القائمة الرئيسية

الصفحات

translation
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

رواية ظلام الصعيد الفصل العاشر 10بقلم نور الشامى حصريه في مدونة موسوعة القصص والروايات


رواية ظلام الصعيد الفصل العاشر 10بقلم نور الشامى حصريه في مدونة موسوعة القصص والروايات 




رواية ظلام الصعيد الفصل العاشر 10بقلم نور الشامى حصريه في مدونة موسوعة القصص والروايات 



الفصل العاشر

ظلام الصعيد


كانت الساحة أمام مديرية الأمن تضج بالصوت والعيون والدهشة...جنود وعساكر مصطفون في صفوف متوترة، وأهل القرية محتشدون على الجانبين، يتهامسون بوجوم وقلق، بينما الغبار يرتفع في الهواء مع كل حركة وفي منتصف المشهد، وقف أسد ببدلته العسكرية، وجهه غاضب يشتعل بالنار، يقابله جبل بالبذلة ذاتها، ملامحه متصلبة كصخر الجبل الذي ولد منه اسمه، ويداه ترتجفان من الغضب المكبوت فـ رفع أسد صوته صارخا:


 دا أمر يا جبل.... أمر ولازم يتنفذ


اقترب منه جبل بخطوات غاضبة، وصوته خرج كالرعد:


أمر؟! أمر إنك تقبض على مرتي يا أسد... بتجولي أمر اي امر دا 


ثم أشار بإصبعه نحوه، وملامحه تشتعل:


جمال مات يا أسد.... مات بإيده، دا انتحر مش مجتول 


شدد أسد نفسه للوراء ورد بعصبية لا تقل عن صاحبه:


الكلام دا تجوله في التحقيق يا جبل... جالنا بلاغ رسمي إنه اتجتل، والبلاغ موجه ضد مرتك، وأنا لازم أنفذ الأمر، وانت عارف اكده كويس.. مجدرش اعترض 


صرخ جبل بحدة:


تبجي مجنون لو صدجتهم... دي مؤامرة


اقترب أسد خطوة أخرى، واشتعلت العيون بينهما كشرارة أولى لحرب، ثم فجأة، اندفع جبل ودفعه بيده بقوة فرد أسد بلكمة في صدره... فارتد جبل نصف خطوة إلى الخلف، لكن سرعان ما رد الضربة بمثلها، لتتعالى الصيحات حولهما مرددين: 


: يا بيه حرام

: يا أسد بيه وجبل بيه مينفعش اكده اهدوا 

: العساكر يا ولاد، ابعدوهم عن بعض


لكن  لم يجرؤ احدا على التدخل، كانت الهيبة تحيط بهما كجدار من الخوف، حتى تدخل احدهم بصوت أعلى منهما جميعا صاح صوت جهوري قادم من خلف الصفوف مرددا: 


كفاااية... انتباه انتوا الاتنين 


تجمد كل شيء والتفت الجميع نحو اللواء فؤاد الذي خرج بخطوات حازمة، ووجهه يشتعل غضبا ووقف أمامهما، وصوته يقطع الهواء قائلا :


أنتو ناسيين نفسكم انتوا فين... انتوا جدام مديرية الأمن؟! دا منظر ضباط من اعلي القاده اهنيه 


أسرع كلّ من أسد وجبل إلى الوقوف في انتباه، ثم رفعا أيديهما مؤديين التحية العسكرية، بينما ما زال العرق يقطر من جبينهما فتقدم اللواء خطوة نحو جبل، وقال بنبرة صارمة:


ــ يا جبل، إنت لسه راجع الخدمة بعد ال حوصل، بلاش تبوظ كل حاجة من أول يوم. لو مرتك بريئة، التحقيق هيجول اكده، وهتخرج فورا.... أما دلوجتي... فإنت ال هتطلع المأمورية دي بنفسك


رفع جبل رأسه، وصوته خرج مبحوحا :


مجدرش يا فندم... مش هجدر أسيبها لوحدها، لازم أكون معاها.


