رواية ما ذنب الحب الجزء الثاني لرواية (ضحايا الماضي) الفصل الثاني عشر 12بقلم الكاتبة شهد الشورى
رواية ما ذنب الحب الجزء الثاني لرواية (ضحايا الماضي) الفصل الثاني عشر 12بقلم الكاتبة شهد الشورى
#الفصل_الثاني_عشر
#رواية_ما_ذنب_الحب
#الجزء_الثاني_لرواية_ضحايا_الماضي
#الكاتبة_شهد_الشورى
جلست ريما على المقعد، وقابلها يوسف في الجهة المقابلة انحنت بنظرها إلى الأرض، تعتري شفتيها ابتسامة خجولة مزيفة فهي تُجيد لعبة الإيهام !!!!
لكن يوسف لم يمنحها فرصة للمراوغة، فباغتها بسؤال مباشر قاطع، ليلمس ردة فعلها الحقيقية :
وليد مات
ارتبكت للحظة، ثم تظاهرت بالحزن، محاولة التماسك بصعوبة بالغة، ولم يخفى على يوسف ارتعاش يديها، فتابع حديثه بمكر أكبر :
ليلى هي اللي قتلته.....تفتكري قتلته ليه؟
انتفضت ريما وهي ترمقه بنظرات امتلأت بالغضب والغيظ الذي لم تستطع إخفاءه بالكامل، خاصةً مع ذكر اسم ليلى :
مكتوب عليا أخسر كل غالي بسبب بنت خالك، وأنت كنت سبب في خسارتي لأعز اتنين على قلبي يا يوسف، بسبب علاقتك أنت وأروى أنا خسرت أختي، وبسبب اللي عملته فيا وقربك مني في الليلة دي اضطريت أبعد عن حبيبي وليد ومات وهو زعلان مني، مات وهو فاكر إني اتخليت عنه عشانك وإني خاينة، أنت كنت سبب من الأسباب اللي تخلي ليلى تعمل كده، ليلى اللي قتلت أختي وحرمتني منها، ليلى اللي قتلت حبيبي وليد بنفس الطريقة اللي قتلت بيها اختي.....وبنفس السكينة
اجتاح الغضب الخفي يوسف، فقبض على كف يده بقوة في الخفاء، محافظًا على هدوئه الظاهري وواصل سؤاله بمكر :
وأنتي عرفتي إزاي إنه اتقتل بنفس الطريقة ونفس السكينة، تفاصيل القضية منزلتش كاملة ولا حد يعرف عنها حاجة، كل اللي اتقال إنه مات مقتول، والباقي أهلي كتموا عليه في الأخبار
اهتزت ريما في مكانها، فغيرت الموضوع على الفور، وسارعت إلى التظاهر بالحزن والدموع محاولة استعطافه وتوجيه شعوره بالذنب نحو نفسه :
قلبي واجعني عليه أوي يا يوسف، عقلي مشوش خالص، مش قادرة أتخطى لحد اللحظة دي موت أروى عشان يزيد على وجعي وجع فراق وليد، أنت لازم تاخد حقهم منها يا يوسف، لازم ليلى تموت زي ما هما ماتوا، لازم تدفع التمن
جاء صوت يوسف صارماً، خالياً من أي تعاطف، يخترق محاولاتها الواهية :
ريما، سؤالي واضح، عرفتي إزاي إن وليد مات بنفس الطريقة اللي ماتت بيها أروى وكمان بنفس السكينة، جيبتي كل المعلومات دي منين؟
لاحظ ارتباكها الشديد وتصبب العرق على جبينها من التوتر، فباغتها بسؤال آخر ليكشف زيفها :
وعلى حد علمي اللي بيزعل على حد مات إنه بيلبس أسود، مش.......
ألقى يوسف بنظره إلى ملابسها ذات الألوان الزاهية التي تتنافى تماماً مع أي مظهر حزن، لم تستطع ريما تحمل الضغط، فصرخت فيه بغضب لتصرف الانتباه عن ارتباكها :
في إيه يا يوسف، عمال تقول كلام غريب وبتسأل أسئلة أغرب كإني متهمة و.......
قاطعها يوسف بكلماته الصارمة، التي نزلت على مسامعها كالصاعقة :
اصلاً الطب الشرعي أثبت إن ليلى ما قتلتش وليد
تجمدت ريما في مكانها، واتسعت عيناها في صدمة، وتلعثمت شفتاها وهي تسأله بذهول :
انت بتقول إيه؟
اقترب يوسف منها خطوة، ثم قال ونظراته تخترقها :
وليد كان مركب كاميرات في بيته، بالتحريات، قدرنا نعرف مكانها وشغلناها، وشوفنا اللي عليها كل حاجة حصلت بالظبط ليلة الحادثة، ده غير الكاميرات المخفية في العمارة اللي قصاد عمارة وليد، والقاتل فيها ظاهر بوضوح وهو بيهرب بعد ما ارتكب جريمته، زمانهم دلوقتي اتحفظوا عليه !!
ردت ريما بسرعة فائقة دون تفكير، وقد خانتها سرعة بديهتها المربكة وخوفها من أن حقيقتها كادت أن تنكشف تمامًا :
إزاي عرفوه وهو مغطي وشه؟!
