القائمة الرئيسية

الصفحات

translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية ما ذنب الحب الجزء الثاني لرواية (ضحايا الماضي) الفصل الثامن 8بقلم الكاتبة شهد الشورى



رواية ما ذنب الحب الجزء الثاني لرواية (ضحايا الماضي) الفصل الثامن 8بقلم الكاتبة شهد الشورى






رواية ما ذنب الحب الجزء الثاني لرواية (ضحايا الماضي) الفصل الثامن 8بقلم الكاتبة شهد الشورى





#الفصل_الثامن

#رواية_ما_ذنب_الحب

#الجزء_الثاني_لرواية_ضحايا_الماضي

#الكاتبة_شهد_الشورى

#حصري

حين دخلت ليلى الغرفة، تجمد الدم في عروقها، المشهد أمامها كان كسكين بارد يغرز في قلبها، يوسف مستلقي على السرير، وريما إلى جانبه، لا يسترهما سوى أغطية مبعثرة


فتح يوسف عينيه ببطىء، ارتسمت الدهشة أولاً على ملامحه قبل أن يتبدد أثرها سريعًا تحت ملامح الغضب التي غزت وجهه


التفت بجانبه، نحو ريما، فتضاعفت صدمته وهو يراها مستلقية إلى جواره، لا يسترها سوى الغطاء المنزاح نصفه عن جسدها !!!


أما ريما، فقد فتحت عينيها بتظاهرٍ بارع بالذهول، ثم اعتدلت بخوفٍ مصطنع وهي تشد الغطاء على جسدها، تنظر إليه بعينين مرتجفتين.....نظرة أتقنت أداءها وبشدة 


نهض يوسف بعنف، والغضب يتأجج في عينيه، ثم صرخ بوجه ليلى، يخفي وراء حدة صوته ارتباكًا لم يُرِد أن تراه :

انتي اتجننتي، ازاي تدخلي كده من غير ما تخبطي الباب


كانت كلماته محاولة يائسة لاستعادة توازنه، ومحاولة أشد يأسًا لإخفاء ذعره، من وضعه هو.....وريما !!!


ابتسمت ليلى بسخرية، رغم العاصفة المشتعلة في صدرها، تقدّمت نحوهما ببطء وقالت متحدية :

شكلك نسيت إن البيت ده بقى بتاعي، يعني ادخل أي أوضة تعجبني، واللي مش عاجبه الباب يفوت جمل


انكمشت ملامح يوسف، وجز على أسنانه بغل، بينما ريما سارعت إلى ارتداء قميصه وفي عينيها نظرات مكر لليلى التي رمقتهما بازدراء وقالت ليوسف :

طول عمرك بتحب الرخيص وتسيب الغالي


ثم تابعت بسخرية لاذعة :

ايه فين الحب الافلاطوني اللي كنت معيش نفسك فيك، فين الوفاء اللي كان مقطعك اوي ومخليك عاوز تنتقم مني ومن ابوك وامك.....اقرب الناس ليك، اتبخر في الهوا ولا ايه، يا راجل ده انت فلقتنا سنتين بيه، وقرفتنا في عشيتنا، ده انت لحد امبارح كنت بتغني بالحب ده، فجأة كده اتبخر في الهوا، ولا الحلوة اللي في سريرك مش اتهمتنا اننا قتلنا اختها، وفضلت تهدد، وتعبط في الكلام، فجأة كده الدم اتحول لمية، ونسيت انت تبقى مين، ما شاء الله عليكم انتوا الاتنين، سرعة التخطي عندكم فظيعة


ثم تابعت بقرف :

بس سيبك انت من كل ده، انا حقيقي مشوفتش واحد نطع زيك، طب الأول وكنت هتتجوز اروى اللي يحرقها، بعد ما سمحت ليك تقرب منها قبل الجواز، ودلوقتي بتقرب من اختها كنت فكراك ارجل من كده 


اقترب منها يوسف، وقبض على خصلات شعرها بقسوة، قائلاً بحدة :

احترمي نفسك، أنا ساكت لحد دلوقتي، ومراعي صلة القرابة السودا اللي تربطني بيك، وانك بنت......


دفعته ليلى بعيدًا عنها، وقالت بسخرية :

طب سيبك من حكاية القرابة دي، وخليها على جنب، لأن أصلاً نسيتها من زمان اوي، وانسى كمان اني بنت، ووريني آخرك بقى يا ابن الجارحي


ثم رفعت رأسها، واقتربت منها قائلة بتشفي :

بس ابقى افتكر مين رميتك في السجن، وبفركة صباع أخدت منك كل حاجة، وعشان قلبي الطيب سيبتلك شوية


قبل أن يرد يوسف، قفزت ريما لتقف أمام ليلى بوقاحة، قائلة بغضب :

تعاليلي هنا، مين اللي رخيص فينا، انا واختي اللي رخاص، طب لو احنا كده انتي تبقي أي، اللي توافق تتجوز واحد قبلها بكام يوم وقف واتهامها قدام الكل، وكان هيموتها في ايده لولا انها حاشوهاومن بين ايديه في اخر لحظة، بكلمتين اعتذار خايبين مايصدقهومش عيل صغير جريتي وراه، وكأنك ماصدقتي، وبعد كل اللي عملوا لحد دلوقتي قابلة تكوني على زمته، قوليلي بقى مين اللي رخيص فينا، ومعندهوش كرامة، اللي بيته من ازاز يا قطة..... مايحدفش الناس بالطوب


ابتسمت ليلى ابتسامة خبيثة، نظرتها لا تُبشر بخير ابدًا، وفي لحظة واحدة دفعت يوسف بكل قوتها إلى خارج الغرفة، حتى اختل توازنه !!!!

تجمد مكانه للحظات، لا يدري كيف يتصرف، مذهول مما يراه، عاجز عن تصديق ما حدث

كل شيء يدور في رأسه كضبابٍ ثقيل.....

كيف؟ ومتى؟ ولماذ كانت ريما في سريره؟

يحاول ان يسترجع ما حدث، آخر ما يتذكره أنه طلب منها أن ترحل، وأنها قدمت له عصيرًا بعدها.......لا شيء

ظلامٌ تام، فراغٌ غريب، إلى أن استيقظ على مشهد أشبه بالكابوس


من هيئتها، ومن نظرات ليلى، كان واضحًا أن هناك شيئًا حدث بالفعل، شيء لم يستطع فهمه ولا يريد تصديقه

لكن في تلك اللحظة، لم يملك سوى أن يتجاهل الصراخ المتصاعد من خلف الباب، وينزل إلى المطبخ بخطواتٍ متثاقلة


فتح أحد الأدراج وهو يضغط على رأسه من شدة الصداع، يبحث عن أي مسكن يسكن به وجع رأسه.....


