رواية فراشة في سك العقرب الجزء الثاني (حب أعمى)الفصل الحادى وعشرون 21بقلم ناهد خالد حصريه
رواية فراشة في سك العقرب الجزء الثاني (حب أعمى)الفصل الحادى وعشرون 21بقلم ناهد خالد حصريه
الفصل الحادي والعشرون من الجزء الثاني
الفصل الحادي والعشرون من الجزء الثاني
فراشة في سُكّ العقرب
حب أعمى
ناهد خالد
"الإعجاب مفهوم غير مفهوم! يحدث أحيانًا بدون سبب مقنع، تسأل نفسك سؤال واضح ما الذي أعجبني في هذا الشخص؟ ما الذي جذبني له؟ والإجابة لا تكن بنفس الوضوح أبدًا.. قيل أنك حين تجيب (بلا أعلم) معناها أنك أُعجبت بهِ بقلبك لا بعقلك ولا بعينيكَ، وفي الأغلب هذا الإعجاب يدوم ويتحول لمشاعر أنبل وأصدق"
بعد مرور يومين...
ليت الوقت يمر بسرعة السهم الذي خرج من بيته، ليت الطريق يقصر بقصر المسافة بين عُش الطائر والشجرة! فوضعها الآن يكاد يقتلها خجلاً وحرجًا وتوترًا! وهي محمولة هكذا بين ذراعيهِ بعدما رفضت ألف مرة لكنه لم يسمع لها، وحملها تحت محاولتها للتحرك والابتعاد رغم تعبها، فهدر بها في قوة وحدة جمدتها مكانها فجعلته يرفعها بين ذراعيهِ بسرعة البرق، قضمت شفتيها حتى كادت تدميها، تبًا إنها تشعر بدقات قلبه الهادرة تحت أذنها اليمنى! وعبق رائحتة ملأ رئتيها، ولكنها وعلى أي حال نُبل يُحسب له، فلم يريد أن يرهقها في صعود الدرج بصحبة الخدم.
وصل لغرفتها وكانت الخادمة تسبقه ففتحت الباب ودلف هو بها، اقترب من السرير فوضعها فوقه في حرص، وابتعد قليلاً بعدما حررها وهو يسألها:
_مرتاحة؟ في حاجة وجعتك؟
يا الله قلبها كنبض الحمامة التي ذُبحت للتو، دقاته السريعة هي حقًا ما تؤلمها، عيناه القريبة منها لهذا الحد هي ما تخرسها عن الإجابة الآن، من هنا تستطيع تحديد لون عينيهِ،إنها رمادية مخلوطة باللون الأزرق الفاتح وبها لمحة زيتونية.. تقريبًا! مزيج رائع سبحان من شَكله، لكنها تخطف.. تجعلك تغوص فيها غير قادرًا على النجاة!
وليتها تعلم أن عيناها السوداء فعلت المثل معه! ورغم قتامة اللون وأنه ليس مميزًا ابدًا، لكنه يجذب.. يجذب للحد الذي يجعلك تريد النظر له! شعر وكأنه يحتضن السماء ليلاً، بقتامتها ولمعانها الطفيف أحيانًا، ووسع عيناها جعله يشعر بأنه وقع في بحر مليء بالأسماك خلابة الشكل، جميلة المنظر، ولكنه وقع في عتمة الليل، فلا يرى جمالها كاملاً لكنه يلمحه بلمحات خاطفة كلما تمر سمكة مضيئة مثلاً!
_أنسة فيروز عندك ميعاد دوا.
صوت الممرضة هو ما جعلهما يفيقان من سحر الثواني القليلة، فتراجع "شاهين" للخلف وهو يقول بنبرته المتزنة:
_لو احتاجتِ أي حاجة بلغي صفاء بيها، ونورهان كمان هتكون معاكي هي بس راحت شغلها النهاردة هتخلص شوية ورق وترجع.
_هي مستكة فين؟
سألته بقلق حين لاحظت أنها لم تراها منذُ خرجت من المستشفى، فأجابها في هدوء:
_روحت... كفاية قعدتها يومين معاكي في المستشفى، هتشوف اهلها وترجع بكره في مواعيد شغلها.
