنه قدر الإمكان كان كفيل بأن يخبره أنها غاضبة منه، ظل يفكر فى سبب غضبها ولم يصل لشيء؟ ، نظرت "قُسم" إلى النافذة بضيق وعينيها تتلألأ بهما الدموع من القلق عليه والضيق بسبب إخفاءه بعض الأمور عنها وهى كالكتاب المفتوح أمامه لم تخفي عنه شيء أبدًا، لكن غموضه الدائم معها يحرقها بنيرانه من الداخل حتى ألمتها هذه الغصة فى قلبها، توقفت السيارة أمام المستشفي لتترجل أولًا دون أن تنتظرهما وذهبت إلى الداخل فسأل "غفران" بقلق:-

_ زعلانة؟


فهم "عُمر" سؤاله وبدأ يصف له تعابير وجه "قُسم" بهدوء:-

_ متعصبة جدًا وعينيها فيها دموع محبوسة ووشها شاحب شوية، حزينة جدًا 


تنهد "غفران" من هذا الوصف وهو لا يفهم سبب تحولها المفاجئ خصيصًا أنها كانت مُتحمسة جدًا لتقدمه إلى والدها، سار خلفها إلى حيث غرفة والدها دق الباب أولًا ودلف مع "عُمر" ليرمقه "جميل" بنظرات هادئة شاب فى مُقبل العمر وسيم جدًا كالبدر فى سمائه، أنيق ببدلته الرمادية وقميصه الأسود، رائحة عطره الجذابة ملأت الغرفة بدخوله، يبدو عليه ثراءه فنظر إلى أبنته بهدوء فقالت بضيق ونبرة حادة:-

_ أستاذ غفران، أتكفل بعمليتك 


نظر "جميل" إليه بهدوء وعقله لا يستوعب أن هناك أحد مهما كانت درجة ثراءه سيتكفل بجراحة باهظة الثمن هكذا بلا مقابل ليقول:-

_ سيبينى معاه شوية يا قُسم


نظرت "قُسم" إلى "غفران" بحيرة بعد طلب والدها وخرجت من الغرفة مع "عُمر" بينما جلس "غفران" مع والدها ليسأله "جميل" بجدية:-

_ ليه؟


نظر "غفران" له بحيرة من سؤاله لكنه لم يكن غبيًا ليجهل معني السؤال، أخرج هاتفه من جيبه ليضيء شاشته وتظهر صورة "نالا" فأعطي الهاتف إلى "جميل" ليقول بهدوء:-

_ نالا، بنتي عمرها 10 سنوات بتعاني من رهاب شديد يخليها تخاف تتعامل مع الناس حتى أصحابها فى المدرسة، بتروح لدكتور نفسي نصح أننا منجبرهاش على أى تعامل مع الناس عشان متوصلش للتوحد، الطفلة دى محبتش ولا قبلت تتعامل مع حد غير المس بتاعتها مس قُسم، بالعكس حبتها جدًا وبدأت تتكلم وتتضحك وتلعب معها وأنا عرضت على مس قُسم أنها تتدرس لها الرياضيات وتساعد فى علاج بنتي حسب تعليمات الدكتور النفسي بتاعها هى رفضت جدًا فى الأول فمكنش عندي حل غير أني أطلب منها تساعد فى علاج بنتي فى مقابل أني أساعد فى عالج والدها ووقتها وافقت


سمع "جميل" حديثه وكان "غفران" رجل ذكي جدًا ليرتب كلماته جدًا ويتقن أختيارها حتى يكسب ثقة هذا الرجل ويمده بالأمان فقال "جميل" بهدوء:-

_ ودا سبب كافي يخليك تجي معاها هنا ؟


تنحنح "غفران" بهدوء شديد ثم قال بجدية صارمة:-

_ أنا أتعرضت لحادثة عربية قبل ما أجي هنا وجيت أطمن على صحتي ونفسي خصوصًا أنى من المساهمين الأساسين فى المكان هنا وصاحب نسبة أسهم فيها ودا اللى خلى تكاليف عملية حضرتك مش غالية بل يعتبر أنهم عملوها مجاني عشاني


