القائمة الرئيسية

الصفحات

translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية ما ذنب الحب الجزء الثاني لرواية (ضحايا الماضي) الفصل الخامس عشر 15بقلم الكاتبة شهد الشورى

 

رواية ما ذنب الحب الجزء الثاني لرواية (ضحايا الماضي) الفصل الخامس عشر 15بقلم الكاتبة شهد الشورى





رواية ما ذنب الحب الجزء الثاني لرواية (ضحايا الماضي) الفصل الخامس عشر 15بقلم الكاتبة شهد الشورى


#الفصل_الخامس_عشر

#رواية_ما_ذنب_الحب

#الجزء_الثاني_لرواية_ضحايا_الماضي

#الكاتبة_شهد_الشورى

#حصري

دخلت غنوة بيت خالتها باشتياق كبير، ما إن لمحتها خالتها حتى هرعت إليها واحتضنتها، تبعتها حبيبة بذراعين واسعتين، ثم محمود بابتسامة محبة دافئة، وأخيرًا دينا التي قفزت عليها بمرح طفولي، تعالت الضحكات، وامتلأ المكان بالدفء 


بعد وقت من الترحيب والضحكات، سحبتها حبيبة من يدها إلى الغرفة، أغلقت الباب خلفهما، ثم وقفت أمامها تنظر إليها قائلة بنبرة مشككة، وحاجباها معقودان قليلًا :

مالك يا بت، فيكي حاجة متغيرة، شكلك مش طبيعي


ارتبكت غنوة، وتشبثت بابتسامة خفيفة لا تعلم كيف ظهرت على شفتيها، ثم تمتمت :

مالي يعني يا حبيبة، ما أنا زي الفل قدامك اهو


حركت حبيبة رأسها، وقالت بتوجس :

اطلعي من دول يا بت، عنيكي بتلمع، وبتضحكي من غير سبب، وبتلمسي شعرك كل شوية كإنك في إعلان شامبو، ووشك مورد بس مش صحة لا كسوف، فيكي حاجة غريبة يا بت مش مريحاني


تخلت غنوة عن التهرب، وانفرجت شفتيها بضحكة خافتة خجولة، ثم بدأت تحكي.....

حكت عن مشوراهم الغير مخطط له، عن السينما والضحك، مدينة الألعاب، وعن طمأنينة لم تفهمها

كانت الكلمات تخرج منها كطفلة صغيرة، اكتشفت لونًا جديدًا في الدنيا


استمعت حبيبة حتى النهاية بصمتٍ لا يشبه الصمت، كان مزيجًا من تفكير وخوف ودهشة، وما إن انتهت غنوة، ارتسم الغضب على ملامح حبيبة وهي تقول باستنكار :

طب وإنتي شايفة إن ده صح، يا غنوة إنتي خرجتي مع واحد من الصبح لحد بالليل، سينما وملاهي وأكل، وشرب

هو مين مروان ده أصلًا، يقربلك اي عشان يقضي معاكي يوم كامل بالشكل ده، اليوم كله على بعضه باللي بتحكيه ده مفيش فيه حاجة تفرح يا غنوة


سقطت كلماتها على غنوة كالرصاص، ارتخت كتفاها، وهبطت عيناها للأرض كأنها تبحث فيها عن تبرير، كانت تدرك أن بين الفرح والخطأ شعرة، وأن قلبها ربما اندفع أكثر مما يجب.....


تمتمت غنوة بصوتٍ خافت :

بس، والله كانت خروجة بريئة، ما حصلش فيها حاجة خالص


نظرت إليها حبيبة طويلًا، نظرة خوف على قلب يتفتح قبل أوانه، وفي تلك اللحظة، شعرت غنوة وكأن يومها الجميل وُضع على الميزان جهة تحمل السعادة البريئة، وأخرى تحمل سؤالًا كبيرًا عن الثقة والخطوة والخطأ، والصواب......

بين الميزانين، نبضة خجولة تسأل نفسها للمرة الأولى

هل كان اليوم لحظة فرح......أم بداية لشيء آخر !!!!!


ردت عليها حبيبة بنبرة حادة، وقد انعقدت ملامحها بغضبٍ نابع من الخوف عليها :

بلاش تبريرات، بطلي تقاوحي في الغلط اللي راكبك من ساسك لراسك، ولو اللي عملتيه ده صح اطلعي احكي لخالتك كل العك ده عشان تنسل شبشبها عليكي، إيه يا بت، عيشتك مع الذوات هتنسيكي اللي اتربيتي عليه ولا إيه

اظبطي نفسك وارجعي لعقلك، أحسن أقسم بالله أروح أخليهم يرفدوكي وتيجي تترزعي جنبنا هنا، بلا شغل بلا هم


ساد صمت ثقيل لثوانٍ، وبدت غنوة تحارب دمعة خفيفة كادت ان تنساب منها، تنفست ببطء ثم رفعت عينيها نحو حبيبة وهمست بخجل وحيرة :

تفتكري، هو بيعمل كده ليه معايا يا حبيبة.....؟!


تنهدت حبيبة بعمق، ولانت ملامحها قليلًا، وفهمت ما تشعر به ابنة خالتها الآن، وانتابها الخوف الشديد عليها :

غنوة، اللي اسمه مروان ده مش من توبنا، واللي زيهم، شعورهم تجاه اللي زينا، شفقة وعطف مش حب، مش أول واحد يقولك كلمة حلوة تتعلقي بيه وتفكري إنه بيحبك،

إنتي كبرتي ولازم تفهمي الدنيا، ولازم تبقي عارفة ان الدنيا دي عاملة زي الغابة، اللي اسمه مروان ده وارد جدًا انه يكون بيلعب بيكي، وممكن كمان يكون شايفك زي أخته

بلاش تتعشمي وتوجعي قلبك، حطيتي درس ليكي، وخديني عبرة ليكي


ضحكت بسخرية مريرة تخفي خلفها جرحًا قديمًا وهي تتابع :

عيشت معاه عمر كامل، وفي الآخر رماني في الشارع، مفيش راجل ليه أمان، افهمي دي كويس، مفيش راجل هيطبطب عليكي إلا لو ليه مصلحة عندك


تساقطت الكلمات على قلب غنوة كالحجارة، لكن رغم ذلك قالت بثقة :

مش كلهم كده يا حبيبة، صدقيني، أنا شوفت الست حياة وجوزها، الله يستره محتار يعملها إيه من حبه فيها، وهي بتحلف بيه، تشوفيهم تحسي الحب كده بيطلع من عينيهم ده غير ذوقه في التعامل معاها، الدنيا دي فيها الحلو وفيها الوحش


لوحت حبيبة بيدها بضيق وقالت :

مع اللي زينا، بيظهر الوحش بس، ع العموم خدي بالك حرسي منه، ومن أي حد، قلبك غالي، وانتي غالية، والغالي ما يتاخدش بالساهل، مش أي كلمة ولا شوية اهتمام يخلوكي تسلمي قلبك يا غنوة 


أومأت غنوة بشرود، فتركتها حبيبة وخرجت، تمنحها فرصة لتبدل ثيابها !!!


بعد قليل، تمددت غنوة بجانبها في الفراش، تحدثتا طويلًا، ثم ساد الصمت مع حلول الليل، غفت حبيبة، وبقيت غنوة مستيقظة، تحدق في الفراغ بعينين أثقلهما التفكير


قلبها ينبض بقوة، وعقلها يعيد ذكريات اليوم أمامها كأنها فيلم لا تريده أن ينتهي


تذكرت ضحكاتهما، وصوت الألعاب، ونظراته لها.....

تلك النظرات التي لم تحمل نفورًا، بل دهشة واهتمامًا جعلوها تكتشف جمالًا داخلها لم تره من قبل


تذكرت الوردة الحمراء التي أعطاها لها قبل أن يُنزلها أمام البيت، بل وثبتها بجانب اذنها، وردة جعلت قلبها يرتجف كأنه يُولد من جديد للحياة


ظل قلبها ينبض سريعًا، وراح عقلها يعيد تفاصيل اليوم يحفرها كذكرى لا تُنسى، كأنها تخشى أن تستيقظ غدًا فتكتشف أن كل ما حدث كان حلمًا


نامت أخيرًا، وعيناها ما زالت تحمل أثر ابتسامة خجولة، وروحها تتمنى، بل تتوسل ألا يكون هذا اليوم هو الأخير من نوعه في حياتها !!!!!!!

.....…......

في اليوم التالي، داخل أروقة المستشفى الهادئة، كان القلق يكسو الوجوه، والأنفاس محملة بثقل الخوف والدعاء، الجميع اجتمعوا للاطمئنان على آدم الذي لا يزال تحت رعاية الأطباء بالعناية المركزة، بعضهم وقف مترقبًا أمام باب الغرفة، وآخرون افترشوا مقاعد الكافيتريا، بينما لجأ البعض إلى الحديقة الخاصة بالمستشفى بحثًا عن الهواء والسكينة


اثناء هذا الانشغال، استغل يونس الفرصة، واقترب من قمر بهدوء، يقودها نحو طاولة في زاوية حديقة المستشفى، بعيدًا عن العيون، جلس أمامها ونظراته جادة، وصوته خرج خفيض مليء بالحزن، والحيرة :

في الظروف اللي احنا فيها دي، صعب نتكلم في موضوع الجواز، ونوح قرب يرجع، ومفيش وقت خالص


انقبض قلب قمر، وارتجفت أصابعها فوق الطاولة، كانت عيناها زائغتين، وصوتها خرج متحشرجًا بالخوف :

يونس، انا مش عايزة بابا يحصله زي ما حصل لأونكل آدم، بالله عليك ساعدني، أنا مانمتش طول الليل، ومش عارفة أعمل ايه....خايفة.....خايفة اوي يا يونس


نظر إليها يونس طويلًا، صمت للحظة، بداخله صراع لا يهدأ،

الوجع في قلبه حقيقيًّا، والخوف عليها أصدق مما يبوح به، لكن جراح ما فعلته بنفسها، لم تلتئم بعد، ومع ذلك، خرج صوته ثابتًا، دافئًا رغم الألم :

ماتقلقيش يا قمر، في كل الأحوال، ورق الجواز العرفي اللي نوح كان ماسكه أنا أخدته وحرقته زي ما قولتلك، لو قال أي حاجة، عمي أدهم أكيد ثقته فيكي كبيرة، مش كلمتين من واحد زبالة زيه هيصدقهم، ولو هو راجل بجد خليه يثبت كلامه ده


ثم تابعت قمر بخوفٍ أكبر، ويديها تشبثتا بطرف الطاولة :

طب ولو بابا صدق، لو معاه حاجة تانية تثبت كلامه هعمل ايه ساعتها يا يونس؟!


