القائمة الرئيسية

الصفحات

translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية خسوف القمر الفصل الثلاثون 30الاخير الجزء الاول بقلم نداء علي حصريه

 

رواية خسوف القمر الفصل الثلاثون 30الاخير الجزء الاول بقلم نداء علي حصريه 





رواية خسوف القمر الفصل الثلاثون 30الاخير الجزء الاول بقلم نداء علي حصريه 



#الفصل_الاخير

#خسوف_القمر

#حصري


بسم الله الرحمن الرحيم

لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين


الجزء الاول من الفصل


🔸🔸🔸🔸

ومن أقصى درجات الحب وأعلاها مكانة سكون الروح في قرب الأخر؛ أن تطمئن عند رؤيته....


ابتسمت نجاة بدورها عندما تعالت ضحكات ماسة التي يدغدغها والدها بحنو؛ تراقبهما دون ملل وكيف يمل الإنسان من تلك اللحظات التي لا يجود الزمان بها كثيراً....


خبت بسمتها سريعاً عندما اقتربت راوية قائلة بسخرية:


كيف حالك يا نجاة؛ هل ذهبت الي طبيب لمتابعة الحمل؟


نجاة بهدوء : أجل؛ لقد ذهبنا بالأمس.

قلبت عيناها قائلة:


ربما يمن الله عليك بالولد وعندها ينال ابني حسنة واحدة من تلك الزيجة البائسة.


ادمعت عينا نجاة فتحدث جاسم برفق الى ماسة قائلاً:


هيا يا ماستي لتخلدي الى النوم انتِ وماما وانا سألحق بكما


امسكت نجاة بكف الصغيرة وكأنها تحتمي بها واسرعت الى غرفتها...


تحدثت راوية بحدة وغضب قائلة:


هل بلغت بك الوقاحة أن تطردني من بيتك بأسلوب مهذب؛ هل تجرؤ علي الوقوف بوجهي من اجل زوجتك!


نظر اليها جاسم بترقب قائلاً'


لم يا أمي؟ لم أشعر بكرهك لي منذ الصغر؟ 


راوية برفض : أنا اكرهك؛ انت ابني الوحيد فكيف لا احبك


جاسم بحزن : أنا مطلقاً لم انم بين يديك؛ لم نتضاحك سوياً؛ دائما كنت أراكِ عابسة بوجهي وباسمة بوجه الآخرين إلى أن أيقنت أنني السبب؛ مؤكد أن بي ما يغضبك


راوية : دع عنك هذا الحديث الذي تسعى من خلاله الي تبرير فعلتك ورغبتك في عقوقي


جاسم بغضب : توقفي؛ بالله عليك توقفي عما تفعلين واخبريني؛ لم ترفضين سعادتي؟ 


لقد تمنيت أن تلفظين اسمي بحنو؛ اهفو الى كلمة بني؛ حبيبي؛ عزيزي ولكنك جامدة لقد كرهت اسم جاسم وصرت أخشاه بسببك 

أدمعت عينا راوية قائلة:


لقد أردت ان أحسن تربيتك؛ خشيت أن يقال تربية امرأة؛ مدلل؛ فشلت والدته في انشائه؛ ربما كنت قاسية ولكن والدك السبب؛ لقد لفظنا خارج حياته دون التفات وصرت خائفة من الضياع ورغم زواجي من رؤوف وحسن معاملته واحسانه إلينا الا إنني لم أغفل عنك مطلقاً فلم تعد لي ثقة بأحد سوى نفسي. 


جاسم بحزم : أنا لا أحاسبك؛ ولا أملك أن أفعل؛ ولكن ما أقوله رجاء؛ أمي أنا متعب لم أعد احتمل المزيد من الكره والغضب والرفض انا أبحث عن سعادة متواضعة ووجدتها بعد عناء؛ ربما لا تعجبك نجاة ولا ترقى الى مستوى تطلعاتك لكنني أطمئن جوارها؛ استعدت نفسي بعدما دخلت الى عالمي البائس. 


دعيني اقضي حياتي كما أريد فإن كان خيراً فأنا اتوق اليه وإن اتى شر فلن أستطع دفعه فالأمر كله لله.


