القائمة الرئيسية

الصفحات

translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية ظلام الصعيد الفصل الثالث 3 بقلم نور الشامى حصريه في مدونة موسوعة القصص والروايات

 

رواية ظلام الصعيد الفصل الثالث 3 بقلم نور الشامى حصريه في مدونة موسوعة القصص والروايات 





رواية ظلام الصعيد الفصل الثالث 3 بقلم نور الشامى حصريه في مدونة موسوعة القصص والروايات 



لفصل الثالث

ظلام الصعيد


كان الليل ساكنا قبل أن يشقه دوي الرصاص والطلقات مزقت جدار السكون، وارتج البيت بأكمله، فيما تعالت الصرخات من كل صوب وهرع الجميع في فوضى لا يدرون من أين يأتي الخطر ولا إلى أين يفرون حيث كان جبل واقفا في صدر الممر، قبضته القوية تمسك بيد غفران المرتجفة، تحتمي به وهي تصرخ بخوف:


يا ساتر يا رب... يا ساتر!.. اي ال بيوحصل... مين دول 


شدد على يدها وهو يهتف بغضب:


متمشيش خليكي مكانك ... الرصاص حوالينا.. اهدي 


لم تستجيب غفران  أفلتت يدها من قبضته واندفعت تجري، فالتقط جبل صوت خطواتها، وصرخ بأعلى صوته:


هتموتي يا غفران.. خلبكي علي الأرض...انتي مجنونه 


لم تلتفت بل ركضت ناحية سلمى التي كانت عالقة وسط إطلاق النار، وانقضت عليها لتسحبها بعنف وسقطتا معاً على الأرض والطلقات تتناثر فوق رؤوسهما حتى غشى المكان دخان كثيف وهدير نيران ثم، فجأة... سكن الرصاص. وساد صمت ثقيل بعد العاصفة واندفع أسد إلى الداخل، خطواته سريعة، وصوته يجلجل وهو ينادي:


هربوا... بس هنمسكهم.. جبل... إنت كويس


اقترب منه، لكن سرعان ما اتسعت عيناه دهشة حين لمح الدم يسيل خفيفا من يد جبل وخدش بسيط أحدثته رصاصة طائشة. ووضع يده على ذراعه قلقا وهو يهتف:


إيدك اتصابت


لكن جبل لم يعر الأمر انتباها ورفع رأسه بحدة وقال بلهفة:


حد حوصله حاجه.. الكل كويس 


وفي تلك اللحظة جاءه صوت غفران مضطربا وهي تمسك بسلمى:


سلمي... انتي كويسه؟ ردي عليا


ارتجف قلب جبل فتقدّم مسرعاً، كأن قدميه تقودهما دون بصر. وركع بجوار سلمى ومد يده المرتجفة يتحسس وجهها، وصوته ينزف خوفاً:


سلمي ردي... فوجي بالله عليكي مالك.. انتي اي ال حوصلك 


لكنها كانت فاقدة الوعي. حاول أن يوقظها بلمسات متوترة على وجنتيها، وكل من حوله يراقب حتيغفران شردت للحظة تلاحظ ارتجاف صوته وقلقه، أما نجاة فشهقت بخوفٍ على ابنتها، وصوت صفية ارتجف وهي تقول:


انت بخير يا ابني؟ طمني عليك الأول يا جبل... انت كويس اي ال حوصل 


لكنه لم يجب، لم يسمعها أصلا... كان كل تركيزه على سلمى. وما هي إلا لحظات حتى فتحت عينيها ببطء، وعيناها تلمعان بدموع متجمعة، وحين وقعت نظرتها عليه، اندفعت إلى حضنه فجأة وهي تبكي بحرقة:


كنت هموت يا جبل


طوقها بذراعيه بحذر، وصوته يفيض قلقا وهو يسأل:


حوصلك حاجه؟ حد جرحك


هزت رأسها باكية، ثم شهقت وهي تلمح يده الدامية، فصرخت:


إيدك.... يا جبل يدك بتنزف


تدخل أسد بخطوات حاسمة وهو ينظر إلى النزيف ويقول بصرامة:


لازم نخرج فوراً... ونروح المستشفى. يلا يا جبل، أنا هسندك


مد اسظ ذراعه ليساعده، فترك جبل يد سلمى ببطء، ونهض وهو يتوكأ عليه. فيما غفران تبعتهم بنظرات حائرة، ونجاة تحبس دموعها من شدة خوفها على ابنتها، وصفية تسير خلفهم تدعو الله في سرها أن يحفظ أبناءها من كل شر وبعد فتره من الوقت كانت غفران جالسة في الغرفة، وجهها شاحب وعيناها متورمتان من كثرة البكاء، تحاول أن تلملم أنفاسها بعد ما مرّت به. الباب انفتح بقوة، ودخلت حورية، زوجة أسد، بنظرة صارمة وصوت يقطر عصبية:


