القائمة الرئيسية

الصفحات

translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية عودة بدران المر الفصل السابع عشروالثامن عشر والتاسع عشر والعشرين بقلم هدى زايد

 

رواية عودة بدران المر الفصل السابع عشروالثامن عشر والتاسع عشر والعشرين بقلم هدى زايد 






رواية عودة بدران المر الفصل السابع عشروالثامن عشر والتاسع عشر والعشرين بقلم هدى زايد 



17&18


الفصل السابع عشر 

¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤

بعد مرور شهرًا كاملًا كان يقف أمام منزل عائلة المحمدي رفع بصره للبناية،  وجد " سيدرا و يونس" يتبادلوا اطراف الحديث والضحكات تتخلل حديثهم، عاد ببصره لبوابة المنزل عبرها ثم صعد سلالم الدرج بهدوءٍ وقف أمام باب شقته  انتظر حتى يفتح له أحدهم،  دقائق معدودة وخرجت له " سيدرا" ابتسمت بمجاملة ما إن  رأته أشارت للداخل خرج " يونس" على إثر صوتها وهي تهتف بإسمه رمقها بحدة مشيرًا برأسه للداخل دون أن يتفوه بكلمة واحدة،  ولجت لغرفة جدتها  على الفور بينما صافحه وهو يقول:

- اهلًا يا بدران اتفضل اتفضل واقف ليه ؟! 


رد " بدران" بنبرة مقتضبة 

- متشكر بس من فضلك تشوف عم رضوان جاهز ولالا عشان نمشي 


طب على الاقل تشرب القهوة معايا ولا أنت مش عاوز تشربها معايا؟!  


قالها " نوح"و هو يقف خلف "بدران" استدار له بجسده كله صافحه،  أشار بيده للداخل وقال بإبتسامته المعهودة 

- تعال يا بدران تعال يا راجل دا أنت بقالك زمن غايب 


جلس مقابلته ثم قال بعتذار 

-معلش يا عمي قصرت معاكم الفترة اللي فاتت و رميت عليكم عم رضوان بس كنـ...


قاطعه " نوح" وقال بعتابٍ 

- اخس عليك يا بدران دي كلمة تقولها بردو ؟! دا احنا أهل يا جدع عيب كدا !!

- دا العشم بردو يا عمي تسلم 


سأله بفضول وقال:

- عرفت حاجة تولين ؟! 


حرك " بدران" رأسه علامة النفي ثم قال بنبرة مختنقة 

- لا

- طب ماهو كدا معناه إنها مش مخطو فة لأنها لو مخطو فة كان زمان اللي خطـ فها كان طلب منك أي طلب 


رد " بدران" بكذب وقال:

- هي مخطو فة و مش مخطوفة 

- فزورة دي ؟! 

- لا مش فزورة بس هي مع عمتها وعمها وهما عاوزين تولين تتنازل عن حصة والدها في الشركة 


ختم حديثه بمرارة وقال:

- مشاكل عائلية يعني بس أنازهعرف احلها إن شاء الله 

- أنت كدا لازم تكلم البوليس 

- لو عملت كدا تولين هتتأذي و أنا مش عاوزها تتأذي 


تابع بنبرة تملؤها الغيظ 

- أنا عاوز بس اوصلها و بعدها أنا هعرف ازاي اعلمهم الأدب 

- طب و أنت متعرفش بنته فين بالظبط في أي بلد يعني  يا بدران يا ابني دا عمك رضوان لا بينام لا ليل ولا نهار وبقى زي العيال الصغيرة بيعيط ومش راضي يسكت 

- للاسف يا عمي بنته زي ما تكون فص ملح دابت  و هما ماسبوش وراهم أي حاجة توصلني بيهم 


تابع حديثه بعتذار وقال: 

- معلش يا نوح باشا ممكن اخد عم رضوان وامشي 

-ما تسيبه يا ابني هو منورنا 

- لا معلش كفاية كدا بقاله شهر اهو من وقت اللي حصل  كفاية كدا 

- صدقني والله عمك مش تاعبنا في حاجة بالعكس دا مونسنا ومالي علينا البيت 


ابتسم له وقال:

- تسلم يا غالي 


تابع بتذكر وقال:

- صحيح قول لصفوان إني جاهز في أي وقت و إن مشروعنا ماشي زي ما هو 


سلام عليكم ياولاد 


ولجت الجدة وهي تستند بعكازها العاج، وقف "بدران"  متناولًا كفها المعجد بين يده و قال: 

- و عليكم السلام ورحمة الله وبركاته ازيك يا ست الكل 

- تسلم يا حبيبي أنت عامل إيه ؟! 

- الحمد لله بخير طول ما أنتِ بخير 


نظر لها " نوح"و قال باسمًا :

- بدران مصمم ياخد عم رضوان يا تيتا و بيقول قال إيه تقل علينا ؟! 

- دا كلام بردو  يا بدران ؟! 

- معلش يا ست الكل بس حقيقي كفاية كدا 


سألته بتذكر قائلة:

- مراتك رجعت ؟! 


رد بإيماءة من رأسه علامة النفي بينما ردت الجدة وقالت:

- متزعلش مني بس البت دي مكنتش تنفعك أنا مش عارفة ازاي دي بنت الراجل المحترم دا ولا ازاي مراتك ؟!!


انضم " يونس" لهم وهو يضع حامل القهوة وقال بإبتسامة واسعة 

- أنتِ جاية تهدي النفوس يا تيتا ولا إيه ؟!  


نظر له وقال بعتذار: 

- معلش يا بدران  تيتا مش قصدها 


ابتسم بمرارة وقال:

-مافيش حاجة اعذروني بس محتاج امشي لأني عندي شغل مهم ياريت تدخلني اخد عم رضوان 

- حاضر تعال معايا 


ما أن دخل غرفة وجد "سيدرا" جالسة مقابلته على حافة الفراش تقوم بتشيث لحيته وهي تحدثه كعادتها معه في الفترة الماضية، وقفت عن حافة الفراش وقالت:

- مش عارفة مستعجل ليه وعاوز تاخده 


رد العم رضوان بنبرة متلعثمة وقال:

- كفاية كدا يا بنتي تعبتك معايا 


ردت باسمة وقالت:

- قول بقى إنك زهقت مني ومن حكاياتي مش تعبتني ؟! 


ابتسم العم رضوان بمرارة ثم طأطأ رأسه تذكر ابنته فكانت تشوبها كثيرًا، حمله " بدران" ووضعه على المقعد المتحرك برفق،  وقبل أن يغادر  اعطته" سيدرا"  حقيبة بلاستيكية وقالت له 

- كل الأدوية بتاعته  ومكتوب عليها المواعيد بتاعتها و متنساش إن نظام الأكل اتغير كمان هتلاقي ورقة في النظام الجديد بتاعه 


ابتسم لها وقال:

- متشكر 

- العفو 


******

بنتك رمتك ياعم  رضوان بنتك باعت كل حاجة ومشيت بتقول زهقت، وبتقول إنك عارف سبب هروبها  احكي لي  يا عمي بنتك سبتك ليه ؟! 

طلبت مني احطك ليه في دار مسنين ؟! 

ليه اتبدلت وبقت بالقسوة دي ؟! 

ومين زهران اللي عرفته دا ؟!  و إيه حكايته ظهوره ليا كان مكان ظهور عادي ولا هي اللي بعتته    وازاي تعرف رجالة وهي شايلة اسمي ؟! للدرجة دي مليش لازمة في حياتها ؟! طب لما هو كدا عملت اللي عملته معايا دا ليه ؟!  قالت لي إنـ.... رد يا عم رضوان ولا  اكتب لي أي حاجة وريح بيها قلبي قل لي إن بنتك مش خاينة ليا ولا ليك قل لي إنها مخنو..قة شوية وهترجع تاني بس ما تقلش إنها عرفت راجل تاني وهربت معاه زي ما الكل بيقول رد عليا يا رضوان ساكت ليه؟! 


أردف " بدران" عبارته الطويلة وهو يجلس مقابلته  نظر له والد تولين وعلام الحزن الشديد تعتري وجهه لقد فاض به الكيل يجب أن عليه يرفع الظلم عن ابنته حتى و إن فعلت مافعلته بدافع الحب لم يفهمها هكذا ذاك المسكين الذي كاد أن يفقد عقله نظر له وقال بنبرته المتلعثمة 

- أنا بنتي مظلومة 


رد " بدران" وقال بأعين تملؤخا التوسل 

- اتكلم وقل لي إيه اللي حصل وأنا افديها بعمري بس بلاش تخليني زي المد بو ح كدا ومش عارف ينقذ نفسه !! 


سكت العم رضوان لبرهة  قبل أن يحدثه بحزٍن دفين 

- أنا حصلت لي أذمة مالية و صفوت سببها عشان رفضت 


توقف العم رضوان نظرًا للاجهاد الذي تعرض له لتكوين هذه الجملة،  لم يضغط عليه " بدران" بل عرض عليه أن يكتب له بدلًا من التكلم بتلك الطريقة ما دامت مُجهدة بالنسبة له لكنه قرر أن يحدثه بما يعتمل في صدره طيلة هذه الفترة.


التقط أنفاسه ثم عاد ببصره له وقال:

- صفوت كان عاوز يشارك  زهران بأي طريقة وحاول يقنعني بإني اشتغل كام صفقة مشبوهين عشان اوفر جزء من الفلوس اللي عليا وانقذ الأزمة 

- و أنت عملت إيه ؟! 

- رفضت و دا معجبش صفوت لأني اتعلمت إني اشتري من اللي قدامي أكتر من إني ابيع له و لما كشفته هددني يبعت الفيديو لتولين 

- و هو كان بيصورك ؟! 

- ايوة عشان يبقى في حاجة يضغط عليا بيها 

- كمل يا عم رضوان إيه اللي حصل بعد كدا ؟! 


مرر لسانه ليرطب  شفتاه و هو يقول بنبرة متلعثمة 

- مبقاش قدامي غير اقبل أو ارفض 

- وقبلت 

- لا رفضت و دا جنن صفوت أكتر و فضل يضر ب تحت الحزام و ابوه يساعده عشان يضغطوا عليا 

- طب و أختك كانت معاهم ؟! 


لاحت إبتسامة جانبية ساخرة  وهو يقول:

- دي كانت هي اللي بتخطط وهما ينفذوا ! 

- كنت شكاك فيها من الأول مش سهلة ووجودها هنا بإستمرار مكنش مُريح بالنسبة لي أبدًا .


حثه على متابعة حديثه قائلًا:

- فاكر اليوم اللي أخدتك في ورحنا للمحامي عشان انقل لك حصتي في الشركة ؟! 

- ايوة 

- اليوم دا تولين كانت ناوية تـ ـتقل صفوت 


تـ ـتقله ؟! 


قالها " بدران" بدهشة و ذهول شديدان وهو ينظر لـ العم رضوان الذي أومأ له برأسه علامة الإيجاب 

وقال:

- عارف مين اللي قالي ؟! 

- مين ؟! 

- زهران ! 

- زهران !! 

- ايوة زهران  بعت لي رسالة مع المحامي وقالي إن تولين بتلعب. بالـ ـنار و إن هو مش عاوز يأذيها عشاني و إن لو نفذت اللي في دماغها و اللي 

القـ ـتل هيبقى نهت كل حاجة 


تنفس " بدران" بعمق وهو يشيح ببصره تجاه النافذة ثم عاد  ببصره وقال بهدوء مريب 

- عم رضوان اديني عقلك بس وخليني افكر بي  زهران يعمل كدا ليه وهو عاوز يد مرك أصلًا ؟! 


