القائمة الرئيسية

الصفحات

translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية ماض لا يغتفر الفصل الثامن 8 بقلم ريتاج أبو زيد

 

رواية ماض لا يغتفر الفصل الثامن 8 بقلم ريتاج أبو زيد 




رواية ماض لا يغتفر الفصل الثامن 8 بقلم ريتاج أبو زيد 




ماضِ لا يٌغتفر


الفصل الثامن. 


احتكاك إطارات السيارة بالأسفلت بسرعة كبيرة، يحارب به الزمن يمنع الأفكار من التدفق، يتوغل الكره في قلبه وتشتعل رغبته في الانتقام مع ازدياد سرعة السيارة، حتى وصل أخيرًا أمام ڤلته. 


نظر على الثراء التي وصل إليه من مال أبيه، هذا الحقير وصل إلى هذا الثراء بعد ما كان مجرد شحاذ متشرد نكرة منبوذ من مال أبيه. 


نزل من سيارته ثم وقف بثبات أمام رجال الأمن والحراسة للڤِلة و الشر يتطاير من عينيه وقال بحدة:

-إدخل نادي على الحرامي النصاب الشحات إللي جوه،بدل ما أدخل أنا و اكسر البيت على دماغه.


ثم أهدر بانفعال:

-سامعني يا مظهر أنا مش همشي من هنا غير وأنا مكسرلك الڤِلة دي، إللي بفلوس أبويا سامعني كل الفلوس دي بتاعت أبويا .


رجال الأمن هجموا عليه ومنعوه من دخول الڤِلة لكن (رحيم) لكم واحدًا من مقيدين حركته في وجهه وأهدر فيه وفيهم جميعًا:

-وأقسم بالله إللي هيقرب مني تاني هقتله، سامع يا مظهر هقتله، تحب أقول هقتل زي مين ولا تخرجلي هنا.


في تلك اللحظة خرج (مظهر) من الڤِلة و وقف أمام (رحيم) ، بثبات وقال له:

-اتفضل يا رحيم البيت بيتك.


قال (رحيم) بحدة وهو يقترب منه بخطوات واسعة أقرب للركض:

-ما هو بيتي وإنت عارف إنه بيتي.


ثم هجم عليه يمسكه من تلابيبه ويهدر فيه بصراخ:

-ليه ليه عملت كده استافدت إيه، ده كان بيحبك، أبويا كان بيعتبرك أخوه وصاحبه وشغلك معاه، ليه تدمروا إنت  تستحق الحرق وإنت عايش.


أنهى حديثه بلكمه قويه تسببت في نزيف أنفه، ورجال الأمن يحاولون أن يباعدوا بينهم لكن دون جدوى فالنار في قلبه تتوغل أكثر من ذي قبل،ففي ذلك الوقت لا أحد يستطيع منعه.


لكمات !!!

لكمات تَسبب فيها (رحيم) في أماكن متفرقة لدى (مظهر) لكن رجال الأمن يقيدون حركاته فلم تُسبب تلك اللكمات أذى كبير فيه.


تركه (رحيم) وظل يرمقه بنظرات حادة تتمتلىء بالشر ثم قال:

-زمان إنت عملت إللي عاوزه وخسرت أبويا فلوسه وبيته وحياته وأهله، دلوقتي يا مظهر الدور عليك، عشان أنا سكت كتير وإنت عارف، أن أنا عارف كل حاجة من سنتين وساكت بس خلاص، وقتك خلص، حضر نفسك، واستعد عشان هاخد حق أبويا وهاخد حق جدي.


رحل (رحيم) متجهًا إلى منزل خالته ولم يذهب للعمل اليوم، لكنه قرر أن يتجه إلى منزل صديقه تجنبًا لقلق أمه وشجار (أنس).


-رحيم، أنت جيت ليه مش المفروض في شغلك، ومالك شكلك مبهدل كده ليه.

كان هذا قول (ليلى) وهي مقطبة حاجبيها باستغراب وقلق.


أطلق تنهيدة عميقة ثم قال بتعب:

-ولا حاجه يا ليلى معلش ممكن ادخل؟ 


قالت مرحبة وهي تفسح له مجال للدخول:

-أيوه طبعا اتفضل.