بينما في الأعلى، داخل الغرفة......

بعد خروج يوسف، وقفت ريما أمام ليلى بلا خَشية، تتبادل معها النظرات بتحدي، ازالت ليلى سترتها الجلدية عن جسدها بتروي، ثم تقدمت نحوها بخطواتٍ ثابتة، ونظرتها لا تنم عن رحمةٍ ولا عن تردد، قائلة بغل :

عمري ما ارتحتلك، انتي واختك، ومن يوم ما وصلني خبر إنك أنتي اللي اتهمتيني، انا وعمتي حياة، وجوز عمتي، وأنا عارفة انك حية زي اختك اللي يجحمها، عاشت مؤذية، وماتت مؤذية، وانتي مصيرك هيكون زيها، وعلى ايدي، بص المرة دي مش هيكون ظلم، هيبقى حق وحقيقي


ردت عليها ريما بسخرية :

تصدقي خوفت 


ردت عليها ليلى بمكر :

لا اجلي الخوف لقدام شوية، هتحتاجيه، لأن اللي هتشوفيه مني قدام سواد على داماغك وبس، واللي هيحصل انهاردة نقطة في بحر من اللي هعمله فيكي


صمتت ليلى للحظات ثم تابعت بتهكم :

كنت ناوية اصفي حسابي مع يوسف، وبعدين افضالك، لكن زي ما بيقولوا دبور وزن على خراب عشه بدري!!!!


قبل أن تستوعب ريما ما تنوي ليلى فعله، كانت الأخيرة قد انقضت عليها بعنفٍ يشبه الانفجار بعد صمتٍ طويل، دفعتها على الفراش، وانهالت عليها ضربًا بكل ما في قلبها من وجعٍ وغل مكبوت، كأنها تُفرغ في وجهها كل الظلم الذي عاشته، كل الانكسارات التي تجرعتها في صمت


كانت تضربها بلا وعي، وكأنها لا ترى أمامها سوى ماضيها كله متجسّدًا في وجه ريما، أما ريما، فكانت تصرخ بجنون، تحاول صد ضربات ليلى، تحتمي بيديها المرتجفتين من سيل الغضب الذي انهال عليها بلا رحمة


لكن ليلى لم تكن تسمع، لم تكن ترى سوى الضباب المتجمع من القهر، ارتجفت أنفاسها وهي تمسك مقصًا من فوق الطاولة، وقبل أن تدرك ريما ما تنوي فعله، كانت ليلى تمزق خصلات شعرها بعشوائية، وعنف، كانت ريما تصرخ باسم يوسف، تتوسل له أن يتدخل، لكنه........

كان واقفًا في المطبخ، يسمع الصراخ ولا يتحرك، ظنها مشاجرة عابرة بين امرأتين، وظن أن تدخله سيزيد النار اشتعالًا، لم يدرك أن النار التهمت كل شيء بالفعل


في الحقيقة لم يكن لديه عقل، ليتدخل، كان شاردًا يحاول ان يتذكر اي شيء يطمئن به قلبه، لا يستوعب للأن تلك الكارثة، لقد اقترب من شقيقة حبيبته اروى!!!!


خرج من المطبخ، ليتجمد في مكانه، كانت ريما شعرها مبعثر، وجهها متورم، وليلى تجرها من ذراعها بقوةٍ وهمجية، تدفعها نحو الباب بعد أن ألبستها ملابسها بسرعة، اقترب منها وصرخ عليها بغصب :

انتي اتجننتي، اي اللي عملتيه فيها ده


لم تبالي به، فحاول ان يمنعها، لكنها صرخت فيه بقوة، ثم دفعت ريما للخارج، وقالت بصرامة للحراس الواقفين مذهولين مما يحدث :

لو رجل البت دي خطت خطوه واحدة لجوه الفيلا، ما لكوش عيش عندي


كانت خطواتها سريعة، تحمل خلفها كل الغضب المتراكم في صدرها، دخلت للفيلا، وعيناها تقدحان شرراً وهي تلقي نظرة مقتضبة على يوسف، نظرة مفعمة بالقرف والخذلان، صعدت إلى غرفتها ثم دفعت بابها بعنف، فارتد الصوت في أرجاء البيت كالصفعة !!


بقي يوسف واقفاً للحظات، ينظر إلى اثرها بغضب، ثم التفتت إلى ريما يسألها بقلق :

ريما انتي كويسة؟


أدارت وجهها نحوه، وقالت بانكسار، وغضب :

كده يا يوسف، بعد كل اللي عملته فيا امبارح وغدرك بيا، تسيبها تبهدلني كده قدامك وانت واقف ساكت، تبقى سامع صريخي وتسكت، سيبتها تهينني أنا وأروى  الله يرحمها قدامك، وتتكلمش ولا تعمل حاجة، بدل ما تاخد حقي منها وقفت تتفرج ومشيت، شوف عملت فيا إيه دي ضربتني وبهدلتني وقصتلي شعري وطردتني من بيتك قدامك، وانت ساكت، وامبارح، امبارح أنا جيتلك بيتك بحسن نية، جايه أساعدك، تقوم تعمل فيا كده، تقرب مني بالغصب، هي دي وصية أروى، اروى اللي لو كانت عايشة كانت ماتت من قهرتها ع اللي انت عملته في أختها، أنا مش مسامحاك، منك لله يا يوسف، لا أنا ولا أروى اللي زمانها شايفانا دلوقتي مش هنسامحك، أنا ضعت يا يوسف، بابا لو عرف حاجة زي كده هيموت… كفاية عليه صدمته في موت أروى، وخطيبي، وليد هيسيبني حياتي كلها اتدمرت بسببك، منك لله، منك لله


حاول يوسف تهدئتها، لكن قلبه مثقل بالضياع، لم يستطع تذكر ما حدث، وكل شيء بدا ضبابيًا أمامه، أما ريما، فلم تكف عن الدعاء عليه وترديد كلماتها الغاضبة، والمتحسرة، كان من الواضح أنها تلعب على وتر الذنب الذي يعتصر قلبه


رافق يوسف ريما إلى السيارة، وأعطى السائق التعليمات ليوصلها إلى منزلها، ثم بقي هو واقفًا أمام بوابة الفيلا، مصدومًا، يحاول استرجاع أي ذكرى تملأ فراغ ذاكرته، لكن عبثًا !!!!


