رواية ملاك الاسد الفصل الأول والثاني والثالث بقلم ريشـــــة ناعمـــة حصريه
رواية ملاك الاسد الفصل الأول والثاني والثالث بقلم ريشـــــة ناعمـــة حصريه
#ملاك_الأســد
#الفصل_الأول
#ريشـــــة_ناعمـــة
الشمس لسه طالعـة وحرها بدأ يدق على جلدها الأبيض النقى، وهى بتتمشى حافية على الإسفلت السخن، تمسح عرقها بإيدها الصغيره، وتحاول بكل براءة تخنق صوت بطنها اللى كانت بتصرخ من الجوع. وقفت عند ناصية شارع مزدحم، حطت إيدها على بطنها وقالت بصوتها الطفولى المكسور:
"معلث ثويه وهناكل..."
صوتها كان ضعيف زى صوت نسمة، لكن فيه رجاء بيكسر القلب. عينيها الزرقا اللامعه كانت مليانة دمعه مش عايزه تنزل، بتحاول تمسك نفسها، وبتدور فى الشارع على أى حاجه تشيلها وتبيعها.
وهى ماشية شافت بوابة فيلا كبيرة مفتوحة، مليانه ورد، ألوانه بتلعب فى عينيها، وريحة الورد خدت عقلها. قربت منهم، عينيها لفت على وردة حمرا كأنها قلب بينزف، قطفتها وقالت:
"خلاث هنبعهم وهنا—"
لكن قبل ما تكمل، سمعـت صوت خشن بيزعق:
"بنت انتى بتعملى إيه هنا؟!"
اتسحبت رجليها ورا قلبها لما لقيته جاى بيجرى ناحيتها، جريت من غير ما تبص وراها، والدموع نزلت من عينيها وهى بتحاول تهرب من الحارس، جريت بين الناس، لحد ما لقت نفسها فى مكان اول مره تراه فى حياتها.. مبانى عاليه،، سيارات فخمه،، واناقه تشعرها بأنها من كوكب آخر
الناس لابسه شيك، والدنيا كانت بتقول: "انتى مش من هنا". لكنها ما خافتش، هى بس كانت جعانة.
شافت عربية سوداء فخمة واقفة، قربت منها، وفتحت كفوفها الصغيرة اللى شايله شوية ورد وقالت بصوتها الرقيق:
"تثترى ورده "
الراجل اللى جوه العربية لف ليها، بصه غريبة خلت جسمها يقشعر. بس ابتسم وقال:
"اركبى.. هاخدهم منك."
ركبت جنبه وهى لسه ماسكة الورد، الإشارة فتحت، والعربية مشيت.
قالها:
"خدى الفلوس من جيب القميص."
قالتله:
"لأ.. هتهم انت."
قالها:
"أنا سايق.. مش هعرف."
قربت تاخد الفلوس، لكنه مد إيده علي ضهرها . شهقت، وراحت لورا فى العربية، وقالت بصوت خافت مرتعش:
"بتعمل اى؟"
قبل ما يرد، شاف كمين قدامه، فتح الباب وزقها منه كأنها شنطة مش مهمة، والعربية جريت.
وقعت على الأرض، جلد ركبتها اتعور، والفستان البالى اللى كان لابساه اتوسخ أكتر. بصت حواليها، الدنيا دوشة، ومباني عملاقة قدامها.
بس هى قامت، مسحت دموعها، وشالت وردها وفضلت تمشى.
وهى بتتمشى خبطت فى بنت واقفه بتتكلم مع موظف على باب شركة.
قالت لها:
"بتعملوا اى هنا؟"
البنت ردت:
"بنشتغل."
قالتلها:
"وأنا عايزه اثتغل"
البنت قالتلها:
"مينفعش انتى صغيره وممعكيش سى فى!"
قالت همس:
"يعنى اى سى فى"
قالت البنت:
"سى فى زى الملف ده، بيكون فيه معلوماتك."
همس بصت على الملف وقالت:
"يعنى لو معايا كده، أئدر أثتغل؟"
قالت البنت:
"اه طبعًا، بس لما تبقى كبيره ."
همس ضحكت بخبث طفولى، وقالت:
"طب ممكن توطى ثويه عيثه أقولك حاكه."
البنت وطّت، وهمس شدت منها الملف وجريت، ضحكت وهى بتجرى بكل طفوله، بس قلبها كان بيدق بسرعه، وملف وقع منه ورقه صغيره، خادتها واستخبت لحد اما البنت مشيت بعد ما دورت عليها كتير ويئست انها تلاقيها وبعدين همس دخلت الشركة.
راحت للسكرتيره، رفعت الورقة وقالت بفخر طفولى:
"هثتغل عندكوا، خد دى."
السكرتيره بصتلها وقالت:
"جايبة الورقة منين؟"
قالت:
"دى بتاعتى!"
ضحكت وقالت:
"يلا اطلعى برا يا شاطرة، شغل إيه وانتى شكلك مش فاهـمه حاجه؟"
لكن همس وقفت مكانها، بعناد الطفله :
"لا انا عايثه اثتغل "
السكرتيره فضلت تزعق
وفجأه... صوت رجولى هز المكان:
"إيه اللى بيحصل هنا؟"
ظهر اسد المنشاوي…
ابن سليم المنشاوي… 17 سنة فقط… لكن بنظرة واحدة يسكت الجميع.
ذكاء فطرى، حضور طاغي، كاريزما غير عادية، ومهيب لدرجة تخليك تفكر مرتين قبل ما تنطق قدامه.
طويل، عيونه سوداء حادة، شعره أسود فاحم، وهيئته تخوف الكبار قبل الصغار.
لكن… قلبه؟ لا يعرف أحد قلبه الحقيقي غير شخص واحد… أو بالأحرى… ملاك واحد.
السكرتيره قالت:
"يا فندم، البنت دى دخله تقولى عايزه تشتغل، وجايبه سى فى مسروق!"
أسد رفع حاجبه، وبص حواليه وقال:
"هى فين دى؟"
وهمس شدت بنطلونه من تحت وقالت بصوتها الطفولى:
"أنا هنا..."
بص لتحت، وشاف ملاك نازل من السما، عيونها زرقا، شعرها اشقر كسبائك الذهب ، جسمها صغير، بتبصله بعينين فيها رجاء.
نزل عندها، وابتسم:
"إنتى جاية تشتغلى هنا؟"
قالتله:
"أه.. عايثه اثتغل علثان يبقى عندى فلوث كتير و أكل."
سألها:
"السي ڤى دا بتاع مين؟"
هزت راسها:
"بتاعى."
أسد قال:
"تعالى معايا."
قال للسكرتيره:
"متدخليش حد غير لما أقولك."
