القائمة الرئيسية

الصفحات

translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية ماض لا يغتفر الفصل الثامن عشر 18بقلم ريتاج أبو زيد ماضِ لا يٌغتفر

 

رواية ماض لا يغتفر الفصل الثامن عشر 18بقلم ريتاج أبو زيد ماضِ لا يٌغتفر





رواية ماض لا يغتفر الفصل الثامن عشر 18بقلم ريتاج أبو زيد ماضِ لا يٌغتفر



ماضِ لا يٌغتفر

الفصل الثامن عشر


في البداية الحبيب غادر الدار لكنه مكث في القلب، ثم غادر الحياة لكنه ما زال يسكن قلبها..


شعورها كان لا يوصف، حبيب غادر، وماذا بعد؟!


إنكار، بكاء، صراخ، ثم انهيار، ثم تُكمل حياتها على ذكراه محطمة الأحلام والآمال، و تتذكر ما حدث مرة أخرى يوم الوفاة، ثم تتمنى أن يكون كابوسًا، تلوم نفسها على عدم إنقاذه، بكاء، انهيار، وتظل هكذا كأنها في دائرة صعب الخروج منها إلا في حالة وفاتها..


تفتح ألبوم صورهما وتبكي، ثم تغلقه، ثم تفتحه، تنظر إليه في صورهما وقت شبابه و تتغزل في صاحب أجمل ابتسامة، ثم تدقق في محلامه و تفاصيله كأنها أول مرة تراه، تأخذ صورة أخرى و تكرر فعلتها الأولى.


حتى وقعت بين يديها صورة لعائلتها كم كانت رائعة في ذلك الوقت، كانت الصورة بعد أيام من ولادتها لابنتها، كانت واقفة تحمل صغيرتها و يطوق عليها (أدهم) بذراعه الايسر و أمامهم واقف الابن البكري يمسك يد أمه الثانية، وجميعهم يبتسمون بسعادة حقيقية نابعة من داخل قلوبهم، لكنها جذب نظرها شيء آخر في صورة، جمال اسنان (أدهم) البيضاء المتراصة و ضحكته الصافية الحنونة الجذابة الواصلة إلى عينيه.


ثم أمسكت بصورة أخرى وهي كانت يوم زفافها عندما التقطت لهما حماتها صورة. 


دخلت عليها (جميلة) تحمل لها الطعام حيث مر ثلاثة أيام على ما حدث و هي ترفض الطعام و الكلام و الحياة بأكملها.


جلست (جميلة) متورمة العينين شاحبة الملامح على طرف السرير لتُطعم أمها:

-عشان خاطري تاكلي انهاردة، أنا و رحيم مش حمل خسارتك إنت كمان.


ضحكت (عبير) بسخرية و الدموع لامعة في عينيها وقالت:

-إنت مصدقة إن أدهم مات، أدهم حبيبي أنا يموت، حبيبي وعدني إنه هيفضل معايا، وقالي هيعوضني عن كل حاجة صعبة عشتها مع أبويا، وقالي كمان إنه هيرجع يعيش معانا تاني يا جميلة مش إنت كنت قاعدة لما قال من كام يوم إنه هيرجع أدهم القماش حبيبي؟.


راحت في خاطرها الذكرى الأخيرة لها مع والدها في نفس يوم الوفاة حيث جمعهم حوله قال والندم ينهش بقلبه و يخفض عينيه إلى الأرض:

-أنا غلطت كتير، بس محتاج فرصة واحدة، أنا ضربتك و هينتك يا عبير و غلطت في حقك، بس كان غصب عني والله مكنتش أنا كانت المخدرات و الخمرة، أنا حبيبك عمري ما أزعلك، حتى البيت لما ولع مكنش بسببي كان بسببها هي مش أنا، الفلوس إللي استلفتها مكنتش عشاني كانت عشانها هي، الخمرة.


وضع يديه على وجههُ وبكى بخجل، ثم رفع رأسه من يديه دون النظر في أعين أي منهما وأكمل بتحشرج:

-أنا مشربتش خمرة في حياتي غير لما كل حاجة باظت و ضاعت من إيدي، بس أنا عايز ارجع أهم حاجة ضاعت مني، وهي إنت يا عبير، إنت و رحيم و جميلة أنا نفسي أكون أبوهم و جوزك و أنا واخد عهد على نفسي إني هبطل كل حاجة غلط بعملها.