فجأة، رن هاتفه، وكان المتصل ماجد الذي ما إن رد عليه يوسف حتى انفجر صوته عالياً، يغمره الغضب والقلق في آنٍ واحد :

انت فين يا يوسف؟ مختفي من الصبح، نايم على ودنك انت ومش عارف المصايب اللي احنا فيها، ادوارد كلمني من لندن قالي ان تمن البضاعة، اللي اتحرقت إحنا هنتحمل تكلفتها، وهندفع الضعف كتعويض وعقاب ع اللي حصل

الفلوس اللي معانا والسيولة مش هتكمل، ولو بيعنا حتى هدومنا مش هتكفي، عملت كل ده عشان يبقى معانا فلوس، تقدر تنتقم بيها من عيلتك، دلوقتي انت اللي متبهدل وهتخسر كل فلوسك، وهنرجع نشحت من تاني لو ما عملناش اللي طلبوه، عملنا كل حاجة غلط، وفي الآخر رجعنا زي ما كنا

لو كنت سمعت كلامي لما قولتلك نبطل كان ع الأقل هنبقى بعيد عن شرهم بإرادتنا، صحيح هيبقى صعب نطلع منهم من غير اذي، بس دلوقتي الأذي هييجي علينا كلنا

ادونا مهلة أسبوع واحد بس  وإلا بعدها الأذى هيطولنا، ويا ريت يطولنا لوحدنا بس، لأ ده هيطول أهلنا واحد واحد، فوق بقى يا يوسف، طريق الانتقام اللي انت ماشي فيه ده، هو اللي بيخسرك، في يوم وليلة ليلى خسرت كل حاجة واخدت منك كل حاجة، ناوي تخسر ايه أكتر من كده، حياتك دلوقتي بقت رهن إشارة الناس دي........


أغلق يوسف الخط في وجهه، وغضب يتأجج داخله، أمسك وجهه بيديه، يمسحه ببطء، وكأنه يحاول التخلص من التعب والإرهاق الذي ملأ كيانه، صعد إلى غرفته، وعيناه تتجولان في المكان بتشوش، يراقب كل زاوية من حوله، اقترب من السرير، وعيناه لا تفارقان البقعة التي ملأت نصفه، فتملك الغضب روحه، وضرب رأسه بالحائط بعنف، محطمًا الكرسي المجاور، غير مستوعب ما فعله، جلس على الأرض، واضعًا رأسه بين يديه، يغرق في فوضى مشاعره، فجأة، لمح شيئًا من بعيد، اقترب منه وأمسكه، وبدأ غضبه يتصاعد حتى أصبح على وشك الإنفجار !!!!


على الجانب الآخر، كانت ليلى في غرفتها، وعيونها تغمرها الدموع التي رفضت أن تنزل، جلست تفكر، تدرك خطأها نعم كانت مخطئة لأنها صمتت طوال السنتين الماضيتين، كان عليها أن تأخذ حقها منذ البداية، لكنها ضعفت واستسلمت لأحزانها، ومع ذلك، شعرت بالامتنان لأنها استيقظت وأخذت حقها، وإن كان ذلك قد جاء متأخرًا


أمسكت هاتفها، وشغلت مقطعًا صوتيًا أخذت تسمعه مرارًا وتكرارًا، وكلما سمعت الصوت، كانت تشعر بالسعادة أكثر، شعرت أنها حصلت على مبتغاها واخيرًا !!


في تلك اللحظة، فجأة، انفتح باب غرفتها بعنف، وظهر يوسف من خلفه، وعينيه مليئة بالغضب......والتساؤل !!!!

..........

جلست عشق في زاوية الكافيه، تتأمل المارة بعينين غارقتين في شرود، كان عقلها متشعبًا بين مشاكل أسرتها، ووالدها الذي تتدهور صحته كل يوم مهما حاول إخفاء ذلك، ارتعش تفاجأت حين رأت حمزة يقترب ويجلس أمامها فجأة، فرفعت نظرها نحوه بارتباك وسألته :

حمزة انت بتعمل إيه هنا ؟؟


أجابها بسؤال حاد، ونبرة صوته مشبعة بالمرارة :

انتي ليه اختارتي مالك......وأنا لأ؟!!


انعقد حاجباها في صدمة، وتلعثمت كلماتها :

ابتقول إيه يا حمزة، ومين قالك إني اخترت مالك، جبت الكلام ده كله منين؟


شد حمزة على كلماته، وصوته يزداد حدةً :

انا اللي طلبت أتجوزك قبله، مالك طول عمره شايفك من بعيد ما فكرش ياخد خطوة ولا يعترفلك، وأنا اللي اعترفتلك قبله، ومع ذلك فضلتيه هو، انتي شايفاه أحسن مني في إيه، إيه اللي عنده زيادة عني عشان تحبيه هو وأنا لأ، للدرجة دي شايفاني قليل؟ كلكم شايفيني قليل ومالك هو الكويس اللي مفيش منه


خرجت كلماته محملة بحقد دفين، وهو يقول بحدة :

مالك مش أحسن مني في حاجة يا عشق عشان يفوز بيكي أنا محدش ياخد مني حاجة أنا عاوزها !!


ترددت أنفاسه وهو يحاول تمالك نفسه، ثم أضاف بنبرة أقرب للرجاء :

انا بحبك أكتر منه، صدقيني هتعيشي معايا مبسوطة، مالك عمره ما هيعرف يبسطك، هيعيش معاكي خايف ومكسوف، وكل خطوة في علاقتكم هيقعد فيها سنين، فكري بعقلك هتلاقي سعادتك معايا أنا مش معاه


نظرت إليه عشق بذهول، ولمعة اشمئزاز في عينيها، ثم ردت عليه قائلة بحدة :

ده أخوك الكبير، اتكلم عنه بأدب


أخفض حمزة صوته قليلاً لكن غضبه كان يشتعل في عينيه :

أخويا اللي عاوز ياخدك مني، وأنا اللي طلبتك قبله


أجابته عشق بعنف، وخرجت كلماتها كالسكاكين :

أخوك لو عارف إنك عاوزني كان هيبعد، عكسك تمامًا، إنت اللي عارف إن أخوك بيحبني ومع ذلك جيت لحد عندي، وما راعتش مشاعره، وفكرت في نفسك وبس زي كل مرة.....