دخل بيها المكتب، وقالها تقفل الباب، هى حاولت، لكن مش عارفه توصله، وكان بيضحك عليها من غير ما يبين. راح هو وقفله، وقعد.
قالها:
"اقعدى."
قعدت على الكرسي، بس الكرسي بلعها، فهى قالت:
"مث عندك كرثى ثغير على قدى لى."
ضحك، وقالها:
"تعالى."
شالها، وقعدها على المكتب قدامه، وبص فى عينيها.
"اسمك إيه؟"
"همث."
"انتى المفروض يبقى اسمك ملاك وانا هقلك يا ملاكى"
ضحكت وقالت "ماثى"
"وفين باباكى ومامتك؟"
"بابا ثابنى علثان مفيث فلوث، وماما ماتت، أنا ببيع ورد، ومفيش أكل خالث."
أسد حس إن قلبه اتخلع، الطفلـة دى مش مجرد طفله، دى حاجه جواه بتحركه، وشعر إنها مخلوقه علشانه.
سألها:
"تحبى تعيشى معايا؟"
قالت:
"يعنى أكل كل يوم؟"
قال:
"كل يوم، وكل لحظة."
همس ابتسمت، وعيونها نورت، وهى قالت:
"ماثى،،بث انت اثمك ايه."
"أسد"
فكرت وضحكت وقالت
"انت اثدى وانا ملاك اثدى"
ومن هنا... بدأ كل شيء.
لاحظ انها هى وبتمشى بتعرج فثالها مالك فحكتله اللى حصل راح بسرعه وجاب علبه الإسعافات وعقملها الجرح ولزقه ورفع سماعه التليفون وقال انه عايز تفريغ الكاميرات من حوالى ساعه وجابوه وجاب الراجل اللى زقها ونزل فى ضرب وخلاهم حطوه قدام مستشفى حكوميه ويسبوه.
دخل زياد (ابن عمه) المكتب بعد ساعة، شافها نايمة على الكنبه اللى فى الكتب وقال:
"مين القمر دى؟"
أسد اتعصب:
"احترم نفسك... وملكش دعوه بيها تانى."
زياد قال:
"طب خلاص يا عم بس هى مين؟"
"دى... الصغيره، أنا هربيها."
زياد قال:
"ولا حد هيوافق فى القصر ."
أسد:
"محدش يقدر يقولى لا."
"طيب يلا نمشى"
"يلا" وحمل اسد همس طول الطريق ومنومها على صدره
وصلوا القصر، ردود الفعل كانت عنيفه، نهى قالت بصوت قاسى:
"إنت جايبها تعيش هنا؟ بنت شوارع؟"
سليم قال بحدة:
"مش لعبه تاخدها وتسيبها... دى بنت، مين هيربيها؟"
أسد قال:
"أنا... أنا اللى هربيها، وكلمه واحده كمان هطلع بيها تانى ومش هرجع."
الكل سكت... مش لأنهم اقتنعوا، لكن لأنهم عارفين: لما أسد يغضب، محدش بيقف قدامه. حتى أبوه أو جده.
أخدها لجناحه، وحطها على السرير، دخل ياخد شور. لما خرج، لقاها نايمة زى الملاك الصغير.
ابتسم، شالها، ونيمها فوقه(نام على ضهره ونومها فوقه على صدره). الصبح، لما صحي، كانت بتفرك فى عينيها:
"ثباح الخير يا أثدى..."
بص ليها، وقال:
"صباح النور... يا ملاكى."
أول مره ينطقها، ومش هتكون الأخيرة. من هنا بدأت الحكاية.
نزل أسد السلالم وهو شايل همس على إيده، كانت لسه نايمة على صدره، شعرها الذهبي واقع على خدها، بتتنفس بهدوء، ووشها مرتاح كأنها أول مرة تحس بالأمان.
أول ما دخل بيها قاعة الفطور، الكل كان موجود: سليم، نهى، سيلا، حسام، وزوجته فاطمة، وحتى زياد وياسين.
نهى(مرات ابوه) أول ما شافتها، صوتها خرج ساخر:
"إيه ده؟ بجد؟ شايلها كأنها بنتك مش من الشارع!"
أسد بص لها بنظرة جمدت الدم في عروقها:
"كلمة تانية زي دي وهتندمي... أنا بقولها للمرة الأخيرة، البنت دي تحت رعايتي... واللي هيفكر يلمسها أو يضايقها... والله ما هيعرف ينسى اسمي."
سيلا (بنت عم اسد) قعدت تضحك بسخرية:
"دا انت بقيت بابا فجأة؟ مش بقالك شهرين سايب الكلب بتاعك من غير أكل، جاي دلوقتي تبقى حنون؟"
أسد كان لسه بيبص لها، بس همس حركت جسمها، بدأت تفوق.
فتحت عينيها، ومسحتهم بإيدها الصغيرة، وبصت حواليها... كتير... ناس غريبة، صمت، وحدها على كتف شخص واحد بس تعرفه.
بصت له وقالت بصوت ناعس:
"احنا هنأكل؟"
أسد ابتسم، وقال:
"أيوه، هنأكل يا ملاكي."
ضحك سليم (والده) ساخرًا وقال:
"ملاك؟! اسم جديد؟"
أسد بص له، وقال بهدوء فيه نار:
"أيوه، ملاكي... الاسم اللي يناسبها."
نهى بصت لفاطمة(مرات عم اسد) بغيظ، وقالت بصوت واطي:
"لو سكتناله دلوقتي، البنت دي هتبقى سبب خراب في القصر."
فاطمة همست:
"البنت خايفة، وعيب اللي بتقوليه ده."
أسد قعد ملاك على رجله، وبدأ يأكلها بنفسه. كانت بتضحك، وبتاكل بشهية كأنها ماكلتش من أسبوع. وكل لما كانت تقول له:
"خلاث، انا ثبعت."
كان يقول:
"لقمة كمان يا ملاكي... لازم تكبري، أنا عايزك تبقي أطول شويه علشان تبقي على قد حضني."
ضحك زياد وقال:
"هو انت ناوي تخليها عروسة؟"
أسد ساب المعلقة، وبص له:
"لو اتكلمت عنها تاني كده... هتبقى آخر مرة تدخل البيت ده."
زياد حس بالتهديد، ضحك وقال:
"بهزر يا عم... فكها شويه."