فجاء الرد كصفعة عسكرية حاسمة:


 دا أمـــر يا حضرت الظابط 


صاح اللواء فؤاد بعنف و جعل الجنود يرتجفون ثم اكمل: 


 إنت وأســد هتروحوا مع بعض المأمورية، ومش عايز أسمع ولا كلمة زيادة مفهوم 


تبادلا نظرات مشتعلة، ثم أديا التحية العسكرية في صمت ثقيل، كأنها تحية وداع قبل معركة لا تعرف نهايتها وسارا معا نحو العربات بملامح متحجرة وفي الجهة الأخرى من الساحة، كانت جهاد تقف بين صفية وسلمي، وابتسامة نصر باردة ترتسم على وجهها وهي تتابع المشهد من بعيد.

وقالت وهي ترفع ذقنها بزهو شيطاني:


دلوجتي بس خدنا بتارنا يا صفية... بتار جمال وجبل هيرجع لحضننا تاني ويتجوز هو وسلمي وكل حاجه تبجب تمام 


نظرت إليها سلمي بضيق مكتوم، وكأنها غير راضية عما يحدث، لكنها لم تنطق، واكتفت بنظرة صامتة تائهة بين الخوف والندم ولم تلاحظ أي منهن الشخص الذي وقف بعيدا في ظل عمود حجريّ على جانب الشارع...

رجل يرتدي معطفا داكنا عيناه تتابع المشهد بصمت قاتل، وكأنه يعرف ما لا يعرفه أحد وهو ينفخ دخان سيجارته ببطء وقال همسا لنفسه:


 دا انتوا شياطين مش بني ادمين.. مستحيل تكونوا بشر زينا بس معلش.. انا هوريكم هعمل فيكم اي 


وبعد فتره كانت شوق جالسة في ركن غرفتها العتيقة، على كرسيها المتحرك الذي صار شاهدا على كل ما خسرته، والشرر يتطاير من عينيها الغائرتين كجمر تحت رماد هادئ

والغرفة تغمرها رائحة البخور والقلق، وصوت عقارب الساعة يضرب في الصمت وأمامها وقف شاب في منتصف الثلاثينيات، طويل القامة، ملامحه حادة كأنها منقوشة من صخر الصعيد نفسه و في عينيه بريق غامض يدل على ذكاء فطري وخطر كامن... كان هذا رسلان ابنها الآخر، وأخو جبل من الأم فقالت شوق بغضب مكتوم وهي تشد على ذراع كرسيها بعنف:


ازاي يعملوا اكده في مرت ابني يا رسلان؟! ازاي يظلموا البنت دي بالشكل دا


اقترب منها رسلان بخطوات واثقة، وصوته خرج هادئا لكنه يحمل نغمة استنكار:


انا بس عايز أفهم حاجة يا أمي... جمال دا انتحر ولا حد جتله فعلا؟


نظرت إليه شوق للحظة طويلة، وعيناها تلمعان بالمرارة، ثم قالت ببطء:


معرفش يا رسلان... والله ما اعرف. بس ال أنا متأكده منه إن في لعبة كبيرة بتتعمل حوالينا، والبنت دي مظلومة، مرت أخوك معملتش حاجه 


تنهد رسلان، ومد يده يمسح على ذقنه بتفكير، ثم قال:


 يعني عايزاني أعمل إي دلوجتي يا حجه 


حدقت فيه بعزم مفاجئ، وصوتها ارتفع بثبات :


تعمل ال لازم يتعمل يا رسلان... دي مرت أخوك، والدم ميهونش.... واجبك تحميها وتكشف مين ورا المصيبة دي، سواء كانت صفية ولا جهاد ولا غيرهم 


اقترب منها أكثر ثم جثي على ركبتيه أمام الكرسي و أمسك يدها بحنان خشن وقال بصوت خفيض:


حاضر يا حجه ... متخافيش. وعد مني مش هخرجها 


ثم انحنى وقبل يدها بخشوع، بينما دمعة خفية انزلقت من عينها وسقطت على شعره قالت وهي تلمس وجهه المرتبك:


رسلان... حمايه اخوك ومرت اخوك في رجبتك يا ابني اوعي حد منهم يوحصله حاجه انا عارفه انك قد المسؤوليه


نهض رسلان ببطء ونظر إليها نظرة طويلة فيها مزيج من القوة والشفقة، ثم خرج من الغرفة بخطواتٍ ثقيلة تحمل نية لا رجوع عنها وظلّت شوق صامتة لثواني قبل أن تتحرك بعصبية وتضرب بعصاها على الأرض، وصوتها يخرج غاضبا مليئا بالقهر والانتقام:


 جهاد... صفية... جسما بالله ما هسيبكم تعيشوا في أمان بعد النهارده... فاكرين إنكم كسبتوا؟ لع والله... استنوا عليا لعبتكم انتهت خلاص 


ثم نظرت نحو الباب الذي خرج منه رسلان وبعد عدت ساعات كانت سماء الليل تشتعل شررا فوق أرض المواجهة وأصوات الرصاص تمزق السكون، وصيحات الجنود تختلط بصدى الانفجارات الصغيرة التي تهز المكان. كان أسد يقف في الصف الأمامي، مرتديا بدلته العسكرية الملطخة بالغبار، وصوته يجلجل وسط الفوضى:


خدوا الغطا... محدش يتحرك إلا بإشارتي


كان جبل إلى جواره، عيونه تترقب كل حركة، ونبضه يتسارع كلما اقتربت النيران منهم. والغبار كان كثيفا ورائحة البارود تملأ الهواء فـأطلق جبل طلقة سريعة على أحد المجرمين المختبئين خلف جدار مهدم، ثم ركض ليغطي أحد الجنود المصابين وفجأة، رأى أسد أمامه رجلا يرفع سلاحه نحوه مباشرة. لم يكن هناك وقت للتفكير، فاندفع جبل بكل قوته وصرخ بصوت حاد: 


خد بالك يا أسد 


ثم أطلق النار، فسقط المجرم أرضا قبل أن يضغط على الزناد. التفت أسد نحوه، وصاح بانفعال:


انت مجنون.... كنت ممكن تموت اكده 


ـنظر جبل اليه بعصبيه وهتف: 


لع اسيبك انت تموت صوح يلا خد بالك 


استعادا الاثنين موقعيهما وسط المعركة، يتبادلان إطلاق النار مع من تبقى من العصابة. لكن فجأة، من زاوية بعيدة، خرج رجل مقنع، يحمل سلاحا موجها نحو جبل. كان على وشك إطلاق النار حين اندفع شخص مجهول من بين الظلال، ألقى بنفسه أمام جبل وتلقى الرصاصة في كتفه فـتجمد جبل في مكانه، وصاح:


انت مين عاد 


لكن الرجل لم يرد، كان يضع قناعا أسود يغطي وجهه بالكامل، والدم يسيل من كتفه وقبل أن يتمكن جبل من الاقتراب، ظهر رجلان مسلحان يرتديان ملابس سوداء، أطلقا قنابل غاز خفيفة غطت المكان بسحابة بيضاء خانقة فـسعل الجنود والمجرمون، واضطربت الرؤية. وسط الفوضى وسحب المسلحان الرجل المصاب واختفوا بسرعة مذهلة بين الأنقاض فـحاول جبل اللحاق بهم، لكن أسد أمسك بذراعه وهتف:  


سيبهم دلوجتي، المأمورية لسه مخلصتش


أومأ جبل بعنف، وعاد للقتال. وبعد دقائق طويلة من النار والصراخ، خمدت المعركة أخيرا وسقط المجرمون واحدا تلو الآخر، وتم تقييد الباقين فـوقف أسد يمسح العرق عن جبينه وقال:


المأمورية نجحت... بس انت شوفت الراجل ال أنقذك؟! مين دا مش مننا 


تنهد جبل بصوت مبحوح وعينيه زائغتين:


مشوفتش وشه .. معرفوش... أو يمكن... يمكن لو كنت شوفت وشه اعرفه 


ثم التفت نحو الأفق، حيث اختفى الرجل المقنع، وشعور غامض بالارتباك والخطر ينهش صدره وبعد فتره بسيطه كان جبل جالسسا في مكتبه... وجهه متجهم وملامحه مشدودة ، وصوت خطواته يتردد في الغرفة بينما يتحرك بعصبية ذهابا وايابا فجأة ألقى سلاحه على المكتب بقوة، فارتطم المعدن بخشب المكتب وأصدر صوتا حادا كأنه يعكس ما بداخله من غضب وضياع وجلس على الكرسي، يمرر يده في شعره بتوتر، وصدره يعلو ويهبط بسرعة. لم يكد يلتقط أنفاسه حتى دخل أحد العساكر بخطوات مترددة، وأدى التحية العسكرية قائلا:


 فيه حاجة حضرتك لازم تشوفها يا فندم 


رفع جبل نظره إليه بحدة مرددا: 


فيه إي تاني


تقدم العسكري بخطوات حذرة، ووضع شيئا صغيرا على المكتب قائلا:


السلسلة دي يا فندم شوفناها في موقع الحادث... في نفس المكان ال اتصاب فيه الشخص ال أنقذك، واحتمال تكون بتاعته


مد جبل يده ببطء والتقط السلسلة ونظر إليها لثواني طويلة، ثم قلبها بين أصابعه حتى لمحت عيناه اسما محفورا بخط صغير وواضح:


" رسلان "


تجمد للحظة، وصوته خرج هامسا وهو يقرأ الاسم بدهشة:


رسلان.... مين رسلان دا 


بدا الاسم مألوفا بطريقة غريبة، كأنه يوقظ ذكرى قديمة مطموسة في أعماقه. وبقي ينظر إلى السلسلة طويلا وعيناه تلمعان بين الحيرة والصدمة، قبل أن يغلق قبضته عليها بقوة ويهمس:


وهو  ينقذني ليه عاد ... بيني وبينه اي علشان يضخي بحياته علشاني 


وفي الجانب الآخر من المدينة، كان الهدوء يخيم على بيت شوق. وصدى العكازات وعجلات الكرسي المتحرك يملأ الممر الطويل، حتى توقفت أمام باب الغرفة، وفتحته ببطء ووجهها شاحب وقلق حيث رأت ابنها رسلان مستلقيا على الفراش، عاري الكتف، بينما الأطباء منشغلون بعلاج جرحه. كانت أنفاسه ثقيلة، وقطرات العرق تتصبب من جبينه فـ اقتربت شوق وهي ترتجف:


يا حكيم ... هو هيبجى كويس صوح 


رفع الطبيب رأسه بنبرة مطمئنة وهتف: 


إحنا بنعمل ال علينا يا حجه شوق، وإن شاء الله خير... الإصابة في الكتف ومش خطيرة جوي، بس محتاج راحة ومتابعة دقيقة


أمسكت شوق بطرف الكرسي بعصبية وقالت:


ابني لازم يبجى كويس... فاهم؟ أي حاجة تطلبها هعملها، لو عايز أجهزلك الأوضة دي تبجى مستشفى هعمل اكده... بس خليه يجوم على رجليه تاني بالله عليك 


ابتسم الطبيب بلطف وقال:


متخافيش يا حجه...رسلانطول عمره قوي  وهيعدي منها إن شاء الله 


نظرت شوق إلى وجه رسلان بدموع محبوسة  وهمست بصوت مرتعش:


يارب... يارب يبجي كويس... استرها معاه يارب واشفيه وعافيه 


القت شوق كلماتها ثم أسندت رأسها على المقعد، وصوت جهاز التنفس في الغرفة هو الوحيد الذي كسر صمتها الثقيل وفي صباح يوم جديد حيث جلست غفران في زنزانتها، تبكي بصوت خافت يقطع سكون الحجارة الباردة، والدموع تسيل على خديها كما لو أن الليل نفسه يبكي معها. كانت أصابعها تحيط بصلابة بحافة المقعد الحديدي، وكأنها تبحث عن شيء يثبتها وسط توابيت الهموم التي أحاطت بها حتي انفتح الباب ببطء ودخل جبل كانت خطواته هادئة لكن نظراته مشتتة بين الحزن والغضب. فـ علا وجه غفران نور من الهلع والرجاء، فاندفعت ناحيته بلهفة واحتضنته، وانهارت تبكي وتهمس بلهجة مكسورة:


جبل… جبل أنا معملتش حاجة والله ما عملت حاجه 


مسح جبل دموعها براحته القاسية الحانية، وقال وهو يحاول أن يخفي ارتباك صوته:


عارف يا غفران… اهدي، انا عارف كل حاجة… استحملي شوية وبس 


انهمرت الدموع من عينيها أكثر، وبدافع الرجاء قالت:


خرجني  يا جبل…بالله عليك خرجني من اهنيه ابوس يدك 


نظر جبل إليها طويلا ثم همس:


والله هطلعك… انا أصلا بعمل كل دا علشانك


ارتعشت شفاهها بصدمة وفضول ورددت: 


ازاي يعني... هو انت بتجول اي


تلعثم جبل قليلا، ثم قال باختصار حازم:


هتعرفي بعدين… بس افتكري حاجة واحدة، كل حاجة بتحوصلك دلوجتي في مصلحتك


ضمها جبل وكأنه يريد أن ينقل لها بعضا من قوته، ثم تراجع نحو الباب وهو يقول:


هرجعلك، وهجيبلك حد بتحبيه يجعد معاكي علشان متجعديش لوحدك اهنيه 


هزت رأسها وشدت أزرته بضعف، وهو خرج مغلقا الباب خلفه بخطى حازمة وبعد فترة في مكتبه، كان جبل يمر بأوراقه متوتراً، وقد وضع سلاحه جانبا بعد ليلة طويلة من التفكير. لم يكد يلتقط أنفاسه حتى انفتح الباب بعنف ودخل أسد معلنا غضبه، فانقض عليه وكأن نفسه انفجر، ووجه له لكمه على وجهه يصحبها صرخة غاضبه مرددا: 


انت مجنون... بتحبس مرتي  إزاي تعمل اكده


ابتسم جبل وهو يمسح على وجهه محاولا كتم ضحكة ساخرة.. فرد برد هادئ مائل للسخرية:


مرتي جاعدة لوحدها في الحبس، ودي تهمة بسيطة، يومين وهتطلع، هظبط كل حاجة وهتخرج ان شاء الله متخافش 


تفحص وجه أسد بعينين حادتين وقال بغضب متصاعد:


تهمة سرقة بسيطة؟


جبل ببرود:


 لسه مظهرتش سرقة ولا حاجة يا اسد بس  لو حاولت تخرجها ، والله لهبسها الجضية مع غفران وبعدين لسه مفيش حاجة ثابتة… انا هشوف كل حاجة وهظبطها، وسيبها عليا بس 


امتد الغضب في صوت أسد صارخا:


والله انت ما عندك دم تصدج بالله انت موتك هيبجي علي ايدي 


وفي تلك اللحظة انفتح الباب مجددا ودخل عسكري يؤدي التحية العسكرية بنبرة رسمية:


تمام يا فندم.... اللواء فؤاد عايزكم فورا في المكتب بتاعه


تبدلت ملامح أسد فجأة من اشتعال الغضب إلى الانضباط العسكري، بينما لمح جبل فرصة للتهرب من المواجهة ورفع جبل رقبته مبتسما بمكر خفيف وقال:


يلا بسرعة… اللواء عايزنا 


نظر اسد بغضب ثم خرجا معا من المكتب و ما زال هو  محموم الغضب في عينيه، وجبل يضحك بصوت خافت كمن يخبئ خطة ما في صدره


وفي صباح يومٍ جديد، تسلل ضوء باهت من بين شقوق جدران متآكلة، تتدلى منها خيوط العنكبوت، ورائحة الرطوبة تخنق الأنفاس ففتحت جهاد عينيها بتثاقل، واحتاجت لحظات لتفهم أين هي. المكان كان موحشا، جدرانه داكنة كأنها ابتلعت النور منذ زمن، وصوت الماء يتساقط من السقف فـ حاولت أن تتحرك، لكن جسدها لم يطاوعها فنظرت إلى قدميها وشهقت بفزع مكتوم... كانت مربوطة بسلاسل حديدية غليظة، أثقلت كاحليها حتى صارت كأنها امتداد للأرض فصرخت بكل قوتها: 


يا ناس  حد يلحقني... فين الناس انا ازاي جيت اهنيه 


تردد صوتها داخل الجدران كأنها تصرخ في بئرٍ بلا قاع. ثم فجأة سمع صوت خطوات قادمة ببطء، رتيبة كأنها تدق طبول النهاية. وارتجف قلبها، وعيناها تتبعان الظل الذي أخذ يتضح شيئا فشيئة، حتى انكشف وجه جبل أمامها..... حيث كان واقفا بثبات، ووجهه جامد لا يحمل أثرا للعطف، لكن في عينيه نارا تشع كأنها تعوض كل البرود الذي على ملامحه فـ ابتسم ببرود قاتل وقال: 


إي يا عمتي... فاكرة إنك اكده انتجمتي من مرتي


تلعثمت وهي تحاول تدارك أنفاسها وهتفت: 


انت... انت بتعمل إي اهنيه يا ابني 


اقترب منها خطوة بخطوة، وصوته صار أهدأ لكن أشد وطأة وردد بحده: 


هو انتي  متعرفيش... إني أنا ال جتلت جمال أصلا... زي ما هجتلك دلوجتي


صرخت جهاد وهي تبكي، تحاول شد السلاسل بكل قوتها مردده: 


لع يا جبل إنت متعملش اكده! أنا عارفاك كويس... إنت زي ابني


اقترب جبل اكثر، وانحنى قليلا حتى صار وجهه أمام وجهها مباشرة، وقال بنبرة منخفضة تفيض غضبا مكتوما:


لع .. انتي عمرك ما عرفتيني يا عمتي بس أحب أعرفك بنفسي...أنا ظلام الصعيد ال معيشكم فيه طول عمري من غير ما تحسوا مستحيل اسمحلكم تشوفوا النور 


القي جبل كلماته ثم مد يده إلى جيبه وأخرج مسدسا أسود، لمع بريقه في الضوء الخافت. لم تمهله جهاد لتصرخ مرة أخري حيث دوى صوت الرصاصة في المكان، وسقطت جهاد على الأرض، والدم ينساب ببطء تحتها...بينما وقف جبل صامتًا، ينظر إليها بنظرة لا تقرأ، قبل أن يستدير بخطوات بطيئة، تاركا وراءه الصدى الأخير لصوت الرصاصة و 

تكملة الرواية من هناااااا

لمتابعة باقي الروايه زورو قناتنا علي التليجرام من هناااااااااا

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات عمل 

متابعه لصفحتنا على فيس بوك هنااااااااااا

الرواية كامله من هناااااااااا

مجمع الروايات الكامله 1اضغط هناااااااا

مجمع الروايات الكاملة 2 اضغط هنااااااا


تعليقات

التنقل السريع
    close