صمت منتظر رد أي منهم لكنهم لم يجيبوا، فرجع هو للاعتذار و البكاء مرة أخرى ورأسه منحني وعينيه منخفضة لاسفل، حتى تكلم (رحيم) بهدوء متقربًا منه بلطف:

-حصل خير يا بابا، إن شاء الله كل حاجة هتكون كويسة، ممكن بلاش عياط عشان مش هقدر أشوفك كده.


قالت (عبير) بثبات خارجي و إنهيار داخلي وهي تستعد للولوج إلى غرفتها:

-أنا و إنت أنتهينا من زمان يا أدهم، إنت عندك عيالك، الأول كانوا صغيرين دلوقتي كبار و فاهمين الصح و الغلط، إللي عايز منهم يفضل قريب منك و معاك ده حقهم إنت بردو أبوهم، لكن أنا لأ.


خرجت (جميلة) من بين ذكرياتها المؤلمة و تأنيب نفسها إنها لم تأخذه في حضنها وقتها و توعده إنها ستظل معه للأبد، على صوت نحيب أمها المنهارة وهي تقول:

كان نفسي احضنه بس، هو الوحيد إللي حسيت معاه بالأمان، نفسي أحسسه أنا بحبه إزاي، ملحقتش أقوله إني بعدت عنه عشانك إنت و أخوكي، عشان خوفت في يوم يعمل فيكي إنت و أخوكي حاجة مش عشان كرهته أو خايفة على نفسي منه، كان نفسي أقف معاه و أساعده، بس أنا أنانية هو وقف معايا في كل حاجة و أنا تخليت عنه في أصعب وقت في حياته، لو حد مسؤول عن موته هيكون أنا.


دخل (رحيم) على صوتها وقال بثبات:

-محدش مسؤول يا أمي عن حاجة غير مظهر، قسمًا بالله العظيم مظهر هيدفع تمن أفعاله كلها على إيدي.


أطلق تنهيدة قوية و ضمها إليه ولثم جبينها ثم قال بهدوء:

-إنت مش سبب حاجة، أدهم حقه هيرجع.


خرج (رحيم) بعد ما اطمئن عليهن، و استضافت (جميلة) أمها معها في الغرفة الخاصة بها في شقة خالتها،حتى تواسي أمها و تواسي نفسها. 


دارت (عبير) وجهها و هي تبكي بدون صوت حتى لا تُفزع ابنتها، وعلى الناحية الأخرى كانت (جميلة) تفعل نفس الشيء بالإضافة إلى ضجيج رأسها المزعج، فقررت ألا تترك نفسها إلى عقلها كما قالت لها طبيبتها، ففتحت الهاتف الخاص بها و اشغلت تطبيق "التيك توك" لتلهي نفسها و تغفى، لكن تطبيقها كان له رأي آخر حيث أول مقطع خرج لها من التطبيق كان مقطع من أغنية حزينة للفنان "محمد حماقي"


الحقيقة إن الحياة ضحكت علينا، لا الفراق ولا اللقى كانوا بإيدنا، لما يومها حضنتني و بعدين مشينا، ليه مقولتش أن ده الحضن الأخير. 

كنت سيبني لحد آخر لحظة جنبك، سيبني اقولك أد إيه و إزاي بحبك، مهما طال بينا البعاد مش هنسى حبك و أشوفك يوم على خير. 


اخترقت الكلمات سمع (عبير) و بدأت في النحيب بصوتٍ عالي، وهي تتمنى أن يمنحها الله يوم واحد فقط لرؤية حبيبها و تقسم له أنه كان من أعز الخلق على قلبها، كانت تتمنى لحظة واحدة تعتذر فيها على تخليها عنه، تطلب حضن أخير من احضانه الدافئة، تتمنى تغبير ما حدث، تلوم نفسها على تركه وحده، وأنها لم تظل بجانبه إلى آخر لحظة. 


وفي غرفة (أنس) حيث العتمة، كان صاحب الغرفة في ثُبات عميق، و الضيف فيها كان في أشد لحظات حزنه، وضع سماعته ثم انتقى أغنية حزينة لكايروكي و أغمض عينيه اللامعه بالدموع. 