غفران... يلا جوومي  معايا.... أنا ههربك من اهنيه قبل ما يوحصلك حاجه من  الخوف أكتر من اكده


رفعت غفران رأسها ببطء وصوتها متقطع وهي تهز رأسها بالنفي:


لع ... مش هينفع... هو هيلاجيني... وهيجيبني


زفرت حورية بضيق واقتربت منها:


هو مين ال هيلاجيكي... جومي يا بنتي معايا انقذي نفسك 


ترددت غفران لحظة، ثم قالت بصوت خافت:


مين جبل دا يا حورية؟


جلست حورية على حافة السرير و نظراتها امتزج فيها شيء من الحذر والحدة، وأجابت بعد تنهيدة ثقيلة:


جبل؟ دا كان ضابط شرطة... وال اعرفه عنه إنه كان من أجرأ الضباط ال شافوها و مبيخافش من حد ولا بيرجع خطوة لورا. أتصاب  في مأموريه  كبيرة وبجا كفيف .. ومن يومها وهو بيتحرك في الدنيا كأنه شايفها...ال ميعرفش ان جبل كفيف مستحيل يحس..هو بيتعامل عادي جوي . ومع ذلك، محدش بيجدر يوجف جصاده وصوته بس بيخلي ال جدامه يتهز هو قوي... وعنيد... وال يعرفه يجول إن جواه نار مش بتنطفي. بس في نفس الوجت... تصرفاته مش بتعجبني، جاسي زيادة عن اللزوم، مبيفكرش غير بالانتجام والعدل بطريجته هو، كأنه شايل الدنيا كلها فوق كتافه....و جبل عمره ما كان بيظهر وسط العيلة، أغلب حياته بعيد عن اهنيه.. في المدن ومع شغله. عشان كده، لما بيرجع الصعيد، حضوره بيبقى تقيل على الكل. الناس بتحترمه وبتخاف منه في نفس الوجت... زي ما يكون جبل بجد، واجف جدامك، لا بيتزحزح ولا بيتهز


أطرقت غفران برأسها وهي تتنفس بصعوبة، ثم همست بصوت مرتجف:


يعني هو مش هيسيبني... هو عايز ينتجم مني علشان جمال... مش هيرتاح غير لما يخلص عليا زي ما حوصل مع جمال.... هو جمال فعلاً انتحر يا حوريه 


أومأت حورية ببطء، وكأنها تستعيد الذكرى:


أيوه... جمال كان مهووس بيكي، ودا مكنش حب، كان جنون. هو كان عايزك بأي طريجة. وإنتي لما طلبتي الطلاج بسبب عجزه والموضوع انتشر... كرامته اتكسرت ونفسيته اتدمرت. انتحر وهو مليان غل 


شهقت غفران  وصرخت بحرقة:


والله يا حورية... اتحايلت عليه كتير يطلجني. إنتي كنتي شايفة بعينيكي بيعمل إي... دا مكنش بني آدم. كان بيعذبني وبيذلني... وأنا كنت بترجاه يسيبني في حالي.. كان دايما يضربني ويهيني وبيعاملني بطريجه محدش يستحملها 


اقتربت منها حورية واحتضنتها وتربت على ظهرها ببطء محاولة تهدئتها:


خلاص بجا.... كفاية. اهدي ونامي شوية، اليوم كان صعب عليكي


أغلقت غفران عينيها وهي تبكي بصمت، في حين جلست حورية بجوارها، تراقبها بعينين يختلط فيهما الحذر بالشفقة وفي صباحٍ جديد، وبينما كانت غفران  تحاول أن تجرّ لنفسها بقايا نومٍ سطحي حتي شعرت برعشةٍ غريبة تمر بجسدها كأن شيئا ما يدعوها لتفتح عينيها. ففتحت عينيها ببطء لتصطدم برؤيةٍ جعلت الدم يتوقف في عروقها... شخص ملثم يقف خارج الغرفه فـ. قفزت من مكانها بسرعة تحاول أن تهرب لكن ساقيها تلعثمت وسقطت على الأرض.... كانت الجدران تضيق على غفران وهي ترتجف ملقاة على الأرض، تصرخ برعب خانق. وفجأة  ودخل هذا رجل مغطى الوجه بقناع أسود، خطواته ثقيلة فـ ارتعد جسدها، وزحفت إلى الخلف والدموع تنهمر وهي تصرخ:


سيبني بالله عليك… يا جبل.... يا جبل الحقني


اقترب منها أكثر و مد يده بعنف وأمسكها، ثم ألقاها فوق الفراش بقسوة، فصرخت بحرقة، وهو يرفع يده ببطء إلى القناع فهتفت بصراخ:


إبعد عني… بالله عليك سيبني.. انت ميين عاد... يا ناس حد يساعدني


وفي اللحظة التي انزلق فيها القناع وسقط أرضا، تجمدت عينا غفران و شهقت شهقة مكتومة، ووضعت يدها على فمها برعب… إذ كان الوجه المكشوف أمامها هو جبل الذي بدأ في ضحك هستيري حتي انقطع ضحك جبل فجأة، ووقف مشدودا أمامها وعيناه تلمعان بغضب مقطع للنفس و. اقترب منها بخطواتٍ سريعة، وكان صوته حين تحدث قاسياً يقربه من الهلع أكثر:


أنا هبجى عملك الأسود في الدنيا دي 


انهارت غفران من البكاء، وصرخت متوسلة بدموع تغلي على خديها:


حرام عليك... إنت بتعمل فيا اكده ليه؟!  جمال كان واطي وحقير... اي بتار دا ال هتاخدي مني علشان ندل زي دا و 


لم تكمل كلامها، إذ امتدت يد جبل بسرعة صارمة، أمسك رقبتها بـ قبضة خانقة، ولقاها على السرير وهو ممسك بعنقها  ووجهه قريب من وجهها وصوته صارحا بالتهديد:


متخلنيش أجتلك .. وأوعى تجيبي سيرة جمال على لسانك. أنتي كل تفكيرك في القرف ال بتفكري فيه دا...وانا اديتهولك علشان اكده ساكته...اما جمال  روحتي فضحتيه   وجولتي  للمحكمة إنه عاجز


حاولت غفران أن تتنفس وتتكلم بين الاختناق والهلع فهمست :


 والله أبدا... إنت متعرفش كان بيعمل إي و


 لكن كلماتها تقطعت، وأنفاسها اختنقت وفي تلك اللحظات دخلت صفية مسرعة إلى الغرفة، وجهها يجمع بين القلق والصرامة. وبلمحة من الأمهات التي تعرف متى تكبح إبنها اندفعت نحو جبل ودفعت يمينه بألطف ما يمكن ولكن بحزم وهتفت:  


كفاية يا ابني... سيبها! حرام عليك، هتموتها


تردد جبل لوهلة، ثم سمعته سلمى وهي تجذبه بعنف خارج الغرفة، تسحب ذراعه وتشده بعيدا عنها فتقدمت صفيه نحو غفران. نظراتها تختزن شيئا من الحزن تحت صرامتها. واقتربت منها وهمست بضيق وكأنها تحاول إصلاح ما أمكن:


انتي كويسه.. اجيبلك الحكيم 


همست غفران تحاول أن تبلع دموعها وتلتقط أنفاسها و تقول بين شهقات وبكاء:


انتي عارفة كل حاجة... جولي لابنك بالله عليكي... خليه يرحمني... ابوس يدك يا حجه.. انا غلطانه انا السبب في موت ابنك... انا السبب في كل حاجه.. بس خلي جبل يرحمني. انتي مرت عمه وزي امه لو جولتيله هيسيبني امشي 


نظرت صفية إليها بحزن عميق، ثم التفتت ببطء وخرجت من الغرفة، تاركة الصوت الخافت لغفران يتلاشى بين أنين البيت وبعد دقائق قليله كانت يد سلمي ما تزال متشبثة بيده، تمشي بجواره كأنها تخشى أن يفلت منها أو يبتعد، حتى وصلا إلى حديقة البيت و نسيم الصباح حمل رائحة التراب المبلل، لكن بينهما كان الجو مكهرباً بالغيظ والوجع. وفجأة توقف جبل، وسحب يده من يدها بقوة، وصوته انفجر في المكان:


كفاية يا سلمي… سيبيني بجا.. في اي عاد.. هو انا عيل صغير 


ارتجف جسدها للحظة، لكنها لم تتراجع و نظرت إليه بعينين دامعتين وقالت بحرقة:


انت بتعمل اكده ليه... إي ال دخلك في كل ده من الأول؟! اعمل العملية وطلجها… بالله عليك يا جبل… خلينا ننهي الحكاية دي ونرتاح.