بعد الفطور، أسد طلع بيها على جناحه. أول ما دخلوا، ملاك قعدت تتفرج على الحيطان والستاير والمرايا، وبدأت تجري حوالين السرير، وبعدين وقفت قدام الدولاب كان فيه هدوم لأسد وشويه هدوم اطفال كان جايبهم لحد ونسيهم وقالت:
"إيه دا؟ دا كله هتومك؟"
أسد قال:
"أيوه، ليه؟"
قالت باندهاش طفولي:
"أنا كان عندي فثتان واحد، وخلاث اتقطع، ممكن آخدلى واحد من دول؟"
ضحك وقالها:
"كل اللى دول ليكي، بس هدور على حاجه تناسب حجمك الأول، لأنك صغيرة أوي يا ملاكي."
دخل غرفة اللبس، وفتح درج فيه شوية هدايا كان جايبها لوحده قريبته من سنتين، واخد فستان وردي ناعم، خرج بيه وقالها:
"تعالي يا ملاكي، تعالى نشوف هينفعك ده ولا لأ."
قالت وهي بتجري ناحيته:
"لو فثتان، يبقى حلو، بحب الفثاتين أوى!"
ولما لبسته، دارت حوالين نفسها وقالت:
"ثحيح ثكلي ثى الأميرات؟"
أسد قعد على الكنبة، وسند راسه على إيده، وقال بصوت واطي:
"أنتي أحلى من كل الأميرات."
بالليل... كان قاعد بيذاكر شوية أوراق من الشركة، وهى كانت بتلعب بالوسادات على الأرض. فجأة، اتدحرجت واحدة منهم ناحيته، وقامت جايبة عروسة من تحت الكنبه وقالت له:
"اثدى؟ العروسة دى أنا سميتها 'أسد'، وهى بتحبنى... زى ما أنت بتحبنى؟"
أسد وقف، وراح عندها، جلس على الأرض جنبها وقال:
"أنا بحبك أكتر من أى حاجه... أكتر من أى حد."
فجأة، همس قربت منه وهمست:
"أأنا بحبك، وعاوثه أعيث هنا ومث امثى تانى."
أسد حضنها وقال:
"وعد... طول ما أنا موجود، انتى هنا، وهنا مكانك."
فى نص الليل، وهو نايم، صحي على صوت بكاء خفيف. فتح عينه، لقاها واقفه عند السرير، بتبص له بعين مبلولة.
"مالك؟"
قالت بصوت متقطع:
"أنا حلمت إنك مثيت وثبتني لوحدى..."
فتح إيده، وقالها:
"تعالى هنا... مستحيل أسيبك، فاهمة؟ أنا جنبك طول الوقت."
دخلت في حضنه، ونامت، بس وهو ما نامش، قعد يبص لسقف الغرفة، وحاجة جواه بتتغير، مش عارف يسميها، بس متأكد إنها ليها علاقة بطفله عمرها ست سنين ونص... خطفت روحه بدون ما تقصد.
تاني يوم، وهو نازل على الشركة، لقى ملاك بتجرى ناحيته بفستانها الوردي، وقالت:
"أنا جاية معاك!"
قالها:
"مين قال؟ ده شغل ومفيش لعب."
قالت وهى شايله عروستها:
"مث هلعب، هقعد جنبك واثمع الكلام... وهكون ثاكته."
ضحك وقال:
"طيب... بس لو حصل حاجه، هتستخبي ورا ضهري، اتفقنا؟"
قالت:
"ماثى يا أثدى."
وراحوا الشركة…
وفيوم اسد ساب همس نايمه وراح الشركه وقال ساعتين وهرجع قبل ما تصحا ومشى لكن هو منبه عليها من بالليل لو صحيت وملقتهوش متخرجش من الجناح،،، همس صحيت وملقيتهوش فخرحت من الجناح وهى ماشيه سمعت حد بيكح راحت ناحيه الصوت لقيه الباب مفتوح شويه ودخلت لقيت المنشاوى تعبان وعمال يكح جامد وهو عمال يشورلها نحيه الدرج كان فيه الدوا بتاعه فراحت وادتهوله وحبتله مايه وبقى كويس،، وقعدها على رجله وقعدوا يضحكوا ويحكوا مع بعض، اسد رجع وراح على الجناح بتاعه ملقيهاش قعد يدور عليها وسمع صوت دحكهم جاى من ناحيه اوضه المنشاوى ف
أسد دخل، وكان الغضب باين فى عينه، وقال:
"مين قالك تخرجي من الجناح؟!"
ملاك بصت له، صوتها بدأ يرجف لما شافت شكله:
"جدو كان بيكح، وأنا خفت عليه..."
قال بعصبية:
"بس أنا قولت متخرجيش! إنتى مش بتفهمى!"
قرب منها، ومسكاها من دراعها بجنون شديد ممزوج بعصبية، لكن هى كانت صغيرة وضعيفة، ومجرد صوته العالى، خلاها تنهار وتعيط وتقول:
"متثعلث منى، أنا هروح أودتى ومث هخرج تانى، أنا آثففففففففففه..."
وبعدها، فقدت وعيها فجأه، وقع جسمها الصغير فى حضنه مرة واحدة... مفيش صوت غير صوت دقات قلبه اللي ارتفعت فجأة، ووشه اللي اتجمد للحظة، وكأن الزمن اتوقف.
المنشاوى شافها كدا فجرى خلاهم طلبوا الدكتور.
أسد لف إيده حواليها، ضمها لصدره، وصوت قلبه بقى أعلى من صوت أي حد حواليه، لدرجة إن الجد قاله بهدوء:
"هدي أعصابك، هات البنت نخلي الدكتور يشوفها."
أسد قال بصوت خافت بس نبرته كانت حادة:
"محدش هيمد إيده عليها... دكتورة بس هي اللى هتكشف عليها... افهمها يا جدي، أنا مش بتكلم مرتين دي همس، دي ملاكي... ولو جرالها حاجة، قسمًا بالله هتتحسب على الكل."
الجد قال:
"طب اتصل انت بيها، بسرعة."
أسد حطها على الكنبة، وهو قاعد على الأرض جنبها، ماسك إيدها الصغيرة بإيديه الاتنين، بينفخ عليها كأنه بيحاول يرجع فيها الروح.
الدكتورة وصلت، وكان واقف زي الملاك الحارس، كل ما تمد إيدها ناحية همس، يقرب أكتر، وهي تبتسم وتقول:
"مش هلمسها من غير إذنك يا أستاذ أسد... اطمن."
أسد فضل واقف مكانه، عينه فيها نار، لكن في عينه التانية كان في ألم مش طبيعي... مشاعره خرجت كلها مرة واحدة لما لقاها فقدت وعيها قدامه، وهو سبب صدمتها.
بعد شوية...
الدكتورة قالت:
"هي بس من الخضة والخوف... عندها انهيار عصبي بسيط، ولازم ترتاح، ومينفعش حد يزعقلها تاني ولا يخوفها، نفسيتها رقيقة جدًا."