🔸🔸🔸🔸


وتمضي الأيام ومازالت انتظر لعل ما مررنا به كان رؤيا سولتها لنا مخاوفنا وبعد قليل ينتهي كل شئ وافتح عيناي فأسعد بقربك ولكن هيهات فما حدث لا فرار منه فهو واقع سوف أحيا برفقته حتى الممات


ملابسه تخضبت بدمائها واحتفظت بها وكأنها كل ما تبقى له منها... 


صامت هو وجواره ولده؛ يامن الذي يبدو فاقد للحياة انفاسها خافته وعيناه منكستان أرضاً...


همس راشد بحزن الي جمال قائلاً:


سيدي عليك بالاستعداد لتلقي العزاء؛ كما ان ملابسك متسخة ولا يليق بك ان تبقى هكذا.


نظر اليه جمال ولم يعقب وهل هناك ما يقال؟

لقدانتهت مباراته التي امتدت عقود يسعى باستماتة إلى الفوز ولكن نهال أحرزت فوزاً قضى عليه وكسر غروره الذي عجزت سنوات الفراق عن كسره؛ لطالما انتظر عودتها بثقة لم تتزحزح لكنها لم تعد ولن تفعل 


دقائق تعدو وتهرول في عقبها ساعات ويامن لا يتحدث؛ وقف الى جوار والده يتلقيان العزاء بثبات كاذب فهو على شفير الجنون؛ عقله لا يستصيغ ما يقال؛ لمَ يتقدم إليه هؤلاء بالعزاء وكلمات المواساة المعتادة التي تلقاها من قبل عندما فقد رأفت. 


وانقضى العزاء وعاد كل إلى حياته وهرول يامن الي داخل القصر وكأنه يبحث عن ملاذ يحميه ولكن أين هو؟ 


لحق به جمال فهيئة ابنه لا تبشر بالخير وصموده غير مبرر 


كان يبحث يمنة ويسرة عن شئ ما؛ بينما جمال  تحمله قدماه بالكاد. 


حمل يامن بعضاً من ملابسه بصورة عشوائية ودفعها بعنف داخل احدى الحقائب، فتح عدة ادراج أمامه وعندما لم يجد ما يريد اصابته عين الحقيقة وادرك واقعه 


صاح متأوهاَ ويداه تطيحان بكل ما يراه أمامه؛ يبكي بحرقة ويصرخ متألماً 

تطلع الي صورة معلقة أمام ناظريه بغضب وحدة 

صارخاً بمن فيها قائلاً :

هل انت راضٍ الان؟ لقد استطعت بالكاد العيش دونك ولجأت اليها فاطمئن قلبي؛ لمن ألجأ الأن يا رأفت؟ هل أتت أمي إليك وتركتني من جديد؟ 


اقترب جمال منه بحذر قائلاً:

يامن؛ بني؛ هون عليك. 


يامن دون وعي:

لمَ؛ كيف انتهى بنا الحال هكذا؟ 

لقد قضيت طفولتي وصباي أكرهها؛ كلما رأيت طفلاً تحتضنه والدته كنت ابغضها أكثر؛ لقد كنت اتمادى في نزواتي وأخطائي كي أحزنها؛ كنت اعاقبها كونها تخلت عني؛ لكن بعدما عدت إليها واحتضنتي نسيت كل ما مضى؛ لحظة واحدة بين يديها أعادتني طفلاً واستطعت البدء من جديد.... 


وأنا الأن في أمس الحاجة إليها؛ لمَ 

يا إلهي ما أشعر به لا يحتمل؛ لا طاقة لي به 


صاح بكل ما به من حزن وغضب ورفض ولم يجرؤ جمال على ضمه إليه لكنه تساءل في ضعف قائلاً:


هل تكرهني يا يامن؛ أعلم أن ما اصابكم جميعا يرجع اليَ وحدي ولكن اقسم لك أنني اتمنى الموت الأن اكثر من أي شيء أخر؛ لم يخيل اليَ يوماً ما أن تنتهي حياتنا هكذا 

يامن بتيه 

عليَ السفر الى الخارج؛ لن أبقى هنا فلم يعد من أحد يبقين. 