تنفس يونس بعمق، ومسح وجهه بكفيه، وهو يقول بحيرة :

احنا مانقدرش ناخد أي خطوة دلوقتي، جوازنا في الوقت ده هيخلي أبوكي يشك ويصدق كل كلمة يقولها نوح، سيبي الموضوع ده عليا، وانا هتصرف، وهمنع الزفت ده يوصللك بأي طريقة.......


قاطع حديثه، صوت يحمل مكرًا سامًا، نبرة مألوفة كانت يومًا ما تسكن قلبها حبًا، أما الآن فلا تُنذر إلا بالخوف والذعر !!


تجمدت قمر مكانها، وشحب وجهها كأن الدم انسحب من عروقها دفعة واحدة، ارتجفت كل خلية في جسدها حين سمعت صوته خلفها :

امنعني دلوقتي لو تقدر


استدارت ببطء، والرهبة تتملكها، لتجد نوح واقفًا خلفهم، عيناه تحملان نارًا غامضة لا تُفهم، خليطًا من ألم وغل وجرح غائر لم يلتئم، عيناه تعلقتا بها، وبريق غريب ظهر بداخلهما.... بقايا حب أم حقد مكتوم......؟!!


كان يراها ترتعش منه، كأنها ترى شيطانًا لا بشرًا، ورغم قسوة قلبه الآن، إلا أن نظرة خوفها طعنته بقسوة.....

هل صار هو مصدر الرعب لمن أحبها يومًا....؟!

هل اختفى الحب من عينيها تمامًا ليحل مكانه هذا الخوف الوحشي، شعورٌ مُوجع، أقسى مما توقع، لكن الكِبر والظلام لم يسمحا له بالتراجع عما فعله !!!!


أما قمر، فكانت تحدق فيه بعينين مليئتين بالرعب، لم ترى أمامها ذلك الشاب الذي أحبّته يومًا.....

بل وحشًا سرق منها طمأنينتها، وجعل ليلها جحيمًا، وها هو يعود ليكمل ما بدأه


اقترب نوح خطوة، فارتدت هي للخلف، حتى تقف خلف يونس تحتمي به، وهو بدوره تقدم واقفًا كدرع أمامها، يتقد الغضب في عينيه، وكأنه على وشك الانفجار، ثم التفت إليها سريعًا، وخرج صوته آمرًا حادًا :

اطلعي لفوق، يالا


هزت رأسها بخوف وبدأت تتحرك، لكن يد نوح امتدت فجأة وأمسكت معصمها، لكن صرخة شقت المكان، صرخة خوف حقيقي، مفزع، جعلت الأرض ترتعش تحت أقدامهم، اندفع يونس كالنار، أمسك يد نوح بعنف وأبعدها، ثم هوت قبضته على وجهه بقوة تفجرت من قلب يغلي غيرةً وغضبًا !!


ارتد نوح ثم رد اللكمة بأخرى، واندلع الشجار كالعاصفة بين الاثنان، صراع عنيف......وغضبٌ لا يعرف رحمة


كانت قمر تبكي بقوة، جسدها يرتجف، لا تعرف ماذا تفعل، ولا كيف تنقذ نفسها ؟؟


في تلك اللحظة اندفع يوسف من خلفها، وعيناه اتسعتا من الصدمة حين رأى المنظر، واللكمات المتطايرة بين يونس ونوح، وقمر التي تكاد تنهار، أسرع يجذب يونس بعيدًا عن نوح قائلاً بذهول :

ايه اللي بيحصل، انتوا اتجننتوا....؟!


اجتمع موظفو المستشفى ومرضاه على المشهد، لكن يوسف زجرهم بعنف وصرفهم، ثم التفت لقمر، يحاول تهدئتها وهي ترتجف كالورقة :

في إيه يا قمر؟ مالك؟!


كان يونس ما زال يزمجر بنظرات مشتعلة، ونوح يقف أمامه، صدره يعلو ويهبط، عيناه مشتعلة غضبًا ووجعًا دفينًا، ولا أحد منهما يستطيع التراجع


عادا يتقدمان نحو بعضهما، معركة جديدة توشك أن تنفجر لولا الصوت الذي جاء من خلفهما صارمًا :

ايه اللي بيحصل هنا....؟!


انه أدهم، الذي نزل من الطابق العلوي، بوجه متعب، ليرى ابنته ترتجف كالطفلة، واثنين يتصارعان أمامها كذئبين !!!


تفاقم الارتجاف في جسد قمر، وملامحها وجهها بدت شاحبة، دفع يوسف يونس بعيدًا عن نوح، فتنفس يونس بحدة قبل أن يلمح حالة قمر، فهرع نحوها، يجلسها على الكرسي برفق رغم الغضب الذي كان يشتعل فيه قبل ثوانٍ !!


ـ يوسف....هاتلها مية بسرعة

قالها يونس بصوت متوتر، يحمل قلقًا حقيقيًا، بينما قمر كانت تتنفس بصعوبة، صدرها يعلو ويهبط بعنف وكأن الخوف أطبق على رئتيها ومنعها من الهواء !!


اقترب أدهم بخطوات متسارعة، وجهه شاحب من الصدمة والقلق، ومد يده يلامس كتف ابنته بخوف وقلق :

مالك يا بنتي، فيكي اي، انتي كويسة 


لكنها لم تجبه، عيناها تائهة، ودموعها تهطل في صمت، وذعر

تقدم نوح منها خطوة، وملامحه تحولت من الغضب للقلق، وصوته خرج خافتًا، مشوشًا :

قمر، انتي كويسة؟


رفع يونس رأسه إليه بنظرة قرف وكراهية، قبل أن يصرخ أدهم بحدة، وغضب شديد :

ابعد عن بنتي وغور من هنا


توقف نوح مكانه، قدميه لم تتحركا، كانت عيناه معلقتين بقمر، وكأن شيئًا ما يتحطم بداخله مع كل دمعةٍ تسقط منها


تدخل يونس سريعًا، وخرج صوته ثابت لكنه محمل بالتوتر:

عمي، خلينا ناخدها فوق، عشان الدكتور يطمنا عليها


أومأ أدهم بلهفة، واحتضن ابنته من كتفها يقودها برفق، بينما يوسف ويونس يتبعانهما، وقبل أن يتحرك يونس، التفت إلى نوح وألقى عليه نظرة قاسية لا تحتمل تفسيرًا، نظرة تعِدُ بحرب !!!!!


بينما نوح ظل واقفًا في مكانه للحظات، وكأنه استيقظ فجأة من وهمٍ طويل، لم يعد يتذكر سبب قدومه، لم يفكر إلا في قمر وحالتها، في الارتجاف، والذعر بعينيها، في أنه لم يعد سبب أمانها، بل صار مصدر رعبها، غادر ببطء لكن عقله بقى هنا معها، ليس فقط عقله بل قلبه الذي يعشقها رغم كل شيء

..........

في الطابق العلوي

اجتمعوا حول قمر في غرفة كبيرة، أنفاسها ما تزال تتسارع، كأن الخوف يلتهمها من الداخل، حاول الجميع تهدئتها، يربتون على يدها، يقدمون الماء، يمسحون دموعها، لكن الخوف جاثم على صدرها، لا يغادر


ارتجف قلب أدهم، دموعه انسابت في صمت، وهو يحتضن يدها ويقربها من صدره كأنها آخر أمان يملكه في الدنيا


بقيت على هذا الحال دقائق طويلة حتى بدأت تستقر قليلًا، فخرج الجميع واحدًا تلو الآخر لتركها ترتاح


بعد قليل، وقف يونس خارج الغرفة مع أدهم قائلاً بهدوء :

عمي أدهم، أنا فاهم إن الوقت مش مناسب، وإن الكلام ده مايصحش دلوقتي، بس نوح مش ناوي على خير، نظراته كلها شر، وناوي يأذي قمر لأنها بعدت عنه وعرفت حقيقته وكشفته


صمت للحظة، ثم خرج صوته مليئًا بالقلق :

وأنا خايف، خايف قلبها يحن ليه وترجعله، وده واحد مالهوش أمان زي ما حضرتك عارف


ثم تابع بهدوء :

انا عارف ان الوقت مايسمحش، لكن ع الأقل ممكن لما نطمن على صحة عمي ادم، نكتب الكتاب علطول لحد ما الظروف تتحسن ونعمل احتفال، وفرح كبير، انا عارف ان قمر تستاهل تفرح وسط الكل وانا هعوضها بس لما الامور في العيلة تتحسن، وفي الأول والآخر دي كلها شكليات نقدر نستغنى عنها مقابل منفعة كبيرة


نظر إليه أدهم طويلاً، ثم سأله فجأة وبدون مقدمات :

ايه اللي يخليك تقبل بتتجوز بنتي يا يونس وانت عارف ان قلبها مع غيرك، وممكن تحن ليه زي ما بتقول.....؟!!


