روايه خطايا بريئه الفصل التاسع والعاشر بقلم الكاتبه ريم كريم
🌺🌺روايه خطايا بريئه🌺🌺
بقلم الكاتبه ♥ ريم كريم ♥
أنّ المرأة يسحرها أولًا الأمان الذي يزرعه الرجل من حولها، بعدها كل شيء يأتي من تلقاء نفسه.
-----------------------
- كيفك يا بنت "غالية" توحشتك؟
ابتلعت غصتها و همست بجزع:
- خالي!!
- چرى ايه يا جلب خَالك مش هتسلمي عليا وتحبي على يدي ولا إيه؟
هزت رأسها بِبسمة باهتة وتقدمت في ثبات تصافحه متجاهلة جملته الأخيرة :
- اهلًا يا خالي القاهرة نورت
زفر بقوة عندما لم يروقه سلامها البارد الخالي من الإحترام بتاتًا بالنسبة له وهدر وهو يطالعها بنظرات خبيثة من أخمص قدميها حتى رأسها:
- منورة بناسها يا بت "غالية"وين چوزك وكيف مهملك مايعة إكده
شملت ذاتها بنظرة عابرة بعدما تفهمت المغزى من حديثه وكادت تجادل ولكن اتى رد "يامن" ملاحق لها :
- أنا هنا أهوه يا حاج "عبد الرحيم" نورتنا
قالها "يامن" وهو يخرج من المرحاض عاري الصدر يلف منشفة عريضة حول خصره وأخرى صغيرة يجفف بها شعره، لتشهق هي في خفوت وتزيح بنظراتها بعيدًا مما أثار ريبة "عبد الرحيم" وهو يرد سلام" يامن" بِبرود دون لباقة :
- اهلًا بالغريب ليحول نظراته لها ويتسأل بخبث بَين:
- مكسوفة من چوزك إياك
استغرق الأمر ثانية واحدة كي تلاحق الموقف بهز رأسها وقولها بمكر لا يضاهيها احد به:
- لا يا خالي انا بس خوفت يبرد علشان الشباك مفتوح
لتهرول إلى النافذة المفتوحة وتغلقها ببسمة متوترة تحت نظراته الفاحصة
ليهز رأسه وهو يلتقط طرف جلبابه ويقول وهو يتوجه نحو الأريكة المقابلة للفراش ويجلس عليها:
-عندك حج يا بت "غالية" چوزك بَرّدك ومن حجك تنخلعي عليه
تناوبوا النظرات المتوترة بينهم قبل أن يضيف" عبد الرحيم" وهو يسند ظهره بأريحية ويطوف بعينه محيط الغرفة :
- بس الأوضة زينة وعفشها مليح
ليركز نظراته على الفراش ويقول بخبث بَين و بنوايا بعيدة كل البعد عن البراءة :
- بس السَرير ده ضيج حبتين بيساعكم ده يا ولاد
ابتلعت هي غصة بحلقها وتوارت خلف ظهره وهي تتفهم الغرض من سؤاله، بينما "يامن" نظر لها نظرة مطمئنة وهدر بكل ثبات :
- اه يا حاج كله تمام، وكويس أن الأوضة عجبتك أصلها ذوق" نادين" وكل حاجة من اختيارها هي
قال آخر جملة وهو يجذبها من خلف ظهره ويحاوط خصرها ويضمها إليه بطريقة اربكتها، ولكن دائمًا ما يكون ردود أفعالها سريعة، لتسايره وتبادله بإحاطة خصره ايضًا ورغم توترها والرجفة التي انتابتها عندما لامست جسده العاري تحت يدها إلا أنها استحضرت بسمتها المعهودة التي حاولت أن تكون أكثر دفء أمام عينه من أجل أن يكتمل المشهد الدرامي أمام ذلك الذي كان يتآكلهم بنظراته وتحمحم قائلًا بنبرة غليظة مستنكرة:
- اتحشم وروح استر نفسك وألبس خلجاتك يا غريب والله عار عليك تستجبلني وأنت زلط إكده
تنهد "يامن" بثبات بينما كادت هي ان تبتعد عن مرمى يده ولكنه ضغط أكثر على خصرها كانه يود ان يطمئنها ويجعلها تتمسك بثباتها كونه بجانبها وسيتولى الأمر ليرد بنبرة قوية مبطنة بمغزى وصل للآخر بكل وضوح :
- والله يا حاج أنا في أوضة نومي ومع مراتي، وانت على راسي، بس المفروض كنت استقبلك في الصالون مش هنا
زفر "عبد الرحيم" انفاسه دفعة واحدة وهو يلعن بسره ذلك الذي يدعوه غريب كونه احرجه بلباقة وخرب تخطيطه فكم تمنى أن يجد شيء واحد فقط يدل على أن حياتهم ليست طبيعية كأي زوجين، ليتحمحم يجلي صوته بخشونة ثم قال وهو ينهض من جلسته :
- عندك حج يا غريب بس اعذرني كنت متوحش بنت خيتي ومجدرتش أصبر لما أمك فتحتلي باب الدار وچريت أدعبث عليها
لم يشغله حرف واحد مما تفوه به غير نعته بالغريب مما جعله يهدر قائلًا بنبرة جادة وبملامح ثابتة:
- "يامن "اسمي "يامن" يا حاج مش "غريب" واظن سهل ميتنسيش
ضاقت عين "عبد الرحيم" وعقب بنبرة مغتاظة بشدة :
-واه مغلطتش في البخاري إياك
قطع حديثه دخول" ثريا "وقولها بوجوم شديد :
- أنت هنا يا "عبد الرحيم" انا عملتلك الشاي وخرجت ملقتكش
أجابها بِخبث وهو يتناوب نظراته بينهم وكأنه يسبر أغوارهم :
- كنت بَطُل بدي اطمن على بت خيتي
لترد نادين بنبرة متسرعة مهزوزة تضاهي رجفة جسدها :
- انا كويسة الحمد لله يا خالي وفي احسن حال مع جوزي
هز "عبد الرحيم" رأسه بخيبة أمل وهو ينظر لهم نظرات مشككة وكانه يريد ان يخترق بها دواخلهم
لتتدخل "ثريا" بتهكم بعدما لوت شدقيها :
- أديك اطمنت والحمد لله تعالى بقى أشرب الشاي بتاعك قبل ما يبرد
وسيبهم يكملوا لبس ويحصلونا
أومأ لها وسبقها بِخطواته لتنظر هي لهم نظرة مطمئنة وتلحق به مغلقة باب الغرفة خلفها، ليزفر هو أنفاسه دفعة واحدة بإرتياح بينما هي جلست على أقرب مقعد قائلة بعيون زائغة وبجسد ينتفض :
- انا خايفة
أجابها بنبرة مطمئنة وهو يجثو امامها و يحاوط ذراعيها بحنان :
- انا معاكِ وخوفك ملوش داعي
صوبت نظراتها المشتتة إليه وقالت بتوجس:
-زيارته غريبة وكلامه أغرب
تنهد وهو يمرر يده على طول ذراعيها كي يهدئها قائلًا بنبرة حنونة بثت بها بعض السَكينة :
- اهدي هو مش اول مرة يزورنا اكيد شوية وهيمشي انا عايزك تثقي فيا هو ميعرفش الاتفاق اللي بينا احنا قدامه زي اي اتنين متجوزين وحياتنا طبيعية لازم نأكد له ده
طالعت ناعستيه بضياع وتساءلت بذعر حقيقي وهي تكوب وجهه بين يدها :
- وافرض عرف ان جوازنا على الورق وبس هتسيبه ياخدني معاه؟
نفى برأسه بقوة وكانه ما تقوله هي المستحيل بعينه وهدر بنبرة قاطعة وهو يصعد لمستواها و يجاورها جاذب رأسها يدفنها بين ثنايا صدره العاري قائلًا بنبرة واثقة مطمئنة:
- مش هيعرف ابوكِ الله يرحمه أمني عليكِ ومستحيل أخل بوعدي ليه ولا ليكِ
ليأتيه سؤالها الذي اشعره لأول مرة انها تود ان تنتمي له :
- افرض اخدني وغصب عليك تطلقني؟
نفى برأسه من جديد وكأنه على حافة الجنون وقال بِفطنة:
- خالك كل اللي يهمه الفلوس و هو عارف ان كل املاكك بأسمي، مستحيل يعمل كده...
اهدي ومتخافيش انا جنبك يا "نادين" مستحيل اسيبك
قال جملته الأخيرة وهو يطبع قبلة حنونة على قمة شعرها ويضمها له أكثر مما جعلها دون ارادة منها وكأنها بحاجة لذلك العناق حاوطته وأغمضت عيناها كي تزيح كافة الافكار السوداوية بعيدًا عن رأسها، بينما هو كان في قمة سعادته فكم يعشق سكونها بين يديه وتلك الحالة الفريدة التي هي عليها الآن ليغمض عينه ايضًا ولكن وهو يلعن تلك الخفقات الصاخبة التي تفضحه دائمًا وتزعزع ثباته أمامها، وبالفعل تأكد أنه افتضح عندما انتفضت بعيدًا عنه وهي تشعر بتوتر بالغ فيبدو أنها تيقنت لتوها أن تلك الحرارة التي كادت تحرقها منبعثة من جسده العاري التي كانت تجول بعيناها عليه الآن دون وعي، ليبتسم هو و كأنه يقرأ أفكارها مما جعلها تتراجع خطوتين للخلف وهي تضع خصلة من شعرها خلف اذنها وتتحاشى النظر له، كم أراد أن يشاكسها ويستغل الموقف لصالحه ولكنه كعادته كبح أفكاره العابثة جانبًا، و تفهم خجلها ببسمة هادئة وغير سير الحديث كي لا يزيدها عليها:
-اول مرة تيجي أوضتي من نفسك! كنتِ عايزاني؟
اومأت له وأخبرته بتوتر وهي تواليه ظهرها وتجاهد تلك النبضة العاصية بخافقها :
- كُنت جاية أصحيك
طالع ظهرها لوهلة مستغرب ذلك التغير المفاجئ وهدر قائلًا وهو ينهض يرتدي ملابسه :
-بس انا صاحي من بدري وعملت رياضة كمان
جعدت حاجبيها المنمقين باستغراب فتلك المعلومة لم تكن تعلمها عنه ربما لأنها لم تنهض باكرًا مثله ولذلك لم تلحظ ممارسته للرياضة قط، لتخبره وهي مازالت تواليه ظهرها :
- انا بكره الصحيان بدري ...بس قولت ألحقك علشان تكون معايا وانا بجرب العربية بس خالي بقى الله يسمحه نشف دمي
ضيق ناعستيه وباغتها بسؤاله وهو ويتذكر جملة "عبد الرحيم "التي أغاظته :
-هو أنتِ كنتِ هتخرجي كده بلبسك ده؟؟
نفت برأسها واخبرته بملل وهي تقلب عيناها :
- لا طبعًا انا عارفة تعليماتك كويس انا كنت هلبس بليزر طويل علشان متتعصبش كالعادة
لثوانٍ لم يصلها رده حتى انها كانت تشعر بحركته اثناء حديثه ولكن الآن صوت خطواته يقترب شيء فشيء لتحتبس انفاسها وتغمض عيناها وهي تسير لخارج الغرفة :
- انا هستناك برة
لتتأوه بقوة عندما كادت تتعثر بطرف الطاولة التي تتوسط غرفته ولكن يده سندتها وجذبتها لترتطم بجسده عوضًا عن ارتطامها بالأرض، شعرت بملمس صدره العريض الخشن تحت راحيتها التي استندت بهم الآن دون قصد كي تتفادى السقوط لتفتح عينها بترقب شديد ووجهها يشتعل كجمر ملتهب تحت نظراته التي تتفرس بها باستمتاع شديد وبسمة متسلية تزين محياه قائلًا:
- انتِ مجنونة ؟؟؟
بتجري ليه
أطلقت سراح انفاسها المحتبسة ما أن رأته ارتدى بنطاله وقميص يبدو انه لم يسنح له الوقت لإغلاق أزراره وثأثأت بنظرات مهزوزة وبقلب يرتجف لا تعلم ما به:
- قولت علشان تلبس كُنت هستناك برة ............