جمال بتردد : وزوجتك؟ !!!


قهقه يامن بحزن وانكسار قائلاً :

لم أدرك سوى اليوم أن هروبها كان الحل الأمثل لسعادتها فأنا شخص ملعون؛ من يقترب مني نهايته الموت 


جمال : زوجتك لم تهرب. 


لم يعره يامن اهتماماً فعقله قد لجمته الصدمات وبات غائبا مع من غابت... 


استمر يامن في جمع ما تطاله يداه ويدسه بحقيبته لكن جمال قد فقد صموده الواهن فسقط أرضاً يتنفس بمشقة وقد تبدلت ملامحه وكأنه يصارع الموت 


انحنى يامن مسرعاً اليه يتطلع إليه بعيون جاحظة خلع عنه رابطة عنقه وبدأ في تدليك صدره بقوة وتخبط وكأنه لا يعلم ما يفعله..... 


امسك جمال كفه بضعف وللمرة الأولى تنهمر دموعه بلا توقف قائلاً :


لا تخف؛ أنا فقط متعب؛ استمع الي جيداً ولكن أرجو ان تلتمس لي العذر يوما ما.... 


تنفس باجهاد قائلاً:


لقد قمت بتهديد قمر؛ جعلتها ترى الجانب الحقيقي من وجه جمال رشدان؛ الوجه الذي تسبب من قبل في قطع كل السبل بيني وبين نهال 


يامن بضعف : ماذا فعلت يا أبي ؟


جمال : أخبرتها انك لن تحتمل؛ سترجع الى عالمك وتتركها؛ جعلتها تشاهدك انت وسوزي تتبادلان القبل؛ أخبرتها أنها لا شئ 

لكنها لم تتراجع ولم تصدق 


يامن بتعجب : إذاً لمَ لاذت بالفرار؛ لم تخلت عني؟ 


ظل جمال عاجزاً عن الرد؛ فما يقوله لا يغتفر لكنه سيفعل ما طلبته نهال؛ لن يبقى حائلاََ بين ابنه وسعادته 


قص جمال على مسامع يامن ما حدث بينه وبين قمر تفصيلا ليهتف يامن باحتقار:


أتعلم؛ لقد توقعت انك من تسبب في اختفاء قمر؛ ظننت الكثير من الأمور لكن مطلقاً لم يخيل اليَ ما تقول. 


أنا لم يعد بداخلي ما يمكن كسره؛ أتعلم أنا لا اكترث لمَ فعلت ورغم ما حدث لن يغير من واقعي شيء؛ لقد اختفت زوجتي وفقدت والدتي ودمرت كلياً؛ هل انت راض هكذا؛ هل نلت مرادك؟


جمال بدمع متحجر يأبى الاستسلام

لم أنل شيئاً يابني؛ لقد خسرت كل نفسي وروحي بغياب نهال. 


🔸🔸🔸🔸

صاح عثمان بغضب مصطنع رافضاً سفرها بصحبة قمر ليقول بهمس يأثر مشاعرها

وكيف لي ان أبقى دونك؛ هل يحيا عثمان دون نجمته


ازداد خفقان القلب وتسارع وجيبه لتبادله الهمس بدلال قائلة:


عثمان؛ هل يطاوعك قلبك أن اترك قمر في وقت كهذا؟؛؛ تعلم أنها تدعي الصلابة بينما هي ترتعد خوفاً


عثمان بمشاكسة:وماذا عني يا نجمتي؟

علياء بحب : انت سندي وزادي في كل وقت.


عثمان بصدق:

ومحال أن يخذلك عثمان؛ سوف نذهب سوياً؛ وعقب اتمام الجراحة نرجع الي هنا ولكن هناك شروط غير قابلة للرفض قبل السفر


علياء بتزمر : وما هي؟

عثمان : ان تكفي عن الحركة دون داع؛ عليك أن تولي طفلي مزيداً من الاهتمام

علياء : وماذا بعد؟

عثمان : وان تضاعفي اهتمامك بوالده المسكين

علياء : انت مسكين؛ انت!!!

