القائمة الرئيسية

الصفحات

translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية احببت معقده الفصل الثالث والرابع بقلم فاطمه سلطان حصريه

التنقل السريع

    رواية احببت معقده الفصل الثالث والرابع بقلم فاطمه سلطان حصريه 






    رواية احببت معقده الفصل الثالث والرابع بقلم فاطمه سلطان حصريه 




    الفصل الثالث


    لَا تَلْمُونِي عَلَى شِي انَّتِمْ فَعَلْتُوهُ بِي، فَمَن جَعَلَنِي اتَّعَلَّقَ بِهِ هُوَ انَّتِمْ وَإِذا كان هَذَا خَطَأٌ 


    فَلَمَّا جَعَلْتَمُونِي اقْتَرَبَ مِنْهُ ؟ هَلْ مِنْ أَجْلِ اَنْ تُؤْلِّموَا قَلْبِي وَتَجْعَلوني ابَّحِرَّ واِغَّرَقَ فِي وَحْدَتِي ؟


    ___________________________


    نزل قاسم بعدما ابْتَلَعَ حديث والدته وكان كَاَلْغُصَّةِ في حَلْقَةٍ، فهو لم يتذكر انه في يَوْمًا قد شعر بهذا الانزعاج والاختناق من قِبَلُ، فلأول مره يري علاقته بهدير من مَنْظُورٍ اَخَرٍ، 


    تلك الكلمات التي قالتها والدته قاسيه جدا في حقه وما يجعله يشعر بالضيق أكثر انها لم تتفوه بحرف أو بكلمه ليست صحيحة


    وجد هدير تقف امام بيتهم وهي ترتدي بنطلون جينز وترفع شعرها لأعلي وترتدي كنزة بيضاء وحذاء رياضي فمتي اصبحت تلك الطفلة المزعجة ذات اللسان الحاد كبيرة لتكون علاقته بها تضرها


    منذ متي وهو يشكل خطر عليها الذي حَمَاهَا من كل خطر أصبح هو الخطر ..


    هدير بانزعاج من بروده ووقوفه كَاَلْصَنَمِ فهو لم يتحرك اتجاها يقف ويسلط بصره عليها او علي شَيْءٍ اخر فهو شارد جدا، فذهبت له فهي تظن انه يتجاهلها فلا تعلم انه مُشَوَّش، وانه لا يراها فهو لا يري سوي أفكاره 


    - هو ده اللي اول ما تنزلي رني عليا انا بقالي نصف ساعة رانه عليك 


    تحدث قاسم بخفوت 


    - معلش يا هدير


    ذهب قاسم مع هدير الي المدرسة فهي تبعد عن شارعهم بحوالي عشرين دقيقه سيرا علي الاقدام


    ولكن كان عقل قاسم ليس به فهو يفكر في حديث والدته واشياء كثيره تتردد في عقله طوال الطريق، اما هدير لا تقل عنه حيره بسبب صمته وظنت ان هناك شي يشغل باله مثلها فهي تفكر اي اب يفعل ذلك بابنته هل يري انها نتيجة تسرعه في زواج تم في مرحله شبابه


    سحبت هدير ملفها وودعت اصدقائها من وجدته في هذا الوقت ولم تشعر بالفراق او بلحظة الوداع فهي لم تحب يوما الذهاب الي المدرسة ولم تكن لديها صديقه مقربة 


    وحينما خرجوا من المدرسة ذهبوا الي النادي الذي اعتادوا الذهاب اليه قرر قاسم ان يفي بوعده وهو ان يعزمها علي الغداء في النادي بعد نجاحها، فجلسوا وطلبوا طعامهم وشرعوا في الطعام ثم تحدثت هدير وهي تجده يعبث في طبقه وشارد أيضا 


    - هو انتَ عازمني علشان تقعد زيك زي الحيطة 


    - معاكي يا هدير معلش في حاجة شغلاني شوية


    - والله مش اكتر من اللي في بالي


    حاول قاسم ان يعود الي طبيعته فأردف قائلا بمرح 


    - ايه اللي في بالك يا مقصوفة الرقبة ده انتِ كان حلمك تعدي صافي


    تركت هدير الطعام وتحدثت بنبرة مرهقة 


    - مش بسبب النتيجة، قاسم هو انا ينفع اتكلم معاك شوية 


    قاسم ابتسم ابتسامة تشجيعية لها حتي تتحدث بأريحية 


    - هو امته كان منفعش ؟!