استوعبت ريما ما قالته، فازداد توترها، فتابع يوسف حديثه وهو يتقدم نحوها خطوة أخرى، بينما تراجعت هي للخلف خطوة والخوف مسيطر منها :
ده غير إن الطب الشرعي أثبت إن فيه خصل شعر كانت جنب وليد، وبقاياها كانت في كف إيده، والخصل دي مش مطابقة لخصل شعر ليلى، ده غير إنهم لقوا بقايا جلد على ضوافر وليد وبرده مش لليلى، الطب الشرعي أثبت إن كل ده حصل لما كان بيحاول يدافع عن نفسه
ارتبكت ريما، وبحركة عفوية غير محسوبة، اصطدمت يدها بمزهرية سقطت وتحطمت على الأرض، اقترب منها يوسف أكثر ولم يُعر سقوطها اهتمامًا، وتابع كلامه بغل ظهر بوضوح في نبرته :
ده غير فيديوهات أصلية لموت أروى لقيناها في بيت وليد، الظاهر إنه كان مصورها عشان مش واثق في القاتل
اقترب منها جدًا، حتى كادت أن تشعر بلهيب أنفاسه، وقال بنبرة وكأنها جاءت من الجحيم لتحرقها :
ده غير المنوم اللي القاتل حطه ليا في العصير عشان يوهمني إن حصل بينا حاجة......
قاطعته ريما بكلمات متلعثمة خائفة، وقد أدركت أنه قد عرف الحقيقة كاملة :
يوسف.....انت فاهم غلط.....
في تلك اللحظة، لم يتمالك يوسف نفسه، فارتفع كفه وهوى على وجهها بصفعة قوية، اهتز لها رأسها، ونزف فمها دمًا، وسقطت أرضًا من شدة الضربة، اقترب منها، فدفعت بنفسها إلى الخلف، وصرخت عليه بغضب جامح :
أنت اتجننت يا يوسف؟!
صرخ يوسف عليها، والغضب يعتصر قلبه ويشعل صوته :
وهو إنتي وأختك سيبتوا فيا عقل؟ عقارب لفت حواليا، دمرتوا حياتي، خسرتوني أهلي، مشيتوني في طريق عمري ما كنت أتخيل أمشي فيه......
وقفت ريما بصعوبة بالغة، وصرخت عليه هي الأخرى بحدة :
محدش فينا ضربك على إيدك، انت اللي اخترت تعمل كل ده بإرادتك، مشيت في الطريق الزفت ده برغبتك بعد موت أروى، وأنا يدوب فتحتلك سكة مش أكتر، بعتلك واحد غريب وأنت أول ما سمعت منه قولت آمين قولي إحنا عملنا فيك إيه؟ أروى لعبت عليك وأنا لعبت عليك، بس أنت ماكنتش عيل صغير بريالة، أنت واعي كويس أوي كنت بتعمل إيه، مين أروى ومين أنا عشان تصدقنا وتنسى أهلك اللي اتربيت وسطهم فوق العشرين سنة
ازدادت نبرتها حدة، وتدفقت كلماتها العشوائية كالسيل :
شوف، أنا زبالة وفيا العبر، وأروى ماكانتش ملاك زي ما كنت فاكر، أروى كانت عارفة كويس أوي هي بتعمل إيه، وأنت كمان كنت واعي للي بتعمله، ومع ذلك دوست على الكل، حتى أهلك
اخذت نفسها ثم تابعت بغضب، وحزن :
روحت حبيت أروى اللي خسرتك أهلك كلهم وخليتك عدو للكل، مع إنك لو حبيتني، كنت هكون رهن إشارتك، كنت هعمل كل اللي تقولي عليه من غير كلام، كنت بس حبني يا يوسف، ساعتها كنت هتغير، كنت هكون عابدة ليك
صرخت عليه بغل، بينما يوسف يسمعها والاشمئزاز والغضب واضحان على ملامحه :
لكن أنت حبيتها هي يا يوسف، حبيت أروى، ولو ماكانتش أروى موجودة، كنت هتروح لليلى، بس أنا عمري ما كنت في حساباتك، مع أنا أكتر واحدة حبيتك فيهم يا يوسف، حد فيهم قتل عشانك، حد فيهم حبك لدرجة إنه يخسر أقرب الناس ليه عشانك، حد فيهم حبك لدرجة العبادة زيي؟
اقتربت منه وتابعت قائلة بغل :
أروى عمرها ما حبيتك، أروى قربت منك عشان خاطر أبوك، أبوك اللي شغلها في شركته عشان خاطر بابا، لكنها حبته بس هو ماعبرهاش، فقررت تشوف أخوك وترمي شباكها عليه، لكن مروان ما عبرهاش، مروان ما ادهاش وش وضربها، فلفت شباكها عليك وهي عارفة إني بحبك، قربت منك وخطفتك مني وهي عارفة إني بتمنى منك نظرة، كل ده عملته عشان تقرب من أبوك، كل لمسة وكل حركة كانت بتغوي بيها أبوك كانت بتيجي تحكيها ليا، كانت بتقولي إزاي كانت بتحاول تلفت نظره وإزاي كان بيصدها، وإزاي قالتلي إنها هترمي شباكها على مروان، لكن الظاهر إنها ما قدرتش غير عليك أنت، ما قدرتش غير على واحد ضعيف زيك كان عنده استعداد لكده من الأول، أنت جواك وحش يا يوسف، ما ترميش غلطك على حد
كاد يوسف أن ينقض عليها ليضربها، لكنه تمالك نفسه وفضل أن يستمع إلى كلامها العشوائي وعيناها اللتان تدوران في المكان بعدم اتزان :
انا روحت ليها وقولتلها توقف الجواز منك، لكنها فضلت تهين فيا، فضلت تذل فيا وتعايرني، فضلت تستفزني وتقولي إنها قربت منك، وإنك بتحبها، وإنك مش شايفني، قالتلي إني رخيصة ونسيت إنها مش أحسن مني، قالتلي أبويا وأمي عمرهم ما حبوني زيها، عايرتني بشغلي في الدعارة ونسيت إنها اللي دخلتني عليه، عايرتني بكل ده وهي السبب فيه، هي اللي دخلتني الطريق ده، ولما طلعت منه شافت نفسها عليا، ساعتها ما شوفتش قدامي، مسكت السكينة وفضلت أضرب فيها، ومع كل ضربة كنت بحس إني باخد حق سنين طويلة كلهم احتقروني فيها، أروى كانت شيطانة تستحق الموت، أنا عمري ما ندمت على قتلها، يمكن دي أحسن حاجة عملتها في حياتي !!