اومأت برأسها وقد انتابها حزن حقيقي لذهابها، لا تشعر أنها ترتاح وتطمئن إلا بوجودها.
-ليه مقولتيش الحقيقة للضابط لما سألك؟
سألها بغتًة، فنظرت له وابتسمت وهي ترى الحيرة تزين وجهه لأول مرة، وأجابت:
_يمكن انتَ متكنش حابب ده، قولت اسيبلك انتَ الموضوع لو عاوز تقول حاجه قولها مش عاوز خلاص.
_يعني مش عاوزه الشرطة تجبلك حق دمك اللي اتصفى ده؟
سألها قاطبًا ما بين حاجبيهِ في استغراب وانتظار لإجابتها، فردت بصدق وما شعرت بهِ في هذه اللحظة وأتى على لسانها:
_لو الحكومة مجابتش حقي اكيد انتَ هتجيبه، متأكده إنك مش هتسكت غير لما تجيبه...
وحقيقًة لا تعلم من أين لها هذه الثقة! هي فقط قالت ما شعرت بهِ، وتوجست من رده لكنها شعرت بالراحة حين فُكت تقطيبة وجهه، واومأ برأسه دون رد وذهب.
التفت للممرضة التي أتت معها لتساعدها حتى تسترد كامل عفيتها وقالت بحدة حين لاحظت تركيزها في الاحداث الدائرة أمامها:
_هاتي الدوا.
____________
اتجهت مسرعة تلتقط حجابها وهي تقول بلهفة:
-يلا, هاجي معاكي وتخليني اشوفها, وكمان اشوف البيه اللي هي عنده واحكيله كل حاجة واترجاه يرجعلي بنتي.
التقطت "مستكة" ذراعها وهي تقول:
-استهدي بالله بس مش هينفع, مش هينفع خالص تروحي, انتِ فاكره إنك لو اترجتيه هيرجعها؟ ابدًا انتِ كده بتأذيها.
انفعلت صارخة وهي تنفض ذراعها من قبضتها:
-ولما اقعد هنا واسيب بنتي هناك ربنا يعلم بيها ابقى مبأذيهاش! انا بندم على اليوم اللي سبتها تروح فيه, كنا اتصرفنا ان شاء الله حتى نهج ونشوف مكان تاني, بس مبعتهاش لراجل غريب!
لطمت وجهها بكفيها وكأنه للتو استوعبت الكارثة:
-يالهوي! سبتها تروح تقعد في بيت راجل غريب, دي الأمانة اللي سبهالي ابوها! انا ضيعت الأمانة, لما اقابله أقوله إيه؟ اعمل إيه بس يا ناس.
قالت "مستكة" في محاولة لتهدئتها:
-اهدي.. اهدي بس مانا قولتلك إني معاها عشان اطمنك, والله شاهين ماقربلها ولا أذاها بأي طريقه, معملهاش أي حاجة, ولو كان حصل غير كده كنت قلبت الدنيا, انا ساكتة عشان شايفة إن ربنا معديها على خير, وماتقلقيش والله لو حصل حاجه لهبلغك.
وبالكاد استطاعت السيطرة عليها, ومنعها من الذهاب لابنتها.
-----------
دقات فوق الباب أذنت فيها للزائر بالدخول, فدخل مبتسمًا يلقي تحية الصباح, فابتسمت تلقائيًا ترد تحيته, ودعته للجلوس فجلس أمامها يقول:
-قولت اعدي عليكي قبل ما اروح الشغل مادام شغلك جه في طريقي, اطمن, متقابلناش بقالنا كام يوم.
ابتسمت ترد:
-متقابلناش بسببك, معرفش كنت مشغول في إيه الفترة اللي فاتت كل ما اكلمك الاقيك مش في المود.