ابتسم العم رضوان حتى كشف عن نواجزه تنهد بعمق وهو يقول :

- لسه عضمك طري و عقلك مش قادر يستوعب يا بدران إننا في سوق العمل مابنعملش حاجة غير لو متأكدين إننا هنكسب منها أكتر من خسارتها 


تابع موضحًا 

-  زهران بيكبر وعاوز يوسع شغله و اللي تولين كانت هتعمله كان هايخلي يرجع نقطة الصفر من تاني 

-  طب وهو صفوت هيساعده في إيه إذا كان صفوت أصلًا كان حلم حياته يشارك زهران !! 

-  صفوت هو السلمة اللي هتوصله بـ أحمد الماضي  و دا هدفه يا بدران 


رد " بدران"بضيق وقال:

- أنا مبقتش فاهم مين مع مين ومين ضد مين !! 


ابتسم له " رضوان" و قال:

- لو عاوز تنتقم من حد والحد دا عشان توصله محتاج تعدي مية محطة  هتعمل إيه ؟! 

- هركب القطر واستنى المحطة بتاعتي 

- ينفع تركب أول محطة و تاني محطة تبقى السبعين ؟! 

- أكيد طبعًا لا 

- طب  ما زهران عمل كدا كان ماشي حسب خطته و طلعت له تولين في النص بوظت كل حاجة 


رد بنبرة حائرة وقال:

- طب وتولين راحت معاه  بمزاجها ولا غصب عنها ؟! 


طالعه العم رضوان وقال:

- ابقى كداب لو قلت لك راحت غصب عنها بس مش قادر اظلمها واقول إنها راحت بمزاجها 


رد " بدران"بضيق وهو يزيح الأكواب عن المائدة بيده و قال بعصبية شديدة:

- يعني إيه هي فزورة واحد مش عارف بنته راحت فين ؟ و قاعد يضرب اخماس في اسداس !! 


طلقها يا بدران طلقها و سيبك من وجع القلب دا 


أردف العم رضوان عبارته وهو يتابع بعينه ذاك المسكين الذي فقد السيطرة التامة على أعصابه 

نظر له و قال بعصبية وصوته الجهوري 

- اطلقها !! دلوقت بتقولي اطلقها !!! كنت جوزتها لي ليه لما عاوزني اطلقها ؟! يمكن لو طلبت مني الطلب دا قبل ما تعمل كدا كنت وافقتك لكن تصرفها دا وهي على ذمتي والناس اللي بتتكلم عليا بسببها دا ملوش أي اعتبار عندك 


تابع  بحدة  وهو يقول:

- قسمًا بالله لو أمي وابويا خرجوا من قبو رهم وطلبوا مني اسامحها ما هسامحها 


ختم حديثه بوعيد وقال 

-  بنتك لعبت في عداد مو تها و أنا حذرتها قبل كدا بدران المُر لو طلع لك هايمحي أي حاجة وكل حاجه حلوة عملها لك بنتك خلاص مبقتش تلزمني أنا لو رجعتها هرجعها عشان ارد كرامتي اللي داست عليها بقلب بارد ادعي أنت بس إن ربنا ياخدها قبل ما اعتر فيها عشان اللي هعمله فيها هايخلبها تتمنى المو ت وبردو مش هتعرف تطوله .


*******

بعد مرور عشر أيام 


داخل صالة التدريب بأحد النوادي الرياضية 

كانت تسير بهدوء على( المشاية) وبأذنيها السماعات  تستمع لأغنيتها المفضلة، لقد هذه المرة هل هذا يعني أنه لن يأتي، نظرت في ساعة معصمها ثم عادت ببصرها للنافذة الكبيرة المُطلة على البوابة الرئيسية للصالة 

ضغطت على زر التوقف ثم نزلت بحذر  جففت حبات العرق المتكونة على جبينها وجدته يقف أمامها و الإبتسامة تزين ثغرها  سألها بنبرة مرحة 

- دايمًا باجي متأخر مش كدا ؟! 


ابتسمت لرؤيته ثم قالت:

- تقريبًا كدا أنا خلاص كنت ماشية  ومكنتش عارفة اسيب لك الأزازة فين ؟! 

- مش مستهلة صدقيني و أنتِ مصممة تكبري الموضوع  ياا...


ابتسمت له ثم مدت يده لتصافحه قائلة بتذكر 

- ملحقتش اعرفك بنفسي المرة اللي فاتت   تولين العفيفي 

- اهلًا وسهلًا تولين وأنا فيصل المُر 


- اهلًا فيصل تحب نكمل كلامنا عن المرة اللي فاتت ولا مشغول ؟! 

لا خالص أنا فاضي وحابب ندردش سوا لو تحبي 

- يبقى نشرب قهوة إيه رأيك ؟! 

- شكلك بخيلة 

- ليه بس ؟! 

- أنا قلت هتعزميني على الغدا دا أنا حتى فضيت نفسي مخصوص عشانك ! 


ردت ضاحكة وهي تسير بجانبه 

- والمفروض إن أنا اللي اعزمك بردو ولا الراجل هو اللي يعزم ؟! 


توقف مقابلتها وقال:

- لا ما هو أنتِ هتختاري و أنا هدفع 


ردت بإبتسامة واسعة قائلة:

- إذا كان كدا موافقة جدًا 


سار جنبًا إلى جنب و هم يتبادلون أطراف الحديث  حتى وصلوا إلى المطعم الخاص بالنادي سحب لها المقعد لتجلس عليه شكرته ثم جلس مقابلتها،  نظر حوله لثوانٍ  معدودة 

قبل أن يقول:

- النهاردا الدنيا زحمة شوية مش كدا 

- فعلا ملاحظة دا 


تابعت بفضول قائلة:

- قل لي يا فيصل أنت بتشتغل إيه ؟! 


ابتسم بخفة ثم قال:

- أنا دكتور 

- دكتور!! و يا ترا دكتور إيه ؟! 

- دكتور جراحة و أنتِ ؟! 

- لا أنا مصممة أزياء بس بقالي فترة موقفة 

- ليه ؟! 

- مافيش بس حصلت لي شوية مشاكل كدا خلتني اوقف شغل لفترة 


ابتسم لها وقال بمغازلة واضحة

- وهي المشاكل جالها قلب تيجي لك ؟! دي حتى تبقى مشاكل بايخة اوي !! 


لم تعقب على مغازلته الواضحة بل اكتفت بالإبتسامة تنهدت بعمق وهي تتابع المارة حتى 

انتشلها من بئر أفكارها بوقوفه عن المقعد معتذرًا منها  بعد أن لملم متعلقاته الشخصية سريعًا:

- أنا مضطر استئذان يا تولين جت لي حالة مهمة اكيد هنتقابل تاني سلام 


ما إن خرج من باب المطعم الرئيسي للنادي ولج هو من الباب الآخر،  جلس مقابلتها وقال:

- بقالي كتير اوي مستنيكي يا تولي كدا تتأخري عليا يلا يا روحي عشان نروح بيتنا اللي سبيته وقعدة بعيد عنه 


يتبع


الفصل الثامن عشر

===========

شاحت بوجهها بعد ما جلس" زهران" مقابلتها   وقعت عيناها عليه وجدته يغادر البوابة الرئيسية لصالة الالعاب الرياضية،  عادت ببصرها له حين نادها للمرة الثالثة على التوالي، تنهدت بعمق وهي تجيبه بهدوءٍ 

- لا يا زهران مش هرجع البيت و دا مش بيتي ارجوك حاول تقدر دا وتفهمه 

- افهم إيه يا تولين ؟! 

- تفهم إن أنا مش قادرة اصدق إن في أب يبيع بنته ولا حتى اللي اسمه بدران المرعي دا اللي هو المفروض جوزي يعمل فيا كدا 


رد " زهران" بجمود مصطنع قائلًا:

- و أنا هكدب في حاجة زي دي ليه يعني يا تولين ؟! 


ردت بعصبية وقالت:

- معرفش وحقيقي مش قادرة  افتكر أي حاجة غير إني حقيقي مش عارفة ولا فاهمة حاجة 

- طب ممكن تهدي 

- متقوليش اهدي يا زهران أنا هادية  من فضلك قل لي أنا إيه اللي حصل بالظبط ؟!! 


سحب نفسًا عميقًا ثم قال:

- مش عارف أنتِ ليه مش عاوزة تصدقيني يا تولين والله العظيم أنتِ و بدارن كنتوا  متجوزين  و من يوم ما اتجوزك و أنتِ في مشاكل معاه 


تابع بهدوء وهو يخرج هاتفه من جيب بنطاله و قال: 

- بصي كدا دي صوركم سوا  ودي آخر صورة ليكم مع بعض قبل ما يرميكي في الشارع 


تناولت منه هاتفه وبدأت تقلب في الصور المتاحة أمامها ثم تقوم بتقريب الصورة لتتأكد من ملامح ذاك الذي تشعر بأنها تقابلت معه من قبل،  و أثناء تفحصها الصور  عثرت على صورة تجمع "زهران و علياء"  نظرت له ثم قالت بتساؤل:

- هي مين دي يا زهران ؟! 


ااتقط الهاتف منها وقال بتلعثم 

- دي دي بنت خالي 

- ايوة وصورتها معاك ليه؟! 

- عادي يعني يا تولين و بعدين هي بتعاملني زي اخوها وطلبت مني نتصور و أنا مرضتش اكسفها 


فرغ فاه ليتابع حديثه لكن صوت رنين هاتفه أنقذه 

من ذلك  قرأ بعينه اسم "بدران"  وقف عن مقعده بهدوء و قال:

- ثواني و راجع لك 


تأكد من أنه ابتعد عنها،  ضغط على زر الإجابة و قال:

- كنت متأكد أنك هتتصل بيا ما هو مش قدامك غيري 


على الجهة الأخرى كان " بدران " جالسًا أمام "علياء" و قال بإبتسامته الخفيفة 

- من جهة قدامي حد فهو فعلا في قدامي حد و حد غالي عليك كمان 


وقف عن مقعده و قال بنبرة هامسة و الإبتسامة تكشف عن نواجزه 

- أنا معايا حب عمرك مش مصدق مش كدا مش مشكلة بس لو قلت بصوت عالي اسمها وهي ردت عليا جايز تصدق مش كدا ؟!


أشار لها بيده و قال بعتابٍ

- مدام علياء لازم تشربي القهوة كدا ماينفعش دا أنتِ قريبة صاحبي ولازم نكرمك 


ردت " علياء" بنبرتها الهادئة وقال:

- متشكرة يا أستاذ بدران حقيقي مش قادرة 


ابتسم لها و لم يعقب على حديثها بينما كان "زهران" كالمجذوب حين ناده قائلًا:

- بدران قسمًا بربي لو قربت لها ما هرحمك. سيبها وقل لي المطلوب إيه؟! 


قام "زهران" بالاتصال عبر الأنترنت فـ ضغط على زر الموافقة و قال: 

أنت عارف طلباتي يا زهران مستنيك تيجي لي 

ومتقلقش أمانتك في الحفظ والصون متتأخرش أنت بس 

- طب طب خليني أكلمها اطمن عليها بس واتأكد انها بخير 

- قلت لك متقلقش هي بخير وبعدين هي معايا هتروح فين يعني موعدكش إن اتأخرت عن كدا هقدر اسيبها زي ما هي أصلها مغرية اوي بصراحة معاك ساعتين من دلوقت يا تيجي وتجيب اللي طلبته منك يا حلال عليا حب حياتك سلام يا زهران 


رد "زهران"  وقال برجاء

- طب طب بلاش النهاردا يا بدران أصل أنت مش فاهم تولين اصلًا فـ....


رد " بدران" بإبتسامة واسعة ثم قال

- حل مشاكلك كلها مع نفسك و بعد ساعتين تيجي لي و تجب لي اللي عندك أو حلال على كل واحد اللي عنده 


بـ...