كنت فاكر لسه بدري

وأتاري العمر بيجري 

الفراق بيجي من غير معاد

يعلم جوانا، يكتب نهايات 

شايفك قداميقدامي وما بينا فاصل

بشكيلك و كلامي مش واصل

كلامك بيجري في دمي 

و لآخر العمر هفضل مستني

اشوفك تاني واقفة بعيد بتشاوري 

تقولي، ده ابني من لحمي و دمي


نزع السماعات من اذنيه وهو يحاول كتم بكاءه و كي لا يزعج النائم، ثم استعاذ بالله وقرر فتح القرآن الكريم على هاتفه و ينام. 


بعد مرور أسبوعين من يوم الوفاة.


كان (رحيم) يُخطط كيف سينتقم من كل من ظلمه وظلم عائلته.


دخلت (جميلة) له الغرفة بثوبها الأسود الكئيب وعينيها المتورمتان الباكيتان وجلست بجانبه ثم قالت برجاء:

-أنا خايفة اخسرك يا رحيم، أنا مش حِمل خسارتك ده أنا أموت بعدك، عشان خاطري تعالى نسافر إسكندرية مع أنس و نعيش هناك و منرجعش القاهرة تاني، نعيش لوحدنا.


لم يأتيها الرد منه فقالت مرة أخرى برجاء:

-طيب إعمل إللي يريحك بس عشان خاطري عرفني هتعمل إيه و ريحيني.


زفر بحنق ثم قال معارضًا لها:

-جميلة أنا طول حياتي عايش في حالي مش بتعامل مع الناس عشان عارف إنهم كلهم مرضى نفسيين و مبيفهموش و غدارين، وقررت أعيش لوحدي من غير مأذي حد، إنما لغاية كده مش هسكت، أبويا اتقتل قدام عيني من واحد دمر حياة كل الناس، أكيد مش هسكت، و إنت عارفة انا مش بخاف يا جميلة.


مع إنتهاء كلامه طُرق باب الغرفة بخفة فأذنت (جميلة) للطارق بالدخول.


كانت (وفاء) واقفة على باب الغرفة و خلفها ظهر وجهه (نور)، قالت الأولى:

-رحيم في ضيفة عايزة تعزيك و تتكلم معاك، تعالى أخرج.


خرج (رحيم) مع خالته وأشار لـ(نور) بالدخول إلى الشُرفة.


جلست مقابلة له ثم قالت بهدوء و خجل في آنٍ واحد:

-البقاء لله، ربنا يرحمه و يصبر قلبك، هو أكيد ارتاح، خليك قوي عشان مامتك و أختك.


-شكرًا إنك جيتي، و أسف على البهدلة إللي حصلتلك معايا.


-أنا عايزة أسأل سؤال و اطلب طلب.


-اتفضلي طبعًا.


-أنا عايزة أعرف الحكاية بالظبط حصل إيه زمان و خالتك إزاي قتلت أبوها و مين خالد؟ 


قال بصوتً حازم:

-ده السؤال و لا الطلب؟.


ردت بتلعثم :

-السؤال، الطلب هو ممكن أساعدك؟.


قال بضيق:

-لأ شكرًا متتعبيش نفسك.


-أنا بتكلم جد، وممكن أقول لبابي يساعدك كمان هو عنده معارف كتيرة و صديقه ظابط كبير، ممكن يساعدك و يقبض على قاتل والدك.


ابتسم بسخرية ثم نهض يفعل كما يفعل دائمًا يستند على الدرابزين و يرفع رأسه ينظر إلى الأفق وزفر بعنف، ثم التفت لها و قال:

-إنت فاكرة إني هرتاح لو اتسجن او حتى مات، أنا هقتله بإيدي بس بعد ما أذله و اعذبه، و سلوى هرميها في الشارع زي الكلبة و هذل فيها لغاية ما تموت من الحسرة على نفسها، زي ما قهرت أبويا و أمي و خالتي.


نهضت بعنف و امسكته من ياقته و قالت:

-إنت مجنون عايز تخسر نفسك، طب و جميلة و طنط هيعيشوا إزاي من غيرك، بلاش غباء يا رحيم، حقك عند ربنا، متعملش زي باباك لما راح بهدل نفسه و شرب مخدرات و بعد عنكو، بلاش عبط مامتك محتجاك.


قال وهو يمسك يديها يبعدها عنه:

-طب ما إنت عارفة الحكاية أهو أمال بتسألي ليه.