ارتبك يونس للحظة، لكن بالأخير خرج صوته صادقًا يفيض بما يحمله في قلبه لها :

عشان بعشق التراب اللي بتمشي عليه، يمكن كلامي يبان مبالغة، بس دي الحقيقة، عمري ما حبيت غيرها، ولا قدرت أشوف حد غيرها، حتى بعد ما عرفت بحبها لنوح حاولت أنساها، بس مانسيتش، ولقيت نفسي بحبها اكتر، قولت يمكن حب مراهقة وهيروح لحاله بس ما راحش، انا مهما حاولت انساها ومهما حاولت ابعد، بقع في حبها اكتر


لم يستطع أدهم منع ابتسامة فخر خفيفة ارتسمت على شفتيه، لكنه ما زال حبيس قلق أبٍ لا تكتمل رؤيته، فاقترب قليلًا منه وسأله بصوتٍ خفيض :

بنتي فيها إيه يا يونس، انا عارف إنها حكتلك، لكن انت مخبي عليا زيها


حبس يونس أنفاسه، ونظر للأرض قبل أن يردد بهدوء مصطنع، يخفي خلفه عاصفة :

بنتك بخير يا عمي، ومافيهاش حاجة، اللي بنمر بيه كلنا مأثر عليها مش اكتر، هتبقى كويسة إن شاء الله


ثم رفع عينيه إليه بثبات، وقال بهدوء :

لو سمحت يا عمي فكر كويس في اللي قولتله لحضرتك، ورد عليا في اقرب وقت


كان يونس قد ذهب، تاركًا أدهم واقفًا في الممر، نظراته معلقة على باب غرفة ابنته، وقلبه يعتصره القلق والحيرة


في الجهة المقابلة، كان إلياس واقفًا يتابع كل شيء من بعيد، تقدم بخطوات هادئة حتى وقف بجانب أدهم، وأسند ظهره إلى الحائط، وصوته خرج هادئًا لكن ثابتًا :

ابني وبنتك مخبيين حاجة يا أدهم


التفت أدهم إليه بحدة قلقة، بينما أكمل إلياس دون أن ينظر إليه، كأنه يستدعي ذكريات بعيدة منذ زمن :

فاكر أيام زمان؟


ساد الصمت لثوانٍ، قبل أن يتنهد كلاهما في الوقت نفسه، كأن الحنين باغتهما معًا، ابتسم إلياس بخفة، وقال :

اتوجعنا فيها كتير اوي، اتوجعنا ووجعنا، كل واحد فينا عاش حياته زي ما اختارها، صحيح معظم اختيارتنا كانت غلط لكن كلنا اتعلمنا منها.......


رفع أدهم عينيه إليه، وصوته خرج مليئًا بالقلق :

عاوز تقول إيه يا إلياس؟


أجابه إلياس بهدوء :

عاوز أقولك إن أولادنا كبروا، سيبهم يتعلموا بنفسهم، أنا واثق إن ابني هيصون بنتك، وإنت واثق إن بنتك مستحيل تغلط، طالما مفيش حاجة حرام ولا حاجة من ورانا، يبقى نسيبهم يتحملوا نتيجة اختيارهم يا أدهم !!


حدق أدهم فيه بغضب، وقال بحدة :

يعني أرمي بنتي وأقول تتعلم يا إلياس....؟!


حرك إلياس رأسه بثبات قائلاً :

انا ماقولتش كده يا أدهم، اسمعني للآخر، أنا اقصد ان احنا نوجههم نعرفهم عواقب الخطوة دي، وايه مميزاتها، وايه عيوبها، ونسيبهم هما يختاروا ويقرروا بنفسهم، سيبهم وفي نفس الوقت عينك عليهم، واتدخل في الوقت المناسب، عند اللزوم يعني يا أدهم !!


ثم تابع بمرح وغرور محبب :

وبعدين انا واثق ان ابني هيخليها تحبه وتدوب فيه دوب


حاول أدهم يكتم انفعاله، لكن ضحكة خفيفة ساخرة خرجت رغماً عنه، فتابع إلياس بثقة :

متخافش يا أدهم، ابني قدها وقدود، وهيحافظ عليها، ووعد مني هحط بنتك في عيني ولو ابني في يوم غلط فيها، ساعاتها حقها انا اللي هجيبه منه بنفسي


رد عليه أدهم بضيق، وهو رأسه يكاد ينفجر من الصداع :

طب ليه يونس يظلم نفسه، وليه قمر تتجوزه وهي مش بتحبه، انا خايف على بنتي من الوجع يا إلياس 


أجابه إلياس بهدوء :

الوجع بيقوي يا أدهم، ومفيش حد مات من وجع الحب، سيب بنتك تختار، عشان ماتجيش يوم وتلومك إنك اخترت ليها طريقها


اخفض أدهم رأسه، وتنهيدة ثقيلة خرجت من بين شفتيه،

نظر لابنته من فتحة الباب، رآها على السرير، عينيها مغلقتين لكن ارتجاف رموشها يفضح خوفًا لم يهدأ بعد، كان قلبه يتمزق عليها، بين حماية أب، وبين ضرورة أن يتركها تقف وحدها لأول مرة


لكن عقله لم يهدأ إلا حين عاد إلى زوجته، وحكى لها، كانت كلمتها الأخيرة هي الحسم، ونبرة صوتها امتلأت بنضج المرأة التي تعرف الحياة جيدًا :

الياس معاه حق يا أدهم


رفعت يدها تضعها على ذراعه بحب :

بنتك ضعيفة، لأننا حميناها بزيادة يا أدهم، جه الوقت انها تواجه الدنيا، بس مش لوحدها، تحت عيونا، وانت عارف اني عمري ما هلاقي لبنتي حد أحسن من يونس 


ثم اقتربت منه أكثر وهمست بثبات :

اتكل على الله يا أدهم، بس مش دلوقتي، نستنى آدم يفوق الأول، وبعدها كل حاجة تتحل في وقتها، ولينا قاعدة تانية مع بنتنا قبل ما نقرر


حرك أدهم رأسه، وما زال صدره يعلو ويهبط بثقل كبير، اقتنع بكلامها نوعًا ما لكن قلبه، ما زال يرفض.....!!!!!


مر الوقت ببطءٍ ثقيل، كأنه يحمل على كتفيه كل ما دار قبل ساعات من جدل وحيرة 


جلست قمر على طرف السرير، ويونس إلى جوارها، يحكي لها حديثه مع والدها، وما  ان أنتهى قال بهدوء :

انا هحاول على قد ما أقدر امنع نوح إنه يقرب من والدك الفترة دي، وهحاول اشغله لحد ما الموضوع يتم


أومأت قمر بصمت، وللمرة الأولى مدت يدها بحذر وأمسكت بكف يونس، وقالت بدموع مهددة بالسقوط في أي وقت :

انا متشكرة اوي يا يونس على كل حاجة، وآسفة.....آسفة إني دخلتك في الموضوع ده، وإنك هتتدبس في جوازة من واحدة زيي


كانت عينا يونس معلقتين بها، نظرةٌ امتلأت بحُب دام كتمانه سنين، حبٍ متراكمٍ في صدره حتى ضاق به، فلم يجد سبيلًا لإظهاره ولا قدرة على كتمانه، ابتسم بخفة، ومال نحوها قليلًا وهو يقول بنبرة هادئة، صادقة حد الوجع :

تدبيسة، طب والله دي أحلى تدبيسة حصلتلي في حياتي،

ياريت كل التدبيسات تبقى كده


ارتبكت قمر، وارتسمت على وجهها ابتسامة خجولة، ظنت الأمر مزاحًا، دعابةً يطلقها كما اعتاد، فقهقهت بخفوت، شهقة صغيرة خرجت من صدرها المتعب كأنها للتو تُعيد لالتقاط أنفاسها بعد خوفٍ طويل أثقل قلبها


تابع يونس حديثه معها، ينسج حولها دفئًا خفيفًا كي يهدئ ارتجافها، يسألها عن ذكريات طفولتهما، يروي لها طرفةً، يعلق على شيءٍ تافهٍ في الغرفة......

أي شيء يُبعد ذهنها عن صدمتِها الأخيرة وعن الرعب العالق في عينيها، يخشى عليها حتى من نفسها، يخاف من تلك النظرة الشاردة التي تهرب فجأة، وتغرق بها بعيدًا !!


عند الباب، وقف إلياس يتابعهما بصمت، إحدى يديه في جيبه، والرضا يتسرب إلى ملامحه شيئًا فشيئًا


ابتسامة خفيفة ارتسمت على محياه، تحمل مزيجًا من الدهشةٍ والفخر......والطمأنينة

لم يكن يرى أمامه مجرد ابنٍ مع فتاةٍ يحبها

بل كان يشهد غرق قلبٍ في العشق، انسياب روحٍ نحو أخرى بلا تردد، ونبضًا اختار طريقه دون استئذان


هناك، خلف نظراته الهادئة، كان قلب أبٍ يدعو في صمت

أن يُكتب لهذا الحب أن يكتمل،

أن يحفظ القدر تلك الملامح المضيئة من أي انكسار


فالحب حين يسكن الأبناء

يمتد الفرح في صدور الآباء أضعافًا !!

.............

امتلأت القلوب بفرح خافت، فرحٍ شاحبٍ ومرهقٍ بعد أيامٍ طويلة استعاد فيها آدم عافيته أخيرًا، لكنه أبى أن يبقى في المستشفى لحظة إضافية، وقرر إكمال علاجه في الفيلا


كان الصمت يُحيط به كجدارٍ صلب، يرد بكلماتٍ مقتضبة، نظراته تُطفئ كل محاولة للاطمئنان عليه

أما زينة، فجلست بجواره تحمل وجعًا مماثلًا، صمتٌ خانق، عيون لا تعرف سوى الخزي والانكسار !!


وجعٌ ما بعده وجع، جرحٌ لا يُشفى، وكل ذلك بسبب ابنتهما، بسبب الموقف الذي وضعتهما فيه، ورغم كل هذا الألم، ظل في قلب آدم بصيص أمل.....