لم يدعه يُكمل حديثه  مما جعله يفقد السيطرة على اعصابه هدر بصوته الجهوري وهو يُلقي هاتفه بعنفٍ في أحد الجدران، وقفت عن مقعدها  حيث يقف " زهران"  سألته بنبرة متوجسة 

- مالك يا زهران في إيه  ؟!. إيه اللي حصل ؟! 


نظر لها و قال بعصبية 

- مافيش حاجة يلا بينا 

- على فين ؟! 

- بعدين هقولك 


*****

على الجانب الآخر  


جلس " بدران" خلف مكتبه يتبادل معها الحديث وهو يحتسي قهوته الساخنة، ترددت في أن تسأله لكنه رفع عنها هذا الحرج و قال:

- ايوة هو زهران 


وضعت قدح القهوة وقالت بتردد

- وهو عرف إني هنا ؟! 

- بصراحة قلت له بحاول اخلي يتحرك زهران لحد اللحظة مغير خمس أماكن في مصر ومش عارف بالظبط هو فين ولا عارف مراتي فين ؟! 


طب و هي مراتك راحت معاه ليه ؟! 


سألته بسرعة دون أن تتردد ربما سألته بدافع الغيرة أم لفضولها لا تعرف لكن الذي تأكد منه "بدران" الغيرة تلتهم قلبها تمامًا مثله تجاه من يحب  نظر لها وقال:

- أنا مش عارف اقلك إيه بس كل اللي اقدر اقوله إنها عملت كدا عشان تمنع عني حاجة أو حد 

- تقصد زهران بالحد دا ؟! 

- اعتقد لا لأنه يقدر يدخلي بشكل مباشر من غير ما يلف ويدور  

-طب حضرتك ناوي تعمل إيه دلوقت ؟! 


نظر لها وقال بضيق 

- أنا بحاول في محاولة فاشلة و عارف إنها فاشلة بس اهو بسعى فيها لعل وعسى تنجح 


صمتت للحظات ثم قالت بتردد

- تفتكر زهران هايجي فعلا ؟! 


عقد ما بين حاجبيه مندهشًا بينما تابعت هي بعتذار 

- أنا آسفة مكنش قصدي إني اتصنت بس أنا سمعت حضرتك و أنت بتكلمه وفهمت إنه ممكن يجي هنا و معاه مدام تولين مرات حضرتك 


ابتسم لها ثم قال بهدوء

- تسعين في المية تولين مش هتكون معاه و دا اللي عاوزه 

- أنا مش فاهمة حاجة ؟! منين عاوز مرات حضرتك ومنين مش عاوزها تيجي معاه هنا ؟! 

- تولين مراتي مش فاكراني 

- يعني إيه ؟! 

- بصي مراتي اتعرضت لحادثة وحصلها فقدان ذاكرة أو حصلها حاجة خلتها تفقد الذاكرة 

- حاجة زي إيه ؟! 

- تولين اتحجزت في مستشفى و اللي خصلها جوا المستشفى محدش يعرفه جايز تكون اتعرضت لصدمات كهر بائية للمخ ودا أكـ... 


ردت " علياء" بنبرة هادئة مقاطعة إياه 

- أنا آسفة بس اللي حضرتك بتقوله دا مش منطقي تمامًا  ازاي مستشفى تعمل كدا دا غير إن لو فرضنا كلامك صح يبقى مش مكانها مستشفى بتكون في مصحات نفسية وحـ....

- بصي أنا بقالي اسبوعين بقابل مراتي على فترات متباعدة وفي كل مرة هي هي نفس ردة فعلها ثابتة وبتتعامل معايا كأنها متعرفنيش أما حتى قلت اسم اخويا اللي توفى وهي عارفة حكايته من قريب ولا كأن قلت حاجة !!


ردت " علياء"بعتذار قائلة:

-أنا آسفة في اللي هقوله بس هي مدام تولين بتشرب كحول أو بتدخن ؟! 


رد "بدران" و قال بنبرة هادئة

- لا خالص محصلش حاجة زي كدا نهائي بالعكس مكنتش بتطيق ريحة السجاير  و الخمور ملهاش فيها بجد مش مجرد كلام بقوله  بس أنتِ بتسألي كدا ليه ؟! 

- أصل أنا دكتورة مخ و اعصاب و بس بحكم شغلي وخبرتي الصغيرة  بإن الخمور بتأثر على المخ و احيانا بتخلي الشخص يحصله  فقدان في  الذاكرة بشكل جزئي أو كلي وكمان بترجع للنفسية 

- لا تولين بتحب الرياضة ومهتمة جدًا بصحتها  وحقيقي مش عارفة هي إيه اللي حصلها ؟!


فرغ فاه لتتحدث لكنها توقفت من تلقاء نفسها حين ولجت مساعدته تخبره بوجود "زهران" 

نظر لشاشة ااتلفاز الصغير ثم عاد ببصره لها وقال

- طب خلي دلوقتي برا يا ميرڤت  وأنا هبقى اقلك تدخلي 


ما إن خرجت "ميرڤيت" من المكتب وقفت هي وطلبت بنبرة متلعثمة قائلة:

-  من فضلك مش عاوزاه يقابلني خليني امشي من هنا بسرعة 


وقف من خلف مكتبه ثم أشار للباب الثاني وقال:

- اخرجي من هنا هتلاقي باب في وشك منه للأسانسير على طول 

- تمام شكرًا هكلم حضرتك لما اوصل بأمر الله 

سلام عليكم 

- و عليكم السلام ورحمة الله وبركاته 


ما أن غادرت المكتب اقتحمها هو بعصبية مفرطة وهو يبحث عنها،  اعتذرت مساعدته له  قائلة

- أنا آسفة جدًا يا مستر بدران بس والله العظيم هو اللي دخل غصب عني 

- دا كلام يا ميرڤت دا زهران صاحبي وحبيبي  روحي أنتِ شوفي شغلك  


خرجت " ميرڤيت"  وبدأ هو كالمجذوب يبحث عنها في كل مكان يشعر بها بأنها قريبة منه قلبه لا يهدأ ابدًا وهذا يؤكد له أنها مازالت هنا أو قريبة منه،  عاد من المرحاض وجده جالسًا محله بكل بهدوء واضعًا باطن كفه أسفل خده وهو يقول:

- متعب أنت يا زيزو والله شكلك كنت شقي و أنت صغير 

- هي فين ؟! 

- هي مين يا حبيبي؟! 


رد" زهران" بعصبية وقال:

- أنت هتستعبط يا بدران رد عليا وقل لي هي فين ؟! 

- بدران مش بيستعبط بدران بيتكلم جد 

- بدران اخلص عشان أنا بدأت اتخنق بجد منك 

- طب اقعد كدا واهدأ و قل فين تولين ؟! 

- و أنت مالك يا بارد بيها ؟! 

- تصدق أنت صح أنا مالي بيها ! أنا بقول اخليني مع علياء واهو تغيير و هي صراحة ربنا حاجة عسل كدا بردو  و تتـ 


رد " زهران " بعصبية وقال:

- ما تلم نفسك يا خفيف الظل أنت و بطل قلة أدب 


رد "بدران" بنفس طريقة " زهران " التي يتعامل بها معه في السابق ومعظم وقته قائلًا

- أنا زعلت  ! 

- ماتزعل و لا تغور في داهية 

- و لما أنا اغور في داهية مين هيعرفك مكان لولوي !!!


طغظ " زهران" على أسنانه وقال بغضبٍ مكتوم 

- قلت لك لم نفسك و قل فين علياء ؟! 

- هتقولي فين تولين هقولك فين علياء  واحدة قصد واحدة  مش تقول أنا كمان هقول عادي أنا واحد رخم وبحب ارخم على الناس اللي شبهك كدا 


تنفس " زهران" بعمق وهو يضع كفه على وجهه  ثم نظر له و قال:

- يا ابني تولين لو شافتك مش هتعرفك 

- ليه ؟!

- عشان هي فاقدة الزفت الذاكرة 


رد " بدران" بجدية وقال:

- و إيه اللي خلاها تفقد الذاكرة 


نظر له ولم يعقب بينما تابع الآخر حديثه قائلًا:

- و لما هي فاقدة الذاكرة مجتش وقلت لي ليه ؟! 

وليه عملت اللي عملته من اصله؟! 


رفع " زهران" رأسه للأعلى ثم عاد ببصره وقال بضيق 

- بدران مش وقت اسئلتك دي قل لي فين بنت خالي  وقصر في الموضوع 


حرك رأسه علامة الإيجاب ثم قال بهدوء 

- تمام هقصر في الموضوع واقولك معرفش 

- بدران أنا لو وصلتها بطريقتي مش هتشوف مراتك لو وقفت على دماغك 


ابتسم له بسماجة وقال:

- مبتهددش و هاتها بطريقتك لو تعرف بس صدقني هتخسر كتير وقتها 


رد " زهران" بعصبية وقال:

- أنت عاوز إيه بالظبط ؟! 

- مراتي مش عاوز حاجة غير مراتي  


رد " زهران" بتلعثم وهو يقول

- طب خليني اطمن عليها طيب 


سأله  بنبرة ساخرة قائلًا:

- تقصد مين تولين ؟! 


أجابه بعصبية قائلًا:

- بنت خالي يا ظريف وبطل تستظرف عشان أنا خُلقي ضيق ومبتحملش  كتر كلام 

- بيئة اوي أنت يا زيزو بس مشكلة بكرا اونكل بدران يعلمك الأدب 


*******


يعني جوزي ا غتـ صبني ورماني وبابا وافق على كدا عادي ؟! 

للأسف يا تولين باباكي بيحب الفلوس زي عينه وعشان كدا باعك لبدران 

وبدران رماني ليه في الشارع ؟! 

بدران مكنش غرضه أنتِ خالص يا تولين أنتِ بالنسبة له سلم 

اومال هو عاوز يوصل لمين ؟! 

بدران عاوز يوصل ليا وعشان يدوس على قلبي ويقهرني قرر يتجوزك بس بعد جوازك بأربعة وعشرين ساعة بس رماكي  في الشارع وأنا لاقيتك وكأن ربنا أراد يجمعنا من تاني ويرجعنا لبعض يا تولين  


جلست على الأرض متخذة وضع القرفصاء محاطة صدغيها بين راحتيها الالم تصفع برأسها الوضع الذي آلت إليه مؤلم لدرجة موحشة، ضباب يتبدد أمامها شريط من الذكريات التي تهاجهما على مدار شهر كامل لشخصًا على ما يبدو أنه قريبًا منها  كان يحاول معانقتها بحميمية لكنها تفر منه بغنج و دلال ارخت جفنيها بعنف ثم فتحتهما عن آخرهم و قالت بآلم 

- آآآآه  


التقتطت أنفاسها بصعوبة بالغة وهي تتفقد المكان من حولها كان صدرها يعلو و يهبط بسرعة شديدة 

عندما انتظمت أنفاسها مررت لسانها على شفتاه لترطبها وهي تقول بهدوء

- في حاجة مش صح ! ليه زهران بيحاول يكدب ليه اللي بشوفه حاجة و اللي بيقوله حاجة تانية خالص !!! 


وقفت  من على الأرض ثم قالت بهدوء وهي تصعد سلالم الدرج بخطواتها الواسعة و السريعة 

- أنا لازم اعرف زهران مخبي عني إيه !! 


و قبل أن تكمل طريقها حيث غرفته استوقفها قائلًا:

- تولين 


استدارت بكامل جسدها له وقالت بثبات انفعالي 

- زهران !  حمد لله على سلامتك  ؟! 

- الله يسلمك  

- تحب تتعشى ؟! 