شرد فيما كان يؤرقه الفترة السابقة, ولم يكن سوى "فيروز" وأحوالها, فكاد يجن جنونه بعدما خرجت من المستشفى على منزل غريمه مرة أخرى, وكـأن "شاهين" يتحداه, يتحداه أن يقف في وجهه ويأخذها منهُ, وبالفعل هو لم يقدر, بل بقى هكذا, يأكل في ذاته ويشيط غضبًا, والحل لا يجده, هل سيقتحم بيته ويأخذها عنوة! بأي صفة؟ هل يبعث لها بوالدتها لتفتعل مشكلة لتأخذها, ماذا إن سبب للمرأة أذى؟ هو لا يضمن ردود أفعال غريمه, ولا يضمن تصرفه إن ذهبت المرأة لأخذ ابنتها, هل سيهددها بألا تقترب من منزله ثانيًة؟ أم سيحتجزها معها؟ وكلا الخيارين يمكن أن يفعلهما.
-مازن! روحت فين؟
قالتها "ليلى" بتنبيه فنظر لها وقد فاق من شروده وقال:
-لا تمام معاكي.
وقبل أن يُكمل حديثه فُتح الباب ودلفت فتاة تقاربها في العمر تحمل "إياد" وهي تقول:
-خدي يا ستي ابنك عمال يقطعلي ورق الشغل.
نهضت "ليلى" تأخذ ابنها تقبله في حنان وهي تقول:
-معلش بقى هو في فترة اكتشاف, فبيحب يكتشف الأشياء.
ابتسمت لها الفتاة تقول:
_لا ابدًا ولا يهمك، انا بس قولت اجيبه قبل ما يخلص على ورق المكتب.
تبادلا بعض الأحاديث المجاملة، وخرجت الفتاة لتقول "ليلى" ناظرة لابنها تعاتبه وكأنه شاب كبير:
_ينفع كده يا إياد! من أول يوم شغل في المكتب تحرجني مع الزُملا؟
_عاملة إيه في شغلك؟
سألها "مازن" وأتبع سؤاله باهتمام يكمل:
_مرتاحة؟
هزت رأسها بهزة بسيطة غالبًا معناها أنها لا تعلم وقالت:
_لسه اول يوم ليا النهاردة اكيد مش هعرف بسرعة كده، بس يعني الناس اللي اتعاملت معاهم لدلوقتي لُذاذ، فربنا يستر.
_إن شاء الله خير، ولو احتاجتِ أي حاجة أنا جنبك.. قريب منك اهو كلميني و١٠ دقايق هتلاقيني هنا.
اومأت برأسها بامتنان، ثم سألته بتذكر:
_مقولتليش إيه كان شاغلك امبارح؟
_حوارات بيني وبين شاهين.
رددها باقتضاب فرفعت حاجبها تسأله:
_ويا ترى مين بدأها؟ طبعًا انتَ!
نهض بغتًة يتجه لها وحمل عنها "إياد" يقول بابتسامة باردة:
_هاخده معايا عشان تركزي في شغلك، كده كده معنديش شغل كتير النهاردة لحد ما تخلصي.
علمت أنه يهرب منها، ولا يريد الحديث في الأمر، ولكنها لا يمكنها محاصرته، فأبسط شيء سيفعله إن فعلت سيغضب ويقلب النقاش مشاجرة، لذا تجنبت هي الأخرى استكمال الحديث في الأمر وقالت:
_هتاخده ازاي؟ هو ده ينفع؟
حمله بحرص وهو يجيبها:
_اه عادي... وقت ما تخلصي رني عليا وانا اجيبه واجيلك.
_عادي انا هعدي اخده.
قالتها بتلقائية، لينظر لها بملامح جامدة وردد:
_هتدخلي قسم الشرطة!
وقد وعت في لحظتها عما اقترحت فعله، فصمتت، وقال هو بحدة بينما يتجه للخارج:
_ابقي رنيلي..
خرج وتبعته بأنظارها حتى اختفى، وعقلها يتسائل، متى كان "مازن" لطيفًا لهذا الحد؟ لطالما رأته الشاب الطايش، المتهور، والذي لا يهمه أحد سوى نفسه، طوال فترة ارتباطها بشاهين لم تكن تحبذ ابدًا التعامل مع مازن، هكذا ودون أي سبب، لتثبت حقيقة أن الناس قبول! ولكنها حاليًا بدأت تكتشفه من جديد، ليُثبت لها أن الإنسان لا يُعرف إلا بعد المعاشرة.