تصلبت ملامحه، واشتدت قبضته  وهو يرد بغضب مكبوت:


وبتار ابن عمي؟! هسيبه يضيع اكده من غير ما آخد حقه وبعدين عملية إي دلوجتي..... العملية هتاخد وجت طويل… وأنا مينفعش أختفي الفترة دي كلها والله اعلم هتنجح ولا لع 


شهقت سلمي وعيناها تتأججان بنيران القهر:


لحد إمتى هتفضل اكده... تفكر في غيرك وتسيب نفسك تضيع؟! فكر في نفسك شوية يا جبل


اقتربت منه ببطء، ثم رفعت يدها المرتجفة ولمست وجهه بحنان مهتز ورددت :


 إنت عارف أنا بحبك قد إي… وإنت لسه بتحبني. إنت يمكن مش شايفني، بس حاسس بيا… مش اكده


أغمض جبل عينيه بشده، كأنه يحاول أن يُطفئ نارا تتأجج داخله، وان يمسك على قلبه حتى لا يضعف أمامها. لكنه ما لبث أن أمسك يدها وأبعدها عن وجهه بحزم:


خلاص يا سلمي… احنا جفلنا الموضوع ده من زمان.


شهقت باكية، ثم اقتربت خطوة أخرى وهتفت :


بس إحنا لسه بنحب بعض… إنت عارف وأنا عارفة.


مددت وجهها نحوه، تكاد تلامس أنفاسه بأنفاسها، لكنه تراجع بعنف وصرخ صرخة دوت في المكان:


سلمي... إنتِ اتجننتي ولا إي... إزاي تفكري في حاجة زي دي؟! وبعدين أنا… أنا متجوز


تجمدت للحظة، ثم حدقت في عينيه  ودموعها تنساب على وجنتيها، وقالت بمرارة ممزوجة بالعصبية:


متجوز... هو إحنا هنضحك على بعض إنت متجوزها علشان تنتجم منها وبس


احمرت ملامحه من الغضب وقبض على عصاه بقوة، وكأن الأرض ترتج من تحت قدميه، وصاح:


بس متجوز برده..... انتجم… أجتلها حتى… دا موضوع تاني! لكن خيانة؟! لأ يا سلمي… أنا مش اكده. عمري ما هخون حتى لو مش بكره حد زيها في الدنيا دي كلها 


ارتجفت شفتاها وهي تكاد تختنق قائله :


ـ طب وأنا؟! وأنا يا جبل 


أدار وجهه عنها وصوته انكسر للحظة قبل أن يتجلد:


 سافوي… وبلاش تضيعي مستجبلك ووجتك معايا.


ثم صرخ فجأة، صوته جلجل في الحديقة:


يا ولد... تعالي 


اقترب الحارس مسرعا، فوضع جبل يده أمامه، فأعطاه العصا البيضاء وقبض عليها، ثم استدار دون أن ينظر إلى الوراء و خطواته ثقيلة، لكنه يمشي بثبات أما سلمي، فبقيت واقفة مكانها، أنفاسها تتلاحق، دموعها تنهمر بحرقة، ثم أطلقت صرخة من القهر والغيظ، ارتجّ لها قلب الحديقة، وانهارت على مقعد خشبي وهي تضرب كفها بكفها في يأسٍ خانق وبعد منتصف الليل

كانت غفران تحمل حقيبة صغيرة بيد مرتجفة، خطواتها خفيفة تتسلل في ظلام الممر الطويل، تتلفت حولها خشية أن يراها أحد. قلبها يخفق بقوة، وكأن جدران البيت تسمع أنفاسها وتفضح سر هروبها. واقتربت من الباب الخلفي، كادت يدها تلمس المزلاج، حين اخترق صمت الليل صوت أنين متقطع. فتجمدت في مكانها،ط و التفتت ببطء، وجاء الصوت من الغرفة الجانبية. وترددت لحظة عقلها يصرخ  ويقول امشي يا غفران.. دي فرصتك، سيبيه وروحي.


 لكن قدماها حملتاها رغما عنها نحو الغرفة.  ودفعت الباب بخفة، وإذا بالظلام ينكشف عن صورة جبل  ممددا على السرير، عاري الصدر، والعرق يغطي جسده. وصدره يعلو ويهبط ببطء،  واثار التعب والرصاصة التي أصابته ما زالت تنخر فيه فـ اقتربت أكثر و يداها ترتعشان وهي تلمس جبينه فشعرت بحرارة عالية تكاد تحرق كفها وغامت عيناها بين الخوف والشفقة، وكادت تسحب يدها وتغادر، لكن ضميرها شدها لتبقى وفجأة، تحرك جبل وهو يهذي ويردد بصوت مبحوح متقطع:


كان لازم اجتله… هو خاين… كان لازم يموت… جمال و


شهقت غفران وقد جمد الدم في عروقها عند سماع الاسم. وعينها اتسعت رعبا وشفتيها ارتجفتا وهمست دون وعي:


جمال و

لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل 

متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا

الرواية كامله من هناااااااااا

مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا

مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا






تعليقات

التنقل السريع
    close