- لا خلي العشا بعدين  تعالي عاوز اتكلم معاكي شوية 

- خير يا زهران ؟! 


وصلت إليه في غضون ثلاثون ثانية جلست مقابلته وجدته يتنهد بعمق و لا يعرف من أين يبدأ 

لكنه حسم قراره حين قال:

- مش عارف اقلك إيه بس بدران مش ساكت يا تولين وعاوز يوصلك بأي طريقة 


ردت بتوتر قائلة:

- أنت مش تقول إن تعرف يخلي  يطلقني ؟!  


رد " زهران" و قال بضيق 

- تولين في حاجة أنا مكنتش عاوزك تعرفيها بس مضطر اعرفها لك 

- حاجة إيه ؟! 

- تولين بدران مش سهل و حقيقي أنا لوحدي مش هقدر اقف قصاده 

- اومال مين اللي يقف قصاده ؟! 

- أنتِ 

- أنا ازاي ؟! 

- روحي و اقفي شركتك اللي اخدها غصب عنك 

- مش أنت بتقول  إنه صعب ؟! 


كاد أن  يخبرها لكنه امتنع وثب عن مقعده و قال بغضبٍ جم قائلًا:

- أنا طالع انام عن أذنك 


ما إن وقف بهذه الهرجلة وقع من جيب سرواله حافظة نقوده دون أن ينتبه لها، لم تبدا أي ردة فعل تركته يصعد لغرفته حتى تنفرد بما وقعت عيناها عليها، جذبت بخفة و سرعة ثم خرجت تجاه الحديقة  بدأت في البحث عن أي شئ يدلها على ما تريده و بعد مرور أكثر من نصف ساعة تقريبًا وصلت لعدة صورة تجمع "زهران و علياء"


وأثناء بحثها عثرت على رقمها مدون على بطاقة تعريف  ضغطت على شفتاها السفلى ثم اخرجت هاتفها و كتبت رقمها على لوحة المفاتيح، ما هي إلا ثوانٍ و جائها الرد  ترددت في بادئ الأمر لكنها استجمعت شجاعتها وقالت:

- معاكي تولين العفيفي  ممكن نتقابل يا دكتور علياء؟! في أي مكان تحبي آآه آآه عارفاه تمام بكرا الصبح نتقابل معلش مش هاينفع في أي وقت تاني  

تمام مافيش مشكلة مع السلامة 


*****


في صباح اليوم التالي 


كانت جالسة مقابلتها تستمع لها بجميع حواسها عن ما حدث لها خلال الفترة الماضية 

وعند تلك الذكريات التي حاجمتها، تنهدت وهي تخبرها عن ذاك البدارن الذي تتقارب ملامحه بشكلٍ كبير من فيصل  لترد "علياء" قائلة:

-أنا معرفش حد اسمه فيصل المُر بس اعرف بدران واسمه بدران المرعي مش المُر جايز يكون في تشابه في الأسماء مش أكتر لكن أستاذ بدران قمة في الأخلاق والذق و الادب بصراحة غير اللي بتتكلمي عنه عمومًا أنا كتبت لك على شوية ادوية هتساعدك تستعيدي نشاط ذاكرتك ومتنسيش اللي قلت لك عليه هيساعدك كتير صدقيني 


سكتت مليًا قبل أن تقول بنبرة فضولية قائلة:

- طب بدران المرعي دا كويس فعلًا 


ردت " علياء" بنبرة هادئة قائلة:

- أنا مش عارفة ليه زهران قال عنه كدا ولا إيه اللي حصلك من وقت خروجك من بيت أستاذ بدران بس كل اللي اقدر اقوله إن الراجل دا تقريبًا مابينمش الليل وبيسعى بكل طاقته عشان يوصلك 


سحبت " تولين" نفسًا عميقًا وقالت:

- هو ينفع اقابله ؟! 

- دا الصح اصلًا الهروب مافيش منه نتيجة وم هيوصلك لحاجة 

- أنا مش هربانة منه أنا خايفة يأذيني ويرميني زي ما عمل قبل كدا 


ردت"علياء" بعصبية وقالت:

- يوميني مين بس يا أستاذة تولين كل اللي حكى له زهران محصلش أنتِ تقريبًا بتحكي قصتي أنا مش أنتِ أنا مش فاهمة زهران ازاي يعمل كدا وليه أصلًا !! 


- قصدك إيه ؟! 

- قصدي إنك مرات بدران المرعي والراجل دا راجل ذوق ومحترم حقيقي واللي حصل دا محصلش أصلًا غير معايا أنا كون إن زهران يقوله عليكي أنتِ فـ يثبت لي إن هو مش طبيعي بجد وإن الجنان وصل معاه أعلى درجاته  همومًا أنا اقدر اساعدك تروحي لجوزك  واضمن لك سلامتك وتخرجي من عنده وقت ما تحبي طالما معايا بس لازم يشوفك و تشوفي لازم تتقابلوا وتتكلموا مع بعض 


لحظات من التردد الشديد قبل أن تؤمى برأسها علامة الموافقة، ابتسمت لها ثم غادرت النادي الرياضي برفقتها و اتجهتا حيث شركة العفيفي جروب،  أكثر من ساعة ونصف تقريبًا 

قاضتها في الطريق صامتة تارة و تحدثها تارة أخرى  وصلتا أخيرًا الشركة صعدتا علي سلاالم الدرج على الجانب الآخر من نفس المكان كان يراقبها في صمتٍ عكس ما يشعر به ابتسم بخفة وهو يقول بخفوت

- حمد لله على سلامتك يا زوجتي العزيزة ! 


طرقات ثم ولجتا بعدها وقف احترامًا لهما لم يصافح " علياء" لالتزامها الشديد بينما نظر لـ تولين وقال:

- حمد لله على سلامتك يا تولين 


نظرت له و قالت بدهشة وذهول 

- فيصل المُر ؟! 


ابتسم لها وقال بخبثٍ

- مين فيصل المُر دا أنا بدران أحمد المرعي جوزك يا تولي  إيه م فاكراني ؟! 


ردت بعصبية مفرطة قائلة

- لا أنت فيصل المُر أنا مش عبيطة  ولا إنتوا ناوين تجننوني ؟! 


نظرت لـ علياء وقالت :

- هو دا اللي لسه كنت بكلمك عنه !  ازاي يبقى هو جوزي !! فهميني 

- الحقيقية أنا مش فاهمة تقصدي إيه بس دا الأستاذ بدران المرعي و اللي هو المفروض جوزك فعلا انما فيصل المُر دا أنا معرفوش 


رد " بدران" وقال بنبرة ماكرة

- والحقيقة أنا معرفش مين فيصل دا اللي بتتكلمي عنه ؟! 


تحنحت "علياء " ثم قالت بهدوء 

- أنا مضطرة استئذن و إن شاء الله ترجعوا لبعض 


رد " بدران" باسما  وقال:

- احنا رجعنا خلاص عموما متشكر يا دكتورة علياء حقيقي مش عارفة اشكرك ازاي 


ردت " تولين" بعصبية وهي تمسك بذراعها قائلة

- أنتِ قلتِ مش هتسبيني يبقى ازاي ناوية تمشي 


ردت " علياء" بهدوء قائلة:

- أنا هخرج برا المكتب واقعد في أي اوضة تانية ولو حابة ترجعي مكان ما كنتي أنا معاكي و براحتك  ولو حابة تروحي مع أستاذ بدران بردو براحتك 


هدأت " تولين" قليلًا وهي تؤمي برأسها علامة الموافقة ثم غادرت "علياء" من الغرفة ثم ولجت الغرفة المجارة بينما نظر لها هو وقال بإبتسامته البشوشة

- نورتي مكانك يا زوجتي العزيزة قولي لي  إيه الغيبة دي كلها 


ردت هي قائلة بتساؤل 

- قل لي أنت أنا اتجوزتك أنت وازاي 


حك لحيته المستعارة و قال :

- الصراحة أنتِ اللي اتوسلتيني عشان اتجوزك 

- أنا بتكلم كدا علي فكرة 

- وهو أنا يعني أنا اللي كنت بهزر واستني بقى عشان الدقن دي خنقتني 


القى اللحية المستعارة على سطح مكتبه ثم شاربه الكثيف لتظهر لحيته النامية قليلًا متناسقة مع شاربه ثم نظر لها وقال:

- مافيش احسن من الطبيعي 


ردت بعصبية قائلة:

- أنت كنت بتيجي بشكلك دا النادي وكنت بتقول على نفسك فيصل المُر صح ولا غلط ؟! 


ابتسم لها وقال:

- حصل 


تنهدت بإرتياح شديد ثم تسائلت 

- اومال ليه كنت بتقول من شوية إنك متعرفش مين هو فيصل المُر ؟! 

- سيبك مني وقولي لي سبتي كل الدنيا دي ومشيتي ورا زهران ليه يا تولين ؟!

- معرفش

- احنا هنستعبط ؟! يعني إيه معرفش ؟!!

- بتزعق ليه دلوقت ما ثلت لك مش عارفة أنا فجأة صحيت لاقيت نفسي مستشفى مش فاكرة ولا عارفة فيها حد وبعدها بيومين لاقيت نفسي في حتة مهجورة ولاقيت شاب ولما سألته هو مين قالي أنا زهران وحكي لي إنك  إنك 


رد بعصبية وقال :

- إني إيه ما تنطقي ؟! 


ردت بتوتر ملحوظة قائلة:

- هو أنت على طول متعصب كدا !! 


ابتسم لها إبتسامة بلهاء ثم قال بهدوء مصطنع ونبرة ناعمة 

- اتفضلي يا تولي قولي لي يا روحي كنتي مع راجل غريب لوحدك لمدة شهر بتعملوا إيه وسيبتي كل الدنيا دي ليه ؟! 


تجاهلت نبرته تلك ثم قالت بضيق 

- يعني مش عارف إن حضرتك اللي رمتني بعد ما اغتـ صـني و مدت ايدك عليا وكمان رومتني في الشارع بهدوم النوم بعد يوم واحد من جوازنا  !!! 


اتسعت عيناه عن آخرهم وقال بنبرة ذاهلة

- أنا عملت فيكي كل دا و أنتِ لسه عايشة دا أنا على كدا مني لله مني لله إيه دا حسبي الله ونعم الوكيل في بقى انا عملت فيكي كل دا يا  حبيبتي ولسه عايشة وواقغة على رجليكي عادي ؟!!


يتبع 


 


الفصل التاسع عشر

¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤

نظرت" تولين "  له و قالت بنبرة مغتاظة 

- وكمان ليك نفس تهزر ؟! 

- اومال المفروض اعمل إيه يعني و أنا بسمع العته دا ؟! 

- معرفش و لو سمحت خليني امشي من هنا 


كلدت أن تتجاوزه لكنه قبض على ذراعها بقوة و قال:

- تمشي تروحي فين ؟! 

- امشي اروح بيتي !


هدر" بدران"  بصوته  و قال:

- انهي بيت بالظبط بيتك اللي في أبوكي وانا و لا بيتك اللي في واحد غريب لا تعرفي و لا يعرف انهي بيت ردي عليا ؟! 


ردت بتعب و هي تحاول فك قبضته من ذراعها قائلة:

- حاسب يا بدران بتوجعني 


دفعها بعنف لتهوى بجسدها على الأريكة الجلدية اقترب منها و قال بأعين تملؤها الغيظ و الغضب الشديد 

- و أنتِ بعاميلك دي مبتوجعنيش نظرات الناس و لا كلامهم عليا و أنا بسمعهم بودني بيسبوني في عرض و شر في دا مبتوجعنش ردي عليا ساكتة ليه ؟! 