رمقه "جميل" بشك من أمره وشعر أن "غفران" رجل الأعمكال يمارس ذكائه عليه حتى يغلبه فى الحديث ويخرج هو من هذه المحادثة مُنتصرًا ليقول:-

_ ودا كمان اللى خلى بنتي تقيم معاك فى نفس البيت؟


تنهد "غفران" بهدوء شديد ثم تحدث بمكر:-

_ هى كانت مُقيمة فى فندق لوحدها فى غرفة مُستقلة لحد ما جه حازم خطيبها وحاول يعتدي عليها ودا اللى خلاني أخدها فى البيت للأمان ولأنها كانت خايفة وكمان أنا مش مقيم فى البيت دا لوحدى فى خدم وحرس 


_ حازم خطيبها وهيبقي جوزها، دى مشكلة أنا أقدر أحلها لما أرجع 

قالها "جميل" بهدوء على عكس المتوقع، أتسعت عيني "غفران" على مصراعيها بصدمة ألجمته من رد فعل "جميل"، أخبره "غفران" بفعل "حازم" حتى يقطع علاقته نهائيًا مع "قُسم" لكن السحر الذي خطط له قُبل على ساحره والفخ الذي فعله سقط به قلبه وحده، لم يُصدق أن بعد ما فعله "حازم" سيزوجها "جميل" منه، شعر بالخوف من فقدها وأن يأخذها القدر منه بعد أن أحتلت قلبه ليدرك بهذه اللحظة أنه عاشق لهذه القُسم الجميلة ذات القلب الجميل ببراءتها وحدتها ...

غادر الغرفة مصدومًا لتستوقفه "قُسم" بقلق من إطالة المحادثة بينهما وقالت بتوتر:-

_ بابا قالك حاجة؟


نظر إليها فتاته الجميلة الذي سيفقدها فور عودتهما إلى مصر ليقول:-

_ قال أنه هيجوزك حازم بعد رجوعك مصر


أتسعت عينيها على مصراعيها بصدمة ألجمتها وأنتفض جسدها ذعرًا ليس من قرار الزواج كما توقع "غفران"، بل لأن قلبها بات عالقًا الآن مع هذا الرجل فكيف ستتزوج من غيره؟، غادر "غفران" المستشفي وتركها خلفه مع "جميل" لتذرف تلك الدموع المحبوسة فى عينيها الخضراء، دلفت فتاة إلى دورة المياه لتسمع صوت بكاءها من المرحاض وهى تشهق بقوة من ألم قلبها الحزين ......


_______________________


لم يكن "أنس" غبيًا أو غريبًا عن زوجته فأدرك أنها بدأت تشك به فأرسل رسالة إلى "ملك" يقول بها :-

_ انا مش هعرف أجيلك دلوقت؟ خليها على الإجازة الجاية 


مسح الرسالة من هاتفه فور أرسلها وترك الهاتف على الطاولة أمامه وأخذ كوب القهوة الخاص بيه يرتشفها حتى جاءت الخادمة وقالت:-

_ محمود بيه فى الصالون منتظر حضرتك


وقف "أنس" من مكانه يقول:-

_ أنا جاي، روحي أعمليه حاجة يشربها


غادر من أمام "تيا" التى تراقب تصرفاته فى صمت وفور مُغادرته فتحت الهاتف تبحث فى محادثته عن أى شيء والصور والمكالمات لكنها لم تجد شيء فكان "أنس" حريصًا جدًا ولم يخطأ مرة واحدة أو يترك دليلًا واحدًا فى هاتفه، ألتف "أنس" قبل أن يدخل القصر ليراها تمسك هاتفه فتبسم بخبث وكأنه كان يعرف أن هذا اول شيء ستفعله، أخذ "محمود" صديقه وقال:-

