القائمة الرئيسية

الصفحات

translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية هيبه الفصل السادس والاربعون والسابع والاربعون والثامن والأربعون بقلم مريم محمد غريب حصريه وكامله جميع الفصول

 

رواية هيبه الفصل السادس والاربعون والسابع والاربعون والثامن والأربعون بقلم مريم محمد غريب حصريه وكامله جميع الفصول 







 

رواية هيبه الفصل السادس والاربعون والسابع والاربعون والثامن والأربعون بقلم مريم محمد غريب حصريه وكامله جميع الفصول


( 46 ) 


_ أختارك _ :


-انطقي بقى يا بنتي.. بقالك ساعة متسمّرة زي الصنم. قوليلي مالك؟


نظرت "راندا" إلى عمتها في ذات الصمت، بداخلها ترددٍ كبير، رغم إنها تعتبرها بئر أسرارها، أمها إن جاز التعبير ..


فقد تركتها أمها ورحلت عن العالم في سنٍ مبكرة، ولطالما كانت العمّة "فاتن" الحضن والملاذ إلى الآمن إليها، حتى إنها الصديقة المقرّبة بالنسبة لها رغم وجود العشرات من الصديقات ..


ما حدث البارحة لم يكن سهلًا عليها، وكانت بحاجة ماسّة لإشراكها في الأمر لكي لا تفقد عقلها، أرادت أن تبوح لها، ولكن ما بالها منذ جلست أمامها تستنطقها فلا ترد ولا تنبس بكلمة واحدة!


ماذا حدث لها؟!


-عمتو! .. نطقت "راندا" بخفوتٍ وهي تضم وسادتها الصغيرة بقوة


حثتها "فاتن" بنفاذ صبرٍ:


-ها يا راندا.. اتكلمي يا حبيبتي!!


تتململ "راندا" فوق فراشها في اضطرابٍ، لا تعرف كيف تصوغ اعترافاتها، لكنها قررت ألا تفكر كثيرًا، ورددت دون ترتيبٍ:


-عمر باسني يا عمتو!


تجمّد عقل "فاتن" لبرهةٍ وهي تمعن النظر بابنة أخيها محاولة معالجة كلماتها، لكنها لم تستوعبها جيدًا، فاستوضحتها:


-نعم! عمر مين؟ ويعني إيه باسك؟!


تطلّعت "راندا" إليها بحرجٍ شديد، وقالت بينما وجهها كله محتقنٌ بحمرة الخجل:


-عمر البدري.. ابن خالة نديم

انتي عارفاه. قابلته امبارح و.. وباسني!!


ترفع "فاتن" حاجبها متمتمة وكأنها تحدث نفسها:


-عمر ابن خالة نديم.. آه.. طبعًا!


الآن حضرتها كل الظنون التي انتابتها خلال فترة زواج "راندا" كلها ..


كيف إنها قد لاحظت منذ أول وهلة هذا الشيء تحديدًا، كيف ضبطته مرارًا يرمق فتاتها خلسةً بنظراتٍ مريبة، في البادئ حاولت ألا تلقي بالًا لهذه الشكوك ..


إلا إنها لن تستطيع بعد الآن، بعد الذي سمعته من فم ابنتها الروحية، كان ينقصها دليل، والاعتراف سيد الأدلة!


-احكيلي إللي حصل! .. طالبتها "فاتن" بلهجةٍ هادئة مسالمة


فتشجّعت "راندا" وأطمأنت لها، وبدأت تسرد عليها أحداث لقائها بـ"بعمر" بالتفصيل ...


-بس يا عمتو. وفاجئني لما عمل كده.. أنا عمري ما تخيّلت إن ده يحصل من عمر. لحد اللحظة دي مش مصدقة!


فاتن بهدوء: وانتي كان إيه ردة فعلك لما عمر باسك يا راندا؟


بوغتت "راندا" بسؤالها ...


-مش فاهمة يا عمتو؟!


-يعني حسيتي بإيه؟ غير صدمتك فيه وفي تصرفه.. بالتحديد لما رجعتي البيت وفكرتي في إللي حصل. إيه احساسك دلوقتي وانتي قاعدة قدامي؟


جللت تعابير البلاهة وجه "راندا" وهي تصرف نظرها عن عمتها، لتشرد مفكرة ومفتشة بمشاعرها، ثم تقول بلا وعيٍ:


-لما عمل كده.. أنا حسيت إني اتجمدت بين إيديه

ده ماكنش طبيعي.. ولو كان أي حد تاني عملها ماكنتش سكت لحظة. بس

بس عمر قدر يخليني ارتبك. لدرجة إني مقدرتش أستوعب الموقف. كان عصبي. مندفع. ومتهور

ولما قدرت أبعد عنه وسألته إزاي يعمل كده.. ماقالهاش بصراحة. بس لمّح. إنه كان مهتم بيا

ومن زمان.. معقول ده يكون حقيقي؟ معقول أنا لا شفت ولا لمست الحتة دي فيه؟ إزاي؟!


تقرّبت "فاتن" منها قليلًا ممسكة بيدها، نظرت بعينيها وقالت بجدية:


-أنا ماتجوزتش.. مادخلتش في أي علاقة جديّة طول حياتي

بس انتي عارفة إني حبيت مرة واحدة بس. وإللي عمله عمر بيفكرني بالراجل إللي حبيته

سبحان الله. طريفتهم واحدة.. أغلبهم شبه بعض. وعلى فكرة يا راندا. عمر مايختلفش عن نديم. سلوكهم متشابه تقريبًا ..


ثم تنهدت وأردفت:


-إللي عايزة أقولهلك.. عمر فعلًا بيحبك

ومن زمان. من قبل ما تتجوزي نديم

إللي عمله ده كان نتيجة انفجار لمشاعره ناحيتك إللي فضل يضغطها طول الوقت إللي عدّى

نديم عمره ما حبك.. ولا يوم من أيامك معاه حبك.. لكن عمر هو إللي بيحبك

قبل ما تتجوزي. ولما اتجوزتي... ودلوقتي وانتي مطلقة!


تأكيد الأمر كان بمثابة صدمة أخرى أشدّ وطأة من سابقتها، بقيت "راندا" تحدق بعمتها  ذاهلة، لتضيف "فاتن" رابتة على خدّها بلطفٍ:


-أنا مش عايزاكي تستعجلي المرة دي.. خدي وقتك وفكر على مهلك

قبل كده مشيتي ورا قلبك يا حبيبتي وطلع مايستهلش. دلوقتي لازم تحكّمي عقلك

في رأيي عمر راجل محترم. بعيدًا عن تصرفه الأخير معاكي.. لو هاقيّمه كشريك محتمل لبنتي حبيبتي

ف هقول إن هو ده الراجل إللي يستاهلك. أولًا لأنه بجد بيحبك. وثانيًا لأنه عنده من الصبر والمسؤولية إللي يخلي منه راجل مناسب لعلاقة تدوم العمر كله.. بس طبعًا أهم حاجة عندي تكوني راضية.. مرتاحة.. وعايزاه زي ما هو عايزك... فاهماني؟


حملقت فيها مشدوهة، تكاد لا تصدق ما تسمع، ما يجري كله ..


لكنها وجدت نفسها تومئ لها بالإيجاب أخيرًا ..


أيعقل أن يجمعها أيّ شيء بـ"عمر البدري"؟


هو دون الرجال جميعًا!!!


______________________________________________________


ناولها كأس الماء لتبتلع حبّة الدواء وهو يقول بصوته الخشن:


-خلاص يامّا.. عمي دياب وعدني إنه هايجنع جدي يطلّعك في أجرب وجت.


تجرّعت "غنيمة" الكأس كلها، ثم أعادتها إليه وقالت بغلٍ دفين:


-جدك. أبوي. العمدة رياض إللي كان مستعد يجتل بتّه ويغسل عاره.. دلوق رايح يجيب بتّها ويركبها علينا كلنا.. بس وعزة الله ما هاسكت. أمك ماهاتسكتش يا كرم!


كرم بعصبية: بزياداكي بجى يامّا. ماعدناش ناجصين.. بت دهب جاية

وعايزك لما تاجي ماتنطجيش بحرف. خليه يشبع بيها إياكش تنصفه. ولا هي أصلًا عيارها فالت كيف أمها. بس هو حر. مالناش صالح.


لم تهتم "غنيمة" كثيرًا بحديث ابنها، غيّرت مسار الحديث وسألته:


-كيفها مرتك؟


هدأ قليلًا وهو يجاوبها:


-بخير. فايتها في بيت أبوها اليومين دول.. انتي عارفة حبلها عزيز ما صدجنا عملية الحجن نجحت المرة دي وربنا عوض علينا.


ابتسمت له بحنانٍ وقالت:


-ان شالله ربنا يفرحك بعوضك يا ولدي.. بس أنا ماعايزهاش تجعد في بيت أبوها

مرته تشجّيها وتتعبها. هاتها لي هنا أجلّه تونسني وأنا أرعاها لحد ما تولد بإذن الله.


أومأ لها طائعًا:


-إللي تشوفيه يامّا. حاضر هانزل البلد أجيبها.. بكرة تكون عندك بالمشيئة.


-صح ماجولتليش.. سليمان لساه مختفي من ليلة جواز زين؟


-مش مختفي تمام. جاعد في دايرته اليومين دول. جال راجع لما جدي يخلص مشاكله ويحدد معاد كتب كتاب زين على شهد.


-مش جادرة ألومه. له حج يزعل.. مين يصدج. زين.. زينة رجال عيلة نصر الدين يتجوز جوازة زي دي

يهمّل شهد وتكون أول بخته بت مخبّلة. كله من جدك الله لا يسامحه.


-يامّا الجوازة تمت بالاسم بس.. اوعك تفكري إن بت كيف الهبلة دي تملا دماغ زين ..