دخل (رحيم) وجلس على الأرض ومد رجليه أمامه، ثم أطلق تنهيدة قوية تعبرعن حزنه.


فجلست بجانبه (ليلى) وهي تمد يدها له بكوبٍ من الماء البارد ثم قالت له بقلق واضح في صوتها:

-إيه إللي حصل يا رحيم مالك؟. 


رد عليها بإيجاز:

-مش قادر اتكلم.


ثم أضاف وهو يأخذ من يديها الكوب:

-ليلى أنا جيت هنا عشان مش عايز أمي تقلق ولا تسألني على حاجة، عايز اقعد لوحدي.


احترمت رغبته في البقاء بمفرده لأنها تعلم أنه يريد الراحة قليلا.

نهضت من جانبه ثم قالت:

-طيب خلاص مش هسأل، بس لو عايز تريح شوية ادخل نام في أوضة نادر، أنا هدخل أوضتي والشقة كلها بتاعتك.


ثم ولجت غرفتها، ظل يفكر هو في ماذا يفعل لكنه لم يفكر كثيرا لأنه أسند يديه على الكنبة الذي خلفه و دخل في ثبات عميق.


بعد مرور ساعة. 


استيقظ (رحيم) على صوت جواله فكان المتصل أمه

أجاب عليها حتى لا يقلقها لكنه تفاجأ عندما سمع صوتها تبكي وهي تقول:

-رحيم الشرطة هنا في البيت وقالوا أنك اتهجمت على مظهر.


أخذ (الشرطي) منها الهاتف وقال له بصرامة:

-تعالى بسرعة احنا مستنينك مع والدتك.

ثم قام بإغلاق المكالمة.


نهض من مكانه بسرعة وهو ينادي بأسم (ليلى).


-نعم يا رحيم في إيه؟


-الشرطة عايزاني، المرة دي يا ليلى تقعدي مع أمي ومتجيش ولا إنت ولا هي ولا نادر واتمنى أنس كمان، مش عايز حد أنا هتصرف، يلا بسرعة البسي عشان تنزلي معايا تروحي لأمي.


نزلا سويًا متجهيين إلى بيته، ونظرًا لقرب المسافة بين البيتين لم يستغرقوا وقت طويل.


-أنا رحيم يا باشا.


-إنت روحت اتهجمت على مظهر بيه ليه، مش خايف.


كان هذا قول (الشرطي) وهو يضع في يده الاساور الحديدية.


ضحك بسخرية ثم قال:

-والله حلوة مظهر بيه دي يا باشا، والاحلى بقى كلمة خايف، بس انا مش بخاف. 


ابتسم (الشرطي) بسخرية ثم قال:

-شكلك حلو وهنضحك للصبح.


فرد عليه بإيجاز وهو يبتسم:

-نضحك لغاية الصبح أنا فاضي.


كانت (عبير) في هذه اللحظة لم تستوعب ما يدور حولها، وكانت تريد أن تحاور ابنها فطلبت من (الشرطي) برجاء وهي تبكي:

-معلش يا أستاذ لو سمحت ممكن بس اتكلم مع ابني دقيقة.


-في القسم يا حجه.


ظلت تبكي وتنوح وتتسائل بسخرية أهذه المرة الأحدى عشر أم الأثنا عشر؟

لا أحد يستطيع أن يوصف شعورها فهي دائما تشعر أنها فشلت في الحفاظ على ابنائها،وشرعت تفكر وتسأل ما الفرق بيني وبين (نبيل) ؟

هو فشل في الحفاظ عليهم، وهي فشلت في الحفاظ على أبنائها كذلك.


وبجانبها أختها تقف معها في أزمتها وتواسيها، لكن المواساة ليست كفاية لكي تداوي الجروح والآلام، لذلك نقول دائما لا أحد يستطيع أن يداوي الجروح الداخلية، ليس لأنه فاشل في ذلك،بل لأن الجروح أعمق بكثير مما يظن البعض.


فقالت (عبير) بنبرة متحشرجة:

-اتصلي بسرعة بنادر يا ليلى، واتصلي بأنس خليه يرجع. 