= انا لبست خلاص خليكِ دقيقتين وأخرج معاكِ
كادت ان تتذمر كعادتها ولكنها وجدت ذاتها تهز رأسها بطاعة، ليبتسم هو ويبتعد كي ينهي ارتداء ملابسه أمام نظراتها الثابتة التي لا تنم عن أي شيء سوى تشتتها
--------------------
أما هي فظلت ملازمة غرفتها منذ عودتها وحمدت ربها كون زوجة أبيها تبيت اليوم عند والدتها، فكانت حريصة للغاية أن لا يراها أحد واكدت على الحارس عدم اخبارها وبالفعل لم يجادلها وكأنه مدين لها باعتذار مسبقًا أغمضت عينيها بقوة وهي تدعوا الله ان لا يفتضح أمرها ولكن كيف و "مُحبة" تجلس فوق رأسها وتنهال عليها بأسئلتها:
- ريحي قلبي وقوليلي حصل ايه؟
وكنت فين؟ ودم مين ده اللي على هدومك؟
سؤالها الأخير حاز على كافة أنتباهها مما جعلها تنهض تتفقد ملابسها التي نزعتها عنها فور وصولها، لتغمض عيناها بقوة وهي تشعر بتقريع الضمير مما أصابه بسببها لتقرر أن تحدثه تطمئن عليه وبالفعل تناولت هاتفها وطلبت من "مُحبة"بلطف:
- داده انا كويسة ومحصلش حاجة متقلقيش........ هحكيلك بعدين بس ممكن تسبيني دقيقة لوحدي
انصاعت لها "مُحبة" وغادرت وهي تهز رأسها بعدم رضا بينما هي نقرت على شاشة هاتفها وطلبت رقمه وانتظرت بتوتر بالغ أن يجيبها
في تلك الأثناء كان هو ممدد على فراشه يستجدي النوم كي يهرب من تساؤلات شقيقته التي صرعت بها رأسه وهلعها منذ رأت هيئته الرثة حين عاد للمنزل، ولكنه طمئنها واخبرها انه شجار بسيط وجرحه سطحي وقد تم تقطيبه ولا داعي للقلق؛ لتتركه بمفرده كي ينال قسط من الراحة التي لا يعلم أين السبيل لها بعد ما حدث زفر في ضيق وهو يتناول هاتفه وعلم هوية المتصل لينتفض من فراشه ويظل يمسد جبهته بتردد كبير حسمه بقوله وهو يفتح الخط :
- خير حضرتك
ابتلعت غصتها وتسألت وهي تشعر بخزي من نفسها :
- أنت كويس؟
-تمام
- وجرح ايدك ؟
- قولتلك بسيطة كلها كام غرزه مش مستاهلة
-انا كنت قلقانة وحابة اطمن عليك
ألجمه حديثها و لا يعلم بما يجيبها، لتستأنف هي بِعرفان :
- انت حد جدع اوي وانا بجد آسفة
قالت جملتها و كادت تغلق الخط لولآ انه باغتها بأخر شيء توقع ان يصدر منه :
- بلاش تأذي نفسك
فرت الدموع من فيروزتاها أجابته بنبرة مختنقة بعبراتها يسودها اليأس:
-نفسي ملهاش قيمة عندي ولا عند أي حد
زلزلت قاع قلبه للمرة الثانية وظل يتسأل لمَ كل هذا اليأس ولمَ فضوله اللعين يدفعه لاستكشافها، حقًا لا يعلم كل ما يعلمه أنها خالفت توقعاته وأثبتت له كالجميع انها ليست محل ثقة.
- بكرر اسفي مرة تانية ...
جملتها تلك انتشلته من مداهمة افكاره وإن كاد يجيب اغلقت الخط دون ان تنتظر رده مما جعله يلقي بالهاتف بِجانبه ويلعن تحت انفاسه فحقًا هي تشتته للغاية فماذا يفعل هل يخبر ابيها وينصاع لرغبة ضميره أم يصمت كي لا يضعها بموقف سيء يزيدها سوء على سوءها
----------------------
ظل يطالعها بنظرات كارهة وهو يحتسي كوب الشاي الخاص به مما جعلها تسأله بنبرة جادة لا تحمل شيء من الود :
- خير يا "عبد الرحيم "أيه سر الزيارة المفاجئة دي
غص برشفته وسعل بخفة ثم قال بخبث:
- واه ده دار چوز خيتي الله يرحمها واچي وجت ما حب يا "ثريا"
حانت من "ثريا" بسمة هازئة وقالت متهكمة :
- هو انت كنت بتجي بيته تسأل عليه وهو عايش علشان تيجي بعد موته ... ده انت ياراجل مكلفتش خاطرك وحضرت دفنته
احتدت نظراته بمكر وقال متحججًا:
- جولتلك كان حداي مصالح واعرة ومجدرتش أدلى وجتها
لوت "ثريا" شدقيها وقالت متهكمة :
- انت مجتش علشان عرفت أن كل املاكه بقت بأسم ابني وكل تخطيطك راح على الهوا
زمجر غاضبًا وعقب بحدة :
- إيه حديتك الماصخ ده تخطيط إيه اللي تجصديه لو في حد خطط فهو أنتِ يا "ثريا" خدتي الراجل من على مرته وعصتيه عليها وخلتيها موتت روحها من جهرتها، لع وكمان اجنعتيه يكتب كل اللي وراه واللي جدامه بأسم ابنك ويچوزه البِنَية
تهجم وجه "ثريا" عندما استحضر هو تلك الذكريات البعيدة التي لطالما تشعر نحوها بالحزن والأسى الذي انعكس على نبرتها الآن:
- حسبي الله ونعم الوكيل
ده اللي عقلك المريض صور هولك أنما الحقيقة ربنا وحده اعلم بيها وقادر ينصفني
ارتفع جانب فمه ببسمة هازئة وهمس بسره :
- تجتل الجتيل وتمشي في چنازته مرا واعرة
في تلك الاثناء دخل" يامن "برفقة "نادين" لغرفة الصالون ليجد والدته منكسة الرأس ويظهر الحزن بَين على قسماتها ليتسأل بوجل :
- في ايه يا امي مالك؟
نفت برأسها وبالكاد ابتسمت بسمة عابرة واخبرته وهي تنهض :
- سلامتك انا هروح احضر الفطار اقعد مع خال مراتك
ليقاطعهم "عبد الرحيم" وهو ينهض :
- لع أنا مش جاعد هروح الترب أجرا الفاتحة ل "غالية " وبعدين ورايا كذا مُصلحة إكده وهعاود في الليل أبيت معاكم واتوكل الصبح بمشيئة الرحمن
ابتلعت "نادين" غصتها بتوتر بالغ واخبرته بِمجاملة عابرة تخالف رغبتها :
- خليك أفطر معانا الأول يا خالي ملحقتش أقعد معاك
ربت "عبد الرحيم" على ذراعها قائلًا :
- هعاود تاني يا بنت "غالية "وخليها عشا عاوز وكل من يدك واشوف ليك نفس في الطبيخ كيف أمك ولا وكلك ماصخ كيف المصاروة
تناوبت النظرات بينهم بضياع، فهي لا تفقه شيء بتاتًا في أمور إعداد الطعام، ولم تجرء قط على دخول المطبخ او حتى التجربة، ولعلمه بذلك أبتسم هو بسمته المطمئنة ذاتها و حسها انه سيتولى الأمر مما جعلها تتلعثم قائلة بتوتر :
- هااا.... اه... حاضر يا خالي هطبخلك احلى أكل
- تسلمي يا جلب خالك
ليغادر هو تاركهم يتنفسون الصعداء وتقول "ثريا" وهي تتنهد بضيق:
- انا هروح احضر الفطار علشان متأخرش على "رهف"
ليعقب هو وهو يطالع تلك التي ارتمت على احد المقاعد و تتنفس براحة أكبر منذ خروج خالها :
- لأ يا امي متتعبيش نفسك انا و"نادين" هنفطر برة وبالمرة هروح المطعم اجيب اكل من هناك علشان بليل
أومات "ثريا "وتحركت لغرفتها بينما "نادين" أزاحت التوتر الذي سببه خالها لها جانبًا وهبت تصفق بحماس وكأنها عادت لطبيعتها لتوها :
- اكيد هنروح بالعربية الجديدة مش كده
ابتسم و وافقها ببسمة واسعة :
- ايوة يا مغلباني بس بشرط تسوقي بعقل انا مش مستغني عن عمري
هزت رأسها و هرولت تحضر سترتها بحماس ظهر جلي على قسماتها وما زادها غير فتنة بعينه وهي تسحبه للخارج بحماس طفولي وكأنها مازالت تلك الطفلة ذات الجدائل الطويلة التي عشقها منذ الوهلة الأولى.
---------------------------
أما هي فقد دخلت غرفتها بخطوات واهنة والحزن يكسو ملامحها، متأثرة بتلك الذكريات البعيدة الذي تعمد "عبد الرحيم "أن يضعها نصب عيناها من جديد لتجلس على طرف فراشها وتلتقط صورة زوجها الراحل وتعود بذاكرتها لما حدث منذ عدة سنوات مضت
فكان والد "يامن" أحد مردين المواد الغذائية التي يتعامل معهم "عادل" من اجل مطعمه وكانوا تربطهم صداقة قوية انعكست عليهم بشكل إيجابي وجعلت "ثريا" تتقرب منها ويتبادلون الزيارات والمجاملات فكانت "غالية" شخص مريح غير متكلف بالمرة
وطالما كانت البسمة لا تفارق ثغرها، وبعد وفاة زوج "ثريا" لم تتركها "غالية" قط بل تقربت منها و واستها وتوطدت علاقتهم أكثر ببعض حتى انها كانت تقص لها كل شيء حتى عن مرضها الذي اخفته عن الجميع واولهم زوجها،
حاولت "ثريا" إقناعها أن تخضع للعلاج ولكن "غالية" لم تقتنع قط وخاصةً عندما علمت ان مرضها الخبيث نسبة الشفاء منه لن تتعدى عشرون بالمائة ولذلك كانت تنتظر مصيرها المحتوم بأي وقت مما زاد حالتها النفسية سوءٍ وحين علم "عادل" بالأمر أصر على خضوعها للعلاج ولكنها تمنعت وبشدة وكان ذلك سبب خلاف دائم بينهم، حاولت "ثريا" حينها أن تخفف عنها ولا تتخلى عنها وتساندها كما فعلت هي حين وفاة زوجها ولكن "غالية" فاجأتها برغبتها حين قالت لها :
- أنا مش خايفة من الموت يا "ثريا" بالعكس انا كل يوم بستناه أنا بس اللي مخوفني هو بنتي و"عادل" هيعملوا ايه بعدي
تنهدت "ثريا "و واستها بنبرة حزينة متأثرة :
- ربنا يخليكِ ليهم يا "غالية "بعد الشر عليكِ... لو بس تسمعي الكلام وترضي تاخدي جلسات العلاج
ابتسمت "غالية" بشحوب واخبرتها بيأس :
- مش عايزة اتعذب على الفاضي و عايزة أشبع من "نادين" الكام يوم اللي فضليلي في الدنيا وافضل جنبها مش وسط المستشفيات والكيماوي والعيَنين
-مش يمكن يكون في أمل
حانت منها بسمة باهتة لابعد حد واخبرتها بيأس تمكن منها:
-ويمكن لأ...