أسد مسك نفسه بالعافية، ولما الكل خرج، وهو قاعد جنبها، حط إيده على جبينها، وقال بصوت خافت:
"أنا آسف... آسف يا ملاكي... كان لازم أحضنك مش أزعق... بس أنا... أنا بغير، وبخاف، وبموت لو حد قرب منك، حتى جدي..."
قرب منها، وشال خصلة من شعرها وقال:
"أنتي بقيتي حياتي، يا ملاكي... ولو قربلك ظلك، هدوسه برجلي."
تاني يوم، ملاك صحت وهي على سريره، ووشها باهت، بس أول ما شافت عينيه، اتطمنت، قربت منه وقالت:
"ثعلت منى يا أثدى؟"
أسد نزل على ركبته قدام السرير، وقالها وهو ماسك إيديها:
"أنا اللي غلط، أنا اللي زعقت، وأنا آسف... متخافيش، ومش هزعقلك تاني أبدًا."
"بس متخرجيش من الجناح لو أنا مش معاك، انتي بتاعتي، وأنا بس اللي أشيلك، وأحميك، وأقرر حتى تضحكي مع مين."
ملاك قالت ببراءة:
"طب أنا كنت بلعب مع جدو، هو حبني، وادانى شوكولاتة."
أسد وقف، وحس الدم بيغلي في عروقه، وقال:
"ما يلزمنيش، متضحكيش معاه تاني... ومش تاخدي شوكولاتة من حد غيرى، فاهمة؟"
ملاك وشها اتعقد، وقالت بصوت واطي:
"ماثي... بث متثعلث منى."
أسد حضنها وقال:
"بس أنا أغير... ولو شفتك تضحكي مع حد، مش هعرف أتحكم في نفسي."
بالليل، لما نزلوا يتعشوا، كانت لابسه بيجاما ناعمة لونها أبيض برسومات صغيرة، وجابتلها فاطمة كمان شبشب على قدها، ومشيت بيه بصعوبة، وده خلّى الكل يضحك.
لكن أسد عينه كانت مركزة على زياد، اللي بص لملاك وقالها:
"أهو كده بقى عندك هدوم شبه الأميرات يا قمر."
أسد مسك المعلقة، وحطها على الطاولة بصوت عالي وقال:
"زياد... قولت مليون مرة، متكلمهاش، متبصش لها، متقولش حتى اسمها... ولو تاني مرة بس شوفتك تبصلها، هتعرف أنا ممكن أعمل إيه."
سليم قال بنبرة استياء:
"هو بيهزر، مفيش داعي للتهديد كل مرة، أنت واخدها على صدرك أوي."
أسد بص له وقال:
"آه... واخدها على صدري، لأنها مش لأي حد... مش طفلة عادية، دي بقيت ليا... أنا اللي لاقيتها، وأنا اللي هشيل مسؤوليتها، وأنا بس اللي هسمح لحد يتكلم معاها أو يقرب منها."
سيلا دخلت الكلام وقالت بسخرية:
"تحسه طفل جاب لعبة ومتعلق بيها."
أسد قام من على الكرسي، بص لسيلا وقال:
"لو آخر نفس فيك هيغلط فيها، هقطعه بإيدي... فاهمة بلاش تغلطي في ملاكي... أنا مش طايقك من زمان، ومش محتاج سبب أطردك من البيت، ومفيش حد هيقف ضدي."
الكل سكت... الجو بقى متوتر جدًا.
بعد العشاء...
كان أسد بيتمشى في الجنينة، وملاك ماشية وراه، ماسكه طرف بنطلونع من ورا، بتتحرك بخطوات صغيرة، وفجأة وقفت.
قالها:
"مالك؟"
قالت بخجل:
"عاوثه أقلك حاجه، بث متثعلث."
قرب منها وقال:
"قولى يا ملاكي."
قالت:
"أنا مث بحبك لما تثعل، أنا بخاف... وبثعل لما تبثلي وانت غاضب... عاوزه أثدى دايمًا يبثلّي ثي ما بيبث للثما."
أسد قرب منها أكتر، جلس على ركبته، وبص في عينيها وقال:
"وعد... هبصلك كأنك السما، وكأني بدور فيها على النور، وعلى الدفا، وعلى الحياة كلها."
في اليوم التالي...
أسد كان في الشركة، دخل عليه زياد وقال:
"جدك طالبك... في اجتماع مهم... وهما بيتكلموا عن البنت."
أسد دخل الاجتماع، لقى الكل موجود، سليم، المنشاوى، حسام (عم اسد) حتى نهى، وكان واضح إن الموضوع كبير.
الجد قال:
"عاوزين نتكلم بصراحة، البنت وجودها هيعمل مشاكل... سمعة العيلة، المجتمع، كل حاجة."
أسد رد فورًا:
"اللي عنده مشكلة معاها... يتفضل يخرج من العيلة ملاك مش موضوع مؤقت... دي بقيت جزء منى، وأنا مش بتفاوض."
نهى قالت:
"بس البنت صغيرة وبتبات في جناحك، الخدم بدأت تتكلم."
أسد اتنفس ببطء، وقال:
"وأنا اتجوزتها، ومفيش حد له عندي كلمه."
الكل اتصدم.
حسام قال:
"اتجوزتها؟ إزاي؟"
قال:
"بالعقد، ومعرفتش... ولسه مش هتعرف، لحد ما تكبر، ومحدش فيكم له دعوة."
سليم وقف وقال:
"إنت اتجننت؟!"
أسد قال:
" أنا الوحيد العاقل فيكم."
همس كانت في الجناح، قدام المراية، بتحاول تلف شعرها زى الأميرات… و…
يتبع…
منتظـــره رأيكــــم🤎🤎✨
قدام المراية، همس كانت بتحاول تلف شعرها الصغير بإيدينها الرفيعة:
"أنا حلوة، ثح يا أثدى؟"
أسد كان واقف وراها، مسند ضهره على الحيط وبيبص عليها بابتسامة مش بتظهر غير معاها. قرب منها، شال خصلة من شعرها وقال:
"أجمل أميرة في الدنيا كلها، بس خليني أساعدك، شعرك أغلى من الذهب وميصحش يتبهدل."
ضحكت، وقعدت على طرف السرير وقالت:
"هتلبثنى حاجه حلوه النهارده؟"
قرب منها، نزل على ركبته، وقال:
"النهاردة هنروح نشتري هدوم كتير... فساتين، بيجامات، لعب، وكل حاجة نفسك فيها."
شهقت ملاك بفرحة، وقامت تجري قدامه وهي تقول:
" بجد؟! لبث ثى الأميرات؟"
ضحك وقال:
"أحلى كمان، وهنختار مع بعض، بس تسمعي الكلام وما تسيبينيش لحظة."