صمتت للحظات ثم قالت بصراحة، وكل كلمة منها تخرج محملة بالعتب :

انت أناني يا حمزة، ولو عايز تعرف ليه بحبه هو مش إنت، عشان إنت أصلاً ماتتحبش، طول عمرك في وادي تاني بعيد عن العيلة، شايف نفسك فوق الكل، مع إننا عيلة واحدة، نبقى غرقانين في مشاكلنا وانت في دنيا تانية، ده حتى أختك في عز وجعها وكسرتها من اللي يوسف عمله ماهمكش غير نفسك وسافرت، انت يا حمزة عندك نفسك رقم واحد والباقي يولعوا، طول عمرك، من واحنا صغيرين بتبص للي في إيد غيرك، قولي إنت سبب واحد يخليني أحبك، قولي ليه أسيب مالك وأحبك إنت؟


صمتت ثم تابعت بهدوء :

انا برد عليك بمنطقك انت، بس الحقيقة ان قلبي مش زرار بضغط عليه وأختار مين أحب، أنا حبيت مالك اوي، ومن زمان، ولحد دلوقتي لسه بحبه 


ضاقت عينا حمزة وهو يسمعها تكشفه أمام نفسه، فصرخ :

قولتلك بحبك، ليه مش عايزة تصدقيني؟


ثم رفع إصبعه مهدّدًا، صوته منخفض لكن نبرته تنذر بالخطر :

ابعدي عنه يا عشق أحسنلك، بلاش تكوني سبب في أذيتي لأخويا، والأذى أكيد هيطولك معانا، أنا مش هسمح لحد ياخدك مني مين ما كان 


هنا انتفضت عشق، الغضب يعلو وجهها، هي بطبيعتها هادئة تشبه خالها ريان، لكن حين تغضب تتحول لفتاة أخرى كوالدتها، خليط غريب بين القوة والحِلم، تجمع في شخصيتها مزيج غريب لكنه جميل من خيلانها، صاحت فيه بحدة :

لأ، اظبط نفسك واعرف إنت بتتكلم مع مين، فاكرني هسكتلك وأنا شايفاك بتأذينا، جَرب بس تمس شعرة من أخوك يا حمزة أو مني، وساعتها ماتلومش غير نفسك، وايوه أنا بهددك ولو كنت ساكتة زمان وداريت حبي لمالك فده مش خوف منك لاسمح الله، ده أدب مني ومراعاة لمشاعرك لكن الظاهر إن واحد أناني زيك ماينفعش معاه الكلام ده،

واسمعها مني دلوقتي أحسن ما تسمعها بكره من غيري أنا بحب أخوك، وهوافق عليه، وأعلى ما في خيلك اركبه

وقسمًا بالله كمان مرة، هفضحك يا حمزة لو فكرت تأذينا، ولو أنا قصرت في إني أخد حقي منك، أحب أقولك إني ورايا رجالة بتواجه مش بيلفوا ويروحوا للستات يتشطروا عليهم، ويهددوهم


نظرت له باحتقار، ترى ملامحه تتغير حتى أصبحت مخيفة أقرب إلى الشيطان نفسه، لكن هدوءها لم يتزحزح، خوفها على مشاعر الآخرين لا يعني ضعفها، كيف تكون ضعيفة وهي ابنة العمري والجارحي.......أشارت له بسخرية مريرة قائلة :

انا بجد مصدومة فيك، لو تعرف غلاوتك عند أخوك ماكنتش قعدت قدامي القعدة دي، مع إنه من نفسه كان هيبعد عني احترامًا لمشاعرك، بس إنت......إنت ما تستاهلش


قالتها ونهضت بعنف، رمت بضع أوراق مالية على الطاولة، ونظرت إليه نظرة ازدراء قبل أن تدير ظهرها وتمضي


ظل حمزة مكانه، رأسه يغلي بأفكارٍ ما خطرت على إبليس نفسه، يعلم أن عشق محقة، ويعلم أنه يحب ما في يد غيره مثلما قالت، وأنه أحبها لأن مالك أحبها !!

مالك دائمًا كان منافسه الأول، ووالده دائمًا يرى فيه الفشل بعكس شقيقه، وإن لم يقلها صراحة، فنظراته وحدها كانت تحمل كل الحسرة !!!!!!

...........

بعد الكثير من المشاكل الأخيرة، شعرت صافي بالضيق والاختناق، فقررت الهرب إلى النادي لعلها تجد متنفسًا

جلست مع شلتها المعتادة، ومن بينهم هشام، ابن عم إياد

ما إن رآها هشام حتى ارتسمت على شفتيه ابتسامة مكر، وأرسل رسالة خفية لإياد، عقله يخطط، ولا يفكر إلا في أن يحصل ما يفكر فيه......

يريد ضرب عصفورين بحجر واحد

بموت إياد، كل المال سيكون له هو، ووالده، بموت إياد يكون الطريق مفتوحًا للتخلص من عمه جلال بكل سهولة، وتصبح الثروة ملكهم، ولكي يحقق ذلك، كان لا بد أن تكون صافي طرفًا في اللعبة !!


لا ينكر شماتته فيما سيفعله بها، بعدما أهانته أمام الجميع قديمًا، وحان الوقت ليرد لها الإهانة، لكن بجرعة أكبر


كانت صافي تتمشى بشرود، ترتدي سماعتها، حتى جلست عند حافة المسبح، تحدق في الماء بلا تركيز

تفاجأت بإياد يجلس فجأة بجانبها، يخطف سماعتها من أذنها، كانت تستمع لأغنية كلماتها كأنها تصف أول لقاءٍ بينهما "خطفوني عينيه خطفوني......"