المهم دلوقتي إني هطلب منك طلب واوعي ترديني مكسورة الخاطر
- ماعاش ولا كان اللي يكسر بخاطرك
- عايزاكِ أنتِ اللي تربي بنتي بعد موتي
ربتت "ثريا "على يدها وقالت بحسرة وبحزن حقيقي :
- بلاش سيرة الموت، محدش هيربي بنتك غيرك
نفت "غالية "برأسها وترجتها بعيون تفيض بالدمع :
- ريحيني يا "ثريا "و وافقي
تنهدت" ثريا" وتساءلت بعدم استيعاب ودمعاتها تنسل بحسرة على صديقتها:
-( لا حول ولا قوة إلا بالله) عايزاني اوافق على ايه بس؟
لترد "غالية" بإصرار وبكل رضا :
- تتجوزي "عادل"
تلك الجملة كانت كفيلة ان تزلزل كيانها وتعيدها للوقت الحالي وتجعلها تشعر بقلبها يعتصر بين ضلوعها بسبب ما حدث بعد ذلك فكم تمنت ان يكون مصيرها مختلف ولكن خانتها عزيمتها وجعلتها تكرر إنهاء حياتها بنفسها عوضًا عن انتظار الموت أن يأتيها... نفضت دمعاتها وهي تترحم عليها وتدعوا لها بالمغفرة ثم نهضت كي تستعد لكي توافي "رهف" كما وعدتها
----------------------------
جلست على طاولة الطعام بعيون ساهمة متغاضية عن ثرثرة "دعاء" التي كادت تصيبها بالضجر لولآ صوت والدها الذي أتاها نجدة لها :
- صباح الخير يا" ميرال"
نهضت وعانقته بقوة قائلة بإحتياج وبنبرة واهنة :
- وحشتني يا بابي
ربت "فاضل" على ظهرها وقال بحنو:
- ده هو يومين بس اللي غبتهم يا بنتي لحقت اوحشك
هزت رأسها بين احضانه التي هي حقًا بحاجة لها ولأحتواءه وقالت مؤكدة :
-متسافرش تاني وتسبني
اجابها والدها ببسمة حنونة :
- حاضر يا ستي مش هسافر تاني ولو سافرت هاخدك معايا طالما بوحشك
صكت "دعاء "اسنانها واعترضت:
- ايه الدلع ده! هو انت بتسافر تتفسح ولا علشان الشغل
خرجت "ميرال "من احضانه تنظر لها بإستياء لم تكترث الأخرى
وأضافت بخبث وهي تنظر له نظرات ذات مغزى يعلمه جيدًا :
- ودراستها والجامعة اللي بقالها كذا يوم مش بتروحها...المفروض انك تعارضها و تخاف على مستقبلها اكتر من كده
هز "فاضل" رأسه وأيد زوجته:
- "دعاء" عندها حق مستقبلك اهم
ليه مش بتروحي الجامعة
كم شعرت بالخذلان من حديثه التي أثبت به أن زوجته هي صاحبة السُلطة الأكبر على قراراته، مما جعلها تنظر ل "محبة" التي تقف بالزاوية تحسها أن تساندها وهي تجلس على طاولة الطعام من جديد وتتلعثم قائلة:
- كنت تعبانة شوية
ليتساءل "فاضل" بحدة :
- وليه محدش بلغني
لتلاحق "محبة" الحديث التي تابعته من بادئته وأدركت بفطنتها أن أحد الخدم يتلصص لصالح "دعاء" لذلك تعمدت اغاظتها:
- حقك علينا يا بيه أصل كنت ملخومة بيها و"دعاء" هانم من ساعة ما سافرت وهي عند ولدتها ومتعرفش حاجة
أومأ "فاضل" بتفهم بينما ظلت" دعاء" ترشق "محبة" بنظرات مغتاظة جعلت "محبة" تشعر ببعض الارتياح
وخاصةً عندما وجدت "فاضل " تجاهل حديث تلك الصفراء و وظل يربت على ظهر ابنته بحنو ويطمئن عليها في حين "ميرال" كانت تبتسم ببهوت وتخبره انها اصبحت بأفضل حال،
ولكن دائمًا تأتي الرياح بما لا تشتهيه السُفن فقد اندثرت بسمتها الباهتة و تهدجت انفاسها بذعر بَين حين رأته يقترب من جلستهم ويهدر قائلًا في عملية شديدة :
- حمد الله على سلامة حضرتك يا "فاضل" بيه
- اهلًا يا "محمد" اخبارك ايه؟
- تمام يا فندم انا جيت علشان...
قطع حديثه عندما تعلقت عينه بها يرى تلك النظرة الراجية بفيروز عيناها وكم كان يجاهد ضميره حين استأنف بعملية شديدة تحت نظرات الجميع المترقبة :
- علشان اطمن على آنسة" ميرال" واشوف إذا هتخرج النهاردة او لأ
تهللت أساريرها وهي تنظر له بامتنان حقيقي ثم هتفت وهي تلملم أشياءها :
- انا بقيت كويسة ...وهروح الجامعة
هز رأسه لها واستأذن بأدب وسبقها إلى الخارج بينما هي قبلت وِجنة "مُحبة "دون عن الجميع وهرولت تلحق به لتدعوا "مُحبة" بسرها :
- ربنا يصلح حالك ويريح بالك يا بنتي
---------------------------
- شكرًا
قالتها بإمتنان حقيقي وهي تصعد للسيارة، مما جعله يتنهد بملامح واجمة وهو يتحاشى النظر لها :
- انا متعودتش اشوف الغلط واسكت عليه والاستثناء ده مش هيتكرر تاني والمفروض انتِ اللي تعرفي مصلحة نفسك ...
اومأت له واخبرته بندم :
- انت عندك حق اوعدك مش هعمل كده تاني انا ساعات بيبقى عزيمتي ضعيفة و استسلم لكن وعد مش هأذي نفسي زي ما طلبت مني
هز رأسه بملامح مازالت واجمة وأخبرها بإقتضاب :
- تمام
ابتسمت ببهوت وقالت بِعرفان للجميل وهي تراه يشعل مقود السيارة بيده المضمدة :
- انت جدع اوي وعمر ما في حد عمل علشاني كده ابدًا وعلشان كده نفسي نبقى صحاب
نظر لها نظرة غامضة لم تستشف منها شيء ثم قال بعملية شديدة وبكامل صوته الأجش المفعم بالكبرياء وهو ينطلق بها:
- آسف مفيش حاجة في قاموسي اسمها اصحاب ... انا هنا سواق جنابك وبس واللي عملته أي راجل عنده نخوة كان مكاني كان عمل زيه واكتر منه كمان
احتل الحزن عيناها وتراجعت للخلف تحتضن حقيبتها إلى صدرها وكأنها تستمد منها القوة، فكم طعنها قوله وأكد لها أنها سيئة ومرفوضة و الجميع ينفر منها ويتخلى عنها
بينما هو لعن نفسه ربما للمرة الألف بعد المائة انه احرجها ولكن هو لا يريد أن يقحم نفسه بها أكثر ويتوهم بشيء يستحيل حدوثه، فهو يعلم ذاته تمام المعرفة ويعلم أن ليس باليسير ابدًا ان تتمكن أنثى أن تزعزع ثباته وتجعله يخالف ضميره لأول مرة بحياته من أجلها
---------------------------
كم كانت تود أن تحلق بالسماء من شدة سعادتها عندما اخبرها الطبيب بذلك الخبر السار، وكم شعرت بالامتنان لتلك السيدة الحنون التي شاركتها فرحتها وسعادتها واهدتها الكثير من النصائح بشأن سلامتها قبل ان توصلها وتغادر لمنزلها وها هي تجلس بأنتظاره تهيأ له الأجواء كي تخبره متغاضية عن كل ما حدث وهي تظن أنه باعتذاره منها بلأمس سيعود لسابق عهده.
وعندما اتى استقبلته بلهفة كعادتها وانتظرت ان يستفسر منها عن زيارتها للطبيب ولكنه لم يكلف ذاته حتى بمكالمة هاتفية او حتى سؤالها عند وصوله مما جعلها تشعر بالضيق من عدم اكتراثه، وظلت تنظر له نظرات معاتبة وهو يجلس بجوارها على الاريكة بردهة منزلها ويسلط كافة تركيزه على هاتفه مما جعلها تتنهد بصوت مسموع لفت انتباهه وجعله يتساءل ببرود:
- مالك يا"رهف" مش على بعضك ليه ؟؟
رفعت نظراتها له واخبرته بعتاب وهي تزيح الهاتف من يده لتستحوذ على انتباهه:
- أنت ليه مكلمتنيش النهاردة في التليفون؟
مط فمه ورد بلامبالاه:
- عادي يعني مجاش في بالي
ابتلعت غصة مريرة بحلقها وأضافت بنبرة متخاذلة:
- بس انا قولتلك إني رايحة للدكتور الصبح
أغمض عينه بقوة وبرر بذلك السبب الواهي الذي لا يكف عن ذكره:
- اه نسيت معلش كان عندي اجتماع طويل وكنت مشغول
تعلقت رماديتاها الضائعة به تود لو تجد الصدق بعينه ولكن لم تجد شيء يقنعها بحجته فمنذ كذبته السابقة وهي اصبحت تشكك بكل كلمة تصدر منه، نفضت افكارها سريعًا وارغمت ذاتها على التصديق حتى لا تفسد سعادتها، ولكنه لم يكتفي بذلك الصراع اللعين الذي يضعها به بل زادها عليها بقوله باستخفاف:
- قالك ايه اكيد مش حاجة خطيرة يعني اكيد قالك انك مهملة في اكلك وكتبلك على شوية فيتامين مش اكتر
ارتفع جانب فمها ببسمة متخاذلة وردت مستنكرة :
-لأ يا" حسن" اطمن مش حاجة خطيرة
هو فعلًا كتبلي على فيتامينات بس مش علشان انا مهملة في اكلي علشان حاجة تانية
تأفف هو بسأم وهدر بنفاذ صبر :
- أففففف، ماتتكلمي علطول من غير لف ولا دوران انا اتخنقت من الملل بتاعك ده
غامت عيناها من عصبيته الغير مبررة وقالت ببسمة باهتة وبنبرة تلاشت منها سعادتها بفضله وبفضل نظراته القاسية المترقبة :
- انا حامل يا "حسن" ...
أبتلع ريقه بحلق جاف ثم تسأل بنظرات مهتزة :
- أنتِ متأكدة!
أكدت ببسمة باهتة :
- ايوة يا "حسن" الدكتور أكدلي وحتى ماما "ثريا" كانت معايا
- كويس
قالها وهو ينهض يوليها ظهره بنبرة مقتضبة وبملامح واجمة ؤدت سعادتها على الأخير وجعلتها تتساءل بترقب:
- أيه اللي كويس .....أنت مش مبسوط إني حامل
مرر يده بخصلاته الفحمية وأخبرها بعتاب وهو يتناول علبة سجائره ويشعل واحدة وينفث دخانها بقوة:
- أنتِ ليه مخدتيش رأي قبلها
أجابته بصدق :
- أنا مكنتش مخططة لده بس أنت عارف إني ساعات بنسى أخد الحبوب
حانت منه بسمة ساخرة وصرخ بِسخط:
- علشان انتِ مستهترة يا هانم انا زهقت منك...على العموم اللي حصل ...حصل
أدعت هي الثبات وقالت بنبرة صامدة بالكاد خرجت منها :
- انا مش مستهترة وبعدين دي ارادة ربنا وحرام نعترض عليها
تأفأف هو هدر بغيظ وهو يلوح بيده :
- أنا مش معترض و مش هقدر اغير مشيئته
قبضت على قميصه القطني من الخلف وقالت بنبرة راجية متأملة:
- أنا مبسوطة يا "حسن "بلاش تكسر فرحتي انا نفسي يبقى عندي ولاد كتير منك ونفسي كلهم يطلعوا شبهك، نفسي يبقى ليا عزوة و انا وانت نربيهم سوا ويبقوا أحسن ناس في الدنيا
زفر أنفاسه دفعة واحدة ورد عليها بنبرة جامدة خالية من أي مشاعر وهو يطفئ سيجارته في المنفضة أعلى الطاولة :
- تمام يا "رهف" ......مبروك
لم يمنحها فرصة حتى للرد بل تفوه بتلك الكلمات الجافة وغادر من أمامها إلى غرفة النوم تاركها تنهار على أقرب مقعد، تنزع عنها قناع التماسك والصلابة التي تدعيها دائمًا وتشهق بحرقة جثت على صدرها و تنفجر باكية بدمعات حارقة متألمة تنعي فرحتها التي وئدها هو ببراعة، فنعم يوجد كثيرون مثلها يتوقعون الكثير ولا ينالون إلا الخذلان ومع ذلك يصمدون كي يحيوا بسلام في حين أن دواخلهم أرق من ورقة شجر ذابلة في خريف رجل لم يقدر قط، ولكن ياترى الى متى؟!