----------
ابتسمت وهي تجده منكبًا على أحد السيارت يعمل بها غير منتبهًا لدلوفها الورشة، تنحنحت بخفة وهي تسند صينية الطعام جانبًا، فرفع رأسه لها وقال باندهاش فور رؤيتها:
_جيتي امتى؟
ضحكت وهي تجيبه:
_لو قصدك على الورشة فلسه داخلة، ولو قصدك على الحتة فجيت من الصبح، وهرجع بكره.
مسح كف يده في قماشة قديمة وسألها:
_هترجعي إيه؟ في مواعيد شغلك ولا هتفضلي هناك؟
_لأ في مواعيد شغلي عادي، مانا قولتلك امبارح أنها طلعت من المستشفى وخلاص مابقوش محتاجني.
_شامم ريحة حلوة!
قالها وهو يستنشق الهواء بأنفه، لتتسع ابتسامتها تقول:
_قولت انوع، فعملتلك بيض مقلي بالسمنة البلدي، وطبق فول حار، وقليت بطاطس وبتنجان.
رفع حاجبيهِ في دهشة وهو ينظر لصينية الطعام التي كشفت غطائها أثناء حديثها، وابتلع ريقه بشهية ونظر لها وقال:
_انتِ ليه بتعامليني على اني خمسة في بعض! إيه كل الأكل ده؟ ودايمًا بتجيبي اكل زيادة.
_اصل يعني انتَ في الورشة ممكن تجوع باقي اليوم، مش شرط تاكل كله في الفطار، بس ممكن تجوع بعد ساعة ولا اتنين تنقنق فيهم بقى.
_يعني عاملة حساب فطاري ونقنقتي كمان! ده كتر خيرك والله.
_حاجة بسيطة.
غمغمت بها وهي تتلاعب في أطراف فستانها البني بوروده البيضاء المنفوشة، وصمتا وحين طال الصمت وشعرت أن لا حديث آخر يُقال تمتمت بحرج:
_طيب همشي أنا.
_تمام، شكرًا على الأكل، بس بلاش كل يوم تكلفي نفسك كده.
وما كادت أن تقاطعه حتى قال بنبره صارمة:
_اسمعي الكلام يا أمل، انا مش هبقى مرتاح كده، وكل واحد فينا ربنا عالم بظروفه، فبلاش نحمل على بعض.
_أول مرة تقولي أمل.
قالتها بابتسامة صافية، ليجيبها محافظًا على جمود ملامحه:
_مش حاسس اسم مستكة، بحسه بيضايقني، وبعدين انتِ اسمك أمل مش مستكة.
_أنا كمان بحب أمل أكتر بس الناس اللي طلعوا عليا مستكة، ومن وقتها مبقتش اسمع حد بينادي بأمل غير بابا.
_لا متقلقيش، انا مش هناديكِ غير بيه، ويبقى انا والحاج.
ابتسمت له بقبول والقت تحية السلام خارجه من الورشة، وقلبها مطمئن، يحدثها أنه بدأ يعتادها، يتقبلها، ويحب وجودها، وقريبًا لربما يحبها هي.
------------
للمرة الثانية تتصادف معه، وكأن القدر بات يرتب لقائهما، حركت رأسها بمرح وهي تقول:
_مش كل ما امشي في حتة اخبط فيك؟
ابتسم "معاذ" ورد:
_طب دي أحلى حاجة، حتى رجعتِ لطبيعتك معايا اهو ونسيتِ الكسوف اللي كنتِ فيه.
تنحنحت تبرر:
_مش حكاية كسوف.. بس فضلنا فترة مبنتقابلش وبعدنا، فكان طبيعي عدم التأقلم.
التمعت عيناه بالحنين وهو يعاتبها:
_عدم تأقلم إيه بس! يعني تنسي معاذ اللي كنتوا طول الوقت ناقر ونقير، وكل ما جي مع اخواتك البيت لازم نمسك في خناق بعض.