عثمان : أنا العاشق لعينيك يا عليائي


قهقهت بسعادة وشاركها عثمان الضحكات فقد صاما سنوات عن الضحك؛ صيام دائم لم يتخلله إفطار حتي كادت الأنفس أن تهلك فمنَ الله عليهما ببئر نبعه لا ينضب فأخذا ينهلان منه بلا ملل....


...................... 

ترددت قمر في الحركة فعادت ادراجها تحتضن علياء بقوة تلتمس بعض الثبات فبادلتها علياء بحب قائلة:


لا تخافي حبيبتي؛ نحن هنا بانتظارك؛ هيا اذهبي لترجع إلينا قمر السماء مرة اخرى


ساعدتها فتاة من هيئة التمريض وتوجهت الي مصير تطمح في اشراقه....


ثلاث ساعات امتدت إلى اربع وبدأ القلق يتسرب الي قلب علياء لكن عثمان كان إلى جوارها يتحدث إليها بتشجيع إلى ان فتح باب العمليات وخرج يوسف بصحبة باقي الاطباء....


هرولت علياء فاستوقفها عثمان بحدة طفيفة قائلاً:

اهدئي يا علياء بالله عليك


تريثت قليلاً وتراجعت عن تسرعها واسرع هو قبالة يوسف ومن معه


ابتسم يوسف بعدما ازاح عن وجهه كمامته؛ ابتسم عثمان بارتياح ليتساءل:

هل قمر بخير؛ كيف هي النتائج؟


يوسف بسعادة طالب أراد ان يرد دين قديم لاستاذه؛ ذاك الرجل الذي كان عاشقاً للعلم واعطاءه لتلاميذه دون مقابل؛ لقد تتلمذ علي يديه كان يراه أبا وقدوة؛ طفل يتيم لا أحد يؤازره سوى والدته ووالد قمر....


يوسف : حمداً لله لقد تمت الجراحة بنجاح ولكن ينبغي ان تبقي قمر بعيدأ عن أي مصدر للضوء او الإجهاد الزائد إلى أن يقوم الطبيب بإزالة الضمادات والشاش ونرى النتيجة النهائية


علياء بترقب : متى يا دكتور؟ متى يتم ذلك


يوسف : بعد يومان ان شاء الله....


تنهدت علياء بسعادة وتمني أن ترجع قمر كما كانت وينتهي ما تحياه من الآلام المتتابعة.... 


وبالداخل كانت قمر بين اليقظة والنوم اثر عملية التخدير المرافق للجراحة تتخيل أمامه يامن يطالعها باشتياق  


تحدثت بضعف تعاتبه باكية بخفوت : لقد رأيت خيانتك بعيني.... 


لقد مزقت بيني وبينك كلّ السبُل فدعني وشأني.. 


هتف بجدية وتأكيد : لقد اعترفت لكِ من قبل بكل شئ ولم أخفي عليكِ أمراً.. وشئتِ أم أبيتِ أنتِ لي وتعلمين يقيناً أنني لم أخنكِ 


أدمعت عيناها وتحدثت برجاء :


أحقاً لم تخن؛ ولكن كيف وقد رأيت بعيني؟ 

ضمها إليه فغابَ كل شئ حتي غضبها الكاذب اختفى مبتعداً لتضمه هي الأخرى قائلة :


لم أصدق اي شئ؛ أنا أثق بك وأعلم انك تستحق ولكن أين انت ولم تأخرت 


اجابها بصوت ضعفه مميت قائلاً :


ارجعي إليَ فأنا على شفا الموت؛ احتاجك يا قمر 


غاب طيفه عنها وبحثت عنه دون جدوى دقائق واستمعت الي بعض الاصوات من حولها ميزتها علي الفور فهذه علياء وزوجها... ولكن أين يامن 


أدركت قمر ان ما حدث ماهو إلا حلم... فتحت عينيها رويداً رويدا إلى أن التقت بعيني علياء ووجهها الباسم لتبادلها الابتسامة بتعب قائلة :


أنا بخير يا علياء لا تقلقي؛ عادت لتغمض عيناها مرت اخرى تتوق الي رؤيته من جديد ولكن ليس بعد.....