انكمشت حول نفسها محاولة حماية وجهها ظنًا منها أنه سيضربها اجبرها على النظر في وجهه لترد بنبرة مرتعشة قائلة:

- أنت ليه بتخوفني منك هو أنت فعلًا كنت بتضربني ؟! 


نظر لها و لجسدها المرتعش استقام بجسده وقال بصوته الجهوري و هو يزيح كل الاشياء الموضوعة على سطح المكتب الزجاجي و قال:

- يا اللــــه يا ولي الصابرين 


زاد خوفها و رعبها الشديد منه على ما يبدو أن "زهران" على حق و أنه ذاك العنيد المـ ـتغصب ابتعد قليلًا عنها حتى يستجمع أفكارهُ من جديد

تنفس بعمقٍ قبل أن يخطو نحوها بخطواته الهادئة 

جلس على الأريكة جوارها و بدأ يحدثها بنبرة اهدأ من ذي قبل 

- تولين براحة كدا فهميني مين قالك الكلام دا احكي لي زي ما كنتي بتحكي لي !


كانت تطالعه  بنظراتٍ تملؤها الخوف لكن لانت هذه النظرات حين حثها على التكلم دون خوف  أو قلق بلعت لعابها ثم قالت بهدوءٍ 

- أنا مش فاكرة أي حاجة ولا عارفة أنا ازاي و ليه رحت مع زهران أنا معرفش زهران اصلًا غير من فترة قصيرة  و لما حاولت ادور على أهلي بعد خروجي من المستشفى قالي إن هما السبب في اللي أنا في دلوقت و ا....


رد بنبرة حانية و قال:

- كملي يا تولين اتكلمي أنا جنبك  متقلقيش من حاجة و لا من حد 


بلعت لعابها و قالت بتوتر ملحوظ

- أنا مش قلقانة من حد أنا قلقلنة منك أنت !


حرك رأسه علامة الإيجاب وقال بنبرة حانية

-متقلقيش يا حبيبتي  أنا مش هأذيكي مهما حصل 


تابع بنبرة جادة قائلًا:

- و لو مش عاوزة ترجعي البيت مافبش مشكلة هسيبك تروحي مكان ما تحبي 


رفع سبابته و قال بجدية:

- بس بعيد عن زهران أنا هشوف لك مكان يكون خاص بيكي أنتِ،بس أنتِ احكي لي إيه اللي حصل تاني بعد ما خرجتي من المستشفى ؟! 

- أنا مش عارفة بجد حصل إيه أنا زي التايهة و مش فاهمة حاجة  من اللي بتحصل حوليا أنا فجأة لقيت واحد واقف قدامي بيقولي حمد لله على سلامتك يا تولين واخدني وخرجنا من المستشفى لا عارفة دخلتها ازاي و لا ازاي خرجت منها بالسهولة اللي خرجت بيها دي بس اللي عرفته و فهمته إن اللي اسمه زهران دا مفتاح لأي باب مقفول، أي مكان صعب تدخله يدخله بكل سهولة و اي حاجة ممنوعة و مستحيل تتنفذ بنظرة بس منه هو ينفذها خرجت من المستشفى و قالي إني احنا كنا بنحب بع و خلاص هنتجوز بس بابا جوزني ليك بالعافية و أنت 


سألها بهدوءٍ مريب  و قال:

- أنا إيه ؟! 


أجابته بضيق من حالتها التي وصلت إليها و قالت:

- إنك مش سهل و عصبي و إنك اول يوم جواز رمتني بعد ما ضربتني و بهدلتني و كمان ا غتـ صبتني و كـ...


قاطعها " بدران" و قال بهدوء عكس الفوضى العارمة التي تجتاحه الآن 

- تولين أنا و أنتِ متجوزين ايوة دا حصل غصب عنك ؟!  لا طبعًا، برضاكي و برضا باباكي عم رضوان رميتك في الشارع. لا مستحيل اعمل فيكي كدا تولين أنا و أنتِ كنا واخدين مرحلة حلوة اوي في حياتنا سوا بس محصلش أي حاجة بينا 


تابع موضحًا وقال:

- اقصد محصلش أي علاقة كان مجرد تعارف زي ما بين أي اتنين ولما كنا هناخد الخطوة الجد في علاقتنا أنتِ سبتي كل حاجة ومشيتي 


وثب عن الاريكة متجهًا حيث المكتب بدأ يقلب بين الدفاتر حتى عثر على ورقة خاصة بها عاد إليها سريعًا و قال 

- دا جواب بخط ايدك سبتي لي الجواب دا مع واحد من الأمن يوم الافتتاح  كنت فامر إن كلام نابع من قلبك فعلًا لحد ما دورت عليكي و عرفت إنك مع زهران و صفوت 


استوقفته متسائلة بفضول:

- صفوت !! مين صفوت ؟! 

- دا صفوت دا المفروض انه ابن عمك،  صفوت دا كان بيحاول بشتى الطرق يوصل لزهران و يعمل معاه شغل كبير عشان يكبر هو كمان بس وجودي في الشركة د مر له كل خططته دي و مبقاش عارف يتنفس فيها لأن الكلمة هنا كلمتي أنا و بس 

-و هو فين دلوقت ؟! 

- صفوت و عمك و عمتك باعوا نصيبهم من الشركة و هربوا برا مصر سافروا على اليونان و للأسف البوليس المصري مش هيعرف يقبض عليهم عشان مافيش اتفاقية تسليم بين الدولتين بس أنا مش هسكت و هرجعهم و بطريقتي بس  ابوكي مش راضي و محلفني ما اعمل كدا 


نظرت له و قالت بتساؤل 

- هو بابا طيب بيحبني و لا زي ما زهران قال قاسي و ميعرفش الحنية ؟! 


رد " بدران" و قال بضيق 

- أنا مش فاهم المتخلف دا ليه زرع في دماغك الكلام الفارغ دا هيستفاد إيه مش فاهم ؟! 


ردت " تولين " و قالت بهدوء 

- علياء بتقول إن كل اللي قاله زهران  دا حصلها هي و هي كمان مستغربة ليه عمل كدا و ليه بيقول كلام محصلش  و مليش  علاقة بي 

- تولين ارجعي بيتك أنتِ متعرفيش باباكي محتاج لك قد إيه  قلت إيه ؟! 


طالعته لدقائق قبل أن تقول بهدوء 

- أنا مش عارفة اقولك إيه أنا يمكن مكنش حاسة برعب و خوف زي الاول بس بردو قلقانة أنا مش عارفة أنت بتكدب عليا عشان ارجع معاك و تعمل فيا زي ما زهران كا بيقول و لا أنت فعلا كويس  

- يعني إيه ؟! 

- يعني اديني فرصة ارتب افكاري أنا لسه لحد دلوقتي مش قادرة افتكر أي حاجة من اللي حصل لي قبل أنا كل اللي أنا فاكراه هو إن أنا كنت في مكان شبه دا كدا و بلف حولين حد  عشان اتكلم معاه و حاجات افتكرها زي اني في جنينه  أو حاجة شبها كدا و في زرع  و ارجع اشوف اطفال قصاد فرحانين و بيتنططوا من الفرحة عشان ماكسين فانوس رمضان  أنا مش عارف أنا فين وقتها ودا بعمل إيه ولا أنـ...


رد " بدران" و قال:

- هخليكي تفتمري كل حاجة متقلقيش اصبري بس أنتِ و هخليكي تفتكري كل حاجة واحدة واحدة كملي علاجك عادي و اعملي اللي الدكتورة علياء بتقولك عليه و سيبي الباقي على الله ثم عليا  المهم دلوقتي ترجعي بيتك ابوكي قلقان عليكي و مبينامش الليل 

- طب و زهران ها تقوله إيه ؟! 


رد بعصبية و قال:

-وهو مين زهران دا كمان عشان اخد منه أذن إن شاء الله 


تابع بغضبٍ مكتوم و قال:

- تولين متخلنيش افقد اعصابي من فضلك سيبك خالص من زهران و هخليكي  معايا و ارجعي بيتك ووريني اللي اسمه زهران دا ممكن يعمل إيه معاكي ! 

- أنا كدا بدأت اخاف منك تاني 


ابتسم لها و قال:

- لا متحافيش بكرا لما ترجع لك الذاكرة هتفتكري إن بدران المُر عمره ما كان وحش معاكي بالعكس أنتِ الحاجة الوحيدة اللي شافت  الحلو اللي في بدران المُر .


****** 

في مساء اليوم التالي


كانت " تولين "  جالسة داخل شقة " علياء" و التي قدمها " بدران" كـ هدية بعد أن انفصلت عن زوجها ظلت تستمع لتلك المسكينة التي سردت كل شئ يمر أمامها أو تراهُ في أحلامها،  كانت تتخذ دور المستمع الجيد جدًا تتدون كل ما تتفوه حتى توقفت عند جملتها الأخيرة حين قالت:

- و مش عارفة مين فيهم الكداب و مين الصادق زهران فعلًا بيقول الحقيقة ولا بدران بينكر اللي حصل وعاوزنا نفتح صفحة جديدة  وبيستغل فقدان ذاكرتي ؟!

- طب و أنتِ إيه اللي يخليكي متأكدة اوي كدا إن زهران بيقول الحقيقة ؟! 


رفعت " تولين " كتفيها و هي تقول بنبرة حائرة 

- مش عارفة بجد مش عارفة بس اللي مخليني مصداقاه إنه مثلا كويس معايا محاولش يضايقني أو يقرب مني بيعمل كل اللي بطلبه بدون مناقشة بيرد على كل سؤال بإجابة منطقية بجد مش عارفة ليه مصدقاه !! 

- طب و بدران لما سألتيه و لما سمعتيه كان إحساسك إيه ؟! 


تنهدت بعمق وهي تنظر لها بنبرة حائرة 

- بردو مش عارفة في حاجة شداني لي حاجة بتخليني ارتاح في الكلام معاه حاجة بتقولي إنه فعلا بيتكلم بجد حتى لما اتعصب و احنا بنتناقش مع بعض اتحكم في غضبه مني عكس اللي قاله لي زهران إنه من أقل حاجة يمد ايده عليا !! 


نظرت لها " علياء" ثم قالت بجدية

- بصي بقى و اسمعيني كويس  اوي زهران جايز يكون في صفات كتيرة اوي حلوة و صح أنتِ مكدبتيش فيها بس الحاجة الوحيدة اللي غلط  هي إن اللي حصلك دازكله حصلك اصلًا

- يعني إيه ؟!

- يعني أنا اللي جوزي ا غتـ ـصبني فعلًا و أنا اللي ابويا رماني له مقابل شغله و إنه ميعلنش افلاسه و أنا اللي اترميت عشان قلت اجوزي و شغله الوحش لا مش عاوزة اكمل معاك بالطريقة دي و فضل ملففني محاكم مصر كلها وراه لحد ما اخدت حكم بالطلاق في المقابل بقى جوزك الأستاذ بدران الله يبارك له جاب لي الشقة دي بعد ما طليقي قفلي ابواب الدنيا كلها في وشي بسلطته شغلي رجعت له بعد ما كان سبب في طردي من المستشفى ووووو مش هقدر اعد لك اللي عمله طلقيي و اللي عمله جوزك قاصده بس يكفيني إني اقول إن الراجل دا بعد ربنا سبحانه و تعالى كان السبب في اني ارجع اقف على رجلي من تاني زهران عمل كدا ليه معرفش  عاوز يوصل لإيه بردو مش فاهمة بس أنا لازم اقعد معاه و أعرف هو في إيه في دماغه بالظبط  ولحد دا ما يحصل خليكي قعدة معايا و امشي على علاجك و نفس الوقت تحاولي تسترجعي ذكرياتك مع بدارن و باباكي كتر القعدة معاهم هتفيدك جدًا صدقيني .