_ماهم بيقولوا الخناق محبة.
قالتها بتلقائية وبعدها وفور أن أدركتها تلون وجهها بحمرة الخجل، وقبل أن تصلح ما تفوهت بهِ كان هو كعادته يوقفها:
_فعلاً ما كل ده كان محبة.
نظرت له بأعين متأملة، تتأمل أن ينطق ويريح قلبها، لو أنه تزوج لكانت علمت انها لم تشغل باله يومًا، لو أنها سمعت فقط بارتباطه بفتاة لأدركت ألا تعلق نفسها وقلبها بهِ، لكنه لم يفعل أيًا من هذا، ولم يعبر لها عن إعجابه بها حتى! هو واقف في المنتصف بالنسبة لها، وأكثر ما تكرهه ويرهقها هو منتصف الأشياء.
_فعلاً، ده انتَ حتى بقيت في معزِة مازن وشاهين.
_مازن وشاهين!
رددها مشدوهًا، وقطب ما بين حاجبيهِ ناقمًا يسألها:
_انتِ بجد بتشوفيني في معزِة شاهين!؟
ردت بخبث وعيناها يظهر بهما مكر لم يدركه:
_اومال المفروض اشوفك ازاي!؟
_اصل انا مش شايفك في معزِة اختي.
قالها منفعلاً، لتخفي بسمتها وهي تسأله وقد شعرت بقرب منالها:
_اومال شايفني إيه؟
_معاذ انتوا واقفين بتعملوا إيه؟
صدح صوت "شاهين" من خلفها مقاطعًا أهم لحظة في حياتها، لتطبق جفنيها بانفعال وهي تسب في داخلها حظها البائس، فتحت جفنيها حين صدح صوت "معاذ" يجاوبه:
_ابدًا قابلتها وهي خارجة من الشركة.
_تمام، انا همشي عشان ميعاد الغدا، يلا يا نورهان.
ابتسمت باقتضاب وهي تتبعه، وظل "معاذ" ينظر لهما وداخله يردد
"يعني كان وقته تيجي يا شاهين! يمكن كنت نطقت!"
ويبدو أن حظه هو الآخر أبئس منها!
-------------
وفي سيارة شاهين...
_مكلمتيش أخوكِ تاني؟
سألها وهو ينظر من نافذة سيارته للخارج في هدوء جعلها تشك أنه لم ينطق، بل هي تتوهم! وعلى أي حال أجابت:
_لأ.
زفر أنفاسه يضيق وردد:
_مش عاجبني وضعكوا كده، ومكنتش احب يكون ليا أي دخل في الموضوع.
_اوعا تكون فاكر إن اللي احنا فيه بسبب خناقتي معاه يوم المستشفى! لا يا شاهين، خناقتي معاه كانت جاية جاية بس جت في الموقف ده، متشيلش هم، وسيبها للظروف.
لوى فمه ساخرًا وقال:
_اللي يسمعك يقول طلعتيه من دماغك، لكن انا عارف إنك طول الوقت زعلانة ومهمومة بسببه.
ابتلعت ريقها بمرارة وأجابته:
_تعرف.. انا بعتله رسالة بعد اللي حصل، وشافها ومردش، رغم أنها رسالة تخيلت إنه بعدها هيجيلي لحد عندي ويقولي متزعليش وهصلح علاقتي بأخوكِ عشان خاطرك، لكن محصلش، وبعدها عرفت إننا فعلاً مبقاش لنا أهمية ولا خاطر عنده.
مد كفه يمسك كفها يمسد عليهِ بحنو وقال:
_متزعليش نفسك، محدش يستحق زعلك حتى لو كان اخوكِ.
مالت برأسها على كتفه تبتسم في راحة وقالت بامتنان:
_انا مش عارفة من غيرك كنت عملت إيه، أنا بحبك اوي يا شاهين، انتَ سندي وضهري وأغلى حاجه عندي.
ابتسمت عيناه قبل محياه واكتفى بربطه على كفها الذي يحتضنه، هو لا يعرف كيف يعبر عن مشاعره بالحديث، لكنه يجيد الفعل.