_ تعال نقعد فى المكتب


دلفوا للمكتب بينما رمقه "محمود" صديقه مُنذ الصغر مهندس معماري من طبقة متوسطة وسبب معرفته بـ "ملك" من البداية 35 عامًا ليقول:-

_ مالك؟ غريبة أنك تبعتلي نقعد فى بيتك؟


_ تيا شافت الهدية اللى كنت جايبها لملك وبدأت تشك فيا 

قالها بضيق شديد مما أفزع "محمود" ليقول بذعر:-

_ وبعدين؟ هتعمل أي ؟ ما أنا قولتلك الستات بتحس بالحاجات دى يا أنس وأن الموضوع مش هيعدي كدة عليها


جلس "أنس" على المقعد بضيق شديد ثم قال بسخرية من "تيا" :-

_ تحس بأي؟، بقولك لولا الهدية مكنتش هتعرف حاجة وألا كانت حست بحاجة طول السنين دى ، المهم أبعت مراتك تطمن ملك وتديها الرقم دا تكلمني عليه 


أعطاه ورقة بها رقم تليفون جديد ليقول "محمود" بجدية:-

_ ماشي 


_ فى حاجة كمان، فاكر الشقة اللى فى العمارة بتاعتك 


عقد "محمود" حاجبيه بعدم تذكر بينما يقول:-

_ أنهى شقة؟ اااه قصدك اللى معروضة للبيع؟


أومأ إليه بنعم ثم تابع الحديث ليقول:-

_ اه، خلى مراتك تروح مع ملك تشوفه لو عجبتها هبعتلك فلوس تشتريها بأسم ملك وننقل فيها وقتها هعرف أشوف ملك براحتي وأقول لتيا أنى جاي أزورك عادي 


تبسم "محمود" على ذكاء صديقه الخبيث وقال:-

_ دا أنت ثعلب مكار، ماشي حاجة تانية ؟


_ لا

قالها "أنس" وجلسوا معًا يلعبوا جولة مباراه على الشاشة معًا ودلفت الخادمة بالعصير والكيك ثم خرجت فأوقفتها "تيا" بضيق وقالت:-

_ بيتكلموا فى أي؟


أجابتها الخادمة بعدم فهم من السؤال:-

_ ولا حاجة بيلعبوا بلاي ستشن 


غادرت الخادمة لتعقد "تيا" ذراعيها بحيرة من أمره وبداخلها الشك قد فتح أبواب قلبها حتى يتسلل داخلها فليس من الطبيعي أن يحضر لها زوجها حجابًا وكانت هذه غلطته الوحيدة التى أرتكبها ....


________________________ 


رفعت "قُسم" طاولة الطعام من أمام والدها بوجه شاحب وحزين ليقول "جميل" بجدية:-

_ مالك يا قُسم؟


_ مفيش

قالتها بلا مبالاة ونبرة واهنة وحزينة ليقول  بجدية:-

_ أنتِ حبتيه؟


ألتفت "قُسم" إلى والدها بدهشة من سؤاله لتابع الحديث بحزم:-

_ حبتي غفران بيه الرجل الملياردير وأنتِ مخطوبة لواحد تاني


تنهدت "قُسم" بضيق ثم جمعت شجاعتها لتقول:-

_ مخطوبة لواحد تاني؟ أنهى واحد يا بابا اللى شكك فى شرفي وأتهمني أنى وحشة وبتاعت رجالة ولا اللى حاول يعتدي عليا ولا اللى أمه مشيه وبتتدخل فى كل حاجة فى حياتي وتخصني ولا اللى مخليني راجل معاه وشايلة كل المسئولية وحولني من بنت جميلة لراجل بيرجع وراء الصنايع وتشطيب الشقة وغيره ، هو دا الراجل اللى عايز تديله بنتك الوحيدة 