**********

بعد مرور أسبوع 


لم يحدث فيه شيئًا جديدًا يذكر سوى تقرب "تولين" من  "بدران " و الإستماع له  و لذكرياتها القليلة علها تتذكر أي شيئًا عنه و عن  أبيها الذي لم تحاول حتى مقابلته طيلة هذه المدة بسبب حديث " زهران"  عنه  أما " علياء" كانت تباشر عملها من ككل يوم و قبل أن تغادر عيادتها الخاصة، طرقت الممرضة باب غرفتها ثم ولجت وهي تقول بإبتسامة بشوشة 

-أنا آسفة يا دكتورة بس في كشف جديد 

-أنتِ مش قلتي إن آخر واحد هو اللي خرج من شوية ؟! 

-اه بس هو صمم إن يكشف و قال إنه تعبان اوي 

-طب دخلي و متقبليش أي كشوفات تاني أنا تعبت النهاردا بجد 

-حاضر 


بعد مرور دقائق معدودة 


أنت بتعمل إيه هنا اتفضل اخرج برا و ياريت ماشفش وشك الكريم دا تاني ! 


قالتها " علياء"  وهي تقف عن مقعدها مشيرة بيدها تجاه باب الحجرة بنبرة حادة صارمة و ملامحة غاضبة بينما هو كان يسير تجاه سرير الكشف مدد جسده بهدوءٍ ثم نظر لها و قال: 

- أنا تعبان يا دكتورة و دافع حق الكشف عشان حضرتك تكشفي لي 

- و أنا مبكشفش على حد مريض زيك و اتفضل برا لو سمحت 


نظر لها نظرة معاتبة ثم قال:

- المفروض إنك حالفة علي قسم إنك تساعدي أي مريض يحتاج لك و متتأخريش عنه مهما حصل ! 

-  مرضك ملوش عندي علاج 


بعد مرور عشر دقائق كاملة من المحاولات فشل في استعطافها نهض من سرير الكشف و بداخله غيظٍ شديد وقف مقابلتها ثم قال بنبرة مغتاظة

- طب على فكرة بقى أنتِ دكتورة مش شاطرة و أنا كنت حابب انفعك و على فكرة بردو أنا هنزل من هنا على نقابة الاطباء و اقدم فيكي شكوى 


نظرت له و قالت بتساؤل 

- و يا ترى بقى هتقولهم إيه ؟! 


ابتسم لها بخفة ثم قال بنبرة حانية

- هقولهم قاسية عليا و مقوية قلبها و إن معروف عن الدكاترة انهم ملايكة رحمة  بس رغم كل القسوة أنا بردو بحبها و شاريها و عشانها اعمل أي حاجة تطلبها مني 


أشارت بيدها تجاه باب الغرفة و قالت بنبرة آمرة

- يبقى تتفضل تطلع برا بدل ما أنا اللي اطلب لك البوليس و اقولهم إنك مختل و محتاج مستشفى المجانين 


رد بنبرة مغتاظة وقال:

- يعني مش عاوزة تحني ؟! 

- لا 

- طب أنا بقى مش ماشي من هنا غير لما اخد حق الكشف بتاعي !! 

- بس كدا ثواني و يكون عندك 


لحق بها قبل أن تخرج من حجرة الكشف، قبض على مرفقها برفق ثم قال بلهفة

- استني بس أنا بهزر معاكي 


أشارت بيدها مانعة اياه من التقرب إليها وقالت:

- من فضلك يا زهران تطلع برا و ياريت متلمسنيش تاني 

- طب مش هاقرب لك بس خليني اتكلم معاكي خمس دقايق بس خمس دقايق بس والله يا علياء 


عقدت ساعديها أمام صدرها ثم قالت بنبرة جادة 

- تمام اتفضل معاك خمس دقايق و بس 

- طب هنتكلم و احنا واقفين ؟! 

- هتتكلم ولا الغي الخمس الدقايق 

- هتكلم هو أنتِ حد يقدر يكسر لك كلمة 

- ضاع من وقتك دقيقة 


رد بنبرة معارضة قائلًا:

- لا أنا مبحبش كدا سبيني اخد راحتي انا دافع حق الكشف و كدا كدا أنتِ ماعندكيش حد غيري 

- لا عندي 


سألها بنبرة تملؤها الغيرة

- عندك مين يعني ؟! 


أجابته بجدية

- عودي تولين البنت المسكينة اللي بهدلتها معاك وفرقت بينها و بين جوزها عشان تسفترد بيها  و لـ....


بس بس بس إيه راديو و اتفتح في وشي ما براحة يا ماما مالك بس ؟!  


قالها " زهران" و هو يشير بيده ليسكتها بعد أن القت فوق رأسه كومة من الإتهامات الباطلة من وجهة نظره  تركها ثم اتجه حيث المكتب، طالعته حتى استقر على مقعدها بأريحية، بينما جلست هي على حافة سرير الكشف تستمع له حين قال بجدية:

- بصي أنا هو أنا مش عاوز اتكلم في كلام قديم و مش هتعرفي تفهمي  

- ليه ؟! 

- اصله أكبر من مخك و عاقلة مش هيستوعبه أصلًا و مش بعيد تقولي عني كداب 


تابع بجدية قائلًا:

- بس أنا هتكلم في الجزء اللي يخص تولين وبس و اللي بالمناسبة يعني طلعت لي زي القضا المستعجل كدا من حيث لا أدري،   كنت مضطر اكشف لها حاجات كدا و اخليها هي اللي تبقى معايا بدل ما تبقى عليا بس هي من غبائها حبت تحشر نفسها في كل حاجة وتعمل نفسها فاهمة لحد ما وقعت في شر اعمالها 


ردت " علياء" مقاطعة بنبرة ساخرة 

- قصدك أنت يا  زهران ! 

- مختلفناش كتير، المهم لغطبت لي كل ترتبياتي ومعرفتش اتصرف فجأة ابن عمها كان عاوزة 

يقـ ـتلها و هي نفس الحكاية قام وهو بيدافع عن نفسه زقها وقعها على دماغها و قعت على حديد الخبطة كانت جامدة جري و سابها بعد ما كان فاهم إنها ما تت و شيلتها ودتها المستشفى 


ردت " علياء " بنبرة ساخرة قائلة:

- إيه الفيلم الهندي اللي أنت بتقوله دا ؟! 


رد بنبرة صادقة قائلًا:

- و الله دي الحقيقة عاوزة تصدقي صدقي مش عاوزة عندي كاميرات المراقبة اللي في الشوارع والجراچ تثبت كلامي و اللي بالمناسبة كانت السبب في انها تطلعني براءة من قضية شروع في قـ ـتلها 


ردت " علياء" بجدية وهي تستجمع أطراف الحديث منه و قالت:

- أنت كنت تقصد بإن جوزها اللي ضر بها و رماها في الشارع هو ابن عمها مش كدا ؟! 


تنهد بعمق وهو يقول بإيماء من رأسه

- اه هو  و معرفش قلت كدا ليه بس لاقيتها تايهة وم عارفة نفسها ولا هي ساكنة فين و لما البوليس سألها عن جوزها دا قالت مش فاكرة  وأنا قلت معرفوش و إن أنا كنت معدي بالصدفة وبحاول ادافع عنهاو ستر ربنا عليا إني فعلًا كنت جاي متأخر عن معادي و بان في الكاميرا كأني معدي صدفة يعني لو عاوز ارتب الحوار مكنش هيطلع بالشكل دا ،   معرفش ليه افتكرتك وقتها و افتكرتكل حاجة خصلت لك اتمنيت اكون وقتها معاكي و أنا ادافع عنك بعمري و اخدك و نهرب  لاقيت نفسي بحكي لها اللي حصلك كأنه حصلها هي و كأني كنت بفضض معاها 

- و بعدين ؟! 

- و لاقبلين مافي حاجة حصلت تاني 

- لا ازاي  إذا كان جوزها قال إنه قرأ اسمك و اسمها في كشف الاسماء الركاب اللي رايحين رحلة اليونان ؟! 

- ما هو دا كان مترتب  فعلا و قلت هسافر أنا وهي بعد الحادثة بأسبوع بس هي لسه تعبانة و الرحلة راحت علينا و لما عدا شهر  مكنتش طبيعية واتغيرت من ناحيتي و بعدها عرفت إن البيه اللي اسمه بدران بيظهر لها و بيقرب منها بس مغير في شكله  وظاهر باسم واحد اسمه فيصل و عرفت إنه اخوه باين اللي اتوفى 


ردت متسائلة بفضول

-  و أنت عرفت منين إن كل دا حصل ؟! 


رد " زهران" ساخرًا  وقال:

- لا  ما هو أنا مش أهبل أنا عارف النفس اللي تولين بتتنفسه يعني قاعد دلوقتي معاكي وعارف إن جوزها اخدها على شقتهم في الحارة  عشان تشوف أبوها 


سألته بدهشة  قائلة:

- يا نهار أبيض خا طفها ؟!! 


ردت بنبرة ساخرة 

- هو في راجل بيخطف مراته ؟!  لا هو واد خبيث فضل يلف حواليها لحد ما ادها الأمان و لما بلعت الطُعم قام رجعها بيته تاني 


ردت " علياء" بنبرة مغتتاظة 

- و تلاقيك أنت اللي ساعدته طبعًا ما هو امور الخطف و البهدلة دي متجيش غير من واحد زيك !! 


ارتشف رشفة من قهوتها ثم قال:

- إيه دا دي القهوة سادة أنا بحبها زيادة 

- أنا بكلمك يا زهران على فكرة

-  بتقولي إيه ؟! اه افتكرت لا أنا اساعد طوب الأرض الواد الرخم دا لا بس وقع في سكتي وطلب مني لساعده هساعده عادي بس بمزاجي بردو يلا مش مشكلة هو طيب و ابن حلال و يستاهل 

-  يستاهل إيه ؟! 

-  إيه ؟! 

-  إيه أنت ؟! بدران يستاهل إيه ؟!

-  يستاهل مراته هو أنا قلت حاجة ؟! 

-  زهران لو حسيت إنك السبب في أذية تولين و لا جوزها اقسم لك لابلغ عنك البوليس و ما هتردد لحظة واحدة أنت سامع ؟! 


استطرد قائلًا:

- أنا جعان هو أنتِ طبختي إيه النهاردا ؟! 

- قوم من هنا قوم بدل ما ارتكب جر يمة دلوقت بسببك و بسبب برودك دا 

- شفتي اخدتي مني اللي أنتِ عاوزاه و في الآخر رمتيني بس خليكي فاكرة لو سحبتيني تاني في الكلام همسك لساني و مش هحكي لك حاجة أبدًا .


ردت بتذكر قائلة

- هو أنت فعلًا اشتريت نصيب عم تولين و عمتها و بقيت شريك بدران 

- اشتريته و بقيت شريكه من أسبوعين بس هو واد رخم مش راضي ياخدني معاه في أي خاجة بيعملها مش معترف بيا كـ شريك بس أنا مش هسكت على فكرة

- هتعمل إيه يعني ؟! 

- هطلب بيتزا اطلب لك معايا ؟! 


يتبع 


الفصل العشرون 

¤¤¤¤¤¤¤¤


كنت عارف يا تولين أنك ذكية وقوية وكنت متأكد كمان إن هتيجي لوحدك من غير صفوت وبدران


قالها " زهران" و هو يمدد ساقيها على سطح المنضدة بينما كانت هي تسير بخطواتها الهادئة والواثقة و الإبتسامة تزين ثغرها حين قالت:

- الكينج يؤمر وكلنا ننفذ مش دي كلمة !!