أملٌ بأن تقسم له ابنته حين يخرج أنها لم تخطئ، أنها لم تُلطخ اسمه وسمعته، انها لم تحني ظهره، وأن الفيديو مركب وليس حقيقي


لكن كلما تذكر صمت ابنه ياسين ونظرات غضبه عند ذكر اسم ابنته، كلما صارت الحقيقة كخنجرٍ في قلبه، ابنته حقًا أخطأت، الفيديو لم يكن خداعًا كما تمنى !!!!!


دخل آدم الفيلا بخطواتٍ ثقيلة، وما ان رأته صافي اندفعت نحوه تركض، فلم تستطع الاحتمال أكثر كانت في حاجة لطمأنينته، لحنانه، لسنده الذي لطالما حماها......

تريد ان تطمئن عليه، لكن آدم لم يبادلها العناق، ولم يلتفت لها في الأساس، بل صعد الدرج بصمتٍ يُمزق القلوب


عم الصمت، حزنٌ ثقيل خيم على الجميع، لا أحد يدري ما يقول، ولا كيف يصلح ما انكسر


بعد وقتٍ طويل، وقفت صافي أمام والدها، بعدما غادرت عائلة إلياس، وسارة، وكذلك أدهم، لم يبقى إلا الأخوة الخمسة وابنائهم !!


الخوف ينهش قلبها، تتمنى لو تبتلعها الأرض، اياد لا يجيب اتصالاتها منذ أيام، رفع آدم عينيه إليها وسأل بهدوءٍ أربك الجميع ؛

حصل حاجة بينك وبين ابن جلال الخولي؟؟


صمتت، وانهارت دموعها قهرًا وألمًا، تتمنى لو تستطيع الدفاع عن نفسها، لكن الكلمات خانتها، والواقع كان أقسى من قدرتها على الكلام


تدخّلت مهرة، ونبرة السخرية تقطر من صوتها :

هتتكلم تقول ايه، ما الجواب باين من عنوانه


لكن أوس قاطعها قائلاً بنظرة قاسية حادة :

مهرة


صمتت مهرة مُجبرة، تخفي فرحةً خبيثة في عينها

اقتربت صافي من أبيها خطوة، وقالت بصوتٍ متحشرج، مختنق بالدموع، والألم :

اياد بيحبني يا بابا، وكان مستعد يتجوزني من بكره لو حضرتك وافقت، اللي حصل كان.......


لكن صوت أخيها قطعها كالسيف، وهو يقول بنفور ومقت منها بسبب ما فعلته بهم، وبنفسها :

حبيب القلب اللي بيحبك ومستعد يتجوزك

هرب بره مصر أول ما عرفنا حقيقته، هرب وسابك بعد ما أخد كل اللي هو عاوزه منك، وعنده حق مين يتجوز واحدة رخصت نفسها ليه زيك


هل سمع أحدٌ الآن صوت قلبها وهو يتحطم...؟!

هل رأى أحدٌ روحها وهي تتلاشى...؟!

دمها انسحب من عروقها كأن الحياة تهجرها، نظرت حولها فوجدت مزيجًا قاتلًا من الشفقة والخذلان والغضب......

نظراتهم خنقتها أكثر مما قد تفعل الكلمات


 لم تحتمل، بل تهاوت أرضًا فاقدة الوعي، تتمنى ألا تستيقظ أبدًا، تتمنى أن تكون هذه نهاية الحكاية، فالموت أهون من العيش في ظل هذا العار، وهذا الوجع المُهلك !!!

.............

خارج البلاد، كان إياد جالسًا في ركنٍ معتم من ذلك البار الفخم، يرتشف الكأس تلو الآخر وكأن الخمر وحده قادرٌ على إطفاء النيران التي تشتعل داخله، محاولاته للنسيان باءت بالفشل، فطيفها كان حاضراً، يطارد عقله وذاكرته ولا يرحل

 

هشام عاد إلى مصر صباحًا، ولم يبقى هنا سواه، محاصرًا بحرسٍ أمر بهم والده خشية أن يتهور ويعود، فيجد آدم الطريق مفتوحًا لينتقم منه


الكحول أثقلت جفونه وأربكت خطواته، حتى لم يعد يرى بوضوح، اقتربت منه فتاة فاتنة، عيناها تلمعان بالإغواء، يدها امتدت تلامس ذراعه بخفة.....ورغبة !!


لكنه لم يكن لها، قلبه هناك، مع تلك التي تركها وراءه، مع الوجع الذي لم يبرأ تلك الصدمة التي مزقته حين اكتشف حقيقتها — أو هكذا أقنع نفسه — خيانة، طيش، تلاعب تمامًا كما فعلت والدته يومًا 


عجز عن استيعاب خديعتها أو خديعته لنفسه، نهض مترنحًا، أبعدها عنه بقسوة، ومضى نحو الخارج بلا توازن، تبعته الفتاة ودخلت سيارته عنوة، والحراس ظنوها من طرفه فلم يمنعوها !!!


بعد وقت، كانت تمسك بيده وتساعده على دخول غرفته في الفندق، اقتربت منه بلا حياء، بلا تردد......

بينما كان هو غائبًا عن وعيه، يرى فيها صورة صافي، لبرهةٍ بدا أنها هي، أنها عادت إليه، أنها أمامه أخيرًا، اقترب منها كمن يهرب من نفسه إليها، سلك الطريق الذي وعدها ان يهجره لأجلها، ووعدها ألا يخلفه........


ليتها رأته الآن،

ليتها لم تراهن على قلبٍ هش لا يُجيد سوى الهرب


ليتها لم تؤمن بشخصٍ لا يؤمن حتى بنفسه،

وليته لم يكذب حين وعد، وليت الوعد لم يُقال أصلًا !!!


يتبع.........

مستنية رأيكم يا حلووووين ♥️

توقعاتكم ايه للقادم.......؟!

مش هقولكم واحدة واحدة على اياد لا هو يستاهل أصلاً 🙂

نوح هيفضح قمر ولا هيرجع في كلامه.....؟!

هل يونس فعلاً هيقدر يفوز بقلب قمر......؟!


#تكملة_الفصل_الخامس_عشر

#رواية_ما_ذنب_الحب

#الجزء_الثاني_لرواية_ضحايا_الماضي

#الكاتبة_شهد_الشورى

#حصري

داخل منزل شدوى......كانت بغرفتها الخاصة تحاول الدفاع عن نفسها بينما نوح يكيل لها اللوم والغضب، وهي ترد عليه بعجلة محاولة تبرير موقفها  

قولتلك ماشوفتش خلقته بقالي اسبوعين وكل ما اتصل بيه يقولي بعدين اعمل أي اكتر من كده اقوله تعالى نام معايا دلوقتي حال، وإلا نوح هيطير رقبتي


صرخ عليها نوح غاضبًا، وقد بدا الإنزعاج الشديد على ملامحه :

مش شغلتي اتصرفي ونفذي اللي قولتلك عليه، ولا شكلك حابة تتفضحي وسط الناس بفيديوهاتك، واهلك اللي في البلد يعملولك زيارة ياخدوا فيها روحك


صرخت عليه شدوى بصوت يملؤه القهر، ودموعها تلمع في عينيها :

يا اخي ملعون ابو اليوم اللي شوفت فيه واحد زيك وحبيته، سلمتلك نفسي، وانت عارف ان مفيش غيرك في حياتي، عمال تبيع وتشتري فيا خلتني أنام مع ده، وارقص لده.....

عمال تذل فيا ولا كاني جارية اشتراهالك ابوك، انت اي مابتحسش مش بني ادم، يا اخي ده انت عندك اخت، اتقي الله عشان........آآه


قاطع حديثها صفعة قاسية اهتز لها جسدها، فسقطت أرضًا تصرخ من شدة الألم، انحنى نوح نحوها، وجذبها من خصلات شعرها بعنف بالغ، وتحدث بقسوة جمدت الدم في عروقها :

سيرة اختي ماتجيش على لسانك يا و.....ايه نسيتي نفسك، لا فوقي يا روح امك انا مش متعرفش عليكي في جامع ده انتي رقاصة في كبارية اخرك تتعاملي كده، اللي ترخص نفسها من الاول زيك ماتجيش تشتكي


أبعدته شدوى عنها بقهر بالغ، ودموعها تنهمر على وجنتيها بغزارة، لكنها لم تجد طريقًا إلى قلبه القاسي كالحجر، نظر إليها نوح لوهلة في صمت، ثم انقض عليها كالحيوانات المفترسة، كانت الأخرى مستسلمة له، يمزقها مزيج من المشاعر المتضاربة حب وكره في اللحظة ذاتها، اشمئزاز من قربه، ورغبة فيه، فهو الوحيد القادر على استمالتها حتى لو كان ذلك بالقوة !!!


انتهى نوح من فعلته، وابتعد عنها وهو ينظر إليها بـ قرف واشمئزاز، فزاد ذلك من قهرها، كانت تتمنى لو يمنحها نظرة حب واحدة، أو كلمة حانية، لكن كل أمنياتها كانت سرابًا


ارتدى نوح ملابسه، ثم غادر الغرفة وهو يرمي لها رزمة من النقود، قائلاً بصرامة، وحزم :

ابن ادهم الجارحي اخره معاكي يومين بالظبط، ومفيش يوم زيادة عن كده وإلا وشرفي ما هتعيشي لحظة واحدة بعدها على وش الدنيا !!!


قالها ثم غادر، وصفع الباب خلفه بقوة، بكت شدوى طويلاً بقهر.......