ثم تابعت وهي تضرب رأسها بيدها بهستيرية :
قبلها كانت ليلى وأبوك وأمك عند أروى بيهددوها تبعد عنك بدل ما يفضحوها ويقولوا ليك إنها واخداك كبري عشان أبوك، لكن هي بجحت فيهم، ساعتها ليلى رفعت السكينة على أروى تهددها، لكنها ما عملتش حاجة، مجرد كلام ومشوا بعدها، أنا وأروى اتخانقنا وقتلتها بإيدي، وليد اتصل بيا في وقتها مش عارفة إزاي، حكيت له فجيه لحد عندي وبسرعة خلصنا كل حاجة، جرحت نفسي.....خلصت كل حاجة، السكينة وكله، بعدها دخلت المستشفى، في الوقت ده خططت لكل حاجة مع وليد، ركبنا الفيديو، عملنا كل حاجة مع بعض، لما ليلى رفعت السكينة على أروى عشان تهددها ده ساعدني.... ساعدني عشان ألبس ليها تهمة قتل أروى، صحيح ما فيش دليل ضدها وحذفنا كل السجلات عشان ما يبانش إنها خرجت من العمارة قبل موت أروى بكتير، بس أروى ما كانتش بتثق في حد، كانت بتحط كاميرات في كل ركن يخصها وده خلاني أستفاد، تعبت كتير أوي عشان أنهي الموضوع وأبعد الشبهات عني، لكن كان لازم أبعدك عن ليلى، كان لازم أبعدك عن أي حد يخليك تبعد عني
ثم تابعت وهي تحرك يدها بعشوائية :
أنت قولتلي بعدها إنك عاوز تشتغل أي شغل يدخلك فلوس حلال أو حرام مش فارقة، فروحت للناس اللي شغالة معاهم، خليتهم يتعرفوا عليك ويدخلوك في الشغل ده، فكرتك خلاص هتفضل جنبي، لكن أنت سافرت ووليد فضل يهددني إنه يقولك، وليد أنقذني من ورطة قتل أروى مقابل إني أتجوزه، فضلت أماطل معاه بكذا حجة وكنت عارفة إنه هيسكت، ولما أنت رجعت من السفر فرحت وقولت خلاص، فرصتي من تاني رجعتلي، بس أنت كنت بتصدني كالعادة، ووليد لما عرف إنك رجعت فضل يهدد فيا، فكرت إنك هتنتقم من ليلى بس لقيتها هي اللي بتفوز عليا وعليك، فكان لازم أتصرف، كان لازم أبعدك عن ليلى وأخليك ليا، كنت عارفة إنك عندك ضمير وشهم، لو لمستني مش هتتخلى عني خصوصًا لو بالغصب، فلعبت عليك اللعبة دي، حطيتلك منوم وقلعت هدومي ونمت جنبك
نظرت له بهيام، ودموعها تنساب على وجنتيها، ثم قالت بهوس وهي تنظر إليه :
كانت أحلى ليلة في حياتي.....نمت في حضنك وشميت ريحتك، اتأملت ملامحك، جربت معاك كل حاجة كان نفسي أعيشها معاك يا يوسف، كان نفسي أحضنك لو لمرة من غير ما أضطر أهرب وأمثل، كان نفسي أتأملك براحتي من غير ما أبعد عيوني لـ تشوفني، كان نفسي تحبني أوي يا يوسف، كان نفسي بس تشوفني
مسحت دموعها وتابعت بقهر :
بعدها ليلى ضربتني واتهانت قدامك لكنك ما عملتش حاجة، لو أروى أو ليلى كانوا مكاني كنت قومت الدنيا، بس معايا أنت غير يا يوسف، أنا ولا حاجة بالنسبة ليك زي ما أروى قالت
تراجعت خطوة للخلف وهي تتابع بغل :
ساعتها لما وليد عرف إننا هنتجوز هددني إنه هيقتلك، قالي إنه هيدمر كل اللي بنيته، ساعتها خطرت على بالي فكرة أخلص بيها من الاتنين، روحت اتفقت مع أمن العمارة على فلوس عشان يمسح التسجيلات، بعدها طلعتله واتكلمت معاه وشربنا سوا، أول ما ابتدى يسكر بنفس السكينة اللي قتلت بيها أروى قتلته بيها، وبعدها بعت رسالة لليلى تيجي من رقم مش متسجل واتصلت بالبوليس !!