قالت ببراءة:
"مث هثيبك، أنا همثى جنبك، علثان أنت أثدى بتاعى."
الكلمة دى... "بتاعى" نزلت على قلبه زي المطر، حس إنها مش كلمة طفلة... دي وعد.
بعد أقل من ساعة، كانت العربية بتاعة أسد واقفة قدام أشهر محل أطفال فاخر في القاهرة، ملاك قاعدة على الكنبة الصغيرة داخل المحل، عينيها بترقص من الفرحة، وبتبص على الفساتين المتعلّقة زي الحلوى في السماء.
صاحب المحل طلع بنفسه من جوه، أول ما شاف أسد قال بصوت كله ترحيب:
"أستاذ أسد المنشاوي! ده المحل نور يا باشا.
بص لهمس، وقال وهو منبهر:
"والملاك دى؟ بنت حضرتك؟"
أسد بص له ببرود وقال:
"هي ملاكي، كفاية كده."
همس قامت، وجريت ناحيته وقالت:
"أنا اسمى همث... بث هو بيقولى ملاكى علثان هو بيحبنى قوى."
صاحب المحل ضحك بانبهار وقال:
"أيوه، طبعا... باين عليكي مميزة، بصي الحاجات دي كلها ليكي."
أسد شاف نظرة في عينه... مش عاجباه، نظرة استلطاف زيادة.
قرب منه خطوة، وقال بصوت واطي بس نبرته فيها نار:
"عينك لو بصتلها تاني، هخلعهالم... اشتغل وخليك في شغلك، ومتكلمهاش."
الراجل ارتبك، وقال:
"أكيد يا فندم، آسف، ما قصدتش."
أسد مسك إيد همس، وقال:
"اختاري، بس من هنا... جنبي."
قعد على الكنبة الكبيرة، وقعدها جنبه، وكل ما تقوم، يسحبها تاني ويقول:
"أنا قلت جنبي، فاهمة؟"
كانت تضحك وتقول:
"أنا مث هتير يعنى!"
قالها وهو بيضحك:
"لو حد بس فكر يشوفك من بعيد، هطير أنا عقله."
بعد ساعتين، خرجوا من المحل بـ٦ شنط مليانة فساتين، أحذية، بيچامات، ألعاب، وحتى طوق شعر مرصّع بحجارة لامعة قالت عليه همس:
"ده بتاع الثيندريللا!"
أسد حملها، وهي كانت بتلعب فى شعره بإيديها، وقال:
"عايزاك تلبسي الحاجات الجديدة دي، بس على مزاجي، مش أي حاجة."
قالت:
"ماثى."
قرب منها وهمس في ودنها:
"مش هخلي حد يشوفك، حتى الهوا، ده ليّا أنا."
بعدها خدها على الشركة، وهو شايلها أول باب لحد مكتبه... وشه عامل زى الحديد، شايلها فوق دراعه كأنها تاج فوق راسه.
الموظفين بدأوا يبصوا لبعض، والهمسات بدأت تنتشر:
"مين البنت دى؟"
لحد ما دخل من باب مكتبه وبصلهم، وهو بيقول بصوت مسموع:
"اللى عنده فضول، يشيله لنفسه... دى مش للنقاش."
السكرتيرة كانت واقفة، ووشها محمر من الغيظ، أول ما شافت همس بصتلها من فوق لتحت، وقالت وهي متصنعة الابتسامة:
"إزيك يا أمورة... جيتي ليه الشغل للكبار؟"
همس بصت لها، ورفعت حاجبها وقالت:
"أنا ثغيرة، بث بعرف أقرأ، وانتى ثوتك عالى، ومث بحبك."
السكرتيرة اتصدمت، وقالت:
"إيه؟! أنا؟ مش بتحبيني؟"
أسد خرج راسه من المكتب وقال:
"هو فيه مشكلة؟"
السكرتيرة قالت:
"لا يا فندم، البنت بس بتغلس عليا."
أسد قال:
"هي مش أي بنت... ولما تتكلمي عنها تاني كده، هتدوري على شغلانة غير هنا... واضح؟"
همس جريت عليه، وقالت:
"أنا قلتلها بث كده علثان هى بتبصلى كأنى خطفتك منها."
أسد ضحك، ورفعها وقال:
"طب وانتي خطفتيني؟"
قالت وهي بتضحك:
"أنا مث خطفته... بث محدث هياخده."
أسد قال بنبرة عميقة:
"ولا هياخدك... أنتِ ملكي، فاهمة؟"
ملاك سندت راسها على كتفه وقالت:
"أنا عاوثه تنام جمبى ثى كل يوم."
قالها:
"أوعدك، وأكتر من كده كمان."
اليوم كان هادئ في قصر المنشاوي، أو على الأقل كان ظاهر كده...
همي كانت لابسة فستان من اللي جابهم أسد، فستان أبيض بسيط وفيه شرايط بينك حوالين الوسط، شعرها معمول ديل حصان طويل، وعينيها بتبرق زي القمر.
نزلت تمشي في الجنينة، ولما شافتها نهى، قررت تجرب تمسك خيوط اللعبة.
نهى قالت بنبرة متصنعة:
"تعالي هنا يا أمورة... تعالي اشوف اللبس اللي لابساه ده!"
همس وقفت مكانها بخوف، وعيونها دارت تدور على أسد، مش لاقياه... قربت نهى منها وقالت:
"مش المفروض إن البنت الصغيرة تبقى حلوه ومتلبسش حاجه وحشه وقصيره زى ده؟"
ملاك ردت بعفوية:
"أنا لبثت اللي أثدى قالى عليه، وهو قالى إن ده حلو... يبقى هو صح."
نهى عضت شفايفها وقالت:
"أسد مش دايمًا يعرف الصح... ومينفعش تسمعي كلامه في كل حاجة، هو بيجيب لبس كأنه بيجهزك لحاجة مش لسنك."
أسد سمع الكلمة دي من أول السلم... صوته جه جامد، حاسم، زي الطلقة:
"مين قال الكلام ده؟"
نهى وقفت مكانها، ماعرفتش ترد.
أسد قرب، وخد همس في حضنه، وقال:
"دي تلبس اللي أنا أقول عليه... ولو عندك اعتراض، قوليهولي أنا، مش ليها."
نهى قالت:
"أنا بس بخاف على سمعتنا، البنت بتكبر، ولازم تفهم إن اللبس مش كل حاجة."
أسد رد بعنف:
"لو خايفة على سمعتك... ماتتكلميش عن ملاكي... لأنها أحسن من الكل، وهي مسؤوليتي، وهي لبست اللي أنا اخترته، وبس."