بعد قليل، دلفت فيروز إلى الشقة وقد استمعت صوت بكاء شدوى المقهور، اقتربت منها بقلق، فتمسكت بها شدوى واحتضنتها بقوة، واستمرت في البكاء حتى استغرقت في النوم بين ذراعيها، رفعتها فيروز برفق ووضعتها على الفراش، وهي قلقة ولا تفهم شيئًا من فوضى حياة أختها، خرجت من الغرفة، وبدلت ثيابها، وبدأت تطهو الطعام وعقلها شارد في حال أختها


رن جرس الباب، قاطعًا شرودها، ارتدت الإسدال  لتفتح، وإذا بها تتفاجأ بسليم واقفًا أمامها، بهيئته المبعثرة التي تزيد من وسامته، فسألته بحدة، واضعة يدها على الباب إشارة لعدم دخوله :

خير


دفع سليم يدها ببرود ودخل الشقة، فصرخت عليه فيروز بحدة وصوت منخفض نسبيًا بعد أن أغلقت الباب خشية أن يسمعها الجيران :

انت ازاي تدخل كده اطلع بره


سألها سليم ببرود :

اختك فين


زفرت بضيق وردت عليه بحدة :

احنا مش هنخلص بقى من خلقتك دي، ما كنت غورت في داهية ايه اللي رجعلك هنا تاني


صرخ عليها سليم غاضبًا من حدة لسانها :

بت انتي لمي نفسك


جزت فيروز على أسنانها وقالت بغضب :

وطي صوتك اختي نايمة وتعبانة


سألها بسخرية لاذعة :

مالها ست الحسن والجمال


ردت عليه بضيق وغضب :

ابعد عنها وهي هتكون كويسة، اصلاً مين ده اللي يشوف خلقتك ويبقى كويس


جز سليم على أسنانه وجذبها من ذراعها بحدة مهددًا اياها :

قسما بالله لو ما اتلميتي لارزعك علقة تجيب اجلك، واقطعلك لسانك اللي متبري منك ده


صرخت عليه فيروز بغضب وتحدي :

أعمل كده لو تقدر


دفعها سليم للخلف، ملقيًا بسترته على المقعد، ثم جلس على الأريكة وقال بحدة :

غوري اعمليلي قهوة وصحي اختك


ردت عليه ببرود استفزه :

اختي نايمة وتعبانة، والبن عندنا خلص زوق عجبك ويلا غور من هنا احنا مش ناقصين بلاوي ع المسا


انتفض سليم من مكانه ودفعها نحو الحائط، فتأوهت بألم اخذ ينظر إليه بغضب، سرعان ما تحول إلى مكر، لقد قرر أن يلاعبها بأسلوب آخر يختلف عن الغضب ويخرس لسانها السليط، اقترب منها بوجهه أكثر، فصرخت فيروز بغضب وهي تراه يقترب جدًا :

ابعد عني يا حيوان، بتعمل ايه، والله العظيم لو مابعدتش لأصوت والم عليك العمارة كلها


رد عليها سليم ببرود ومكر :

صوتي وافضحي نفسك انتي واختك في العمارة


جزت فيروز على أسنانها بغضب وغيظ وهي تنظر حولها محاولة الهرب، لكنه حاصرها من كل زاوية، اقترب منها سليم بوجهه حتى ضربت أنفاسه الساخنة بشرتها الناعمة، فارتجفت فيروز من الخوف أن يلمسها أو يقترب منها أكثر........


دفعته وكانت على وشك الركض، إلا أنه جذبها مرة أخرى حتى اصطدمت بصدره، وحاوط خصرها بيديه، مال سليم أكثر نحو أذنها وقال لها بنبرة مثيرة ومليئة بالمكر :

هتعمليلي القهوة


حركت رأسها د بسرعة بالغة من الخوف والارتباك، فابتسم سليم بمكر، وقد عرف كيف يستطيع أن يصمت لسانها السليط معه، ابتعد عنها قليلاً، وما زال يحكم قبضته عليها، ربت على وجنتها الناعمة برفق وقال بسخرية :

شطورة يا حلوة


دفعته فيروز بارتباك، فابتعد سليم وجلس على الأريكة، واضعًا قدمًا فوق الأخرى، قائلاً بمكر استفزها :

اعملي القهوة على ما تجهزي الغدا


دخلت فيروز المطبخ بخطوات غاضبة، وهي تتمتم بكلمات غير مفهومة، فسألها سليم بصوتٍ عالي :

بتقولي حاجة


ردت عليه بغيظ، وهي مازالت ترتجف بداخل المطبخ :

مابقولش !!!!!

.............

كانت غنوة تجلس في غُرفة حبيبة بمنزل خالتها بعد انتهائِهم من تناولِ طعامِ العشاء، وإذا بها تنتفض فزعًا، وقد سيطر عليها ارتباكٌ عظيمٌ حين رأَت اسم مروان يتلألأُ على شاشة هاتفها، تملك منها التوتر......

التقطت الهاتف بيدها واستجمعت شتاتها وأجابت عليه، وما إن سمع مروان صوتها الخافت حتى قال بصوته الدافئ يسألها عن حالها :

ازيك يا غنوة


ردت عليه غنوة بصوتٍ خافت، وبأنفاسٍ مُتلاحقة :

كويسة الحمد لله


خيم صمتٌ وجيزٌ على الطرفين، قبل أنْ يُبادِر مروان محاولًا أنْ يفتح اي حديثٍ معها :

مرتاحة في بيت خالتك


ردت عليه غنوة بصدق وسعادة :

اكيد مبسوطة، مش وسط اهلي، هما كمان شايلني من على الأرض شيل، وفرحانين بيا اوي


سألها مروان بفضول :

طب اي اللي جابرك تشتغلي يا غنوة شغل يبعدك عنهم كده، انا مقصدش حاجة انا بس مستغرب


ردت عليه غنوة بقليل من الحرج :

عشان مكملتش علامي مش الاقي شغل كويس اقدر اصرف منه على نفسي، ولا هعرف اقعد من غير شغل عشان مزودش الحمل على خالتي واولادها، كل واحد اولى بنفسه وعلى العموم انا مش زعلانة أنا بحس بيتكم زي بيتي، واتعودت عليه


تنهد مروان ورد عليها بكلماتٍ ذات مغزى :

وهو كمان اتعود عليكي ووحشتيه


سألته غنوةُ بارتباكٍ وحياء :

هو اي....؟!


ضحِكَ بخفوت ورد عليها بمراوغة :

البيت


ابتسمت خجلًا، واكتفت بالصمت، فسألها مروان وهو يستند على الحاجزِ الحديدي أمامه في الميناء :

اتغديتي؟!


ردت عليه بحماس، وهي تضع يدها على بطنها تصف له لذة الطعام :

خالتي عاملة شوية محاشي يستاهلوا بوقك


ضحك مروان بخفوت وقال بمرح :

بألف هنا على قلبك......بس انا ماليش دعوة يا عم انا ليا عندك اكلة حلوة زي دي لما ارجع من السفر


ضحِكت غنوة، وردت عليه بمرح، وقد ظهر بوضوح انسجامها بالحديث معه :

علم وينفذ يا حضرة القبطان


ضحك مروان وسألها باهتمام :

انبسطي باليوم اللي قضيناه سوا يا غنوة


ارتبكت غنوة وأجابتهُ بتوتر شديدٍ وخجل :

كان يوم جميل اوي وانبسطت بيه جدًا


رد عليها مروان بصدق :

انا كمان انبسطت اوي


تعالى نبض قلبها بسرعة جنونية، تتابع الكلام بينهما لوقت غير معلوم، حتى أغلق مروان الخط وأرسل إليها طلب صداقة على صفحتها بمواقع للتواصل الاجتماعي، وبعدها عاود الاتصال، وهذهِ المرة بالفيديو......


انجرفت غنوةُ وراءَهُ رغمَ إدراكها الداخلي لخطأ هذا الفعل، لكن قلبها كان عاجزًا عن كبح جماح شعورِ السعادة الذي يسيطرُ عليها في كل لحظةٍ تتحدثُ فيها معه، أراد قلبها أن يسرقَ لحظات الفرح ويشعر بها، ولو لفترةٍ قصيرة !!!


ما إن فتحت الكاميرا، حتى ظهرت غنوة وشعرها مُنسدل بنعومةٍ على جلبابِها المنزلي الفضفاض، عضتْ على شفتيها من شدةِ الخجلِ والارتباكِ من نظراتِ مروان المطولة، والغير مفهومة إليها 


بينما هو كان يجلس في الميناء ينتظرُ ساعة إبحارِ السفينة، ارتبكتْ غنوةُ وسألتهُ بحياء :

حضرتك بتبصلي كده ليه


رد عليها مروان بصدقٍ لا مراوغة فيه :

برتاح لما ببصلك


اهتز الهاتف في يدها من شدة الارتباك والخجل، فضحك مروان بخفوت وقال بمرح :

بهزر معاكي


ابتسمت له بخفوت، ومن تلك اللحظةِ بدأَ بينهما سيلٌ من الكلام الذي لا ينقضي، فلا هو يملك القدرة على إغلاق الهاتف وتركها، ولا هي قادرةٌ على التخلي عن شعور السعادة المسيطر عليها بصحبتِهِ، حتى دخل محمود ابن خالتها فجأة بعد أن طرق الباب وسمحت له هي بالدخول قائلاً بمرح :

ناني ماما عملت بسبوسة حكاية خدي دوقي


وضع محمود الحلوى لها على الفراش بعد أن أشارت إليها بأنها تُجري مكالمة، وخرج في صمت، سألها مروانُ بضيق شديدٍ ظهر في صوته، ولم يستطع أن يخفيه، مُستاءً من دلال هذا الرجل لها بتلك الطريقة :

مين ده.....؟!