رنين هاتفها جعلها تعتدل لتخرجه من حقيبتها، فاتسعت عيناها وهي تبصر رقمه يزين شاشته، نظرت ل "شاهين" بدهشة مرددة:
_ده هو!
_ردي..
أخبرها في هدوء، فابتلعت ريقها وهي تهدأ نفسها وأجابت، تبادلا الحديث لثواني معدودة يسألها عن حالها! وحال عملها! ثم سمعته يقول:
_نورهان الموضوع بينا سخف اوي، مش هنكر إني مضايق منك جدًا، لكن ممكن اسامحك واتغاضى عن ضيقي لو رجعتي بيتنا وبطلتي لعب عيال.
_لعب عيال!
رددتها مدهوشة ليجيبها في إصرار:
_اه لعب عيال، ماهو العيل اللي لما يغضب يسيب بيته ويروح يسكن عند الغُرب.
انفعلت من إصراره على نفس نغمة الحديث، وعلىَ صوتها تقول:
_انا لا بعمل لعب عيال ولا هسيب بيت اخويا الكبير، هو مضرنيش عشان اسيب عيشتي معاه، وانا مرتاحه هناك.
_اومال إيه لازمة الرسالة اللي بعتيها مادام مش عايزة تحلي!!؟
قالها بصوت مرتفع أكثر منها، فأجابته في برود ونبرتها هدأت فجأة:
_ااه، قصدك الرسالة اللي بعتها من يومين! لا ابدًا كنت فكراك لسه بتفكر، وتراجع نفسك، لكن كنت غلطانة، سلام يا مازن ومتتكلمش معايا إلا لو راجعت اخطائك وعرفتها وعرفت التفرقة اللي بتسببها انتَ بينا.
اغلقت المكالمة معه ووضعت الهاتف في حقيبتها بعنف ثم نظرت لشاهين تقول بخنقة واضحة:
_مش عاوزه اتكلم في الموضوع.
وهو لم يكن يجادلها فيهِ أساسًا!
------------------
بعد مرور ثلاثة أيام آخرين...
دلف لغرفتها كعادته في الأونة الأخيرة، كان يلقي نظرة عليها من وقت لآخر ليطمئن على حالها، اعتدلت في جلستها ما إن رأته تنتظر سؤاله المألوف وأن ترد ردها المعتاد، اقترب منها يسألها:
_بقيتِ كويسة؟
ابتسمت وهي تجده يصدق على توقعها ويسأل نفس سؤاله الذي توقعته، وردت:
_الحمد لله.
وبادرها بسؤال آخر جديد:
_يعني تقدري تتحركي كويس؟
وكان سؤاله يحمل غموض لم تفهمه، لكنها أجابت:
_اه الحمد لله اقدر اتحرك.
اومأ برأسه وبنفس نظرته الغامضة قال:
_تمام، في سواق بعربيه مستنيكِ تحت هيوصلك مكان ما تقوليله.
بُهتت ملامحها وابتلعت ريقها بالكاد وسألته بعدم فهم:
_يعني إيه؟ يوصلني فين؟
وبهدوء تام لا يناسب الموقف أجاب:
_لأهلك.. لبيتك... للشارع.. براحتك.
اتسعت مقلتيها في صدمة، وسألته بفاه قد فغر:
_إيه؟
اقترب خطوة منها وقال بفحيح أرعبها، ونظرة قاسية جمدتها مكانها:
_بس لو لمحت وشك تاني هعمل اللي منعت نفسي منه دلوقتي، انا عمري ما اديت لحد فرصة تانية، لكن اعتبرتك عيلة هبلة واضحك عليها بالتهديد او غيره، والرصاصة اللي خدتيها دي شفعتلك عندي.. فهتختفي من حياتي خالص.. ولو شوفتك صدفة هتبقي انتِ الجانية على نفسك...!!!!!!
......... انتهى الفصل......
تكملة الرواية من هناااااااا
لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا
بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل
متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا
الرواية كامله من هناااااااااا
مجمع الروايات الكامله اضغط هناااااااا
مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا
تعليقات
إرسال تعليق