_ هو دا الراجل اللى أنتِ أخترتيه وحبيته ووقفتي قصادي عشانه زمان ولا نسيتي

قالها بحدة صارمة لتنهار "قُسم" فى البكاء وهى تقول بتلعثم:-

_ غلطت، كنت عيلة وغلطت هتعاقبني وترمينى عشان أختيار غلط، هتخلينى أعيش عمرى كله فى مرار ووجع وذل عشان أخترت مرة غلط، هفضل عمري كله مذلولة ومكسورة بسبب مرة أخترت فيها 


سألها بعيني ثاقبة ترمقها بضيق:-

_ وغفران بقي هو الأختيار الصح؟ الراجل اللى متجوز ومع بنت 


أغلقت قبضتها بوجع تسيطر على ألمها وشعرت أنها مذنبة وستسرق رجل من زوجته وستدمر حياة عائلة كاملة بسبب طمعها فقالت بضيق:-

_ أنا مخترتش غفران، حتى لو حبيته أنا مستحيل أختاره أنا مش وحشة عشان أسرق راجل من مراته وبيته ولا هقبل أنى هكون بالقذارة دى، أنا بس مش عايزك ترميني لحازم وتدمرلي حياتي كلها اللى جاية 


خرجت من الغرفة منهارة من البكاء ولا تعلم إلى أين تذهب فى هذا الوقت المتأخر من الليل، لم تقوى على الذهاب إلى "غفران" بعد حديث والدها ولا تملك منزلًا أخر تذهب له، ظلت تسير فى الشوارع جاهلة إلى أين تقودها قدميها، يؤلمها قلبها المجروح من قسوة "حازم" ويريد والدها تزويجها منه ويفتت لإشلاء بسبب حبه لـ "غفران" وهى لا تقوى على تدمير حياته وحياة زوجته وابنته الصغيرة، لا تعلم لما علقت حياتها بين الحياة والموت هكذا، جلست على أحد الأرصفة فى الطريق تضم قدميها إلى صدره وتتكئ برأسها على ركبتيها لتنهار فى البكاء ربما يقل وجعها قليلًا بعد نوبة البكاء......... 


________________________ 


لاحظ "عُمر" حزن "غفران" الشديد من بعد مقابلة والدها وعلم سببه حين أخبر "قُسم" فمرافقة "عُمر" له طيلة هذه السنوات تجعله يعرفه كالمرآة الخاصة به ويعلم أن "غفران" يكن الكثير من الحُب لها وما يؤلمه الآن هو خبر زواجها فقال بهدوء:-

_ ما لكَ يا مسيو غفران؟ حضرتك كويس؟


_ هتتجوز يا عُمر


تنحنح "عُمر" بهدوء مُدركًا أن هذا هو السبب فقال بجدية ومكر:-

_ لكن لو حضرتك أمرتها متتجوزش هى واجب عليها الطاعة


رفع "غفران" نظره إلى "عُمر" بجدية ليتنحنح "عُمر" بخوف من نظرته وقال موضحًا الأمر:-

_ مش قصدي حاجة لكن حسب العقد اللى عليه أمضت قُسم مينفعش تتجوز 


وقف "غفران" من مكانه ليسير إلى الأمام ويضع يديه فى جيوب بنطلونه بضيق ويفكر فى هذا العقد وماذا سيكون رد فعل بريته الجميلة حين تعلم به؟ ستكن له الكره والغضب وستتحول براءتها إلى النار التى ستحرقه؟ مما يعرفه عن "قُسم" فلن تقبل نهائيًا بهذا الأمر المخادع لها، تحدث بقلق:-

_ تفتكر دا حل يا عُمر، الحل دا هخسرني قُسم للأبد


أقترب " عُمر" خطوة من رئيسه وقال بخبث شديد وهو لا يبالي بشيء سوى ما يريده رئيسه فقط:-

_ لكن فى الاول والأخر هو حل لأنها تفضل معاك العمر كله، بكل الأحوال سوى قبلت أو رفضت قُسم ملكك قانونًا وميحقش لحد غيرك أنه يأخذها أو يأمرها حتى والدها ، ميحقلهوش أنه يقرر نيابة عنها لأن قُسم قانونًا ملك لغفران الحديدي وبس


نظر "غفران" له بحيرة من أمره وإذا أفضحت أمر هذا العقد ستكون ملكه حقًا أمام الجميع لكن فى المقابل سيخسر قلبها وروحها للأبد....