ملاك خبّت وشها في صدره وقالت:
" أنا لبثت كده علثان أنت قلتلى إنى حلوه."
أسد بص في عينيها وقال:
"وأنتي أحلى حاجة شافتها عيني، ومفيش كلمه تتقال عليكي غير لما أوافق... فاهمة؟"
ثم بص لنهى وقال:
"لو تاني مرة تتكلمي معاها من غير إذني... هتنتهي كل حاجة بينا، يا نهى."
في نفس اليوم، سيلا دخلت جناح اسد وقالت:
"تعالي، جبتلك طقم لذيذ جدًا، يجنن... هتلبسيه دلوقتي."
ملاك كانت بتلعب بالعروسه، رفعت عينيها وقالت:
"أثدى قالى ألبث الطقم اللي في الدولاب، مث أي حاجه من حد تانى."
سيلا قالت وهي بتضحك بس فيها خبث:
"أسد مش دايمًا موجود، وأنا هخليكي أمورة، وهتبقي شبه البنات اللي في المجلات."
ملاك وقفت، وقالت بهدوء:
"أنا مث عاوزه. وأثدى هو اللى بيحبنى كده."
سيلا مسكت دراعها بقسوة، وقالت:
"هتلبسي اللي أقولك عليه!"
وقبل ما تكمل، الباب اتفتح بعنف... أسد دخل، عينه فيها عاصفة، صوته مرعب:
"إيدك دي... تقطع قبل ما تتمد على ملاكي تاني."
سيلا اتجمدت، وهمس جريت عليه وحضنته من رجله وهي بتعيط:
"هى عاوزانى ألبث حاجه أنت مث قولتلى عليها، وهى خلتنى أخاف."
أسد بص لسيلا، وقال:
"اطلعي بره... من دلوقتي، انسي إن ليكي أي علاقة بجناحى... وممنوع تدخلي القصر من تاني، فاهمة؟"
سيلا قالت وهي مصدومة:
"أنا بنت عمك! بتطردني عشان طفلة؟!"
أسد قرب منها، قال بكلمة وحدة:
"لأ... بطردك علشان ملاكي... وأنا عمري ما هسامح حد يخوفها."
بعدها بيومين...
أسد خد همس معاه الشركة تاني، لكن المرة دي، كان في ضيف جديد في الشركة… مستثمر عربي من الخليج، شاف همس لما دخلت المكتب مع اسد وهو شايلها.
الراجل قال بابتسامة:
"ما شاء الله... بنت حضرتك؟ جميلة جدًا... سبحان الخالق."
ملاك قالت بخجل:
"أنا همث، وهو أثدى، بث مث بابا، هو بتاعى بث."
الراجل ضحك وقال:
"أنتي لطيفة جدًا، وشكلنا كده هنضطر نجيلك مهر قريب يا أسد!"
أسد اتجمد، وابتسم ببرود مصطنع... وبعد دقيقة واحدة، قال لمساعده:
"طلع الضيف بره... الاجتماع انتهى."
المساعد اتوتر:
"بس يا فندم ده مستثمر كبير، ولسه..."
أسد قال بهدوء مميت:
"قلت طلعه بره... قبل ما أفقد أعصابي، دي ملاكي، وحدوده اتعدّت."
الضيف طلع، والدنيا اتقلبت بعد كده… أسد قفل مكتبه، وقعد قدام همس وقال:
"أنتي بتضحكي لأي حد يا ملاكي؟"
قالت:
"أنا بث كنت بلعب... بس مش هضحك لحد، علثان أنت بتزعل."
أسد قرب منها، بص في عينيها وقال:
"أنا مش بزعل... أنا بتحرق من غيره، ولو حد فكر يشوفك، أو يضحكلك، أنا ممكن أقتل... فاهمة؟"
ملاك قالت:
"ما أنا بتاعتك، ومش هلعب مع حد، إلا لو قلتلي، أو لعبت معايا."
أسد حضنها وقال:
"مش هتلعبي غير معايا... ومش هتحبي غيري، حتى لما تكبري، قلبي مش هيسمح لحد غيري يقرب منك."
ملاك ابتسمت وقالت:
"أنا بحبك اوى يا اثدى."
أسد ضمها أكتر وقال بصوت خافت:
"وأنا بحبك اوى يا ملاكي...وعمرى ما هسيبك. "
بعد خروجهما من المكتب، أسد كان سايق العربية، وملاك قاعدة جنبه بتحرك رجلها الصغيرة وهي بتغني:
"أنا ليّا أثدى... أثدى لوحدى..."
ابتسم وهو سايق، لكنه قال بصوت هادي:
"تعالي هنا."
قربت منه، ساب الدركسيون لحظة، ومد إيده شالها على حجره، وقال:
"لما نكون في العربية، تقعدي هنا بس... علشان لو حصل حاجة، أعرف أحميكي."
قالت بطفولة:
"طيب بث كده مث هنلعب، وهتبقى ثايق ومثغول بيها."
همس في أذنها:
"أنا ما بحبش أكون مشغول بحد غيرك."
ضحكت… لكن اللحظة دي ماطولتش.
جاله اتصال من والده:
"أسد، إحنا عاملين عزومة النهاردة، كل العيلة جاية… ولازم تحضر، ومعاك ملاك كمان."
أسد اتشدّ، صوت والده فيه نغمة مش مرتاحلها… وقال:
"جاى، وهتيجوا على جناح الجحيم لو حصل فيها حاجة."
وصلوا القصر، وأول ما دخلوا، عيون الكل اتسحبت عليهم.
رجالة قاعدين في جنب.
ستات بيبصوا لملاك وكأنهم بيشوفوا "مشكلة".
وفي النص… كان قاعد شاب، طويل، أنيق، واضح إنه ضيف مش عادي.
ملاك شدّت كم أسد، وقالت بهمس:
"مين ده؟ ليه بيبثلى؟"
أسد بص بعينه اللي بتقطع، وقال:
"ولا يهمك، ده ملوش وجود، فاهمة؟ تجاهليه."
والده قرب منهم، وهمس في ودنه:
"الشاب ده اسمه عمر، ابن صديق مقرب ليا، وبيسأل عن ملاك من فترة… شاف صورتها مرة، وعجبته… وممكن يتبناها."
أسد بص لها، نظراته نار:
"هو ده تفسيرك؟ أنا سايب البنت دي في حضني، وبتيجي تعرضها في عزايمك؟"
قال بسرعة:
"هي يتيمة يا أسد، والناس كلها بتسأل… ومش عيب إن حد يتبناها من دلوقتي."
أسد بص على ملاك… لقاها سكتة، مش فاهمة التفاصيل، بس عينيها بدأت تقلق.