وتابع شاردًا لبرهةٍ:


-رغم إنها كيف الجشطة. البت ناعمة وزبدة اكده.. جطّة سيامي. خسارة في العبط والله!


عبست "غنيمة" معقّبة بحدة:


-انت اتخبلت انت كمان يا واد؟ إيه إللي بتجوله ده؟ عينك من مرت زيـن؟؟!!


غطى "كرم" على كلماته بضحكة متهكمة:


-عيني من مين يامّا؟ هي البت دي تنفع لأي راجل أصلًا؟

دي بلوة.. الله يعينه عليها مش هايجدر يخلع منها بسبب أبوها ما انتي عارفة

كان وزير. ودلوق سفير.. واصل يعني.


غنيمة بغلظة: مهما كان.. إياك عينك تطرف عليها. فاهم؟

الكل عارفك نجس وبتاع حريم. بس النوبة دي محدش هايسمي عليك.. ابن خالك اتجوزها. يعني بجت عرضه وشرفه كيف بنات العيلة.


زفر "كرم" بضيقٍ وقال:


خلاص بجى يامّا.. ماهتكلميش عيّل اصغير. وبعدين أنا صح بتاع حريم

بس دي مالهاش صالح بالحريم. هي شكل بس. لكن عمرها ما تبجى حرمة.


غنيمة بابتسامة تهكمية:


-الراجل يا كرم مايهموش إلا الشكل.. اسألني أنا

يعني حتى لو بت السفير دي عجلها عجل عصافير مسيرها تجيب زين تحت رجليها

بكرة تجول أمي جالت!


________________________________________________________________


استغل أولى ساعات النهار ليأخذها في جولة، حيث غالبية ساكني المنزل لا يغادروا غرفهم مبكرًا كالعادة ..


كما إنها من أكثر الأشخاص الذين قابلهم نشاطًا، والآن صار يحفظ أطوارها جيدًا، ماذا تفعل منذ صحوتها وحتى يغلبها النوم ليلًا ..


يعرف بأنها تستيقظ لدى بزوغ الصبح، تتناول فطورها، تمارس هواياتها العديدة وتلهو، تأخذ قيلولة قصيرة بمنتصف النهار، ثم تقوم مجددًا بنشاطٍ أكبر لتستأنف اللعب والمرح، روتين الطفلة المثالية ..


والتي لم تكن سوى "ريهام".. زوجته.. طفلته ...


-خلصي طبقك يا ريري! .. قالها "زين" آمرًا بصوتٍ يخلو من أيّ نبرة مزاح


لم يتبقَ إلا القليل، فنظرت إليه "ريهام" وهي تقول بتبرّم:


-ريري شبعت يا زين. خلاص مش في مكان تاني في بطني بص!


وقفزت عن الكرسي الملاصق لبنش المطبخ المفتوح، مدت خصرها للأمام ليرى حدبة بطنها المسطح أصلًا، فضحك رغمًا عنه قائلًا:


-يااااه. صحيح. انتي أصلك يا عيني خلصتي على الفطار كله ..


واقترب منها قارصًا أنفها بلطفٍ وهو يقول بغيظٍ:


-انتي ناوية تجنني زين. أو أنا اتجننت خلاص.. خدي طيب ..


وناولها كأس الحليب الدافئ بصرامة:


-هاتشربي كوباية اللبن بتاعتك كلها زي ما انتي متعودة. 


تأففت "ريري" عابسة بتذمرٍ:


-يووووه بقى. لبن لأ. طعمه وحش. عمر كان بيخليني أشربه بالعافية.. ريري مش هاتشرب لبن بـس!!


زين بحزمٍ: لأ ريري هاتشرب. ولو عندتي مافيش فسح ولا لعب ولا أنا هاكلمك أصلًا.


ضربت الأرض بقدمها كالأطفال تمامًا وصاحت برفضٍ قاطع:


-لللللللللللللأ. لبن لأ. وحش وحش وحش مش بحبه!!!


وعقدت ذراعيها أمام صدرها وقد استبد بها العناد كليًا ..


أدرك "زين" ذلك وعرف بأن إجبارها لن يأتي بنتائج حميدة، بل ستعانده أكثر، وربما بتسبب لها بالمزيد من التقلبات العاطفية خاصةً التي تؤدي بها إلى حزنٍ يصعب مداواته ..


فكر للحظاتٍ، ثم تركها متجهًا إلى إحدى الخزائن، أضاف القليل من مسحوق الكاكو الخام إلى الكأس، قلّبه جيدًا، ثم عاد إليها وقدّمه من جديد قائلًا بلهجة أكثر لطفًا:


-اتفضلي يا حبيبتي. حطيت لك في اللين الكاكاو إللي بتحبيه. يلا بقى أشربي عشان خاطري. هاتلاقي طعمه بقى حلو والله!


وأخذ يلاطفها ويهدهد لها حتى تخلّت عن عنادها تدريجيًا وتقبّلت ما يعرضه عليها ..


أخذت الكأس من يده، رفعته لفمها وتجرّعته دفعةً واحدة، أنزلته عن فمها فارغًا وقد صنعت لنفسها شاربًا من الشوكولاه ..


ابتسم "زين" معجبًا أكثر ببراءتها النقيّة، سحب منديلًا ورقيًا ومسح لها فمها قائلًا:


-شطورة يا ريري.. بحبك أوي لما بتسمعي الكلام. ياريتك تكوني كده علطول!


وأطلق نهدة قصيرة، ثم أمسك بيدها وشدّها برفقٍ للخارج وهو يقول:


-تعالي يلا.. هافرجك على البيت قبل ما دياب يوصل.


وأخذها وجاب بها أرجاء القصر كاملًا ..


أراها المنزل من الداخل، والحديقتين الرئيسية والخلفية، أغرمت كثيرًا بحوض السباحة الكبير، وأعجبها اسطبل الخيول، لدهشته لم ترهب الخيل، بل أرادت مداعبته ..


فسمح لها، إذ فتح مقصورة معيّنة بها فرسٌ لونه كالعسل، تركها تداعبه وحتى إنها قبّلته ...


-عجبك بحر يا ريري؟


نظرت له وأومأت بقوة:


-حلو أوووي يا زين.


-خلاص طالما عجبك أوي كده هايبقى بتاعك من إنهاردة.


-يعني إيه هايبقى بتاعي؟


-يعني زي ميمي كده. الفرق بس إنه مش هايقدر يطلع معاكي الأوضة طبعًا. انتي إللي هاتنزليله. تلعبي معاه وتركبيه شوية وقت ما تحبي.


أشرق وجهها بابتسامتها الحلوة وهي تهتف بحماسةٍ:


-الله. يعني أنا دلوقتي عندي حصان بتاعي ليا أنا وبس؟؟


أوما لها: أيوة يا حبيبتي.. بحر بقى بتاعك وليكي انتي وبس. وعارفة؟ عندي ليكي مفاجأة تانية.


سألته بفضولٍ متلهف:


-مفاجأة إيه. إيه يا زين المفاجأة؟؟؟


-ليلى صاحبتك.. إنهاردة هاتكون عندنا هنا.


شهقت بفرحٍ: ليلى. قصدك ليلى؟

طيب نديم هايجي معاها؟؟


تجهم وجهه وهو يرد عليها:


-لأ. نديم مش جاي معاها.. ومش عايزك تجيبي سيرته تاني

لو بتحبيني مش عايز أسمعك بتقولي أسمه حتى. وإلا هازعل منك بجد.


تلاشى مرحها مرةً واحدة ..


لا تفهم لماذا يقول ذلك، لا تفهم شيئًا على الإطلاق، فقالت بصوتٍ مكتوم:


-نديم أخويا.. نديم زي عمر.. ريري بتحب نديم.


عبس "زين" بشدة واقترب منها كثيرًا، تعلّقت عيناها بعينيه بينما يقول بهدوءٍ ضاغطًا على الأحرف:


-نديم مش أخوكي. مش زي عمر.. وأنا بقولك أنا مش بحبه ومش عايزك تحبيه من دلوقتي

لو مش هاتسمعي كلامي ده بالذات أنا هازعل زي ما قلت لك. ولو زعلت المرة دي مش هاخليكي تقعدي هنا معايا

هاكلم عمر يجي ياخدك. أو نديم لو عايزة.. يعني يا ريري أنا بخيّرك. أنا.. أو نديم. هاتختاري مين؟


ارتجفت شفتاها، كأنها تحاول أن تفهم معنى كلماته الكبيرة على وعيها القاصر، نظرت له طويلًا بعينين تلمعان بحيرةٍ صافية، ثم قالت وقد خرج صوتها مرتعشًا:


-يعني.. لو قلت اسم نديم تاني.. زين مش هايحبني؟


ابتسم بخفةٍ مصطنعة، وربّت على شعرها بلطفٍ قائلًا:


-مش كده بالظبط يا حبيبتي.. بس أنا بحبك أوي.. ومش عايز حد تاني ياخدك مني. عايزك تكوني معايا وليا أنا بس. فاهمة؟


نوعًا ما فهمته هذه المرة، وقالت دون تفكيرٍ:


-ريري بتحب زين.


توقف الزمن في عينيه لحظة، ثم ابتسم ابتسامة هادئة وهو يجذبها إليه في حضنٍ دافئ، قوي وهو يقول بخفوتٍ عاجزًا عن مقاومة استنشاق عبيرها المُسكِر:


-وأنا كمان بحبك يا ريري.. بحبك أكتر من أي حد.


أغمضت عينيها في صدره، وهمست كأنها تصدّق على قرارها باقتناعٍ تام الآن:


-ريري اختارت زين!.............................................................................................................................................................. !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!


يتبع ...