    هدير قصت له من اول ما عرفته يوم وفاه والدتها حتي ما سمعته ليله امس وحاولت ان توصف له مدي قهرتها و حزنها ربما هو الوحيد التي تشعر انها معه تستطيع ان تبوح بكل شي، وبكت هدير فلم تستطع ان تتوقف عن البكاء و كيف لها ان تتوقف؟؟ فوالدها يتخلي تماما عنها وعن مسؤولياته تجاهها


    قاسم بانزعاج من بكائها فهو لا يحب أن يري طفلته حزينة بهذا القدر 


    - خلاص بقا كفايا عياط


    - انا عايشه هموم مش للي في سني، ابويا شايف جوزاه من امي كانت غلطه، واتجوز من وراها وبعد موتها مفكرش يشوفني دي سنين مش أيام ابويا دفني مع امي، سنين ومفكرش يعرف بنته بتصرف منين او عايشه ازاي وانا كل ده فاكره انه مهتم بيا صحيح اضايقت منه بس كنت دايما بحاول التمس ليه الف عذر وعذر، انا اتكسرت 


    ربما لثمانية سنوات تكبر هدير امام قاسم يراها يوميا ويقضي اغلبيه اليوم معها ولكنه لم يتوقع يوما ان كل ذلك بها فمن يتحمل ذلك في عمرها؟؟ فهي تحاكيه وكأنها امراة في الثلاثون من عمرها ليست فتاة لم تبلغ التاسعة عشر بعد، فأردف قائلا بنبرة هادئة 


    - مش عارف اقولك ايه انتِ متحمله كتير، بس لازم تعرفي ان كلنا بنمر بابتلاءات مختلفة وكل شخص عنده مشاكل، مفيش حد كامل و الحياه مش بتدينا كل حاجه و بعدين يا هدير انتِ كلمي والدك وقوليله كل اللي نفسك 


    أردفت هدير بنبرة متألمة 


    - واحد مهانش عليه يشوف بنته لسنين مش هستبعد انه ميصرفش عليا انا كنت غبية لما اتوقعت اني لسه في دماغه 


    قاسم أردف بتوضيح لنظريته فهو لا يريدها ان تكرهه او يقسيها عليه اكثر من ذلك 


    - لازم تتواصلي معاه هو، مهما كان الله واعلم ايه هي ظروفه ايه لازم تتكلمي معاه 


    هدير أردفت بجحود غريب لم تستطع ان تتخيل انها ستصل له يوما


    - مين الأولي يعرف ظروف مين ؟؟؟؟ لما اتغرب و ساب مراته و بنته لوحدهم علشان يعيشهم في مستوي حلو و يريحهم تقدر تقولي مراته فين ؟؟؟ وله بنته حالها عامل ازاي ؟؟؟


    ثم أكملت حديثها بهدوء ولكن بقرار عجيب لا يناسبها تماما 


    - انا هشتغل


    قاسم بسخريه لم تكن صحيحة في وقتها 


    - يا سلام تشتغلي ايه ان شاء الله ؟؟؟ لسه وراكي جامعه مش لما نشوف هتدخلي ايه، اما اللي اتخرجوا مش لايقين شغل هتلاقي انتِ ؟ 


    - انا بتكلم بجد انا مش عيله، انا كبرت وعادي انا ولا اول ولا اخر حد هيشغل جنب الجامعة انا المفروض اخفف الحمل علي عمتي


    حاول قاسم ان يأخذها علي محمل الجد حتي انتهوا من طعامهم وذهبوا الي المنزل ولكنه اكانت تشعر انه لا يتخذها علي محمل الجد ولكنها لم تحاول ان تشرح له نظريتها أكثر 


    _____________________


    صعدت هدير الي المنزل وهي تشعر بالغضب الشديد فالجميع اصبح لا يفهمها حتي أٌرب الناس لها قاسم، حينما دخلت البيت وجدت ابن عمها ( وليد) في الخامسة والعشرين من عمره شاب وسيم الي حد ما ويحب هدير كأخت له ولكن دائما يخشي مساعدتها بسبب والدته 


    هاجر وهي تنادي عليها حينما أحست بمجئيها 


    - تعالي يا هدير، وليد جاي مخصوص علشان يبارك ليكي تعالي سلمي عليه


    هدير اقتربت منهم واكتفت بالوقوف بجانب مقعد عمتها حتي لا تُجبر ان تصافحه فهي تكره ان يلمسها اي شخص فهي تعتبره من الغرباء فالغريب هو من لا يستطيع الوصول الي اعماقنا حتي وان ربطتنا به صله الرحم وتجري به نفس دمائنا، أردف وليد قائلا 