اقتربت منه خطوة وقالت بجنون :
بعد كل ده أنا خسرت، خسرت كل حاجة، وكل اللي عملته راح على الفاضي
اقتربت من يوسف الذي كان واقفًا مذهولًا من كل ما سمع، صحيح أنه كانت لديه فكرة عما حدث، لكن أن يسمعها منها بهذا الحقد والغل، كان شيئًا آخر، وقفت أمامه ومالت برأسها قليلًا، قائلة بدموع :
كنت مستعدة أخسر كل حاجة يا يوسف بس ما أخسركش، ما أشوفش النظرة اللي في عنيك دلوقتي دي ليا، حبني، حبني عشان خاطري، وأنا هبعد عن كل القرف ده، لو أنت طلبت مني هكون زي ما تحب، بس أنت حبني شوية، مش هقولك كتير لا، بس شوية يا يوسف !!!
قبض يوسف على فكها بقسوة، وقال بغل وغضب جامح :
ربنا رحم أختك لما غارت في داهية وماتت من اللي كنت هعمله فيها لو كانت عايشة، إنما أنتي قسمًا بالله لهتشوفي العذاب ألوان على ايدي، إنتوا الاتنين مش بشر، إنتوا شياطين، دمرتوا حياتي، وخسرتوني كل حاجة !!
ثم انقض عليها بوحشية عارمة، فبدأت يداه تنهالان عليها بالضرب بعنف جنوني، جذبها من خصلات شعرها، ثم بدأ يصفعها ويركلها بلا هوادة، كانت تحاول الدفاع عن نفسها، تتلوى في محاولة يائسة للإفلات من قبضته المُحكمة، لكنها لم تكن قادرة على مقاومة هذا الطوفان من الغضب
كان يوسف مغيباً تماماً، يضربها يفرغ فيها كل ما يحمله من غل ووجع، كان ينتقم لكل الألم الذي عاشه بسبب شيطانة مثلها، لقد رحم اللّٰه اروى فلو قدر لها البقاء على قيد الحياة لكانت رأت العذاب على يديه
يوسف، الذي لم يرفع يده يوماً على امرأة، بات يرى في هذه اللحظة أنها ليست امرأة ولا إنساناً، بل شيطانة في هيئة بشر، دمرت حياته هي وأختها، ولعبتا بمصيره حتى أوصلتاه إلى هذا الدرك
قبض على عنقها، يخنقها بكل ما أوتي من قوة وغضب مُميت، في تلك اللحظة الحرجة، اندفع عناصر الشرطة من الخارج بصحبة حمزة وشريف، حاولوا جاهدين إبعاده عنها، لكنه كان يفلت منهم ليعود إليها مرة أخرى بقوة جبارة، صفعها بقوة أسقطتها أرضاً، ثم ركلها في بطنها ركلة عنيفة، كان كل ذلك يحدث وهو في حالة من الغياب التام، غياب أحدثه الإدراك المتأخر بأن حياته تدمرت بسببها، وبأنه خسر كل شيء !!
استمر يصرخ وهو يضربها بعبارات تحمل الخذلان واليأس، كانت ريما شبه فاقدة للوعي، وجهها مغطى بالكدمات، والدماء تنزف من أنفها وفمها، انهار يوسف بعدها، وأخذ يكسر كل شيء حوله
غادر الجميع، وبقي هو ظل شريف واقفا في مكانه، لكنه لم يشعر بذرة من الشفقة تجاهه، بل على العكس، كان يرى أن هذه هي نهاية الغباء، نهاية أن يلغي المرء عقله ويسلم قياده لغريبة، كانت تلك بنظره نهاية من لم يمتلك ثقة في أهله، وصدق الأكاذيب بسهولة، نهاية من نسي كل جميل لمجرد مقطع فيديو كان بإمكانه أن يكتشف زيفه، في عين شريف، لم يكن يوسف ضحية أبداً......
لقد كان جانياً مثلهم، بل وأكثر، فلو كان يملك ذرة عقل وثقة، لكان أوقف شر أروى وريما منذ زمن بعيد
تنهد شريف بعمق، ثم التفت مغادراً، تاركاً يوسف يواجه عواقب قراراته وحده !!
............
بعد كل ما حدث، وبعد خروج ليلى من السجن، ذهبت مباشرةً إلى بيت أهلها، وعاد الجميع إلى منازلهم......إلا هو
بقي يوسف وحيدًا، تائهًا، لا يدري إلى أين يذهب، ولا إلى من يلجأ، وبأي وجهٍ يعود
لم يكن صغيرًا في نظرهم فحسب، بل في نظر نفسه قبلهم كان يحتقر ذاته حد الألم
انهمرت دموعه كطفلٍ ضائع، ولم يشعر بنفسه إلا وقد حملته قدماه نحو بيت أبيه وأمه !!!