( 47 ) 


_ غفران _ :


لآخر لحظة أستطاع كتم صوت ضميره، لم يسميها خيانة لابن خالته بقدر ما أعتبرها انتقامٌ منه، لأنه حين وقع بين اختيارين فضّل أخرى غريبة على تلك التي تحمل دماؤه ونسبه ..


فضّل "ليلى" على "ريهام".. وهذا شيء لن يسامحه عليه أبدًا ..


ولكن في الوقت الراهن، نفسه تجلده بلا هوادةٍ، وتدفعه دفعًا للإسراع في درء الكارثة قبل وقوعها، رغم مقاومته تلك المشاعر ..


إلا إنه لم يصمد طويلًا!


أستيقظ باكرًا، أو بالأحرى قام من فراشه بعد ليلة مؤرّقة، ارتدى ملابسه على عجالةٍ وانطلق إلى منزل آل"الراعي" ..


لم يجد "مهران" هناك، فاضطرب قلبه وأجرى الاتصال به ...


-أنكل مهران! حضرتك فين؟


-أنا رايح أقابل الرائد زين نصر الدين في المكان إللي إتفقنا عليه يا عمر

خلاص قربت أوصل. خمس دقايق وأكون عنده.


استبد بـ"عمر" التوتر بشدة وهو يهتف به بنزقٍ:


-لأ يا أنكل من فضلك. ماتروحش لزين. لو تقدر تعطله

أنا حالًا رايح لنديم. لازم يمشي هو وليلى قبل ما يوصلوا لهم!!


بدت الدهشة في صوت "مهران" وهو يرد عليه:


-يسلام! وإيه إللي غيّر موقفك فجأة كده؟

مش انت بنفسك إللي جيت لي وإتفقت معايا نسلّمهم ليلى عشان أختك؟


-أيوة. أيوة عملت كده.. بس اتصرفت غلط

أنا مش هقدر أعمل كده في نديم. لازم أصلح إللي عملته.


-انت جاي تقولّي الكلام ده دلوقتي يا عمر؟ المطلوب أعمل إيه مش فاهم!!


-ماتعملش حاجة يا أنكل. أنا إللي هاعمل. سلام.


وأغلق معه مسرعًا إلى سيارته، قاد رأسًا تجاه حيّ الزمالك، حيث يستقر "نديم" هناك وزوجته بعيدًا عن الأعين ..


____________________________________________________________


تركها في عهدة إحدى وصيفات أمه الموثوقات، أوصاها بالإلتزام بأوامره، فقد سمح لها باللهو قليلًا بحديقة القصر رفقة كلبتها، ثم العودة مباشرةً إلى جناحهما دون الإحتكاك بأيّ من أفراد المنزل ..


إنصاعت "ريهام" لكلمته وأظهرت الطاعة، وبالفعل ما إن ذهب حتى طفقت تستكشف المساحة الخضراء ركضًا ومرحًا هي وكلبتها الصغيرة، إلى أن أحسّت بالتعب، فقررت العودة للجناح كما أملى عليها ..


ولكن كانت هناك أعين تراقبها منذ فترة طويلة، منذ كان "زين" هنا معها، ولم تدع الفرصة تمر دون استغلالٍ ..


هبطت إلى الأسفل مطمئنة لخلو المنزل من معظم ساكنيه، وبالأخص هو.. "زين" ..


قابلتها بمنتصف الباحة الواصلة بين الحديقة والشرفة الداخلية، بدت "ريهام" وكأنها مبرمجة على كلمات "زين" بالحرف، فلم تنتبه لها، أو أنها تعمّدت ألا تنتبه لها وسلكت طريقها غير آبهة ..


لتعترض "شهد" طريقها، مرة، مرتان!!


فتضطر "ريهام" للوقوف والتطلّع إليها ...


-ممكن أعدّي لو سمحتي! .. قالتها "ريهام" ببراءة وتهذيبٍ كما تعوّدت


شملتها "شهد" بنظراتٍ غلٍ متأججة، عقدت ذراعيها أمامها وهي تقول بلهجةٍ تهكمية:


-انتي بقى البت العبيطة إللي لبسها زين؟!


عبست "ريهام" مرددة من فورها بتلقائيتها المعهودة:


-أنا مش بت. ومش عبيطة. أنا أسمي ريري

وزين ماينفعش يلبسني عشان أنا مش حاجة بتتلبس زي الـ تي شيرت بتاعه

انتي إللي عبيطة كده!!


تضرّج وجه "شهد" بحمرة الغضب، فحاولت الوصيفة التدخل قبل إزدياد الوضع سوءًا:


-أنسة شهد. من فضلك زين باشا أمرني أوصل مدام ريهام أوضتها بهدوء منغير مشاكـ ..


-أخرسـي انتـي!! .. صرخت "شهد" فيها مقاطعة


أجفلت "ريهام" وهي تقول باندفاعٍ معبّرة عن إنزعاجها:


-إيه ده انتي بتزعقي في وشها كده ليه؟ انتي محدش علّمك إنه عيب نعلّي صوتنا على حد كبير؟

وتهاني كبيرة وانتي كده بنت مش محترمة. لما يجي زين أنا هقولّه!


شهد بسخرية: قوليله يا حبيبتي. انتي فكراني ممكن أخاف من زين؟

زين ده يخوفك انتي يا هبلة. يابت يا عبيطة أحسن تكوني متخيّلة إنه جايبك هنا عشان بيحبك مثلًا

زين ماتملاش عينه واحدة زيك. وإستحالة يبص لك حتى. إللي ماتعرفيهوش يا قطة إنه يبقى خطيبي

فاهمة يعني إيه خطيبي؟ يعني أنا وهو هانتجوز. وفرحنا قرب أوي. ولحظة ما هابقى مراته هاتنسي إنك في حياته أصلًا

لأن زين ده بتاعي أنا.. سامعة؟ زيـن.. بتاعـي أنـا!!!


لم تعي "ريهام" كل حديثها، لكنها توترت بشدة من بعض ما فهمته، وأحست بقبضة تعتصر صدرها ببطءٍ، فقالت من بين أنفاسها:


-زين بيحب ريري. انتي كدابة.. زين مش بيكدب

ولما يرجع أنا هقولّه إنك شتمتيني وقولتي عليا عبيطة وهبلة!


ابتسمت "شهد" قائلة باستخافٍ:


-يا حرام.. تصدقي صعبتي عليا يابت!

معذورة. عقلك الفسفس ده مش هايستوعب إنك كنتي في القصة دي كلها مجرد كوبري

بمجرد ما ليلى ترجع مش هايبقى لك لازمة. وهاتعيشي هنا زيك زي الكرسي ده

ده يمكن الكرسي يبقى له لازمة عنك.. زين لا يمكن يحبك.. دي معلومة عايزاكي تحطيها حلقة في ودنك هه؟ إيّاكي تنسيها.


تجمّدت "ريهام" في مكانها، كأن الكلمات التي سمعتها للتو لم تكن مجرد لغو حديث، بل خناجر انغرست في صدرها ..


ظلّت عيناها تتسعان شيئًا فشيئًا، تتقلّب فيهما الحيرة والخوف، كطفلةٍ ضلّت طريقها في عتمة الغابة ..


لم تفهم تمامًا ما الذي يعنيه كلامها، لكنها شعرت بشيءٍ غامض في داخلها، أنها آذتها ..


رفعت يدها إلى صدرها، كأنها تتحسس نبضًا أختنق هناك، لم تبكِ فورًا، لكن حين تذكرت وجهه، وجه "زين".. زوجها ..


انكسرت ملامحها دفعةً واحدة!


تهدّلت شفتاها، واهتز صوتها بارتجافةٍ طفولية وهي تقول:


-زين.. زين بيحب ريري.. هو قال كده!!


ثم انحدرت دمعةٌ واحدة على خدّها، لا تشبه دموع الضعف، بل دمعة من أصيب في أكثر المواضع براءةً في قلبه ..


أطلقت "شهد" ضحكة مجلجلة، وكادت تكيل لها المزيد من الكلمات السامّة، لولا أن صدح ذلك الصوت الذي أخرسها في الحال:


-شـهـــــد!


________________________________________________________________


انقضى صباحها أخيرًا بإفراجه عنها ..


غادرت السرير متجهة إلى الحمام وكأنها تلوذ بنفسها بعيدًا عنه، ليس لأنها تبغض قربه، بل لأن هذا القرب لو أستمر فإنها تخشى على كرامتها أمامه ..


فهي لا تضمن نفسها البتّة عندما تكون معه، قريبة منه، بإمكانه وبسهولة دفعها لمسامحته، لنسيان ما حلّ  بها بسببه ..


بكت "ليلى" كثيرًا أسفل رذاذ الماء الساخن ..


بكت حبها له، خسارتها، حياتها التي اتضح بأنها لطالما كانت كذبة ..


ماذا يجب عليها أن تفعل؟ كيف تنقذ نفسها؟ كيف تهرب منه وعشقه يجري مجرى الدم بشرايينها؟


إنه المستحيل بعينه!!!


-ليلى!


أتاها صوته من وراء الباب، فعلمت بأنها استغرقت وقتًا طويلًا هنا وحتمًا أنه قلق، فأغلقت المياه ليتأكد بأنها سمعته وسوف تخرج قريبًا ..


ارتدت روب الاستحمام وعادت إلى الغرفة، لحسن حظها لم تجده، فارتدت ملابسها بسرعة ..


وقفت أمام المرآة تجفف شعرها، تتأمل الثوب الفيروزي الطويل الذي ارتدته، والذي يذكرها بلون عينيه كثيرًا ..


لا تمر دقيقة من عمرها إلا وتراه في خاطرها، إنه لعنتها الأبديّة، موجودٌ في كل الأشياء ..


وتفكر في تركه؟


كيف ستفعل ذلك؟


إنها تتوّهم، يائسة إلى ذلك الحد!!!