    - الف مبروك يا هدير


    أجابت هدير عليها بخفوت 


    - الله يبارك فيك يا وليد


    مد وليد يده وبها علبة متوسطه الحجم و نظر لهدير بابتسامة هادئة 


    - دي هديه بسيطة مني يا هدير علشان نجاحك


    لم تتحرك هدير من مكانها وكأنها صنم فالوضع غريب عليها تماما فمنذ متي يأتي لها بهدايا فمنذ متي بينهم هذا الود فدائما يخشي ان يقترب منهما او يودها بسبب والدته 


    أخذتها هاجر حينما شعرت بالاحراج الذي أصاب وليد بسبب هدير فابتسمت هاجر وهي تحاول تلطيف الأجواء 


    - شكرا يا وليد مكنش في داعي تتعب نفسك يا ابني يعني


    تحدث وليد باحراج 


    - مفيش تعب ولا حاجة المهم تعجبها


    فأردفت هاجر بنبرة محذرة لهدير بأن تكن مهذبه قليلا وضغطت على حروفها 


    - افتحي يا هدير شوفي الهدية


    مدت هدير يدها وأخذتها من عمتها ثم فتحتها فابتسمت ابتسامه مجاملة ووجدت علبة هاتف حديث


    - موبايل ؟


    فأردف وليد بنبرة هادئة ومشرقة 


    - خلاص انتِ داخله الجامعة وخلاص مش هتفضلي ماشيه بالتليفون الصغير اللي اخره يرن ده وكمان عمتو خلتها تقدم علي النت بقا و تخرجي من القوقعة دي


    _________________


    في صباح اليوم التالي فاقت هدير علي صوت جرس الباب فعمتها فمثل هذا اليوم من كل عام تذهب الي قبر زوجها فاليوم هي الذكري السنوية لوفاته فتحت الباب بعد ان رأت من العين السحرية انها جارتهم الثرثارة (ام محمد)، دخلت ام محمد بعد ان فتحت هدير الباب وجلست علي اول مقعد قابلته


    ام محمد بابتسامة مستفزه لا تحبها هدير لانها تعلم انها دائما تتدخل في اشياء لا تعنيها


    - صباح الخير 


    أجابت هدير بنبرة خافتة وصوت فيه بقية نوم 


    - صباح النور، علي فكرة عمتو مش هنا 


    قالتها وهي تتأمل ان تذهب ولكنها أجابت عليها باصرار ان تستكمل ما جاءت من اجله 


    - طب كويس اتكلم معاكي كلمتين عقبال ما هاجر تيجي


    هدير جلست وحاولت ان تخفي اي ملامح انزعاج قد تظهر عليها، أردفت ام محمد بنبرة بها الكثير من الحماس التي لا تعرف هدير سببه 


    - بصي انتِ عارفه اني بعتبرك بنتي، وانتِ وقاسم واي حد هنا في الشارع متربي علي ايدي، وانا دايما يهمني مصلحتكم زي محمد ابني وهشام بالظبط


    فأردفت هدير باستغراب فلم تفهم ما تريده 


    - اكيد بس حضرتك عايزة تقولي ايه ؟ 


    - بصراحه بقا انا مش عاجبني حالك انتِ علي نياتك زي عمتك بالظبط


    هدير باستغراب وعدم فهم فمازالت لم تفيق جيدا 


    - حالي مش عاجبك في ايه يا طنط هو انا عملت ايه 


    - بسم الله ما شاء الله انتِ كبرتي وخلاص العرسان علي الباب 


    هدير قهقهت بسخرية فهي فهمت أخيرا ما ترمي عليه ام محمد فعلي ما يبدو هناك عريس


    - في عريس زي كل شوية يا طنط وله ايه ...


    قاطعتها ام محمد قائلة بنبرة مرحة ولئيمة


    - لا ما خلاص كل العرسان اللي جبتهم قولتي لا عليهم وفضلت اسال نفسي يعني ايه اللي مانع البت هدير من انها تتخطب و ترفض شباب زي الورد


    - يا طنط ريحي نفسك انا مش بفكر في الموضوع وانا لسه صغيرة و مخلصتش تعليمي 


    - بصي لو علي السن انتِ مش صغيره يا هدير مش ده اللي مانعك اكيد


    هدير بسخريه حاولت اخفائها قدر المُستطاع 


    - اومال ايه اللي مانعني حضرتك هتعرفي اكتر مني ؟ 


    ام محمد بتفكير ونظره خبيثة 


    - انتِ متعلقه بقاسم وعلشان كده مش بتفكري في غيره وبتحبيه صح 


    هدير بانفعال وقد احمرت وجنتيها غضبا وخجلا فكيف تفسر الناس علاقتها بقاسم هكذا 


    - حضرتك بتقولي ايه ؟؟ قاسم زي اخويا واكتر حد وقف جنبي لاني وحيدة ومليش حد غير عمتي و بعدين قاسم ملوش علاقه برفضي الجواز ..