-------------------------
داخل الحرم الجامعي وخاصًة بالكافتيريا جلست هي وحيدة شاردة بعد انتهاء محاضراتها تسترجع حديثه الذي مازال يتردد برأسها بلا انقطاع فكم شعرت بالخزي من نفسها وم فعلتها، تقسم انها تجاهد كي لا تستسلم للأمر لكن دون جدوى تجد ذاتها مسلوبة الارادة نحو تلك الحبوب التي تجعل طنين رأسها يهدأ وحقًا حينها كانت بأشد الحاجة لها ولذلك لم تفكر في عقبات الأمر، ورغم انه احرجها بمنطقه الغريب ذلك التي بالكاد تتفهمه إلا أنه جعلها تشعر نحوه شعور غريب لم تستطيع تفسيره قط.
( انا هنا سواق جنابك وبس واللي عملته أي راجل عنده نخوة كان مكاني كان عمل زيه واكتر منه كمان)
شعرت بالضيق عندما تكررت جملته مرة أخرى داخل رأسها مما جعلها تتساءل هل حقًا حديثه صادق هل أي رجل غيره كان سيفعل ما فعله لا تظن ذلك فهي تعرفت على الكثير و لم يفعل أحد من أجلها شيء يذكر أو حتى قام بنصحها كما فعل هو لتحين منها بسمة ساخرة متألمة وتبرر لذاتها ربما العطب بهم و لم يصح اطلاق عليهم لقب رجال من بادئة الأمر
أما على الجانب الآخر كان يحاول مرارًا وتكرارً ان يتواصل معها ولكن دون جدوى تتجاهل كافة اتصالاته مما جعله يزفر انفاسه بِغيظ شديد ويدس هاتفه بجيبه و يتوجه للكافيتريا وعندها لمح "ميرال" تجلس منفردة بذاتها تأرجح كوبها بين اناملها وساهمة في نقطة وهمية في الفراغ لا يعلم لمَ وجد ذاته يقترب منها فربما شيء من بقايا ضميره هو من ساقه لها ليقول بنبرة ماكرة وهو يجلس بجانبها :
- ازيك يا"ميرال"
نظرت له نظرة جانبية ثم أجابته بإقتضاب :
- كويسة
نظر لها نظرة متفحصة يرى كيف تبدل حالها وذبل جمالها واصبحت صورة شاحبة بلا روح لتلك التي كانت مفعمة بالطاقة والنشاط ليتسأل :
- مش باين انك كويسة...... ؟
حانت منها بسمة هازئة من سؤاله وكأنه يهتم وتسألت بضعف :
-أيه صعبانة عليك بعد ما سبتني ؟؟
زاغت سوداويتاه وأخبرها بظنه العقيم نحوها الذي هيأه له شيطانه حينها وجعله مبرر قوي لتركها :
- مش عايز اتكلم في اللي فات انا معتقدش إني فرقت معاكِ وأكيد مش هتغلبي وهشوفي غيري
غامت عيناها وشعرت بوخزة بقلبها من إهانته ولكنها لملمت شتات نفسها قائلة كي تحافظ على بقايا كبريائها :
- أنت فعلًا مفرقتش ويمكن "منه" عندها حق أنت مجرد وهم وانا كان نفسي اصدقه لتغتصب بسمة ثغرها وتستأنف :
- وانت عندك حق هشوف غيرك بس المرة دي هحاول اختار صح وعمري ما هفكر ارجع لواحد زيك
احتدت نظراته وهدر منفعل وهو يقبض على يدها بقوة آلمتها :
- اللي زي ده كنتِ هتموتي وترجعيله ولا نسيتي ......وعلى فكرة بقى انا اللي ميشرفنيش حتى يتقال إني كنت على علاقة بيكِ .......انا معايا اللي أحسن منك وبحبها وقريب اوي هرتبط بيها
استفزها حديثه للغاية مما جعلها تنهض تنفض يده و تثور بغضب وهي تلوح بوجهه بطريقة لفتت كافة الأنظار لهم وجعلت الهمهمات تتعالى حولهم :
- طالما بتحبها جاي تسأل عليا ليه .........عايز مني ايه ؟
احتدت سوداويتاه وزمجر غاضبًا :
= اهدي على نفسك انا غلطان إن واحدة زيك صعبت عليا و كُنت بحاول أواسيكِ
حانت منها بسمة هازئة وقالت وفيروز عيناها يطلق شرار لا مثيل لها :
- شكرًا اوي وفر مواساتك لنفسك لما اللي انت فاكرها احسن مني تسيبك وتديك اكبر مقلب في حياتك .......لتميل على أذنه قائلة كي تشتت عقله وتضغط على كبرياءه ك :
- فُوق ....قبل فوات الآوان ..."نادين" مصيرها، وحياتها مربوطة بغيرك وعمرها ما هتضحي بكل حاجة علشان تبقى معاك واكيد هتسيبك
أغمض عينه بقوة يحاول ان يتمالك زمام نفسه بعد حديثها وهو يستغرب كيف علمت بأمر "نادين" مما جعلها تلاحظ تشتته و تبتسم بتشفي وتغادر بخطواتٍ ثابتة تخالف ما تشعر به إلى الخارج، بينما هو أحتل الغضب عينه وظل يضغط على قبضة يده بعصبية مفرطة وهو يلعنها ويلعن تلك الشكوك التي أثارتها بعقله
اقترب "فايز " احد رفاقه المقربين وكاتم أسراره ما ان وصل لتوه ولاحظ الحالة التي هو عليها :
- في ايه مالك .......؟
نظر لصديقه ثم هدر بغضب شديد والشكوك تتأكل عقله :
-بنت ال... دي حلال فيها الفضيحة فورت دمي
تنهد صديقه وهو يجلس بجواره وأخبره بسأم :
- تاني مش خلصنا بقى من حكايتها وشبكت مع اللي انت عايزها
- ما هو ده اللي مخليها هتتجن إني مع "نادين" وقال ايه عاملة قلبها عليا وبتنصحني وبتقولي هتسيبك
ليقول صديقه بإستغراب:
- بصراحة مش قادر استوعب ازاي كانوا أصحاب وبيحقدوا على بعض كده
قال "طارق" بعد أن أزاح كوبها التي تركته بغيظ:
-محدش يعرف السبب بس كان لازم أعمل نفسي مصدق اللي اتقال عليها علشان اخلع بشياكة و أبقى مع "نادين"
ليجيبه صديقه بِجدية :
- أنا معاك أن "نادين" تستاهل بس يمكن "ميرال " عندها حق متنساش أنهم كانوا اصحاب وهي تعرفها اكتر منك .......وبعدين انا لغاية دلوقتي مش عارف انت ازاي قابل على نفسك الوضع ده .....يا ابني اللي تبقى مع راجل وتصاحب عليه واحد تاني دي تبقى مش تمام وتتوقع منها أي حاجة
زفر" طارق "بحنق وكأن حديثه صديقه يرفض ان يخترق عقله وقال بإقتناع تام:
- هي مغصوبة عليه ومش بتحبه وبعدين هي عجباني اوي وهموت عليها
لتحتد سوداويتاه ويضيف بتوعد قاتل عندما تذكر تجاهلها له:
-متقلقش انا هعرف أخليها زي الخاتم في صباعي...
------------------------------
بارت طويل زي ما طلبتوا مني بتمنى متابعوش بصمت وتثبتوا وجودكم بالڤوت❤❤
♥🌺🌺روايه خطايا بريئه🌺🌺
بقلم الكاتبه ♥ ريم كريم ♥
ألفصل العاشر
أعلمُ أني لن أكونَ قويةً على امتدادِ الطريق، لذلكَ أريدكَ أن تأخذَ بيدي وتردني إلى الصواب، أرجوك، كُن معي لنمضي معاً إلى آخر المشوار .
خولة حمدي
(في قلبي أنثى عبرية)
---------------------
توجهت بخطوات مهزوزة نحو السيارة وهي تدعوا الله ان لا يتلاشى ثباتها وتنهار قبل وصولها، لمحها من بعيد ليشعل المقود تمهيدًا للانطلاق عندما تصعد، وحين فعلت نظر لها عبر مرآته الأمامية نظرة خاطفة كانت كفيلة أن يلحظ شحوبها ورجفتها المسيطرة عليها وانكماشها، ورغم أن هيئتها محزنة للغاية إلا انه ازاح افكاره وذلك الفضول اللعين بعيدًا فهو قد حسم أمره وقرر أن لا يقحم ذاته بها أكثر هو فقط سائق لديها ويؤدي عمله ليس أكثر، بينما هي كان الكثير من الضجيج برأسها فهنا أبيها الذي خذلها في الصباح أثر نظرة واحدة متسلطة من زوجته، وهنا اصدقائها الذين يتهامسون عليها، وهناك في زاوية بعيدة مظلمة يظهر هو يخبرها بكل فخر أنه فضل آخرى عليها أما الصوت الطاغي داخل رأسها هو صوت الإحتياج فماذا كانت تنتظر من كل هؤلاء غير الخذلان إذا كان والدتها التي أتت بها لتلك الحياة قد خذلتها وتخلت عنها، وعند تلك الفكرة وجدت ذاتها تجهش بالبكاء وتضع كفوفها على رأسها وتضرب عليها عدة ضربات متلاحقة وكأنها تود كبح ذلك الضجيج الذي يجعلها تفقد السيطرة دائمًا وتخور ارادتها
اوقف هو السيارة بِجانب الطريق والتفت لها متسائل بإسترابة:
- آنسة "ميرال" مالك ...اهدي
نفت برأسها بطريقة هستيرية وزاد نحيبها وهي مازالت تضرب على رأسها مما جعله ينحني بِجزعه من جلسته ويجذب يدها كي تكف عن ما تفعله:
-اهدي ...هتأذي نفسك
تلوت من قبضته و صرخت بانهيار وكأنها مغيبة تخاطب تلك الأصوات برأسها:
- كفاااااااااااية اسكتواااااااااا...تعبت ... تعبت
كان هجومها شرس لم يتملك السيطرة عليها من موقعه وخاصةً أنها ظلت تدفع يده التي تحاول منعها بقوة اشعرته بوخز قوي بجرح يده مما جعله يصيح بكامل صوته الأجش:
-أهدي ... بقولك هتأذي نفسك رفق قوله بهرولته خارج السيارة وفتحه لبابها ثم أنحني بجزعه كي يصل لها ثم استطاع بجدارة ان يتفادى دفاعها ويقبض على رسغيها بين قبضته وهدر بنبرة صارمة نفضتها واعادتها شيء من وعيها:
- استهدي بالله كده، واهدي
لثوانً معدودة حاولت ان تتحكم بوتيرة أنفاسها وهي تطالع تلك النظرة الصارمة بعينه وقبضة يده التي تعتصر رسغها ثم اومأت له كي تسايره و قالت بنبرة مهزوزة بعدما ركزت نظراتها على حقيبتها بِجوارها:
-ههدى بس عايزة ميا ...هاتلي ميا، او عصير أي حاجة
التقط نظراتها واستنبط ما تود فعله، ولذلك هز رأسه ليسايرها وترك رسغيها ثم انسحب من أمامها تارك بابها دون ان يغلقه بينما هي حتى لم تمهل ذاتها فرصة لكي تتأكد من ابتعاده واخذت تبحث بحقيبتها ولكن مع تلف أعصابها صرخت بنفاذ صبر وفضت محتوياتها كاملة على المقعد بعشوائية عارمة حتى أن ما تبحث عنه سقط بجانب قدمها بأرضية السيارة وحين همت بأن تلتقطه كانت يده القوية تسبقها إليه ونظراته المتخاذلة تكاد تحرقها بموضعها مما جعلها تصرخ بإحتجاج وبأعصاب تالفة:
- هات الحبوب
نفى برأسه وهو يطالعها شذرًا بعدما تيقن أن ما بيده هو سبب نكبتها
ليحتل الغضب قسمات وجهه ويهدر من بين أسنانه:
- هي دي اللي بتعمل فيكِ كده؟
لتصرخ به بإنفعال شديد :
- ملكش دعوة، وهات الحبوب
استفزه قولها ليصرخ بوجهها:
- بس انتِ وعدتيني مش هتأذي نفسك