كان بحاجة إليهما أكثر من أي وقتٍ مضى، لكنه كان يعلم في أعماقه أن غفرانهما بعيد.....بعيد جدًا
حل الليل، وجلس الجميع في صمتٍ ثقيل، كأن الهواء نفسه يهاب الكلام
خرجت غنوة من المطبخ، تحمل كوبًا من اللبن لـ حياة بعدما طلب منها بدر أن تُحضره لها
وقفت بينهم، تتأمل وجوههم الجامدة، الصمت يملأ الأجواء، فخرجت منها كلمة عفوية، فطرية :
وحدوه
ردد الجميع بخفوتٍ حزين :
لا إله إلا الله
رن الجرس، فتحت الخادمة الباب، ليظهر يوسف واقفًا على عتبته، منكس الرأس، منكسر الكتفين، ملامحه مثقلة بالشقاء
نادت الخادمة بصوتٍ عالي مفعم بالدهشة والفرح :
يوسف باشا
التفت الجميع نحو الباب، وقف بدر، وتبعه الباقون حتى صار يوسف أمامهم، رفع نظره إلى والده وأمه للحظة، قبل أن يخفضه سريعًا من شدة الخجل، والخزى من نفسه، كان النظر نحو الأرض أرحم من نظراتهم
جاءه صوت أبيه الصارم يخترق الصمت :
خير، جاي ليه؟
لم يملك يوسف جوابًا، ظل واقفًا صامتًا، والدموع تتساقط من عينيه، ورغم أن بدر وحياة تأثرا، إلا أن قلوبهما ظلت جامدة، لا تقوى على المسامحة !!
شعرت حياة بدوارٍ خفيف، فأسندها بدر وأجلسها، فاندفع يوسف نحوها، يقبل يديها والدموع تنهمر على وجهه بغزارة :
حقك عليا يا أمي......حقك عليا
سحبت حياة يديها منه، تحاول كبح دموعها بصعوبة، بينما أمسكه بدر من ذراعه بقسوة وقال بحدة :
ابعد عنها
وقف بدر أمام ابنه، تتنازع ملامحه بين الغضب والانكسار، بين شوق الأب وقهر الخذلان، وفجأةً ارتمى يوسف في حضنه، يعانقه كالغريق الذي وجد اليابسة بعد تيهٍ طويل
تجمد بدر للحظة، ثم رفع يده المرتجفة، وحاول ان يبعده لكن دون جدوى.....الآخر يتشبث فيه بقوة !!
تعالت شهقات يوسف، واهتز جسده بين ذراعي أبيه، فانسابت دموع عشق على وجنتيها، بينما ظل عاصم ومروان في مكانهما، عيونهم معلقة بوالدهما ويوسف، وقلوبهم مشتعلة بالوجع والألم
كان مروان رغم حزنه عليه يرى أن ما حدث مستحق.....
كم نصحوه، كم توسلوا إليه أن يعود.....
لكنه أدار ظهره للجميع، وركض خلف سراب، خلف امرأةٍ سلبته عقله وجعلته ينسى كل من أحبه بصدق
تمالك بدر نفسه، ودفع يوسف عنه بعنفٍ مفاجئ، وقال بصوتٍ حاد يخترق السكون :
اسف على ايه، وبتعتذر على ايه بالظبط، على قلة ادبك ولا على عدم ربايتك، ولا على وقوفك قدامنا قصاد الكل، ولا على انك فضحتنا، ووقفت قدام ابوك تبجح وتقوله انا هتجوزها غصب عنك.......
ولا على انك رحت من الباب ده ولا سألت في حد، ولا على انك روحت زنيت مع واحدة زبالة قبل الجواز، ولا على انك روحت اشتغلت في الزفت المخدرات، ومشيت في طريق شمال، ونسيت كل اللي ربيناك عليه
اهتز جسد يوسف، وارتجفت شفتاه، بينما دموعه تسيل بلا توقف، لكنه لم يجد كلماتٍ يرد بها، فتابع بدر بنفس الصرامة، لا رحمة في صوته ولا ارتجاف في ملامحه :
أنا ربيت كويس، وأمك ربت احسن مني كمان، والدليل إخواتك، بس إنت كنت زرعة فاسدة طلعت وسط الزرع النضيف، أول ما كبرت شوكتنا، وعشان إيه عشان واحدة أنا وأمك حذرناك منها من أول يوم......
فسرت خوفنا عليك تحكم، وبدل ما تسمع كلامنا اتمردت....
اتمردت وقولت بتغصبوني، ومش عايز ليلى
جرحت بنت خالك قصاد الناس كلها وما حسبتش حساب لحد
ثم دفعه بيده بقوةٍ في صدره وهو يصيح غاضبًا :
قولت غصبتوني على كل حاجة، الدراسة، الجواز، الشغل
ونسيت إنك إنت اللي اخترت كل ده بنفسك
عمرك ما كنت عارف انت عايز إيه
فاكر لما كنت بتقول زمان إنك هتتجوز ليلى؟!
الكل ضحك وهزر، وكل كلمة كانت بتتقال بهزار خدتها جد
مع إن محدش قالك اتجوزها أصلاً، ووقفلك عليها
قولنالك وقتها اتجوز اللي تختارها إلا البنت دي
ما وثقتش في كلام أبوك وأمك وأهلك كلهم، وصدقت كلام الزبالة اللي غارت في داهية وماتت
روحت فضحت بنت خالك قدام الناس، وسيبتها يوم فرحها عروسة، وقفت في السوق، وبقيت تناطح أبوك راس براس، وتعاديه وتقوم الناس عليه، كنت عايز أبوك يخسر كل حاجة، ابوك اللي كبرك، ورباك، وأمك....أمك اللي كانت بتموت كل يوم بالبطيء من الحسرة عليك لما مشيت وانت ما سألتش فيها
رفع بدر نظره نحوه، والاشمئزاز بادي على ملامحه، وصوته يقطر مرارة :
انت خرجت نفسك من وسطينا من زمان يا يوسف،
ما بقاش ليك مكان هنا، أنا ربيت تعبان في بيتي أول ما شم نفسه، وكبر.......قرصني !!!