    ام محمد بسخرية فهي لا تقتنع بتلك الملمات الفارغة من وجهة نظرها 


    - اخوكي ايه بلاش الكلام الخايب ده وبعدين انتِ اللي خايبة يعني انتِ طول ما انتِ رايحة جاية معاه وشايفك متساهله معاه بحسن نيه مش هيتقدم 


    ياختي الشباب بيحبوا البت اللي بتتقل عليهم وهو هيفكر فيكي ازاي وانتِ اربعه وعشرين ساعة في وشه، لازم يعرف ان كفايا لعب عيال ويدخل البيت من بابه مش بقولك طيبه اتقلي عليه يا خايبة 


    هدير باستغراب شديد ربما هذا هو اليوم الاول التي تغضب هدير بهذا الشكل من ام محمد رغم انها لا تستلطفها من البداية ولكن هذه المرة فاقت كل توقعاتها، واليوم الاول الذي يحاول أحدهم ان يشكك في علاقتها بقاسم 


    - اتقل عليه ايه حضرتك بتكلمي بجد 


    - قاسم لازم يخطبك ويأخد الموضوع بشكل رسمي


    تفوهت هدير بغضب فهي تحملت أكثر من طاقتها 


    - يارب صبرني بجد انا مبعملش حاجه غلط وقاسم زي اخويا 


    - زي اخوكي يبقي يبعد عنك، البنت ملهاش الا سمعتها وهو بالنسبة ليه راجل مش هيفرق معاه حاجه وبعدين طول ما انتِ ماشيه جنبه في الشارع الناس، لو شاب نيته كويسه وعايز يتقدملك مش هيرضي وهيفتكر ان في حاجه بينكم


    دخلت هاجر واغلقت الباب خلفها وهي ترتدي ملابسها السوداء واستغربت من تواجد ام محمد فأردفت قائلة 


    - السلام عليكم 


    لم يرد عليها أحد بل نهضت هدير وأشارت بيدها علي ام محمد بغضب 


    - تعالي يا عمتو شوفي علشان ام محمد واضح ان الجمعيات شقلبت دماغها، انا مش هسمح لحد يتكلم في الموضوع ده قاسم اخويا ومش هتناقش مع حد في النقطة دي تاني عن اذنكم


    ام محمد بغضب من لهجة هدير وتذمرها 


    - شوفي بنت اخوكي يا هاجر و طوله لسانها و انا اللي عايزه مصلحتها ومعتبراها بنتي


    دخلت هدير غرفتها واستغربت هاجر مما سمعته فهي لم تفهم شي والامور ليست واضحة امامها


    - في ايه بس 


    ام محمد بانفعال شديد ونهضت غاضبة وهي تتوجه الي الباب 


    - لا يا هاجر ياختي بنت اخوكي محتاجة تتعلم الادب الحق عليا اني خايفة علي مصلحتها ومش عايزه سيرتها تكون علي كل لسان بنت اخوكي مش فاهمه حاجه في دنيتها 


    __________________


    علي لسان هدير


    مبقتش عارفه ايه الصح بس اللي متاكدة منه اني معملتش حاجه غلط وقتها


    مسكوا في الانسان الوحيد اللي وقف جنبي عايزين يبعدوه عني للاسف


    مكنتش اعرف ايه اللي مستخبي ليا ..




    الفصل الرابع


    اعتدت ان أكون واضحة مع نفسي حتي وان كنت كاذبه مع الجميع، فعلمت ان الاماكن المزدحمة من الممكن انها تكون اكبر سبب لتشعر بالوحدة وانك ستفقد كل شي للابد اذا كذبت علي نفسك يوم 


    اعلم انه اذا مات ضميرك مات كل شيء بك، ومن مات لا يُحيا يا عزيزي فلا نمتلك نحن هذه القوة فأنها قدرة ألهيه 


    اغلقت هدير اجندتها بعد ان قرأت تلك الكلمات التي كتبتها في أحدي الليالي اليت كانت تشعر بها بالوحدة والتي كانت غرقت بها في الذنوب والمعاصي وكانت تفكر في التوبة ضحكت علي تلك الأيام التي القتها وراء ظهرها، ثم خلدت الي النوم بجانب حبيبها واخذت ابنتها في احضانها 