ردت عليه غنوة بتوتر وارتباك :

ده محمود ابن خالتي


سألها بضيقٍ لم يستطع السيطرة عليه :

اكبر منك ولا اصغر


ردت عليه غنوة سريعًا :

اكبر مني


من كثرة الأسئلة عن محمود، استشفت غنوة انه يغار، وهذا الأمر قد غمر قلبها فرحًا، خاصةً عندما سألها مروان بغيرةٍ واضحةٍ :

ازاي يدلعك كده


ارتبكت غنوة وردت عليه بتوتر :

عادي ساعات بتخرج كده تلقائي منه، ما انا كمان ساعات بنادي عليه باسم الدلع


اشتد اشتعال مروان، وأحس بضيقٍ غامضٍ لا يعرف سببه، أو ربما يعرف ولكنه ينكره، كأنه يخشى ان يعلن ذلك أو يعترف به لنفسه حتى، فجاء صوت مروان الغاضب، وقد فشل في التحكم فيه :

نعم يا اختي، بصفته اي يدلعك وتدلعيه


توترت غنوة بشدة، وشعر مروان بأنه قد بالغ بردة فعله، لكن ماذا يفعل بذلك الغضب الذي اشتعل بداخله ما ان استمع لصوت ذلك الشاب، تمالك نفسه، وقال بهدوء :

ممكن ما تدلعيش حد تاني


أومأت له سريعًا، وعيناها تدوران في كل مكان من شدة الخجل، فردد مروان بمرح :

مش هتاكلي البسبوسة


أومأت له، فتابع مروان بمرح وغزل عفوي :

مع اني مش عارف ازاي حلو هياكل حل


ردت عليه غنوة بارتباك، بعد ان سقط الهاتف من يدها بسبب ارتباكها، ولكنها أمسكت به سريعًا :

انا....انا لازم اقفل دلوقتي


ابتسم مروان وودعها ثم أغلق الخط، رفع رأسه ونظر إلى القمر في السماء بذهنٍ شاردٍ فيها، لقد شعر بالوحدة والضيق، ليجد تفكيره ينقادُ إليها، ابتسم بخفوت، وشعر بتخبطٍ عارمٍ في المشاعرِ تجاهها، ولكن كل ما أيقنهُ هو أنه يرتاح إليها ويغمرُهُ إحساسٌ جميلٌ جدًا بوجودها !!


أمَّا غنوة، فأغلقت الخط ونَظرت إلى المرآة تتلمس وجنتها التي تحولت إلى اللون الأحمرِ القاني بظهرِ يدِها، ابتسمت بخفوتٍ وهي تتذكر كلماته، وقلبها يدق بعنف، خاصة حين غازلها، هل حقًا يراها جميلة.....؟!

هل يراها أجمل من تلك الفتاة "صوفيا" التي قابلوها بذلك اليوم وعانقته بدون خجل ؟؟

.............

خمسة عشر يومًا انقضت، كأنها دهر......

خيم الصمت الثقيل عليهم، صمتٌ يشي بانهياراتٍ داخلية، كل يومٍ يمر يحمل في طياته عبئًا أثقل من سابقه، المشاكل، كالأمواج الهادرة، تضرب أركان حياتهم، وكل كشفٍ جديد يُمزّقهم ويُضنيهم أكثر


كانت صافي، رهينةُ غرفتها، سجينةُ ندمها، تخشى العيون، تتوجسُ النظرات، لا سيما نظرات والديها اللذان لم يُبادراها بكلمةٍ منذ ذاك اليوم المشؤوم، لكن نظراتهما كانت أشد قسوةً من أي عتاب.......

نظراتهما مزيجًا قاتلًا من الخزي والانكسار، طعناتٌ صامتةٌ تفتكُ بوجدانها، يا لعمق ندمها، يا لقسوةِ كرهها لليوم الذي تقاطع فيه دربُها مع إياد......


كانت عاجزةٌ عن النطق، وكأن لسانها قد شُل إثر الصدمة، منذ تلك المواجهة الأخيرة، لم يجرؤ أحدٌ على فتح الموضوع مجددًا !!!!!


بينما إياد، فقد غرق في ملذاته الرخيصة، عاد إليها بضراوةٍ أشد، وانغمس فيها أكثر، لا يدري مِن مَن ينتقم.....

منها أم إلى نفسه.....؟!

أم من قدرٍ عبثَ بهما.....؟!


حتى في صبيحة ذلك اليوم، استيقظ على فداحة ما فعل ليجد تلك الغريبة تتوسد صدره، كانت ردةُ فعله صمتًا غريبًا،

مع كل خطيئةٍ يرتكبها، يعتصرُ قلبَهُ الوجع، ويُنهِكُه سؤالٌ واحد كيف استطاعت أن تخدعَه.....؟!

كيف منحَ ثقتهُ لامرأةٍ لم تكن أهلاً لها.....؟!

يا لمرارةِ كرههِ لليوم الذي هبطَ فيه أرضَ مصر، ليتَه ما وطئَها، ليتَه ما رآها !!!


بينما كان مالك يُصارعُ رغبته الجامحة، الظروف العصيبةُ تمنعه ان يخطو خطوةً رسميةً لطلب يد عشق من بدر، لكنّه استجمع شجاعته وباح لوالده أوس برغبته، خاصة بعد أن فاجأ إلياس الجميعَ بإعلانهِ المُفاجئ عن عقد قران قمر ويونس خلال الأيام القادمة، إعلان أثار دهشة الكل لكنهم صمتوا !!!!


لكن أوس رفض رفضًا قاطعًا أن يُفاتح ابنه بدر في هذا الأمر، مؤجلًا أي حديثٍ كهذا إلى أن يتخلصوا من كل تلك المشاكل التي لا تنتهي.........

............

كانت ليلى تقود سيارتها بشرودٍ تام، وعيناها معلقتان بالفراغ أكثر من الطريق أمامها، تتذكر كلماته، انهيارها، وانطفاء قلبها وقت اعترافه الأخير، تتذكر الطلاق الذي تم قبل سفره مباشرة، وكيف اختفى بعدها لأسبوعين كاملين أي خبر !!


كانت ما تزال مجروحة، لكن رغم الألم، رغم الغصة، تشعر براحة صغيرة تومض داخِلها، راحة الاعتراف، وراحة أنها أخيرًا قالت كل ما عجزت لسنواتٍ عن قوله


عودة بالزمن، لأسبوعين.......


كانت ليلى تتنقل بين مطاعمها، تتابع الترتيبات الأخيرة قبل الافتتاح، خطواتها واثقة، ملامحها ثابتة، إلا قلبها الذي لم يعرف يومًا الثبات، وما إن خرجت من أحد الفروع، حتى وجدت يوسف واقفًا أمامها 


تجاهلته، ومرت بجانبه كأن الهواء أكثر أهمية منه، لكنه اعترض طريقها وقال برجاء وتوسل :

ليلى من فضلك، اسمعيني خمس دقايق بس......


لم تنظر إليه حتى، وتقدمت نحو سيارتها قائلة ببرود :

لأ


خطا خطوة نحوها، واعترض طريقها، قائلاً بحزن :

يمكن دي آخر مرة نتكلم فيها، انا وانتي محتاجين القاعدة دي يا ليلى


رمقته ببرود، وقالت بسخرية :

انت اللي محتاجها.....مش انا


تنفس يوسف بعمق، وقال بألم :

عندك حق، يمكن أنا اللي محتاجها اكتر منك، بس برده لازم نتكلم، مش هقولك عشان خاطري، هقولك عشان خاطر أي لحظة حلوة عشناها سوا يا ليلى، خمس دقايق بس


كان قلبها يتلظّى برغبة خفية.....

رغبة لا تشبه الانتقام بقدر ما تشبه استعادة كرامة ضاعت على أبواب قلبه

كانت تريد أن تسمع الارتجاف في صوته، ذلك الرجاء الذي انتظرته طويلًا ولم يأتي

أن ترى الندم ينهش ملامحه كما نهشها الوجع من قبل

أن تلمح الهزيمة في عينيه، الهشاشة، الخذلان.....

أن تراه ينهار أمامها كما انهارت روحها يوم فضل غيرها عليها


لم تكن تريد دموعه

بل كانت تريد اعترافًا صامتًا أنه خسرها فعلًا،

وأن خسارتها أثقل على روحه من أي ندم آخر في حياته


ضمت ذراعيها لصدرها وكأنها تعانق ما تبقى من نفسها،

كأنها تجمع شتات قلبٍ تناثر منه الحب يومًا وما عاد يُرجِعُه شيء !!!


رفعت رأسها ببطء، لا بكبرياءٍ فارغ، بل بعزة امرأة تعلمت أن تحمل ألمها وحدها، شموخٌ متعب، لكنه صادق :

اتكلم


نظر حوله ثم قال بهدوء :

تعالي نتمشى ع الأقل شوية بالعربية، مش هينفع في الشارع كده الناس حوالينا 


زفرت بضيق، ترددت لحظة وكأن قدميها تصارعان قرارًا أكبر من خطوتها، لكنها صعدت في النهاية 


انطلقت السيارة، والطريق كان صامتًا تمامًا،

حتى توقفت السيارة في مكانٍ مهجور على ضفاف النيل،

مكان يشبه أرواحهما في تلك اللحظة

هادئ......لكن مليءٌ بما لا يُقال

كانت المياه تتحرك أمامهما ببطء

كأن النيل نفسه يعرف أن هذه اللحظة ليست عبورًا عاديًا

بل مفترق روحين أنهكتا من بعضهما البعض


ساد الصمت بينهما......