ابتسم إياد بزاوية شفتيه وقال لها بغزلٍ صريحٍ دون تردد :

مش بس عنيكي اللي خطفوني، كل حاجة فيكي خطفتني


ارتبكت صافي من كلماته التي دغدغت أنوثتها رغمًا عنها، لكنها زفرت بضيق وقامت لتغادر، فوقف إياد سريعًا وقال بنبرة حادة مليئة بالضيق :

هو كل ما اشوفك أو أحاول أكلمك تهربي مني، اقعدي معايا كلميني زي الناس


سألته صافي بحدة :

أكلمك في إيه بالظبط، ليلة ورقصنا فيها سوا، هتعملي عليها حوار، مكنوش كام دقيقة اللي هتبنيلي عليهم love story


رد عليها إياد بكل صدق :

ماقولتش إنه حب، بس حاسس إن فيكي حاجة بتجذبني، أنا صريح وطول عمري صريح، وبقولك اللي حاسه، أنا مش فاهم إيه اللي حصللي من يوم ما شوفتك، أنا ملهوف عليكي نفسي أعرفك أكتر وأقرب منك أكتر، أنا حتى مش بعرف أوصف مشاعري صح، بس حاولي تفهيني وخلينا نتكلم، انا وانتي حصل بينا انجذاب


كانت ستعترض، لكنه سبقها وقال بضيقٍ يشوبه رجاء :

ما تنكريش، خليكي صريحة معايا وأنا هكون صريح معاكي، أنا عرفت بنات بعدد شعر راسي، بس ان يحصللي انجذاب وأحس إني ملهوف على واحدة زي لهفتي عليكي دي، مسبقش انها حصلت، عشان كده مستغرب، قولي جنان، قولي اللي عاوزاه، وسميها زي ما تسميها


اقترب منها خطوة، وتابع بصدقٍ واضح :

في حاجة بيني وبينك احنا حاسيناها، ولازم تتفسر


ردت عليه صافي بشراسةٍ رغم ارتباكها :

أنا مش للتسلية


رد عليها إياد بحدة، لكن بصدقٍ أكبر :

قولتلك، أنا عرفت بنات كتير، لو عاوز أخدعك ماكنتش هكشفلك ورقي كله كده، يمكن اللي حاسينه إعجاب وهيروح لحاله، أنا ماجبتش سيرة حب كمان، أنا بقول نفسي أعرفك أكتر


سألته صافي بسخريةٍ حادة، عيناها تحدقان في عينيه :

تعرفني أكتر بصفتك إيه؟!!


سألها بضيقٍ واضح :

يعني ايه؟


ردت عليه ببرودٍ، وتعالي :

يعني ناوي تخطبني، تكلم أهلي على الأقل ويكون رسمي؟


زفر إياد وقال ببساطة :

كصحاب مثلاً 


ردت عليه بحدةٍ قطعت أي محاولة للتقرب منها :

مش بصاحب


كانت على وشك أن تمشي، لكنه وقفها قائلاً برجاءٍ فيه بقايا أمل :

اعتبريني واحد من الشلة دي، واتكلمي معايا عادي، مش صحاب، ونقعد نحب في بعض، بس على الأقل نتكلم


نظرت له صافي للحظاتٍ بصمت، في عينيها ارتباك وشيءٌ آخر، ثم التفتت ومشت، بينما هو يراقب آثار خطواتها بضيق

لكن رغم انزعاجه من حدتها، فقد كشفت له معدنها الحقيقي أنها محترمة، ليست مثل اللواتي عرفهن، ولا مثل.....والدته

هو سأل عنها وعرف القليل، لكن بقي السؤال يحيره

ما الذي يدفع فتاةً مثلها، من بيتٍ محترم، أن تجلس في مكانٍ كهذا، وسط شلةٍ يعرف من داخله أنهم فاسدون، غير محترمين.......لماذا تكون بينهم؟!

...........

داخل قاعة الاجتماعات، كان يونس يجلس إلى جانب والده الياس، الأوراق مبعثرة على الطاولة أمامهما، لكن عين يونس كانت تائهة في مكان آخر، لا يرى شيئًا مما حوله، لاحظ الياس شرود ابنه، فصرف الموظفين بهدوء، ثم التفت إليه بنبرة تحمل مزيجًا من الجدية والحنان :

مالك يا يونس؟


انتبه يونس أن القاعة قد خلت، رفع نظره إلى والده وتظاهر بالتماسك، قائلاً :

انا كويس يا بابا، مفيش حاجة


تنهد الياس، وكأن أنفاسه تخرج ومعها هموم السنوات :

يعني إيه ما فيش حاجة، إنت مش شايف نفسك، من يوم ما جيت البيت، كسرت الأوضة باللي فيها وما رضيتش تتكلم،

أنا احترمت سكوتك وقولت هتحكيلي من نفسك، شغلك مابقتش مركز فيه، وقاعد كأنك مش معانا، إيه اللي بيحصل معاك بالظبط يا بني


صمت يونس، الكلمات تتزاحم في صدره ولا يريدها أن تخرج، كان مقررًا ألا يحكي لأحد ما حدث مع قمر حتى يقابلها، سيدفن ذلك السر معه للأبد، كان مستحيلًا أن يسمح لأحد أن ينظر إلى قمر نظرة ناقصة يومًا، رفع رأسه نحو والده أخيرًا وقال :

مفيش يا بابا، شوية إرهاق مش أكتر، حاسس إني ضغطت نفسي الفترة دي، وكمان المشاكل اللي بتحصل في العيلة، زي ما إنت شايف الجو مش أحسن حاجة


تأمله الياس بنظرة حذرة وسأله بصوت خافت :

من المشاكل دي......ظهور والدتك؟


تجمدت نظرات يونس، ثم قال بصوتٍ مليء بالحزن :

انت عارف اللي زعلني إيه يا بابا؟


اقترب الياس قليلًا، عيناه تمتلئان بالاهتمام، فتابع يونس والغصة تخنق صوته :

إني ما حستش ناحيتها بحاجة حتى لما شوفتها، قلبي ما قالش دي أمك، طول عمري كنت بقول لنفسي أول ما أشوفها هعرفها، هحس بيها، بس محصلش، لما عيني جت عليها حسيت نفسي شايف واحدة اتجردت من الإنسانية، كنت مجهز كلام كتير للحظة دي، لكن لما شوفتها حسيت إن الكلام ملوش لازمة يا بابا، ده أنا حتى ما شوفتش في عيونها لهفة علينا، شوفت بس نظرة غضب، مش شوق لولادها اللي عمرها ما شافتهم


أطرق يونس للحظات، ثم أضاف بنبرة أسف ممزوجة بالمرارة :