    _________________________________________


    علي لسان هدير


    مشيت ام محمد واللي استغربت منه ان عمتي معلقتش علي اي حاجه، حاولت أقول لنفسي انها اكيد معجبها كلام ام محمد زيي من سكوتها، وسكتت لمده شهرين كدا لو هتسالوني علي السبب يمكن لما بعد سنين فكرت قولت يمكن مكنتش عايزه تصدمني مره واحده خصوصا اني كنت بفكر في كذا حاجه 


    نسيت اقولكم ان الشهرين عدوا ودخلت تجاره حسب التنسيق كلامي مع قاسم قل وحاجات كتيرة بينا قلت بس كنت لسه عارفة ان لما الدنيا تيجي عليا قاسم موجود 


    _________________________________________


    في منتصف شهر سبتمبر، اقترب العام الدراسي الجديد و كلما تمر الايام التي تفصل هدير عن المرحلة الجديدة تشعر بالرهبة الشديدة خصوصا انها لم تدخل أي من زميلاتها معها تلك الكلية، 


    في بيت هاجر، اكتسب هدير الشجاعة اليوم ثم امسكت هدير الهاتف وتحدثت مع والدها وبالطبع كان يسألها عن حالها وبعض الأسئلة التقليدية، وأخيرا وثقت في نفسها، وأردفت قائلة 


    - حضرتك هتبعت مصاريف الجامعة امته يا بابا انا في حاجات كتيره ناقصة ومحتاجه اجيب لبس وحاجات 


    أردف عماد قائلا بنبرة حاول جعلها ضعيفة 


    - والله يا بنتي الظروف الايام دي وحشه معايا


    - لو الظروف وحشه بقالها تسع سنين حضرتك قاعد ليه عندك ؟؟ يبقي انزل بقا وبعدين انا قاعده مع واحده ست ارمله ومش شي حلو انها تصرف عليا بوجود حضرتك واكيد عيالك في مدارس وعارف المصاريف 


    عماد أجاب عليها بتوتر رغم جموده الا انه لم يكن يريدها ان تعلم بزواجه 


    - عرفتي منين 


    سيطرت علي دموعها و منعتها من النزول و حافظت علي نبرة صوتها الجامدة والتي تحمل ورائها الخوف والالم ولكنها صاحبة الحق 


    - جوازك من ورا امي انا مقدرش احاسبك عليه لاني مش مراتك ولا برضو ربنا بس اعتقد اني اقدر علي احاسبك علي غيابك السنين دي كلها وانك مصرفتش عليا مجاش في بالك يوم انا هصرف منين و عايشه ازاي وله عمي قالك ان عمتي بتصرف واحدة ست بتصرف علي بنتك وحضرتك علي وش الدنيا 


    عماد شعر بالاحراج من حديث ابنته و كانت الكلمات لا تسعفه حتي انه نطق و حاول ان يتحدث باي شي يستطيع قوله، فعلي الاغلب قد نسي انها ستكبر يوما فهي لم تعد طفلة صغيرة ستلتزم الصمت 


    - كبرتي يا هدير وبقيتي بتعرفي تردي وتغلطي في ابوكي


    - انا مقدرش اغلط فيك لان ولا امي لان عمتي علموني اغلط فيك، انا بطالبك بحقي كونك راجل و اب ليا منصبك بقا كويس في الشركة، يمكن شايف ان جوازك من امي كان غلطة وانها كانت لحظه تهور دي حياتك 


    وعيب تخلي اختك هي اللي تسدد تمن فاتورة غلطك و اوعدك اني اول ما اشتغل مش هطلب جنية منك ..


    اغلقت هدير المكالمة بعد دقائق حينما تحجج انه في عمله وسيتحدث معها مرة اخري ..


    هاجر وهي تنظر لها بعد ان أغلقت المكالمة، فهي قالت له أكثر من ذلك ولم يؤثر به 


    - تفتكري كلامك هيأثر فيه يعني ؟


    - حتي لو ماثرش فانا علي الأقل طلعت اللي جوايا ..