صمتٌ لم يكن راحة، بل ثقلًا يضغط على القلب كيدٍ تخنق الحلق، كأن الزمن توقف، والهواء متردد بين أن يدخل صدريهما أو يتركهما يختنقان بما في داخلهما


وأخيرًا انكسر الصمت بصوت يوسف المليء بالألم، والندم :

انا والله مالاقي حرف يكفر عن ذنبي، ولا حتى مبرر واحد  لبشاعة اللي عملته، دورت كتير على اي حاجة اقدر اعملها عشان اداوي شوية من اللي اتكسر جواكي بسببي، لقيتني فاضي، عاجز، ومفيش حاجة مهما اعملها تداوي بوجعك

كل الطرق مقفولة في وشي، وكل الأعذار مالهاش قيمة، وكل الكلام مهما كان كبير هو أصغر من وجعك بكتير


مسح على وجهه، وتابع بصوتٍ مختنق :

مش عارف أعمل إيه، ولا أبدأ منين، ولا ايه اللي ممكن اعمله يخليكي ترجعي تنوري من تاني، ما املكش غير كلمة واحدة ضعيفة قدام الوجع والظلم اللي عيشتيه بسببي......انا آسف


انبعثت من صدر ليلى ضحكة مُرة، كجرح مفتوح لا يلتئم، ضحكة لم تكن سوى مرآة ألمها الصامت الذي ينهش روحها بلا رحمة، صحيح أنها قالت له انه وحده من يحتاج أن يتحدث إليها، لكنها اكتشفت في تلك اللحظة أن حاجتها للبوح أعمق، أوسع، أكثر يقينًا من أي كلمة قالها أو صمت التزمت به حاجتها لتفريغ هذا الجبل الكامن في صدرها، لتسكين النار التي تلتهم قلبها علها تجد جزءًا صغيرًا من الراحة، ولو لوهلة


صمتها، الذي كان رفيقها لسنوات، أصبح ضغطًا خانقًا، يدفعها شيئًا فشيئًا نحو حافة الجنون، رفعت عينيها المكلومتين نحوه قائلة بحزن :

اسف، دي هتصلح بيها إيه ولا إيه يا يوسف، إيه أصلاً اللي ممكن يصلح اللي عملته


ثم تابعت حديثها قائلة بصوتٍ مختنق :

انا ليا عندك سؤال واحد بس، سؤال بقالي سنين فضلت اسأله لنفسي، ومش لاقيه ليه اجابة شوفت فيها إيه عشان تحبها وتبيع الكل عشانها كده يا يوسف....؟!!


رد عليها يوسف بصدق، ندم، فقد كانت الأيام الماضية كافية لمراجعة ذاته، وتقليب صفحات الماضي، أدرك حينها كم كان غبياً في انقياده وراء سراب :

كانت بالنسبة ليا غريبة، تجربة مجنونة شدتني، كان انبهار فكرته حب، انبهار غبي خلاني خسرت كل حاجة، كل اللي حصل كان عبارة عن جنون يا ليلى، لما بفتكر كل اللي حصل، بحس إني غبي أوي، كل ذكرى عشتها معاها بحس بالقرف منها دلوقتي


ابتسمت ليلى بقهر، وقالت بصوت مختنق يحمل ثقل ألم السنين :

عارف أنا اتمنيت قد إيه أكون مكانها،

اتمنيت كل الجنون اللي أنت عيشته معاها ده تعيشه معايا أنا، اتمنيت تقف قصاد الكل عشاني زي ما وقفت قصادهم عشانها، اتمنيت كل ابتسامة ونظرة خصتها بيها تكون ليا، حاولت أكون أروى بس معرفتش، حاولت ألبس زيها، وأتصرف زيها يمكن أعجبك، بس معرفتش.....

معرفتش أكون غير نفسي يا يوسف، عارف أنت غبي ليه يا يوسف، عشان لو عرفت الحب اللي في قلبي ليك قد إيه، وإزاي كنت مستعدة أموت بس عشان أشوفك مبسوط، عشان أشوف بس ضحكة منك، مكنتش فكرت في غيري، كل اللي جريت وراها عشان، وعشان تعيشه معاها، كنت مستعدة أعمله ليك


صمتت لبرهة، ومسحت دموعًا خانتها وانسابت رغمًا عنها، ثم قالت بصوتٍ مليء بالألم :

من يوم قلبي ما عرف يعني ايه حب، وحبيتك، وانا بتخيل كل لحظة ممكن نعيشها مع بعض، اتخيلت حياتنا، قد اي ممكن تكون سعيدة، وعلى قد ما اتخيلت على قد ما اتوجعت منك، وعلى قد الوجع ده فيه نار قايدة في قلبي عمرها ما اتطفت، قلبي اللي عمال تدوس عليه يوم بعد يوم، قلبي اللي كسرته يوم ما وقفت قصاد الكل وقولت انك بتحبها، قلبي اتكسر يوم ما طلعت منك كلمة بحبك لأول مرة ليها هي مش ليا، اتكسر يوم ما استخفيت بحبي وقولت قدام الكل انك مش عايزني وعايرنني بحب شوفته في عيني، وعمر لساني ما نطقه، قلبي اتكسر يوم ما لمستها وقربت منها، اتكسر يوم ما جيت وكنت هتقتلني ببرود، اتكسر يوم ما جيت لحد عندي عشان تتجوزني وقلبي الغبي رغم كل اللي عملته مع أول ريق حلو منك استسلم، وياريتك قدرت ده، ده انت دوست عليا اكتر لما دمرت ليا يوم فضلت سنين أحلم بيه في خيالي، يوم اتمنيته اعيشه معاك، وكنت فاكراه هيكون اسعد يوم، بس انت فضحتني قدام الكل.......بسببك


انهمرت دموعها أكثر، وانفجرت في بكاء عنيف، كأن كل ما أخفته من وجعٍ وجد فجأة طريقه للخروج، تهاوت كل القوة التي كانت ترتديها كدرعٍ هش، وانكشف ضعفها حين داهمتها الذكريات، فغلبها الألم، وارتجف صوتها وهي تحاول لملمة ما تبقى من كبريائها


بينما يوسف يحدق فيها بعينين امتلأتا بالحرقة، تساقطت دموعه واحمرت مقلتاه من الندم والخزي، فقد رأى في انكسارها مرآةً لذنبه، وشعر بثقل الخطأ يطبق على صدره حتى كره ذاته في تلك اللحظة


نظرت إليه ليلى وتابعت بألم بنهش صدرها بلا رحمة :

انا بسببك بطلت اتخيل يا يوسف !!!!!!


شهقت من شدة البكاء، وكأن الهواء نفسه صار ثقيلاً عليها، ثم تابعت بصوت مكسور يحمل مرارة السنين ووجع الخيبة :

آسف كلمة قليلة اوي على كل اللي كسرته جوايا.....قليلة اوي


كانت كلماتها كالسكاكين، ووجهها المنهار شاهد على حربٍ داخليّة لم تهدأ، بينما يوسف كان كمن رأى حجم الخراب لأول مرة، عيناه امتلأتا بندمٍ قاسٍ لا يبرر شيئًا


سقطت دموعه اكثر رغم محاولته التماسك، مد يده المرتجفة نحو يدها، ثم رفعها إلى شفتيه يقبلها بخضوع رجل حُكم عليه بالعيش في الندم، وقال بصوت منكسر يقطر ألمًا من الذنب الذي ينهش قلبه :

سامحيني يا ليلى، بالله عليكي سامحيني، أنا غبي...

أغبى واحد في الدنيا، ياريتني كنت مت قبل ما أعمل فيكي كده، أنا أذيت كل اللي حواليا، واذيتك كتير اوي، قوليلي اعمل ايه عشان اخفف وجعك......اعمل ايه يا ليلى


جذبت يدها بعنف، كأنها تنتزع بقاياها منه، وفتحت باب السيارة تهرب من الهواء الذي ضاق بها، نزلت تبكي بقوة، أنفاسها تتقطع، تبحث عن هواء ولم تجد......

كأن العالم ضاق عليها فجأة


نزل يوسف خلفها، يرى بأم عينه انهيارها بصمت مؤلم، يرى كل القوة التي رسمتها على وجهها طوال الفترة الماضية تتهاوى، ويظهر أمامه وجهها الحقيقي، وجه أنثى مكسورة، قلبها متألم، وروحها تنزف وجعًا بسببه هو......هو وحده !!


اقترب يوسف منها فجأة، واحتضنها بقوة، حاولت أن تتملص من بين يديه، لكنه تمسك بها بإصرار، وواصل الاعتذار والندم، بينما ليلى تضرب ظهره بقبضة يدها، تلومه بصمت مرير، وكأن الوقت توقف عند لحظةٍ لا تعرف متى بدأت ولا متى ستنتهي، وفي هذا التماسك، لأول مرة شعر يوسف أنه وجد راحته، لأول مرة تذوق طعم السكينة التي فقدها منذ زمن بسبب غبائه......


جلس الاثنان على الأرض، متعانقين، وأجسادهما ترتجف تحت وطأة البكاء، حتى ابتعدت ليلى قليلاً، وملامحها باكية كالطفلة الصغيرة، ووجهها الأبيض الحليبي اصطبغ باللون الأحمر من شدة الانفعال، أبعد خصلات شعرها عن وجهها، مستندًا بجبينه على جبينها بصمت


ارتجفت شفتاها المبللتان بالدمع بعنف، فباغتها بقبلة طويلة عميقة، كانت محملة بثقل المشاعر كلها اعتذار صامت، ندم قارص، حنين قديم، ألم عارم لقد حملت بين طياتها كل ما عجزت الكلمات عن نطقه، لم تنفر منه كما توقع، بل بادلته بشغف مماثل، حتى كادا ان يختنقان من قلة الهواء


ابتعدت ليلى عنه اخيرا، وقالت بصوت مرتجف خذله البكاء :

طلقني يا يوسف !!


تنهد يوسف بحزن مر، وأغمض عينيه لبرهة يجمع فيها ما تبقى من قوته، ضمها الى صدره في عناق اخير، ثم لثم جبينها برفق، قبل ان ينطق بتردد وألم، وهو يدرك تماما انها تستحق خيرا منه :

انتي طالق يا ليلى !!!!!!!!

...............

جلس ياسين في غرفته، يغوص ببصره في الفراغ أمامه، تتملكه موجة صامتة من الشرود والغضب، كان الغضب موجهاً نحو نفسه ونحو أخته صافي.......