  رن هاتفه يقاطع محادثتهما وكان رقم غريب ليُجيب عليه "عُمر" باللغة الفرنسية قائلًا:-

_ ألو 


كان صوت "جميل" يُحدثه بقلق:-

_ غفران بيه معاك


نظر "عُمر" إلى "غفران" ووضع يده على الهاتف ليقول بهمس:-

_ دا جميل


أخذ "غفران" الهاتف منه بعد أن نظر فى ساعة يده وكانت قد تجاوزت الثانية بعد منتصف الليل ليقول:-

_ أيوة


_ قُسم عندك؟

قالها بقلق بعد أن غابت ابنته ساعات طويلة فى الخارج، فزع "غفران" من سؤاله الذي كاد أن يوقف عقله وقلبه فى آنٍ واحدٍ ليقول بتلعثم:-

_ هي مش عندك؟


_ خرجت من ثلاث ساعات ومرجعتش وشنطتها وفلوسها معايا حتى جزمتها عندي 

قالها بقلق ليقول "غفران" بفزع:-

_ أزاى خرجت لوحدها؟ هى متعرفش حاجة هنا 


أغلق الهاتف دون أن ينهى الحديث من الفزع وخرج من المنزل بملابس بيته مجنونًا لا يعلم أين سيجدها فبدأ يتصل بها كالمجنون و"عُمر" يقود السيارة بسرعة دون توقف فى جميع الشوارع المجاورة للمستشفي، أتصل بها أكثر من 50 مرة لكنها لا تجيب عليه مما جعل قلبه يكاد يجن وعينيه تنظر من النافذة عليها لكن عجزه عن رؤية الوجوه جعلت البحث عنها وسط المارة بين مُستحيل لتذرف دمعة من عينيه بضيق من هذا الزوج من العيون، لم يراها حتى لو مرت من أمامه مما أدهش "عُمر" لأول مرة يرى دمعة عينيه تذرف من جفنه مما أرعبه من القادم، استقبلت اتصاله ليصرخ كالمجنون بها قائلًا:-

_ أنتِ فين؟ أنتِ مجنونة تطلعي لوحدك و......


قاطعته بصوت واهن يخرج من حنجرتها بصعوبة بالغة من شدة بكاءها ورجفتها تقول:-

_ غفران قلبي بيوجعني


تخلي عن صراخه وعصبيته بعد أن سمع نبرتها الباكية وكلماتها عن الوجع الذي أصاب قلبها الضعيف، تنفس بهدوء يهدأ من روعته أمام ضعفها ثم قال بلطف:-

_ أنتِ فين؟ وأنا هجيلك؟


_ معرفش

قالتها بضعف ليقول بجدية:-

_ أدي تليفونك لأى حد جنبك


أعطت الهاتف لفتاة تجلس قربها لم تفهم الفتاة شيء منها لكنها أخذت الهاتف بقلق لتسمع سؤال "غفران" بالفرنسية عن العنوان أو المكان فأخبرته به بلهجتها الفرنسية وأعطت الهاتف إلى "قُسم" فقال بجدية:-

_ أنا قريب منك متتحركش حركة واحدة يا قُسم أقل من خمس دقائق وهتلاقيني قدامك


أومأت إليه بنعم فأخبر "عُمر" عن العنوان دون أن يغلق الخط ثم قال بلطف:-

_ خليكي معايا على التليفون متقفليش


تحدثت وهى تعود للجلوس أرضًا بتعب:-

_ يا ريتك يا غفران تعرف تعملى أنا كمان عملية تخلصني من وجع قلبي 


صمت ولم يُجيب عليها مُستمع لكلماتها الحزينة وهى تصف وجعها بأنه فاق قدرتها وتتمنى أستئصاله، أوقف "عُمر" السيارة وقال بهدوء:-