    ________________________________________


    علي لسان هدير


    مع بداية اول يوم دراسة واللي فيه هروح الجامعة كنت قلقانة جدا ودي كانت كان اكتر مره اقلق فيها في حياتي قمت لبست هدومي، كنت حاسة بإحساس خوف غريب لدرجه اني بفكر اني مروحش بس يعني حاولت اني اتغلب علي خوفي ومتكلمتش مع حد في النقطة دي انا دايما كنت بحس بخوف من الأماكن الجديدة والزحمة، مكنتش لاقية تفسير للشعور ده بس يمكن لاول يوم مفضلش سهرانه علي 


    _____________________________


    هبطت هدير من منزلها بمفردها بعد ان رفضت ان تذهب معها عمتها رغم شعورها بالخوف ولكنها لم تكن تريد ان تظل ضعيفة هكذا يجب ان تعتمد علي نفسها وحاولت السيطرة علي خوفها 


    خرجت من بوابة المنزل وهي غير واثقة من نفسها أطلاقا وكانت تريد التراجع في كل خطوة ولكنها أخذت تمشي حتي موقف الاتوبيس وتراقب الناس، فلم يخلو شارعهم من طلاب المدارس منهم 


    من لم يذهب نومه بعد ويحمل حقيبته بكسل فتشفق عليه وهناك من يمشي وهو يبتسم مع صديقه


    وهناك فتيات تمشي بجانبها منهم من هي حانقة، ومنهم من تمشي وكأنها تتسابق مع الزمن واغلبهم جيرانها ومازالت لم تبتعد ن عالمها الصغير، وجدت قاسم ينادي عليها شعرت بالسعادة تدق قلبها بعد ان كان الخوف والافكار السوداء تحتل عقلها وتنظر في وجوه الجميع لعلها تري من هو حاله اصعب منها لتري انها لا تمر بشي، التفتت له وحاولت التحدث بنبرة واثقة من نفسها 


    - صباح النور 


    أردف قاسم بهدوء : صباح النور يا هدير


    - لسه شويه علي ميعاد شغلك رايح فين


    قاسم بتفسير لسبب مجيئه وكأن تلك الماكرة لا تعلم 


    - جاي اوصلك 


    هدير تصنعت اللامبالاة قائلة : خلاص زي ما انتَ عاوز


    وبالفعل ركبوا المواصلات وشاهدت هدير هذا الكم من الزحام التي لم تتخيله يوما لم تكن شخص يختلط بالمواصلات كثيرا فابعد مكان ذهبت له هو عمها ومدرستها والأماكن التي تأخذ بها دروسها و بعض الأماكن القريبة والمحدودة جدا 


    فلم تكن هدير لديها أصدقاء لتخرج معهم ولم تكن عمتها شخص يحب التنزة والخروج لتأخذها معها، لم ترتاح وشعرت بالضيق الشديد و لكن حاولت ان تطمئن بالنهاية هي ليست بمفردها نزلت معه من الميكروباص 


    ليلتحقوا بالآخر وسمعت كالعادة التصادم بين السائق و الركاب بسبب زيادة الأجرة وحديث الفتيات مع بعضها و مزاح مجموعة من الشباب و تعليمات ام لابنتها اثناء ذهابها للمدرسة وصوت غليظ تسمعه من رجل لا تعلم من الذي يجادله بهذه الطريقة الحادة فسمعه جميع الركاب، وسمعت صوت الفتاه التي تتجادل مع شخص ما علي ما يبدو انه تحرش لينحاز لها جزء من الناس وجزء اخر يعاتبها هي ويلقي اللوم عليها


    يالها من اصوات مزعجه فهي تقسم انها تريد ان العودة الي منزلها ومدرستها الصغيرة التي لم تكن تمر بهذه المراحل قبل ان تذهب لها ولم تكن مجبره علي الاحتكاك بهذا الكم من البشر ..


    هبطوا أخيرا من ذلك الميكروباص ليفصلهم عن الجامعة بعض الخطوات التي يجب ان يسيروها علي اقدامهم، واثناء سيرهم قاطع قاسم ذلك الصمت الذي دام طوال الطريق بنبرة حاول جعلها مرحة بقدر الإمكان 


    - شكلك سعيدة بالمواصلات


    هدير بانتباه وسخرية من حالها 


    - اه جدا 


    - عادي بكرا تتعودي وتلمي الأجرة مش بعيد تحملي مع السواق


    قهقت هدير بسخرية فمازالت قلبها منقبض للغاية وتحاول ان تنحاز ناحية قاسم حينما تشعر ان هناك احد المارة سيصطدم بها، فتحدث قاسم بجدية حينما تذكر هذا الحلم 


    - يمكن تكوني حاسة بحاجات غريبة وعارف انك من ساعة ما رجعتي شقة جدك وانتِ ملكيش أصحاب 