- الثقة بالنفس والغرور حاجتين مغروم بيهم فيكي وقدرتي تخليني انفذ لك رغبتك في الانتقام من صفوت يوم فرحه مش حابة تنتقمي من بدران هو كمان ؟! 

- لا 

- ليه

-  لأني انتقمت منه  بطريقتي خلاص 

-  تقصدي لما و لـ ـعتي في الزرع اللي على سطح بيته مش كدا ؟! قولي لي يا تولي في نظرك أنتِ احلى ولا شيرين ؟! 

- السؤال دا إجابته عندك أنت مش أنا 

- مش بقلك ذكية وشاطرة 

- طلباتك يا تولي ؟!  

- اعتقد إنك عارف إني مليش طلبات غير إن صفوت يبعد عني و بما إن اللعب بقى على المكشوف فـ أنا بقترح نستبعده من شغلنا الجديد 

- بس صفوت كان دراعي اليمين هنا في مصر وخسارته تعتبر خسارة كبيرة ليا ياترى تولين العفيفي هتعوضني ازاي ؟! 

- شايف الملف اللي قدامك دا ؟! 

- ماله ؟! 

- هدية صغننة مني ولو نفذت لي كل طلباتي هنفذ لك اللي أكتر  من كدا 

- في الحقيقية أنتِ مكسب كبير اوي يا تولي بس بدران هو العقبة الوحيدة اللي واقفة قدامي هتزعلي لو بقيتي أرملة ؟! 

- على حسب 

- يعني إيه ؟! 

- يعني لو هتعوضني بعده بحاجة أكبر اكيد مش هزعل ولو تعوضيك طلع أقل من توقعاتي يبقى كدا تولين تزعل 

- وأنا مايرضنيش زعل تولي أبدًا عمومًا انتظري خبر وفاته بس عاوزك متلبيسش اسود لأنه مش لايق على الجمال دا كله 

-مش بدران المُر اللي يتلبس عليه أسود يا كينج 

في انتظار الخبر سلام 

- سلام يا تولي 


فتحت عيناها عن آخرهم حين تذكرت كل شئ دفعة واحدة،  كانت تحاول بشتى الطرق أن تُجبر  عقلها تذكر كل شئ  و نجحت بالفعل في ذلك اللعنة عليه كان يريد قـ ـتل "بدران" ما حدث أثناء فقدان ذاكرتها أين أبيها الآن،  وثبت عن الأريكة كالمجذوبة تبحث عن هاتفها المحمول،  تراقصت أناملها على لوحة المفاتيح خلال ثوانٍ جائها الرد بأن الرقم الذي طلبته غير متاح حاليًا، هرعت تجاه حجرتها  لتبدل ملابسها فتحت خزانة ملابسها وجذبت كنزتها و قبل أن ترتديها سقطت من أسفل ملابسها ورقة دون عليها بعض أسماء  العقاقير الطبية الخاصة بأمراض النسا،  قرأت الأسم لتزيد من دهشتها بأنها هي المريضة،  حاولت أن تستعيد ذاكرتها من جديد 


يعني إيه أنامش فاهمة حاجة يا دكتورة ؟!

يعني يا تولين أنتِ حصلك فض جزئي في الغشاء ودا حصل نتيجة علاقة شبه كاملة 


اردفت الطبيبة عبارتها و نظراتها لا تبرح تلك الجالسة أمامها كانت نبرتها تملؤها النفور لسوء ظنها بأن " تولين " فتاة لا علاقة لها بالشرف بينما تجاهلت تلك الأخيرة نظراتها تلك و قالت بتساؤل

- طب والجزء اللي تمزق دا  هايرجع تاني عادي ؟! 

- للأسف لا يا تولين، بيرجع في حالة واحدة بس 

- إيه هي يا دكتورة؟! 

- مبيرجعش غير بعملية 

- طب وهي العملية دي صعبة يعني ؟! 

- لا دي قانونًا غير مصرح بيها ولا اخلاقيًا مظنش حد هيرضى يعملها لك يا تولين 


قرر " بدران" التتدخل فور سماعه لحديث الطبيب التي تجاوزت الحد مع زوجته، وضح سوء الفهم و هو يقول:

- على فكرة اللي بتتكلمي معاها دي مراتي يعني مافيش حاجة لا عيب ولا حرام 

- ولما هي مراتك حضرتك جاي ليه وقلقان كدا ؟! 

- قلقان عشان النز يف اللي حصل  وهي مراتي على سُنة الله ورسوله ودي قسيمة جوازنا يا دكتورة  

- تمام مافيش مشكلة أنا مكنتش اعرف دا واستغربت لما لاقيتها بتسألني عن العملية، عموما أنا هكتب لها على حاجة توقف النز يف و إن شاء الله كل حاجة تبقى تمام .


كانت ممددة جسدها على الفراش  والحزن يعتري ملامح وجهها، أما زوجها فـ ولج حاملًا بين يدهُ حساء الخضراوات جلس جوارها ووضعه بينهما ثم قال بنبرته الحانية:

- عاوزك تشربي الشوربة و أنتِ تبقي زي الحصان 


نظرت له و لم تعقب على كلماته بينما تابع هو قائلًا:

- عمي بيسألني عنك قلت له إنك تعبانة و نايمة مش عاوزه يشوفك بالشكل دا 


لم تتحمل أكثر من ذلك اجشهت بالبكاء، ارتمت بين احضانه لكنه سرعان ما اخرجها منه قائلًا بنبرته الحانية:

- تولين أنتِ مراتي  وأنا بحبك وأنتِ كمان بتحبيني  فين المشكلة في كدا ؟! واللي حصل دا طبيعي يحصل بين أي اتنين  متجوزين و بيحبوا بعض، حصل   النهاردا  بكرا بعده كان لازم يحصل  صحيح استعجلنا وكل حاجة كدا بسرعة بس أنتِ بردو لو مكنتيش بتحبيني مكنتيش وافقتي تعملي كدا 


رفع ذقنها بأنامله و قال بنبرة تملؤها الحُب

- كنت مشتاق لك و أنتِ كمان و اللي حصل دا مش غلط و لا عيب و لا حتى حرام ارفعي راسك وخليكي تولين اللي اعرفها البنت القوية الشرسة اللي قدامي دي واحدة  مش حابب اعرفها خالص  أنتِ سلمتي نفسك لجوزك و كان برغبة مني ومنك 


ردت من بين شهقاتها قائلة:

- بس أنا خُنت ثقة بابا فيا 


توسدت صدره و دموعها تنساب على خديها حتى تسابقت على منامته القطنية، مسد على ذراعها بحنانٍ بالغ ثم قال:

- احنا متجوزين و عمي فاهم كويس النقطة دي ولو كان عنده اعتراض على اننا نعيش في اوضة واحدة ولا حياة عادية مكنش سكت وكنت احترمت دا وقتها 


اخرجها من حضنه للمرة الثانية و قال:

- أنا عرفت عمي إني بحبك و إني عاوز اكمل معاكي حياتي وهو وافق عشان كدا أنا كنت جرئ في الخطوة دي معاكي عمي لو كان رفض كنت بعدت عنك و احترمت دا، تولين مش عاوزك تزعلي  و تقللي من قيمة نفسك أنتِ غالية اوي اوي على قلبي وزعلك يزعلني 


ختم حديثه و قال بإبتسامة حانية محاولًا تقليد جملتها المشهورة 

- بدران حبيب مراته  مش كدا يا تولي ؟!  


ابتسمت إبتسامة شديدة التكلف لتقليده لها ربت بكفه على خدها بحنو و حب ثم لثم جبينها قبل أن يغادر الحجرة.


انتشلها من بئر ذكرياتها  صوت قرع الناقوس 

لملمت ملابسها الملقى أرضًا ثم اتجهت حيث الباب  ما إن فتحت باب الشقة ولج بخطواته الهادئة و الواثقة، هوى بجسده على المقعد ثم نظر لها و قال:

- حضري نفسك يلا عشان هنخرج خروجة ملوكي بجد 


بدران أن أنا افتكر كل حاجة أنا أنا رجعت لي الذاكرة 


اردفت " تولين" عباراتها و دموعها تنساب على خديها وقف " بدران" عن المقعد و قال بسعادة بادية على وجهه 

- الحمد لله، حمد لله على سلامتك يا تولي 


نظرت له بأعين تملؤها الدموع ثم قالت: 

-  أنا ازاي قدرت انسى بابا و كل حاجة حصلت لي في حياتي؟! 

- تولين اللي حصل لك دا كان غصب عنك  أكيد مش بمزاجك، مش عاوزك تزعلي و الحمد لله إننا قدرنا نعالج الأمور في وقتها المناسب 


نظرت له وقالت بتساؤل:

- بابا فين يا بدران ؟! 


طالعها بتوتر خوفًا من ردة فعلها، تنهد بعمقٍ ثم قال بهدوءٍ

- مش عاوزك تزعلي مني ولا من اللي هاقولك 

بس عم رضوان في دار مسنين 


دفعته بعيدًا عنها بعنفٍ و نظرات الغضب و الغيظ الشديد تعتريان وجهها،  اندفعت بجسدها تجاه غرفتها لتبدل ملابسها سريعًا عادت و قالت بنبرة آمرة

- مقدرتش تتحمل ابويا و أنا بعيدة عنه بسبب تعبي و حاجة غصـ ـب عني كنت فاهمة إنك إنسان نضيف من جوا و شهم زي كل الناس ما بتقول بس يا خسارة يا الف خسارة طلعت متفرقش حاجة عنهم ! 


عادت لحجرتها من جديد لتبدل ملابسها لم تكمل الخمس دقائق تقريبًا، خرجت و قالت بنبرة آمرة إياه 

- قوم خليني اخد بابا  أنا اولي بي من دار المسنين بنته لسه عايشة لما تمو ت تبقى تعمل في ما بدلك 


هدرت بصوتها الجهوري و قالت:

- قوم معايا بقلك، قاعد ليه !! 


تنفس بعمق ثم وقف عن مقعده  سار تجاهها ثم قال بنبرة هادئة:

- تولين من فضلك اسمعيني، عمي في أمان دلوقت و محدش هيقدر يقرب له 

- و اللهِ ؟! بابا دلوقتي في امان وهو مرمي في دار مسنين ؟! أنت ازاي كدا ازاي قادر تضحك على الناس كدا عادي !! 


رد بنبرة مرتفعة و هو يشير بأنامله تجاه عقلها و قال:

- فكري بـ دا شوية بقى و بلاش غباء أنا هستفيد إيه من إني احط ابوكي في دار مسنين هو أصلًا عاملي إيه ولا مضايقني في إيه ؟!! 


قاطعته بذات النبرة المرتفعة وقالت من بين دموعها:

- اومال رميته ليه ؟!! 

- رميته رميته رميته. بردو هتقولي رميته !! 


تنفس بعمق وهو يشيح ببصره تجاه الشرفة ثم عاد ببصره لها و قال:

- هرمي ليه في دار مسنين هتسفاد إيه ؟! قلت ليه أصلًا؟!   ما كان ممكن اريح دماغي و اضحك عليكي بأي حاجة والسلام 


تابع بهدوء و قال:

- تولين فكري شوية بعقلك أنتِ حاليًا موشوشة و مش عارفة تجمعي افكارك اصلًا دا أنتِ لسه يادوب من كام دقيقة رجعت لك الذاكرة  و كمان في حاجات بتقولي لسه مش فاكرها  


سألته بعصبية و قالت:

- إيه علاقة دا بـ دا ؟! و دا مش مبرر خالص على فكرة عشان ترمي ابويا في دار مسنين !


اجابها بهدوء قائلًا:

- طيب أنا هكون صريح معاكي عشان جايز تتعرضي لنفس الموقف ووقتها لازم تعرفيني 

- موقف إيه ؟! 