ثم التفت إلى حياة وقال بحدةٍ مؤلمة :
عايزة تشوفي ابنك، تشوفيه بره البيت ده، انما هنا مبقاش مرحب بيه خلاص
رددت حياة، بصوتٍ مرتجفٍ يقطر ألمًا، والدموع تخنقها :
مشيه يا بدر
ساد صمتٌ ثقيل كأن الزمن نفسه توقف.....
الكل في حالة صدمة، حتى يوسف رفع رأسه مذهولًا من رد أمه، والدموع تبلل وجهه، نظر إلى إخوته، يبحث عن عطفٍ واحدٍ منهم، لكنهم جميعًا التفتوا عنه
حتى عشق، رغم دموعها التي بللت وجنتيها، لم تقترب، نظرت إليه بخيبةٍ موجعة وقالت بصوتٍ مكسور :
ضيعت نفسك بإيدك يا يوسف
خرج يوسف من الفيلا، يجر خيبته خلفه، وصوته المكتوم يختلط بأنفاسه المتهدجة
وقفت غنوة عند باب المطبخ، تبكي بصمتٍ وهي تمسح دموعها بطرف ثوبها
صعد بدر مسندًا حياة إلى غرفتها، بينما ظل الإخوة الثلاثة في الصالة، كلٌ منهم غارق في صمته
بعد لحظاتٍ، تفرقوا.....
مروان خرج إلى الحديقة، عاصم صعد لغرفته، وقفت عِشق على الدرج، عيناها تتجولان في أرجاء البيت كأنها تُودع ماضيه، أو تبحث بين زواياه عن شيء ضاع ولن يعود....
شعورٌ بالقهر يعتصر صدرها، فالبيت الذي كان يومًا موطنًا للضحك والطمأنينة، صار شاهدًا على الانكسار
أدركت في تلك اللحظة أن هذا المكان لن يعود كما كان، وأن الشرخ الذي خلفه يوسف في قلوبهم لا يمكن لجدارٍ أن يرممه، ولا لزمنٍ أن يُنسيه، فالوجع حين يضرب الجذور، يظل عالقًا في الذاكرة مهما مرت الأعوام
عرفت بيقينٍ موجِع أن والديها مهما حاولا المضي قدمًا، سيبقيان أسيري ما فعله يوسف، وأن هذا البيت، مهما عاد صامدًا، لن ينبض بالسكينة مرة أخرى !!!!
..............
داخل فيلا جلال الخولي، بغرفة هشام الذي يبتسم انتصار وهو يتذكر كل ما حدث، وما فعله بصافي وإياد، بمساعدة صديقتها ميرا !!!!!
عودة بالزمن ليومين......
كانت صافي جالسة في بيتها، محاطة بحزن ثقيل من كل ما يحدث، رن هاتفها برقم صديقتها، فردت عليها بضيق :
مش هقدر أحضر يا ميرا، معلش، وهديتك هبعتهالك مع السواق، الأمور عندي في البيت مش أحسن حاجة
ردت عليها ميرا بهدوء يمزج بين الشماتة والمكر :
آه، سمعت باللي حصل، الخبر منتشر في كل.......
قاطعتها صافي قبل أن تكمل، بنفاد صبر واضح في صوتها:
معلش يا ميرا مضطرة أقفل، أشوفك قريب، سلام
لكن ميرا لم تتركها تنهي المكالمة، وقالت بتعجل :
السنة اللي فاتت ماحضرتيش عيد ميلادي عشان كان بليل… معقول بعد ما أضحي وأعمله الصبح عشان تحضريه، تقوليلي مش هاجي، لا، مفيش الكلام ده، تعالي وإلا والله العظيم أقطع علاقتي بيكي، هي نص ساعة بس قضيها معانا وامشي، ع الأقل تغيري جو شويه، ده حتى هشام وإياد موجودين انهارده، وعينيه بتدور عليكي من ساعة ما دخل، أنا عشان أخليه ييجي، قولتله إنك جاية، طب سيبك مني، مش حرام عليكي تزعليه، ده ملهوف عليكي خالص ونفسه يشوفك
قالتها ميرا بمكر، وبالفعل تأثرت صافي، وشعرت بمدى احتياجها لرؤية إياد في تلك اللحظة، وبعد تفكير طويل، وانقباض قلبها بالذنب لأنها ستترك عائلتها في موقف كهذا، لكنها بررت لنفسها ان نصف ساعة تروح فيها عن نفسها لن تؤثر !!!!