نفت برأسها بهستيرية وصاحت مستنكرة بيأس وبعزيمة انعدمت لديها وهي تحاول أن تجذب يده لتستحوذ على ما بها:
-محدش قالك صدقني، حياتي وانا حرة فيها ولو عايز تقول ل بابي قوله بس اديني الحبوب
- لأ ... مش هسيبك تضيعي نفسك وتحزني اهلك عليكِ
قالها بإصرار عجيب وهو يعتدل بجسده خارج السيارة ويفض ما بيده على الأرض ثم دهسها تحت قدمه حتى أصبحت هي وتراب الطريق سيان، مما جعلها تشهق من جديد بخيبة أمل وتنزل من السيارة خارة على ركبتيها تتطلع تحت قدميه باكية وتستفيض بنبرة واهنة متألمة زلزلت قاع قلبه ككل مرة:
- حرام عليك ... دي هي الحاجة الوحيدة اللي بتخليني مشغلش عقلي ...الحاجة الوحيدة اللي بتخليني مفتكرش أنها سابتني واتخلت عني ...بتخلينى انسى انشغال ابويا وتحكمات مراته فيه ...لتشهق بحرقة جثت على صدرها وتستأنف من بين عبراتها الحارقة:
- بتخليني انسى كل الكلام اللي اصحابي بيقوله ... بتخليني انسى أني وِحشة و عمر ما حد حبني ولا اتمسك بيا... ليه عملت كده ....ليه حرام عليك؟؟
كان يستمع لها ومع كل كلمة يشعر ان قلبه ينتفض بين أضلعه حزنًا عليها وتأثرًا بانهيارها حتى انه غامت عيناه وانخفض لمستواها قائلًا بنبرة متعاطفة وهو يحاوط ذراعيها ببعض التحفظ:
- أنتِ مش وِحشة ومحدش معصوم من الغلط، ومش معنى ان كل اللي حواليكِ خذلوكي و مقدروش قيمتك يبقى تفرطي فيها وتعلقي أخطائك على شماعتهم، افتكري ان في ربنا قادر يعوضك بالأحسن، بلاش تيأسي وتستسلمي للقرف ده، قاومي مش علشان حد، علشان نفسك أنتِ
رفعت فيروزتاها الباكية له بِضياع تحاول أن تستوعب حديثه التي شعرت انه خاطب نقطة كامنة بعقلها،
لتتحجج بنظرات زائغة وهي تضرب كفوفها على الأرض الترابية بيأس:
-حاولت كتير وفشلت
ليجيبها بإصرار وبنبرة واثقة كي يبث بها بعض التفاؤل المنعدم لديها:
-كلنا بنفشل بس بعد كل مرة لازم يبقى عندنا اسباب مش أعذار، الفشل بيبقى فرصة تانية علشان نبدا من جديد بس بعزيمة اقوى
لتهمس هي بقلة حيلة وبإحتياج لا مثيل له:
- بس انا تعبت ومش عارفة أكمل لوحدي
أبتلع غصة بحلقه و وجد ذاته يصرح ضارب بقاموسه وتعقله عرض الحائط:
-انا معاكِ
صمتت لوهلة تسترد أنفاسها واستكانت تكفكف دمعاتها قائلة بعدم استيعاب:
-أنت
-صحاب زي ما طلبتي مني ...
ليحمحم بحرج ويستأنف وهو يمسد جبهته بإبهامه وسبابته:
-واضح أن شغلي معاكِ هيقلب كل الموازين
لاحت بسمة باهتة على ثغرها بعدما لامس حديثه بطريقة ما اوتار قلبها، ليبتسم هو أيضًا ويحثها بعينه أن تنهض معه وبالفعل انصاعت له ليجلسها على طرف المقعد الخلفي ولكن ظلت قدميها على الأرض ليجلس القرفصاء أمامها ويقول بنبرة هادئة يحاول بث السَكينة بها:
-استهدي بالله كده...وحاولي تتنفسي وإن شاء الله هتبقي أحسن وكله هيبقى زي الفل
تعلقت عيناها الباكية به تود حقًا ان تصدق أن كل شيء سيكون أفضل، ليطمئنها هو بعينه ويطلب منها متوجسًا:
-هجبلك ميا متتحركيش من مكانك
هزت رأسها بضعف وتتبعته بعيناها وهو يركض للمحل القريب يجلبها منه ثم بلمح البصر عاد لها و حثها أن تتناول القليل منها لكي تهدأ ولكن هي رفعت يدها المرتجفة تلتقطها منه ولكنها تراجعت
عندما وجدتها متسخة أثر تراب الأرض التي كانت تفترشها منذ قليل
ليتفهم هو ويهم بفتح الزجاجة ويقوم بجذب يدها و فركها برفق بين يده أثناء سكبه للمياه عليها وإن انتهى وجد ذاته دون وعي او ذرة تفكير وكأنه يتعامل مع ابنة شقيقته حين تبكي ويريد ان يراضيها فقد قام بإزاحة خصلاتها المتهدلة على وجهها بفوضوية يضعها خلف أذنها بحرص شديد كي يفسح المجال ليده التي سكب عليها القليل ايضًا ان تمر على وجهها الملطخ بالدموع مرة وراء مرة ثم مد يده لها بعلبة المحارم الورقية، ولكنها لم تنتبه فكانت تنظر له بضياع و شدوه تام مما يفعله حتى انها لم تعترض بل كانت مأخوذة بكل رد فعل يصدر منه تجاهها ورغم أن نظراته وحتى صوته الأجش يبدو صارم وجاد للغاية إلا أنه مغلف بالاهتمام الذي تفتقده بشدة
أما هو لا يعلم ما أصابه وجعله يضرب بكل قراراته السابقة عرض الحائط، ربما كونها استرسلت معه بالحديث وشعر بمعاناتها وصدق حديثها، وعندما ألتقط نظراتها الضائعة وجد ذاته يهيم بها وكأنه مغيب وسلبت منه كافة إرادته وشيء ما هناك بخافقه يخبره أن لا مفر من التورط بها، قطع ذلك التواصل البصري الذي يشتته لحد كبير و
تحمحم يجلي صوته كي يصدر لين بعض الشيء وهو يزيح بنظراته بعيدًا عنها:
-بقيتي احسن
حركت رأسها بضعف وتناولت المحارم من يده ببسمة باهتة بعدما استعادت ثباتها بعض الشيء ثم همست:
-عايزة اروح بعد أذنك
أومأ لها ونهض من جلسته بينما هي عدلت وضعية جلستها داخل السيارة واغلقت بابها ثم تكورت على ذاتها واغمضت عيناها كي تحفز ذاتها وتتغاضى عن إلحاح عقلها
إما هو انحنى يلتقط شيء ما من الأرض ودسه بجيبه خِفية ثم جلس بموقعه خلف المقود وقبل أن يشرع بالقيادة كان ينظر من مرآته الأمامية وهو يلعن ذلك الشعور الغريب الذي يداهمه نحوها
--------------------------
كان في قمة سعادته وهو برفقتها ويرى حماسها وذلك الجانب الطفولي منها أثناء قيادة السيارة، حتى انها على غير عادتها ألتزمت بكافة تعليماته بشأن توخي الحذر من الطريق و كانت مُطيعة، تستمع له دون اعتراض أو مجادلة وكم يعشق طاعتها وتلك البسمة الآسرة التي تزين ثغرها لتوها وهي تجلس بِجانبه وتبادله النظرات من حين لآخر بطريقة غريبة لأول مرة تصدر منها ورغم غرابتها شعر ببصيص أمل يتسربل لداخله من تجاهها ولذلك كان ممتن لوالدته ولتلك النصيحة الغالية منها التي أتت نفع مع متمردتته، بعد انتهائهم من تناول الطعام داخل المطعم الصغير الذي يملكه، تنهد في عمق وسألها ببسمة هادئة وهو يشرأب برأسه باهتمام:
-الاكل عجبك؟
هزت رأسها وأجابت ببسمتها الآسرة التي تعبث بثباته:
-جدًا...طعمه يجنن وكمان تناسق الطبق وطريقة تقديمه حلو يظهر أن الشيف ده متمكن وعنده خبرة كفاية
أبتسم وشرد لوهلة ببسمتها تلك ثم أخبرها بعفوية شديدة كأنهم زوجين حقًا ويشاركها تفاصيل يومه:
-دي بنت جديدة بقالها كام يوم بس في الشغل وبصراحة فاجأتني رغم انها مشتغلتش في حتة قبل كده
وأدت بسمتها تدريجيًا وهدرت بعدم رضا:
- ازاي يعني مشتغلتش في حتة قبل كده انت أزاي بتجازف كده بسمعة مطعمك وتشغل اي حد معندوش خبرة
تنهد من جديد وبرر لها:
-البنت كويسة وانتِ شهدتلها بده وهي كانت محتاجة شغل وانا متعودتش أرد حد محتاج مساعدة
- كنت ممكن تساعدها بطريقة تانية غير انك تجازف
قالتها وهي تقلب عيناها وتستند أكثر على ظهر مقعدها تطالع محيط المكان الخالي من الزبائن ولم يشغره غيرهم ليلفت نظرها تقدم امرأة ممشوقة القوام ذات ملامح هادئة وحجاب يزين رأسها وترتدي مريول مطبخ نقش عليه أسم مطعمه لتتقين أنها هي التي يعنيها فنظراتها نحوه تدل على امتنان عظيم، ولكن ليس ذلك الغريب بالأمر بل عندما وجدته يتتبعها بنظرات هادئة مُرحبة وقوله ما أن وقفت أمامه وحيتهم بمجاملة:
-اهلًا يا "رقية"أخبارك إيه؟
أجابته "رقية" بإمتنان:
- تمام يا "يامن" بيه مش ناقصني حاجة والبركة في ربنا ثم حضرتك طبعًا
أومأ لها دون أي تكلف وتساءل بعملية:
- طيب الحمد لله... قوليلي بقى اخبار الأوردر بتاعنا اللي هيروح البيت أيه؟
ابتسمت واجابته:
- جاهز يا فندم زي ما أمرت وأنا اللي نفذته بنفسي، وبصراحة ممنونة لثقة حضرتك واتمنى الأكل يعجب مدام "ثريا"
تنهد وأضاف ببسمته البشوشة بكل عفوية:
-لا متقلقيش هيعجبها، انا واثق من ده علشان عجب "نادين"
تناوبت "رقية "النظرات بينهم ببسمة ممتنة استقبلتها "نادين" بأخرى متعالية وتلاها قولها بعجرفة دون أي لباقة:
-اه فعلًا، بس ده ميمنعش انه مفهوش أي شيء مبتكر يستاهل المدح الزايد بتاعك
قالتها وهي تشملها من اخمص قدمها حتى أعلى رأسها بطريقة لم تعجب "يامن" قط، وجعلته ينظر لها نظرة صارمة تعرف المغزى منها حين قال رأيه بصدق كي يلاحق الموقف:
-ويمكن ده سر حلاوته وسبب ثقتي انه هيعجب امي علشان يشبه أكلها
كانت "رقية "مستاءة من نظرات "نادين" لها ومن عجرفتها معها وكادت أن ترد رد يليق بها ولكن وجدته يتحدث بالنيابة عنها لتعلق عيناها به بامتنان، فرغم منصبه وسُلطته على العاملين داخل مطعمه إلا انه متواضع غير متكلف، ومراعي للجميع ليس معها فقط
أما عن متمردته فقد اعتلى حاجبيها المنمقين من طريقة حديثه ومن تلك النظرات اللعينة التي تشمله بها الأخرى، و لا تعلم لمَ شعرت أن نيران تتآكل أحشائها وإن كادت تثور عليه كعادتها كان يخرسها بإرساله لها نظرة صارمة تعرف هي المغزى منها ولذلك تمالكت زمام نفسها وزفرت انفاسها دفعة واحدة بغيظ وازاحت رأسها بعيدًا عنه، بينما هو مسد ذقنه يحاول تهدأت ذاته و استرسل بعملية شديدة وهو يوجه حديثه ل "رقية" التي لاحظت ما يحدث وأطرقت رأسها احترامًا لرب عملها:
- تمام، شكرًا ليكِ يا "رقية" ومتزعليش "نادين" خانها التعبير مش اكتر...