تنتهي "ليلى" من تهيئة نفسها مجددًا لفكرة الفرار بأيّ لحظة، وإن كانت تدرك إستحالة سماحه لها بهذا، لكنها تأمل ..


تخرج من الغرفة، لتسمعه ينادي عليها من مكانه بالمطبخ:


-تعالي يا ليلى.


ذهبت إليه مذعنة ..


رأته يقف هناك خلف البِنش، يعد لها شيئًا من الطعام، دعاها للجلوس، فلم تستجيب ..


تنهد "نديم" بثقلٍ وحمل طبق المعكرونة الشهيّ واستدار حتى وصل إليها، جلس هو بأحد المقاعد، ثم مد يده ممسكًا برسغها، شدّها إليه بلطفٍ إلى أن جلست فوق قدمه ..


استطاع أن يشبك عينيها بعيناه، واستمر التواصل البصري بينمهما للحظاتٍ طويلة، حتى قال بهدوءٍ وبتلك اللهجة الخافتة المميزة التي تذيب كل محاولة منها للتمرد عليه:


-ممكن عشان خاطري.. تاكلي؟

أنا بسببك مأكلتش حاجة من إمبارح. ولو فضلتي كده رافضة تاكلي أو تشربي أنا عمري ما هاكل ولا هشرب كمان

عشان خاطري يا ليلى.. أرجوكي.. كُلي من إيدي!


أنّى لها الرفض؟


بعد أن طلب منها بهذه الطريقة؟!


طواعيةً وجدت نفسها تباعد بين شفتيها، حين مد الملعقة صوب فمها، وصار يطعمها كما لو أنها طفلة صغيرة، حتى أنهت الطبق كله ..


ابتسم برضا وهو مسح على رأسها قائلًا:


-ألف هنا.. يارب يكون أكلي بيعجبك

عمومًا احنا مش هانطول هنا. أوعدك.. بس بمجرد ما نتصافى

هانرجع بيتنا.. وكل حاجة هاتكون أحسن.. هانرجع أحسن من الأول يا حبيبتي.


عاودت الدموع الظهور بعينيها من جديد، وانهمرت مدامعها وهي تنظر إليه بحزنٍ جمّ، ليتقلّص وجهه بألمٍ ..


يجد نفسه ضعيفًا مرةً أخرى، لا يستطيع شيئًا أمام حزنها، ولا يدري كيف يقيها هذه المشاعر ..


يضع الطبق من يده جانبًا، ويجذب رأسها إلى حضنه، يضمّها إليها بشدة هامسًا:


-عارفة إنك بتقتليني؟ دموعك دي أنا مش قادر أتحمّلها. خصوصًا وأنا عارف إني سببها

كفاية يا ليلى.. شوفي إيه إللي يرضيكي وأنا أعمله.. أنا مستعد أقف للعالم كله وأحارب الدنيا عشانك.


انفلت صوتها من بين سلسلة من الشهقات المنتحبة:


-انت أكتر إنسان حبيته.. وأكتر حد آذاني.. هو انت يا نديم... انت خدعتني وكدبت عليا!!


-أنا عملت كل حاجة عشان أحافظ عليكي. أنا كنت في سباق مع الزمن. عايزك تكوني ليا.. ليا وبس يا ليلى!


ورفع وجهها بيديه، يقبّل عينيها الدامعتين وهو يقول بلهجة معذّبة:


-أنا آسف.. عارف إني خذلتك.. الطريقة إللي خليتك بيها ملكي كانت غلط

بعد ما عشتي عمرك طله جنبي. في حمايتي.. فعلًا آذيتك.. بس أقسم لك مافكرتش كده

كل إللي فكرت فيه انتي.. وأي سكة توصلّني ليكي مشيتها منغير ما أحاسب نفسي

أنا بحبك يا ليلى.. وده عذري الوحيد. أنا بحبك!!!


وبترت كلماته تلك القبلة التي جاءت دون وعي منه، قبلة مفاجءة، مرتجفة، أقرب إلى الاندفاع منها إلى الاعتذار ..


لامست شفتاه شفتيها برفقٍ أولًا، ثم اشتدت القبلة مع انهمار دموعها، وامتزج فيها الندم بالعاطفة، والخذلان بالغفران ..


لدقائق لم يشعر بها كليهما، حتى همس من بين قبلاته التي خدّرتها كليًا ومقاومتها أيضًا:


-سامحيني.. ماقصدتش آذيكي... سامحيني على اي حاجة عملتها لأني ماعملتش حاجة غير إني حبيتك!!


قاطعهما دوي جرس الباب بغتةً ..


راوده قلقًا خفيًّا، فقام ممسكًا بها، وقال باقتضابٍ وهو ينظر تجاه الباب:


-ادخلي جوا يا ليلى.. وماتطلعيش إلا بأذني.. فاهمة؟


أومأت له بآلية وسارت عائدة للغرفة ..


بينما يخطو "نديم" صوب باب الشقة، يستعرض عبر شاشةٍ صغيرة موصولة بكاميرا خارجية هوية الزائر، ليتفاجأ برؤية "عمر".. ابن خالته ..


لكنه لا يتردد وهو يمد يده ليفتح له ...


-عمر!


-نديم!! .. ردد "عمر" من بين أنفاسه المتسارعة


يعبس "نديم" معقّبًا بصوته الأجش:


-خير! إيه إللي جابك يا عمر؟ وعرفت منين إني هنا؟


-مش وقت أسئلة يا نديم.. من فضلك

أدخل هات ليلى ويلا بينا بسرعة.


-في إيه يا عمر؟؟


ينفعل "عمر" بغتةً:


-قلت لك مش وقت أسئلة.. لازم نمشي فورًا. رياض نصر الدين عرف مكانك وجاي هو وعيلته ياخدوا ليلى بأمر من المحكمة!.............................................................................................................................................................. !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!


يتبع ...



( 48 ) 


_ ردّت إليك _ :


ألجم ظهور السيدة "رؤيا" تهجّم "شهد" على زوجة خطيبها ..


سارت "رؤيا" تجاههما متجهمة، وخاطبت "شهد" مباشرةً بلهجةٍ صارمة:


-إيه التصرفات دي يا شهد؟ وإيه الكلام إللي أنا سمعته ده؟

انتي لحقتي تنسي كلامنا؟


انفعلت "شهد" ثانيةً وهي ترد عليها:


-مش قـادرة. مش قادرة يا طنط رؤيا.. حطي نفسك مكاني

إزاي كلكوا طالبين  مني أكون عادي وباردة وأنا شايفة زين مع العبيطة دي ورايح جاي بيها قصاد عيني؟؟؟


-أنا مش عبيطـة!! .. صاحت فيها "ريهام" غاضبة


فأدارت "شهد" رأسها نحوها صارخة بعصبيةٍ:


-لأ عبيطة ومتخلفة كمان. فوقي يا ماما. يا أم عقل فسفس انتي

فاكرة نفسك واحدة.. ده أنا إللي هافوقك بقى ...


ومدت يدها نحوها قابضة على شعرها تجتذبها منه بعنفٍ، بينما تنفجر "ريهام" بصراخٍ مذعور، تتألم وهي تحاول تخليص نفسها باكية ...


-زيـــــــــــن.. زيـــــــــــــن.. يا زيـــــــــــــــــــن!!!


المسكينة بقيت تنادي بأسمه ولا من مجيب، بينما "رؤيا" تهرع فورًا ممسكة بـ"شهد".. تسعى للحلّ بينها وبين الأخيرة ولكن عبثًا ...


-شهد. بت يا شهد.. سيبيها. يخربيتك سبيها البت هاتموت في إيدك!!


تمكنت "شهد" من الإيقاع بـ"ريهام" بسهولةٍ، وبركت فوقها تكيل لها الصفعات وتشدّ شعرها بغلٍ حتى أقتلعت بعض الخيصلات، وسط موجات من الصراخ والبكاء الشديد اللا منقطع من فم "ريهام" ...


-مش سايباها. لازم أعرفها مقامها الهبلة دي

ولازم تسمع وتفهم إن إللي بعمله فيها ده ولا حاجة لو حاولت تقرب من زين. سامعة يا بت؟

هامـ/ وتك لو قربتي من زين.. انتي لسا ماتعرفيش مين هي شهد سليمان!!


في هذه اللحظة، تبرز "ميمي" راكضة عبر الشرفة الرئيسية مُلبية استغاثة صديقتها البشرية، كأنما رصدت عن بُعدٍ صوت صراخها المدوي ..


أقبلت جريًا نحو العراك وهي تطلق نباحًا قويًا متواصلًا، في غمرة غضب "شهد" لم تنتبه لتحذيرات الكلبة وزمجرتها ودورانها حولهم قبل أن تقرر الهجوم والدفاع عن صديقتها، ثم فجأة ..


انقضّت "ميمي" على ظهر "شهد" من الخلف، تغرس أسنانها بقوة في عضلة كتفها المكشوفة، فتصرخ "شهد" في الحال بلهعٍ:


-آااااااااااااااااااااااااااه.. الكلبة

الكلبة عضّتني.. الكلبة مسعـووورة

إلحقيني يا طنط رؤيـاااااا !!!


لكن "ميمي" لم تُفلتها بسهولة ..


كانت تشدّ وتنتزع، تعض بقوة دفاعًا عن صاحبتها التي فقدت الوعي الآن، جسدها المكسو بالفراء الذهبي اللامع يهتز من شدة الغضب ..


في جهةٍ أخرى اندفعت "رؤيا" من فورها، تحاول سحب الكلبة من فوق "شهد".. لكن الكلبة كانت في حالة دفاعٍ هستيري ..


حتى جاءت الخادمة التي بالكاد صادقت الحيوانة الأليفة واستطاعت جرّها بعيدًا ...