- ابوكي جت له تهديدات بالقـتـ ـل 


جحظت عيناها عن آخرهم و صرخاتها تصم الآذان ضمها لصدره مربتًا على ظهرها ثم قال:

- اهدي ابوس ايدك الموضوع مش متحمل  أنا لحد دلوقت بحاول اسيطر على الموقف و الحمد لله قدرت لكن بعد كدا مش عارف ممكن يحصل إيه ساعديني يا تولين عشان نقدر نعدي من المحنة دي على خير 


رفعت عيناها وقالت من بين دموعها

- مين اللي عاوز يقـتـ ـل بابا ؟! مين يا بدران ؟! 


حرك رأسه علامة النفي و قال بأسف

- للأسف لسه مش عارف كل اللي جالي تهديدات من شخص مجهول 


ردت بنبرة متحشرجة إثر البكاء

- دا أكيد زهران محدش غيره له مصلحة في 

قــ ـتل  بابا غير زهران  


سألها بهدوء و قال:

- و إيه اللي يخليكي متأكدة إنه زهران  ؟! 


اجابته بنبرة مختنقة

-  أصل أنا طلبت من زهران اساعده بدل صفوت و صفوت بالنسبة له دراعه اليمين فـ قالي إنه في المقابل هايشيل العقبة اللي قصاده و المقصود بالعقبة دي أنت و إن يوم الافتتاح ها يـقـ ـتلك  


ختمت حديثها قائلة:

- بدران احنا لازم نلغي الافتتاح دا 


نظر لها و قال بدهشة 

- افتتاح إيه يا تولين اللي نلغي ؟! 

- افتتاح الكولكشن الجديد !

- تولين الافتتاح خلص من زمان يمكن بقاله أكتر من شهر و نص تقريبًا 

- يعني إيه ؟! و ازاي أنا مش فاكرة اليوم دا 

- هو تقريبًا كل اللي حصل من يوم الافتتاح لحد دلوقت مش هتفتكري لكن اللي قبل كدا هيرجع لك عادي 


ردت " تولين" بتعبٍ و صوت مختنق

- أنا تعبت  بجد تعبت من كل حاجة  في حياتي أنا ليه بيحصل معايا كدا ليه ؟! 


ضمها لحضنه و قال بنبرته الحانية

- متزعليش هوني على نفسك كل حاجة هتهون بأمر الله أنتِ بس متحاوليش تجهدي عقلك الفترة دي عشان متتعبيش 

- أنا عاوزة اشوف بابا، بابا واحشني اوي يا بدران 

- حاضر قريب اوي بأمر الله هيرجع ينورنا تاني أنتِ بس اصبري عليا اخلص اللي بعمله وكل حاجة ترجع لأصلها .


******

بدران خدني معاك في الصفقة دي 


قالها " زهران" و هو يسير خلف " بدران"  دخلا حجرة المكتب الخاصة بذاك الأخير    نظر له ثم قال بنبرة مقتضبة


- هو أنا واخدك معايا الحضانة ما قلت لك لا يعني لا 

- كدا زهران زعل على فكرة

-ما تزعل هو انا يعني كنت المصلح الاجتماعي ؟! 


طب قل لي هتعمل إيه بعد ماترفض تشاركني في الصفقة دي  ؟! 


قالها " زهران" بفضول و هو يستكشف الأشياء الموضوعة على سطح المكتب الزجاجي  ليرد " بدران" وهو يضربه بخفة على ظهر يده قائلًا:

- ولا حاجة، بطل تلعب في حاجة مش بتاعتك 


تجاهل " زهران" تلك الاوامر التي اصدرها ذاك المتعجرف من وجهة نظره و قال بجدية مصطعنة: 

- هتقعد فاضي يعني !  طب ما تشاركني عشان متبقاش فاضي و تحس بملل 

- ياعم الله يبارك لك سبني في حالي اقولك روح اقعد مع عيلتك وقضي الإجازة معاهم 

-مليش أهل أنا يتيم 

- اقعد مع اخواتك 

- ماعنديش اخوات كان عندي أخ واحد بس 

اقعد معاه واطلع من دماغي 

لا اصله مش موجود 

ليه راح فين ؟!

- مش عارف بس هو كان يقول للشيـ ـطان قوم وأنا اقعد مطرحك 

- وبعدين ؟!

- مافيش بعدين هتخليني شريك معاك ولا ترفض وابقي بردو شريك معاك ؟!

- لا دا ولا دا واطلع من دماغي بقى 

- في ولد شاطر زيك يقول اطلع من دماغي ؟!  طب لما أنا اطلع من دماغك مين هيدخل مكاني تولين مثلا و كدا زهران يزعل اوي 

- أنت متأكد إنك راجل اصل أنا شاكك في الاعدادت بتاعتك 

- قصدك إيه ؟! 

- قصدي إنك زي العيل الصغير أنت عندك كام سنة ؟! 

- ستة وتلاتين سنة وأنت ؟! 

-اصغر منك بسنة 

- يبقى تسمع كلامي وتشاركني والكبير عنك بيوم يعرف عنك بسنة وأنا كبير عنك بسنة يبقى أنا اللي امشي الشغل يا بيدو يلا روح العب برا بس اوعي تكسر حاجة احسن تولين تزعلنا كلنا 


حرك " بدران" رأسه حرك بلا معنى و هو يدون بعص المعلومات على حاسوبه النقال بينما كان " زهران" يطالعه في صمت، مر أكثر من ثلاث دقائق  زفر بضيق و يقول 

- أنا زهقت من القعدة دي. أنا عاوز اعمل حاجة 

- روح العب بس بلاش تكـ ـسر حاجة احسن تولين تكـ ـسر رقبتك 

- لا انا عاوز اكل قوم اعزمني على الأكل 

- مش جعان كُل أنت 

- لا مبحبش ادفع انا بحب اكل بس 

- عايش على قفا الناس يعني ؟!


رد " زهران" بنبرة ساخرة 

- إيه دا في رجل اعمال يقول قفا الناس !! فعلا باد بوي اوي بجد، شغل الحواري دا ميتقالش هنا 


ترك  " بدران" الحاسوب ثم نظر له و قال: 

- ومالها بقى الحواري يا بن حواري موسكو أنت مش احسن من اللي لابس بدلة و ماشي يرازي في خلق الله ؟! 

- طب خليك جدع و اعزمني على الاكل عشان جعان اوي بجد 

- قلت لا يعني لا روح أنت وابعت لي الفاتورة أنا هحاسب عليها 


بعد مرور خمسة عشر دقيقة 

تناول " زهران" قطعة من اللحم المشوي بينما كان  " بدران" يلوك لقيماته ببطءٍ شديد وهو يطالعه حرك رأسه وقال بتساؤل:

- مالك بتبص لي كدا ليه ؟! 

- مافيش 

- بدران خلص مالك في إيه ؟! 


سحب أنفاسه بعمق و هو ينظر ثم قال:

- مش عارف إذا كانت الصفقة دي هتكمل ولالا قلقان الصفقة كبيرة اوي على الشركة في الوقت الحالي  وخـ....


رد " زهران" و قال بجدية

- خايف تخسرها ؟! 


حرك رأسه علامة النفي ثم قال:

- لو كانت فلوسي مكنش فرق معايا اكسب ولا  

اخسر لأنه مالي لكن دا مال حد وثق فيا و أمني عليه فـ أكيد هيبقى في قلق 


جفف " زهران" فاه بمنشفة صغيرة و قال:

- سيب لي المهمة دي و أنا هظبطهالك 

- لا أنت لا 

- ليه بقى إن شاء الله ؟!!

- مش عاوز لعب عيال في الصفقة دا غير إن عليك بلاوي و رقبـ ـتك مطلوبة عند كل واحد شوية فـ انسى اخليك تدخل الصفقة دي فاهم و لالا ابعد عن الشركة يا زهران و شوف نصيبك بكام و أنا هشتري 


رد "زهران" بعناد و قال:

- و أنا مش عاوز ابيعه 

- يبقى تسمع كلمة رئيس مجلس الإدارة اللي هو أنا يعني و تسمعنا سكاتك 


بعد مرور ساعة و نصف 


رفع "زهران" رأسه بثقل عن ظهر "بدران" الملاصق لظهره بدأ يتفقد المكان جيدًا، وجدها حجرة خالية من الاثاث، شعر بجسد ذاك الأخير يحتك بجسده بعنف فـ بدأ ينهال عليه الأسئلة  ضاق صدره  و هو يقول:

يعني ياربي يوم ما اتخطف اتخطف مع بدران !! 

وماله بدران يا أبو دم خفيف  أنت ؟! 

لا بقولك إيه بطل فرك ايدي وجعتني و أنت اصلًا شبه درفة الباب كدا و دايس على الناس ومش هامك  حد 

تعرف تخرس وتخليني افكر شوية

لا و أنت الصراحة يا واد مفكر عبقري فعلا !! 

فكر يا خويا هتطلعنا من اللي احنا في ازاي ؟!! 


هاطلعني من اللي أنا في شيل خرف النون دا من كلامك معايا عشان لو لاقيت طريقة اخرج بيها من هنا اقسم بربي ما هعبرك حتى 

معلش ماهو العيب مش عليك العيب على اللي قلبه رق و حن عشانك هو كدا قلبي دايمًا موديني في داهية 

يابني اخرس شوية صدعتني 

خرست اهو اتفضل خرجنا بقى 

يارب ياتاخده يا تاخدني قبل ما اقـ تله 

يابني قلت لك بطل فرك ايدي وجعتني و سلخت ضهر ي أنا كان مالي ومال الشورة المهببة دي بس ياربي حب إيه ووجع قلب إيه بس و ماله جواز الصالونات انا بس اللي كان لازم اعمل فيها امير الأنتقام منك لله يا علياء أنتِ السبب 

مش قعدت تقولي خدني معاك يابدران خدني معاك يابدران احسن ازعل اديني خدتك معايا اهو يا خويا ارتاحت كدا !! 

ارتاحت إيه هو اللي يشوف وشك يشوف راحة روح ياشيخ حسبي الله ونعم الوكيل فيك وفيا عشان جت لك ياجدع بطل فرك ايدي وجعتني 

أنت عارف أنا نفسي في إيه دلوقت ؟! 

قول ياخويا هو الكلام بفلوس !

نفسي وشي يجي في وشك 

وشي يجي في وشك !! هو أنت طلعت منهم ولا  إيه يا بدران ؟!  إن كنت أنت منهم أنا لا فاهم 

منهم إيه يا حتة متخلف انا نفسي اشوفك عشان اديك ميت قلم وشك أنا متغاظ منك اوي 

أنت عارف لو حد دخل دلوقت والله لاخلي ياهدني اوضة لوحدي بدل القعدة معاك هنا وبطل فرك بقى تعبتني 

اوضة لوحدك إيه يا متخلف هو أنت فاكر نفسك في اوتيل خمس نجوم أنت مخطو ف فاهم ولا محتاجة شرح دي كمان ؟!!

طب أنا عاوز اعرف الخطف دا مطول ولا إيه الحكاية ؟! أنا زهقت 

معلش هو بداية الخطف كدا مملة بعد كدا بياخدونا على الچاكوزي ويدلعونا 


طب ما يدخدونا من دلوقت بدل الفرهدة دي 

ياجدع بطل فرك بقى تعبتني معااااك  

يتبع 

جاري كتابة الفصل الجديد  للروايه حصريا لقصر الروايات اترك تعليق ليصلك كل جديد أو عاود زيارتنا الليله

لمتابعة باقى الرواية زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل 

متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا

الرواية كاملةمن هناااااااااا

مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا

 مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هناااااا






تعليقات

التنقل السريع