_ قاعدة هناك


نظر "غفران" نحو أصبع "عُمر" ليراها تجلس على حافة النهر بحالة فوضوية، ترجل من السيارة وهو يقول:-

_ روح هاتلها أى جاكيت أو حاجة تدفيها وجزمة


أومأ "عُمر" بنعم وأنطلق بالسيارة ليسير "غفران" نحوها وهو يقول:-

_ أوعى تقولي أنك بتفكري تنتحري


أنزلت الهاتف عن أذنيها تنظر حولها لتراه يقترب بملابس بيته فجهشت فى البكاء أكثر فقال بنبرة خافتة بهاتفه:-

_ كام مرة قُلتلكِ متخافيش ما دام أنا معاكِ 


_ الدنيا دى مُرعبة يا غفران، مرعبة أوى 

قالتها بعجز عن البقاء على قيد الحياة فتابعت الحديث بهدوء:-

_ بقالي أكثر من ساعة بفكر هيحصل أى لو رميت نفسي هنا ونهيت الحياة دى وأنتصرت أنا على معاناتها 


أرتجف قلبه فزعًا حين سمع تفكيرها المُخيفة فى إنهاء حياتها حتى تتخلص من أوجاعها وقسوة حياتها ، فقال بلطف:-

_ تعالي ليا وأنا هنصرك عليها، قُلتلك كام مرة أنا هنا جنبك


أغمضت عينيها بقوة تسقط دموعها كاملة وهى تغلق الهاتف حتى وصل إليها فمد يده إليها وهو يقول:-

_ تعالى ليا يا قُسم 

 

فتحت عينيها لتراه يقف جوارها ويمد راحة يده إليها فنظرت إليه مُطولًا ورفعت يدها نحوه لتتعانق يديهما معًا فسحبها بلطف إليه لتقف مع سحبه وتطلع بها فقال بخفوت:-

_ أنا معاكِ يا قُسم


_ بس حتى دا مستحيل

قالتها بوجع فهى لن تقبل به أبدًا ولن تقبل بتدمير حياة فتاة أخرى مثلها حين تسرق منها زوجها، مسح على رأسها يداعب خصلات شعرها على الجانبين بحنان ثم قال بلطف:-

_ مش هتتجوزيه يا قُسم، مش هتتجوزيه ما دام مش عايزة دا


وضعت يدها على قلبها بحزن شديد ثم قالت:-

_ هنا بيوجعني يا غفران، حاسة أنى مخنوقة ومش قادرة أتنفس وهموت من الوجع 


جذبها إليه لترتطم بصدره القوي حتى يطوقها بذراعيه بقوة مُحكمًا إياها بين ضلوعه فقال بهدوء:-

_ أهدئي يا قُسم وكل حاجة وليها حل


حاولت دفعه بعيدًا عنها ومقاومة عناقه وهى تشد تي شيرته بقوة من خصره حتى تبعده لكن هذان الذراعان كان أقوى من فتاة هشة على أن تنتصر عليما وتتخلص من قيدهما وكلما قاومته شد عليها أكثر لتستلم لهذا السجن الذي يُحيطها لتجهش فى البكاء وهى تتشبث به بقوة ليرخي "غفران" ذراعيه عن عظامها التى كاد أن يعتصرها بهما وشعرت بيده تربت على ظهرها محاولًا تهدأتها حتى تكفي عن البكاء، فهمس إليها بنبرة دافئة:-

_ أهدئي يا قُسم ، أهدئي وهتتحل ، كل مشكلة وليها حل صدقيني


أومأت إليه بنعم ليخرجها من بين ضلوعه ونظر إلى وجهها الضبابي ورفع يده يمسح دموعها بلطف فقالت:-