-أبعدووووها.. أبعدوووووها عنـــي! .. صرخت "شهد" وهي تتلوى بألمٍ ممسكة بكتفها المجروح


دموع مفاجئة انهمرت من عينيها، رعب خالص تمكن منها وهي تستنجد بـ"رؤيا":


-إلحقيني يا طنط رؤيا.. هموت

الكلبة دي مسعورة!!


لا تزال "ميمي" في وضعية الهجوم، تنبح نباحًا مفزع يناقض شكلها الوديع، تقف بين صديقتها وبين الآخرين الذين يشكّلوا عليها خطرًا، تحرسها، تتحدّى أيّ أحد يفكر بإلحاق الأذى بها مجددًا ...


________________________________________________


-وانت عرفت منين إن رياض نصر الدين وحفيده جايين يا عمر؟


كان الشك يملأ صوت "نديم" ..


بينما انفعل "عمر" هاتفًا وهو يحثّه:


-قلت لك مش وقت أسئلة.. يلا أدخل هات ليلى. لازم نمشي من هنا حالًا!!


نديم ببرودٍ: مش هانمشي.


عمر بدهشة: نعم؟


كرر "نديم" بنفس الأسلوب:


-زي ما سمعت.. مش هاتحرك بـ ليلى من هنا

جدها جاي؟ أهلًا وسهلًا. ليلى مراتي. وهي بنفسها إللي هاتختار تفضل معايا.


-لأ مش جدها إللي جاي لك.. أبوها!


سكنت الأجواء لحظة بروز الصوت الرجولي العميق ..


وظهر "دياب نصر الدين".. من ورائه "زين نصر الدين" مرتديًا الزّي الرسمي لجهة عمله ..


لم يتراجع "نديم" عن مدخل الباب، بينما إلتفت "عمر" مأخوذًا، غريزيًا اقترب خطوة صوب ابن خالته، يتخذ وضعية دفاعية مظهرًا موقفه بوضوحٍ من الوهلة الأولى ..


يلج "دياب" عبر المساحة الواسعة مارًا بجوار "نديم".. يقف قبالته كتمثالٍ نحت من جلمودٍ قاسٍ ..


يلاحظ "نديم" انضمام بضع رجالٍ من أفراد الشرطة ينتظرون بالخارج، لكنه لا يهتز طرفة عينٍ، يواجه "دياب" بثقة غير محدودة قائلًا:


-معلش بس أعرف مين إللي بيكلمني. حضرة الظابط أنا عارفه

والحج رياض معرفة من زمان.. انت بقى.. مين؟


جاوبه "دياب" محتفظًا في عمق نظرته إليه بحقدٍ شديد:


-أنا دياب نصر الدين.. أبو ليلى.


على الفور فهم "نديم" اللعبة التي يحيكونها، فقال باستخافٍ مستفز:


-فعلًا!

إللي أعرفه ان ليلى مالهاش أب.. قصدي متأيدة على أسم عمي مهران

فجأة كده طلع من عيلتكوا أب ليها؟ سبحانه!


كز "دياب" على أسنانه وهو يستمع إليه، ثم رد بجفافٍ:


-طلع لها أب. وعم. وخال.. وجوز لو عايز

أصلها محجوزة من وهي في بطن أمها لابن خالها.. زين.


وأشار نحو "زين" الذي وقف خلفه ملتزمًا بأقصى درجات ضبط النفس كما أوصاه قبيل وصولهم ..


سدد "نديم" نظرة حادة واحدة نحو "زين".. ونظر ثانيةً إلى "دياب" قائلًا بصلابة:


-آه الكلام ده ممكن تصدقه في أحلامك انت وأهلك وإللي يتشددلك

لكن الواقع. وانت واقف قصادي كده.. أضحك لما أسمعه.. ليلى مراتي. حتى لو طلع لها 100 أب. محدش يقدر ياخدها مني.


دياب بنصف ابتسامة:


-تراهن؟


وقبل أن تسنح الفرصة لـ"نديم" حتى يرد ..


علا صوت "زين" آمرًا:


-عساكر نفذ أمر ضبط وإحضار.. هاتوا لي ليلى دياب نصر الدين فورًا!


تصدّى "نديم" لفرديّ الشرطة مزمجرًا بخطورة:


-خطوة كمان وهاتبقى جريمة دفاع عن النفس!!


رد عليه "زين" متحرقًا للنيل منه:


-عز الطلب.. أنا مستني لك عليها!!


تأهب جسد "نديم" للهجوم بأيّ لحظة، ليمسك "عمر" بذراعه محاولًا كبحه وحمايته في آنٍ، بدا الوضع على شفى هوّة بركانٍ سينفجر لا محالة ..


وفجأة ...


-مش من حقك تنفذ الأمر قسريًا يا حضرة الظابط!


انضم صوتًا آخر إلى المشهد ..


بحضور المستشار القانوني الموكل لعائلة "الراعي".. أحضره "مهران" بنفسه وقد رافقهم فرديّ شرطة مماثلين ..


بدا "زين" كأنما قد بوغت، بينما لا يزال "دياب" هادئًا إلى أقصى حد، وكأنه واثقًا من ظفره بمبتغاه اليوم، ليس غدًا حتى ..


يقترب المحامي من "زين" مكملًا بلهجةٍ رسمية:


-أنا معايا ما يثبت إن مدام ليلى الراعي.. أو ليلى نصر الدين أيًّا كانت

السيدة إللي حضرتك جاي تاخدها دي متزوجة بعقد قانوني 100% من السيد نديم رشيد الراعي

وهو الوحيد إللي في إيده السلطة الكاملة والمطلقة عليها. يعني سيادتك ماتقدرش تاخدها لا بأمر محكمة ولا غيره. لأنها في عصمة زوجها.


وأشهر أمام الجميع نسخة مصوّرة من عقد الزواج العرفي الموّثق ..


استحال توتر "زين" إلى غضبٍ خطر خاصةً حين نظر إلى "نديم" ورآه يبتسم له كأنما انتصر مجددًا، أدار وجهه نحو المحامي صائحًا بشراسةٍ:


-الإثبات إللي معاك ده تبلّه وتشرب مايّته يا متر.. ده مزوّر!!


المحامي بثباتٍ: لو حضرتك شاكك في صحة العقد نقدر نثبته أمام المحكمة. ببساطة أطعن وانتظر الحكم.


زين باستهجانٍ: أطعن؟ أنا جاي أنفذ.. غصبٍ عنك وعن موكليك

أنا الرائد زين نصر الدين. عايز أشوف مين إللي يقدر يمنعني؟؟؟


-العقد فعلًا مزوّر!


إلتفت الجميع تجاه الصوت الأنثوي ..


واضطرب قلب "نديم" لوهلةٍ عندما رآها وسمعها، لا يتصوّر ما هي موشكة على اقترافه!!!


تتقدم "ليلى" نحو الجمع وعيناها على كلًا من "نديم" و"مهران".. دموعها تسيل بلا سابق إنذارٍ وهي تقول بتصميمٍ داعسة على قلبها:


-أنا ليلى نصر الدين.. ومقيمة هنا بالإجبار

وعقد الجواز ده ماعرفش عنه حاجة.. أنا مش متجوزة!!


نظر لها "نديم" مصدومًا، محذرًا، يناشدها التراجع عن أقوالها وإلا فستكون العواقب وخيمة ..


لكنها لا تأبه، لا تتراجع، تشيح بناظريها عنه محدقة في "زين" وهي تقول بصوتٍ أبح:


-أنا عايزة أخرج من هنا!


صاح "نديم" مندفعًا نحوها:


-يعني إيه تخرجي من هنا؟؟؟


يعترض "دياب" طريقه إليها، بينما يمسكا به كلًا من "مهران" و"عمر" ..


يحاول الفكاك منهما هاتفًا بغلظةٍ:


-مش هاتخرجي من هنا يا ليلى.. على جثتي. انتي سامعة؟؟؟


انهمرت دموعها مدرارًا وهي تُساق بعيدًا عنه، لا ترى من يمسك بها، فقط نظراتها معلّقة به وتسمعه يهدر بعنفٍ:


-ليلــى.. مـش هاتمشـي.. مـاتقدريـش تسيبيني

انتـي مراااااتـي!!!


نطقت بصعوبةٍ بما تبقّى لديها من شجاعة:


-انت خسرتني يا نديم.. وباختيارك. بكلامك

وده اختياري.. نارهم.. ولا جنتك!


لا زال "دياب" قابضًا على ذراعها بلطفٍ حازمٍ، سحبها في هدوءٍ إلى الخارج دون أن يهتم لحظة للثورة المندلعة خلفه، العقار كله يضجّ بصوت "نديم" الأشبه بقصف الرعد، الجيران كلٌ يقف على عتبة شقته، حتى المنازل المجاورة.. الكل يراقب ما يجري بفضولٍ ..


بينما لا يعبأ "دياب" إلا لها، يفتح لها الباب الخلفي لسيارته، فتصعد "ليلى" بآلية، ثوانٍ وتجده يجلس بجوارها من الجهة الأخرى هاتفًا بصوتٍ آمر:


-أطلع على القصر يا فضل.


ينظر إليها، ليراها تحدق أمامها ذاهلة، ترتعش من رأسها لأخمص قدميها ..


تمتد يده تلقائيًا ويمسك بيدها، تنتفض وهي تدير رأسها ناظرةً إليه، بينما يقول بلطفٍ جمّ:


-ماتخافيش.. من اللحظة دي

محدش يقدر يهوب ناحيتك أو يئذيكي.. طول ما دياب نصر الدين عايش وبيتنفس.. طول ما أبوكي جنبك يا ليلى!.............................................................................................................................................................. !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!


يتبع ...