فردت عليها مترددة:

-بصي يا عبير هو قالي متكلميش حد، واطلعي إنت وأمي وكلكم فوق ووصاني معرفش حد، بعدين هو نازل واثق ومش خايف يعني أكيد هو هيحل الموضوع.


انفجرت في الصراخ والبكاء، وكأنها بركان انهار وانفجر فجأة:

-إنت عايزاني أسيب أبني هناك وأنا أطلع اقعد ومحدش معاه يا ليلى، أنا تعبت يا ليلى تعبت أبني لسه خارج اول أمبارح من السجن ودخل تاني، عارفة يعني إيه شاب ملوش ذنب في حاجة يدخل كل يومين السجن، وكل ده بسبب إهمال أبوه، لأ وعارفة حجم المصيبة إللي إحنا فيها إيه، أن هو راح اتهجم على مظهر بجد، هيضيع نفسه يا ليلى وأنا ماليش غيره.


في تلك اللحظة جاءت لها (إخلاص) مهرولة ثم ضمتها إليها وقالت لها بهدوء وهي تربت على كتفها:

-اهدي يا عبير مينفعش تنهاري كده عشان عيالك، كل شوية تصوتي كدة مش هنلاقي حل، يلا نطلع فوق إحنا في الشارع يا حبيبتي مش هينفع كده.


فردت عليها بتعب وهي على وشك الإغماء:

-أنا سبب كل المشاكل دي، أنا إللي غلطانة، أنا إلي مهربتش يوم ما أبويا أجبرني على أدهم.


وقعت مغشية ولم تشعر بشيء غير القهر والحزن الذي يتغلل في قلبها، لم تسمع أي شيء حولها إلا ذلك الصوت التي يقول لها بنبرة دافئة عميقة (متخافيش أنا مش هزعلك، وهحافظ عليكي ،أدهم القماش مش للخوف يا مدام عبير)


وأخذت الذكريات تلوح لها من بعيد وهي مبتسمة ببراءة وتقول أنا هنا سآتي إليك حتى أعذب فؤادك أكثر.

لكنني رافضة أن تأتي .

لا يهم أنا سآتي على أي حال.


-بصي أنا كنت متفق أنا وابوكي إني هاخدك إنت بس ومش عايز حاجة تانية، وإنت شوفي عايزة إيه وأنا مش هرفض أبدا. 


كان هذا قول (أدهم) عندما رفض (نيبل) أن يعطي لابنته ملابسها وأغراضها.


بكت في صمت ولم تعقب ، فقط نكست رأسها  لأسفل في صمت.


فقال والدها بضجر:

-يا بنتي مش كل شوية تعيطي، إنت كدة هتخلي الراجل يطلقك من أول ساعة.


ولأول مرة (أدهم) يرفع صوته بعصبية:

-بص يا حج طول ما هي مراتي مش من حقك تتكلم معاها كلمة وحشة، وخد بالك مش بسمح لأي شخص أنه يكلم حد يخصني كدة، يلا يا عبير.


ثم أخذها من يديها ركب سيارته الفاهرة وأشار للسائق أن يتحرك، و ركب صديقه في السيارة الأخرى حتى يعطيهم حريتهم.


وهي القت نظرة أخيرة على المنزل وذكريات والدتها وأخواتها تأتي إليها، وتفكر في (خالد) وإنها هكذا لغيره.


قال لها بصوت هادئ وهو يمسك ذقنها ليرفع رأسها ويمسح دموعها من على وجنتيها:

-خلاص عشان خاطري متخافيش أنا مش هزعلك، وهحافظ عليكي ،أدهم القماش مش للخوف يا مدام عبير، أضحكي بقى. 


نظرت له بعينيها الباكيتين وهي تتساءل في خلدها لماذا يفعل معي هكذا؟ ، لماذا يعاملها بكل هذا الحنان؟ ، ولماذا طلبها للزواج وهو لم يراها غير مرتين؟


 قال لها بتلاعب ثم رماها بغمزة من طرف عينيه مع إنفجار شفتاه بابتسامة تظهر أسنانه اللامعة:

-عشان شوفت فيكي حاجات كتير حلوة.


نظرت له في دهشة، ثم قالت:

-إنت إزاي عرفت أنا بفكر في إيه؟.