🔸🔸🔸🔸🔸

زحفت ببطئ قاتل تتلفت حولها بفزع لقد استطاعت الهرب بعدما تركها وذهب الي عمله؛ لقد قضت بصحبته أيام قليلة توازن ما مضى من عمرها بأكمله؛ لم تشعر من قبل بتلك المهانة ولم يداهمها ذاك الخوف الشرس؛ لقد وقعت في شر أعمالها دون شك....


ابتسمت بعدما لاح أمامها سيارة تقترب؛ استجمعت كل ما تبقى لديها من قوة ووقفت علي جانب الطريق تلوح بجنون وصخب لتلك السيارة لعلَ صاحبها يساعدها ويأخذها بعيداً عن تلك المنطقة النائية


ترجل عادل من سيارته بخطى غاضبة غضبها كبرق السماء في قوته؛ هرولت هي مسرعة لا تعلم أين تختبئ لكنه ودون جهد يذكر امسك بخصلات شعرها المتطايرة خلفها يجرها إليه يتوعد بانتقام يناسب فعلتها فكيف تجرؤ علي الهرب من عرينه


اخذت تصرخ وتتوسل أن يتركها لكنها لم تنل منه اجابة بل اكتفى بالنظر أمامه بترقب وكأنه يستحضر عقاباً مناسباً لها... 


ألقاها عادل بعنف لا يحتمل داخل البيت وتوجه اليها بعيون شامتة بينما هي تتراجع الي الخلف ترجوه ان يبتعد ولكن هيهات فقد باتت له إدماناً يساعده علي البقاء وتخطي معاناته منذ الصغر علي يدي زوجة والده.... 


🔸🔸🔸🔸

اعتكف في غرفته يطارده أطياف الماضي وحنين لا يعرف الرحمة يعتصره بقسوة يعنفه قائلاً'


لمَ انتظرت؛ لقد فقدتها إلى الأبد؛ أرأيت كيف صرنا لقد باتت ماضياً وبقيت انت وحيداً


أغمض جمال عينيه يسترجع ما كان بينهما؛ كيف التقيا ومتى حاصرها بحبه وجنونه إلى أن استسلمت وسلمته حياتها فأطاح بها من فوق الذرى....


حلقت روحه إلى الأعلى حيث تذكرها منذ سنوات في نفس المكان وذات الفراش الذي لم يجرؤ علي استبداله؛ تحمل بين يديها رأفت لحظة مولده؛ لقد بدت كشمس لن تغيب شمس اشراقها دافئ يطرد الخوف. 


كم كانت ابتسامتها عذبة مطمئنة واثقة أنه لن يخذلها....... 


كم جاهدت لجذبه الى بر الأمان وكم جاهد هو في افشالها؛ لقد سعت ولم يسع هو مطلقاً؛ توهمت انه سيتغير وما كان ليفعل فرغبته في التغير كانت هشة؛ ضعيفة كسرت سريعا وعاد مهرولاً الى دنياه لكنه احتفظ بها داخله في ركن لا يمسه تلك الغوغاء؛ جزء لم يلوث ولكنه اختفى بموتها وسكنه حسرة وندم مذاقهما شديد المرارة....


ضم بين يديه بضعة أوراق وتحدث إلى نفسه قائلاً :


أوراق بائسة يا جمال؛ حفنة من اللاشئ اضعت عمرك بأكمله في الحفاظ عليها؛ إرث لا حدود له اجتهدت في الحفاظ عليه وفقدت روحك ودهست من أحبك من أجله


ها أنا امتلك بين يدي ثروة لا حصر لها؛ أموال محال أن أفلح في إنفاقها لكنها تعجز عن اعادة من رحلوا 


سامحيني يا نهال؛ سامحيني فقد ظلمتك عندما وقعت رغماً عني في عشقك واستمر ظلمي لك بعدما سعيت إلى وصالك وامتلاكك؛ لم يخيل اليَ أن الاستقامة أمر مهلك يصعب على امثالي التمسك به فهي كحد السيف قليل من يحتمل ويبقى علي العهد أما أنا فضعفت ولم اطق صبراً 


أعاد التدقيق إلى ما بيده قائلاً :


لقد آن الأوان؛ عليَ الرحيل فلم يعد لدي ما يبقين 


اقترب بخطواته من غرفة يامن؛ طرق الباب بضعف وكالمعتاد لم يقابله سوى الصمت.... 