أوقات كتير ببقى عاوز ألوم حضرتك إنك اخترت أم زيها لينا، بس لساني ولا قلبي مطاوعني أعمل كده، لأني شايف إن حضرتك خصصت وقتك كله وحياتك لينا، مقدرش ألومك إنك قصرت لمجرد إنك اخترت زوجة زيها، كلنا وارد نتخدع


ساد الصمت للحظات، ثم رد الياس بصوت حزين :

لو بإيدي ما كنتش حطيتك لا إنت ولا أختك في الموقف ده، ولا عيشتكم الشعور ده، أنا حاولت على قد ما أقدر أعوضكم غيابها وأنسيكم وجعها، بس الظاهر إني مقدرتش


رفع يونس رأسه ونظر إلى والده بعينين تحملان كل الامتنان رغم الألم، وقال بهدوء :

ولا عمرك هتقدر يا بابا.....دي مش مجرد واحدة عادية،

دي واحدة جابتنا على الدنيا، الرابط اللي هيجمعنا بيها هيفضل ملازمنا طول عمرنا حتى لو إحنا رفضنا، أنا لو عليا، تمام، إنما سيدرا، مهما بينت العكس، هي أكتر واحدة موجوعة ومصدومة، سيدرا مهما بينت قوتها، من جواها ضعيفة وحساسة أوي


حين انسابت كلمات يونس، أدرك الياس فجأة أن كل ما بذله عبر السنين لم يكن كافيًا، وأن محاولاته الحثيثة لم تستطع أن تملأ الفراغ الذي خلفه غيابها، فهم في تلك اللحظة أن أبناءه، مهما حاولوا إخفاء ذلك خلف قسوة ملامحهم وقوة مواقفهم، ما زالوا يحملون جرح الفقد في صدورهم......

جرحًا لا يندمل لأن من غابت لم تكن مجرد امرأة، بل أم لا يعوض حضورها شيء

............

كانت خطوات يونس تسبق تفكيره، يأخذها إلى مكان بعيد عن أعين العالم، إلى تلك المزرعة الخاصة بوالده، لطالما كانت مأوى له حين يريد الأختلاء بنفسه بعيدًا عن الكل، لقد استأذن والدها ان يصطحبها لزيارة صديقتها المريضة، ليوافق الآخر على مضض !!


جلس بجوارها على الأرض، وصدره يرتجف قبل أن ينطق، يتأهب ليسمع منها ما يقتله قبل أن يجرحها


اقترب منها هامسًا بقلق، وصوت مختنق :

إيه اللي حصل يا قمر؟


لم ترد، كانت غائبة، غرقى في بحرٍ لا ينجيها منه أحد، نظر إليها طويلًا، ثم جلس أمامها بكل رجاء قلبه قال:

احكيلي يا قمر، عشان أقدر أساعدك، محدش عرف ولا هيعرف حاجة غير لما انتي اللي تقرري بنفسك، بس احكيلي على الأقل، عشان أتصرف وأحل الموضوع، سكوتك ده بيضيع حقك


دموعها انحدرت بلا صوت، جسدها يرتجف كغصنٍ في ريحٍ هوجاء، شعر يونس بوجعٍ يكسر ضلوعه، فتابع بصوتٍ مبحوح :

احكيلي يا قمر مين اللي عمل فيكي كده، وإيه اللي خلاكي تروحي حتة زي دي في الوقت المتأخر ده


اقترب منها بحذر، مد يده ليطمئنها، فانتفضت كالطير المذعور، فهم عليها فورًا، فحاول تهدئتها بصوتٍ حانٍ :

أنا يونس يا قمر.....مستحيل أذيكي، عرفيني الحقيقة، خليني ألحق أتصرف، قوليلي اللي حصل، كده أو كده محدش هيعرف، وأنا مستحيل أسمح لحاجة زي دي تخرج بره حتى لو لمين، اهدي واحكيلي عشان نتصرف صح


أخذت نفسًا عميقًا، والدموع تلسع وجنتيها، وقالت بصوتٍ مبحوحٍ مرتجف، نطقت ذلك الاسم الذي كان يومًا سعادتها وأصبح الآن جحيمها :

نـوح


ارتبك يونس، سألها بصدمة :

ماله؟!


دفنت وجهها بين يديها وهي تنتحب بقوة:

هو اللي عمل فيا كده !!!


نزلت الكلمات على يونس كالصاعقة، صدره يعلو ويهبط، نفسه يتقطع، والغضب يشتعل فيه كلما واصلت حكايتها، كانت تتكلم، وهو يسمع كل حرفٍ يخرج منها كطعنةٍ من خنجرٍ مسموم يصيب قلبه بلا رحمة، وعند آخر كلمة، انتفض كالليث الجريح، أخذ يدور حول نفسه، يضرب بيديه كل ما أمامه، تحطمت الأرجوحة، المقاعد الخشبية، حتى الهواء صار يتشظى من حوله، صرخ عليها بصوتٍ غاضب :

عملتي إيه في نفسك، هببتي إيه في نفسك، جواز؟!

روحتي تتجوزيه من ورا أهلك؟!، وعرفي كمان، رخصتي نفسك ليه؟ رخصتي نفسك ليه وانتي طول عمرك غالية؟!


جذبها من ذراعها بغضبٍ جامح، وعينيه تشتعلان :

الراجل عمره ما يتجوز واحدة اتكلم ومشي معاها قبل الجواز، عشان بيبقى فاكرها بتدور على حل شعرها، ما بالك اللي قبلت تتجوزه من ورا أهلها بكل بساطة، ازاي أصلاً تفكري انه بيحبك بجد بعد ما طلب منك طلب زي ده؟!


انتفضت من صوته العالي، تبكي وتشهق، فأخذ يونس يصرخ كالمجنون :

ده لا راجل ولا شاف الرجولة، اللي يطلب من بنت تعمل كده بيبقى شايفها من الأول رخيصة، قدمتي ليه تنازلات وخلتيه يشوفك صيدة سهلة، حرام عليكي نفسك، واللي عملتيه في أبوكي وأمك، وأهلك كلهم، طب قوليلي هنتصرف في دي إزاي، هنتصرف إزاي، والغلط عليكي قبل ما يكون عليه......