أغلقت صافي مع ميرا، وبدلت ملابسها بسرعة، وخرجت من البيت دون أن يراها أحد من أهلها
بعد وقتٍ قصير، وصلت صافي إلى منزل ميرا، وما ان دخلت بدأت تبحث عن إياد، الذي كان في الأصل مركزًا بنظره على الباب، ينتظرها بصبرٍ نافذ، وما إن وقع بصره عليها حتى ارتسمت على شفتيه ابتسامة، لم تكن مجرد ابتسامة عابرة، بل كانت انعكاسًا لشعور قلبه وقد علا وترنم، تسارعت دقات قلبه وهو يتأمل جمالها الطبيعي، فستانها الأرجواني الطويل المنسدل برقة على جسدها، وخصلات شعرها الناعمة متمايلة على كتفها، ووجهها البسيط الخالي من مساحيق التجميل، كل ذلك جعل قلبه يذوب عشقا واشتياقًا، غابت عنه ساعات قليلة، لكنه شعر بشوقٍ جارفٍ يعتصر قلبه لرؤيتها، بينما صافي ابتسمت بخجل عند رؤيته
اقترب إياد منها ليحتضنها، لكنها تراجعت بخجل :
إزيك
رد عليها إياد بحب وفهم لحركتها :
كويس، طول ما أنا شايفك قدامي
سارا معاً في حديقة الفيلا الخاصة بميرا، حيث أقيم الحفل، نظر إليها إياد وسألها باهتمام :
الأمور عندكم تمام؟ محتاجين أي مساعدة أقدر أعملها؟
ردت عليه صافي بحزن :
الأمور متلخبطة، محدش فاهم أي حاجة، الكل زعلان، محدش بيتكلم مع التاني، كل واحد في دنيا تانية، بابا وعمامي كلهم بيخططوا لحاجة، السكوت ده مش من فراغ، طب أقولك على حاجة....؟!
أومأ إياد برأسه، مستمعاً إليها باهتمام، فتابعت صافي بمرحٍ باهت :
أنا بطمن أكتر لما بيسكتوا، سكوت بابا واعمامي معناه ده السكون اللي بيسبق العاصفة زي ما بيقولوا، بس العاصفة اللي هتحصل هتكون في صالحنا، أنا زعلانة من اللي بنعيشه لكن مطمنة بوجود عيلتي حواليا
ابتسم إياد وقال لها بحب :
يا بختك بيهم......ويا بختي أنا بيكي
ابتسمت صافي بخجل، تعيد خصلات شعرها خلف أذنها برقة، هذه حركتها المعتادة عندما تخجل، مسك يدها بحب، وبدأ الاثنان يتحدثان لوقتٍ طويل، عن ذكرياتهما، حياتهما، متناسيان كل من حولهما
قاطعتهما ميرا قائلة بابتسامة ماكرة، وهي تقدم لهما العصير :
لو كنت أعرف إن إياد هيخلينا نشوفك كده، كنت عزمته كل يوم عشان نشوفك كل يوم بينا
زجرتها صافي بعينيها بحرج، فضحك إياد بخفوت، غادرت ميرا وهي تغمز لهشام الذي اخذ يتناول الخمر، وعيناه تراقب كل حركة تصدر منهما
بعد حوالي نصف ساعة شاهد هشام اضطراب حركاتهما، فاشار لميرا بمكر !!!!
على الجانب الآخر، بدأ كل من صافي وإياد يشعران بدوار خفيف، وفقدان السيطرة على ذاتهما.....
بدأت صافي تتمايل، كذلك إياد، فركضت ميرا نحو صافي، قائلة بمكر :
تعالي معايا.....اغسلك وشك
أومأت صافي برأسها، وسارت معها بعقلٍ مشوش، أدخلتها ميرا إلى الغرفة وأغلقت الباب خلفها بالمفتاح من الخارج، محكمة السيطرة على كل شيء
في الوقت نفسه، اقترب هشام من إياد الذي بدا غائبًا عن الواقع، رأسه ثقيلة وأصوات العالم حوله تتداخل بطريقة مربكة، أمسك به هشام بمكر، وأدخله إلى نفس الغرفة التي كانت فيها صافي، ثم أغلق الباب خلفهما !!
بعد ذلك، نزل هشام وصرف جميع المدعوين بسرعة، وأنهى الحفل بحزم، جلست ميرا بجانبه، تشاهد بخبث وانتصار ما يحدث خلف الباب المغلق......وكذلك هشام !!!!!!!!!
...........
بالأسفل، بغرفة الرياضة......
كان أياد يلكم كيس الملاكمة المعلق، كل لكمة يوجهها تحمل وطأة غضبه المستعر، جسده يفيض بالعرق، بينما المشهد الأخير بينه وبين صافي يعيد نفسه في ذهنه، لا يدرك كيف حدث الأمر، كل ما يتذكره هو استيقاظه ليجدها بين ذراعيه، كلاهما عاريان في وضعٍ مخزي....
لقد اعتاد على هذا، لكن صافي ليست هكذا.....
لقد أحبها لنقائها وعفتها وطهارتها، وهو، بيديه، لوثها وسلب شرفها منها، كيف طاوعه قلبه على هذا...؟!
كيف غاب وعيه وغابت هي لدرجة وصول الأمر إلى هذا الحد....؟!
حاول جاهداً استحضار ما جرى، لكن ذاكرته خانته، لم يستطع استيعاب ما اقترفاه
"غبي" تمتم بها بصوت خشن، وتابع لكماته بعنف أعمى، يائساً لا يعرف ماذا يفعل، والدها رفض زواجهما، وعليه إقناعه بأي ثمن، دون أن يضطر للكشف عن ما حدث بينهما، يجب أن يتزوجها، يجب أن يتم الزواج، فصافي ستُدمر، عقله كاد ان ينفجر من شدة الضغط والتفكير، لم يجد متنفساً سوى تحطيم كل ما حوله، نار الغضب تشتعل في صدره وتحرقه، عقله يهدده بالجنون......
حطم غرفة الرياضة حرفياً، ثم هوى جالساً على الأرض يلهث، جسده المنهك شاهداً على عاصفة الندم والغضب التي اجتاحته !!!!
..............