دلف بحذر باحثاً بعينيه عن يامن فوجده واقفاً بالشرفة يتطلع الى السماء... 


تحدث جمال بهدوء قائلاً:

يامن؛ هلا أتيت إلى هنا قليلاً؟ 


استدار يامن بتعجب قائلاً :ما الأمر؟ 


التقيا في منتصف المسافة فمد جمال يده بالأوراق التي يحملها قائلاً:تفضل 

يامن : ما هذا! 


جمال بصعوبة وكأن الكلمات باتت تؤلمه : تلك أوراق ملكية لكل شئ؛ لقد تنازلت لك عن كافة ممتلكاتي؛ عليك بالتصرف بها كما تشاء وانا علي يقين انك ستحسن التصرف وتفعل ما عجزت أنا عن فعله؛ اجعل من تلك الثروة مصدر لسعادتك واياك ان تجعلها تمتلكك بل افرض سيطرتك عليها واكبح جماحها.... 


يامن برفض : أنا لا أريد أي شئ؛ لم يعد لي رغبة في مال ولا سلطة... 


جمال بغضب : اياك واليأس يا يامن؛ هل تسمع اياك واليأس فما اوصلني الى ذاك المسخ الذي أمامك يأسي من الاستمرار والتغير الى شخص افضل؛ يأست ومللت سريعا إلى أن عدت الى سابق عهدي أسوأ بكثير مما كنت عليه؛ أقلعت عن ادمان المعصية وسرعان ما رجعت اليها بشراهة ونهم؛ اياك ان تياس هل فهمت؟ 


ابتلع يامن ريقه بصعوبة وألم مما آل اليه حال والده فمن يقف أمامه الأن ليس جمال رشدان بل صورة باهتة منه. 


احتضن جمال يامن بقوة تضاهي قوة تألمه معتذراً بصدق ورحل مرة اخرى لا يجد سبيلاً يسلكه....


🔸🔸🔸🔸🔸

ومن يتألم يعانده الوقت فلا يمضي ويقف بوجهها بشموخ يتحداه أن ينعم براحة فهو له بالمرصاد....

كان جمال يرجو النوم ان يأتيه لكن جافاه ولم يرق له 


بينما يامن تعلو وجهه هموم قاسمة لكنه لم يستسلم؛ بدأ البحث عنها من جديد؛ يسعى الى الوصول إلى بيت علياء تلك وكأنها طوق النجاة الأخير بالنسبة له. 


اقترب الخادم من مجلسه قائلاً باحترام:


اعتذر إليك سيدي؛ هناك طبيب يدعي يوسف راغباً في مقابلتك


هب يوسف واقفاً بانتباه قائلاً :


دعه يدخل سريعاً يا فايز؛ واحضر لنا بعض القهوة 


لحظات واقترب يوسف ملقياً التحية مادداً يده بالسلام قائلاً:

السلام عليكم دكتور يامن؛ البقاء لله. 

أعتذر فقد تأخرت في تقديم واجب العزاء.


يامن : الدوام لله دكتور يوسف؛ لا داع للاعتذار.


يوسف بتردد : لقد أتيت إليك رغم ان الوقت غير مناسب إلا انني قطعت لك عهداً ان أخبرك بما يخص قمر. 


تبدلت ملامح وجهه وهب واقفاً باتجاه يوسف ينظر إليه بترقب قائلاً:

هل أتت إليك؛ رأيتها؟


يوسف مبتسماً : لقد جاءت قمر إلى المشفى كي تخضع لتجميل.


يامن بخوف ورفض : لا تفعل؛ لا تستمع إليها؛ بالتأكيد هي خائفة مما فعله أبي واتخذت قرارها


اياك ان تستجب لها؛ هيا بنا سآتي معك واعيدها سالمة. 