رفعت وجهها الباكي، وقالت بهذيان :

هو كان هيبعد عني، هو قالي كده، وأنا خوفت، مكنتش أعرف، كنت بحبه.......أنا خايفة أوي يا يونس


صرخ فيها، وصوته يرتجف مع كل كلمة :

يولع ويغور في داهية، لو كان عايزك كان حاول مليون مرة، بس عمره ما كان يطلب منك كده، كان حاول، وحتى لو يأس عمره ما يفكر في حاجة زي دي، ده كده بيرخصك قبل ما يرخص نفسه، لو كان حبك بجد مكنش قبل عليكي تحسي بالشعور ده أصلاً، مش تجربيه بس، ده العيل الصغير يعرف إنه بيلعب بيكي يا غبية


ظل يدور كالمجنون، بينما هي تنتفض من الخوف والألم، صوت بكاءها يعلو، فاقترب منها يونس قائلاً بغضب :

بطلي عياط وضعف بقى، فوقي لنفسك انتي دلوقتي في مصيبة.....عياطك مش هيحلها ولا هيخرجك منها 


نظرت إليه بعينين مذعورتين، وقالت :

أنا خايفة أوي يا يونس، بابا وماما، وسليم مش هيسامحوني لو عرفوا اللي حصل


سألها بألمٍ ينهش قلبه :

ورقة الجواز معاكي؟


هزت رأسها، وقالت بمرارة :

معرفش فين، معرفش جواز عرفي ولا رسمي، أنا كنت تايهة خالص ومغيبة، مش فاكرة أي حاجة والله، محدش هيعرف حاجة يا يونس صح


أخذ يونس نفسًا عميقًا، ثم قال بحدة :

أبوكي وأخوكي لازم يعرفوا يا قمر، ابن ال........ده عمل كده عشان يذل أبوكي بيكي، يعني من الآخر لو انتي ما اتكلمتيش، هو هيتكلم، فخليها تيجي منك انتي وعرفيهم باللي حصل


حركت رأسها بهستيرية، قائلة بخوف :

مش هيسامحوني يا يونس، بابا عمره ما هيسامحني، ومش بعيد يجراله حاجة هو وماما لما يعرفوا، أنا مش هستحمل لو جرالهم حاجة بسببي، عشان خاطري متقولش ليهم حاجة، أوعدني يا يونس


نظر إليها مطولًا، في عينيه نار وحيرة، ثم قال بصوتٍ منهك :

هحاول أتصرف يا قمر


ما أشد قسوة أن تُباع الأحلام بثمنٍ بخس، أن تتحول لحظة حب إلى قيدٍ ينهش الروح، وأن تصير الفتاة رهينة خطيئة لم تكن تدرك عمقها !!


قمر لم تخسر نفسها فقط، بل خسرت صورتها في عيون من تحب، أما يونس فكان كمن ابتُلي بحملٍ لا طاقة له به

يرى قلبه يحترق على نارٍ لم يشعلها، ويعلم أن كل الطرق من هنا مليئة بالدموع، وأن العودة إلى الوراء صارت وهمًا

ما عاد هناك براءة تُسترد، ولا وجعٌ يهدأ، بل حياة معلقة بين السر والفضيحة، بين قلبٍ يذوب......وذنبٍ لا يُغتفر !!!

...........

اقترب أمير من إخوته وقال لهم بجدية :

كنت بكلم جلال الخولي من شوية، وعازم نفسه عندنا على الغدا، فوافقت، اهو بالمرة نناقش الشغل اللي متعطل بقاله فترة بسبب المشاكل اللي بتحصل دي

أومأ له الجميع بالموافقة.......

على الغداء جلس جلال إلى السفرة بجوار ابنه، ومعه عائلة آدم وإخوته الكبار، وللحظٍ كانت صافي تجلس امام إياد ذاك الذي لا يستطيع إبعاد عينيه عنها


زفرت بضيق، وعيناها تتفحص المكان بحثًا عن الملح، فهم إياد طلبها قبل أن تنطق، فقربه إليها في صمت

لكن تلك اللحظة تحولت حلدةً حين لمس أصابعها خلسة، كانت كل لحظة تمر تشعرها بتيار توتر من نظراته التي لا ترحمها، وتتوعده في داخلها


لاحظت جوري ابنة أمير ما يحدث، فهي تعرف إياد من حديث صافي الأخير معها، ولحسن حظ إياد أن الجميع كان منشغلاً بالحديث عن العمل، وإلا لوقعت كارثة

لكن مالك لاحظ، فسأله بجدية :

وأنت بقى يا إياد، درست هندسة في مصر ولا بره ؟


رد عليه إياد بهدوءٍ أقرب إلى البرود :

امريكا


أومأ مالك ثم قال بنبرة هادئة لكن بها معاني حادة فهمها إياد جيدًا :

الدراسة هناك حلوة طبعًا، بس هناك متفتحين أكتر من هنا، الغرب بقى وانت عارف إنما هنا اللي بيتطاول حتى بنظرة ما بيلحقش يندم، يا بيخسر حياته......يا بيخسر حاجات تانية هو وحظه بقى


ابتسم إياد بزاوية شفتيه وقال ببرودٍ مستفز :

اللي بيتطاول بقى....


سعلت صافي وهي تشرب الماء من وقع كلماتهما، ناولها إياد الكوب للمرة الثانية، لكن مالك سبقه، أخذه من يده وقدمه لصافي مبتسمًا ابتسامة صفراء :

شكراً


في تلك اللحظة شعر إياد بشيءٍ لا يعرف له تفسيرًا، هل هي مرتبطة بذلك المدعو مالك، هل تحب هذا الشاب، ولماذا يضيق صدره من مجرد التخيل؟!!!


ابتسم حمزة وقال بسخريةٍ مقصودة :

إيه يا مالك، شايفك مهتم أوي بصافي، إحنا فيها اهو نطلب إيديها من عمك ونوفق راسين في الحلال، أحسن ما الحب يولع في الدُرة


ثلاث عيون رشقته بنظرة حادة صافي، مالك، وإياد !!