-أنا بطبعي شخص حساس ومش بحب ازعل حد مني، وكمان أنا هادي وطيب وبحب اساعد الناس لو قدرت.


تنهد ثم اردف :

-إنت إللي عرفني عليكي هو مظهر، ومظهر ده صاحبي أنا معنديش أخوات بس بجد مظهر ده أكتر من أخويا، وهو كمان معندوش أخوات ويتيم، فبقينا سند لبعض،أنا صغير على فكرة أنا عندي اربعة وعشرين سنة ، بس أهلي عايزين إني أتجوز، وكل شويه يجبولي واحدة مرتحش معاها، فمظهر قالي فيه واحدة كويسة وأنا اعرفها، وشوفت صورتك، وبدأت أعرف عنك حاجات كتير وعن والدك والكلام ده من سنة، المهم عرفت أن والدك عايز يجوزك بالإجبار من أي حد غير أبن عمك، وإن أبن عمك بيحبك أو بيحب فلوسك بس إنت بتحبيه و….


قطعت هي حديثه بضجر:

-خالد مش طمعان في حاجة، خالد بيحبني بجد.


فرد عليها هو بنبرة جامدة وهي أول مرة:

-أنا جوزك.


فقالت هي بارتباك وتردد:

-أنا مكنتش اقصد، أسفة.


سيطر على السيارة الصمت للحظات ثم بدأت هي بالبكاء.


فقرر أن يراضيها فحمحم ثم قال بهدوء:

-خلاص أنا إللي اسف حقك عليا، تحبي نكمل كلام لغاية ما نوصل؟ الطريق من قنا لغاية القاهرة كبير أوي وهياخد وقت.


فنظرت له ثم قالت بإيجاز:

-كمل.


فأكمل بهدوء:

-ماشي، وقفنا لغاية فين؟ ،آه افتكرت لغاية ما كان والدك رافض يجوزك ابن عمك، وموافق على أي عريس، المهم أنا عرفت كمان أن مامتك كانت بتقف معاكي ورفضت كل العرسان عشان مكنوش مناسبين ليكي، لغاية ما والدتك توفت ربنا يغفرلها ويرحمها،ومن ساعتها مفيش حد تاني اتقدملك عشان والدتك، وساعتها أنا جيت العزا بتاع والدتك وشوفتك، اه نسيت اقولك مظهر صاحب خالد ابن عمك و..


بترت حديثه للمرة الثانية عندما قالت بدهشة:

-إيه؟،مظهر صاحبك إنت يكون صاحب خالد؟

إزاي يكون صاحبه وإزاي يخليك إنت تتجوزني؟،طب وصاحبه، أنا مش فاهمة حاجة.


فرد هو بجمود للمرة الثانية:

-مش فاهمة أي؟


ردت بغضب:

-يعني إزاي يكون صاحب خالد ويكون عارف انه بيحبني وإزاي هو إللي عرفك عليا، ده خيانة لصاحبه.


فرد عليها بجمود يفسر لها الأمر:

-ما هو عشان مظهر صاحب خالد عارف أنه عايز يتجوزك عشان فلوسك وورثك من أبوكي، وعشان عارف أن خالد ده أنسان مش كويس بيسهر مع البنات وبيشرب وبيعمل كل حاجة وحشة، ومش هيقدر يحافظ عليكي.


فقالت هي بانفعال:

-بس خالد مكنش كده، خالد صاحب ناس مش كويسة خليته يعمل الحاجات دي، وعلى فكرة هو كان بيحاول عشاني.


اردف هو الأخر بانفعال وهو يمسكها من يديها التي تلوح بها:

-يا حبيبتي أنا جوزك مينفعش تقولي كدة قدامي، بس بردو خالد ده شخص مش كويس ومظهر عارف كل مصايبه وعارف كل حاجة عنه، وبعدين إنت مسألتيش أنا جبت صورتك منين كأنها حاجة عادية،جبتها من خالد، خالد ابن عمك هو إللي أداها لمظهر، تقدري تعرفيني إيه إللي يخلي راجل محترم يعمل كده.


فقالت هي بضجر وهي تحاول أن تفك يديها عنه:

-إنت ماسكني كده ليه،ابعد ايدي.