دخل يونس غرفة والده بعدما سمح له والده بالدخول، لم ينتظر يونس طويلاً، بل سأل مباشرة :
بابا، حضرتك ليه رافض جوازي من قمر، اللي حصل الأيام اللي فاتت كان صعب، ومقدرتش أتكلم مع حضرتك
وقف إلياس أمامه، ورد عليه بهدوء :
أنا كمان ماكنش عندي وقت أتكلم معاك
أومأ يونس، وقال برجاء :
بابا، أنا عاوز أتجوزها، وفي أسرع وقت
سأله إلياس بحدة واستنكار :
أنت مالك؟ فيك إيه؟ بقالك فترة متغير وأنا ساكت، قولت يمكن بسبب ظهور أمك، لكن بعدها بكام يوم تيجي وتقولي أنا عاوز أتجوز قمر
رد عليه يونس بثبات ووضوح :
ومالها قمر يا بابا، وفيها إيه لما أتجوز، يعني إيه اللي يمنعني إني أفتح بيت، خلصت دراستي وبشتغل واقدر أصرف على بيتي وأسس عيلة
صرخ عليه إلياس بغضب :
ما تلعبش معايا في الكلام يا يونس، أنت عارف أنا قصدي إيه كويس، مالك؟ وفي إيه؟ وليه عاوز تتجوز قمر وبالسرعة دي؟ مالك يا يونس ومخبي إيه عني؟
تنهد يونس، وهو يدرك تماماً أنه مهما أخفى عن الناس، فلن يستطيع أن يخفي عن أبيه، لكنه نظر إليه برجاء قائلاً :
بابا عشان خاطري، ما تسألنيش عن حاجة، خليك واثق انك ربيت راجل عمره ما يغلط، ويخليك توطي راسك، اقف معايا في اللي بطلبه منك لو ليا خاطر عندك
تنهد إلياس هو الآخر، وسأله بابتسامة حانية :
بتحبها للدرجة دي؟
نظر يونس لوالده بصدمة، فتابع إلياس بحزن على ألم ابنه الخفي :
مفيش أب ما يعرفش أولاده بيفكروا في إيه ولا بيحسوا بإيه، مهما خبيت عن الدنيا كلها، عمرك ما هتخبي عني، نظراتك ليها اللي بتسرقها من غير ما حد يلاحظك وياخد باله، عمرها ما غابت عني، دموعك وصدمتك لما عرفنا علاقتها باللي اسمه نوح زمان، لحد دلوقتي ما طلعوش من بالي، دفتر الرسومات بتاعك اللي كله مرسوم للقمر، كنت راسمها كتعبير عنها هي، مش مجرد رسم عادي، صورتها اللي مخبيها في محفظتك، كل تفصيلة صغيرة كنت بتعملها عمرها ما غابت عني، قولت يمكن مع الوقت ينسى، لكن أنت عمرك ما نسيتها، إيه اللي خلاك عاوز تتجوزها دلوقتي يا يونس، وأنت عارف إن قلبها مع غيرك؟
تأثر يونس بكلمات والده التي كشفت ستره، وقال له بصوت مخنوق بالدموع، وهو يشعر بالضغط يكاد يمزقه :
ما تسألنيش يا بابا، لو ليا خاطر عندك ما تسألنيش، قمر عاوزاني زي ما أنا عاوزها، هي أصلاً طلعت اللي اسمه نوح ده من حياتها نهائي ومش عاوزاه، هي بتحبني زي ما أنا بحبها، وافق عشان خاطري، أنا عمري ما نزلت راسك الأرض ولا عملت أي حاجة غلط تخليك تتكسف مني، ثق فيا واعملي اللي أنا عاوزه من غير ما تسأل.....لو سمحت يا بابا
اقترب من والده وقال برجاء :
قمر هي حلمي يا بابا، هو ده الطلب الوحيد اللي هطلبه منك دلوقتي، لو ليا خاطر عندك نفذه ليا
نظر إليه إلياس بحيرة، لكنه واثق في ابنه ثقة عمياء، لكن ابنه يخفي شيئاً عنه، وهو لا يعرف ما هو، ولكنه سيدعم ابنه ولن يتخلى عنه......لثقته الكبيرة فيه
نظر لابنه وقال له للمرة الأخيرة قبل أن يوافق :
موافق يا يونس، بس خليك عارف إن عندك أخت، ما ترضاش ليها أي أذى !!!
تهلل أسارير يونس وعانق والده بحبٍ كبير فباله إلياس العناق بحنان ابوي، يدعو الله بداخله ان يرزق طفليه السعادة دومًا
............
في اليوم التالي.....
بكل وقار وقفت ليلى أمام عائلتها، رفعت رأسها وقالت بهدوءٍ بالغ رغم ألم قلبها الذي يعتصرها :
بابا، اتصل بالمأذون، خليه يجي عشان نخلص إجراءات الطلاق انهارده، انا مش هستنى يوم واحد زيادة على ذمته !!
............
البارت خلص ♥️
اللعبة لسه ماخلصتش على كده خالص 💥
توقعاتكم ايه للقادم......؟؟
تكملة الرواية من هناااااااا
لمتابعة باقى الرواية زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا
بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل
متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا
الرواية كاملة الجزء الاول1 من هناااااااااا
الرواية كاملة الجزء الثاني2 من هناااااااااا
مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا
مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هناااااا


تعليقات
إرسال تعليق