اتكلم بصوت جهوري، قدام الكل:
"اللي سأل على ملاكي، يتفضل يمشي… فورًا."
الناس سكتت.
عمر قام، وقال:
"أنا مقصدتش أزعج، أنا بس اتكلمت عن مستقبل، مفيش تجاوز."
أسد رد بجليد:
"اسمها ملاكي... والمستقبل ده محجوز، فاهم يعني إيه محجوز؟"
عمر قال:
"بس هي لسه صغيرة، وإنت مش..."
أسد قطع كلامه بنبرة مرعبة:
"أنا مش إيه؟ مش أبوها؟ صح… بس أنا الراجل الوحيد في حياتها، والوحيد اللي هيفضل."
ملاك قربت منه، وشدت رجل بنطلونه من تحت:
"أثدى... هو هيخدنى؟"
أسد نزل على ركبته، قدام كل العيلة… وحضنها، وقال بصوت عالي:
"لو الدنيا كلها وقفت، مش هسيبك.. أنتي ليا، ومحدش ليه كلمة عليكي."
سيلا(رجعت بعد اصرار ابوها وجدها وانها ملهاش مكان تروحه) قالت بسخرية:
"هي البنت اللي عندها سبع سنين دلوقتي بتبقى محجوزة؟ ده تخلف."
أسد بص لها، وقال:
"ده اسمه قدر، وهي قدري… واللي مش قادر يستوعب، يطلع من حياتنا."
ملاك كانت بدأ جسمها يرجف… ضغط الأحداث والأنظار… ولأول مرة دموعها نزلت، وقالت بصوت مكسور:
"أنا مث فاهمة ليه عايثين يمثونى من عندك."
أسد رفعها، وقال:
"مش هسيبك تزعلي تاني، خلاص… كفاية. من دلوقتي… محدش في العيلة ليه علاقة بيكي. واللي هيحاول يقرّب، هيفقد مكانه حتى من ذكرياتي."
وهو شايلها، خرج من القاعة كلها…
رجع جناحه، قفل الباب… قعدها على السرير، وهو لسه بيترعش غضب.
همس قالت:
"أنا ثعلتك؟"
أسد قال:
"أنتي اللي خلتيني أعرف إني كنت عايش من غير قلب… ومن غيرك، أنا ولا حاجة."
رفعت راسها وقالت:
"أنا هلعب لوحدى النهاردة، لو حبيت ترتاح."
قالها وهو بيقرب منها:
"أنا مش عاوز أرتاح… أنا عاوز أحضنك، وأسمع ضحكتك، علشان أنسى اللي شفته في عيونهم."
قالت له:
"بس متزعلش، أنا بتاعتك… أنا مش بلعب غير معاك."
ضمّها بقوة، وقال:
"ومحدش هيعرف يوصلك… لو العالم كله وقف، هفضل أنا وانتي… ضد الكل.... و....
يتبع..
منتظـــره رأيكــــم بصراحه 🖇🖋
#ملاك_الأســد
#االفصل_الثاني
مرت أيام بعد عزومة العيلة، لكن الجو في قصر المنشاوي ما بقاش زي الأول…
أسد بقى صامت أكتر، عينيه بقت متحفزة على طول، مش سايب همس تتحرك خطوة من غير ما يتابعها، ولو خرجت من أوضتها، بيبقى وراها كظلّها.
وفي يوم، دخل عليها الأوضة وهو ماسك ظرف ذهبي فخم، وقال وهو بيقلبه بإيده:
"جاهزة تدخلي مرحلة جديدة؟"
ملاك بصت له ببراءة وقالت:
"هنلعب إيه المرة دي؟"
ضحك وقال:
"هنلعب لعبة الكبار… اسمها: مدرسة جديدة."
قالت بخضة:
"لااا، أنا مش عاوزه أروح مدرسة، عاوزه أكون معاك، ومش بحب الأطفال التانيين، بيدايقونى!"
أسد قرب منها، جلس قدامها، وقال:
"المكان ده أنا اللي عملته… مدرسة كاملة باسمي، مفيهاش طفل يزعلك، ولا مدرس يعلّي صوته، ولو حد بس فكر يزعلك… هيتمنّى ما اتولدش."
ملاك قالت بخضة طفولية:
"أنت بتخوفني لما بتقول كده!"
ضحك وقال:
"مش بخوّفك… أنا بحميكي، وبس."
**
وفي صباح اليوم التالي...
دخلت ملاك المدرسة الجديدة، مدرسة "المنشاوي الدولية"، المبنى فخم بشكل خيالي، كل الأطفال لابسين زيّ موحّد أنيق، والمدرسين واقفين بانضباط.
بس اللحظة اللي دخل فيها أسد ومعاه همس … الدنيا سكتت.
المديرة نفسها خرجت تجري:
"أستاذ أسد؟! شرفتنا… البنت دي أكيد بنت حضرتك؟"
قال بثقة وهو ماسك إيد ملاك:
"دي ملاكي… ومن النهاردة، أي نَفَس يضايقها، هيتحاسب مني شخصيًا."
المديرة بلعت ريقها وقالت:
"أكيد يا فندم، هنحطها في فئة عمرية خاصة… ونخلي معاها مشرفة فردية لو تحب."
أسد قال ببساطة:
"هي مش طالبة… هي بنت صاحب المدرسة، وكل اللي حواليها موظفين تحت أمرها."
بدأت ملاك يومها الأول...
في الفصل، كانت قاعدة ورا بهدوء، بصت حوالينها… الأطفال حواليها بيبصولها كأنها أميرة نازلة من برج عالي.
لكن فيه بنت صغيرة، شكلها مدلّع، اسمها "تالين"، قربت منها وقالت:
"هو اللي جابك أبوكي؟"
ملاك هزت راسها:
"هو مش بابا… هو بتاعي."
تالين قالت بضحك:
"يعني إيه بتاعك؟"
قالت همس:
"يعني هو بياخدني معاه، ويأكّلني، وينيمّني، ويبوسني، ويحضنّي… وبيقول إني ملاكه."
تالين رفعت حواجبها:
"طب إنتي بتحبيه؟"
ملاك ردت بحزم:
"كتير."
تالين قالت وهي بتضحك:
"أهو أنا كمان بابا بيحبني وبيبوسني… أنا كمان عندي بابا زيك."
ملاك سكتت...
لأول مرة، تحس بغيرة… غيرة غريبة، مش فاهمها عقلها، لكن قلبها الصغير واجعها.
قالت بتحدي:
"بس أنا بحب أثدي أكتر منك، وهو كمان… لو شافك، مش هيبوسك، ومش هيمسك إيدك زي ما بيمسكي."