اومأت "رقية" وقالت بعزة نفس قبل أن تنصاع له وتنصرف:
-ولا يهم حضرتك، انا مزعلتش ده رأي آنسة "نادين" حفزني اكتر إني اطور من نفسي و اوعد حضرتك إني هجتهد و اشتغل على نفسي، عن اذنكم
وإن غادرت هدر هو منفعل بنبرة صارمة لا تعرف الحياد وهو يشدد على قبضة يده بعصبية:
-ليه اتعمدتي تحرجيها؟؟
ردت عليه بغيظ شديد وهي تلوح بيدها:
-انت محموق ليها ليه كده وبأي حق تبرر وتحرجني قدمها
جز على نواجذه وهدر بحدة وهو يضرب بقبضته على الطاولة:
-علشان محدش مجبر يتحمل طريقتك المستفزة دي، كان ممكن تقولي كلمتين تجبري بيهم خاطرها وتراعي بيهم مشاعرها لكن أنتِ دايمًا مبتفكريش غير في نفسك وبس
قلبت عيناها بغيظ وهاجمته بعصبية شديدة:
- طريقتي مش مستفزة انت اللي طريقتك غريبة مع كل اللي شغالين عندك وبتخليهم يتعدوا حدودهم وكمان بتتساهل معاهم
زفر انفاسه دفعة واحدة وهدر بجدية شديدة وبثقة وقناعة خاصة لطالما تريد أن تزعزعها به:
-انا مش مُتساهل بس يمكن اكون رحيم علشان ربنا هيحاسبني ومسمهاش شغالين عندك اسمها شغلين معايا لأن من غيرهم مكنش زماني عملت حاجة لوحدي، واظن متاكدة ان الشغل كله ماشي زي الساعة
نظرت لمحيطهم الفارغ وصدر صوت متهكم من فمها وقالت بنفس تمردها وعنادها الذي دفعها ان تضايقه عن عمد كيفما يفعل معها:
-أنت سياستك غلط ومش مقتنعة بيها وبكرة اثبتلك إني اقدر اعمل اللي انت مش عارف تعمله لما أملاكي ترجعلي قريب اوي
لم يروقه حديثها بالمرة فهي تتعمد ان تقلل منه ومن مجهوداته في كل شيء حتى مشاعره تتجاهلها فحتى انها لم تلحظ أنه بكل مرة يأتي بها إلى هنا يوقف العمل ويخلي المكان من أجل أن تكون رؤياها شيء حصري له ويتمتع بقربها منه بعيدًا عن أي ضجيج يعكر صفو لحظاته معها منفردًا، ولكن الأنكى من كل ذلك أنه يحترم رغبتها ولا يريد فرض مشاعره عليها ولكنها تتعمد ان تخرجه عن طوره وتذكره مرارًا وتكرارً بذلك الاتفاق اللعين والقرار المنتظر منها الذي كلما اقترب موعده تتعمد أن ترهبه وكأنها تعلم ان روحه ستغادر جسده حينها، ولذلك وجد نفسه يصرح لها بعزة نفس دون تردد بنبرة جادة للغاية تضاهي بجديتها وواقعيتها أفكاره الحالية:
-صدقيني انا مستني اليوم ده بفارغ الصبر ويمكن اكتر منك، بس الفرق اللي بيني وبينك أني عمري ما فكرت اقلل منك ولااقتل طموحك علشان عارف انك عنيدة وهتتحققي كل اللي بتتمنيه، و وقتها... ليبتلع غصة في حلقه ويقول بمحايدة تنافي إرادة قلبه الثائر بين أضلعه:
- هبقى فخور بيكِ وبنجاحك حتى لو مبقناش مع بعض
لاتعلم حين تفوه بتلك الجملة الأخيرة شعرت بتلك النبضة العاصية تعلن عن صخبها من جديد ولكن الأن بشكل مقبض للغاية جعلها تنظر له بنظرة هي ذاتها لاتعلم المغزى منها، بينما هو تهجمت معالم وجهه للغاية بعدما وئدت سعادته كعادتها وهدر بنبرة آمرة وهو يهب واقفًا:
- لازم نرجع البيت قبل خالك أنا هجيب حاجة من المكتب واحصلك على العربية
هزت رأسها وحين تحرك من أمامها ظلت تمرر يدها بخصلاتها القصيرة وهي تلعن ذلك الشعور الذي بدأ يحتلها
---------------------------
أما هي كانت تحضر الطعام بآلية شديدة، دون أي حماس كالسابق فبعد ان وأد فرحتها بالأمس لم تكف عن التفكير بردة فعله وهجومه وتحامله عليها وكأنها مذنبة وأرتكبت خطيئة فادحة بحملها منه، تنهدت بعمق وتسألت بداخل عقلها لمَ يا ترى لم يهتم ولا يشغل تفكيره قط بها في حين هو وأطفاله شغلها الشاغل بتلك الحياة، و كيف استطاع أن يتركها للآن دون حتى ان يكلف خاطره ويعتذر منها او حتى يطيب خاطرها فمنذ علمه بخبر حملها بالأمس وهو ينفرد بذاته بغرفة مكتبه ولم يتفوه معها ببنت شفة، ،تقسم انها تكاد تجن من تصرفاته ولكن كيف الخلاص من لين قلبها
وعند تلك الفكرة تعالى رنين هاتفها لتتناوله وتجيب برتابة دون أن تلقى بال أن تطلع على رقم المتصل:
-الو
اتاها صوت أنثوي من الطرف الأخر:
- "رهف" وحشيني اوي
تهللت أساريرها و هتفت بسعادة تخالف حالتها السابقة بعدما تيقنت أنه صوت ابنة عمها الراحل التي تربت ببيته:
-"سعاد" انتِ كمان وحشتيني
لتعاتبها "سعاد" من الجانب الأخر:
-لو كنت وحشتك كنتِ كلمتيني ده انا اللي كل مرة بكلمك
تنهدت في ضيق فهي تعلم كونها مقصرة للغاية بالسؤال ولكن ماذا تفعل وزوجها واطفالها اصبحوا شغلها الشاغل واصبحت تكرث حياتها لهم بكل طواعية:
- حقك عليا والله الولاد و"حسن" واخدين عقلي ومخلينى مش مركزة في حاجة ابدًا
- ولايهمك على العموم انا في مصر نزلت اجازة انا و الولاد وهنشبع من بعض
أبتسمت بإتساع وهللت بسعادة:
- بجد فرحت اوي انا بجد مفتقداكِ جدًا يا "سعاد" والأجازة دي جات في وقتها هو انتِ في البيت القديم
- اه هناك هستناكِ انتِ والولاد
- تمام هقول ل "حسن" وهاجي على طول
اغلقت معها وهي تشعر بسعادة عارمة فطالما كانت "سعاد" أبنة عمها أقرب شخص لها قبل مغادرتها للبلاد، وكم هي سعيدة الأن بعودتها حتى انها شعرت بالحماس من جديد وانهت إعداد الطعام في وقت قياسي وعندما ترجته ان يذهب معها، رفض بشدة وثار غضبه عليها، متحجج أن أمرهام بالعمل يشغل تفكيره ويود اتخاذ قرار متأني به، ولذلك اضطرت ان تذهب وتصطحب أطفالها معها غافلة ان القرار المنتظر ذلك سيقلب كافة موازين حياتها، ولكن دعونا نتأمل انها ستصبح في نصابها الصحيح
------------------------
عادت للمنزل ولكن وهي ساهمة لم تتفوه بشيء طوال طريق فبعد الحديث الذي دار بينهم لا تعرف ما اصابها ولمَ شعرت بتلك الوخزة الغريبة بقلبها كل ماتعلمه أنها ستموت قهرًا إن كان ما تشعر به بِمحله، قطع شرودها صوت "عبد الرحيم" قائلًا أثناء جلوسهم أربعتهم يتناولون الطعام:
- نفَسك في الوكل زين يا بت "غالية"
ابتسمت بسمة مجاملة وركزت نظراتها بداخل صحنها دون أن تعقب، ليتناوب "عبد الرحيم" النظرات بينهم و يتسأل بمكر وهو يلوك ما بفمه:
- واه كنكم واكلين بَلم إِياك ...اوعاك تكون مزعل مرتك
تحمحم هو وخرج عن صمته وقال بثبات وببسمة بالكاد اغتصبها وهو ينظر لها:
- حد يزعل روحه يا حج
سايرته هي وبرد فعل سريع منها تمسكت بذراعه وقالت ببسمةعابرة:
- لأ يا خالي احنا كويسين و"يامن" مش مزعلني ولا حاجة بس انا مُجهدة شوية
نظر ليدها التي تعانق ذراعه ونظر لها نظرة غامضة لم تستشف منها شيء ولكنها أجلت تفسيرها ورسمت بسمة واسعة على ثغرها كي يكتمل المشهد أمام خالها الذي لم ينطلي عليه الأمر وضيق عينه متسائل بِفضول دون أي لباقة:
- اوعاكِ تكونِ حِبلة يا بت "غالية"و تورطي حالك
نفت برأسها مستنكرة قوله، ليتابع هو بعجرفة:
-براوة عليكِ اوعاكِ تغلطي دلوقت أصبري لما حقك يرجعلك وتخلصي علامك
إلى هنا وكفى حقًا نفذت طاقته من ذلك الرجل المتعجرف الذي لايفقه شيء في لباقة الحديث ولا الذوق العام ففي كل زيارة له يتعمد ان يرمي الحديث كي يثير غضبه ويجعله يخرج عن طوره وحقًا الآن نجح بذلك فقد ترك الشوكة من يده محدث صوت مزعج وهدر بحدة وبملامح متهجمة للغاية:
-اظن دي حاجة تخصني انا ومراتي ومحدش ليه انه يتدخل فيها، وأسف جدًا لحضرتك بس لهنا وكفاية انا عارف طريقتك وعارف بتحاول توصل لأيه فمتحاولش احنا مرتاحين كده ومتقلقش حقها هيرجعلها انا لايمكن اقبل جنيه واحد مش من حقي
احتدت نظرات "عبد الرحيم" من حدة الآخر وتعمده لإحراجه وكم اراد ان يستغل الموقف لصالحه، ولكن هو ليس بهذا الغباء كي يخرب كل شيء الآن ليتصنع الحرج ويبرر ببراءة كاذبة:
-واه انا مش بَخونك وخابر ان حجها هيرچع أنا بس بوعيها البت صغار ومتعرفش مصلحتها
حانت منه بسمة ساخرة على نواياه الخبيثة التي تفوح من حديثه وقال بنبرة متهكمة قبل أن يغادر طاولة الطعام ويتوجه لغرفته:
-لأ واضح اوي خوفك على مصلحتها، عن اذنكم شبعت و هدخل انام
ليرسل لها نظرة صارمة ويخبرها بنبرة آمرة:
-خلصي أكل وحصليني
ابتلعت غصة بحلقها و اومأت له بطاعة وحين دلف لغرفته حاولت ان تلطف الأجواء وتلاحق الموقف بذكاء:
-اطمن يا خالي انا مش صغيرة وكلها كام يوم وهكمل الواحد وعشرين ومتقلقش انا عارفة مصلحتي كويس ومش مركزة غير في دراستي و"يامن" عمره ما حاول يضغط عليا
تابعت "ثريا" حديثها وعقبت متهكمة:
-يارب تكون ارتحت يا "عبد الرحيم" أهي بنت اختك بنفسها طمنتك ياريت بقى تريح نفسك
احتدت نظرات "عبد الرحيم" أكثر فأكثر وهو يشعر أن مقته لهم يتفاقم فهم يعيقون ما يطمح به دائمًا وخاصًة ذلك ال "يامن" الذي يتعمد أن يردعه ويؤد كافة محاولاته.