    تحدثت هدير بنبرة خائفة فهي تشعر بالخوف الشديد من انهم قد اقتربوا من الجامعة وهو سيتركها فكانت كالطفلة التي سيتركها والدها في يومها الدراسي الأول 


    - انا أساسا كنت بفكر مروحش 


    - متروحيش ايه بس ممكن النهاردة تكون ولاده لهدير او موت لهدير ممكن من النهاردة ترفعي نفسك لفوق وممكن تحطي نفسك في الأرض للأسف الفترة الجاية هتبقي كده، وده حال أي حد بيدخل المرحلة دي


    سكتت هدير قليلا وأخذت تمشي بجانبه حتي وصلوا الي الجامعة 


    وقفت لثواني وهي تري الطلاب بالأشكال المختلفة فهناك المنتقبة وهناك من تلبس ملابس تستر اكثر مما تخفي وهناك الملتحي و هناك من يحاول اطفاء سجارته قبل دخوله، حاولت ان تهدأ من أنفاسها التي تسارعت وامسكت يد قاسم بشعور خوف غريب 


    فهي شعرت بكم المتناقضات الغريبة التي تجتمع في مكان واحد فلم يستوعب عقلها ان يري تلك الاشكال المختلفة كليا عن بعضها لم تمر يوما في حياتها بمكان مثل الجامعة يجمع فيه يلتقي فيه الملحد والمتدين والفاسق وكل شي وعكسه لم يستوعب عقلها إطلاقا ما رأته فقط عند البوابة


    فماذا ستفعل بالداخل فمن يدخل هذا المكان نادرا ما يظل علي موقفه حتي ان يخرج منه فهنا تتغير الآراء والمعتقدات و المستقبل و كأن الانسان يعيد لنفسه حياه جديده اما يخرج منها رابح او خاسر


    قاسم استغرب من فعلتها وشعر ان بها شي غريب نظر في وجهها هي نفس الملامح التي رآها في عينيها ليلة امس في منامة، وشعر بكمية البرود التي أصابته حينما لمست يديه وكأنها علي وشك ان تتجمد واعصابها شددت تماما وكأنها علي وشك الإصابة بأحدي النوبات العصبية، فأردف قائلا بقلق 


    - مالك في ايه ؟؟


    - مش عارفه انا مخنوقة وبردانة اوي انا مش عايزه ادخل انا عايزه امشي متسبنيش لوحدي هنا


    ______________


    لبي قاسم رغبتها وأخذها الي أقرب مقهي من الجامعة ربما لم يتواجد الكثيرين به فمازال الوقت باكرا جدا، وطلب قاسم قهوته و جلب لها مشروب ساخن حتي تهدأ وتشعر بالدفيء 


    بعد ان غسلت وجهها وشعرت بقليل من التحسن فكان هذا هو اليوم الاول الذي يشعر به قاسم ان هذه الفتاه بالفعل لديها فوبيا الأماكن العامة و لن يكون مجرد شعور، ومن اعراض هذه الفوبيا الخوف من أن يصبح الشخص وحيدًا وسط مجموعة من الناس والخوف من الانفصال والابتعاد عن الأشخاص التي تعرفها ولذلك حينما شعرت انه سيفارقها عند اقترابهم من الجامعة شعرت بالخوف الشديد 


    وشعورها بضيق التنفس وتلك الاعراض الأخرى


    فهم الان خوفها من الذهاب الي المدرسة وخوفها من الذهاب الي الاماكن الجديدة خصوصا بمفردها لاول مره 


    قاسم باقتراح أخيرا وقطع ذلك الصمت : بقيتي احسن وله نروح لدكتور ؟


    هدير باحراج عدم فهم لما حدث لها و هي أيضا كانت غافله عن تشخيص حالتها 


    - لا دكتور ايه انا كويسة 


    - كويس اني جيت معاكي 


    هدير أردفت بتوتر وخجل من موقفها وفي نفس الوقت تشكر ربها علي وجوده معها والا ماذا كانت ستفعل بمفردها، وفي نفس الوقت لا تريد ان تكن بعينه طفلة صغيرة لم تتحمل الذهاب الي الجامعة


    - اه كويس، خلاص انا هغسل وشي تاني واروح الجامعة انتَ تقدر تمشي انا بقيت كويسة 


    - لو مش عايزه تروحي النهاردة مش لازم تضغطي علي نفسك اساسا ده لسه اول اسبوع و لسه مفيش محاضرات ممكن تروحي البيت


    هدير بانزعاج من ان تظهر معه في موضع الشفقة فهي ليست فاشلة الي تلك الدرجة 


    - خلاص يا قاسم متبالغش انا بقيت كويسه ... 