_ غفران _ :


لآخر لحظة أستطاع كتم صوت ضميره، لم يسميها خيانة لابن خالته بقدر ما أعتبرها انتقامٌ منه، لأنه حين وقع بين اختيارين فضّل أخرى غريبة على تلك التي تحمل دماؤه ونسبه ..


فضّل "ليلى" على "ريهام".. وهذا شيء لن يسامحه عليه أبدًا ..


ولكن في الوقت الراهن، نفسه تجلده بلا هوادةٍ، وتدفعه دفعًا للإسراع في درء الكارثة قبل وقوعها، رغم مقاومته تلك المشاعر ..


إلا إنه لم يصمد طويلًا!


أستيقظ باكرًا، أو بالأحرى قام من فراشه بعد ليلة مؤرّقة، ارتدى ملابسه على عجالةٍ وانطلق إلى منزل آل"الراعي" ..


لم يجد "مهران" هناك، فاضطرب قلبه وأجرى الاتصال به ...


-أنكل مهران! حضرتك فين؟


-أنا رايح أقابل الرائد زين نصر الدين في المكان إللي إتفقنا عليه يا عمر

خلاص قربت أوصل. خمس دقايق وأكون عنده.


استبد بـ"عمر" التوتر بشدة وهو يهتف به بنزقٍ:


-لأ يا أنكل من فضلك. ماتروحش لزين. لو تقدر تعطله

أنا حالًا رايح لنديم. لازم يمشي هو وليلى قبل ما يوصلوا لهم!!


بدت الدهشة في صوت "مهران" وهو يرد عليه:


-يسلام! وإيه إللي غيّر موقفك فجأة كده؟

مش انت بنفسك إللي جيت لي وإتفقت معايا نسلّمهم ليلى عشان أختك؟


-أيوة. أيوة عملت كده.. بس اتصرفت غلط

أنا مش هقدر أعمل كده في نديم. لازم أصلح إللي عملته.


-انت جاي تقولّي الكلام ده دلوقتي يا عمر؟ المطلوب أعمل إيه مش فاهم!!


-ماتعملش حاجة يا أنكل. أنا إللي هاعمل. سلام.


وأغلق معه مسرعًا إلى سيارته، قاد رأسًا تجاه حيّ الزمالك، حيث يستقر "نديم" هناك وزوجته بعيدًا عن الأعين ..


____________________________________________________________


تركها في عهدة إحدى وصيفات أمه الموثوقات، أوصاها بالإلتزام بأوامره، فقد سمح لها باللهو قليلًا بحديقة القصر رفقة كلبتها، ثم العودة مباشرةً إلى جناحهما دون الإحتكاك بأيّ من أفراد المنزل ..


إنصاعت "ريهام" لكلمته وأظهرت الطاعة، وبالفعل ما إن ذهب حتى طفقت تستكشف المساحة الخضراء ركضًا ومرحًا هي وكلبتها الصغيرة، إلى أن أحسّت بالتعب، فقررت العودة للجناح كما أملى عليها ..


ولكن كانت هناك أعين تراقبها منذ فترة طويلة، منذ كان "زين" هنا معها، ولم تدع الفرصة تمر دون استغلالٍ ..


هبطت إلى الأسفل مطمئنة لخلو المنزل من معظم ساكنيه، وبالأخص هو.. "زين" ..


قابلتها بمنتصف الباحة الواصلة بين الحديقة والشرفة الداخلية، بدت "ريهام" وكأنها مبرمجة على كلمات "زين" بالحرف، فلم تنتبه لها، أو أنها تعمّدت ألا تنتبه لها وسلكت طريقها غير آبهة ..


لتعترض "شهد" طريقها، مرة، مرتان!!


فتضطر "ريهام" للوقوف والتطلّع إليها ...


-ممكن أعدّي لو سمحتي! .. قالتها "ريهام" ببراءة وتهذيبٍ كما تعوّدت


شملتها "شهد" بنظراتٍ غلٍ متأججة، عقدت ذراعيها أمامها وهي تقول بلهجةٍ تهكمية:


-انتي بقى البت العبيطة إللي لبسها زين؟!


عبست "ريهام" مرددة من فورها بتلقائيتها المعهودة:


-أنا مش بت. ومش عبيطة. أنا أسمي ريري

وزين ماينفعش يلبسني عشان أنا مش حاجة بتتلبس زي الـ تي شيرت بتاعه

انتي إللي عبيطة كده!!


تضرّج وجه "شهد" بحمرة الغضب، فحاولت الوصيفة التدخل قبل إزدياد الوضع سوءًا:


-أنسة شهد. من فضلك زين باشا أمرني أوصل مدام ريهام أوضتها بهدوء منغير مشاكـ ..


-أخرسـي انتـي!! .. صرخت "شهد" فيها مقاطعة


أجفلت "ريهام" وهي تقول باندفاعٍ معبّرة عن إنزعاجها:


-إيه ده انتي بتزعقي في وشها كده ليه؟ انتي محدش علّمك إنه عيب نعلّي صوتنا على حد كبير؟

وتهاني كبيرة وانتي كده بنت مش محترمة. لما يجي زين أنا هقولّه!


شهد بسخرية: قوليله يا حبيبتي. انتي فكراني ممكن أخاف من زين؟

زين ده يخوفك انتي يا هبلة. يابت يا عبيطة أحسن تكوني متخيّلة إنه جايبك هنا عشان بيحبك مثلًا

زين ماتملاش عينه واحدة زيك. وإستحالة يبص لك حتى. إللي ماتعرفيهوش يا قطة إنه يبقى خطيبي

فاهمة يعني إيه خطيبي؟ يعني أنا وهو هانتجوز. وفرحنا قرب أوي. ولحظة ما هابقى مراته هاتنسي إنك في حياته أصلًا

لأن زين ده بتاعي أنا.. سامعة؟ زيـن.. بتاعـي أنـا!!!


لم تعي "ريهام" كل حديثها، لكنها توترت بشدة من بعض ما فهمته، وأحست بقبضة تعتصر صدرها ببطءٍ، فقالت من بين أنفاسها:


-زين بيحب ريري. انتي كدابة.. زين مش بيكدب

ولما يرجع أنا هقولّه إنك شتمتيني وقولتي عليا عبيطة وهبلة!


ابتسمت "شهد" قائلة باستخافٍ:


-يا حرام.. تصدقي صعبتي عليا يابت!

معذورة. عقلك الفسفس ده مش هايستوعب إنك كنتي في القصة دي كلها مجرد كوبري

بمجرد ما ليلى ترجع مش هايبقى لك لازمة. وهاتعيشي هنا زيك زي الكرسي ده

ده يمكن الكرسي يبقى له لازمة عنك.. زين لا يمكن يحبك.. دي معلومة عايزاكي تحطيها حلقة في ودنك هه؟ إيّاكي تنسيها.


تجمّدت "ريهام" في مكانها، كأن الكلمات التي سمعتها للتو لم تكن مجرد لغو حديث، بل خناجر انغرست في صدرها ..


ظلّت عيناها تتسعان شيئًا فشيئًا، تتقلّب فيهما الحيرة والخوف، كطفلةٍ ضلّت طريقها في عتمة الغابة ..


لم تفهم تمامًا ما الذي يعنيه كلامها، لكنها شعرت بشيءٍ غامض في داخلها، أنها آذتها ..


رفعت يدها إلى صدرها، كأنها تتحسس نبضًا أختنق هناك، لم تبكِ فورًا، لكن حين تذكرت وجهه، وجه "زين".. زوجها .


انكسرت ملامحها دفعةً واحدة!


تهدّلت شفتاها، واهتز صوتها بارتجافةٍ طفولية وهي تقول:


-زين.. زين بيحب ريري.. هو قال كده!!


ثم انحدرت دمعةٌ واحدة على خدّها، لا تشبه دموع الضعف، بل دمعة من أصيب في أكثر المواضع براءةً في قلبه ..


أطلقت "شهد" ضحكة مجلجلة، وكادت تكيل لها المزيد من الكلمات السامّة، لولا أن صدح ذلك الصوت الذي أخرسها في الحال:


-شـهـــــد!


________________________________________________________________


انقضى صباحها أخيرًا بإفراجه عنها ..


غادرت السرير متجهة إلى الحمام وكأنها تلوذ بنفسها بعيدًا عنه، ليس لأنها تبغض قربه، بل لأن هذا القرب لو أستمر فإنها تخشى على كرامتها أمامه ..


فهي لا تضمن نفسها البتّة عندما تكون معه، قريبة منه، بإمكانه وبسهولة دفعها لمسامحته، لنسيان ما حلّ  بها بسببه ..


بكت "ليلى" كثيرًا أسفل رذاذ الماء الساخن ..


بكت حبها له، خسارتها، حياتها التي اتضح بأنها لطالما كانت كذبة ..


ماذا يجب عليها أن تفعل؟ كيف تنقذ نفسها؟ كيف تهرب منه وعشقه يجري مجرى الدم بشرايينها؟


إنه المستحيل بعينه!!!


-ليلى!


أتاها صوته من وراء الباب، فعلمت بأنها استغرقت وقتًا طويلًا هنا وحتمًا أنه قلق، فأغلقت المياه ليتأكد بأنها سمعته وسوف تخرج قريبًا ..


ارتدت روب الاستحمام وعادت إلى الغرفة، لحسن حظها لم تجده، فارتدت ملابسها بسرعة ..


وقفت أمام المرآة تجفف شعرها، تتأمل الثوب الفيروزي الطويل الذي ارتدته، والذي يذكرها بلون عينيه كثيرًا ..


لا تمر دقيقة من عمرها إلا وتراه في خاطرها، إنه لعنتها الأبديّة، موجودٌ في كل الأشياء ..


وتفكر في تركه؟


كيف ستفعل ذلك؟


إنها تتوّهم، يائسة إلى ذلك الحد!!!