افلت يديها ثم قال للسائق أن يقف، و نزل من السيارة وركب بجانب السائق ثم أشار له أن يكمل طريقه.


اطبق الصمت للمرة الثانية لكن هذه المرة لفترة طويلة لمدة ساعة متواصلة، وأول من قطع الصمت هذه المرة كانت هي عندما قالت له (أسفة) لكنه لم يجب عليها، فلم تكررها هي ثانيةً، فكبرياء المرأة لا يسمح لها أن تعتذر ثانيةً، هذا إذا اعتذرت من الأساس. 


حاولت أن تنام لكن ذاكرتها كان لها رأي أخر، حيث أن ذكريات إخواتها وأمها أخذت تعصف بها، وكذلك ذكريات حبيبها.


ثم توالت الأسئلة وتخمينات في رأسها عندما يعلم (خالد) ما حدث، كانت خائفة عليه.

لكن طرأ في رأسها عدة اسئلة مهمة وقالت في خلدها كيف لصديق أن يطلب من صديقه أن يتزوج حبيبة صديقه الآخر؟

ولماذا (خالد) عندما علم بموضوع زواجها من ..

لحظة!!!!

عندما ذكر والدي اسم (أدهم) ظهرت ملامح الدهشة على هيئته و ردد الأسم فهذا يعني أن (خالد) يعرف (أدهم) عن طريق (مظهر).

لماذا لم يفعل أي شيء حتى يلغي الزواج؟


فقالت بصوت مسموع تحاول توضيح الأمور لنفسها:

-يعني كده مظهر صاحب أدهم وصاحب خالد، وخالد عارف أدهم عن طريق مظهر، يعني كدة خالد محاولش يعمل حاجة لما عرف ان إللي هيتجوزني أدهم ، وفعلا من ساعة ما عرف وهو هادي بطريقة غريبة حتى لما جه يعيش معانا متكلمش معايا خالص ، وحتى أبويا مكنش عنده مانع أنه يعيش معانا بعد البيت إللي اتحرق، طب ليه؟،وكمان خالد كان مش متأثر ببيته خالص، يعني إيه أنا حاسة أن فيه حاجة غلط، وليه خالد يدي صورتي لمظهر، إزاي يعمل كده؟ 


أصدرت منها صرخة مكتومة بغيظ فزعت (أدهم) الذي كان في أول مراحل النوم.


فنظر لها بضجر ثم قال بسخرية:

-كابوس ولا إيه؟


فقالت له بتوتر دون النظر إليه:

-أنا مكنتش نايمة اصلا.


فقال بملل وهو يعيد نفسه إلى هيئته الاولى حتى ينام:

-طب مالك، محتاجة حاجة؟


فقالت بتردد:

-أنا عايزة اسأل سؤال.


التفت إليها واعطى لها كامل تركيزه و أومأ لها أن تتكلم فقالت:

-هو أنت كنت تعرف خالد؟،قصدي يعني هو كان دايمًا في القاهرة وبيكون مع صحابه إللي منهم مظهر يعني، فأنت كنت تعرف خالد؟


فقال بهدوء:

-أنا هحكي كل حاحة باختصار شديد من غير مقاطعة بعد إذنك.


ردت عليه بابتسامة إعتذار:

-أسفة، اتكلم وهسمع.


تنهد ثم اردف:

-بصي مظهر صاحبي و صاحب خالد كمان، بس مظهر عارف إن خالد مش كويس وعايز فلوسك و هيتجوزك عشان الورث وفلوس ابوكي،وأنا أمي دايما تدور ليا على عروسة، فمظهر قالي عليكي و كان معاه صورتك من خالد أنا مش عارف ليه هو عمل كده، شوفتك في عزا والدتك لأول مرة في الحقيقة، وعرفت عنك كل حاجة وسألت عنك الناس، وجيت اتقدمت، ولو بتسألي إيه إللي غير معاد الجواز هقولك أنا عملت كده عشان مش واثق في خالد، وعرفت إن خالد هو إللي حرق البيت بتاعه عشان يعيش معاكي في البيت وعشان يسرق من البيت فلوس و ورق من غير ما حد يعرف إن هو عمل كده، وياخدك ويهرب، حتى لو فكرتي هتلاقي أن فيه حاجات مسروقة من بيت عمك وكلها تخص خالد. 