    هدير - 


    الفت كلاهما لينظروا الي ذلك الصوت الأنثوي الذي قاطع حديثهم، اقتربت ساره منهما فهي زميلة هدير من مدرستها الثانوية، وكانت تسكن بالقرب منها لم تكن بينهم علاقة قوية ولكنها جيدة الي حد ما 


    لطالما كانت ساره شخص محبوب ولكن كانت دائما تستغرب من عُزله هدير عنهما ولكنها لم تكن تحاول ان تتقرب منها كثيرا فظنت انها لا تحب الاختلاط


    أردفت سارة بابتسامة مشرقة: هدير ايه الصدفة الحلوة دي


    نظرت هدير استغربت ولكنها فاقت من صدمتها ونهضت لمصافحتها بالنهاية كانت تعرف انها زميلتها لمدة ثلاث سنوات


    هدير بابتسامة : عامله ايه يا ساره


    ساره أجابت سارة بخفوت 


    - الحمدلله 


    بعد وقت من الحديث وعلمت هدير وقاسم أيضا ان ساره منتظرة قبول تقليل الاغتراب من كلية تجارة في احدي المحافظات الي تجارة القاهرة وشعرت هدير وقتها بالسعاة فعلي الأقل هناك شخص تعرفه حتي ولو معرفة سطحية معها، وقامت لتغسل وجهها مرة اخري وتركت سارة مع قاسم 


    قاسم قطع الصمت الذي حل بعد ذهاب هدير قائلا 


    - شكلك بتحبي هدير اوي بس غريبه يعني انها عمرها ما حكت عنك مش قصدي حاجه بس هدير مكنش ليها اصحاب 


    ساره هزت رأسها موافقة فعلي حديثه فهي مجرد زميلة لها 


    - هو فعلا احنا مش صحاب تقدر تقول زمايل هدير كانت منعزله شويه عننا و كانت بتغيب كتير بس الي حد كان في ما بينا كلام


    - تمام انا عايز اطلب منك خدمة قبل ما تيجي لو ينفع .. 


    بعد دقائق عادت هدير وذهب قاسم حينما شعر بالارتياح الظاهر علي وجه هدير ناحية سارة فعلي ما يبدو تستلطفها بشكل كبير ولكنه لم يكن شي في يده بعد ذهابه سوي الاتصال بها 


    وأخذت سارة تقص لهدير في الجامعة حال زميلاتهم في المدرسة والي اين ذهبوا من جامعات ومنهم من رسبت والكثير من الاحاديث، واستطاعت ببراعة ان تجعل هدير تشاركها الحديث


    وبالطبع شعرت هدير بالدهشة الشديدة هدير بسبب تلك الإعداد التي توجد في المدرج وحينما لم يكن هناك محاضرات في اليوم الدراسي الأول أخذتها سارة الي حيث تتواجد ( شئون الطلبة ) لأتمام طلب تحويلها الورقي حتي انتهي اليوم بعودتهم الي منازلهم، فعادت سارة معها حتي منزل جدتها الذي يتواجد بالقرب من مدرستهما الثانوية 


    ______________________________________


    علي لسان هدير


    يمكن وجود ساره كان شي حلو في حياتي، وجودها خلاني احس اني مش وحيدة، واغلبيه الأيام كانت بتبات عند ستها وده الشي اللي خلاني اكون مبسوطة


    لانه في صالحي اني مش هروح المشوار ده لوحدي بس قاسم كنت لسه محتاجه


    وبرغم دخولي العالم المتناقض ده وحاجات كتيره بقت تشغل يومي بس كان لسه يومي ناقص نسيت اقولكم ابويا بقي كل شهر بيبعت ليا مصروف افتكر اني محتاجه فلوس وبس منه حتي لو ده كان طلبي بس انا كنت عايزة حنيته


    ________________________________________


    في منتصف شهر يناير 2014 ولنضيف تاريخ جديد له ذكري مؤلمه لهدير


    دخلت شارعها بعد ان افترقت عن ساره منذ دقائق وكانت سعيدة بانها انتهت من امتحانات منتصف العام وجدت الناس ينظروا لها بشكل غريب فالواقع لم تعرف لما شعرت و كان نظراتهم تخترقها لدرجه انها شعرت انها عاريه او هناك شي بها غير طبيعي ..


    تكملة الرواية من هناااااااا 

    لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا

    بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل 

    متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا

    الرواية كامله من هناااااااااا

    مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا

    مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا



    تعليقات