تالين قالت:
"هنشوف؟"
وقفت تالين بعد الفسحة، وراحت ناحية بوابة المدرسة… كان أسد لسه واقف يتكلم مع المديرة، بيشوف من بعيد.
تالين قربت منه وقالت بصوت دافئ:
"عمو أنا تالين… ملاك قالت إنك بتلعب معاها، ممكن تلعب معايا كمان؟"
أسد بص لها باستغراب، ابتسم بلُطف رسمي:
"أنتي صحبتها؟"
قالت: "أيوه، إحنا بنلعب مع بعض!"
لحظة واحدة بس…
وأسد لمح همس من بعيد، واقفة، ووشها محمّر، عنيها مليانة نار صغيرة مكتومة، وشفايفها بتترعش.
قرب منها، انحنى قدامها، وقال:
"إيه؟ حصل حاجة؟"
قالت بخنقة:
"هي راحتلك من غير إذني… وقالتلك تلعب معاها… وأنا كنت زعلانه، بس مش عاوزه أزعلك."
أسد رفع راسه، وقف… وبص لتالين وقال بهدوء:
"من النهاردة، أنتي مش تلعبى معاها تاني… وبلاش تقربي مني، علشان ملاكي بتضايق، وهى لو زعلت، المدرسة كلها تتقفل."
رجع بص لملاك، وقال:
"لما تضايقي، قوليلي على طول… مش تكتمي، أنا موجود علشان أخلّي العالم زي ما تحبي."
قالت له وهي بترتعش:
"أنا مش عاوزة حد تاني يقولك بابا… أنا بحبك لوحدي."
ابتسم وقال:
"وانا مش عاوز حد في الدنيا غيرك."
عاد أسد إلى قصره ومعه همس.
في الصباح، حين استيقظت همس على صوت خطوات أسد التي لا تهدأ حولها، شعرت بدفء عجيب لكنه كان يحوي في طياته عبء التملك الكبير. نهضت لتخرج من الغرفة، لكن أسد أوقفها برقة لكنه بحزم:
"فين رايحة كده؟ أنا مش موافق اخليكي تمشي لوحدك."
هنا بانت خجالتها وارتباكها
"أنا... بس عايزة أتنفس شوية، بس دقيقة وباجي."
لكن أسد سحبها برفق نحو النافذة الكبيرة في غرفة نومه، وأومأ للمنظر الخارجي للحديقة الواسعة، وقال لها:
"شوفي، دي حياتنا، دي شركتنا، وكل شيء فيها بيتحرك بسببنا. وأنا مش هسيبك تخرجي برا عيني."
همس - أو ملاكه كما أصبح يناديها - نظرت له بعينيها الزرقاوتين اللامعتين وقالت بخوف طفولي: "بس أسدي، أنا مش ملكك، أنا عايزة أطلع أتمشى، أشوف الناس..."
ضحك أسد بضيق، لكن عيونه كانت تلمع بغيرة: "مش ملكي؟! إنتِ أكتر حد في الدنيا ملكي... محدش يقربلك، ولا يتكلم معاك غير لما أقول."
وصلوا إلى المطبخ، حيث كان الجميع يتناول الإفطار. لم تكن هدوء اللحظة يعجب أسد، فقد لاحظ نظرات مألوفة تتجه نحو همس، تلك النظرات التي تجعل جسده يشتعل من الغيرة.
فجأة دخل زياد وبنظرة مليئة بالتحدي، قال بصوت مرتفع كأنه يريد أن يسمعه الجميع:
"مش فاهم ليه كل الحماس ده علشان البنت دي! هي مجرد طفلة، واللي معاها مالهاش قيمة عندنا."
أسد رفع رأسه بغضب، ونظر في عيني زياد وقال: "حاول مرة تانية تكلمها أو تلمسها، وشوف أنا هعملك إيه."
انطلقت كلماتهم بينهما، والكلام في أجواء مشحونة، الكل يراقب، الكل يعرف أن الحرب الحقيقية بدأت، لكن ما يجهلونه أن ملاك أصبحت محور المعركة، وهي التي سترسم مسار مستقبل العائلة كلها.
بعد الإفطار، قرر أسد أن يأخذ ملاك معه للتسوق، ولبعض التغيير، لكن الغيرة لم تفارقه.
عندما دخلوا محل الملابس الراقي، صاحبه، الذي عرف أسد من قبل، استقبلهم بحرارة، وبدا إعجابه الواضح بملاك.
لكن أسد كان يراقب كل حركة، كل ابتسامة، وكل كلمة بين صاحب المحل وملاك. حين لمح نظرة متبادلة، اقترب بسرعة وقال له بنبرة حادة: "خلي بالك على ملاكي، هي أغلى ما عندي."
صاحب المحل ابتسم وقال: "طبعًا يا أسد بيه، أنت تعرف قيمتها."
في الطريق إلى السيارة، كان أسد يمسك بيد ملاكه بقوة، وكلما مر بجانب شخص تحسس ملامحه، يشتد قبضته على يدها، وكأنه يقول: "دي ملكي، مفيش غيري ليها."
حين عادوا إلى الشركة، الكل كان يراقب هذا الثنائي، كانت النظرات مركزة على أسد وملاك، وخصوصًا من السكرتيرة التي بدأت تدبر مكائد جديدة، وتحاول بذكاء أن تزرع بذور الشك والغيرة بين الاثنين.
كانت تجمع معلومات، تحاول استدراج ملاك بكلمات خفية: "مش كل الناس هنا حبايب، لازم تعرفي مين اللي ممكن يأذيكي."
ملاك بدأت تشعر بالخوف والقلق، وأخذت تبحث عن الأمان عند أسد، لكن في نفس الوقت بدأت تشعر بقيد التملك الذي يفرضه عليها.
أحداث كثيرة ومشاعر متضاربة، كلها تشتعل في هذا الجو المليء بالصراعات الداخلية والخارجية.
وفي لحظة هدوء، أمسك أسد رأس ملاك بين يديه وقال لها بصوت منخفض لكنه مليء بالعاطفة:
"ملاكى، مهما حصل، إنتي مش لوحدك. أنا هنا، وحاميكي من أي حاجة."
ملاك لم تستطع إلا أن تبتسم ببراءة، لكنها شعرت بأن هذه الكلمات كانت بداية لسلسلة من التحديات التي ستقلب حياتهما رأسًا على عقب.... و.....
يتبع..
منتظـــره رأيكــــم
تكملة الرواية من هناااااااا
لمتابعة باقى الرواية زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا
بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل
متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا
الرواية كاملةمن هناااااااااا
مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا
مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هناااااا
تعليقات
إرسال تعليق