تنتهي "ليلى" من تهيئة نفسها مجددًا لفكرة الفرار بأيّ لحظة، وإن كانت تدرك إستحالة سماحه لها بهذا، لكنها تأمل ..


تخرج من الغرفة، لتسمعه ينادي عليها من مكانه بالمطبخ:


-تعالي يا ليلى.


ذهبت إليه مذعنة ..


رأته يقف هناك خلف البِنش، يعد لها شيئًا من الطعام، دعاها للجلوس، فلم تستجيب ..


تنهد "نديم" بثقلٍ وحمل طبق المعكرونة الشهيّ واستدار حتى وصل إليها، جلس هو بأحد المقاعد، ثم مد يده ممسكًا برسغها، شدّها إليه بلطفٍ إلى أن جلست فوق قدمه ..


استطاع أن يشبك عينيها بعيناه، واستمر التواصل البصري بينمهما للحظاتٍ طويلة، حتى قال بهدوءٍ وبتلك اللهجة الخافتة المميزة التي تذيب كل محاولة منها للتمرد عليه:


-ممكن عشان خاطري.. تاكلي؟

أنا بسببك مأكلتش حاجة من إمبارح. ولو فضلتي كده رافضة تاكلي أو تشربي أنا عمري ما هاكل ولا هشرب كمان

عشان خاطري يا ليلى.. أرجوكي.. كُلي من إيدي!


أنّى لها الرفض؟


بعد أن طلب منها بهذه الطريقة؟!


طواعيةً وجدت نفسها تباعد بين شفتيها، حين مد الملعقة صوب فمها، وصار يطعمها كما لو أنها طفلة صغيرة، حتى أنهت الطبق كله ..


ابتسم برضا وهو مسح على رأسها قائلًا:


-ألف هنا.. يارب يكون أكلي بيعجبك

عمومًا احنا مش هانطول هنا. أوعدك.. بس بمجرد ما نتصافى

هانرجع بيتنا.. وكل حاجة هاتكون أحسن.. هانرجع أحسن من الأول يا حبيبتي.


عاودت الدموع الظهور بعينيها من جديد، وانهمرت مدامعها وهي تنظر إليه بحزنٍ جمّ، ليتقلّص وجهه بألمٍ ..


يجد نفسه ضعيفًا مرةً أخرى، لا يستطيع شيئًا أمام حزنها، ولا يدري كيف يقيها هذه المشاعر ..


يضع الطبق من يده جانبًا، ويجذب رأسها إلى حضنه، يضمّها إليها بشدة هامسًا:


-عارفة إنك بتقتليني؟ دموعك دي أنا مش قادر أتحمّلها. خصوصًا وأنا عارف إني سببها

كفاية يا ليلى.. شوفي إيه إللي يرضيكي وأنا أعمله.. أنا مستعد أقف للعالم كله وأحارب الدنيا عشانك.


انفلت صوتها من بين سلسلة من الشهقات المنتحبة:


-انت أكتر إنسان حبيته.. وأكتر حد آذاني.. هو انت يا نديم... انت خدعتني وكدبت عليا!!


-أنا عملت كل حاجة عشان أحافظ عليكي. أنا كنت في سباق مع الزمن. عايزك تكوني ليا.. ليا وبس يا ليلى!


ورفع وجهها بيديه، يقبّل عينيها الدامعتين وهو يقول بلهجة معذّبة:


-أنا آسف.. عارف إني خذلتك.. الطريقة إللي خليتك بيها ملكي كانت غلط

بعد ما عشتي عمرك طله جنبي. في حمايتي.. فعلًا آذيتك.. بس أقسم لك مافكرتش كده

كل إللي فكرت فيه انتي.. وأي سكة توصلّني ليكي مشيتها منغير ما أحاسب نفسي

أنا بحبك يا ليلى.. وده عذري الوحيد. أنا بحبك!!!


وبترت كلماته تلك القبلة التي جاءت دون وعي منه، قبلة مفاجءة، مرتجفة، أقرب إلى الاندفاع منها إلى الاعتذار ..


لامست شفتاه شفتيها برفقٍ أولًا، ثم اشتدت القبلة مع انهمار دموعها، وامتزج فيها الندم بالعاطفة، والخذلان بالغفران ..


لدقائق لم يشعر بها كليهما، حتى همس من بين قبلاته التي خدّرتها كليًا ومقاومتها أيضًا:


-سامحيني.. ماقصدتش آذيكي... سامحيني على اي حاجة عملتها لأني ماعملتش حاجة غير إني حبيتك!!


قاطعهما دوي جرس الباب بغتةً ..


راوده قلقًا خفيًّا، فقام ممسكًا بها، وقال باقتضابٍ وهو ينظر تجاه الباب:


-ادخلي جوا يا ليلى.. وماتطلعيش إلا بأذني.. فاهمة؟


أومأت له بآلية وسارت عائدة للغرفة ..


بينما يخطو "نديم" صوب باب الشقة، يستعرض عبر شاشةٍ صغيرة موصولة بكاميرا خارجية هوية الزائر، ليتفاجأ برؤية "عمر".. ابن خالته ..


لكنه لا يتردد وهو يمد يده ليفتح له ...


-عمر!


-نديم!! .. ردد "عمر" من بين أنفاسه المتسارعة


يعبس "نديم" معقّبًا بصوته الأجش:


-خير! إيه إللي جابك يا عمر؟ وعرفت منين إني هنا؟


-مش وقت أسئلة يا نديم.. من فضلك

أدخل هات ليلى ويلا بينا بسرعة.


-في إيه يا عمر؟؟


ينفعل "عمر" بغتةً:


-قلت لك مش وقت أسئلة.. لازم نمشي فورًا. رياض نصر الدين عرف مكانك وجاي هو وعيلته ياخدوا ليلى بأمر من المحكمة!.............................................................................................................................................................. !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!


يتبع 


_ ردّت إليك _ :


ألجم ظهور السيدة "رؤيا" تهجّم "شهد" على زوجة خطيبها ..


سارت "رؤيا" تجاههما متجهمة، وخاطبت "شهد" مباشرةً بلهجةٍ صارمة:


-إيه التصرفات دي يا شهد؟ وإيه الكلام إللي أنا سمعته ده؟

انتي لحقتي تنسي كلامنا؟


انفعلت "شهد" ثانيةً وهي ترد عليها:


-مش قـادرة. مش قادرة يا طنط رؤيا.. حطي نفسك مكاني

إزاي كلكوا طالبين  مني أكون عادي وباردة وأنا شايفة زين مع العبيطة دي ورايح جاي بيها قصاد عيني؟؟؟


-أنا مش عبيطـة!! .. صاحت فيها "ريهام" غاضبة


فأدارت "شهد" رأسها نحوها صارخة بعصبيةٍ:


-لأ عبيطة ومتخلفة كمان. فوقي يا ماما. يا أم عقل فسفس انتي

فاكرة نفسك واحدة.. ده أنا إللي هافوقك بقى ...


ومدت يدها نحوها قابضة على شعرها تجتذبها منه بعنفٍ، بينما تنفجر "ريهام" بصراخٍ مذعور، تتألم وهي تحاول تخليص نفسها باكية ...


-زيـــــــــــن.. زيـــــــــــــن.. يا زيـــــــــــــــــــن!!!


المسكينة بقيت تنادي بأسمه ولا من مجيب، بينما "رؤيا" تهرع فورًا ممسكة بـ"شهد".. تسعى للحلّ بينها وبين الأخيرة ولكن عبثًا ...


-شهد. بت يا شهد.. سيبيها. يخربيتك سبيها البت هاتموت في إيدك!!


تمكنت "شهد" من الإيقاع بـ"ريهام" بسهولةٍ، وبركت فوقها تكيل لها الصفعات وتشدّ شعرها بغلٍ حتى أقتلعت بعض الخيصلات، وسط موجات من الصراخ والبكاء الشديد اللا منقطع من فم "ريهام" ...


-مش سايباها. لازم أعرفها مقامها الهبلة دي

ولازم تسمع وتفهم إن إللي بعمله فيها ده ولا حاجة لو حاولت تقرب من زين. سامعة يا بت؟

هامـ/ وتك لو قربتي من زين.. انتي لسا ماتعرفيش مين هي شهد سليمان!!


في هذه اللحظة، تبرز "ميمي" راكضة عبر الشرفة الرئيسية مُلبية استغاثة صديقتها البشرية، كأنما رصدت عن بُعدٍ صوت صراخها المدوي ..


أقبلت جريًا نحو العراك وهي تطلق نباحًا قويًا متواصلًا، في غمرة غضب "شهد" لم تنتبه لتحذيرات الكلبة وزمجرتها ودورانها حولهم قبل أن تقرر الهجوم والدفاع عن صديقتها، ثم فجأة ..


انقضّت "ميمي" على ظهر "شهد" من الخلف، تغرس أسنانها بقوة في عضلة كتفها المكشوفة، فتصرخ "شهد" في الحال بلهعٍ:


-آااااااااااااااااااااااااااه.. الكلبة

الكلبة عضّتني.. الكلبة مسعـووورة

إلحقيني يا طنط رؤيـاااااا !!!


لكن "ميمي" لم تُفلتها بسهولة ..


كانت تشدّ وتنتزع، تعض بقوة دفاعًا عن صاحبتها التي فقدت الوعي الآن، جسدها المكسو بالفراء الذهبي اللامع يهتز من شدة الغضب ..


في جهةٍ أخرى اندفعت "رؤيا" من فورها، تحاول سحب الكلبة من فوق "شهد".. لكن الكلبة كانت في حالة دفاعٍ هستيري ..


حتى جاءت الخادمة التي بالكاد صادقت الحيوانة الأليفة واستطاعت جرّها بعيدًا ...