تنهدت "ثريا "وهي تتجاهل نظراته التي تعلم انها مفعمة بحقد دفين لا شيء سيغير قناعته به وهدرت قائلة ل "نادين":
-انا جهزت أوضة الضيوف لخالك ياريت تبقي توصليه هناك بعد ما يخلص اكله انا هقوم اخد علاجي واصلِ ركعتين لله
هزت رأسها وما ان دخلت غرفتها قال "عبد الرحيم" بنبرة خبيثة وهو يربت على منكبيها بغرض طمئنتها وحثها أن تبوح له ببواطنها نحوهم:
-معرفش أنتِ كيف معاشرة المرا دي و ولدها دول يا يا ستار خلج واعرة
استشفت ما يحاول فعله ولكنها أجابته بدهاء يضاهي دهائه وبعيون يسطع بهم المكر:
-ابدًا يا خالي دول طيبين اوي وانا بحبهم ومرتاحة معاهم
زفر انفاسه دفعة واحدة بحنق وهو يشعر أن ابنة شقيقته لا نفع منها الآن، ويقرر انه سينتظر قليلًا حتى يعيد لها ذلك الغريب مالها وحينها يقسم انه لن يتوانى في تخريب زيجتهم مهما كلفه الأمر
--------------------
-مساء الخير يا دكتور
هتف بها "محمد" وهو يدلف لتوه لغرفة الكشف بذلك المستوصف الخيري القريب من منطقته ليرد الطبيب مُرحبًا:
-اهلًا يا "محمد" خير طمني عليك اخبار جرحك ايه؟؟
-ما انا جايلك علشان تبص عليه يظهر كده ان في غرزة اتفتحت
-وليه الاستهتار مش تاخد بالك، تعالا ابصلك عليه واشوف لو محتاج خياطة من جديد
-تمام
قام الطبيب بفحصه وبالفعل وجد أحد الغرز قد حُلت لذلك أعاد تقطيبها واستبدل ذلك الضماد الملطخ بالدماء بأخر معقم، ليشكر "محمد"الطبيب ويتحمحم بتردد قائلًا:
-هو ينفع اطلب منك خدمة يا دكتور
هز الطبيب رأسه برحابة ليسترسل "محمد" وهو يخرج من جيب بنطاله ذلك الشريط الفضي الذي فض منه تلك الحبوب اللعينة سبب نكبتها:
- عايز اعرف دي حبوب ايه ؟؟
ألتقط الطبيب الشريط من يده يقرأ ما سُجل على ظهره ثم نظر له نظرة متوجسة ذات مغزى جعلت "محمد" يبرر قائلًا:
-انا عارف النظرة دي معناها ايه؟ مش انا، ده واحد صاحبي بياخذه و عايز يبطله
تنهد الطبيب وهدر بعملية شديدة :
-النوع ده من الحبوب يندرج تحت بند الليسرجيك او(LsD) وتصنيفه جدول اول يا "محمد" لأنه من اقوى الحبوب المخدرة اللي تأثيرها سلبي على المخ
تهجمت ملامحه بعدما صدق حدثه وتسأل وهو يمسد جبهته بأنفعال:
-ممكن تفسرلي اكتر يا دكتور يعني بيعمل ايه؟
أومأ الطبيب برأسه واجابه:
-كل عقار بيختلف عن التاني في التأثير والضرر بس(LSD)
بيعمل اضطرابات في المزاج وبيفصل الإنسان عن الواقع وفي الأغلب بيفقده السيطرة على جسمه وعلى قدرته على التفكير وتقدير الأمور ده غير الهلوسات المرئية والسمعية، والقلق والتوتر ونوبات الذعر بس العوارض دي مش ثابتة يعني ممكن تختلف من شخص للتاني حسب نسبة التعاطي اللي للأسف لو زادت بيبقى الأمر خطير جدًا و مبنقدرش نتنبأ بتأثيره.
ابتلع "محمد" غصته ونظر للطبيب نظرة متوسلة وكانه يريده أن يفض كل ما في جعبته دفعة واحدة، ليسترسل الطبيب:
-معظم اللي بيلجأ للنوع ده بيبقى عايز يهرب من الواقع لأن الاعتماد النفسي فيه اكبر من الجسدي، أعرض صاحبك على دكتور نفسي يا "محمد" واكيد هيفيده ويقدر يساعده
هز "محمد" رأسه متفهمًا ثم تنهد بعمق وهو يتذكر حالتها التي كانت عليها، لينقبض قلبه بشدة ويصرخ بين ضلوعه أن لا يتخلى عنها ويرأف بها، فقد أيقن لتوه أن لا مفر منها وقد تورط بها بفعل نخوته وضميره اليقظ دائمًا
-----------------------
كان يدور حول نفسه بعصبية مفرطة يشعر بالحنق من ذلك الرجل المتعجرف الذي أخرجه عن طوره ولكن هو ليس نادم على حدته معه فهو يستحق هو من تدخل فيما لا يعنيه وحقًا كان يشعر أن نيران مستعرة تتأكل قلبه حين ادعى أنه ينصحها، فهل هي بحاجة لنصيحته!
بالطبع لا، هي تعلم ماذا تريد والكثير من الأوقات يرى ذلك في عينيها وحتى انها تتعمد ان تذكره كل حين وآخر كي تبقيه دائمًا حائر، مهدد بفقدانها.
انتشله من حالته تلك دخولها إليه وقولها بهجوم سأم منه:
- انت ازاي تحرجه كده هو اول مرة تعرف خالي وتعرف طريقته؟
أغمض عينه واخبرها بعصبية وبنفاذ صبر وهو يلوح بيده:
-خالك يستاهل علشان بعد كده ميدخلش في اللي ملهوش فيه
لوهلة تأملت حالته ثم حانت منها بسمة اعجاب واضحة جعلته يستغرب ويتركز بنظراته عليها ويسألها بحنق:
- ممكن اعرف بتضحكي ليه؟
أجابته ومازالت محتفظة بتلك البسمة الآسرة التي تعبث بثباته:
- بصراحة عجبتني اوي
تنهد بسأم وتحرك لخزانته دون أن يعقب بشيء فهو فهو يعلم طرقها الملتوية تلك ولن تنطلي عليه
كانت تتابعه بعيناها وقد اختفت بسمتها تعلم انه غاضب منها ورغم ذلك تكابر وتعاند وتوجه الدفة لها قائلة:
-انا مش بكلمك على فكرة ولسة زعلانة
اعتلى جانب فمه ببسمة ساخرة وهو يتناول منشفته وملابسه البيتية بغرض التوجه للمرحاض كي يزيح عنه إرهاق يوم مليء بالضغوط وقال غير مباليًا:
-براحتك و اعملي اللي يريحك مبقتش تفرق
اتسعت عيناها وتسألت متسرعة:
- يعني ايه مبقتش تفرق، اللي يسمعك يقول إني بتلكك انت اللي احرجتني قدام حتة بنت ملهاش لازمة وكمان قعدت تمجد فيها قدامي ولا عملت اعتبار ليا
ابتسم هازئًا ورد منفعل:
-انتِ اللي عمرك ما احترمتي مشاعر حد ومعتقدة ان مطلوب من الكل يحترم جنابك
تأففت هي بغيظ وردت بعنجهية:
-انت مكبر الموضوع ليه دي حتة طباخة فاشلة وغصب عنها لازم تحترمني
هز رأسه بلا فائدة وهو يمرر يده على وجهه ثم قال بسأم:
-مفيش فايدة عمرك ما هتتغيري
قالها وهو يتوجه لباب المرحاض وإن كاد غلقه، دبت هي بقدمها الأرض وقالت بتمرد كعادتها:
-اه مش هتغير يا "يامن "علشان انا صح، انا رايحة اوضتي تصبح على خير
اشرأب برأسه واخبرها بتهكم تقصده كي يثير اعصابها كما تفعل معه:
-وماله اعملي اللي يريحك بس متنسيش لما خالك يطمن عليكِ بليل تقوليله جوزي المفتري طردني من الأوضة وياريت تخليه ياخدك في ايده وهو ماشي
ذلك آخر ما تفوه به قبل أن يغلق باب المرحاض، تاركها فاغرة الفاه تحاول أن تستوعب ما استشفته من حديثه، وإن فعلت توترت كثيرًا ولعنت ذاتها فكيف لم تفكر في ذلك الأحتمال من قبل
-----------------------
كانت تشعر بشعور غريب من الألفة خلال لقاء ابنة عمها وكم كانت منبهرة بها عندما أخبرتها عن انجازاتها في العمل مع زوجها و دعمه لها لتحقيق طموحها وجعلها أن تكاتفه بكل أعماله في مجال ترويج العقارات، وكم كانت هي كفأ في ذلك فهي شخصية مفعمة بالطاقة والطموح وتملك طرق مميزة للأقناع، فمازالت كما هي لم تتغير كما عاهدتها، وعند تلك الفكرة وجدت ذاتها تتذكر نفسها القديمة وكم غيرتها تلك السنوات، تنهدت بعمق وهي تنظر له نائم بجانبها لتبتسم بسمة باهتة معاتبة لأبعد حد فبرغم كل يصدر منه تجاهها إلا انها خجلت أن تستفيض مثل ابنة عمها وتخبرها بمستجداتها حفاظًا على شكله الأجتماعي أمامها، نفضت أفكارها بعيدًا وهي مازالت تتأمله و همست بتضرع قبل أن تغلق عيناها كي تتحايل على النوم:
-ربنا يهديك ويصلح حالك ويخليك ليا ولولادك يا "حسن"
--------------------
تمكنت المياه الدافئة ان تزيح غضبه وتهدأ اعصابه لحد كبير وعندما انتهى راهن ذاته عليها وهاهي منكمشة داخل فراشه كما توقع تمامًا دون أن يكلف ذاته المجادلة معها، وكم يروقه ذلك الشعور عندما يتعمد ان يرهبها كي تلجأ له بكامل ارادتها، حانت منه بسمة ماكرة اخفاها سريعًا وهو يلحظ توترها وانفاسها المضطربة حين اقترب من الفراش وتسطح بجوارها، لتنتفض هي تصيح بريبة شديدة:
-هو انت هتنام جمبى؟
تصنع عدم الفهم، وقال بثبات:
-نعم يعني ايه؟؟
أضاءت نور الأباجور القريب وقالت وهي تعتدل بِجلستها:
-انا مش هعرف، نام على الكنبة وسيب السرير
نفى برأسه قائلاً بعناد كي يغيظها:
-مش هسيب سريري واحمدي ربنا إني هرضى انيمك جنبي
رفعت حاجبيها واعترضت وهي تنهض من الفراش تقف أمامه وتضع يدها بخصرها:
-انت تطول تنام جنبي اصلًا
كانت نظراته تتجول على جسدها ويعتلي ثغره بسمة ماكرة وهو يلاحظ أنها ترتدي قميص بجامته القطنية التي تصل لبداية ركبتها مما جعله يقول متهكمًا:
-وكمان لابسة البجامة بتاعتي لأ ده انتِ داخلة على طمع بقى
توترت تحت نظراته وبررت باندفاع:
-خوفت اخرج من الأوضة ألقيه برة واضطريت استلف هدوم من عندك
فرك ذقنه وهو يتأملها أكثر وهدر بعبثية جعلتها تبتلع ريقها بتوجس شديد:
-طب اللي يستلف ده مش يكمل الشياكة ولا البنطلون ملهوش نصيب و مش قد المقام زي صاحبه
قطمت شفاهها وهي تنظر لمرمى بصره و وجدت ذاتها تتوتر وتبرر وهي تضع خصلات شعرها خلف اذنها:
-أصله كبير عليا اوي وكنت هتكعبل بيه
-طب يلا تعالِ نامي علشان هنصحى الصبح بدري نودع خالك
قالها ببحة صوته المميزة ولكن بنبرة لينة جعلتها تشعر من جديد بتلك النبضة العاصية تطرق بين أضلعها لكنها عاندت ذاتها ونفت برأسها قائلة بتمرد كعادتها:
-مش هنام، نام انت وملكش دعوة بيا
لتسير نحو الشرفة وتفتحها على مصراعيها وتقف تواليه ظهرها تستقبل نسمات الهواء العليل بزفرة قوية حانقة وهي تجاهد ذلك الشعور المريب الذي بدأ يتسربل لها شيء فشيء.