_ أنا مش وحشة يا غفران؟ أنا مش وحشة ومش عايزة أدمرلك حياتك ولا أوجع مراتك


سألها بلطف ونبرة دافئة:-

_ دا اللى مخوفكِ، دا السبب اللى مخليكِ متجيش ليا 


أومأ إليه بنعم فقال بهدوء شديد:-

_ أنتِ مش وحشة لأن مش أنتِ اللى قُلتي لكندا تخوني


نظرت إليه وهى تمسح أنفها بيدها فجلس على الأرض معها وحدق بها وبدأ يحكي لها عن "كندا" وأنها تخونه مع المخرج وأنه لم يعاشرها منذ زواجهما سوى مرتين فقط يوم زفافهما والمرة الأخرى حين حملت بـ "نالا"، لأول مرة يكن مرضه مُفيدة حتى لا صدمة "قُسم" وبكاءها مُشفقة على حياته التعيسة فقال بهدوء:-

_ عرفتي أنكِ مش وحشة؟ 


_ مش يمكن اللى وصلها للخيانة حياتكم البايظة؟

قالتها بهدوء فنظر "غفران" لها بهدوء ثم سألها:-

_ كانت تطلب الطلاق يا قُسم لكن تخوني دى جريمة وأنا لا يمكن أغفرها


أومأت إليه بنعم وحقًا كان الطلاق سيكون سهلًا جدًا على حالتهما، جاء "عُمر" إليه ليأخذ منه "غفران" السترة التى أشتراها الحذاء وجلس يمسح قدمها بيده ثم يضع الحذاء بها وعيني "قُسم" لم تفارقه نهائيًا حتى وصل بها إلى المنزل، صعدت للأعلي ليتصل بالمستشفي من أجل "جميل" فقال:-

_ اه لاقيتها فى الشارع والصبح هجبهالك المستشفي بعد....


قاطع حديثه حين سمع صوت أرتطم شيء قوي بالأعلى فأغلق الهاتف وصعد ركضًا للأعلي بخوف أن تكون أذت "قُسم" نفسها حقًا كالمجنونة ويناديها:-

_ قُسم


لم تُجيب عليه ليفتح باب الغرفة ودلف، لم يجدها بالغرفة فطرق باب المرحاض ولم يجد جواب فقال بهدوء:-

_ قُسم أنا هدخل


لم تجيب عليه ففتح الباب برفق لكنه صُدم حين رأها على الأرض فاقدة للوعي بروب الأستحمام ليفزع بهلع ويدخل لها فرفع رأسها عن الأرض ليقول:-

_ قُسم... قُسم


حملها على ذراعيه ليأخذها إلى الفراش ووضع الغطاء عليها بقلق وحاول إفاقتها بالعطر لتفتح عينيها بتعب ووضعت يدها على رأسها من الوجع، تنفس الصعداء بأريحية بعد يقظتها وظل يحدق بها بفزع لترى وجهه مفزوعًا وأنفاس يكاد يلتقطها من القلق فأعتدلت فى الجلوس بألم من قوة أرتطام رأسها بالأرض وقالت:-

_ غفران


لم يتحمل قلبه الخوف الذي بداخله هذه الليلة بسببها، كاد أن يتوقف عن النبض من هلعه كأن أحدهما يطرق بمطرقة ضخمة على صدره بهذه اللحظة وبعد أن لفظت أسمه وسط ألمه فقد ما تبقي من صموده أمامها فلم يشعر بشيء سوى وشفتيه تطبق على جبينها الباردة بقبلة دافئة لتُصدم "قُسم" من فعلته وشل جسدها عن الحركة وهى لا تستوعب فعلته  .......


 

يُتبــــــــع .....

تكملة الرواية من هناااااااا 


لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل 

متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا

الرواية كامله من هناااااااااا

مجمع الروايات الكامله اضغط هناااااااا

 مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هناااااا




تعليقات

التنقل السريع