-أيوه عارفة كل حاجة، خالتك اتصلت بيا و حكتلي كل حاجة، وقالتلي أجيلك يمكن تسمع مني، بس إنت عندي أوي.


أهدر فيها بعنف بعدما اقترب منها اكثر:

-و تتصل بيكي ليه، طب مظهر كان فاكر إنك حبيبتي، إنما إنت تيجي بصفتك إيه و تتكلمي معايا و مستنياني اسمع كلامك، أنا أصلا معرفكيش.


دخلوا جميعًا على صوته وقالت (وفاء) صارخة به:

-إنت بتزعق ليه عيب كده اتكلم بـ..... .


-عشان إنت بتدخليها بينا، إحنا منعرفهاش يا خالتي، و قلت قبل كده أنا سكت كتير، مش هسكت تاني، هقتله و هذله قدام عيني قبل ما اقتله، ومش خايف من حد.


تركهم و غادر من الشقة بأكملها ذاهبًا إلى صديقه، وقص له ما حدث فقال (نادر):

-إحنا خايفين عليك والله، بلاش يا رحيم الشرطة بتدور عليه و هتحاسبه وهيتحكم عليه بالإعدام كمان.


-نادر أنا لو الشرطة لقيته ههربه عشان أقتله أنا، خلص الكلام.


صرخ فيه (نادر) بعنف وعروقه قد برزت و عيناه جحظت من شدة انفعاله:

-بلاش عِناد أنا مش هخسرك يا رحيم، وهقف قصادك ومش هخليك تأذي نفسك و تطلع في الأخر غلطان زي أدهم.


انهى حديثه ثم تركه و ذهب غرفته يضرب بابها بعنف.


تنهد (رحيم) لكنه لم يُبال بفعل صديقه وذهب إلى الشُرفة يخرج هاتفه و اتصل برقم رد عليه على الفور:

-ألو رحيم، إيه أخبارك.


-عملتي إللي قلت عليه يا سلوى، عرفتي مكانه؟.


-اه عرفت مكانه، قاعد في يخت بتاع واحد من معارفه في أسكندرية.


-إنت فين أنا عايز اقابلك وش لوش يا سلوى.


-أنا في البيت.


-طيب سلام.


خرج من شقة صديقه متجهِهًا إلى بيت خالته الخائنة دون علم صديقه.


وصل إليها و رحبت به وأدخلته بيتها الذي كان عبارة عن غرفة صغيرة بالطابق الأرضي متهالك الاثاث اضوائه خافتة.


جلس على الأريكة المتهالكة و أخذ يحدق إليها بشر، حتى انتفضت هي من مكانها و قالت بتوتر:

-اعملك حاجة تشربها.


-اقعدي.


جلست و التوتر ينهش قلبها، تكلم (رحيم) محاولًا التحكم في نظراته ونبرة صوته:

-إنت هتيجي معايا عند مظهر في المكان إللي قولتي عليه.


-ليه أنا ست كبيرة و عجوزة يا رحيم مش هقدر اروح معاك.


-الاتفاق أتفاق جهزي نفسك هنتحرك دلوقتي.


رفعت حاجبيها و جحظت عينيها بذهول ثم قالت بتلعثم:

-دلوقتي؟!


قال بقسوة و عنف و عينيه لم ترحمها من التحديق فيها بشر:

-مش بكرر كلامي مرتين، جهزي نفسك بسرعة.


انتفضت تلملم أغراضها بسرعة، و هو أسند ظهره يسترجع ما حدث في بعد إنتهاء ثلاث أيام العزاء.


كانوا جميعهم في أسوء حالاتهم، لكن (رحيم) لم ينتظر حتى يستوعب ما حدث، و نزل في كل الشوارع و الطرقات، يبحث عن (سلوى)، وظل هكذا لمدة يومين حتى عرف طريقها.


طرق على الباب و فتحت له دون العلم بأنه الطارق، استغربت في البداية لكنها رحبت به ظننًا منها إنه سيأخذها تمكث معهم أو شيء في هذا القبيل.


قال بثبات ونبرة جامدة صارمة قبل أن يجلس:

-مظهر قتل أبويا، أدهم اتقتل بسبب واحد كلب نكرة.


-لا إله إلا الله، محدش عرفني ليه عشان اعزيكم، شد حيلك يا حبيبي.


-مظهر قبل ما يقتل أدهم قال حاجة غريبة عنك.