بسبب ما فعلته، عادت به الذاكرة إلى ساعات قليلة مضت، وتحديداً إلى اللحظة التي دخل فيها عليها وصفعها بقوة، مدفوعاً بنار مشتعلة في صدره، لم يعد قادراً على الهدوء الذي يتمتع به والده، ولا على الصمت، خاصة بعد أن بات الخبر الذي زلزل كيانهم جميعاً معروفاً للكل !!!


بحثوا عن إياد طويلاً، لكن لا أثر له، في كل مرة يقتربون فيها من مكان وجوده، يكون قد غادره، حينها، تملكه الغضب العارم، واقتحم غرفة صافي التي فزعت ما إن رأته، اقترب منها قابضاً على ذراعيها، صارخاً بغضب مشتعل :

عملتي كده ليه، كان ناقصك إيه عشان تعملي فينا كده، ضيعتي نفسك ليه يا غبية.....؟!!


منعها البكاء العنيف من الحديث، فزاد غضبه أكثر وهو يراها بهذا الانكسار، هي التي كانت مرفوعة الرأس، لقد جعلت رؤوسهم تنحني، ورأسها قبلهم، لم يتمالك نفسه اقترب منها وصفعها بقوة، فصرخت من شدة الألم، صفعة تلو الأخرى، ثم جذبها من خصلات شعرها بقسوة........


في تلك اللحظة، هرع الجميع إلى الغرفة، وصدموا من المنظر، وخاصة آدم وزينة اللذان شعر بمرارة خيبة الأمل، ألم عاصف ضرب قلوبهم، تدخل أعمامهم على الفور وفصلوا بينهما


ارتمت صافي في حضن عمها أمير الذي سحبها وخرج بها من الغرفة متجهاً إلى غرفته، ظلت تبكي بقوة وهي تردد بصوت متقطع ومتهدج من شدة البكاء :

انا معملتش حاجة يا عمي، انا معرفش حاجة والله معرفش ايه اللي حصل.......


فجأة، أُغمي عليها بين ذراعيه، نادى بعلو صوته عليهم، فجرى الكل إليهما بقلق، مددها ريان على الفراش وطلب من ابنه أن يحضر حقيبة الكشف الخاصة به !!!


بعد دقائق قطب جبينه بتوجس، وسحب عينة من دمائها، اكتفى بالصمت وقال لهم إن النتيجة ستظهر خلال ساعة 

وبالفعل، خرجت النتيجة بخبر زلزل الجميع صافي حامل

شقيقته حامل.......!!!!!


صدمة نزلت على الكل، أخرستهم جميعاً من شدة وقعها عليهم، ووقعها عليها هي كان أشد


دخلت ريماس، زوجته الحامل، عليه في تلك اللحظة واقتربت منه قائلة بعتاب :

ينفع اللي عملته ده ؟


رد عليها ياسين بنفاذ صبر :

وهو ينفع اللي هي عملته ده، مين فينا الغلطان ويستاهل اللوم، مين اللي جاب لمين العار يا ريماس 


ردت عليه ريماس بعتاب وحزم، محاولة إعادته إلى وعيه وتهدئة غضبه الذي لازمه منذ وقوع ما حدث من صافي :

اللي يصح يتعمل في الظرف اللي إحنا فيه ده إنك تقف جنب أختك مهما غلطت، ضربك ليها مش هيحل حاجة، ضربك ليها وغضبك ونظراتك هتتعب باباك ومامتك أكتر يا حبيبي، انت المفروض الكبير اللي يتسندوا عليه، اللي انت بتعمله ده هيزود همهم، لو كنت شوفت نظرتهم لما دخلوا وشافوا اللي بتعمله في صافي كنت بكيت على حالهم، فوق يا ياسين، لو ليا خاطر عندك اجمد وحل المصيبة دي، أختك محتاجة ليك فكر فيها.......


قاطعها قائلاً بقهر وحزن :

وهي مفكرتش في نفسها ليه قبل ما تضيع نفسها كده مفكرتش فينا ليه قبل ما تعمل عملتها دي


ردت عليه ريماس بحنان وعدم تصديق :

صافي متعملش كده، صافي يمكن تكون طايشة شوية، ويمكن بتتصرف أحياناً من غير تفكير، لكن مش ممكن تعمل كده، إحنا كلنا أهل وأهلنا ربونا أحسن تربية، اسمع من أختك يا ياسين، اسمع منها إيه اللي حصل، ومهما كان اللي هتسمعه اقف جنبها لحد ما الأزمة دي تعدي وبعدين اتعاتبوا....وحياتي عندك تهدى وتفكر بعقل


نظر إليها طويلاً في صمت، قبل جبينها، وجذبها إلى حضنه يعلم أن كلامها صائب، وأن عليه أن يتحلى بالعقل والحكمة ليخفف عن والديه ويواجه الأزمة بطريقة صحيحة !!!!!

............

في الأسفل.........

داخل مكتب ادم الجالس برفقة حياة التي كانت تحدق في شقيقها الأكبر بعيون دامعة وكأنها ترى لأول مرة كيف يمكن للجبل أن ينهار، وكيف ينكسر الرجل الذي طالما عُرف صلبًا لا يهتز أمام العواصف، لم تلُم قلبه الموجوع، بل عذرته، فما جرى اليوم كفيل أن يُفتت أي صخر ويُسقط أي عزيز


رأته يُخفض رأسه المثقل بالخذلان، وتنساب دمعة صامتة على وجنته، دمعة واحدة كانت كفيلة بأن تهز قلبها وتُشعل حزنها، خاصة حين ردد بصوتٍ مبحوح :

ليه تعمل فيا كده يا حياة....؟!!


لم تجبه، في الحقيقة لم تجد إجابة تُسكِت نزيف قلبه، فتابع ادم بصوت يغص بالمرارة، كأن كل كلمة كالخنجر الذي يغرس في صدره :

العيب في مين، في تربيتي أنا وأمها، ولا في مين بالظبط؟!


ثم أطرق رأسه، وانسابت دموعه دون أن يشعر، لتسقط على يديه وهو يهمس بألم :

لو العيب في تربيتي، طب ما انا ربيت اخوها زيها، وقبلهم كنتي إنتي واخواتك


مدت يدها المرتعشة وربتت على يده محاولةً أن تُخفف شيئًا من اختناقه وهي تراه يفك ربطة عنقه وكأنه يشعر بالأختناق :

اهدى يا آدم، عشان خاطري اهدى، كل حاجة هتتحل، صافي لسه صغيرة، واتضحك عليها......


انفجر غاضبًا وقال :

متقوليش صغيرة، اصغر منها وبيحافظوا على شرفهم، و حتى لو اضحك عليها ليه، وعشان ايه، ناقصها ايه عشان واحد يضحك عليها بكل سهولة وتسلمه شرفها وشرفي لو كانت بس قالتلتي انها بتحبه وعايزاه كنت انا هتصرف


لم تجد ردًا، شعرت أن كل الكلمات خاوية لا تصلح لهذا الجرح النازف، لكنها همست بخفوت :

يمكن، خافت منك


قهقه بمرارة، قائلاً بعدم تصديق :

خافت، طول عمري بعاملها على انها صحبتي مش بنتي، كل حاجة بتحصل في يومها كنت بشاركها فيها، عمري ما عاملتها بأسلوب يخوفها مني، وانتي تشهدي على ده، ربيتك زمان على ايدي، وعمري ما استخدمت معاكي اسلوب عنيف يخوفك مني شوفتيني في يوم مديت ايدي عليها، او عليها


لم تستطع أن تجيبه، فقط دموعها كانت تترجم عجزها وحزنها عليه، على شقيقها الذي يتهاوى وهو لا يستحق هذا الانكسار


واصل آدم بصوت متحشرج، مزيج بين الغضب والانكسار :

على آخر الزمن، بنتي تكسر ضهري بالشكل ده، توطي راسي اللي طول عمري مرفوع، على اخر الزمن هقعد مع واحد يقعد يبيع ويشتري فيا عشان حاطط صباعي تحت ضرسه


حاولت أن تهدئه قائلة بحزن :

ماتقولش كده يا أخويا، لا عاش ولا كان اللي يوطي راسك، او يعمل فيك كده


ابتسم ابتسامة باهتة، ساخرة، تقطر مرارة :

عاش....وكان....والسبب بنتي يا حياة


مسح دموعه بعنف، وقال بصرامة، ونبرة حاسمة :

بس خلاص انا من اللحظة دي، اعتبرتها ماتت وماتستاهلش حتى اخد عزاها.....خليها تشيل شيلتها بقى!!!


شهقت بصدمة، وقالت برجاء :

انت بتقول ايه يا آدم، صافي حامل، لازم كلنا نقف جنبها، الموضوع ده لازم يخلص قبل......


قاطعها، قائلاً بصرامة :

كان لازم هي اللي تفكر في كده قبل ما ترخص نفسها، تشيل شيلتها، تتصرف بقى ما تتصرفش انا ماليش فيه!!!

.............

البارت خلص ♥️

مستنية رأيكم يا حلووووين 🔥 

ايه رأيكم في الرواية والأحداث.....؟!

توقعاتكم ايه للقادم.......؟!

انهيار ليلى وجع قلبي اوي 💔

أحدهم هيترفع عليه الشبشب البارت الجاي 😂

صدمة تتوقعوا مين اللي هيترفع عليه الشبشب ومين اللي هيعملها 😂♥️ 

انا بحب الجزء ده اوي 😍

رغم ان الابطال اللي فيه يحرقوا الدم 😂

مستنية منكم كومنتات كتير وريفيوهات اكتر

دمتم سالمين يا قمرااااتي 😚♥️

تكملة الرواية من هناااااااا 

لمتابعة باقى الرواية زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل 

متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا

الرواية كاملة الجزء الاول1 من هناااااااااا

الرواية كاملة الجزء الثاني2 من هناااااااااا

مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا

 مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هناااااا

تعليقات

التنقل السريع
    close