ظهرت الدموع في مقلتيها وقالت متشككة:

-إنت عرفت الكلام ده إزاي؟


قال وهو يعطيها زجاجة مياه:

-عرفت من باباكي و مظهر، عشان خالد قال كل إللي عمله لمظهر، فاتفقت انا و والدك إننا نعمل كتب الكتاب في الوقت ده من غير ما حد يعرف حتى إنت عشان متروحيش تقوليله، وتضيعي نفسك. 


قال هو مبتسمًا بحنان:

-خلاص بقى أنسي كل حاجة اعرفك أنا عليا ماشي؟


قالت بنبرة متحشرجة:

-أنا مش عايزة أسمع حاجة.


أومأ لها بصمت ثم اعتدل في جلسته وأسند رأسه وأغمض عينيه في محاولة للنوم.


وفعلت هي نفس الشيء لكنها لم تسطيع إغفال عينيها لحظة وبدأ يتسرب لقلبها الشعور بالوحدة.


انقطعت المسافة المتبقية من القِنا إلى القاهرة بصمت تام إلا عند وقت الاستراحة حيث نزلوا ليقضون حاجتهم ويأكلون بعض الفطائر ثم أكملوا الطريق.


وقفت السيارة أمام ڤيلا كبيرة أشبه بالقصر،واسعة الأرجاء، مترامية الأطراف،ذات ديكورات فخمة وأنيقة، مزودة بحمام سباحة كبير وحدائق واسعة خلابة.


انبهرت هي مما رأت وأخذت تتأمل جمال الڤلة والحدائق الواسعة، فأعطاها مساحتها في مشاهدة البيت من الخارج والحدائق وهو ينظر إلى انبهارها.


ثم قالت بذهول:

-هو ده بيتك؟


فقال لها وهو يشير إلى المنزل ويمسك يدها برفق:

-بيتنا.


ثم خرجت من الڤِلة سيدة أنيقة ترتدي فستان طويل مع حزام عريض وسترة قصيرة وحجاب بسيط وحذاء ذات كعب متوسط وبعض المجوهرات.


احتضنت السيدة (أدهم) ثم قالت وهي تبتسم بعينيها بحب:

-حمدلله على السلامة يا حبيبي، تعالي سلمي عليا يا حلوة.


ثم أخذتها من يديها وضمتها بحب ثم قالت:

-أنا جميلة أم أدهم، ومبسوطة بيكي أوي نورتي بيتك.


ثم أدخلتهم الڤِلة ذات الأساس الراقي ثم اردفت بحماس:

-إنت هتكوني مبسوطة معايا أن شاء الله تعالي أعرفك على البيت.


فقال مقاطعًا حماس أمه مبتسما بحب:

-يا أمي الطريق كان طويل علينا ممكن نرتاح وبعدين ننزل عادي، حقك عليا متزعليش.

ثم طبع قبّلة هادئة على جبينها وأمسك يد (عبير) برفق فاستوقفته أمه قائلة:

طيب عايزة أتصور معاك أنت و العروسة و اصورك أنت وهي مع بعض. 


نفذ طلبها ثم دخل بها إلى غرفته. 


-إيه رأيك في الاوضه بتاعتك.


-جميلة مشاء الله والبيت كله حلو.


قال و التعب واضحًا في عينيه وصوته:

-أنا عايز أنام أدخلي غيري هدومك في الحمام وأنا هغير هنا وتعالي نرتاح شوية.


فقالت بأسف على حالتها ونكست رأسها:

-معنديش أي حاجة.


قال وهو يرتمي على السرير الكبير الذي يتوسط الغرفة الواسعة:

-أفتحي الدولاب هتلاقي عندك كل حاجة.


فتحت الدولاب و تهللت أساريرها ثم نظرت إلى هذا النائم بابتسامة إعجاب من شخصيته وهدوء واهتمامه، ثم انتقت عباءة بيتيه زرقاء بها نقوش رقيقة وجذابة باللون الأصفر ودخلت الحمام الخاص بالغرفة.


في صباح اليوم التالي.