نظرت بدهشة و قد بدأ عليها علامات التوتر و الانفعال فحاولت اخفاء توترها وقالت:

-قال إيه؟ 


قال بثبات واضعًا يديه في جيبيه:

-قال إنك زي ما ساعدتيه ينصب على أبويا، هو نصب عليكي و خسرك فلوسك و إنت متعرفيش إنه هو إللي عمل كده.


ظهرت حبات العرق على جبينها و تلعثمت:

-أنا أعمل كده، أنا انصب على أختي وجوزها، مش لو كنت نصبت زي ما بتقول كنت خدت نسبة من الفلوس، فين الدليل.


 أجابها بابتسامة تهكمية واثقة:

-أنا مش مصدق طبعا يا خالتي، بس هو نصب عليكي فعلا، و بعتلك ناس عشان تفتحي المشروع و سلمك أول كام شهر الفلوس عشان توافقي تحطي فلوسك كلها فيه، هو إللي حكالي كده، افتكري إللي حصل براحة كده، هتلاقي إن مظهر نصب عليكي فعلا.


تنهد بعمق وأردف:

-نصب عليكي و قتل ابويا، يبقى هنتفق نخلص منه، صح ولا إيه يا سلوى؟ 


بدأت الأفكار تتراوح بين فكرها و تسترجع ما حدث معها من إغتيال، حيث إن جاء لها سيدات يعرضون عليها شراكتهم في مشروع، يحتاج إلى الكثير من المال و بعد تفكير عميق منها وافقت عليه، لكنها لم تُجازف بجميع أموالها حتى تتلقى المكسب من المشروع، و بالفعل تلقت اول مبلغ و كان بعملة أجنيبة.


فوافقت على زرع مالها في هذا المشروع كأستثمار لأموالها، لكنها خسرت كل ما تملك عندما أمضت فقط على ورقة من ضمن الأوراق الذي كانت تحتاج توقعها عليها، كان هذا بعلم من المحامي الخاص بها، الذي مشيت خلفه كالعمياء، تنصاع لأمره في التوقيع والإمضاء على كل ما هو مطلوب منها، لأنها أمية ولم تتعلم الكتابة و القراءة.


وبالطبع أمرأة متكبرة مثلها خسرت زوجها و عائلته و صداقتها، عندما وقعت في مأزق لم يعينها أحد على أبتلاءها، بل شمتوا بها وطردوها من بينهم، بالتأكيد الجميع نفروا منها ولم يتقبلوها يوم وسطهم، فهي الذي كانت تُهين أي شخص لأي سبب و في أي وقت ومكان.


اخترعت فكرة إن بعد وفاة زوجها اشتركت في مشروع ولم ينجح لوقتٍ طويل، وهذا سبب إفلاسها، ولم تعترف بإنها نُصب عليها بفخٍ واضخ كما فعلت من قبل بـ (أدهم) .


أطلقت تنهيدة قوية بأنفاس حارة متوترة وقالت:

-مظهر خدع الكل، شيطان بس أنا عمري ما كنت كده ولا إذيت أبوك في حاجة زي ما قالك.


ابتسم بتهكم واضح وهو ينظر لها من رأسها حتى أخمصي قدميها باستحقار كأنه يريد البصق أو التقيؤ عليها وقال:

-أنا مقلتش إنك أذيتي حد، أنا عايزك معايا عشان ننتقم من مظهر، أنا طيب أه،بس كفاية طيبة، طبعي هادي، بس أتقي شر الحليم إذا غضب، قولتي إيه؟


رمقته بتوتر و قلق لكنها تماسكت و اخرجت نبرة صوتها طبيعية:

-عايز تعمل إيه؟.


-أعرف مكان مظهر و طبعًا إنت يا خالتي هتقدري تعرفي، أصل مظهر قال لنا إنه عِشرة عمرك و بيثق فيكي.


لم تستطع إخفاء توترها أكثر من ذلك وقد ظهرت حبات العرق على جبينها بوضوع و يديها لم تكف عن الارتجاف و صدرها الذي يخفق بشدة .


تلاعب (رحيم) بها أكثر وقال عاقدًا يديه أمامه و ينظر بدهشة مفتعلة قائلًا بنبرة بها شيء من الحماس:

-أنا حاسس إنك تعبانة يا خالتو، موت أدهم أثر فيكي أوي كده، للدرجة دي كنت بتحبيه؟.