أما هو تنهد بعمق ثم أطفأ الإضاءة وتمدد على الفراش يضع يديه تحت رأسه يتأمل ظهرها وتلك الخصلات المتراقصة مع الهواء التي مازال يعشقها رغم قصرها، وكم تمنى لو أن يدفن وجهه بها ويتمتع بذلك العبق الفريد الذي يفوح منها كي يتناسى ما حدث بينهم اليوم، فرغم حنقه منها إلا أنه على يقين تام انها لن تتخلى عن عنادها وتمردها وتعتذر منه، نعم يشعر بالسأم من طريقتها وحديثها اللاذع ولكن كيف لعاشق مثله أن يصمد أمام انين قلبه.
تنهد وزفر انفاسه دفعة واحدة بنفاذ صبر ثم دون أي تفكير منطقي وجد ذاته يفقد السيطرة على جسده و ينهض ودون اي تمهيد كان يحاوط خصرها من الخلف ويدفن وجهه بين خصلاتها مغمض العينين وكأنه وجد الآن ضالته
شهقت هي بخفوت و تململت بين يده، ولكنه همس بالقرب من أذنها بطريقة اربكتها:
-اهدي يا "نادين" ... وبطلي تعاندي وتكابري اكتر من كده
نفت برأسها وقالت بتوتر تحاول أن تتخلص من يده التي تطوقها:
-مش بكابر انا مش غلطانة ... ولوسمحت سبني براحتي لما احب انام هبقى انام على الكنبة
زفر انفاسه الساخنة التي لفحت وجهها وقال بهمس وبنبرة بثت بها القشعريرة وهو يدس انفه أكثر بين خصلاتها:
-بس انا محتاجك...وصدقيني مش هفرض عليكِ حاجة عايزك تثقي فيا
همست بأسمه بأنفاس مضطربة:
-"يامن" احنا بينا اتفاق وانت وعدتني انك عمرك ما هتخل بيه
-عارف وانا لسة عند وعدي بس انتِ مراتي ومن حقي على الأقل احس بوجودك جنبي نفسي اتنفس معاكِ نفس الهوا، ليتنهد بحرارة و يلثم جيدها ويقول بعدها بتهدج:
- عارفة لما ببعد عنك شوية بعد الدقايق واتمنى محسبش الوقت ده من عمري، انا مش بحس براحة غير وأنتِ جنبي، قلبي بيبقى عايز يطمن بيكِ، تسارعت وتيرة أنفاسها عندما مرر شفاهه على طول عنقها واستكمل همسه المثير:
-بلاش تحرميني من قربك، تعالي نضحك على الزمن و نوقفه ونسرق منه شوية وقت بعيد عن كل حاجة، ليبتلع غصة ملتهبة بحلقه ويضيف راجيًا اياها بأخر شيء يخشى حدوثه:
-سبيلي ذكريات علشان لو سبتيني أعيش عليها
لمَ تخفق هكذا ايها القلب رجاءً تمهل قليلًا، فلن تستطيع ان تجعلني أحيد عن غايتي حتى وإن كان صوت دقاتك تقرع كطبول حرب الآن فأنا لن أتهاون و سأظل صامدة امامه مهما حاول استمالتي،لا ، لن أضعف فهو يحاول خداعي.
ذلك ما كانت تفكر به ولكن ما صدر منها كان مختلف بتاتًا وهي ذاتها لم تجد مبرر له، فقد ألتفت لتواجهه وتسألت بتشتت لا تعلم مصدره:
-الصبح في المطعم قولت لو مبقناش مع بعض، ودلوقتي بتقولي لما تسبيني
هو انت ليه متأكد إني هسيبك
تنهد تنهيدة حارقة نابعة من صميم قلبه وصرح لها قائلًا بثبات وهو يكوب وجنتها وينظر لها نظرة حانية مفعمة بصدق مشاعره:
-علشان عارف ان دي رغبتك وصدقيني عمري ما هتردد ولا هفرض نفسي عليكِ ويمكن عارف انك هتتخطيني ومش هفرق معاكِ بس خليكِ متأكدة أني عمر ما مشاعري نحيتك هتتغير هتفضلي أنتِ البنت العنيدة أم ضفاير طويلة اللي كبرت قصاد عيني وتمنيت تبقى ليا و أكتفي بيها عن الدنيا كلها
غامت عيناها لوهلة و لا تعلم لمَ شعرت بصدق حديثه و وجدت ذاتها لأول مرة تقبل على شيء دون تفكير ودون أي غرض خبيث منها، فقد وضعت يدها على يده التي تكوب وجنتها وتنزلهم تضعهم حول خصرها ثم دون أي مقدمات أخرى كانت ترتمي بحضنه تتشبث به بقوة تعاند ذلك التمرد الذي يود أن يسيطر عليها وكم مقتت ذلك التناقض بذاتها ولكنها بررت أنها تفعل كما قال هو يسترقون من الزمن بضع الذكريات التي سيحيا عليها حين تنتصر عليه وتحقق غايتها، غافلة انها هي من ستفعل حينها.
دام عناقهم الحميمي لعدة ثوانً كانت كفيلة أن تبث به الدفء، و السَكينة ولكن دائمًا عندما يتعلق الأمر بها لا يضمن ذاته، لتشهق هي بقوة عندما انحنى بجزعه و وضع ذراعه تحت ساقيها وحملها وسار بها نحو الفراش لتصيح متذمرة:
-يامن نزلني متفقناش على كده
-ششششش اهدي وياريت تلغي عقلك ده شوية ومتفكريش كتير علشان مفيش مفر هتنامي في حضني
نفت برأسها ولكن لم يمهلها فرصة للاعتراض ليضعها على الفراش بحرص شديد ثم يتمدد بجوارها ويضمها إلى صدره وكانه يريد أن يزرعها بين أضلعه، حتى انه ظل يمرر يده بين خصلاتها نزولًا لظهرها بحنان بالغ جعلها في غضون دقائق تتخلى عن تلك الحرب الضارية برأسها والتوتر الذي كان يتملك منها ويحل موضعه سَكينة ودفء جعلها تسقط في سبات عميق وكأنها لم تحظى بهم من قبل، بينما هو ظل يتمعن بها بوله تام وهو يشعر بقلبه يستكين مطمئن بين أضلعه لقربه منها ويحثه ان يستمتع بتلك اللحظات الفريدة التي هو على يقين تام أنها لن تتكرر مرة آخرى
-------------------
اهتزاز هاتفه الذي يعتلي الكومود اجفله وجعله يتنبأ أن مكالمة واردة ليلتقط الهاتف بنعاس شديد وما ان علم بهوية المتصل، تردد كثيرًا؛ فبعد معرفته بحمل زوجته وحديث "ثريا" تسربل له شيء من الرهبة وكان يفكر جديًا في التراجع وحتى انه تجاهل كل اتصالتها ولكن كيف وهي لن تكف عن ملاحقته ومحاولاتها الشتى طوال اليوم ان تهاتفه، حسم أمره و نهض بخطوات حثيثة من الفراش بعدما تأكد انها نائمة ثم تناول هاتفه و تحرك خارج الغرفة يغلق بابها بحرص ثم توجه نحو المرحاض وقام بإعادة الإتصال قائلًا بصوت خفيض منفعل:
-أنت اتجننتي يا"منار"ازاي تتصلي بيا في وقت زي ده؟
أتاه ردها المغتاظ من الطرف الآخر:
-انت بتتهرب مني مش كده؟ ايه رجعت في كلامك ولا ايه؟
تحمحم وإن كاد يراوغها، قاطعته هي متهكمة:
-ولا تكون خايف من مراتك يا بشمهندس
مرر يده بخصلاته الفحمية واجابتها بنفاذ صبر وبنبرة منفعلة جعلتها تتراجع عن حدتها:
-انتِ عارفة إني مش بخاف من حد بس مش عايز وجع دماغ
-يبقى بلاش تعمل كده انا كنت هتجن لما مردتش عليا ومجتش الشغل وبصراحة لو مكنتش رديت كنت هجيلك البيت واللي يحصل يحصل
قالتها بطريقة مغلفة بالتهديد ألجمته وجعلت الحديث يتوقف في حلقه وخاصةً عندما أضافت بنبرة واثقة للغاية :
-انا مش هسمحلك تبعد عني يا "سُونة" ومعنديش حاجة اخسرها بعدك
زمجر غاضبًا وقد اعتلت نبرة صوته قائلًا:
-انتِ بتهدديني يا"منار"؟
شهقت وقالت ببراءة مصتنعة وبنبرة مفعمة بلأثارة تعرف تأثيرها عليه:
-ابدًا يا حبيبي انا بس بعرفك إني بحبك ومقدرش اعيش من غيرك، ونفسي ادلعك يا "سُونة" واعرفك يعني ايه سعادة، عارف نفسي في ايه دلوقتي؟
تنهد وسألها بترقب بعدما تمكنت من استمالته بطريقتها:
-في ايه؟؟
-نفسي تبقى في سريري دلوقتي علشان أثبتلك انا بحبك أد أيه ... انا محتجاك أوي يا"سُونة"
قالتها بجرأة غير عادية وبنبرة مثيرة مغوية لطالما طمح ان يحظى بها من قبل مما جعل انفاسه تتهدج ويهمس بغريزة ذكورية بحتة متناسي قراره السابق وضارب بكل شيء عرض الحائط:
-انا كمان هموت عليكِ ومبقتش قادر
اجابته هامسة ومازالت محتفظة بنبرتها المثيرة:
-امتى يا"سُونة" انا كمان مبقتش قادرة اعيش من غيرك
-هانت يا قلب "سُونة" انا هكلم مامتك علشان نستعجل كتب الكتاب
- قلبي الحنين انت، بحبك يا "سُونة"
- وانا كمان بحبك ياقلب "سُونة"
قالها بلطف شديد دون أي تفكير منطقي منه وكأن غريزته هي من تولت أمر كل شيء، ليغلق الخط ويبتسم بسمة واسعة وهو يشعر بالانتشاء لمجرد تخيل الأمر بعقله ليزفر أنفاسه دفعة واحدة و دون ذرة تفكير أكثر كان ينزع ملابسه البيتية ويقف تحت المياه الجارية يود أن يطفئ تلك النيران المستعرة التي نشبتها ببراعة في جسده.
ولكن ماذا عن حرقة قلبها هي تلك التي كانت تقف واهنة بملامح شاحبة تحاكي الموتى مستندة على باب المرحاض من الخارج وقد استرقت السمع لكل كلمة تفوه بها من الداخل، فهل ياترى ماذا سيكون موقفها وماذا ستكون ردة فعلها هل ستبكي وتنتحب مثل كثير من النساء في موقف مشابه، أَم ستصمت وتقدم كبريائها كعادتها تحت قدمه بكل طواعية، مهلًا دعونا نتمهل بتوقعاتنا لأن جميعها ليست بمحلها
---------------------------
بتمنى تشاركوني بتوقعاتكم ولوسمحتم متنسوش الڤوت❤❤
♥
لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا
بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل
متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا
الرواية كامله من هناااااااااا
مجمع الروايات الكامله اضغط هناااااااا
مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هناااااا
تعليقات
إرسال تعليق