-أبعدووووها.. أبعدوووووها عنـــي! .. صرخت "شهد" وهي تتلوى بألمٍ ممسكة بكتفها المجروح


دموع مفاجئة انهمرت من عينيها، رعب خالص تمكن منها وهي تستنجد بـ"رؤيا":


-إلحقيني يا طنط رؤيا.. هموت

الكلبة دي مسعورة!!


لا تزال "ميمي" في وضعية الهجوم، تنبح نباحًا مفزع يناقض شكلها الوديع، تقف بين صديقتها وبين الآخرين الذين يشكّلوا عليها خطرًا، تحرسها، تتحدّى أيّ أحد يفكر بإلحاق الأذى بها مجددًا ...


________________________________________________


-وانت عرفت منين إن رياض نصر الدين وحفيده جايين يا عمر؟


كان الشك يملأ صوت "نديم" ..


بينما انفعل "عمر" هاتفًا وهو يحثّه:


-قلت لك مش وقت أسئلة.. يلا أدخل هات ليلى. لازم نمشي من هنا حالًا!!


نديم ببرودٍ: مش هانمشي.


عمر بدهشة: نعم؟


كرر "نديم" بنفس الأسلوب:


-زي ما سمعت.. مش هاتحرك بـ ليلى من هنا

جدها جاي؟ أهلًا وسهلًا. ليلى مراتي. وهي بنفسها إللي هاتختار تفضل معايا.


-لأ مش جدها إللي جاي لك.. أبوها!


سكنت الأجواء لحظة بروز الصوت الرجولي العميق ..


وظهر "دياب نصر الدين".. من ورائه "زين نصر الدين" مرتديًا الزّي الرسمي لجهة عمله ..


لم يتراجع "نديم" عن مدخل الباب، بينما إلتفت "عمر" مأخوذًا، غريزيًا اقترب خطوة صوب ابن خالته، يتخذ وضعية دفاعية مظهرًا موقفه بوضوحٍ من الوهلة الأولى ..


يلج "دياب" عبر المساحة الواسعة مارًا بجوار "نديم".. يقف قبالته كتمثالٍ نحت من جلمودٍ قاسٍ ..


يلاحظ "نديم" انضمام بضع رجالٍ من أفراد الشرطة ينتظرون بالخارج، لكنه لا يهتز طرفة عينٍ، يواجه "دياب" بثقة غير محدودة قائلًا:


-معلش بس أعرف مين إللي بيكلمني. حضرة الظابط أنا عارفه

والحج رياض معرفة من زمان.. انت بقى.. مين؟


جاوبه "دياب" محتفظًا في عمق نظرته إليه بحقدٍ شديد:


-أنا دياب نصر الدين.. أبو ليلى.


على الفور فهم "نديم" اللعبة التي يحيكونها، فقال باستخافٍ مستفز:


-فعلًا!

إللي أعرفه ان ليلى مالهاش أب.. قصدي متأيدة على أسم عمي مهران

فجأة كده طلع من عيلتكوا أب ليها؟ سبحانه!


كز "دياب" على أسنانه وهو يستمع إليه، ثم رد بجفافٍ:


-طلع لها أب. وعم. وخال.. وجوز لو عايز

أصلها محجوزة من وهي في بطن أمها لابن خالها.. زين.


وأشار نحو "زين" الذي وقف خلفه ملتزمًا بأقصى درجات ضبط النفس كما أوصاه قبيل وصولهم ..


سدد "نديم" نظرة حادة واحدة نحو "زين".. ونظر ثانيةً إلى "دياب" قائلًا بصلابة:


-آه الكلام ده ممكن تصدقه في أحلامك انت وأهلك وإللي يتشددلك

لكن الواقع. وانت واقف قصادي كده.. أضحك لما أسمعه.. ليلى مراتي. حتى لو طلع لها 100 أب. محدش يقدر ياخدها مني.


دياب بنصف ابتسامة:


-تراهن؟


وقبل أن تسنح الفرصة لـ"نديم" حتى يرد ..


علا صوت "زين" آمرًا:


-عساكر نفذ أمر ضبط وإحضار.. هاتوا لي ليلى دياب نصر الدين فورًا!


تصدّى "نديم" لفرديّ الشرطة مزمجرًا بخطورة:


-خطوة كمان وهاتبقى جريمة دفاع عن النفس!!


رد عليه "زين" متحرقًا للنيل منه:


-عز الطلب.. أنا مستني لك عليها!!


تأهب جسد "نديم" للهجوم بأيّ لحظة، ليمسك "عمر" بذراعه محاولًا كبحه وحمايته في آنٍ، بدا الوضع على شفى هوّة بركانٍ سينفجر لا محالة ..


وفجأة ...


-مش من حقك تنفذ الأمر قسريًا يا حضرة الظابط!


انضم صوتًا آخر إلى المشهد ..


بحضور المستشار القانوني الموكل لعائلة "الراعي".. أحضره "مهران" بنفسه وقد رافقهم فرديّ شرطة مماثلين ..


بدا "زين" كأنما قد بوغت، بينما لا يزال "دياب" هادئًا إلى أقصى حد، وكأنه واثقًا من ظفره بمبتغاه اليوم، ليس غدًا حتى ..


يقترب المحامي من "زين" مكملًا بلهجةٍ رسمية:


-أنا معايا ما يثبت إن مدام ليلى الراعي.. أو ليلى نصر الدين أيًّا كانت

السيدة إللي حضرتك جاي تاخدها دي متزوجة بعقد قانوني 100% من السيد نديم رشيد الراعي

وهو الوحيد إللي في إيده السلطة الكاملة والمطلقة عليها. يعني سيادتك ماتقدرش تاخدها لا بأمر محكمة ولا غيره. لأنها في عصمة زوجها.


وأشهر أمام الجميع نسخة مصوّرة من عقد الزواج العرفي الموّثق ..


استحال توتر "زين" إلى غضبٍ خطر خاصةً حين نظر إلى "نديم" ورآه يبتسم له كأنما انتصر مجددًا، أدار وجهه نحو المحامي صائحًا بشراسةٍ:


-الإثبات إللي معاك ده تبلّه وتشرب مايّته يا متر.. ده مزوّر!!


المحامي بثباتٍ: لو حضرتك شاكك في صحة العقد نقدر نثبته أمام المحكمة. ببساطة أطعن وانتظر الحكم.


زين باستهجانٍ: أطعن؟ أنا جاي أنفذ.. غصبٍ عنك وعن موكليك

أنا الرائد زين نصر الدين. عايز أشوف مين إللي يقدر يمنعني؟؟؟


-العقد فعلًا مزوّر!




إلتفت الجميع تجاه الصوت الأنثوي ..


واضطرب قلب "نديم" لوهلةٍ عندما رآها وسمعها، لا يتصوّر ما هي موشكة على اقترافه!!!


تتقدم "ليلى" نحو الجمع وعيناها على كلًا من "نديم" و"مهران".. دموعها تسيل بلا سابق إنذارٍ وهي تقول بتصميمٍ داعسة على قلبها:


-أنا ليلى نصر الدين.. ومقيمة هنا بالإجبار

وعقد الجواز ده ماعرفش عنه حاجة.. أنا مش متجوزة!!


نظر لها "نديم" مصدومًا، محذرًا، يناشدها التراجع عن أقوالها وإلا فستكون العواقب وخيمة ..


لكنها لا تأبه، لا تتراجع، تشيح بناظريها عنه محدقة في "زين" وهي تقول بصوتٍ أبح:


-أنا عايزة أخرج من هنا!


صاح "نديم" مندفعًا نحوها:


-يعني تخرجي من هنا؟؟؟


يعترض "دياب" طريقه إليها، بينما يمسكا به كلًا من "مهران" و"عمر" ..


يحاول الفكاك منهما هاتفًا بغلظةٍ:


-مش هاتخرجي من هنا يا ليلى.. على جثتي. انتي سامعة؟؟؟


انهمرت دموعها مدرارًا وهي تُساق بعيدًا عنه، لا ترى من يمسك بها، فقط نظراتها معلّقة به وتسمعه يهدر بعنفٍ:


-ليلــى.. مـش هاتمشـي.. مـاتقدريـش تسيبيني

انتـي مراااااتـي!!!


نطقت بصعوبةٍ بما تبقّى لديها من شجاعة:


-انت خسرتني يا نديم.. وباختيارك. بكلامك

وده اختياري.. نارهم.. ولا جنتك!


لا زال "دياب" قابضًا على ذراعها بلطفٍ حازمٍ، سحبها في هدوءٍ إلى الخارج دون أن يهتم لحظة للثورة المندلعة خلفه، العقار كله يضجّ بصوت "نديم" الأشبه بقصف الرعد، الجيران كلٌ يقف على عتبة شقته، حتى المنازل المجاورة.. الكل يراقب ما يجري بفضولٍ ..


بينما لا يعبأ "دياب" إلا لها، يفتح لها الباب الخلفي لسيارته، فتصعد "ليلى" بآلية، ثوانٍ وتجده يجلس بجوارها من الجهة الأخرى هاتفًا بصوتٍ آمر:


-أطلع على القصر يا فضل.


ينظر إليها، ليراها تحدق أمامها ذاهلة، ترتعش من رأسها لأخمص قدميها ..


تمتد يده تلقائيًا ويمسك بيدها، تنتفض وهي تدير رأسها ناظرةً إليه، بينما يقول بلطفٍ جمّ:


-ماتخافيش.. من اللحظة دي

محدش يقدر يهوب ناحيتك أو يئذيكي.. طول ما دياب نصر الدين عايش وبيتنفس.. طول ما أبوكي جنبك يا ليلى!......

يتبع ...



تكملة الرواية من هناااااااا 


لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل 

متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا

الرواية كامله من هناااااااااا

مجمع الروايات الكامله اضغط هناااااااا

مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا




تعليقات

التنقل السريع
    close