ردت بنبرة غاضبة مرتعشة:

-هو مظهر قال عني إيه بالظبط.


مال بنصفه العلوي للأمام تجاهها مما جعلها تتراجع للوراء بخوف وهو يرمقها بحدة:

-محدش قالي أنا عارف كل حاجة إنت عملتيها زمان، شوفي إنت عملتي إيه في حياتك، مثلًا إنك قتلتي نبيل الحداد، مثلا خلتيه يمضي على الورق و هو بين الحياة و الموت، مثلًا إنك بتهددي مظهر بالورق إللي خبيتيه يوم جريمة قتل أبوكي.


استقام في وقفته واضعًا يديه في جيبيّ بنطاله الأسود الرياضي وأضاف:

-ساعديني يا خالتي أنتقم من مظهر، مش عشان أنا عاجز و محتاجلك، ده عشان إنت لو مساعدتنيش هنتقم منك زيك زيه.


انصاعت إلى أوامره و وافقت تساعده لأنها لا تملك خيار أخر، و أول أمر هو أن تعرف أين هو الآن.


وكانت مهمة سهلة بالنسبة لها، لأن جميع من يتواصلون مع (مظهر) يعرفونها، ويعرفون إنها لها عمل خاص معه، وذلك الغبي لم يخطر بباله للحظة إنها ستقف ضده مع أكثر من تبغضهم، لم تأتي بخاطره بتة لكي يُحذر رجاله من التواصل معها.


علمت مكانه بعد يومين فقط من رجاله دون رجوع أي منهما ليستشيروا (مظهر)، لأن التواصل معه ممنوع حتى لا يتوصل إليه الشرطة.


انتهت (سلوى) من ترتيب اغراضها وتجهزيها لنفسها ثم انطقلا سويًا للذهاب إلى الأسكندرية.


وفي شقة (وفاء) كان الأمر في غاية الصعوبة، بدت (عبير) كأنها حطام منزل قديم مر عليه أعوام، وهي تنظر في الخلاء بقهر وحزن،هذه النظرات كانت تكسر قلوبهم.


جثت (نور) ركبتيها أمامها واضعة يديها على فخذيها بلين وقالت:

-لو قلقانة على رحيم فأنا متأكدة إنه هيعمل الصح، رحيم جميل يا طنط مش شبههم ولا هيكون شبههم، إنت بس خليكي قوية و أنا هكلم بابا يمكن يعرف يتصرف أو يلاقي حل.


وقفت و استدارت لتتلاقي اعينها بأعين (جميلة) الذي قالت لها باستنكار:

-شكرا على وقفتك معانا، بس إنت بتعملي كده ليه معانا؟، إنت اتخطفتي و كنت هتموتي، وفيه واحد منا اتقتل قصاد عينك وانت لسه مكلمة معانا.


أطلقت تنهيدة و ردت بتلعثم:

-عشان خالتك اتصلت بيا، فأنا جيت بس كده.


ضحكت بسخرية وقالت وهي عاقدة ذراعيها وترفع حاجبيها:

-والله؟، و عرفتي منين إن رحيم قلبه أبيض و كويس و مش شبههم.


صمتت لبرهة حتى تتلقى الإجابة منها، لكنها جاءت من (أنس) بغضب:

بطلي لعب العيال ده يا جميلة، إنت إزاي ليكي نفس للكلام أصلا.


قالت (نور) بابتسامة محرجة و متوترة وتلعثم:

-أنا أسفة لو دخلت نفسي في مواضيع خاصة، بس أنا كنت بساعد بس، سلام عليكم.


مرت ساعات حتى الوقت تخطى منتصف الليل و (رحيم) لم يعود إلى البيت، و يتجاهل المكالمات الآتية له من أخته و (أنس) حتي في النهاية أرسل رسالة صوتية على تطبيق الواتساب لأخته يقول فيها " أنا كويس يا جميلة خلي بالك على ماما وعلى نفسك أنا محتاج ارتاح يومين و افصل عن العالم متتصليش بيا أنا هطمنك عليا" ثم أغلق هاتفه، مع وصله إلى المكان المنشود..

تكملة الرواية من هناااااااا 

لمتابعة باقى الرواية زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل 

متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا

الرواية كاملةمن هناااااااااا

مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا

 مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هناااااا





تعليقات

التنقل السريع
    close