استيقظت (عبير) عندما وقع على عينيها أشعة الشمس القادمة من النافذة الكبيرة التي تطل على حديقة واسعة ذات أزهار بيضاء وحمراء، شعرت بالراحة في النوم واستغربت عندما وجدت الفراش خالي من زوجها فالتفتت في أرجاء الغرفة لكنها لم تجده، نقرت ببطء على باب الحمام لكن ليس هناك رد، فدخلت هي الحمام بعد ما انتقت فستان أخضر فاتح به حزام عريض أنيق ووشاح باللون الأبيض حتى تأخذ حمام دافئ و تهدئ أعصابها وتحاول التأقلم في حياتها الجديدة.


في لحظة خرجها من الحمام طُرق باب الغرفة فارتدت حجابها بطريقة عشوائية ثم فتحت الباب، وكان الطارق خادم يدعيها إلى النزول إلى أسفل لتتناول معهم جميعهم وجبة الإفطار لأول مرة.


فأومئت له مبتسمة بتوتر ثم أغلقت الباب،واكملت ارتدائها لبقية ملابسها ونزلت.


وعلى عكس ما توقعت لاقت ترحيب منهم جميعًا بها ومدح فيها و بأخلاقها و رُقيها و جمالها، وتعرفت على والد زوجها (محمد القماش) ورحب بها بساعدة حتى الخدم كانوا يحتفلون بالسيدة الجديدة.


قال (محمد) مبتسمًا بإعجاب من خجلها ورُقيها:

-إنت شكلك صغيرة أوي ورقيق، بس هتتعودي علينا واحنا اهلك وعيلتك دلوقتي.


ثم تناول فطيرة من طبق التقديم وأعطاها لها بطبقها واكمل:

-إن شاء الله إنت ليكي هدية قيمة هتيجي بكرة باليل.


قالت لها (جميلة) بحماس:

-أنا هاخدك ونروح نجيب حاجات كتير أوي لبس و مجوهرات وكل حاجة تحبيها.


أستفاقت (عبير) من ذكرياتها واستعادت وعيها الكامل عندما أحست بشيء يدخل في يديها بقوة، فتحت عينيها بإرهاق رأت بجانبها أختها وصديقاتها وأبنتها.


قالت بإعياء:

-رحيم فين، رحيم خرج ولا لأ، مين معاه.


فردت عليها (وفاء) تطمئنها:

-رحيم كويس أن شاء الله أنس و نادر معاه وهيخرج يا حبيبتي، ارتاحي بس إنت الدكتور علق ليكي محاليل وقال إنك تعبانة اوي ومحتاجة محلول.


على الجهة الأخرى وللمرة الاحدى عشر على التوالي، دخل (رحيم) قسم الشرطة و سُجن، ومثل كل مرة الذكريات تترواح بين ذاكرته وكأنها قاسمة أن لا تتركة، لكن هذه الذكرى كانت مميزة كانت قاتلة بالنسبة له ولأخته (جميلة) حيث أنه علم الكثير من الأشياء التي كانت لبعضهم مخفية .


دخل الزنزانة (أمين الشرطة) ونادي على أسم (رحيم) .


خرج معه والغريب أن (مظهر) تنازل عن المحضر والبلاغ المقدم ضده، لم يفهم (رحيم) لماذا هو فعل ذلك ولا حتى (أنس) و (نادر) .


قال (نادر) وهو يربت على كتف صديقه:

-الحمدلله أنك خرجت بالسلامة، المهم أنت لازم تطمن والدتك عليك عشان تعبانة وفي المستشفى.


-ليه في المستشفى، حصل إيه، أدهم عملها حاجة؟ 


قال مطمئنا له:

-لأ ولا أي حاجة هي بس تعبت شوية وداخت لما الشرطة خدتك و دلوقتي هي هتروح على البيت.


قال (رحيم) بحدة حازمًا قراره:

-أنا لازم أعرف كل حاجة حصلت زمان، أنا مبقتش صغير خلاص، و هعرف اخد حقي كويس من مظهر، وهي كمان لازم تعرف أن مظهر هو اللي قتل ابوها.



تكملة الرواية من هناااااااا 

لمتابعة باقى الرواية زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل 

متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا

الرواية كاملةمن هناااااااااا

مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا

 مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هناااااا





تعليقات

التنقل السريع
    close