ارتفع صوت أوس قائلاً بصرامة :

حمزة، تقعد ساكت ومسمعش صوتك


شعر حمزة بالحرج من كلمات والده التي حملت غضبًا واضحًا،

تمتمت زينة بخفوتٍ لم يسمعه أحد :

نسكت أمك شوية تطلعتلنا أنت، صحيح ابن أمك


نظرت صافي لمالك بتوتر، بينما إياد كان يجز على أسنانه غضبًا وغيظًا 


بعد الغداء جلس الكبار في الصالون، فيما خرج الشباب إلى الحديقة الكبيرة التي تضمّ اسطبلًا للخيول

كانت صافي تتمشى وهي تتحدث في الهاتف مع صديقتها ميرا، تلك التي لا تريد لها إلا مصلحتها كما تزعم، وبصوتٍ كله خبث قالت ما ان قصت عليها صافي كل شيء  :

انتي هبلة يا صافي؟ في حد يقول لواحد زي إياد لا، ده زي القمر، وسيم ومن عيلة، أي حد يتمناه، ده غير إن أبوه مسيره يوم ويتكل، وابنه يورث كل حاجة، فيه كذا سبب يخليكي تقبلي بيه......يا بنتي ده غيرك يتمنى


ردت عليها صافي بتعالي وفخر :

أديكي قولتي غيري، لكن مش صافي العمري، واحد زيه هو اللي ليه الشرف يرتبط بيا، مش أنا اللي أدور عليه، أنا مولودة بالوسامة والحسب والنسب والمال، ليه أدور عليهم، وحتى لو مش عندي، انا ماقبلش غير باللي شاري قلبي، اللي يجري ورايا، مش أنا اللي أجري وراه


اغتاظت ميرا، وجزت على أسنانها بغل، ثم ردت ساخرة :

خلاص يا ماما......إيه التواضع ده


قالت صافي بضيق :

بس ده طلع جريء أوي، وقال أي بيقولي حاجة شدته ناحيتي، وعاوز نتعرف ونكون أصحاب، مش ارتباط رسمي


حاولت ميرا إقناعها، قائلة بخبث بعد اشارة من هشام ابنة عم اياد لها :

وفيها إيه يعني، المهم إنه مش هيتجاوز حدوده معاكي، صحوبية مش أكتر، زينا كده، إحنا وهشام، وباقي الشلة مفيهاش حاجة، ولو اتجاوز حدوده، وقتها وقفيه عند حده والغي كل حاجة، طالما مش خسرانة حاجة وافقي


ردت عليها صافي بحدة :

مقدرش، بابا لو عرف هيطين عيشتي


قالت ميرا بخبثٍ وهي تبث سمومها بنبرةٍ هادئة :

هيعرف منين، إحنا أصلاً مش بنشوف أهلك، ولا عمرنا هنجيب سيرة، فكري كده، إياد عاجبك، إيه المانع تدوا لبعض فرصة قبل الرسميات، بدل ما يتحسب عليكي ارتباط، اعرفيه بعدين قرري، شكله واقع فيكي، والصراحة لو في نيته حاجة مش هيكون صريح معاكي كده، يا بنتي ده حتى أظهرلك عيوبه، معنى كده إنه شاري ومش ناوي يلعب بديله، ما تنكريش إنه عاجبك يا صافي.....مش كده؟!


ردت صافي بارتباكٍ وخجل :

هو....آه......آه عاجبني، ده حتى اسمه حلو


ثم نطقت اسمه بتلذذ دون أن تنتبه لنفسها :

إياد


أغلقت الهاتف مع ميرا، لكنها شهقت بخوفٍ وفزع من اليد التي جذبتها نحو اسطبل الخيول وأغلقت الباب عليهما

كمم فمها بقوة، ولم يكن سوا إياد الذي همس باسمها بهيام :

حتى اسمك خطف قلبي، كل حاجة فيكي تخطف القلب والعين، إيه اللي فيكي مش في غيرك عشان تجننيني كده، إيه اللي بيشدني ليكي بالطريقة دي، ومش لاقي ليه تفسير، إيه اللي أنا حاسس بيه ناحيتك مخليني هتجنن عليكي زي ما إنتي هتتجنني عليا........تفتكري ده حب؟


دفعتْه صافي بحدة وقالت بصوتٍ خفيض حاد رغم خجلها وارتباكها :

إنت اتجننت، كل شوية هتنطلي في كل مكان،. فوق لنفسك انت هنا في بيت العمري، لو عينك اترفعت في حد من أهل البيت.......تموت علطول 


اقترب منها، قائلاً بمكر :

خايفة عليا؟


دفعته صافي بغيظ، قائلة بحدة :

أخاف عليك ليه ان شاء الله، ما تولع، انا بس مش عايزة أتفضح بسببك


ابتسم، قائلاً بمكر :

كدابة......انا عارف إنك خايفة عليا


زفرت بغضب، وقالت بتهديد :

والله لو اتعرضتلي تاني هقول لبابا، وهو يتصرف معاك، مش بعيد يموتك


اقترب منها أكثر وقال بنبرة رجولية بحتة :

انا ما بخافش من حد


ابتسمت بمكر وقالت له بتحدي وقد لاحظت غضبه من مالك حين قال حمزة إنه معجب بها :

هقول لمالك كمان وهو.......


قطع كلامها بدفعها نحو الحائط، وسألها بخشونة :

بتحبيه؟


ردت عليه بشراسة وهي تدفعه بعيدًا عنها :

وانت مالك؟!


التقت نظراتهما بتحدي وصراع

لم يحسب حسابًا لشيء، وقبلها بشراسة وقوة......ثم تروي، مهما حاولت ان تدفعه بعيدًا لا يتزحزح !!!

توقفت حركتها، عيناها متوسعتان من الصدمة، بينما يحاول أن يقرأ ملامحها، اقترب منها وهمس بقوة وعيناه في عينيها :

بتحبيه أو لأ مش فارقة، لأنك مش هتكوني لحد غيري، واللي عملته ده اعتبريه إعلان ملكيتي ليكي أو سميه زي ما تسميه بس أنا مش هفرط فيكي لأي سبب كان


هم أن يغادر لكنه توقف، التفت إليها وهي ما تزال في صدمتها، وقال بمكرٍ ووقاحة :

حلو التوت


لعق شفتيه وأضاف بوقاحة أكبر :

حبيته !!!!

..........

البارت خلص ♥️

 تكملة الرواية من هناااااااا 

 لمتابعة باقى الرواية زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل 

متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا

الرواية كاملة الجزء الاول1 من هناااااااااا

الرواية كاملة الجزء الثاني2 من هناااااااااا

مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا

 مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هناااااا

تعليقات

التنقل السريع
    close