يوسف بدهشة : ممَ انت خائف؟ 


يامن : هل تمزح؛ تلك الجراحات ليست آمنة كلياً؛ هل اتركها تغامر بشئ كهذا من أجل ارضاء الغير؟ لا طاقة لي بمزيد من الفقد. 

قالها بصوت مذبذب فأدرك يوسف مخاوفه


فتحدث بلين قائلاً :

وربما تنجح الجراحة وتستعيد جمالها السابق


يامن بغيرة وغضب:

وهل انت على دراية بجمالها السابق!!؟


تنحنح يوسف في حرج قائلاِ :

لم أقصد ولكن كما تعلم قمر هي ابنة استاذي السابق وبالطبع رأيتها كثيراً فيما مضى. 


تغاضى يامن عن تلك النقطة قائلاَ:

أين هي الآن؟


يوسف : بالمشفى تنتظر تحديد موعد للعملية

يامن بلهفة :هيا بنا؛ لنذهب اليها...


.................. 

اقتحم الغرفة دون انذار فاشتياقه اليها فاق حدود المنطق والتعقل، لكنه صدم بشدة عندما لاحظ ما يدور من حوله قمر بسرير طبي وذراعها معلق به محاليل دوائية؛ علياء تنظر اليه وتبتسم وكأنه قد وقع في فخ ما... 


التفت يامن الى يوسف لكنه قد غادر ولم يبق سوى قمره التي تصر علي جنونه وعلياء! 


استأذنت علياء في الانصراف ولم تستمع الى صوت أحدهما فكلاهما لا يدرك ما يدور من حوله.. 


اقترب بحذر فازداد القلب خفقاناً 

تحدث بصوت شجي متعب


قمر؛ لمَ ابتعدت؟ كيف تخليت عني؟ 

قمر بحب : لأني أحبك. 

يامن بحزن : ومن يحب إنسانا يذبحه ويتركه ينزف حتي الموت 


قمر بلهفة : بل يفديه بروحه؛ ولا يمسه سوء. 


يامن : لقد تركتني؛ لم أكن على قدر المسؤولية وإلا ما هربت خشيت أن يؤذيكِ والدي؛ لو أنك ترين بشخصي أماناً وقوة لما هربت


قمر بصدق : بل هربت ثقة بشجاعتك وعشقك؛ ولكن الخصم ما هو إلا والدك؛ هل كنت تتوقع أن اخيرك بيني وبينه؛ اخبرك بما قاله فتنتهي علاقتكما. 


لقد فقدت أبي وأمي وأدرك ما لهما من مكانة وما كنت لأحرمك من بر والدك ورضاه. 


اختنق صوتها ببكاء خافت فلم يقو على الاستمرار في عتابه بل القى بنفسه إليها يحتضنها بجنون عاشق وبكاءه وكلماته غير مفهومة؛ مسدت فوق رأسه تتحسس شعره بحنو لكنها صعقت بعدما قال:


لقد ماتت أمي؛ صرت وحيداً واعتقدت ان غيابك نهايتي؛ أمي لم تعد معي وانت هربت وانا تائه. 


قمر : كيف ومتى؟!!


استمر بكاءه ولم يجد ما يقول فخوفه من فقدها مرة أخرى جعله كطفل في وسط الزحام؛ وتنهدت هي في حزن من أجله فأثرت الصمت إلى أن يهدأ قليلاً:


أخذت تهدهده بحب إلى أن غفا بين يديها وكأنه لم يذق النوم منذ سنوات؛ ذهب في ثبات عميق للغاية فأخذت تتأمله؛ تتشرب ملامحه بتأني وسعادة؛ انحنت تقبل جبهته برقة تنتظر ان يفيق ويكملا حديثهما. 


منتظرة ارائكم وتعليقاتكم وارائكم في الفصل🥰🥰

انتظروا الجزء التاني...من الفصل الاخير

تكملة الرواية من هنااااااا

 لمتابعة باقى الرواية زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل 

متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا

الرواية كاملةمن هناااااااااا

مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا

 مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هناااااا



تعليقات

التنقل السريع
    close